تقع مدينة " الدبة " على منحنى النيل في شمال السودان. و هي تنحني معه بشكل يسبب الدوار للزائر خصوصا حين يطلب القلبة للصلاة. فالنيل في احد اطراف الدبة يكون جهة الشرق و يعابثك ليكون جهة الشمال في ناحية اخرى.
04-16-2009, 09:08 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
و اسم الدبة لا يطلق فقط على المدينة .. فالدبة محلية و محافظة حسب التقسيمات الادارية الجديدة. و لها ريفي حسب التقسيمات الادارية القديمة. و هي دائرة جغرافية للانتخابات. و اشهر تقسيماتها كانت الداشرة 58 الدبة الخغرافية عام 1986. و قد اقص عليك من خبر تلك الايام شيئا جميلا.
04-16-2009, 09:15 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
و تمتد محافظة الدبة من حسينارتي جنوبا قرب كورتي الى الغابة شمالا عند بداية ديار الدناقلة. و من قراها : حسينارتي - جرا - دبة الفقرا - كرمكول - العفاض - منصور كوتي - ابدوم قشابي - قنتي - الجابرية - الكرد - ارقي - تنقسي - حمور - بكبول - الغابة ( و هي المدينة الثانية في المحافظة بعد الدبة ) و اصل اهلها البديرية الدهمشية .. لكنها كانت مركزا تجاريا و بقربها يقع ميناء اب قسي ( في تنقسي ) فاختلط فيها حبل العابرين بنابل الساكنين .. فتجد فيهم الشايقية و الدناقلة و الفونج و الفلاتة كاعراق قديمة. و بها ( خصوصا مدينة الدبة ) اليوم من ابناء غرب السودان الكثير.
04-16-2009, 09:21 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
دعنا من حديث الجغرافيا و القبائل فانه ممل يوحي بحصص المدارس التي كنا نبغضها تلك. فهذا البوست ليس عن الجغرافيا بل هو عن الذكريات و المشاهدات. و انا انوي ان اكتب قصتي مع تلك المحافظة التي هي بلدي التي انتمي اليها بلا خوف من نقد احد انك اسئت الى بلادي. فتلك هي بلادي بلا ريب. حبها عندي لا يزايد عليّ فيه مزايد. و قد صارت الكتابة عن بقاع السودان - هذا الزمن - محفوفة بالمخاطر. لذا فليكتب كل كاتب عن بلده ان رغب في السلامة. و انا انوي الكتابة عن بلدي .. خيرها و شرها .. و كلها خير.
04-16-2009, 09:27 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
نشأت ام درمانيا مترفا او شبه مترف في زمن لم يكن تعني فيه النقود شيئا. فالناس سواسية او اقرب لذلك. و كان المال عيبا كبيرا .. فسبة " ود العز " او " مرطب " ان لحقت بك في الحي او في المدرسة لها ثمن غال جدا لا تقدر على دفعه. و في اوائل الثمانينيات كانت اول زيارة لي للبلد. لعله عام 1980. كنت اسمع ابي يسافر الى البلد و الاقارب يأتوننا من البلد. فظننت ان اسم البلد خاص بنا. و حين سمعت ان احد ابناء الحي ( صديقنا اندراوس الذي ينتمي الى جبال النوبة و يعمل في احد البيوت لكنه كان صديقا لنا لا فرق بينه و بيننا البته ) قد سافر الى البلد ظننت انه قريبنا. من يسافر الى البلد (حيث يسافر ابي) لاشك انه قريبنا.
04-16-2009, 09:39 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
لا اكاد اذكر تفاصيل الذهاب. ربما لأن الامر لم يكن مهما جدا عندي. فنحن نكثر السفر. ابي يحب السفر جدا. و عنه ورثت هذا العشق ربما. فالسفر في حد ذاته امر مثير بغض النظر عن الوجهة. ربما لذلك لم تحتفظ ذاكرتي الطفولية بتفاصيل عن رحلة الذهاب. لكن تفاصيل متفرقة من البلد باقية في ذاكرتي. كرمكول الجميلة. يقول اسماعيل حسن انه من الصعب ان لا تكون مبدعا في القرير. و اقول انا ( ان كان شيئا كهذا ممكنا ليس فيه تبجح ) : انه من الصعب ان لا تكون مبدعا في كرمكول. ربما لهذا نبت الطيب صالح نباتا مباركا. كرمكول قرية الحكايات. و كل قرى الشمال حبلى بالحكايات. لكن كرمكول تمتاز بجو اسطوري مخيف. حين تلجها تحس انك تعطرت برائحة الحكي. ذكريات تلك الرحلة تتجسد في كرمكول و منزل العمدة سعيد ميرغني فضل رحمه الله. و بشر كأنهم من قلب رواية تاريخية اتوا .
و الغابة المدينة التي قتلت فيها فرخ الدجاج ( سوسيو ) بنزقي. كنت اطارد افراخ الجداد الصفراء في لون الذهب فرحا بها و طفولتي سعيدة ان احدا لا ينتهرني فانا ضيف فوق العادة. استشعرت اهمية ابي فاضفيتها على نفسي فاخذت امرح بلا رقيب. و كان من قدر فرخ الدجاجة المسكين انه اراد الاختفاء من نزقي خلف باب خشب ملقى على جمب مسنودا الى الحائط الطيني في بيت الجد عوض حمور. فتفتقت عبقريتي عن فكرة للامساك به فالصقت الباب على الحائط بقوة و سمعت صوتا يرتفع " جق ". لم اميز معنى الصوت و مددت يدي سعيدا لامسك بالفرخ. فخرجت جثته المشوهة في يدي. الفرخ المسكين تحول الى صفحة مطبوعة على الحائط من نزقي و طفولتي الرعناء. و انا هنا اتقدم بحار التعازي لاسرة الجد عوض حمور على فقدها الجلل و اعلن اسفي الذي لم تمكني الايام من ابدائه.
04-16-2009, 10:17 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
و مما خلد في ذاكرتي عن البلد كان غطاء رأس احد ابناء عمومتي. ذاكرتي كانت تحمل له صورة و هو يغطي رأسه بايشارب حريمي ازرق. و ظلت تلك الصورة تؤرقني جدا حتى في تعاملي مع ابن عمي ذاك بعد سنوات. لكن من حسن حظه عثرت قريبا على صورة فوتوغرافيه وضحت لي انه كان يرتدي شالا ازرقا على رأسه. لكن الصور اختلطت في ذهني لطول الزمن. و لا استطيع ان انسى الاخ العزيز رفيق الرحلة النمتي. كان النمتي رفيقا عزيزا كتم انفاسنا و الزمني في كثير من الاحيان النمتية القماش السوداء .. لا كنمتيات هذا الزمن المصنوعة من اكياس البلاستيك الحافظة للكرات و تسبب الحساسية. و لمن لا يعرف النمتي فهو حشرة صغيرة جدا تمتلك رشاقة الباعوض و لزاجة الذباب. و من هوايتاها ان تدخل في العين و الفم و فتحة الانف و اي فتحة اخرى تفرط في تركها بغير غطاء سميك. و هي من بشريات الخير عند اهل الشمال لانها تأتي في موسم لقوح التمر. و هذه عادة غريبة عند اهل البلد انهم يستبشرون بالمصائب عكس كل الناس. فالبرد الشديد الذي يجمد الدم في عروقك خير لأنه ينع القمح و الفول. و النمتي مفيد للقوح التمر. اما المطر فهو ضار للتمر. تخيل!!
04-16-2009, 10:25 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
اما رحلة العودة فكانت خالدة لا تنسى. ربما لأن ذاكرتي تحفزت للحفظ مما رأيته في البلد و قد كان غريبا جدا بالنسبة لطفل ام درماني. فكثبان الرمال الممتدة و الحر و النمتي العزيز كلها اشياء عجيبة. رحلة العودة كان من المفروض ان تكون بالطائرة من مطار الدبة. ( كمعلومة مطاعنة سياسية عابرة مطار الدبة توقف منذ بضعة سنوات ) وصلنا مدينة الدبة و اتجهنا الى بيت الاستاذ بابكر احمد سعيد ابن العمدة احمد سعيد عمدة الفونج و حفيد العمدة محمد فرح اغا الفونجاوي الشهير في تاريخ السودان. و قامت زوجته المرحومة فائزة سعيد ميرغني باعداد وجبة الافطار لنا. كان في الافطار ارزا من اجمل ما اكلت في حياتي. و كان معدا بطريقة غريبة بالنسبة لي. فقد كان ملبكا يكون مربعات ضخمة لا مفتفتا الى حبيبات كما اعتدت ان ارى الارز. و بينما نحن نأكل وصلت الطائرة فانقطعت متعة الارز و قمنا سريعا الى المطار. لكن ..
04-16-2009, 11:36 PM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
الطائرة المسكينة لم تتحمل رحلة الذهاب. فكان لزاما عليها ان تتأخر. و لطائرات مطار الدبة قصص طريفة يحيكها الاهالي دوما. و من تلك القصص حكاية الرحلة التي بعد ان استقر ركابها داخلها لم تستطع الطائرة القيام. فقيل لهم انهم يمكنهم النزول لفترة. و كعادة اهل الشمال نزل الرجال ليمشوا اقدامهم و تركوا النساء في الطائرة. و امام اعينهم رش عمال المطار محركات الطائرة ببعض الماء فانطلقت في مسارها و حلقت غير عابئة بهم و هم يعدون خلفها يتصايحون. سافر الرجال على متن لوري و بكاسي و ظل بعضهم يبحث عن زوجته ثلاثة ايام في ام درمان حتى عثر عليها عند بعض الاهل. اما نحن فكان علينا ان ننتظر بضعة ايام لكن ابي قرر العودة عن طريق البر فعدنا ببوكس خاص. و لن انسى منظر الرمال امام كشافات السيارة و هي تظهر و تختفي و قط الخلا يركض قاطعا الطريق فجأة. و في تلك الرحلة اكلت قراصة التمر الزوادة الرسمية للسفريات في ذلك الزمن.
04-17-2009, 02:40 AM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
غبت عن الشمال بعدها و ان لم يغب عني سنوات طوال. لم يكف منزلنا عن استقبال بص تنقسي بقيادة دفع الله الذي اشعر له الشعراء و غنى له المغنون كما العهد في الشمال. فله قالوا : يله يا دفع الله قوم سوق فارق ام درمان عجل بالمروق شوقا للبلد و حنينا اليها. و كان لوري ود العزيب يحمل الينا حمله دوما. اقارب عدة تحار في تفسير درجة قرابتهم. لكنهم دوما اهل تفتح لهم الباب و تدخلهم دون سؤال و تقوم بالتخديم عليهم حتى ينقلبوا. كان للبلد قصص طويلة جميلة في انتخابات 1986 لكن ليس هذا اوان حكايتها. فللنتقل الى زيارة 1991 التي كان لها اثر خاص في نفسي لاسباب لن تخفى بعد ان اقصها.
و تمتد محافظة الدبة من حسينارتي جنوبا قرب كورتي الى الغابة شمالا عند بداية ديار الدناقلة. و من قراها : حسينارتي - جرا - دبة الفقرا - كرمكول - العفاض - منصور كوتي - ابدوم قشابي - قنتي - الجابرية - الكرد - ارقي - تنقسي - حمور - بكبول - الغابة ( و هي المدينة الثانية في المحافظة بعد الدبة ) و اصل اهلها البديرية الدهمشية .. لكنها كانت مركزا تجاريا و بقربها يقع ميناء اب قسي ( في تنقسي ) فاختلط فيها حبل العابرين بنابل الساكنين .. فتجد فيهم الشايقية و الدناقلة و الفونج و الفلاتة كاعراق قديمة. و بها ( خصوصا مدينة الدبة ) اليوم من ابناء غرب السودان الكثير.
النبيل حمور زيادة... استوقفني البوست كثيراً و مرة اخري انتلقت في رحلة الذكريات علي متن لوري يشد الرحال عصراً قاطعاً صحراء بويضةمن مخارج ام درمان حيث جبال المرخيات تلامس عجلات اللوري رمال الصحراء الحارة في شهر يوليو صوت الرمال و هي تنكسر علي اطارات اللوري و صوت المحرك الاخرش سمفونية تلاعب القلوب ... و حين اتذكر لهيب اشعر بالظاء فاتذكر تلك القربة التي تسقي الجميع ...
وعند قوز ابوضلوع تابي صواني اللوري الا ان تشارك في سمفونية البقاء و ينزل اهل الشمال و السموم تلفح الوجوه ليرسموا ملحمة اخراج اللوري من الرمال ... هي حرب من اجل البقاء يخضونها يومياً... منهم من يذهب الظماء بتذكر كوز موية (ساقط) او كوز دكاي !!
نمر بجبرة ومنها نخوض غمار وادي المقدم (المهمش المهمل) و قد تري هناك ارنب او ارنبين ... و ان كنت سعيد ربما صادفتك صيدة (غزالة) و ان لاقاك ثعبان او ورل لاتحزن فهم من سكان المكان ...
يمخر اللوري محيط الصحراء صديقي ...
قد تلتقي بعض المسافرين ... هاهو خواجة من سكان الدبة يقود بوكسي بطريقة احترافية .. يقف ليتبادل مع السائق الاخبار ... يرفع يده ملوحاً فتري نقش صليب ... كم تعايشت الاديان في سلام في ارض جدودي ..
فليس بعيداً عن المسيد يسكن مسيحياً و اخرلا اعرف له دين .. وطن للجميع سمي الدبة !
Quote: حسينارتي - جرا - دبة الفقرا - كرمكول - العفاض - منصور كوتي - ابدوم قشابي - قنتي - الجابرية - الكرد - ارقي - تنقسي - حمور - بكبول - الغابة ( و هي المدينة الثانية في المحافظة بعد الدبة )
المناطق الفوق دي مرينا بيها في السنة مرتين تلاتة لزمن طويل حميمية الاسماء ورقة الشمال بنخله وبنيله ياحمور اكتب عن النيل يا حمور القرين في قنتي المنقة في القرير التمر في كل الشمال
وده طمبوره
04-18-2009, 07:27 AM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
محمد عثمان .. مولانا تاج السر منوفلي ( السر في السر و عصاية السر ) الاستاذ ابراهيم حمد (الدبة تقول انا للقندول ) الاستاذ محمد زيادة حمور (السودان محتاج لقيادة .. السودان لزيادة ) رحم الله ثلاثتهم و يوسف محمد سيد احمد و الرائد (م) عبد الحليم سيعد ميرغني و غيرهم ممن نسيت ذكرهم الان ( كان هناك مرشح لحزب الامة ) سيأتي خبر تلك الايام .. فذكراها مازالت حية في الدبة.
04-18-2009, 07:29 AM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
دكتور هيثم .. و ما احلى ان تلوح لك اضواء التمتام ليلا فتبشرك انك قطعت نصف الرحلة .. و يقوم اللوري بمناورة رشيقة ليتوقف قرب اللواري الاخرى و ننزل سريعا طلبا لايجار عنقاريب لا يمسك عيدانها الا قدرة الجليل نقضي عليها ليلتنا .. و ام الحسن و ما ادراك ما هي .. و القربة المفتوحة المعلقة على ركازتين بماء مالح ملئ بالشعر لكنه حلو له طعم الحياة .. وادي الحنضل .. او خور جبرة الذي قد يجبرك على المبيت اياما لأنه ملئ بماء السيل .. و ربما تعود الى ام درمان لتحاول حظك بعد ايام .. يا للذكريات .. احيانا اقول لنفسي ماذا افعل في هذه المدينة التعسة ؟ أليس الشمال اولى بي و انا به اولى ؟ و اردد اشعار محمد سفلة حين يقول : و الله يا مدن الضياع امالي فيك ما بتتحسب في دوبة فارقت البلد جيتك مقاسي الشوق غصب
04-18-2009, 07:38 AM
حمور زيادة حمور زيادة
تاريخ التسجيل: 03-28-2007
مجموع المشاركات: 12116
قمربوبا .. اديت البوست نكهة خاصة جدا بصوت صديق احمد .. اكثر من غلنى للرحيل و السفر .. و حتى اليوم باصات التوفيق هي اعرق باصات السفر و احبها للناس .. ربما لأن صديق غنى لها : جننو و بالتوفيق رحل
04-18-2009, 09:41 AM
فرحات عباس فرحات عباس
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 500
الحبيب حمور .. التحية لك ولكل الحموراب المبدعين .. ولقريتي الجميلة الوادعة كرمكول وأهلها الطيبين .. كل الحب واصل نحن معك .. ملحوظة : كم كنت أتمنى أن أسمع بهذا المنبر صوت العزيز عووضة والأخ العميد زملاء الدراسة بالجزائر .. ياريت يا أخ زياد أخبار الأخ عووضة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
حمور زيادة
العوض المسلمي
Dr. Haitham Mekkawi
GamarBoBa
فرحات عباس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست