|
|
 طالبة يهودية اصولية
|
واشنطن: آلان كوبرمان *
عندما تسلمت شهادة الماجستير في الدراسات اللاهوتية الشهر الماضي، قبلت الطالبة الاميركية راشيل فيش الدبلوم من عميد كلية الدراسات اللاهوتية وسلمته في ذات اللحظة 130 صفحة من بحثها بالإضافة الى التماس مكتوب بإعادة مبلغ 2.5 مليون دولار كان قد تبرع به الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة كمنحة لمركز بحوث تابع لجامعة هارفارد. وتناولت رسالة الماجستير ما اعتبرته فيش «الدعاية المعادية لليهود والولايات المتحدة من جانب مركز زايد العالمي للتنسيق والمتابعة». وحثت راشيل فيش في التماسها جامعة هارفارد على إعادة منحة الشيخ زايد الذي اطلق اسمه على مركز البحوث في هارفارد.
واحدثت فيش، 23 سنة، خلال فترة الستة اشهر الماضية، ضجة حول التبرع الذي قدمه الشيخ زايد للمركز قبل ثلاث سنوات وخصص لنيل درجة الاستاذية في الدراسات الاسلامية.
وقالت متحدثة باسم جامعة هارفارد ان الجهة المعنية بقبول المنح اوقفت فيما يعكف كل من عميد كلية الدراسات اللاهوتية، ويليام غراهام، ومدير الجامعة، لورانس سامارز، على دراسة علاقات الشيخ زايد بمركز البحوث المذكور والنظر في موقف الجامعة.
وادخلت راشيل فيش جامعة هارفارد في مأزق حقيقي، فعلى الرغم من ان قيمة الاصول المملوكة لجامعة هارفاد تقدر بـ17.5 مليار دولار، قال اعضاء كلية الدراسات اللاهوتية ان مبلغ 2.5 مليون دولار الذي تبرع به الشيخ زايد ليس مبلغا بسيطا بالنسبة للكلية التي تعتبر اصغر كليات جامعة هارفارد، اذ يبلغ عدد طلابها 475 وهيئة التدريس والموظفين فيها 39 شخصا. يضاف الى ما سبق فان إعادة تبرع الشيخ زايد ربما يبدو وكأنه اقرار بأن مسؤولي الجامعة لا يدققون عادة في المنح المقدمة لكلياتها. وربما تترتب على هذه القضية عواقب دبلوماسية ايضا اذا رفض سامارز علنا هبة من زعيم لدولة حليفة للولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب. ومن جانبه قال عبد الله السبوسي، المتحدث باسم سفارة دولة الامارات العربية المتحدة في واشنطن، ان الذي يعرف الشيخ زايد يعرف جيدا كرمه وسخاءه ويعرف ايضا انه ليس معاديا للسامية. كما اكد ان رفض هذا التبرع لا يبدو تصرفا سليما. واعرب المتحدث باسم سفارة دولة الامارات عن امله في ألا يصل الامر الى رفض المنحة التي قدمها الشيخ زايد للمركز. من ناحية اخرى، اذا قررت جامعة هارفارد قبول المنحة، فإن بعض الطلاب واعضاء هيئات التدريس والخريجين سيتهمون الجامعة بغض الطرف عما يعتبرونه «عداء» للسامية. فقد علق جون ليفينسون، استاذ الدراسات اليهودية، ان جامعة هارفارد وقعت في فخ.
جدير بالذكر ان ليفينسون واحد من سبعة من اعضاء هيئة التدريس في كلية الدراسات اللاهوتية حثوا الجامعة على إعادة التبرع الذي قدمه الشيخ زايد لمركز البحوث. وكان حوالي 8500 شخص، قد وقعوا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي على الالتماس الذي تقدمت به الطالبة راشيل فيش. وهذه ليست المرة الوحيدة التي تثير فيها راشيل فيش منحة من مؤسسة تعليمية. فعندما كانت طالبة في المرحلة الابتدائية في جونسون سيتي بولاية تينيسي، كان الاستاذ يبدأ تدريسه يوميا بدعاء مسيحي. وعلى الرغم من ان راشيل فيش لم تكن في سن تسمح لها بفهم قرار المحكمة العليا الاميركية في ذلك الوقت بحظر الدعاء والصلاة المنظمة في المدارس، فإنها كانت تعرف انها يهودية. ظلت راشيل تجلس لبضع دقائق صباح كل يوم في مدخل المدرسة حتى ينتهي المدرس من تلاوة دعائه المسيحي الى ان قابل والدها إدارة المدرسة وحلت المشكلة بمنع الصلوات في المدرسة. وتقول راشيل ان الشخص عندما ينشأ في مدينة صغيرة بمناطق الجنوب والغرب الاوسط الاميركي، حيث تنتشر الاصولية البروتستانتية، لا بد ان يعرف هويته ومعتقداته. وعقب تخرجها من جامعة جورج واشنطن عام 2001، التحقت راشيل فيش بجامعة هارفارد لدراسة الفكر المعاصر في الاسلام واليهودية بنية الحصول على درجة الدكتوراه والعمل مستقبلا في مجال السياسة الخارجية. لكنها تقول انها وجدت في كلية الدراسات اللاهوتية ما تعتقد انه نوع متزايد من معاداة السامية، وأضافت «ان تأييد اسرائيل في اكثر كليات الجامعة ليبرالية ينظر اليه البعض بصورة سلبية، فيما يعتبر البعض ايضا تأييد اسرائيل معادلا للعداء للفلسطينيين» وقالت ان هذين التفسيرين خاطئان. وكانت فيش قد نظمت في ديسمبر (كانون الاول) الماضي حلقة نقاش حول هذه القضية وعرفت لأول مرة في تلك المناسبة عن منحة الشيخ زايد بن سلطان لمركز الابحاث الذي يحمل اسمه بالجامعة، اذ تطرق لهذا الموضوع تشارلس جيكوب، المستشار الإداري ببوسطن الذي يدير منظمة تعنى بمكافحة العداء العالمي الجديد للسامية في العالم. وقالت راشيل فيش انها بدأت تحريا على شبكة الانترنت وتوصلت الى ان مركز زايد يروج الى تكذيب محرقة النازية ضد اليهود والترويج لنظريات المؤامرة ضد الولايات المتحدة وبعض انواع التشهير التي كانت سائدة في العصور الوسطى ضد اليهود. وقالت ايضا ان المركز استضاف في ابريل (نيسان) 2002 الكاتب الفرنسي تيري ميسان واصدر ترجمة عربية لكتابه «الاحتيال الفظيع» الذي يزعم ان ضباطا عسكريين اميركيين هم الذين دبروا هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001.
عميد كلية الدراسات اللاهوتية ومدير جامعة هارفارد رفضا الإجابة عن الاسئلة التي طرحت عليهما، إلا ان عميد الكلية، ويليام غراهام، وصف في بيان اصدره بعض نشاطات المركز بأنها «عدوانية للغاية» وقال ان جامعة هارفارد بدأت «تحقيقا في وجود أي علاقات محتملة بين برامج المركز والشيخ زايد»، على حد ما ذكر البيان. وقالت راشيل فيش ان مسؤولي الجامعة قد تحروا حول ما اذا كانت هناك أي مسؤولية للشيخ زايد على المركز، واشارت الى ان سلطان بن زايد، نجل الشيخ زايد ونائب رئيس الوزراء الاماراتي، هو الذي يترأس المركز. واشارت ايضا الى ان حرم الشيخ زايد دفعت 50 ألف دولار عام 1998 للدفاع عن المفكر الفرنسي روجيه غارودي الذي شكك في حقيقة ما يتردد عن محرقة النازية لليهود. من جانبه قال المتحدث باسم سفارة دولة الامارات في واشنطن ان مركز الابحاث المشار اليه «لا صلة له بأي صورة بالشيخ زايد او بحكومة دولة الامارات»، مؤكدا انها مؤسسة مستقلة اسست عام 1999 بواسطة جامعة الدول العربية، كما اوضح ايضا ان الشيخ سلطان بن زايد يلعب دورا تشريفيا بوصفه رئيسا للمركز، إلا ان القرارات الخاصة ببرامج المركز يتخذها طاقم المركز نفسه. واشار المتحدث باسم سفارة دولة الامارات في واشنطن الى ان المركز سبق ان وجه دعوات الى الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر ونائب الرئيس الاميركي السابق آل غور ووزير الخارجية السابق جيمس بيكر ونيل بوش، الشقيق الاصغر للرئيس جورج بوش. وقال جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الاميركي بواشنطن، انه على قناعة بأن مساحة واسعة تفصل بين الشيخ زايد وبرامج المركز. وأضاف انه باستخدام مثل هذه المزاعم يمكن تشويه سمعة أي سياسي او مؤسسة. وقال زغبي ان حملة راشيل فيش تفوح منها رائحة «الاستهداف» وان الغرض منها التشويه وإيجاد منهج مكارثي يهدف الى تخويف الناس من الارتباط بأي دولة عربية او اعمال عربية او قادة عرب.
مدير الحملة العالمية ضد معاداة السامية قال من جانبه ان المدافعين عن الشيخ زايد جعلوا من المركز وكأنه حالة غريبة ومعزولة في الوقت الذي يعتبر فيه مركزا بارزا تموله الدولة ويعمل تحت رعاية جامعة الدول العربية. وقال انه لم يحدث ان التقى راشيل فيش قبل ان يتحدث بجامعة هارفارد العام الماضي، لكنه ابدى انبهارا واضحا عقب تعاقده معها هذا الشهر بغرض فتح مكتب لمشروعه الذي يعنى بمحاربة العداء للسامية. وقالت راشيل فيش انها عائدة الى هارفارد مرة اخرى، مؤكدة ان تخرجها لا يعني انها ستترك هذه القضية.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
|
|
 
|
|
|
|
bayan
ابو جهينة
shiry
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست