|
|
 عائلات سودانية: أسرة السلطان دوسه
|
تصادف احتفال الاسرة بتفوق ابنها إدريس محمد بشارة دوسة في امتحانات مرحلة الاساس واحرازه المرتبة السادسة على مستوى ولاية الخرطوم. حضور مميز من أفراد الأسرة جاء مهنئاً وكانت مناسبة طيبة للحديث عن تاريخ وتراث آل دوسة منهم بارود دوسة عبد الرحمن رئيس المجلس التشريعي لمحلية الطينة، محمد أحمد صندل معلم أساس تجاني حسين دوسة، محمد أحمد يحيى، منصور آدم دوسة رجل الأعمال المعروف ونجل آدم دوسة، عبد المجيد نور فرتي اختصاصي التخدير المعروف، عادل محمد بشارة دوسة، الفريق حقوقي محمد فضل عبد الكريم، كانت المفاجأة أن أهدى بارود دوسة رئيس المجلس التشريعي لمحلية الطينة لحفيده إدريس «ناقة شايلة» فرحاً بتفوقه. تكشف لنا من خلال الحوار إنها أسرة ممتدة لم تقتصر اسهاماتها فقط على ولايات دارفور وغرب السودان وانما امتدت عطاء للسودان في كل مدنه وقراه فكانت هذه السطور.
--------------------------------------------------------------------------------
جذور الأسرة:
اختار مضيفنا مولانا محمد بشارة دوسة رئيس مجلس شؤون الأحزاب الدكتور محمد علي دوسة ليحدثنا عن جذور الأسرة وتبادل معه الحديث المجلس مذكراً ببعض الروايات والتفاصيل يقول: «أبدأ بنبذة تعريفية عني كما طلبت. تخرجت في جامعة بغداد كلية الطب العام ثلاثة وسبعين وعملت في السودان في مناطق مختلفة في الخرطوم وكردفان وحتى الاستوائية، تخصصت في بريطانيا في طب الاطفال. بعدها عملت في «أبها» في السعودية استشارياً لطب الاطفال زوجتي هي نجاة الصديق علي أنا أب لستة أبناء. أما سؤالك عن جذور الأسرة فاقول السلطان دوسة سليل لسلطنة تمتد إلى سبعة جدود يبدأ تسلسلها بالسلطان طه ثم السلطان بشارة يليه السلطان عبد الرحمن، سلطان دوسة ثم سلطان بشارة «الثاني» ثم السلطان منصور وهو السلطان الحالي وهو على قيد الحياة أطال الله عمره ولا يزال يمارس سلطاته في محلية الطينة. هؤلاء السلاطين أدارو مملكة الزغاوة كوبي التي تمتد من حدود مصر إلى حدود ليبيا إلى مملكة وداي في تشاد. إنهارت مملكة زغاوة كوبي العام الف وستمائة أربعة وعشرين وقامت على انقاضها مملكة الفور. انهارت أيضا مملكة داجو.
حروب الفرنساوية:
يقول المستشار محمد بشارة دوسة:
«بدخول الحكم الثنائي كوّن السلطان عبد الرحمن فرتي مملكة مستقلة بين مملكتي دارفور التي كان يحكمها السلطان علي دينار ومملكة وداي في أبشي ودخل في حروب جهادية ضد الفرنساوية وبعد عدد من المعارك استشهد مع خمسة من أبنائه وقواده وعدد من مستشاريه في وادي هور وفقد قواته نظراً لتفوق سلاح الفرنساوية وقبور هذه المجموعة المجاهدة صارت هي علامة حدودية بين السودان وتشاد ونحن كأسرة نفخر بأننا أضفنا بدمائنا لحدود السودان.
? وقائع الصراع ضد الفرنساوية:
يرى الدكتور محمد علي دوسة أن خيوط الصراع ضد القوات الفرنساوية وأسرة السلطنة دفعت بها للتصاعد والصراع عدة عوامل منها: «أن الفرنسيين رفضوا وجود سلطنة مستقلة على الحدود تقف صداً مانعاً بينهم والاتجاه إلى عمق الحدود السودانية؛ من جهة أخرى كان السلاطين يعتقدون أن سلطنة دارفور سلطنة اسلامية وهم يحكمون بما جاء في الكتاب والسنة، الأمر الذي جعل جهادهم ضد الفرنساوية حرباً مقدسة. الذي حدث بعد إستشهاد السلطان عبد الرحمن لم يتوقف أبناؤه واتباعه عن دُواس الغزاة، والشاهد أن ابنه سلطان دوسة كان مقاتلاً وقائداً في جيش السلطان علي دينار إبان معارك والده في حروب الفرنساوية. هنا يضيف الفريق شرطة حقوقي محمد فضل عبد الكريم معلومات أخرى: «سلطان دوسة بالأساس مقاتل شرس وقائد عسكري قاتل مع قوات علي دينار وقاد معارك انتصر فيها على خصوم علي دينار ومنافسيه في كبكابية وانتصر على فكي سنين وهذا ما جعل الإنجليز يتقربوا منه ليعرفوا مصدر القوة أي قوة القبائل التي تحالفت مع علي دينار واستعاد عبرها قوته وسلطانه. لذلك كان الانجليز بحترموه شديد وما بفرضوا عليه شيء.
عصر السلطان دوسة:
يقول بارود دوسة عبد الرحمن رئيس المجلس التشريعي لمحلية الطينة الذي بدأ حافظاً وموثقاً للروايات الشفهية: «بدأ عصر السلطان دوسة وبالمناسبة دوسة ليس اسمه أصلا أسمه «محمد» هكذا سماه والده وللاسم مناسبة إذ يقال إنه عندما ولد كانت هناك معركة «دُواس» لذا سمى دوسة وهناك رواية أخرى أن دُوسة اكتسب لقبه هذا من دواسه مع قوات علي دينار وكان له جلباب مدّرع من الحديد.. المهم عصر السلطان دوسة بدأ بتنصيبه سلطاناً خلفاً لوالده في العام ألف وتسعمائة وثلاثة عشر شهر حداشر.. بين السلاطين كان في مصاهرات جدنا عبد الرحمن فرتي زوج بنته للسلطان علي دينار اسمها ميرم مستورة ونحن صاهرنا كل قبائل دارفور هذا ما فعله سلطان دوسة. في المهدية أهلنا كانوا أهل جهاد وقمنا بواجبنا كمجاهدين في المهدية خير قيام سلطان دوسة كان صديقاً للإمام عبد الرحمن وهذا لا يمنع ان يكون هناك تأثير للطريقة التجانية الناظر بابو نمر كان أنصاري وكان تجاني في نفس الوقت. الشناقيط ومشايخ الطريقة التجانية كانوا بنزلوا في دار سلطان دوسة وكان في مراسلات بينه وبين سلطان الدينكا دينق مجوك والسنوسي في ليبيا السنوسي الحكم قبل القذافي. ما في شك سلطان دوسة توفى سنة واحد وثمانين يوم سطاشر شهر ثمانية. أولاده أكبرهم محمود ثم بشارة ثم مصطفى ثم حسين ومنصور السلطان الحالي وله عدد من الزوجات.
شهرة سلطان دوسة وأعماله:
اشترك كل من بارود دوسة ومحمد أحمد صندل ومحمد يحيى وعبد المجيد فرتي في تفصيل أسباب وعوامل شهرة سلطان دوسة وذيوع اسمه وآثاره نلخصها في : «سلطان دوسة وجد استقراراً في السلطنة ساعده في أن يعمل بهدوء وفكر ثاقب وينفذ رؤاه في الإصلاح وتنظيم المهام والعمل على نحو طيب. اما العامل الثاني وهو الأهم وقد أسهم هذا العامل في أن يكون اسمه في كل مكان ملء السمع والبصر هو أن سلطان دوسة لم يكن يدير مجموعة أهلية محلية تقتصر على الحدود الجغرافية لمحلية الطينة او حتى دارفور بل كانت سلطاته تتداخل مع مناطق حدودية حساسة وجوده في منطقة حدودية جعل منه مرجعية إدارية يتعاون مع عدد من الدول باعتباره يمثل السودان. فضلاً عن دوره في الادارة الأهلية في المصالحات القبلية وفض النزاعات واهتمامه بنشر العلم في المدارس والمساجد والخلاوى. تاريخياً معروف أن سلاطين دارفور يبعثون ابناءهم لرواق دارفور بالازهر الشريف وعندما جاء التعليم المدني الحديث بدخول الانجليز اهتم سلطان دوسة بادخال ابناء الأسرة المدارس وتعلموا تعليماً حديثاً كانوا فيه روادا وشغلوا وظائف مدنية مرموقة سلطان دوسة والناظر مادبو وبحر الدين ورحمه الله في الفاشر كانوا مجلساً دائماً لحل كل المشاكل على طريقة الادارة الاهلية.
سلطان دوسة كان يتمتع بحس قومي كبير تمثل في ربط النسيج الاجتماعي لقبائل دارفور عن طريق المصاهرات وورث ابناؤه هذا التوجه القومي وله صداقة مثلا مع آل أبسن خصوصاً وان علي أبسن كان مديراً لمديرية دارفور عندما كانت مديريات السودان تسعة فقط.
قصر السلطان دوسة:
يشبه لحد كبير قصر السلطان علي دينار بالفاشر به سور حجري وبوابتان الأولى تفتح شرقاً مخصصة للضيوف والثانية غرباً للنساء يكون على البوابات حراس به اكثر من عشرة غرف ومخازن كبيرة مخزن للسلاح والنحاس ومقتنيات السلطنة من السروج المفضضة والسيوف المذهبة ومخزن صغير للوثائق والمستندات وسجن صغر كل من يدخله يعترف يروي أن أحدهم سرق بنادق حكمدارية البوليس فغضب السلطان غضباً شديداً وجمع مجلسه وضرب الدنقر وقال: «لقد عرفت من سرق البنادق وان لم يسلمها غدا فلي معه كلام آخر.
فخاف الجاني وعلق بنادق الحكمدارية في شجرة ولاذ بالفرار. هذا اسلوب من أساليب الادارة الاهلية فقد كان سلطان دوسة يعتبر حتى موظفي الحكومة ضيوفاً عنده.
خيل السلطان دوسة:
كان مغرماً بالخيول حتى وفاته يعرف صفات الخيل وأنسابها وكان فجأة يطلب من الرجال إحضار خيولهم وإن وجد أحدهم قد أهمل الحصان وحصانه هزيل يغضب جداً ويشجع سباقات الخيل ويكافئ الفارس بإطعام الجواد لمدة عام وهي جائزة معنوية.. يروي بارود دوسة قصة عن خيول السلطان دوسة: «ذات مرة طلبت ملكة الانجليز من مور حاكم كتم وهو انجليزي متسلط طلبت منه جواداً من دارفور عندما عرفت بأن دارفور بها خيول أصيلة فصار يفتش حتى وقف على حصان جميل ممشوق القوام طويل القوائم أبيض وأسود سبيب شعره يتدلى على جانبي العنق كأنه الحرير الاسود.
فسأل مور لمن هذا الجواد؟! قيل له اسمه «أريل» وهو ملك سلطان دوسة.. طلب مور من السلطان أن يعطيه الحصان او يشتريه فرفض سلطان دوسة: فأوغر هذا صدر مور عليه وعندما جاء تقسيم الادارة الأهلية ظلم المفتش مور سلطان دوسة لأنه حقد عليه نتيجة هذه الحادثة.
مع الخيل كان سلطان دوسة خبيراً بأنواع الاسلحة التقليدية والنارية وكان السنوسي حاكم ليبيا قبل القذافي يرسل له هدايا بنادق إيطالية جيدة الصنع وأيضاً كان يهديه سجاد عجمي وكان خبيراً بانواع السجاد العجمي والمغاربي.
بعض أعلام أسرة دوسة:
تبادل مجلس الأسرة رواية مساهمات الأسرة وأبرز رموزها واعلامها بمن فيهم بعض الحاضرين يقول محمد أحمد يحيى: «نفخر بأن مضيفنا اليوم هو محمد بشارة دوسة وقد جئنا لتهنئته بنجاح وتفوق ابنه إدريس وايضا بثقة الدولة والبرلمان ورئاسة الجمهورية فيه باختياره رئيساً لمجلس الاحزاب وهو اختيار صادف أهله فاسرتنا كما تفضل الاخوان أسرة قومية التوجه وهذا هو المطلوب في المنصب الذي تقلده الاخ محمد بشارة دوسة يضيف تجاني حسين: «محمد بشارة دوسة مضيفنا في بيته عمل في الاجهزة العدلية منذ تخرجه في قانون جامعة ام درمان الاسلامية عام أربعة وثمانين وتنقل في كل أجهزة ديوان وزارة العدل حتى صار مسجل الشركات وهو منصب يحتاج للنزاهه والاستقامة ومؤخراً صار مسجلاً للأحزاب وهو علم من أعلام أسرتنا.
آدم دوسة:
عمارته بشارع الحرية شاهدة على اسهامه الاقتصادي ومكتبه لا يزال في الطابق الأرضي للعمارة.. كان الحاج آدم دوسة يبدأ يومه بصلاة الفجر ويزور الأهل ثم يذهب إلى أم درمان ويأتي الى مكتبه نهاية اليوم.. وروى عنه ابنه منصور قائلاً:
«كان والدي رجلاً بسيطاً متواضعاً لا يحب المظاهر المزيفة والفخفخة ويتناول أبسط الأطعمة وثيابه عادية جداً طعامه العصيدة بالتقلية مع ثروته الكبيرة. كان يحرص على الغداء في البيت ويحب الضيوف جداً ويتضايق ان لم يجد ضيوفاً يشرب الشاي مع العمال وفنيي الكهرباء والسباكين في العمارة. استطاع بنقل أعماله الى الخرطوم ان ينجز مغامرة كبيرة فصار اسم دوسة معروفاً في الخرطوم اشتغل في مجالات متنوعة العقار، المحاصيل، الاستيراد والتصدير والصناعات والمقاولات وأسهم في اعمال خيرية كبيرة لا سيما بناء المدارس والمساجد.
أعلام ومهن:
في مجال الطب المرحوم إدريس دوسة «جراح» عمل في الغابة والناس في شمال السودان يحبونه ويعتبرونه ابنهم عندما جاء الى الغابة كانت عبارة عن مركز صحي طوّرها حتى صارت مستشفى وعندما توفى جاء وفد من الغابة ليعزوي في وفاته.من الأسرة الدكتور محمود أبوبكر سليمان استشاري في مجال الطب النفسي،الدكتور بارود مصطفى، بروفيسور عبد الرحمن بشارة دوسة وزير زراعة سابق «بيطري».
الأجهزة النظامية:
عمل من عائلة دوسة في الأجهزة النظامية الفريق عثمان دوسة استشهد في منطقة «بركة» اغسطس تسعة وثمانين وكان قائد كرمك، حسين دوسة ضابط إداري بالمعاش، عقيد محمد شريف دوسة ثم الفريق حقوقي شرطة محمد فضل عبد الكريم الذي عمل بكل إدارات البوليس وكان عميداً لكلية الشرطة لدورتين وتم تكريمه على مستوى السودان وقيادات الأجهزة الأمنية عندما تقاعد بالمعاش في بادرة فريدة.
المرأة في أسرة دوسة:
للمرأة في أسرة دوسة دور مشهود فخلف كل هذا العطاء كانت تقف المرأة سنداً وعوناً الجدات والعمات. وفي مجال الحياة المعاصرة نذكر فاطمة دوسة عبد الرحمن رائدة التعليم في دار زغاوة في الستينيات الاستاذة تاجا على احمد ووالدتها ميرم حرم السلطان علي دينار وهي رائدة تعليم منذ الستينيات. الدكتورة مدينة حسين دوسة أستاذة جامعية وغيرهن.
دردشة:
اختتمنا الحديث بدردشة مع سادس شهادة مرحلة الأساس إدريس قال إنه درس بمدارس القلم ويحب الهلال وهيثم مصطفى «البرنس» ويرسم بالألوان الخشبية ويشجع برشلونة وزعلان من كلتشي لانه ترك الهلال يتمنى أن يدرس هندسة طيران ونجمه المفضل أوروبيا ليونيل ميسي هداف برشلونة.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
سيف اليزل برعي البدوي
محمد فضل الله المكى
الصادق ضرار
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست