|
|
 Re: مقالات ... قضايا .. وأفكار.. افتح ولن تندم (Re: Yasir Elsharif)
|
لقاء بصحيفة البيان مع الدكتور منصور خالد
ـ زيارتك القصيرة للسودان عقب انتفاضة ابريل اثارت بعدك جدلا واسعاً تابعته من على البعد.. الجدل اثير ـ طبعاً ـ لعلاقتك بنميري الوطيدة، ومشاركتك في الحكم بشكل ايجابي وفي مواقع متقدمة نسأل عن ابعاد هذه العلاقة سلط مزيداً من الضوء على هذه الشخصية؟ ـ عن نميري كتبت كتاباً كاملاً «السودان في النفق المظلم» نعم في الرجل صفات حميدة على المستوى الشخصي، منها انه جم التواضع وفي هذا المقام لن أقول فيه ما قال تشرشل عن كلمنت اتيلي: «رجل متواضع وبه كثير مما يستوجب التواضع».
التواضع صفة حميدة. الا انها لا تعني شيئاً في الشأن العام. لهذا ابادر واضيف بأن اكبر محمدة لنميري في الشأن العام هي قدرته على اتخاذ القرار الصعب. بيد ان تلك المحمدة تنتقص منها خصلتان الاولى عجزه عن ادراك النتائج المترتبة على قراراته مما يحمله على اتخاذ القرار والقرار النقيض بنفس الجرأة وبقدر كبير من الاستهانة، تلك خصلة قد يعذر عليها نميري لانها طبيعية، حجة الاسلام الغزالي يسمى ذلك الطبع «ضيق الوعاء».
الثانية هي تنكره لقراراته الخاطئة ونسبتها لغيره في حين يزدهي بكل ما هو محل رضا وقبول. هذا النوع من الرؤساء كثيرا ما ذكرني بيوثانت الامين العام للامم المتحدة في الستينيات. كنت في اسفل الدرج في الامانة العامة «الادارة القانونية» بنيويورك، وكلفني رئيسي المباشر باعداد مذكرة حول كاتنقا. لقلة المرأس لم ادقق في بعض ما اوردت من حقائق ولحسن ظن رئيسي بي رفع المذكرة الى الامين العام دون تدقيق من جانبه، ردت الينا المذكرة في صبيحة اليوم التالي بتعليق من يوثانت تعلمت منه شيئين: الاول هو الحرص على التدقيق في البحث واثبات ما اقول بحجة يوثق بها.
اما الثاني فهو الا انسب خطأي لغيري خاصة ان كان ذلك الغير لا يملك ما يدفع به الاتهام عن نفسه. قال يوثانت: «الامين العام ينال الثناء على جهدكم ولهذا فهو وحده الذي سيتحمل وزر اخطائكم، ولكن عليكم ان تتذكروا ان اخطاءكم اخطاء في حين خطئي حماقة. تعليق يوثانت استدعى الى الذاكرة ْ مداخلة بليغة في برلمان السودان الاول لابراهيم احمد اثر هجوم احد الاعضاء على موظفي وزارة المالية، قال ابراهيم «ارجو ان تكفوا عن مهاجمة الموظفين لانهم ليسوا بينكم حتى يدافعوا عن انفسهم، النقد يوجه لي».
لا انكر صداقة نميري طوال فترة مايو التي قضيتها معه، كما لا انكر فضله على المستوى العام.. ذلك كان في اتاحته الفرصة لي لتحقيق ما اصبو اليه، لاسيما فيما يتعلق بقضية الجنوب، ومن المفارقات ان تكون قضية الجنوب «الغاء اتفاقية اديس ابابا» هي ايضا سبب انتباذي مكانا عنه قصيا. ذلك الحدث هو اصدق دليل على ان الرجل لا يدرك النتائج المترتبة على قراراته، وان عرف فلا يكترث.
تأمل ما سعى نميري لان يسوق به تحالف قوى الشعب العاملة عند عودته الى السودان هو نجاح ذلك التحالف في تحقيق السلام في الجنوب لم يستذكر الرجل ولو للحظة واحدة المياه ـ بل الدماء ـ التي سالت تحت الجسر منذ الغائه لذلك الاتفاق.. لا احسبه قد تناسى عمدا قرار الغاء الاتفاق، ولكن الوعاء لم يتسع لموضوعين في آن واحد.
اعلام النظام الشمولي
ـ كانت تحيط بنميري هالة اعلامية ضخمة كانت كل الاضواء مركزة عليه لعل ذلك هو ما كان له تأثير سلبي على تصرفاته وعلى قراراته ما تعليقك؟ ـ الهالة الاعلامية لم يصنعها اعلام نميري وحده، ولكن لنكن جادين وصادقين في هذا. الهالة الاعلامية صنعها الاعلام المصري لنميري رفيق ناصر «بالروح بالدم نفديك ياجمال» وبـ «الروح والدم نفديك يانميري» ولعل هناك اخرين اعرف بهم كانت تحييهم الجماهير بمثل هذا الهتاف، تلك هتافات مسكرة يتجاوز معها البعض حد الانتشاء العابر الى الادمان، خاصة ان افتقد الحس التاريخي. جاء عمر بن الخطاب يوم ان ساد الناس اجمعين، انتبر عمر «اعتلى المنبر» على غير ميعاد ليقول «ايها الناس لقد عرفتموني ارعى غنم خالات لي من بني مخزوم» ثم هبط.
ظن الملأ الذي اجتمع اليه بأن داهية اصابت امير المؤمنين، فسأله عبدالرحمن بن عوف «ما خطبك يا امير المؤمنين؟» قال الفاروق: «اويت الى نفسي البارحة، فقالت لي ياعمر انت امير كل الناس، وما فوقك الا الله، فقلت لاحدثن نفسي عن اصلها امام الناس» هذا الحس لن تجده عند الزعيم الاوحد او المناضل الاكبر او غير ذلك من افعل التفضيل التي تلحق بمن لا فضل لهم في الاساس. اعلام مايو ينظر اليه في هذا الاطار. اعلام شمولي، وقائده تجسيد لتلك الشمولية. كان ذلك هو الحال في السودان او مصر او العراق او البانيا او جمهوريات الاتحاد السوفييتي. تعود بي الذاكرة الى قصة طريفة مع نميري ابان زيارته الرسمية الاولى للمملكة المتحدة كنت اجلس بجانبه في مقر اقامته بفندق الدورشستر بعد يوم حافل توج بالغداء مع الملكة. اتجهت يدي الى التلفاز new قبيل العاشرة لادير قرص القناة نحو الثالثة، لكيما استمع الى نشرة اخبار العاشرة، وهي نشرة حافلة ضافية الغيث قبل عامين، سألني نميري ان كانت تلك النشرة at ten، الرئيسية؟ فقلت: نعم، وجاء المذيع ليروي لنا حصيلة اليوم من الانباء والتي كان اقلها اهمية الاخبار الداخلية لاشك في ان الرئيس القائد افتقد شيئا في تلك النشرة.
الباقي هناhttp://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?t=56
| |
 
|
|
|
|
Yasir Elsharif
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست