كالعادة أتجول لساعات طويلة في العديد من المواقع الثقافية التي تعنى بالكتابة الإبداعية بمختلف أنماطها من شعر وقصة ورواية ونقد ودراسات وغير ذلك مما ينتمي لحقل الكتابة في تجلياتها المعرفية لأخرج، في كل مرة بحالتين شعوريتين الأولى حالة من الفرح المجيد والمتعة العالية لهذا العطاء الإنساني المفتوح الذي أتاحته لنا الإنترنت وردمها السخي للعديد من مستنقعات الرقابة المتوفرة اكثر من الغذاء في بلداننا كي نقرأ عبرها ما هو مطبوع على الورق وما هو خارج سلطة الورق في حد ذاتها، فقط يحمل لغته وإبداعاته المتجاوزة، حافراً على صلصال المعرفة أضافته ومواكبته السريعة لكافة قنوات هذا الفضاء المفتوح والمتجدد على مدار الثانية وخارج رهان الإصدارات السجينة في اليوم والشهر والفصل والحالة الثانية والتي على النقيض تماماً، حالة لا تخلو من حزن لغياب أو ندرة حضور المبدع السوداني ونماذجه الرائعة في أجناس الكتابة المختلفة في تلك المواقع وهي ذات الحالة التي كان عليها المبدع السوداني قبل الإنترنت ، ضنين في نشر أعماله خارج الإصدارات السودانية المتقوقعة داخل المدن السودانية ولا تتجاوزها حتى للقرى السودانية ناهيك عن الخارج ودوائر الاتصال الأخرى، وربما كان لغياب المبدع في ذلك الوقت بعض المبررات المعقولة ذات الصلة بالرقابة على كل شئ ومصادرته إن كان ذلك على مستوى الصادر من منتجات المبدعين السودانيين الثقافية أو على مستوى الوارد من منتجات الخارج الثقافية وأيضا شبه احتكارية الدولة لوقت طويل لدور النشر والتوزيع المتعلقة بالنشاط الثقافي وموارد تلك المؤسسات الشحيحة والخطوط الحمراء التي تعمل داخلها إضافة لكل ذلك الحالة الاقتصادية وضعف القوة الشرائية التي تجعل الكاتب يفكر ألف مرة ويعيش في صراع بين القيمة المالية لإرسال مادة بالبريد العادي وقد تصادر أو شراء كتاب أو إصدارة ثقافية وبين الاحتياجات اليومية لشراء القلم وشراء الدفتر والورق وركوب المواصلات والأكل والشراب والعلاج …. إلى آخر مدن الفقر ! ومن الملاحظ النشاط العالي جدا في داخل السودان بالنسبة لسوق كتب الأرض " الكتاب المستعمل " ، فالمبدع يبيع كتبه لدواعي الفقر وربما السفر والهروب من جحيم الداخل وأيضا المبدع يشتري كتبه من الأرض لدواعي الفقر مع أن بائعي هذه الكتب توفرت لديهم خبرة كافية من خلال هذه الأسباب وهذا الإقبال من قبل أسماء معروفة في حقل الممارسة الإبداعية وتوفرت لديهم القدرة على معرفة الكتب الجيدة وصاروا يتركون بينهم والكتاب الجديد هامشاً ضئيلا جدا، إذن معاناة مثل هذه وغيرها حتما تعوق المبدع من التواصل وفق الشروط والوسائل القديمة وطبيعة النشر السابقة، أما الآن وقد كنست الإنترنت الكثير جدا من العناء ومن بنود الإنفاق ومن عدم القدرة على المتابعة ومن أشكال الرقابة السلطوية ومن الشللية فلم يعد مع المبدعين المبرر والعذر الكافي لعدم توصيل صوت مساهمة الكتابة السودانية وإبداعاتها لكافة المنابر المتاحة باللغة العربية والإنجليزية وغير ذلك من اللغات والكثير من الإصدارات تصدر بأكثر من لغة وتتولى الجهات المعنية فيها ترجمة الأعمال الإبداعية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كما يمكن الاطلاع على هذا المقال هنا http://www.omdorman.com/pages/kitaba.htm
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة