ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 10:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2003, 11:12 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة

                  

07-22-2003, 10:37 AM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    أمل دنقل :
    جدار في الظهر


    سيف في الصدر


    تشبثوا بآمالكم، فإن أمل دنقل قد مات. ومن لديه أمل فليعض عليه بالنواجذ. هاهي آمال الشعر العربي تغادر.. وتتسرب من بين أيدينا واحداً بعد الآخر.
    هل أمل دنقل آخرها / أول الذين /
    ( لا وقت للبكاء
    فالعلم الذي تنكسينه.. على سرادق العزال
    منكس في الشاطئ الآخر.. والأبناء يستشهدون كي يقيمون.. على تبة
    العلم المنسوج من حلاوة النصر ومن مرارة النكبة خيطاً من الحب.. وخيطين من الدماء )
    قال ذلك عند وفاة عبدالناصر / كأنه يقولها لنا الآن، فهو لم ينس الحياة حتى وهو بين فكي الموت.
    عندما مات انهالت مئات المقالات بسرعة البرق للحديث عن شاعر مات. حتى نكاد نشعر بأن بعض هذه المقالات فرحة لأنه مات.

    لماذا الآن يصير الشاعر جديراً. ويسمعه الناس ؟
    هانحن ندخل في واحدة من محن الشاعر العربي الجديد. أمل دنقل لم يعرفه طوال تجربته الشعرية ربع عدد الذين يعرفون / يعرفونه الآن.. بعد /
    نحن أمة تقدس الموتى. موتاها خاصة. بل أننا أمة تقتل مبدعيها لتقدسهم. إن الفرق / المفارقة بين إهمال الشاعر ومحاصرته إلى درجة الحرب أثناء حياته، وبين الاهتمام والاحتفاء إلى درجة التقديس بعد موته، مسألة مثيرة وجديرة باكتشاف النفسية العربية تجاه المبدعين الأحياء / الأموات.
    أمل دنقل، جاء. صرخ في العالم المستكين، لم يعبأ بصوته أحد. ما همه أحد. كتب أجمل الأشعار ومات.
    (أمثل ساعة الضحى بين يدي كافور ليطمئن قلبه، فما يزال طيره المأسور لا يترك السجن ولا يطير
    أبصر تلك الشفة المثقوبة


    ووجهة المسود، والرجولة المسلوبة.
    .. أبكي على العروبة)
    * الصعيد المصري / محافظة قنا / قرية القلعة / 1941. ولد دنقل. كيف نتخيل طفلاً يرى النور للمرة الأولى في (قلعة/ و إن مجازاً) - حمل الشاعر قلعته معه. في دمه / كلماته. واشتغل طوال الوقت على كسر هذه القلعة. بدون ضجيج جاء إلى الشعر العربي من صعيد مصر، وكتب قصيدته المختلفة. كسر جدران قلعته في القصيدة، كما لم يعهد الشعر المصري القصائد، ولم يعهد الكسور.. بهذا الشكل. قصيدته تكتظ بالواقع، بالعذاب الذي رآه في المدينة أكثر تعقيداً من عذاب القرية. هناك صورة العذاب واضحة، مباشرة حتى البساطة. في المدينة بدأ الصراع على درجة من التعقيد إلى الحد الذي يتطلب قوة أسطورية لدى الشاعر لكي يعبر الجحيم. يحترق فيه دون أن يتلاشى. كان فلاحاً هادئاً يمكن أن تلمس هدوءه في موسيقى القصيدة. في قافيتها خاصة. والمدينة صاخبة /
    (كنت لا أحمل إلا قلماً بين ضلوعي
    كنت لا أحمل إلا.. قلمي
    في يدي : خمس مرايا
    تعكس الضوء (الذي يسري إليها من دمي)
    .. (افتحوا الباب)
    فما رد الجرس
    - (افتحوا الباب.. أنا أطلب ظلاً..)
    قيل : (كلا).
    1958 / دخل كلية الآداب. جامعة القاهرة. لمدة عام واحدة فقط. كأنه ليس مهيأ لشيء سوى الشعر، المهمات والواجبات التي تتطلب جلوساً في المقعد لا تليق به.
    عاد إلى محافظة قنا. عمل موظفاً في المحمة. لكنه انشغل بالشعر والحياة.
    ترك الوظيفة /
    (ملك أم كتابة).


    صاح بي صاحبي، وهو يلقي بدرهمه في الهواء
    ثم يلقفه


    (ملك أم كتابه
    صحت فيه بدوري
    فرفرف في مقلتيه الصبا والنجابه
    وأجاب : (ملك)
    دون أن يتلعثم.. أو يرتبك
    وفتحت يدي
    كان نقش الكتابه
    بارزاً في صلابة)
    انفجر أمل في الشعر الحديث بهدوء. لكن بنوع من السخرية لم تتوفر كثيراً في هذا الشعر. كان الفن عنده يسخر في الجرح ويسخر به معاً. وصارت هذه الخصيصة من أرقى ملامح شعره. وربما وصلت في أحيان كثيرة إلى ذروة المأساة الإنسانية التي تنطوي على قدر كبير من درامية الحياة البشرية. ويستطيع أمل دنقل بجمالية شعرية غاية في الشفافية أن يباغت القارئ بصورة يومية تصعد إلى مستوى الصورة الشعرية الراقية. يحدث هذا من غير أن تفقد الصورة اليومية الشعبية بساطتها، ودون أن يقع في المبالغة الكلاسيكية المعتمة، والتي يحيط الضجيج البلاغي بها. فاللمحة الساخرة عنده تفجر في ذهن القارئ مالا يقاس من المعاني والآفاق الشعرية.


    (قيل لي "اخرس".
    فخرست، وعميت وائتممت بالخصيان
    ظللت في عبيد ( عبس ) أحرس القطعان
    أجز صوفها.
    أرد نوقها
    أنام في حظائر النسيان
    طعامي : الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة
    وها أنا في ساعة الطعان
    ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان
    دعيت للميدان
    أنا الذي ما ذقت لحم الضان
    أنا الذي لا حول لي أو شأن
    أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان :
    أدعى إلى الموت.. ولم أدع إلى المجالسة).
    إنها قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) التي كتبها في الأسبوع الأول من هزيمة 67. والتي انتشرت في مصر بالدرجة الأولى، تماماً كما اشتهرت (هوامش) نزار قباني في البلاد العربية. مع أن الشعر عند دنقل وصل إلى مراحل فنية تأخرت (الهوامش) عنها.

    هنا السخرية تصير نوعاً من الطقس الحزين الذي يفضح صلاة كانت. من أجل صلاة جديدة. لقد اختصر الشاعر هنا تاريخاً عميقاً من القمع والجوع. فكل كلمة هنا تشتمل على مدلولاتها التاريخية الواقعية. فالإنسان الذي لم يكن يتمتع بالحرية والديمقراطية، هو المطلوب للدفاع عن الوطن. والذي يعرف عمق الإشارة إلى الواقع الاقتصادي، سيكتشف بشاعة الإشارة إلى كلمة (لحم الضمان) / إن أمل هنا يوظف السخرية الشعبية في تفجير الجذور.


    الناظر إلى قصيدة دنقل للوهلة الأولى يعتقد ببساطتها البنائية، لكن المتأمل فيها سيكتشف التركيب الإيحائي والعلاقات الجمالية التي لا تزركشهما المبالغات اللغوية. لكن بساطتها تكمن في حساسية خاصة يمتلكها الشاعر تجاه اللغة. لغة بذاكرة غير مقموعة ولا موروثة :
    (حين سرت في الشارع الضوضاء
    واندفعت سيارة مجنونة السائق
    تطلق صوت بوقها الزاعق
    في كبد الأشياء :
    تفزعت حمامة بيضاء
    (كانت على تمثال نهضة مصر
    تحلم في استرخاء)
    طارت وحطت فوق قبة الجامعة النحاس
    لاهثة، تلتقط الأنفاس
    وفجأة : دندنت الساعة
    ودقت الأجراس
    فحلقت في الأفق.. مرتاعة)
    عند أمل دنقل تجد المفردات التي لا تتوقع أن تكون بهذا الجمال وهذه الطاقة الشعرية. إنه يتشبث ببساطة المفردة وبشحنها بإيماءات جديدة. كانت الروح الشعبية لديه تتعرض لعذاب الماس في طريق الصقل والبريق. المفردة عنده تلمع وتطلع.

    أمل لا يخلق لغة شعرية ساخرة. بل يحول المناخ المفاجئ الذي نعتاده ببساطة لكي يبرق أمامنا بشجن ومرارة ويبدو لا معقولاً. غرابته الساخرة تنبع من العذاب الكبير الذي تجسده المفارقة في الصورة، ومن طاقة المعنى التي تفيض من إطلاق اللغة من إسارها. إنه يدخل اللغة في الحرية :
    (أبانا الذي في المباحث. نحن نرعاك. باق لك الجبروت. باق لنا الملكوت
    وباق لمن تحرس الرهبوت.


    تفردت وحدك باليسر. إن اليمين لفي الخسر
    أما اليسار ففي العسر. إلا. الذين يماشون
    إلا الذين يعيشون يحشون بالصحف المشتراة العيون.. فيعيشون.. إلا الذين يشون. وإلا الذين يوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت.
    .. الصمت وشمك. والصمت وسمك.
    والصمت. أنى التفت - يرون ويسمك.
    والصمت
    بين خيوط يديك المشبكتين المصمغتين يلف الفراشة.. والعنكبوت.)
    / القراءة. والقراءة. ثم القراءة. تجعل الشعر يصير أكثر جمالاً وتجعله أفقاً لكشف. الشعر الذي لا يدعوك لذلك / ليس كذلك.
    في أوائل الستينات عمل أمل دنقل في مصلحة الجمارك بالسويس. ثم الإسكندرية لكنه ترك الوظيفة. انغمس أكثر في الشعر. (لم أعرف لي عملاً أو مهنة غير الشعر. لم أصلح في وظيفة. ولم أنفع في عمل آخر. وأخشى أن أتهم باستخدام الكلمات الكبيرة إذا قلت أنني كنت راهباً في محراب الشعر وحده. ولقد اكتشفت الآن أن الفن والأدب على إطلاقهما لا يقبلان بغير هذه الرهبنة.)
    أنت لا تستطيع أن تكون موظفاً وكاتباً أو صحفياً وشاعراً. الكتابة موقف متصل.
    أن تكون أو لا تكون. تكتب أو لا تكتب.


    على نقيض ما يقول به شكسبير وحين طرح علي هذا السؤال، لم أفكر فيه أبداً. ولم أختر الإجابة. فلقد وجدت نفسي منساقاً إلى محراب الشعر. لا أفكر فيما عداه. فلم يكن في شواغلي أن تكون لي وظيفة أو بين أو ثروة. قلت أو كثرت. بل شاغلي أن أعيش لحظة الإيقاع النادرة بين نثر الحياة اليومية وتوتر الشعر).
    الآن. أكتشف الآن. وكم تأخر هذا الاكتشاف. فهذا الكلام هو كلامه الأخير قبل ثلاثة أيام من الموت. هل كان عليه أن يدفع سنوات عمره كاملة ليكتشف هذه الحقيقة / يكشفها للعالم ؟
    انشغل بأن يعيش لحظة الإيقاع النادرة.

    وللدارس أن يكتشف جماليات هذه اللحظة التي امتدت في قصيدة أمل.
    البنية الإيقاعية في شعر أمل ليست شكلاً. إنها أحد عناصر حياة المضمون بالذات. الإيقاع هو النسيج الخاص الذي غزله أمل برهافة لا تتيسر إلا لشاعر مبدع. يتميز بحساسية عظيمة تجاه اللغة.
    وللدارس أن يكتشف أيضاً أن هذا الشاعر كان مولعاً بالإيقاع وهائماً به. بل يمكن أن نلمس أنه خالق خاص للإيقاع المختلف. وإذا لم يكن قارئ قصيدة أمل على درجة من الحس الموسيقي فإنه سيفقد سر الحيلة الإيقاعية التي تبتكر باستمرار الشاعر بقدرته الفائقة يكاد يمحو حدوداً واقعية بين النثر والوزن. وربما صارت هذه الحدود وهماً. إنه لا يعنى كثيراً بوزن الشعر، لكنه يحتفي بإيقاع الروح. روح الشعر والإنسان معاً. فإذا أنت لم تفهم حيلته الفائقة فسوف تقع في النثر. رغم تكرار القوافي التي تتداعى أحياناً كأنها الأشلاء من جسد يحترق.

    (قلت : فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن !
    قلت : فليذب النهر في البحر، والبحر في السحب،
    والسحب في الجدب، والجدب في الخصب،
    ينبت خبزاً ليسند قلب الجياع، وعشباً لماشية الأرض، ظلاً لمن يتغرب في صحراء الشجن).
    ويستطيع أمل دنقل أن يفاجئ القارئ بإيقاعات غير متوقعة، فأحياناً تتلاحق القوافي (جديدة الصياغة) بتداعيات شعورية تحمل القارئ إلى ذروات متدافعة كأنها الصهيل الكثير الذي يسبق شراسة الحرب.
    (أسأل يا زرقاء..
    عن وقفتي العزلاء بين السيف والجدار
    عن صرخة المرأة بين السبي والفرار
    كيف حملت العار
    ثم مشيت دون أن أقتل نفسي دون أن أنهار.
    وأحياناً تتباعد القافية في القصيدة، حتى نكاد لا نلمح لها سوى تردداً واحداً.
    كأن نقرأ (الوشاح) في بداية المقطع ونلتقي في آخر المقطع بكلمة (الصباح).
    (أيها الواقفون على حافة المذبحة
    أشهروا الأسلحة
    سقط الموت، وانفرط القلب المسبحة
    والدم انساب فوق الوشاح
    المنازل أضرحة
    والزنازن أضرحة
    والمدى.. أضرحة
    فارفعوا الأسلحة
    واتبعوني
    أنا ندم الغد والبارحة
    رايتي : عظمتان.. وجمجمة
    وشعاري : الصباح).
    أثناء ذلك. نحن لا نتوقع أن تكون هذه القافية (الوشاح / الصباح) بالذات هي عمودي الهيكل الشعري للقصيدة اللذين ينهضان ببنية المناخ العام. ولنا أن نتأمل الجمال الداخلي الذي خلقته القافية الصغيرة المترددة (أضرحة) بإيقاع خاص مختلف.


    إن الشاعر لا يبدو أنه يحتفي بالقافية إلى درجة الافتعال إنها ترد أمامه عفو الخاطر. وإذا دخلت الصنعة، فإنها تدخل بشفافية لا تخدش متعتنا الشعرية.
    بساطة أمل في شكل قصيدته الفني تنطوي على الجمال الذي لا يتكرر، بمثل هذه العناصر، في تجربة سواه الفنية، إنه نسج وحده حقاً. ويمثل نموذجاً للبساطة المستحيلة.
    (في الفندق الذي نزلت فيه قبل عام
    شاركني الغرفة
    فأغلق الشرفة
    وعلق (السترة) فوق المشجب المقام
    وعندما رأى كتاب (الحرب والسلام)
    بين يدي : أربد وجهه..
    ورف جفنه.. رفه
    فغالب الرجفة
    وقص عن صبية طارحها الغرام
    وكان عائداً من الحرب.. بلا وسام
    فلم تطق.. ضعفه
    ولم يجد - حين صحا -
    إلا بقايا الخمر والطعام.
    ثم روى حكاية عن الدم الحرام
    (.. الصحراء لم تطق رشفه
    فظل فيها، يشتكي ربيعه صيفه)
    وظل يروي القصص الحزينة الختام
    حتى تلاشى وجهه
    في سحب الدخان والكلام
    وعندما تحشرج الصوت به، وطالت الوقفة
    أدرت رأسي عنه.
    حتى لا أرى دمعته العفَّه
    ومن خلايا جسدي : تفصد الحزن..
    وبلل المسام
    وحين ظن أنني أنام
    رأيته يخلع ساقه الصناعية في الظلام
    مصعداً تنهيدة..
    قد أحرقت جوفه).

    جاء أمل دنقل إذن من صعيد مصر. ليفتح الطريق أمام الجيل الجديد في الشعر المصري بعد عبدالصبور وحجازي. واستطاع بجدارة فنية أن يكون صوتاً خاصاً مختلفاً وقادراً.. منذ (زرقاء اليمامة). كان حراً بما لا يقاس في تجربته الفنية. وهذا ناتج في تقديري من حريته الفكرية فهو لم يقع تحت وطأة المنظورات السياسية الجاهزة في الفن. فهو الشاعر الوحيد الذي كان يستطيع أن يقول في أجمل قصائده وأكثرها جرأة :
    لا تحلموا بعالم سعيد
    فبعد كل قيصر يموت
    قيصر جديد
    (زرقاء اليمامة)
    هذه الفكرة الفاجعة تتطلب جرأة كبيرة لتواجه مهرجانات الأمل الكاذب الذي أقيم لينتشل الانسان العربي من هزائمه التي لم تكن حزيران آخرها. وفي مصر بالذات يشكل إطلاق هذه الفكرة موقفاً مرشحاً لتهمة اليأس. والشاعر التقدمي - حسب النظرة السائدة - ليس له أن يكون يائساً. غير مصرح له بالشعور باليأس. أعتقد أن الشاعر الجزائري محمد حديبي الذي قال مرة (قليل من اليأس يجب أن يضاف إلى القصيدة) /.

    أمل دنقل كان يائساً كل هذا اليأس الخلاق. كان يائساً بصدق ولم يكن مستعداً لخيانة شعوره في تلك اللحظة التاريخية.
    كان إنسانا خلاقاً. مادام اليأس شعوراً طبيعياً، فمن المتوقع أن يمر به الانسان، تماماً مثلما يمر بلحظات الأمل.

    أن يكتب الشاعر يأسه، يعني أنه يواجه تجربته بصراحة الشعر وقدرته على نفي اليأس، فبمجرد أن يكتب
    الشاعر القصيدة فانه ليس معرضاً للوقوع ضحية لليأس. وأمل دنقل بالذات، وهو المأخوذ بحلم الانسان، كان جديراً بمصارعة اليأس طوال حياته، لكن دون أن يسقط في مستنقع الأمل الكاذب.
    (قلت لكم مراراً
    أن الطوابير التي تمر في استعراض
    عيد الفطر والجلاء
    (فتهتف النساء في النوافذ انبهاراً)
    لا تصنع انتصاراً
    إن المدافع التي تضوي على الحدود في الصحارى لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء
    إن الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء
    لا تقتل الأعداء
    لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهاراً
    تقتلنا، وتقتل الصغارا
    قلت لكم
    لكنكم.. لم تسمعوا هذا العبث
    ففاضت النار على المخيمات
    وفاضت الجثث
    وفاضت الخوذات والمدرعات).
    في خريف،1976 ذهبت صحفية من القسم الثقافي بجريدة (الأخبار) لتجري حواراً مع أمل دنقل، في مقره الدائم بمقهى ريش. وكان هذا اللقاء ولادة الحب الذي تحول سريعاً إلى خطوبة وزواج عام 78. كانت الصحفية هي عبلة الرويني.

    ولأن الشاعر لم يكن يملك سكناً للزواج، ولا مالا ليهيئ هذا السكن، فأقام مع عروسه في غرفة بفندق بشارع 26 يوليو منذ بداية عام 1979.

    ولد أمل بعيب في إحدى خصيتيه، وفي سن التاسعة أجريت له عملية جراحية في محافظة قنا. ويبدو أن العملية كانت فاشلة وفي هذه الحالات، إذا لم تنشط الخصية المريضة فإن المريض معرض للإصابة بالسرطان في سن الأربعين. وهذا بالضبط ما حدث. فمنذ ثلاث سنوات بدأ السرطان يهاجم أمل فدخل المستشفى للعلاج، وكان لا يملك نقوداً لمثل هذا العلاج الباهظ /
    (أيها السادة : لم يبق اختيار
    سقط المهر من الإعياء
    وانحلت سيور العربة
    ضاقت الدائرة السوداء حول الرقبة
    صدرنا يلمسه السيف..
    وفي الظهر الجدار)
    فكتب يوسف إدريس مقالاً يطالب الدولة بعلاج الشاعر على نفقتها وبدأت حملة لعون الشاعر من قبل الأصدقاء والمحبين في أماكن عديدة من البلاد العربية. وعندما تعهدت الدولة بالعلاج. طلب أمل من الأصدقاء التوقف عن حملة المساعدة. لكنها لم تتوقف. كان لا يريد أن يشغل الناس بمرضه. إلى أن /
    (لقد توقف العلاج، وهذا يعني أن القارب قد وصل إلى الشاطئ الآخر. أو قارب على الوصول. وأنا الآن لا أحب أن أتحدث عن مرضي، فهو قضية شخصية يجب ألا تشغل أحداً سواي)
    وبعد ثلاثة أيام.. وصل القارب إلى الشاطئ الآخر. فقد /
    (كان نقاب الأطباء أبيض
    لون المعاطف أبيض
    تاج الحكيمات أبيض
    الملاءات
    لون الأسرة
    أربطة الشاش والقطن
    قرص النوم
    أنبوبة المصل
    كوب اللبن
    كل هذا يشيع بقلبي الوهن
    كل هذا البياض يذكرني بالكفن
    فلماذا إذا مت
    يأتي المعزون متشحين بشارات لون الحداد
    هل لأن السواد
    هو لون النجاة من الموت
    لون التميمة ضد الزمن).


    حتى إذا مات. كمن يدخل باباً انتظر عنده طويلاً بعذاب. يدخله بهدوء. ولا نكاد نعرف من الذي ارتاح من هذا الدخول. هل الشاعر من الموت / أم الموت من الشاعر :
    (كان أمل جميلاً حتى في الموت. كان أصدقاؤه يقولون له تحمل يا أمل الألم. قاومه. وكان يرد : أنا لا أملك إلا أن أقاوم. كان يقول لي : أنا لا أخاف الموت لكن أخاف العجز. عندما عجز أمل عن الحركة قبل وفاته بثلاثة أيام، وأصيب بشلل في كل جسمه، أدركت أنه قد مات. طوال فترة مرضه لم يتخل عن دعابته وسخريته مع أصدقائه الذين كانوا يزورونه. والذين لم يفارقونه في الفترة الأخيرة. عبدالرحمن الأبنودي. الدكتور جابر عصفور. الدكتور عبدالمحسن طه بدر. فاروق شوشة. كان يوصيهم أن يتماسكوا ساعة الموت. إن أمل إن كان قد عاش طوال السنة الأخيرة فهذا بسبب حب الناس له)
    (الزوجة)
    / (آه.. سيدتي المسبله
    آه.. سيدة الصمت واللفتات الودود
    لم يكن داخل الشقة المقفلة
    غير قط وحيد
    ...
    آه.. سيدة الصمت والكلمات الشرود
    آه.. أيتها الأرملة) /
    (وقبل حوالي ثلاثة أشهر أدرك بشفافيته أن أيامه معدودة فقال لزوجته ولي سيناريو كامل لما يريد بعد وفاته. قال كل ماله وما عليه. طلب أن يدفن أمام مقبرة أبيه في قريته. وعندما ذهبنا لدفنه وجدنا (مصلى) في المكان الذي حدده فاستأذنا وحفرنا له فيها قبره. لقد صعقت وأنا أشاهد جسده عندما غسلناه بعد وفاته. كان جسداً متحللاً. كيف عاش هذا تحت هذا الجسد ؟ أليست معجزة.).
    (عبدالرحمن الأبنودي)
    أعرف أن العالم في قلبي مات
    لكن حين يكف المذياع.. وتنغلق الحجرات
    أنبش قلبي، أخرج هذا الجسد الشمعي وأسحبه فوق سرير الآلام
    أفتح فمه، أسقيه نبيذ الرغبة
    فلعل شعاعاً ينبض في الأطراف الباردة الصلبة
    لكن.. تتفتت بشرته في كفي
    لا يتبقى منه.. سوى جمجمة.. وعظام).
    الشاعر محمد الماغوط قال لبدر شاكر السياب بعد موته : (تشبث بموتك أيها المغفل).
    الآن / أمل دنقل كان طوال السنوات الأخيرة يتشبث بحياة أرحم منها الموت، ولم يكن مغفلاً.
    بين السياب وأمل لم يتغير الحال العربي كثيراً. تفسخ أكثر. انهار أكثر. ولم يبق سوى أن يموت لنا أمل. صار الإنسان (الشاعر خاصة) أكثر هامشية من حذاء المشروع العربي. وغم ذلك كان أمل شجاعاً أكثر من السياب.
    الذي يقرأ الشعر يعرف / سيعرف ذلك جيداً.
    إن ضعف السياب كان نابعاً من عذاب الأرجوحة التي وجد نفسه فيها. فقد انغمس السياب في أرجوحة السياسة العربية ففقد حريته الخاصة. صادرت السياسة حرية الشاعر الداخلية. تأرجح بعذاب كبير قبل المرض. تبع هذه المنظومة الفكرية حيناً، وتلك المنظومة الفكرية حيناً آخر.
    عذاب الأرجوحة هذا هو الذي أفسد (يفسد) قدرة الشاعر على التمتع بحريته الداخلية، وأدخله في المأزق.
    أمل دنقل ظل طوال الوقت يخوض / يجتاز السياسة العربية بساقين طويلتين. يرى إلى السياسة بنظرة الطائر الذي يكتشف الواقع بسيطرة القادر. ويملك حريته في نفس الوقت. حريته في الطيران عابراً فسحة الأفق الأوسع من السياسة. وكانت حيلته جميلة وقادرة :
    (حاربت في حربهما
    وعندما رأيت كلا منهما.. متهماً
    خلعت كلا منهما
    كي يسترد المؤمنون الرأي والبيعة
    لكنهم لم يدركوا الخدعة)
    هذا هو الفرق بين عذاب الحرية لدى أمل، وبين عذاب الأرجوحة لدى السياب.
    عذابان هيئا للشعر العربي الحديث تجربتين من أجمل التجارب الشعرية المعاصرة، ومن أكثرها صدقاً وأصالة.

    السياب ودنقل قتلهما المرض. لكن الأول عانى من عذاب الأرجوحة أكثر من عذاب المرض. وعانى الثاني من عذاب المرض أكثر من عذاب الأرجوحة. ويمكننا اعتبار هاتين التجربتين صورة تجسد محنة الشاعر العربي المعاصر. وتفضحها في نفس الوقت.
    (الشاعر له وظيفة اجتماعية أساساً. لابد له من موقف اجتماعي. الموقف السياسي تال لذلك. الموقف الاجتماعي الأشمل من قضايا المجتمع وقضايا العصر الذي نعيش فيه.
    وليس معنى هذا الموقف أن يصدر الشاعر عن حماس تبريري أجوف للأحداث المؤقتة والعابرة، حتى ولو كانت أحداثاً كبيرة. وكل الشعر الذي ظهر وتبنى شعارات سياسية زاعقة بشكل مباشر هو شعر انتهى من ديوان العرب بعد أن كنسته الأيام. كذلك أكثر الشعر الذي ينشر في أغلب الأحيان. ونجده مجرد ترجمة لمانشيتات الصحف، كتلك القصائد التي تكتب عن المشروعات العمرانية، أو دخان المصانع. أو الإنجازات الوطنية. هذا كله ليس شعراً، حتى وان حمل كل مقومات الشعر. إنه شعر ساذج لا يبقى لأنه شعر ترديدي موقوف بالمناسبة التي قيلت فيه. إذ الشاعر هنا ليس أكثر من ناظم، أو حرفي، يعيد صياغة أفكار جاهزة.
    وليست تلك وظيفة الشعر أو الشاعر. إن الشاعر يطمح إلى ما هو أبعد من الواقع حتى لو كان الواقع الذي يعيشه الشاعر رائعاً وجميلاً. فإنه يطمح إلى الواقع - المثال. الأكثر روعة وجمالا.
    من ها فإن الشاعر يطمح إلى تحقيق المعادلة المستحيلة تلك التي يريد فيها أن يجعل الواقع شعراً، والشعر واقعاً. ولكن الواقع دائماً وأبداً لا يسعف الشاعر بهذه الصورة. ولهذا يجد الشاعر نفسه منحازاً إلى الحلم ضد الواقع).

    (الشاعر في الأسبوع الأخير)
    جاء من صعيد الأرض. كتب شعراً جميلاً كثيراً، ومات. في حياته طبع كل شعره خارج بلاده، بعد وفاته، ومن خلالها سيطبع شعره في بلاده.
    لقد مات. لذلك فهو الآن يستحق التكريم.
    لكن / ينبغي أن نتشبث بآمالنا.. فإن أمل دنقل قد مات.*

    مجلة (الدوحة) - قطر


                  

07-22-2003, 11:11 AM

ود العجمى
<aود العجمى
تاريخ التسجيل: 09-21-2002
مجموع المشاركات: 1595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    واصل ونحنا معاك
                  

07-22-2003, 12:01 PM

shiry
<ashiry
تاريخ التسجيل: 07-05-2002
مجموع المشاركات: 3511

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: ود العجمى)

    سلام مربع

    سلفر


    لا تعرف كم هو ممتع
    حروف
    هذا
    الجنوبي
    الحالم
    الثائر


    نحن
    معاااااك
    مستمتعون
                  

07-23-2003, 01:00 AM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    ود العجمي
    وانا معاك برضو
    وتشكر يازوق
    علي حضورك
    الباهي


    Shiry
    مرحب حبابك عشرة
    والرافض ايضا

    وتشكري علي حضورك
    الزاهي


    ***************
    امل دنقل
    الورقة الأخيرة

    الجنوبي


    صورة

    هل أنا كنت طفلاً
    أم أن الذي كان طفلاً سواي
    هذه الصورة العائلية
    كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي
    رفسة من فرس
    تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
    أتذكر
    سال دمي
    أتذكر
    مات أبي نازفاً
    أتذكر
    هذا الطريق إلى قبره
    أتذكر
    أختي الصغيرة ذات الربيعين
    لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
    المنطمس

    أو كان الصبي الصغير أنا ؟
    أن ترى كان غيري ؟
    أحدق
    لكن تلك الملامح ذات العذوبة
    لا تنتمي الآن لي
    و العيون التي تترقرق بالطيبة
    الآن لا تنتمي لي
    صرتُ عني غريباً
    ولم يتبق من السنوات الغربية
    الا صدى اسمي
    وأسماء من أتذكرهم -فجأة-
    بين أعمدة النعي
    أولئك الغامضون : رفاق صباي
    يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
    لكي نأتنس.

    وجه

    كان يسكن قلبي
    وأسكن غرفته
    نتقاسم نصف السرير
    ونصف الرغيف
    ونصف اللفافة
    والكتب المستعارة
    هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
    ولكنه يعد يومين مزق صورتها
    واندهش.
    خاض حربين بين جنود المظلات
    لم ينخدش
    واستراح من الحرب
    عاد ليسكن بيتاً جديداً
    ويكسب قوتاً جديدا
    يدخن علبة تبغ بكاملها
    ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
    لكنه لا يطيل الزيارة
    عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
    وفي غرفة العمليات
    لم يصطحب أحداً غير خف
    وأنبوبة لقياس الحرارة.

    فجأة مات !
    لم يحتمل قلبه سريان المخدر
    وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات
    عاد كما كان طفلاً
    سيشاركني في سريري
    وفي كسرة الخبز، والتبغ
    لكنه لا يشاركني .. في المرارة.

    وجه

    ومن أقاصي الجنوب أتى،
    عاملاً للبناء
    كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء
    كنت أجلس خارج مقهى قريب
    وبالأعين الشاردة
    كنت أقرأ نصف الصحيفة
    والنص أخفي به وسخ المائدة
    لم أجد غير عينين لا تبصران
    وخيط الدماء.

    وانحنيت عليه أجس يده
    قال آخر : لا فائدة
    صار نصف الصحيفة كل الغطاء
    و أنا ... في العراء

    وجه

    ليس أسماء تعرف أن أباها صعد
    لم يمت
    هل يموت الذي كان يحيا
    كأن الحياة أبد
    وكأن الشراب نفد
    و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
    عاش منتصباً، بينما
    ينحني القلب يبحث عما فقد.

    ليت "أسماء"
    تعرف أن أباها الذي
    حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
    وهو يضحك
    وهو يفكر
    وهو يفتش عما يقيم الأود .
    ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
    خبأنه بين أوراقهن
    وعلمنه أن يسير
    ولا يلتقي بأحد .

    مرآة

    -هل تريد قليلاً من البحر ؟
    -إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
    البحر و المرأة الكاذبة.-سوف آتيك بالرمل منه
    وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
    فلم أستبنه.

    -هل تريد قليلاً من الخمر؟
    -إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :
    قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.

    -سوف آتيك بالثلج منه
    وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
    فلم أستبنه
    بعدما لم أجد صاحبي
    لم يعد واحد منهما لي بشيئ

    -هل نريد قليلاً من الصبر ؟
    -لا ..
    فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه
    يشتهي أن يلاقي اثنتين:
    الحقيقة و الأوجه الغائبة.

    *************************
                  

07-23-2003, 11:22 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    سلام يا شباب

    فلنجعل هذا البوست مكانا لتوثيق سيرة هذا الشاعر العظيم

    ساتي لكم بعد يومين بمقال قديم كنت كتبته عنه؛
    بعنوان
    امل دنقل شاعر الثورة الابدية

    عادل
                  

07-23-2003, 02:41 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    حبابك عشرة
    استاذ عبد العاطي
    ونحن في انتظارك


    **********************

    [size=24]ذكريات أمل دنقل
    جابر عصفور
    (مصر)

    مات أمل دنقل في الصباح الباكر من اليوم الحادي والعشرين من أيار (مايو) سنة 1983. مضت تسع عشرة سنة على وفاته, ولكنه باقٍ بشعره الذي تتوهج معانيه, خصوصاً في تلك الأيام التي تعربد فيها إسرائيل كما يحلو لها, فتستعيد ذاكرتي ما كتبه من (تعليق على ما حدث في مخيم الوحدات) وأدرك معنى أن (سرحان لا يتسلم مفاتيح القدس) وأكاد أصرخ في انتظار السيف:

    انظري أمتك الأولى العظيمة
    أصبحت شرذمة من جثث القتلى
    وشحاذين يستجدون عطف السيف.

    وأستعيد ما كتبه أمل عن فلسطين, والقدس, وعن صديقه مازن جودت أبي غزالة الذي رحل مع العاصفة, والذي كتب من أجله أمل (بكائية ليلية) استهلها بقوله:

    للوهلة الأولى
    قرأتُ في عينيه يومَه الذي يموتُ فيه.
    رأيتُه في صحراء (النقب) مقتولاً...
    منكفئاً.. يغرز فيها شفتيه
    وهي لا تردُ قبلةً لفيه!
    نتوه في القاهرة العجوز, ننسى الزمنا
    نفلت من ضجيج سياراتها, وأغنيات المتسولين
    تُظلُّنا محطةُ المترو مع المساء... متعبين.
    وكان يبكي وطناً... وكنت أبكي وطنا
    نبكي إلى أن تنضب الأشعار
    نسألها: أين خطوط النار?
    وهل ترى الرصاصة الأولى هناك... أم هنا?

    ولا أعرف هل هي مصادفات الزمان, أم علاقة جيلنا بشرط التاريخ, هي التي جعلتني أعرف أمل دنقل في سياق من الهزائم والانكسارات القومية. وكانت البداية هزيمة العام السابع والستين التي استجاب إليها بقصيدته (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) التي كانت بكاءنا جميعاً على ما حدث, ثم جاءت مرثية جمال عبدالناصر (1918-1970) بعنوان (لا وقت للبكاء) تعبيراً عن رغبة مقاومة الانحدار, والتطلع من جديد صوب الأماني القومية التي بدت بعيدة. ودخلنا أيام السادات التي واصل فيها أمل دنقل أقسى درجات رفضه الاجتماعي والسياسي, خصوصاً في ما سمي عام الضباب, ذلك العام الذي اقترب فيه أمل الشاعر من الحركة الطالبية الغاضبة, وصاغ بقصيدته (أغنية الكعكة الحجرية) ذروة تعبيرها الاحتجاجي الذي تمثل في الاعتصام بميدان التحرير حول النصب الذي كان قائماً فيه, وهو الاعتصام الذي فضّته أجهزة الأمن بالقوة خوفاً من تفاقم نتائجه, فسقط بعض الطلاب ضحية الاصطدام. وانطلق صوت أمل دنقل يسجّل (الإصحاح الأول) من (سفر الخروج):

    أيها الواقفون على حافّة المذبحه
    أشهروا الأسلحه!
    سقط الموتُ; وانْفَرَطَ القلبُ كالمسبحهْ
    والدم انساب فوق الوشاح!
    المنازل أضرحَه,
    والزنازن أضْرحَهْ
    فارفعوا الأسلحه
    واتبعوني!
    أنا ندم الغد والبارحه
    رايتي: عظمتان... وجُمجُمَه
    وشعاري: الصباح.

    وقد نشر أمل دنقل قصيدته للمرة الأولى في مجلة (سنابل) التي كان يصدرها الشاعر محمد عفيفي مطر من محافظة كفر الشيخ, أيام المحافظ إبراهيم بغدادي الذي اتصل به يوسف السباعي, وطلب منه إغلاق المجلة بعد أن نشرت قصيدة (الكعكة الحجرية). لكن القصيدة ظلّتْ تُقرأ في المحافل الطالبية التي حضرها أمل دنقل الذي أصبح أكثر الأصوات الشعرية المتمردة تجاوباً مع وجدان الطلاب الساخطين. والغريب أن حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 لم تقلل من أهمية هذه القصيدة, وإنما شحذت الهمم لاستكمال الانتصار على العدو الإسرائيلي وتحرير الأرض العربية.
    ولكن مضت الأشهر, ودخلنا في مباحثات فصّل القوات التي تحولت في النهاية إلى استهلال لمباحثات السلام. وكانت اللحظة الحاسمة هي اليوم الذي ذهب فيه السادات إلى القدس ليعرض الصلح على إسرائيل, وندخل فعلياً في مباحثات السلام التي رفضها أمل دنقل, كما رفضها غاضبون كثيرون غيره, أملاً في موقف قومي صلب يتأسس به سلام عادل.
    وكان ذلك هو السياق الذي بدأ بالاتفاق الأول لفصل القوات بين مصر وإسرائيل في كانون الثاني (يناير) 1974, وتصاعد مع الاتفاق الثاني في أيلول (سبتمبر) 1975, وازداد تصاعداً مع إلغاء السادات معاهدة الصداقة المصرية - السوفياتية في آذار (مارس) 1976, كما ازداد تفاقماً بثورة الخبز في كانون الثاني (يناير) 1977, وزيارة السادات للقدس في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه. لكن هذه الزيارة لم تمنع إسرائيل من اجتياح الجنوب اللبناني في آذار 1978, ولم تمنع السادات من المضيّ في محاولات السلام, تلك التي مضت في مسارها الذي انتهي بتوقيع السادات وبيغن اتفاقات كامب ديفيد التي شهد عليها الرئيس الأميركي كارتر بصفته الوسيط.
    وكان أمل بدأ يكتب (لا تصالح) من قبل توقيع الاتفاق النهائي, لا لأنه يرفض السلام وإنما لأنه يرفض الاستسلام, ويتطلع إلى سلام عادل يعيد جميع الحقوق لأصحابها, وإلا فلا لزوم له, ولا مفر من مواصلة الكفاح من أجل استعادة الأراضي السليبة كلها. وما أسرع ما تحولت (لا تصالح) إلى قصيدة قومية يرددها كل الرافضين للتنازلات التي قدمها السادات ثمناً للصلح مع إسرائيل. وكانت حِدَّة رفضه السياسي في ذلك الوقت مقرونة بالسخرية التي كانت تدفعه إلى كتابة أسطر من قبيل:

    أيها السادة: لم يبقَ انتظارْ
    قد منعنا جزيةَ الصمت لمملوكٍ وعَبْدْ
    وقطعنا شعرةَ الوالي (ابن هند)
    ليس ما نخسره الآنَ...
    سوى الرحلة من مقهى لمقهى
    ومن عارٍ لعَارْ!!

    وقد عرفت أمل شخصياً مع نهاية الستينات, شدتني إليه قصائده التي كان ينشرها في مجلة (الكاتب) القاهرية, ومنها قصيدة (أشياء تحدث في الليل) التي كانت تعرية للفساد المتقنع في زمن عبدالناصر, وجاءت قصائد الهزيمة التي تركت في نفسي أعمق الأثر, ونكأت الجراح التي ظلت مفتوحة, فاقتربنا بعد أن تعارفنا بواسطة أصدقاء مشتركين, وأصبحنا صديقين نزداد قرباً يوماً بعد يوم, ويكتشف كل منا في صاحبه ما يزيده احتراماً له واقتناعاً بقيمته. وأسهمت (الجمعية الأدبية المصرية) التي كانت تضم صلاح عبدالصبور وفاروق خورشيد وعز الدين إسماعيل وعبدالرحمن فهمي وأحمد زكي في ترسيخ جذور هذه الصداقة, فقد كنا نلتقي في لقاءات الجمعية الأدبية, ونخرج سوياً بعد انتهاء الندوة أو الأمسية الشعرية التي غدونا طرفاً فيها, أمل بشعره وأنا بنقدي, وننطلق إلى وسط القاهرة, نتصعلك إلى اقتراب الصباح.
    وقد جذبتني صفات أمل الشخصية: الحس العالي بالرجولة, الكرامة التي لا تقبل التنازل مهما كان هيناً, الاعتزاز بالنفس إلى أبعد حد, الترفع عن الصغائر, الوفاء النادر, الإخلاص الحقيقي, المحبة الخالصة, النهم المعرفي الذي لا يهدأ, روح الانطلاق التي لا تعرف السكون, رغبة المغامرة التي لا تخشى شيئاً, الوعي السياسي القومي الذي لا يقبل المهادنة ويرفض الاستسلام, احتقار المال على رغم الحاجة إليه, تقديس الشعر بصفته الفرح المختلس الذي يمنح الحياة معنى, الجسارة المتناهية في كتابته, والشجاعة القصوى في التعبير عن الرأي أو السلوك مهما كانت العقبات.
    وكنت أجد في أمل ما افتقده في تكويني الأكاديمي العقلاني الذي كشف لي عن بعض انغلاقه, خصوصاً حين كان لا يكف عن مشاكستي لإيثاري العزلة بين كتبي, مؤكداً لي أن لا نجاح حقيقياً للناقد الذي أَنْطَوي عليه إلا بخوض نار التجربة الحية للدنيا التي تدعونا إلى مواجهتها والمغامرة فيها. ولم يكن يتردد في انتزاعي من عملي العلمي, قبل مشغلة المناصب والعمل العام, خصوصاً إذا لاحظ إرهاقي من القراءة أو الكتابة, فيصحبني في جولاته الليلية التي لا تنتهي, كاشفاً لي عن خبايا القاهرة التي عرفتها معه, وعن المعادن المختلفة للبشر الذين خبرت منهم الكثير بفضله.
    أما هو فكان يجد في شخصيتي - في ما يبدو - بعض ما افتقد هو إليه, فتعمقت صداقتنا التي لم تعرف الخصام يوماً, ولا المشاجرة, الأمر الذي كان يثير عجب من حولنا, ودفع بعض أصدقائنا المشتركين إلى حسدي على أنني الوحيد الذي لم يتعارك معه أمل, أو يصطدم به, أو يختلف معه اختلاف مقاطعة. وما أكثر ما كان أمل يتعارك ويصطدم ويختلف ويقاطع, وما أكثر الذين خاصمهم وخاصموه, والذين ناصبوه العداء بسبب حِدَّته الجارحة في التعامل معهم. وكان ذلك بسبب طبعه الناري وحدِّية شخصيته التي لم تكن تقبل أنصاف الحلول, أو تتسامح مع المناطق الرمادية, فمع أمل إما أن تكون منتسباً إلى اللون الأبيض الناصع فكرياً وإنسانياً وإبداعياً وسياسياً أو إلى اللون الأسود القاتم, ولا وسائط أو مناطق وسطى, ولا تسامح مع البين بين أو المواقف المترددة, فالجنوبيّ الذي انطوى عليه أمل كان أشبه في صلابة حدِّيته بغرانيت المعابد الفرعونية التي تجوّل بينها, صبيّاً, في أقصى الجنوب.
    لقد اختار الكتابة, وأدرك أن كتابة الشعر هي الفرح المختلس في الواقع المختل, وآمن أن الفرح المختلس لا يكتمل إلا بالصدق الجارح, حتى لو صادرت العسس ما كتبه, أو غضب الغاضبون, فالخيانة للنفس هي التخلّي عن حَدِّية الصِّدْق من أجل المجاملة, أو من أجل مكسب سريع. وكان عليه - كي يحافظ على صلابته الداخلية - أن يستغني عن الكثير من الضروريات, فلم يمتلك سكناً, أو يعرف منزلاً دائماً, ولم يؤثّث بيتاً, ولم يستعبد نفسه بوظيفة تفرض عليه تنازلاً أو مهادنة, ولم يسع وراء المال الذي لم يكن يتحصّل منه إلا على ما يقيم الأوَد, ولم يكن يخجل من الاقتراض من أصدقائه القريبين مع علمه وعلمهم أن القرض لن يردّ, ولم يستطع أن يقدم هدية متواضعة لخطيبته إلا بعد أن باع قطعة أرض ورثها عن أبيه في بلدته, وظل على حذر دائم من الأغنياء, معتزّاً بفقره والفقراء, شعاره:

    هذه الأرض حسناء, زينتها الفقراء, لهم تتطيبُ
    يعطونها الحُبَّ, تعطيهم النسل والكبرياء

    فكان أحد الفقراء الذين يعيشون مغتربـين, أو يتكدّسـون - في صرخة الجوع - فوق الفراش الخشن.
    ولذلك تعاطف مع شخصية أبي نواس الشاعر العباسي في قصيدته الشهيرة (من أوراق أبي نواس). ورأى فيه بعض الوجه القديم لتمرده, وبعض المعاناة القديمة للوضع الهامشي المعاصر, وبعض التمرد في كتابة الشعر - الفرح المختلس الذي كانت تصادره العسس.
    ولكن أمل دنقل لم يؤمن بتقية أبي نواس, حتى وان شاركه بعض الخصال, فقد كان قادراً على أن يقول ما لا يقال, وما لا يجرؤ غيره أن يقوله. وكنت أسأل نفسي, أحياناً, من أين تأتيه كل هذه الجسارة? وكانت الإجابة سهلة: من توهج الروح الأَبِيَّة, وشجاعة القلب الذي لا يعرف الخوف, واستغنائه عن الحرص الذي أذلّ أعناق الرجال, ومن حب مصر الذي ظل يتدفق بين الشرايين والأفئدة, الحب الذي دفعه إلى رفض النزوح, أيام الهجرة الكبيرة للمثقفين المصريين الذين تركوا مصر في زمن السادات, إيثاراً للسلامة, أو طلباً للأمان, أو بحثاً عن المال. وظل هو في مصر التي لم يفارقها إلا مرة واحدة في حياته, لحضور مؤتمر شعري في بيروت سنة 1981, إن لم تخن الذاكرة, وظل متمسكاً بالبقاء, معلناً أن البقاء في ذاته مقاومة لفساد العصر الساداتي, وأنه لا معنى لأي فعل من أفعال الرفض خارج الوطن, فمن يريد تغيير الوطن عليه البدء من داخل شبكة العلاقات المعقدة لواقعه.
    ولذلك جاءت قصيدته (مقابلة خاصة مع ابن نوح) تجسيداً لموقفه المصرِّ على البقاء في الوطن, ومحاولة تغييره من داخله, من دون التخلّي عنه بالنزوح منه.
    وانبنت القصيدة على قطبين متضادين, كعادته في الكثير من شعره, قطب النزوح الذي اختار ممثلوه النجاة من الطوفان بسفينة نوح, وقطب البقاء الذي اختار أصحابه محاربة الطوفان, وعدم التخلي عن الوطن حتى لو فقدوا حياتهم. -

    جريدة (الحياة) لندن (15/5/2002 )
    [/size]
                  

07-23-2003, 11:28 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)


    خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين

    ها أنت تسترخي أخيراً
    فوداعاً
    يا صلاح الدين
    يا أيها الطبل البدائي الذي تراقص الموتى
    على إيقاعه المجنون
    يا قارب الفلين
    للعرب الغرقى الذين شتتتهم سفن القراصنة
    وأدركتهم لعنة الفراعنة
    وسنة .. بعد سنة
    صارت لهم " حطين"
    تميمة الطفل، وأكسير الغد العنين

    (جبال التوباد حياك الحيا)
    (وسقا الله ثرانا الأجنبي)

    مرت خيول الترك
    مرت خيول الشرك
    مرت خيول الملك - النسر
    مرت خيول التتر الباقين
    ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادين المراهنة
    نموت تحت الأحصنة
    و أنت في المذياع، في جرائد التهوين
    تستوقف الفارين
    تخطب فيهم صائحاً : " حطين"
    وترتدي العقال تارة
    وترتدي ملابس الفدائئين
    وتشرب الشاي مع الجنود
    في المعسكرات الخشنة

    وترفع الراية،
    حتى تسترد المدن المرتهنة
    وتطلق النار على جوادك المسكين
    حتى سقطت - أيها الزعيم
    واغتالتك أيدي الكهنة.

    ***

    (وطني لو شغلت بالخلد عنه ..)
    (نازعتني - لمجلس الأمن- نفسي)

    ***

    نم يا صلاح الدين
    نم ... تتدلى فوق قبرك الورود
    كالمظليين
    ونحن ساهرون في نافذة الحنين
    نقشر التفاح بالسكين
    ونسأل الله "القروض الحسن"
    فاتحة :
    آمين .

                  

07-24-2003, 00:38 AM

abuguta
<aabuguta
تاريخ التسجيل: 04-20-2003
مجموع المشاركات: 8276

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    سلفر
    هذا هو دنقل
    عاش بطل ومات بطل
    فمتى يعى شعراء
    البلاط شعره
    ومتى يصل
    فنحن نعيش
    فى زمن الساسة
    العرب
    والشاعر الذى يمدحهم
    هو الفحل
    ومن فارقهم ياكل
    البصل
    ويموت كما مات
    دنقل
    وما حصل
    وماحصل
    شاعر
    تركهم لكى
    يموت
    ميت
    البطل

    تسلم ياشفيف
    نحن فى انتظار
    البقية من الاخوان
                  

07-24-2003, 05:02 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)


    الرائع سلفر

    رحمه الله الشاعر النوبى المصرى أمل دنقل وفكره جيدة للتوثيق واكون مشكورا لك لو سمعنا قصيدتة لا تصالح بصوتة

                  

07-24-2003, 09:47 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    الغالي ابوقوتة
    التحية لك اينما كنت
    والشعراء هكذا دابهم يا صديقي
    ياتي الشعراء ويموتون غرباء

    *************

    الصديق الشريف
    لك تحية اخوية صادقة
    ولك كل الود
    وللاسف لم اجد هذة القصيدة بصوتة حتي الان

    ودمتم
    ********


    نوع من التطهر الأرسطي



    محمود أمين العالم
    (مصر)




    أمل دنقل من أعمق وأفعل وأكثر شعراء الرفض في أدبنا المعاصر، أكثرهم جدارة ووضوحا وحسما، وهذا ما دفع بعض الكتاب إلي اعتبار أن أشعاره يغلب عليها الجانب السياسي والإيديولوجي، وقد يكون هذا صحيحا ولكن في تقديري لم تكن هذه المضامين السياسية انعكاسا مباشرا لوقائع ولكنها كانت تعبيرا فنيا، والرفض في شعره كان معالجا معالجة شعرية رفيعة.
    وقد وجه إلي أمل دنقل في أواخر المرحلة الناصرية وبدايات المرحلة الساداتية اتهامات بكون شعره ذا طابع سياسي صرف، وفي تلك الفترة يبرز الاتجاه إلي (الحداثة الجديدة) التي تغلب الطابع الفني الخالص وأبرز ممثليها أدونيس ولكني أزعم أن شعر أمل رغم طابعه السياسي كان مصاغا صياغة فنية رفيعة، ولهذا ففي هذه المرحلة انطبع النقد الحاد والرفض الحاد الذي وجهه أمل إلي الواقع ليس حتى إلي الواقع المباشر، بل إلي الرؤية المستقبلية إلي الواقع المباشر، الواقع البعيد الذي كان يحذر منه.
    أكاد أقول إن عيونه الشعرية أقرب إلي عيون زرقاء اليمامة، كان يري البعيد في مأساته ويحذر منه في شعره سواء في أواخر مرحلة عبدالناصر فضلا عن مرحلة السادات. ولو تأملنا أهم قصائده سنجد فيها هذا النذير لما سوف يحدث ويتفاقم مستقبلا. (كلمات سبارتاكوس الأخيرة)، (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة)، (تعليقا على ما حدث)، (أغنية الكعكة الحجرية)، وأخيرا.، (لا تصالح).
    كان الصوت في هذا الوقت جهيرا حادا قاطعا ضد ما يحدث ونذيرا لما سوف تتفاقم إليه الأوضاع في المستقبل، كان يقول هذا الشعر وسط تيارات الحداثة التشكيلية الجديدة، والكثير من الأصوات الحداثية التي لن تكن تدرك فداحة المأساة القائمة وتفاقمهم في المستقبل، وكل هذا استطاع ان يغطي علي شعر أمل دنقل.. أتذكر انه في تلك الفترة كان هناك مؤتمر للشعر في بيروت وكان هناك هجوم من جانب شعراء الحداثة الجديدة على أشعار أمل باعتبارها ذات طبيعة حادة، ولهذا لم يبرز أمل بشكل كاف رغم الاحترام والتقدير الذي يكنه له الشعراء والنقاد.
    أما اليوم فقد برزت المأساة بشكل بارز، وهي المأساة التي تنبأ بها وحذر منها.. فعندما رفض الصلح مع إسرائيل في لا تصالح.. لم نصغ إلى رفضه، اعترفنا بإسرائيل فضاعت فلسطين، وفي هذه المرحلة التي تحققت فيها نبوءات أمل في ابرز صورها فمن الطبيعي ان يبرز هذا الصوت النذير والنبوءة.. الى جانب أيضا بعض الأصوات الأخرى، وقد يكون هذا الاهتمام كنزع من 'التطهر الارسطي' كما في المسرح، كما انه يعيد الجدل حول الصراع القديم حول الشكل والمضمون ويبين أن الشعر معركة وقضية ومعجون بحركة الحياة والتاريخ ومنشغل بالقضايا الكبرى.
    واتمني ألا نجعل من الاحتفال به وبشعره مجرد مرثية لمرحلة ولمأساة تحققت ونحاول ان نواجهها الآن بحثا عن إجابة.
                  

07-25-2003, 01:47 AM

رقية وراق

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 1110

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    الأخ سلفر ،

    لك التحية والتقدير . هذا مجهود كبير يستحق الاشادة.
                  

07-25-2003, 02:49 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    رقية وراق
    التحية والاحترام
    لحضورك
    وهكذا امل دنقل
    يجتمع حولة
    كل من يهوي الانسانية
                  

07-25-2003, 03:04 PM

KANDAKE
<aKANDAKE
تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    Thanks Silver this is a real oasis.
    kandake
                  

07-27-2003, 00:55 AM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

    الكانداكا
    تحياتي وشكري
    لك
    مع الاستمتاع بهذة المجموعة


    الرجاء اقفال قصيدة الطيور والضغط بالتتبابع














     2



    3



    4


     

                  

07-29-2003, 06:10 PM

سلفر

تاريخ التسجيل: 03-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملف شبة توثيقي عن امل دنقل وقصيدة بصوتة (Re: سلفر)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de