كمال الجزولى: أَيَصِيرُ الشَّعِيرُ قَمْحاً؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 01:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-27-2003, 10:01 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كمال الجزولى: أَيَصِيرُ الشَّعِيرُ قَمْحاً؟

    البيان 27/8/2003

    أَيَصِيرُ الشَّعِيرُ قَمْحاً؟



    بقلم: كمال الجزولي

    أوردت صحف الخرطوم، الأسبوع الماضى، أن المجلس الوطني نظم سمناراً أوصى بإنشاء (هيئة وطنية لحقوق الإنسان). ومع أن ذاكرة الكثيرين لا تزال تحتفظ، ولا بُدَّ، بالمحاولات الفاشلة خلال العام الماضي (لتمرير) مشروع هذه الهيئة كمؤسسة يريد لها مُسَوِّقوها أن تنشأ بتعديل دستوريٍّ، فلا بأس من التذكير بأبرز تلك الأحداث.

    وقعت المحاولة الأولى على مأدبة عشاء بمنزل عمر شمينا المحامى، ذات مساء من أوائل مارس، حضرها لفيف من مثقفين ومهنيين جرت دعوتهم على المستوى الشخصي، بالإضافة لممثلين للنظام، في مقدمتهم السادة علي يسن وزير العدل النائب العام، وأحمد المفتى مُقرِّر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (منظمة حكومية)، وعبد الرحيم على رئيس هيئة شورى الحزب الحاكم، وأمين بنانى الوزير السابق بوزارة العدل، وفتحى خليل نقيب المحامين، وإلى ذلك ممثلو بعض البعثات الدبلوماسية بالخرطوم، أبرزهم أليستر كنجستون المستشار السياسي السابق بالسفارة البريطانية، وهمايون علي زادة المسئول عن حقوق الإنسان بمكتب الأمم المتحدة.حاول المضيف تزيين الفكرة، ومع ذلك انفجر الخلاف، ليس حول ضرورة (الهيئة) نفسها، بل حول توقيتها وطريقة تنفيذها.

    فعلى حين بدا أصحابها، مدعومين بالدبلوماسيين الأجانب، في عجلة من أمرهم، يدفعون باتجاه التنفيذ (الفوري)، ويلهجون، كالعادة، بالتحذير من (إدخال السياسة) في المشروع، ويصوِّرونه كما لو كان محض مسألة (فنية) يتولاها (تكنوقراط!)، وممثلو السلطة، للعجب، لا يكفون عن التعهُّد باستصدار التعديل الدستوري اللازم، أثار معارضو المشروع تحفظاً منهجياً يتعلق بخطأ التعويل على لقاء بين أشخاص لا يمثلون إلا أنفسهم وبين خليط من ممثلى النظام وحزبه والبعثات الدبلوماسية، لاتخاذ (قرار) بتكوين (هيئة) لحقوق الإنسان يُراد لها أن تتوطن بين أخطر مفاصل (الدولة)، وأن تتسم، مع ذلك، (بالاستقلالية)! فحتى لو جرى (النصُّ) على هذه (الاستقلالية) بتشريع خاص، فإن الحاجة تظل قائمة (لحراستها)، الأمر الذي لا يمكن ضمانه، في الظرف السياسي المحدَّد، سوى بحالة من (توازن القوى) ما برحت الآمال تنعقد على بلوغها عبر (تسوية) تاريخيَّة، أو (حل سياسي شامل) يستتبع جملة ترتيبات من بينها تكوين (الهيئة). لذا فإن أضرَّ ما يضرُّ بقضية (الهيئة) هو انتزاعها من هذا السياق المنطقى بالإجراءات الاستباقية الخرقاء.

    ولمَّا لم يكن من الممكن حل هذا الخلاف بطريقة أخرى، فقد اتفق على لقاء لاحق بدار المحامين، وتكليف (لجنة) لإعداد دراسة عن التجارب الأخرى، تحديداً جمهورية جنوب أفريقيا التي تكونت (الهيئة) فيها ضمن جملة (نتائج) ترتبت على (التسوية) السياسية التاريخية بين النظام العنصري برئاسة ديكليرك والمؤتمر الوطني بقيادة مانديلا.

    أما المحاولة الثانية فقد وقعت بعد أن كرَّت مسبحة الأيام دون أن تفي (لجنة الدراسة) بالتكليف، أو تعقد الاجتماع المُقرَّر، بل سعت للاجتماع بجيرهارد بوم مقرر حقوق الإنسان في السودان، لدى زيارته للخرطوم أواسط أكتوبر 2002م، تبثه شكواها من ضراوة المعارضة لمشروعها، زاعمة أنها (لجنة تحضيرية للهيئة)! وليتها، مع ذلك، وعت الكلمة البليغة التي عقب بها الرجل قائلاً: «إن أمر الهيئة سيجرى بحثه ضمن ترتيبات السلام المُتفاوَض عليها»!

    وأما المحاولة الثالثة فقد تمثلت في مسعى المُسَوِّقين لاستثمار السمنار الذي أعدَّ له مكتب السيد زادة بفندق هيلتون، أوائل نوفمبر 2002م، تحت إشراف الخبير الدولي بريان بيروكين، بحيث (يُحْشَرُ) موضوع (الهيئة) فيه حشراً لينتهي (باختيار) لجنة تحضيرية، فيبدو الأمر كما لو كان نافذاً بإرادة دولية، فتأمَّل! سوى أنَّ زادة ما لبث أن أقدم، في الساعة الخامسة والعشرين، على تعديل برنامج السمنار وقائمة المدعوين إليه والمتحدثين فيه، لأسباب لا بُدَّ أنه يعلمها جيداً! وما يهمنا إبرازه هنا، بوجه خاص، هو تشديد بروكين نفسه على الطابع (السياسي) للمشروع، بإزاء ما ظل يلوكه المُسوِّقون من تقليل لدور (القوى السياسية)، بقوله السديد إن مشاركة (المجموعات السياسية) في (الهيئة) يساعد في تنفيذ مهامها في المراقبة والمحاسبة (الأيام، 6/11/2002 م).

    هكذا آلت كل تلك المحاولات إلى الفشل الذريع، ولم يعد أحد يسمع عن المشروع الذي بدا كما لو أنه شبع موتاً، وأن أصحابه نفضوا أيديهم عنه، فأراحوا واستراحوا!

    إن للنوبيين مثلاً يقول: «الشعير لا يصير قمحاً ولو غربلوه ست مرات»! لكن، وبرغم هذه الحكمة الميسورة، عاد أهل (الشعير) يُحاولون غربلته للمرة الألف، بالسمنار الذي جرى تنظيمه مؤخراً تحت قبة المجلس الوطني، فلكأنهم يعتقدون أن مجرَّد المثابرة على تكرار المحاولة تلو المحاولة، دون تصحيح للمنهج، كفيلة وحدها بقلب الفشل فلاحاً، والهزيمة نصراً، والشعير قمحاً!

    أغلب هؤلاء الأقوام، وليسوا كلهم بطبيعة الحال (ففيهم من يحتقبون من النوايا الحسنة ما يكفي لبلوغ الجحيم نفسه)، ما ينفكون يتكشفون عن حرص مزر على الالتصاق بالسلطة، والتحرك تحت مظلتها، وتيسير خططها، برغم شنشناتهم المكرورة عن (الاستقلالية) و(الحكمة) و(الحياد)، والزعم البائر بالنأى عن (مزالق السياسة) والوقوف (بين الخنادق)، فيسهمون، فحسب، في تشويه حقائق الصراع السياسي، والتأليب ضد من لا يعوم عوم النظام! وإلا، فما هي الخدمة التي يمكن أن تقدمها هذه (الهيئة) لحقوق الإنسان في بلد لا تزال قضية السلطة والثروة فيه عظمة نزاع دموى؟! وما هو المآل الذي ستصبح عليه هذه (الهيئة) غداً إذا تمَّ التوصُّل إلى (تسوية) تشمل إعادة النظر في هيكلة الدولة بأسرها؟! وهل، تراها، مجرَّد مصادفة أن ينعقد هذا السمنار في برلمان هو نفسه جزء من النزاع، ليوصى بإنشاء (الهيئة)، في هذا الوقت الذي تتجه فيه جُلُّ الجهود، ليس فقط لإنقاذ محادثات السلام المتعسِّرة بين الحكومة والحركة الشعبية، بل ولتوسيع مواعينها لتشمل القوى كافة، ولتستوعب مشكلات البلاد أجمعها، بدلاً من حصرها بين طرفين تتقاصر طاقاتهما عن الاحاطة بكل الأطراف، وفي أجندة اقتسام غير عقلانى لأسلاب غير مستحقة، بما من شأنه أن يشعل من حرائق الوطن غداً أكثر مما يطفئ اليوم؟!

    برغم مشروعية هذه الأسئلة، فإن كل الدلائل تشير إلى أن (أهل الشعير) لن يقتنعوا، أبداً، بالكفِّ عن غربلتهم العبثيَّة، وسوف يواصلونها، مغمضى الأعين، حتى آخر حبة! غير أن ذات الدلائل تشير أيضاً، وبأكثر من إصبع، إلى أنهم سوف يصطدمون، حتماً، رضوا أم أبوا، بحائط الفشل الصلد! ولكى لا نتهم بضرب الرمل أو قراءة الفناجين، فسنشير هنا لبعض الشواهد من وقائع السمنار نفسه:

    (1) رفضت (المجموعة السودانية لحقوق الإنسان) تلبية الدعوة التي وجهت لها، لأن «قيام المؤسسة سابق لأوانه، والظروف الحالية غير مواتية لتشكيلها» (الأيام، 19/8/2003 م).

    (2) نفي (المركز السوداني لدراسات حقوق الإنسان المقارنة)، رغم مشاركته في السمنار، وجود إجماع من المشاركين على قيام (الهيئة)، وأبدى اعتراضه «على قيامها تحت المظلة الحكومية»، كونها «ترتبط عضوياً بما ستتمخض عنه مفاوضات السلام.. وبالدستور المرتقب والذي ينبغى أن يتضمَّن وثيقة حقوق الإنسان السوداني التي توصف فيها الحقوق وصفاً دقيقاً» (المصدر نفسه).

    (3) إعترض نقيب المحامين، أحد الرموز البارزة للنظام، على أن تكون مرجعية (الهيئة) هي المواثيق الدولية لحقوق الإنسان لأنها «تتضارب في بعض بنودها مع القيم الدينيَّة والاجتماعيَّة»، داعياً إلى تعديل هذه المواثيق! (الرأي العام، 19/8/2003 م).

    (4) أكد محمد احمد سالم، قاضى الاستئناف السابق والأستاذ الجامعي ومسجل التنظيمات السياسية الحالي، في ورقته القيِّمة، على أن حيدة واستقلالية الهيئة «هي سنام الأمر، ومفتاح النجاح أو قاصمة الظهر»، ولهذا يتوجب أن تحوز على «الإجماع والتوافق بين كل القوى الحية في المجتمع»، وأن يعكس تشكيلها بالضرورة «الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للبلد»، وأن تتمتع «بالإرادة الحرة والاستقلالية»، وأن «إحساس الرأي العام بذلك من أقوى عوامل الثقة فيها والاطمئنان إليها» (الورقة، ص 3 ـ 4).

    أخيراً، وللمرَّة المليون، أيهما يروم مُسَوِّقو المشروع: شعير السلطة، أم قمح الشعب ؟!


    http://www.albayan.co.ae/albayan/alarbea/2003/issue199/directions/3.htm


    ====

    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de