الرئيس المصري السابق المرحوم أنور السادات وصف هبوطه في مطار بنجوريون في القدس بأنه كهبوط الإنسان على سطح القمر.. المسافة المعنوية بين العرب واسرائيل كانت في نظره كالمسافة بين الأرض والقمر.. ولو سارت الأمور في مجاريها فإن هبوط جون قرنق في مطار الخرطوم سيكون كهبوط الإنسان على كوكب "زحل" ..!! 20 عاما من الحرب المريرة بمحصلة إجمالية مليوني قتيل وضعفهم من المشردين عن ديارهم هي سافة أبعد من القمر بحجم المرارات التي فيها وبحور الدماء التي غرقت البلاد فيها وسنوات التخلف التي سببتها لكل مناحي الحياة .. فكل سوداني ظل يدفع من حر ماله ثمن الحرب كل هذه الفترة .. كل سلعة في السودان مغموسة في فاتورة الحرب يدفعها المواطن رغم أنفه .. أكثر من 75% من موارد البلاد تذهب مباشرة لسد نفقات الحرب... ويعيش السودان كله بعد ذلك على 25% من موارده الشحيحة .. رُبع الفقر .. وأن تكون فقيرا فتلك مشكلة فما بالك إذا اصبحت رُبع فقير؟ .. وبقدر ما عجز السودانيون عن بناء بلدهم على ثراء موارده الطبيعية لكنهم - في معظم فترات التاريخ القديم والحديث أظهروا قدرة عجيبة على تدمير الذات.. التفوق في السادية الوطنية .. فإذا كان إخواننا في لبنان خاضوا حربا أهلية مريرة لأكثر من خمسة عشر عاماً وصلوا فيها حد القتل ب ـالهوية فإننا حطمنا الرقم وحققنا 20 عاما من الحرب وصلت حد القتل بدون هوية..!! الآن يبدو ان الإنجاز التاريخي اقترب .. إزالة آخر الألغام في طريق إتفاق السلام السوداني النهائي .. ربما يكون الخبر قد أُعلن قبل وصول هذه السطور للقاريء وربما يسمعه القاريء بعد سويعات . ولئن تحقق "الاتفاق" فإن المأمول بعده ان يتحقق السلام ،فالإتفاق السياسي بين الحكومة والحركة الشعبية سيكون مجرد مدخل للسلام في السودان وتبدأ بعده فترة النضال القومي من أجل تأسيس سلام اجتماعي حقيقي بين مكونات المجتمع السوداني. ولن يتحقق ذلك بين الشمال والجنوب إلا إذا عرف السودانيون جسدا ان المشكلة ليست كلها قضية تنمية وتخلف بل في غالب صورتها هي إنفصام اجتماعي يشطر الوجدان ويجعل الصدور تغلي من أحاسيس الظلم .. والظلم لا يرفع بقوانين ولا اتفاقيات بل بعمل ذكي على أدنى القواعد الشعبية يجعل الإحساس بالوطن متساوياً عند الجميع .. فلا يحس أحد بـ ملكية الوطن أكثر من الآخرين.. الوطن المقصود هو السودان الجديد الذي تسقط فيه النسبة للإتجاهات الجغرافية .. جنوبي وشمالي وغرباوي.. فيأتي جيل جديد من دينكا دنقلا.. وزغاوة بورتسودان .. وهدندوة الفاشر .. وشايقية بور ..!!
الراي العام -عثمان ميرغني
09-09-2003, 05:16 PM
ابو جهينة ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22512
صح لسانك اخي جلال الراحل الزبير كانت له خطوة صغيرة لجنوبنا الحبيب ولكنها خطوة كبير من أجل السلام ولا سمح الله وقع الإنفصال فإن الذين يشجعونه سوف يندمون على ذلك
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابو جهينة
EMU إيمو
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست