قسوة القلوب .. أسبابها وعلاجها

الكريمة المكرمه
جزاك الله عنا خيرا أختاه ، وعافى والديك وشفاهما في محنتهما هذه
وطوبى للذي يقول آمـيـن

الأخ التقدمي قـلـقـو
جميل أنك تتحدث عن العقلانية ، ولكن لا أرى وصف ما كتبته لنا الأخت الكريمة بأنه جميل هو وصف عقلاني فلا دخل للجمال بذلك

ثم انها كما هو واضح قد نقلت هذا الموضوع عن احدى المواقع
ومن الأمانة العلمية أن تنقله كما هو ، بل وتخبرنا باسم الكاتب وربما الموقع ان شاءت أو طلب منها
ولكن
ليس من الأمانة العلمية أن تحذف جملة (السياحة في بلاد الكفار) من الكلام الذي قلت عنه أنه جميل

فهي قامت مشكورة بالبحث والنقل كما هو

هذا من ناحية
من ناحية أخرى ، دعنا نتناقش وكأن سؤالك هو سؤال استفهامي وليس سؤالا استنكاريا وساخرا كما أتبعته بوصفها بأن الأخت بنت الأحفاد غير عقلانية

هل اذا كانت هي التي قامت بتأليف الموضوع الذي أعجبك فقلت أنه جميل ، هي عقلانية ، ولكن حين أضافت جملة واحدة عن السياحة في بلاد الكفر ، تحولت وأصبحت غير عقلانية ؟

برضو ما مشكله ، ولكني أقول ليك يا أخوي ، نعم السياحة بل المكث هناك قد يسبب قسوة للقلب ، أما كيف ؟ فأقول لك
للقلوب عدة مداخل ، أهمها النظر ولا أقول البصر - وثانيهاالسمع ، أو قل وسائل الادراك عموما

قسوة القلب أولا يختلف تقييمها باختلاف البيئة والثقافة ، فالذي هو عندنا قسوة للقلب مثل مغادرة الأب أو الأم للبيت مع العشيق بعد سنين العشره أو ترك كبار السن يسكنون لوحدهم مثل الذي يحدث في أوروبا وعدم البكاء كثيرا على الميت وعدم تقبيل يد الأب والأم وعدم التصدق على الشقيق وغيرها ، كل هذا وأكثر منه هو قسوة قلب عندنا، ولكن عندهم هو أمر عادي جدا و مبرر دوما ويمكنني أن أفصل لك بالأمثلة العملية ولكن سنخرج عن موضوعك بعيدا الى الحكايات والونسه
وذبح الخراف عندنا بشفرة حادة هو أمر محبوب عندنا ولكن عندهم هو قسوة للقلب
لذا عليك أن تحدد موقع قلبك أولا قبل أن تعرف هل هو قاس أم لا ، استنادا على نقطة الأصل التي تختارها

ثانيا
بالرجوع الى اننا ننتمي لثقافة سودانية أتت بنا الى أحد البوردات السودانية ، والى ثقافة عربية جعلتنا نتواصل بهذه اللغة كتابة ونطقا ، وربما أنا وأنت نتشارك نفس الدين بنفس مرتكزاته للقياس على الأمور
فاني أستطيع أن أكمل لك

في ثلاثة المرتكزات هذه ، نعرف أن من قسوة القلب هو الأثرة وعدم الايثار ، ومنها النظر مليا في البنات والتلذذ باتعليقات مع الشباب - أخاطبك كونك رجلا - ، أي دون الاهتمام بأمر الله بغض البصر عن الجنس المغاير ، ومنها الجزع عند الفقر و زوال المال وفقدان الوظيفه ، ومن القسوة عندنا أيضا ألا تدمع العين لفراق المحبوب مثلما دمعت عينا نبينا لفقده خديجة والقاسم

ببقائنا في الدول غريبة الثقافةعنا ، فانا نعتاد أمورا أخرى من كثرة رؤيتها ، واذا وصلنا مرحلة الاعتياد فهذا أول طريق للمعصية واسمه الف المعصيه ، ويكفي أننا أصبحنا نرى منكرا ولا ننكره حتى بقلوبنا ، وهنا تنزع عنا صفة الخيرية بقول الله كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتـنـهـون عن المنكر ، فنحن لم نمارس أضعف الايمان وهو الانكار بالقلب ، والقلب هو موضوع الكريمة المكرمة بنت الأحفاد هنا ، ولماذا قسا القلب هنا ؟ لأن العين اعتادت منظرا معينا ، كنا نستغرب ونستنكر التقبيل المبالغ فيه في الأماكن العامة ولكن لم يمر شهران الا وأصبحنا لا نبالي ، ثم اننا رأينا البعض يمارس الجنس في بعض الزوايا فتفاجأنا وبعدها تعودنا ، رأيت كثيرا من الدماء للجرحى والقتلى من جراء الضرب أو اطلاق النار ، حتى انه مرة كنت مع والدي في دولة عربية فرأى هو منظر شخص مجروح فتغير وجهه لدرجة ضحكت عليه ، وعندما عدت للبيت أدمعت لنفسي كيف وصلت لهذه الدرجه
وتذكرت أين كنت وماذا رأيت ولكم من الزمان حتى تعتاد عيني ذلك
قست قلوبنا

في بلادنا نقول الله كريم ان ضاقت بنا ، ونقول الحمدلله حتى ان لم يكن عندنا شئ من المال وظهورنا مثقلة بالديون ، وبعيشنا بين الأغراب عنا في كل شئ ، صرنا نراهم يجزعون لفقد وظائفهم ، وينتحرون في حال تراكم الديون ، لأن كل شئ يحسب بالعقل ، أما القلب ففي غياب عن الأمل ، تعودنا على مسار حياتهم وحساب الأمور بالورقة والقلم
وضعف ايمان القلب هنا دون أن ندرك فقسا ، وأصبح دعاؤنا هناك أو قولنا الحمدلله على أي حال ، هو من قبيل التمرين العضلي للسان والذي تعلمناه منذ الصغر ، ولكن خرج الايمان من القلب ووصل أطراف اللسان

العين رأت ما رأت بسياحتها في بلاد الكفر ، فتغيرت القلوب دون أن نحس
حتى البكاء للميت أشك أنه أصبح نفاقا عندنا

الأذن تسمع و تسمع هناك أعاجيب الأقاصيص من أعل البلاد ممن صادقونا و من غيرهم ومن السودانيين ومن الراديو والتلفزيون والجرائد ، قصص عن الخيانة بل حتى طلب مساعدة في كيفية طرح أمر التعود على أمر الخيانة للطرف الآخر حتى يشارك في الجلسة الحمراء الثلاثية (ثري سومس) وزد على ذلك
وسمعنا وكل يوم من جيراننا العجب والله ، الـــعـــجـــب ، ويحكونه بكل تلقائية وبساطة ، سمعنا أسفه الألفاظ حتى داخل البيوت المحترمة ، ماتت فينا حاسة التفاجؤ هناك ، فصرنا نسمع ولا نسمع ، ننظر ولا نبصر ، نبصر ولا نعي ، أصبح كل شئ يمر مرور الكرام
ولا شئ يدخل القلب

أو تطلب من الأخت بنت الأحفاد أن تكون عقلانية بعد ذلك
وتستنكر عليها ذكرها أن السياحة هناك تميت القلوب ؟

أزيدك شيئا ، ان أردت الحديث عن فوائد السياحة في بلاد الكفر أو غيرها فسأكتب لك أكثر من ذلك
وان أردت استزادة مما هو أعلاه ، فليس ما يمنع ، الا ضيق الوقت والباندويدث


وتحياتي أيها الديموقراطي التقدمي