حوارات صحفية مع د. الشفيع خضر سعيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 01:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-17-2003, 08:46 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حوارات صحفية مع د. الشفيع خضر سعيد

    نقلاً عن صحيفة الأضواء السودانية

    14 يونيو 2003

    حاوره الأستاذ كمال حسن بخيت

    لقاء صحفي مع د. الشفيع خضر سعيد


    س1- في أواخر الديمقراطية الثالثة كان السودان يشهد تدهورا مستمرا...إقتصاديا وسياسيا وأمنيا..مما جعل الكثيرين يتوقعون حدوث فوضى..ما هي مآخذ الحزب الشيوعي السوداني على النظام الديمقراطي الذي أعقب الإنتفاضة؟

    ج1- أعتقد أن الإشارة الواردة في السؤال حول التدهور المستمر، أمنيا وسياسيا واقتصاديا في السودان إبان الديمقراطية الثالثة، وحول توقع الفوضى في البلاد، أعتقد أنها ستكون غير دقيقة إذا لم تأخذ في الحسبان عدة عوامل، بعضها متعلق بتجربة الديمقراطية الثالثة وأخرى متعلقة بفشل النظام الديمقراطي في البلاد منذ الاستقلال. إذ أن التناول التقريري البحت لأزمة الديمقراطية الثالثة وتوقع الفوضى..الخ سيكون أشبه بما جاء في بيان إنقلاب 30 يونيو 1989 الذي أعلن أنه جاء لوقف التدهور وحسم الفوضى وانقاذ البلاد...فكانت النتيجة أنه أدخل الوطن في كارثة ومأزق مأساوي خانق. وأنا متأكد أنك تتفق معي بأن أزمات النظام الديمقراطي لا يمكن معالجتها بمصادرة الديمقراطية، بل بمزيد من الديمقراطية، ومزيد من الاصلاح للنظام السياسي الديمقراطي. صحيح أن تلك الفترة شهدت العديد من العواصف والأزمات، لكن لا تنسى أن الديمقراطية الثالثة كان عمرها فقط ثلاث سنوات وشهرين! وأنها جاءت بعد فترة انتقال فاشلة استمرت سنة واحدة، وأنها ورثت خرابا شاملا من نظام مايو..الخ. ورغم ذلك فإن تباشير الخروج من ذلك المأزق كانت تتشكل وتتخلق في سياق الممارسة الديمقراطية. فقط فلنتذكر معا أن التحضيرات النهائية لوقف الحرب الأهلية وعقد المؤتمر الدستوري كانت تجري على قدم وساق وبمشاركة الحركة الشعبية، خاصة بعد تبني الجمعية التأسيسية لاتفاقية الميرغني – قرنق للسلام (17/11/198 وكان قد حدد يوم 4/7/1989 للاجتماع التحضيري الأول للمؤتمر الدستوري بمشاركة الحركة، و الذي قطع عليه الطريق انقلاب 30 يونيو! ولا أظنني سأكون متجنيا إذا قلت أن التحضيرات لانقلاب 30 يونيو كانت تشمل استمرار أجواء الفوضى وعدم الاستقرار، أي أجواء التآمر على الديمقراطية. من زاوية أخرى، فإن مواثيق انتفاضة أبريل 1985، بما حوته من مضامين، كانت حتما ستساعد تطور الحركة الجماهيرية في إحداث تغيير نوعي، كما طرحت مؤشرات عامة لنمط جديد من الممارسة الديمقراطية والسياسية مثل اقتراح المؤتمر الدستوري، المؤتمر القومي الاقتصادي، والدعوة لإعطاء وزن أكبر لمناطق الوعي والقوة الحديثة في النظام البرلماني ..الخ. لكن هذه العملية لم تتم آنذاك بسبب ضعف الشحنة الثورية للانتفاضة، وبسبب توازن القوى في تلك اللحظة، وأيضا بسبب معطيات الوضع الدولي والإقليمي المحيط بالسودان آنذاك. أي أن انتفاضة أبريل أطاحت فقط بالغطاء السياسي للنظام المايوي (السلطة) في حين لم تتمكن من تفكيك المغطى من قوانين وممارسات ومناهج عمل وبنية اقتصادية..الخ، لذلك استمر هذا (المغطى) في تفريخ نسيج غطاء سياسي جديد يعبر عن إستمرارية الأزمة، استكملت حلقاته بانقلاب 30 يونيو. ونتعلم من هذه التجربة بأن أي تغيير في السودان لا يهز في وقت واحد البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي، سيظل مشوها وناقصا ويحمل في طياته إمكانية الانتكاسة. أما المحاكمة العامة للتجربة الديمقراطية في السودان، فأعتقد من الضروري أن تضع في الاعتبار أن الأزمة السودانية ليست أزمة عابرة أو مؤقتة، وإنما هي أزمة وطنية عميقة شملت كل أوجه الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية. وهي أزمة مزمنة تمتد جذورها إلى فجر الاستقلال، لكنها تفاقمت وتعقدت بالمعالجات القاصرة والخاطئة علي أيدي القوي الاجتماعية التي شكلت الأنظمة المدنية والعسكرية التي تعاقبت علي الحكم طيلة ما يزيد عن سبع وأربعين عاماً، بحيث أننا حتى الآن لم ننجز مشروع بناء الدولة السودانية الحديثة. أضف لذلك تلك التناقضات الملازمة للممارسة السياسية في السودان منذ الاستقلال، مثل التناقضات التي تتجسد في ما عرف في الأدب السياسي السوداني بالحلقة الشريرة: انقلاب عسكري - انتفاضة - حكم ديمقراطي - انقلاب عسكري ...الخ، و التناقضات المرتبطة بالممارسة الحزبية والبرلمانية حيث الأحزاب والبرلمان مؤسسات سياسية حديثة تعبر عن واقع ما بعد الثورة الصناعية البرجوازية في أوروبا، لكن جوهرها في السودان مثقل بالطابع التقليدي المرتبط بالطائفة والقبيلة، وتلك التناقضات الناتجة من تهميش قوى مراكز الإنتاج الحديث ( القوى الحديثة ) وفى نفس الوقت تهميش قوى الأطراف ( مراكز التوتر القومي )..الخ. ومن الواضح أننا منذ الاستقلال وحتى الآن نعيش في فترة انتقال لم تنجز مهامها بعد. وفى الحقيقة فإن جوهر أهمية الفترة الانتقالية يمكن إدراكه في إطار فشل المشروع الديمقراطي في السودان والذي يأتي عقب فترات انتقال فاشلة، بمعنى لم تستكمل مهامها، و المسؤولية هنا تقع على عاتق الحركة السياسية السودانية. ولعله من أكبر خطايا الحركة السياسية السودانية هي عدم استكمال مهام فترات الانتقال بما في ذلك عقد المؤتمر الدستوري المناط به تأدية مهام ووظائف ذات طابع تأسيسي للدولة السودانية، ظلت مؤجلة ومتراكمة منذ فجر الاستقلال، أسقطتها القوى الاجتماعية السياسية التي اعتلت دست القيادة، سواء عبر الانقلاب العسكري أو الانتخاب الديمقراطي، فلم تركز إلا على مسألة السلطة وبقائها فيها، في حين اختزلت فترات الانتقال إلى حيز زمني شكلي تستثمره هذه القوى في حمى السباق على السلطة عبر الانتخابات، لتتحدث بعد ذلك بوهم وراحة نفس زائفة عن أن البلد تنعم بالديمقراطية المستقرة إلى أن يفاجئها الانقلاب

    س2- كيف كان يخطط الحزب على ضوء ذلك؟..هل كان على علم مثلا بأن هنالك من يفكر ويخطط لانقلاب؟..وهل كانوا هم يخططون لذلك؟

    ج2- لعلك تذكر شعار وحدة قوى الانتفاضة؟ كان خطنا وحدة هذه القوى وتماسكها من أجل تحقيق شعارات الانتفاضة التي كانت متمثلة في: إزالة آثار نظام مايو، وقف الحرب الأهلية، عقد المؤتمر الدستوري واصلاح النظام السياسي، وقف التدهور الاقتصادي ومخاطبة قضايا المعيشة والخدمات المختلفة، مخاطبة قضايا المهمشين في الأطراف..الخ، كنا متمسكين بشعار وحدة قوى الانتفاضة باعتباره مدخلا للإجماع الوطني حول قضايا بناء الدولة السودانية. نعم كنا على علم، استنتاجا أو معلوماتيا، بأن هنالك من يخطط للإنقضاض على الديمقراطية، وقد سعينا لنشر كل ما نعرف جماهيريا عبر صحيفة الميدان وعبر الندوات والليالي السياسية، كما قمنا رسميا بتوصيل كل ما نملك من معلومات إلى المسؤولين آنذاك، سوى على مستوى أعضاء رأس الدولة أو رئيس الوزراء أو الأجهزة المختصة.

    س3- بعد 30 يونيو خرجت كل القيادات السودانية من السودان... واختفى بعضها...بدعوى مواصلة النضال من الخارج..هل نجحت هذه السياسة؟ وماذا حققت للوطن؟ وأين سكرتير عام الحزب الشيوعي الأستاذ نقد...ما معنى إختفائه...وإلى متى؟ ألا ترى أن إختفائه أو ظهوره لا يضيف شيئا للحزب..وقادة الحزب يتحدثون في الندوات ويكتبون في الصحف علانية في الخرطوم؟

    ج3- من الواضح أن السبب المباشر لهجرة القيادات واختفاء بعضها هو تجنب البطش لكي تتمكن من العمل بحرية من أجل إزالة هذا البطش. والهجرة أو الاختفاء ليسا بدعة جديدة، وأنما هما في صميم تكتيكات وتجارب العمل المعارض للحركة السياسية السودانية. وشخصيا، لا أستطيع أن أوافق على فرض شكل أو تكتيك محدد للعمل المعارض على جميع الأطراف، فلكل قناعته الخاصة والواجب احترامها. بل أن بعض أطراف الحركة السياسية يتعامل مع مسألة الهجرة بدرجة من الإعزاز والقدسية تيمنا بهجرة الرسول (ص) من مكة إلى المدينة. كون هذه السياسة قد نجحت أم لا، فهذا موضوع طويل يقع ضمن مناقشة تقييم العمل المعارض، لكن من الواضح أن هذه القيادات وفصائلها لم تختفي من الوجود، بل ظلت تقارع النظام حتى اليوم ومن ضمن أهدافها إلغاء أي سبب للهجرة أو الاختفاء، أي أستعادة الديمقراطية. أما السؤال حول ماذا حققت هذه السياسة للوطن فأرى أن يوجه للنظام. فهو اختار إقصاء هذه القوى عن المشاركة في إدارة البلاد وقرر الانفراد وحده بالامساك بمقاليد الأمور، فكانت النتيجة حربا ودمارا وتشريدا وخرابا اقتصاديا ومعاناة في المعيشة وتوترا في كل أطراف البلاد ينذر بحرب أهلية شاملة تعم كل الوطن. بالنسبة للأستاذ نقد فهو موجود في السودان يمارس مهامه القيادية ضمن قيادة الحزب وقيادات الحركة الجماهيرية السودانية. أما إختفائه فهو أيضا ليس بدعة، وانما تكتيك مجرب يحمل الكثير من معان التضحية مارسه الأستاذ نقد والعديد من كوادر الحزب الشيوعي إبان الحكم العسكري الأول وديكتاتورية نميري واليوم، تنفيذا لقرارات قيادة الحزب حول هذا الأمر. إنه تكتيك يسمح بممارسة النشاط المعارض "بقدر من الحرية!!" رغم أنف أجهزة القمع. أما سؤالك إلى متى هذا الإختفاء، فلا أخالك تعتقد أن الإختفاء يتم برغبة ذاتية، أو هو شيئ ممتع ومريح! إنه مفروض بحكم سياسات البطش التي تسعى لتصفية العمل المعارض. صحيح أن قادة الحزب يتحدثون اليوم في الندوات والصحف..الخ، لكن هذا فرضته ظروف محددة توفرت مؤخرا في توازن القوى الحالي، ولكنه أيضا لايعني انتفاء الرغبة عند أجهزة النظام لتصفية الآخر، إذ كيف تفسر ملاحقة أجهزة الأمن لكوادر الحزب الشيوعي واعتقالهم؟ كيف تفسر حملات المداهمات التي تقوم بها هذه الأجهزة لما تعتقده "أوكارا" لنشاط الحزب؟ كيف تفسر المراقبة اللصيقة لقيادات الحزب التي أشرت إليها في سؤالك؟!

    س4- التجمع الديمقراطي كان يهدف إلى إسقاط النظام....على ماذا كان يعتمد..ماهي وسائله وأسلحته؟

    ج4- أبدأ الإجابة بسؤال يحمل وجهة نظر محددة: ماهو هدف وغاية النشاط المعارض المستمر منذ 30يونيو 89 وحتى الآن؟ هل أقصى ما كنا نطمح إليه هو إحلال سلطة جديدة محل السلطة الحالية؟ ألم يكن من الواجب أن يظل في مقدمة تفكيرنا، وباستمرار، السؤال الذي طرحته الجماهير السودانية، بشكل مباشر وعفوي، صبيحة الانقلاب: "ما هو البديل، وهل ننتفض لتعود الأزمة مرة أخرى؟ ". ومن الواضح أن هذا السؤال لم يكن بحثا عن إجابة غير معروفة أو تائهة، بل كان يحمل في طياته إجابة شافية تعبر عن رغبة جماهير الشعب السوداني في التخلص ليس فقط من نير الديكتاتورية، وإنما التخلص من خناق الأزمة الممتدة منذ فجر الاستقلال في بلادنا. كما أن الجماهير لم تتناول هذا السؤال من زاويته السلبية، وإنما انخرطت في نضال بطولي بذلت فيه تضحيات جسام، وإجابة الحركة السياسية السودانية، ممثلة في أحزابها ونقاباتها وقواتها المسلحة، كانت تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي وصياغة ميثاقه وبرنامجه وقراراته وإعلاناته المختلفة. وقد رحبت جماهير الشعب السوداني بهذه الإجابة واحتضنتها وناضلت تحت راياتها وقيادتها. ولقد ظللنا نحن في الحزب الشيوعي السوداني نتمسك بصيغة التجمع وندافع عنها تأسيساً على هذا الواقع وعلى جملة من العوامل الموضوعية منها أن صيغة التجمع واستراتيجيته نتاج التحليل الموضوعي للأزمة التي تفاقمت واستحكمت حلقاتها الأربع: وحدة السودان، السلام، الديمقراطية، والتنمية. وبالتالي فهو ليس مجرد جبهة معارضة من أجل حل إشكالية السلطة السياسية، وإنما هو وعاء يدار فيه حوار سلمي ديمقراطي لحل كافة قضايا الوطن وفق منهج جديد يصحح سلبيات الماضي ويمنع إعادة إنتاج الأزمة. والتصدي لقضية بهذا العمق يستوجب استنفار الشعب بأسره، وصيغة التجمع مساهمة فعّالة في هذا الصدد حيث ألتفت حوله الجماهير وعقدت عليه آمالها لا في الخلاص من نظام الجبهة فحسب وانما في إخراجها من أكثر من أربعين عاما من الإحباط وفي تحقيق تطلعاتها إلى وطن تترجم فيه الديمقراطية والحرية السياسية إلى حياة تزدهر ماديا وروحيا. كما أشرنا كثيرا إلى أن صيغة التجمع تنبع من التناقضات الملازمة للممارسة السياسية السودانية منذ الاستقلال والتي تجلت في ما عرف بالحلقة الشريرة (تتابع الانقلابات والانتفاضات)، ومن هنا نشأت أضلاعه الثلاثة: الأحزاب والنقابات والقوات النظامية. ولقد توحدت هذه القوى حول برنامج تلتزم فيه، وفق نظرة ناقدة لتجارب الماضي، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية لسودان ديمقراطي، يحترم التنوع والتعدد السياسي والعرقي والديني والثقافي ويحفظ حقوق وكرامة الإنسان ويضمن المساواة التامة بين أبنائه والتنمية المتوازنة لأقاليمهم ومشاركتهم العادلة في اقتسام الثروة والسلطة. ولعله أصبح في حكم المسلمات أن إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة الموحدة والمستقرة، لا يمكن أن يتم إلاّ كنتاج لمحصلة جهود كافة القوى السياسية، غض النظر عن حجمها ونفوذها، وكذلك جهود جماهير قطاع الإنتاج وجهود القطاع العسكري، وصيغة التجمع تستوعب كل هذه الجهود. وفي الحقيقة فإن مواثيق التجمع ومقرراته وحدت قوى متباينة، بل ومتعارضة، ظلت – لأسباب سياسية واجتماعية وتاريخية وإقليمية…الخ – تتخاصم وتتصارع حقبا طويلة قبل أن تقتنع بان الوطن كله أصبح في مهب الريح وان خطرا داهما يتهددها جميعا، وان التفكير السليم يقول بان ما يجمعها من مصالح أقوى مما يفرقها، وأنه آن الأوان لكيما تلتقي بجدية واخلاص لصياغة واقع جديد في السودان. أما الوسائل والأسلحة فتتلخص في الحوار واسع بين مختلف الفصائل حول الأزمة السودانية والحلول المقترحة للخروج منها، و لاشك أن قمة الإنجاز هنا تمثلت في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية. ومن الوسائل أيضا العمل على دعم توجهات الحركة الجماهيرية في الداخل، إضافة إلى أنشطة التجمع وجهوده في مجالات الإعلام وكشف انتهاكات حقوق الإنسان ومحاصرة النظام دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا. ورغم كل هذا يظل السؤال المشروع قائما: هل ما أنجزه التجمع في الخارج في خلال السنوات الماضية يرقى إلى المستوى المطلوب من حيث إرساء الدعائم اللازمة للخروج بالسودان من أزمته المزمنة و العبور به إلى واقع جديد يلبي طموحات شعبنا الصامد الصابر؟ هذا موضوع آخر

    س5- الأحزاب تعمل من أجل عودة الديمقراطية... والحركة الشعبية من أجل تحرير السودان بما فيه الأحزاب..ماذا يعني هذا بالنسبة للحزب الشيوعي السوداني؟ أعني كيف يمكن التوافق بين هذين الهدفين المتعارضين؟ أيضا فإن علاقتكم كانت متواصلة مع د.جون قرنق خاصة عندما كان يرفع شعار الإشتراكية أو لنقل الماركسية..هل لازلتم تتواصلون معه بالرغم من تحوله إلى الغرب الذي يقدم له الدعم والمؤن والسلاج؟

    ج5- لم نلمس في أي مستوى، قيادي أو قاعدي، في الحركة الشعبية دعوة لتحرير السودان من الأحزاب! لم نلمس ذلك في أي من لقاءاتنا معها أو عبر مساهماتها في التجمع، أو في أدبياتها أو في نتائج لقاءاتها الثنائية مع القوى السياسية المختلفة. وعموما فأن علاقتنا مع الحركة الشعبية لا علاقة لها بالإشتركية أو الماركسية أو الغرب أو الشرق، وإنما ترتكز على ثلاثة نقاط استراتيجية واضحة: أ- وحدة السودان على أسس طوعية تراعي واقع التعدد والتنوع العرقي والديني والثقافي..الخ. ب- التعامل مع مشاكل السودان المختلفة باعتبارها قومية الأصل بما في ذلك مشكلة الحرب الأهلية في الجنوب.ج- مشروع التجمع الوطني الديمقراطي لحل الأزمة السودانية

    س6- إنسحاب حزب الأمة من التجمع هل كان مبررا؟..هل كان له تأثير على مسيرة التجمع.. و إلى أي مدى؟

    ج6- كون الانسحاب كان مبررا أم لا..هذه مسألة تقديرية، فقد تتمسك بأنه لم يكن مبررا في حين يصر الحزب على أنه كان مبررا! وعموما فإن تلك الخطوة كانت في تقديري مرتبطة بتقييم حزب الأمة للحالة السياسية في تلك الظروف المعينة. وبالطبع فإن الإنسحاب ترك آثارا سلبية على مسيرة التجمع وعلى حزب الأمة نفسه وإن لم تصل إلى درجة التوقف

    س7- تمارس الأحزاب السياسية الآن نشاطها بنسبة معقولة إلى حد ما.. لماذا لا يستغل الحزب الشيوعي هذا الهامش من الحرية والعمل علنا وسط الجماهير؟

    ج7- أولا أعتقد أن الهامش الذي تشير إليه هو نتاج واضح للنضال والتضحيات التي بذلها الشعب السوداني ويبذلها كل يوم، ممارسا ضغطه على النظام لكي يعود إلى أرض الواقع ويرضى بالتعامل مع طبيعة الأشياء. لكن لماذا الهامش؟ لم لا تتوفر الديمقراطية والحرية كاملا؟ عموما أي هامش يتوفر نحن لن نتردد في إستثماره لصالح توسيعه حتى تتحقق الديمقراطية كاملة. لكن من الصعب أن يظل الأمر في وضعية الهامش لفترة طويلة. فالهامش دائما مؤقت وهش، وهو في الحقيقة تعبير عن حالة من حالات التوازن بين النظام والمعارضة، حالة توازن الضعف أو الإرهاق!! لكن عاجلا أم آجلا ستميل كفة هذا التوازن إلى صالح أحد الطرفين. ونحن نعلن بكل وضوح أننا نعمل على ميلها لصالح كفة الديمقراطية، لصالح تحقيق السلام والديمقراطية والوحدة والتنمية. فهل هناك من يرى في هذا مؤامرة؟! الحركة الجماهيرية تستفيد من هامش الحرية لصالح تحقيق المزيد من مطالبها المشروعة (والشرعية) مثل توفير الحريات النقابية، المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ورفع المعاناة أو تخفيفها، وقف الحرب...الخ، والنظام أيضا يستفيد، فهو يستخدم الهامش كآلية "التنفيس" لتخفيف الضغط عليه منعا للانفجار، كما يسعى لتحويل الهامش إلى حالة الوفاق حسب منظوره هو والمتمثل في انخراط الآخرين فيه، كما يستخدم الهامش أيضا للمراقبة الأمنية على الآخرين الذين يخففون من قيود العمل السري في ظل هذا الهامش، ومن ثم يوجه ضرباته لهم كما يفعل الآن!!

    س8- نظام الحكم استمر أكثر من ثلاثة عشر عاما..وواجه حصارا وعقوبات دولية..إلى ماذا ترجع صموده وبقاءه؟ ولماذا لم تقم ضده انتفاضة شعبية وهي سلاح راهنتم عليه طويلا؟

    ج8- صمود النظام وبقاءه يعود في تقديري إلى عدة عوامل، ليس من بينها قوة النظام نفسه، فمادام النظام لا يقدم حلولا لقضايا المواطنين ولا يستجيب لهمومهم ولا تنتظر الجماهير منه ذلك، ومادام لا يحكم بقوة الاقناع والسند الجماهيري وإنما بقوة البطش وسطوة الأجهزة، وما دامت نذر الحرب الأهلية تتوسع في الجنوب والغرب والشرق، ومادامت الانقسامات تعصف به، ومادام الفساد يعشعش في كل ركن من أركانه..نظام كهذا لايمكن أن يكون قويا، كما أن قوة أجهزة النظام ليست دليلا على قوته، ويكفينا دليلا انهيار نظام النميري رغم سطوة أجهزته. صحيح أن القمع والإرهاب من ضمن عوامل صمود النظام وتأخر الانتفاضة ضده، رغم أن الحركة الجماهيرية تغلبت على هذا العامل منذ فترة، وبرزت حالة انتعاش في المناخ السياسي وتبلورت معالم حركة سياسية معارضة فرضت نفسها في الداخل وعلى أجهزة إعلام السلطة وتصريحات قادتها. لكن رغم ذلك فإن العامل الآخر يكمن في ضعف النشاط المعارض الذي لم يبلغ بعد القوة الكافية، وكذلك تباين أساليب عمل القوى السياسية مما يعيق ترجمة النشاط المعارض إلى عمل تنظيمي ملموس في وجهة التحضير للانتفاضة، إضافة إلى الإشارات السالبة التي تساهم في دفع الجماهير إلى حالة الترقب السلبي والناتجة من: أحاديث المصالحة والوفاق، الخلافات وسط المعارضة، التضخيم المفتعل لدور العمل العسكري في الخارج...الخ. و بالمقابل لا يمكن تجاهل حركة الاحتجاجات الواسعة التي تعم البلاد اليوم وسط قطاعات العاملين والمهنيين والمزارعين والطلبة. صحيح أن الوجهة العامة لهذه الحركة هي الاحتجاج على سياسات السلطة في مسائل محددة ومطالب محددة فهي مدخل الجماهير لمعالجة مشاكلها الضاغطة، ولم ترتقي بعد لحركة احتجاج سياسي شامل ضد النظام، كما يصعب الآن وضع سيناريو أو إطار لتطويرها. لكن النظرة الموضوعية – بعيدا عن حالات الإحباط المؤقت – والتي لا تتجاهل هذه التطورات، لا يمكن أن تسقط خيار الانتفاضة ولا يمكن الحديث عن ضيق فرصها مهما بدا على السطح من ركود الحركة وعدم تجاوبها العام مع هذه المظاهرة أو تلك من تحركات سخط الجماهير. وعموما نحن لسنا من دعاة تحديد تاريخ معين للانتفاضة أو سقوط النظام، ونعتقد أن مثل هذا التحديد غير ممكن في كل الأحوال

    س9- التجمع الوطني الديمقراطي لايشارك في مفاوضات السلام ولا الأحزاب السياسية الكبيرة.. ولكنها تمضي وبرعاية أفريقية ودولية...هل تتابعون هذه المفاوضات؟ هل ستوافقون على نتائجها؟ وهل توافقون على ما توصلت إليه حتى الآن من اتفاقيات ستقود بالتالي إلى الاتفاق النهائي؟

    ج9- نعم نتابع المفاوضات من خلال وجود لجنة مختصة للتنسيق مع وفد الحركة المفاوض، ومن خلال اجتماعات هيئة قيادة التجمع التي تناقش سير المفاوضات على ضوء التقارير التي يقدمها لها د.جون قرنق، ومن خلال لقاءاتنا مع الوسطاء والمراقبين. ولابد من التشديد هنا بأن هذه المتابعة لاتعني تراجعنا عن موقفنا الثابت منذ بدء المفاوضات حول الرفض التام والثابت لمنهج التجزئة الذي تسير عليه عملية التفاوض. وأعتقد أنك تتفق معي بعدم جواز تحديد موقف من نتائج المفاوضات قبل ظهور هذه النتائج. وأعتقد أيضا أنك تتفق معي تماما على أن أي نتائج للمفاوضات لا تحظى بقبول ورضى الشعب السوداني ستفشل مهما رضي عنها طرفا التفاوض. لقد درسنا نتائج المفاوضات التي توصل إليها الطرفان حتى الآن، كما أخضعنا دراستنا هذه لمناقشات واسعة شارك فيها عدد كبير من المختصين والباحثين والأكاديميين، وكل ذلك انطلاقا من قناعتنا بأن المفاوضات جزء من الصراع السياسي والاجتماعي في البلاد ولابد أن نتعامل معها على هذا الأساس. وأضافة إلى اعتراضنا الأساسي والجوهري على منهج التفاوض، لدينا اعتراضات وانتقادات عديدة على بروتوكول مشاكوس ومذكرة التفاهم الموقعان بين الطرفين، مع تأكيدنا بأن البرتوكول ومذكرة التفاهم يمثلان خطوة للأمام يمكن أن تفتح الطريق لحل سياسي شامل.وأردفنا هذه الانتقادات بجملة من البدائل والمقترحات سلمناها إلى وفد الحركة المفاوض والوسطاء والمراقبين.

    س10- ما هو موقف الحزب الشيوعي من تقرير مصير جنوب السودان؟

    ج10- موقف الحزب الشيوعي يتطابق مع ما جاء في مؤتمر التجمع الوطني للقضايا المصيرية المنعقد بأسمرا في يونيو 1995، والذي أشارإلى أن تقرير المصير حق أصيل وأساسي وديمقراطي، وآلية لوضع نهاية فورية للحرب الأهلية، ويسهل ترسيخ الديمقراطية والسلام والتنمية. وقد ظل حزبنا يؤكد أنه بعد إجماع الحركة السياسية السودانية على تلك المقررات تلوح أمامها فرصة تاريخية لتعيد بناء جسور الثقة وتعبد طريق الوحدة الذي يبدأ بأستعادة الديمقراطية وإرساء البديل المتفق عليه في ميثاق التجمع ومقرراته. وفي نفس الوقت فإننا نشدد على موقفنا المنحاز إلى خيار وحدة السودان: وحدة طوعيه تقوم على الديمقراطية والإرادة الحرة، وتتأسس على إعادة صياغة الدولة السودانية لتستوعب مضامين النظام السياسي المدني الديمقراطي التعددي، ولتراعي العدالة في توزيع السلطة وفي التنمية واقتسام الثروة، ولترسخ هوية سودانية تجمع في تكامل بين الوحدة والتنوع وتتأسس على واقع تعدد الديانات والثقافات والقوميات في بلادنا والذي يجب أن يكون مصدر خصب وثراء لهويتنا السودانية، لا سببا في صراعات دامية مريرة

    س11- ألا تتفق معنا د.الشفيع أن غياب قيادات الأحزاب عن الساحة السياسية في السودان قد أتاح الفرصة لقيام المؤتمر الوطني واتاح له فرصة استقطاب معظم قواعد الأحزاب في السودان؟

    ج11- لا أتفق مع هذا التحليل. فالمؤتمر الوطني ليس حزبا جديدا بالمعنى الحرفي وإنما هو نتاج صراعات وانقسام الجبهة الإسلامية حول السلطة. قد يكون هذا الحزب قد استقطب طلاب السلطة والثروة وسط الحركة الإسلامية ومن خارجها، لكن لا أعتقد أنه استقطب قواعد الأحزاب الأخرى. كما أن الحكم بغياب قيادات الأحزاب عن الساحة السياسية في السودان ليس صحيحا في تقديري

    س12- سقوط المنظومة الشيوعية...إلى أي مدى كان تأثيره على فعالية الأحزاب الشيوعية، والسوداني خاصة؟

    ج12- إنهيار المعسكر الإشتراكي زلزال عنيف هز ساكن التجربة الاشتراكية، وسطر في العقد الأخير من القرن العشرين معالم بارزة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تاريخ البشرية. وقطعا فإن كل الأحزاب الشيوعية، بما فيها حزبنا، قد تأثرت بالحدث وخيمت عليها أجواء الأزمة والهزيمة. بالنسبة لحزبنا فقد صممنا منذ البداية بأن إنهيار التجربة لا يعني إنهيار حزبنا، ومن ثم فتحنا مناقشة عامة حول التجربة هي الأعمق والأولى من نوعها في تاريخ الحزب، بمعنى قررنا أن ينعكس إنهيار التجربة في تنفيذ مشروع تجديد الحزب. قد تسمع من بعض الأحزاب في منطقتنا إشارات تنفي عن نفسها أي مسؤولية تجاه القصور والتدهور الذي شاب التجربة الإشتراكية، لكن في تقديري هذا غير صحيح. فلقد ظللنا ننظر إلي المعسكر الاشتراكي باعتباره لوحة زاهية ومكتملة ومتقنة. واتجهنا إلي شعوبنا، وهي تتلمس طريقها بعد التخلص من نير الاستعمار، فأخذنا نعرض عليها هذه اللوحة ساعين لإقناعها بالاشتراكية. وكانت أحزابنا تتحدث عن المعسكر الاشتراكي كنموذج لا يقارن بالرأسمالية من حيث الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية الحقيقية وإشباع حاجات الجماهير المادية الروحية وانعدام الأزمات واستعداد الجماهير للدفاع عنه حتى الموت…الخ. وبالطبع الآن تأكدنا و تأكدت جماهيرنا بأن ما كنا نقوله لم يكن كله صحيحاً. هذه الأحزاب لم تكن تخادع أو تنافق وأنما تلك كانت قناعتنا فعلاً. بل لقد ترسخ في وعي العديدين منا وهم أن الاشتراكية قد أكتمل بناؤها وأن العقود القادمة ستشهد بناء الشيوعية وأن أي طرح يخالف ذلك إنما يأتي من المعسكر المعادي للإشتراكية، معسكر الثورة المضادة! وفي الحقيقة لا يستطع أحد أن ينكر أن الواقع الاجتماعي للبلدان الاشتراكية آنذاك كان يمثل بالنسبة لشعوب البلدان النامية قوة جاذبية واضحة. فإنهيار المعسكر الإشتراكي لن يلغي مأثرة الاشتراكية في تاريخ البشرية، إذ كيف يمكن تجاهل ما قدمته الاشتراكية لشعوبها من مكاسب اجتماعية وإقتصادية، كما كيف يمكن تجاهل مأثرة المعسكر الإشتراكي في ما قدمه من دعم هائل بلا حدود وفي كافة المجالات لشعوب العالم الثالث وهى تناضل من أجل التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي؟ وكيف يمكن تجاهل ما حققه المعسكر الإشتراكي من توازن عالمي شل قدرات الرأسمالية والغرب في التلاعب بمصائر الشعوب كما تشاء وكما يحدث اليوم؟ وفي اعتقادي فإن الأحزاب الشيوعية في منطقتنا لم تعمل النظرة النقدية في تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوربا، وأهملت الدراسة العميقة لجوانب التجربة باعتبارها المثال الذي تناضل من أجله بلداننا. كما أن هذه الأحزاب كانت تقدم إلى جماهيرها التجربة الإشتراكية في صورة مثالية مطلقة مع إضفاء الصفات الملموسة لجوانب إيجابية هي موجودة نظريا فقط، وفي نفس الوقت تتجاهل جوانب سلبية موجودة بالفعل وبالملموس وبمستوي رهيب. صحيح أن حالة الركود والجمود التي آلت بالتجربة الاشتراكية والفكر الماركسي تركت آثارها العميقة علي أحزابنا لكن نحن المسؤولين عن ترسيخ هذه الآثار في وعينا وسيطرتها علينا

    س13- هل يعني سقوط الماركسية اللينينية أنها نظرية لم تعد تواكب العصر؟ وهل لاتزالون متمسكون بها؟

    ج13- هذا السؤال مرتبط بالسؤال السابق، لذلك أواصل وأقول أنه بعد انهيارات المعسكر الاشتراكي طرحت في الحزب عدة خيارات محورية ورئيسية: هل في استطاعة حزبنا مواجهة الأزمة التي حدثت بتفتت المعسكر الاشتراكي ودخول الفكر الذي كان يعبر عن أيديولوجية الحزب في أزمة، وبالتالي تقويم تلك التجربة وفق دراسة نقدية، وكذلك تقويم تجربة حزبنا منذ تأسيسه، ومن ثم، وعلى أساس التطورات والمتغيرات العاصفة التي يشهدها العصر، يجدد الحزب كيانه ومنطلقاته النظرية وبرنامجه ودستوره ونظامه الداخلي ومناهج عمله وحتى اسمه؟؟ أم نتعامل وكأن ما حدث لا يعنينا في شيء؟ أم ننفض أيدينا من كل الموضوع وكأننا انتبهنا فجأة للصراط المستقيم؟ الحزب اختار الخيار الأول ولذلك تدور في حزبنا الآن أوسع وأعمق مناقشة منذ تأسيسه. مناقشة لا يمكن أن تحسمها قيادة الحزب أو حلقة كادره، وانما تتطلب مساهمة كافة عضويته وأصدقائه وحلفائه والقوى الوطنية المهتمة بقضايا تطور الثورة السودانية. وباختصار يمكن القول بأن المناقشة في الحزب تدور في ثلاثة محاور رئيسية هي:

    المحور الأول يعالج: 1/ دراسة الأسباب الذاتية والموضوعية لانهيار التجربة الاشتراكية ، و الدروس المستخلصة من فشل النموذج السوفييتي، وهوية ذلك النظام. 2/ إهمال الثورة العلمية التكنولوجية هل ضربنا في مقتل أم لا؟. 3/ العولمة ومشاكل العالم الثالث حيث سرت قضايا المتغيرات كالمخدر دون أن ننتبه لها في منطقتنا حتى جاء الطوفان. 4/ الخصخصة واقتصاد السوق، مشكلة الديون، قضايا حقوق الإنسان، حركة عدم الانحياز، دور الأمم المتحدة…الخ.

    المحور الثاني يعالج قضايا نظرية متعلقة ب: 1/ ما هي مظاهر الجمود في الفكر الماركسي، وأين هي جذوره؟ 2/ كيف نقيم إسهامات كلاسيكيي الماركسية؟ 3/ ما هو أثر انهيار التجربة السوفيتية على الماركسية؟ 4/ هل انتهى دور النظرية العلمية ليسود الفكر البراغماتي التجريبي؟ 5/ كيف نفسر ظاهرة تفاقم العنف العرقي والديني التي انفجرت في أكثر من موقع (وليس أفريقيا فقط)؟ 6/ مسألة الاستخدام السياسي للدين والتي فرضت نفسها في الواقع المعاصر. 7/ المستجدات في قضية المرأة…الخ.

    المحور الثالث يعالج قضايا متعلقة بالحزب الشيوعي السوداني: التقييم الموضوعي لتجربته، هويته، نشأته، مقومات بقائه، ما هي الأسباب التي عاقت تطوره وقلصت مساحته الجماهيرية؟، كيفية تجديد برنامجه، دستوره، قيادته، توسيع الديمقراطية في حياته الداخلية؟، ما هو الاسم الملائم له؟

    لقد قطعنا شوطا بعيدا في هذه المناقشة بحيث أصبحت لدينا الآن خيارات وبدائل عدة، نسعى لتوفير الماعون الملائم لحسمها ديمقراطيا

    س14- ما يدور الآن في الشرق الأوسط.. وإحتلال العراق.. وعجز الدول العربية.. ما هو تفسيرك لما يحدث؟

    وإلى أين يسير بالأمة العربية؟


    ج14- السؤال يطرح موضوعا واسعا ومتشعبا من الصعب تناوله في هذا الحيز المحدد. لذلك أكتفي ببعض النقاط المختصرة والتي آمل أن تكون واضحة: أ- غض النظر عن أي تفسيرات عسكرية فنية، أعتقد إن نظام صدام انهار سريعا لأنه كان معاديا لشعبه. ومن الواضح أن صيحات استثارة الحمية القومية أو الوطنية لن تجدي في تحريك الجماهير للدفاع عن نظام يقمعها ويخنقها ولا يحمي مصالحها، مهما تدثر هذا النظام بأردية التقدمية أو معاداة الإمبريالية أو القومية العربية أو الإسلام. ب- منذ إنهيار المعسكر الإشتراكي وأمريكا تبحث عن ذريعة ومبرر لترجمة أحادية القطب إلى استراتيجية سياسية وعسكرية لفرض هيمنتها على كوكب الأرض. وجاءت أحداث 11 سبتمبر وكأنها وفرت هذه الذريعة. وهكذا بعد عاصفة الصحراء وضرب أفغانستان وإحتلال العراق، وضعت أمريكا يدها على المفاصل الحاسمة لمصادر الطاقة في آسيا الوسطى وبحر قزوين والجزيرة العربية، واحتلت موقعاً فاعلاً في قلب المثلث النووي الأسيوي: الصين، الهند، باكستان، كما استكملت تطويق إيران، وهيئت بالتالي الأجواء الملائمة لفرض تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لصالح إسرائيل واللوبي الصهيوني! ج- الحرب على العراق حرب عدوانية فرضها تحالف أحادية القطب الذي يسعى لتمرير سياساته بقوة الحديد والنار. وعندما يرد في أجهزة الإعلام ذكر "قوات التحالف" التي تحتل العراق يتبادر إلى ذهني تحالف أحادية القطب الذي تمثله عدة دوائر في الغرب منها: المجمع الصناعي العسكري الذي يسعى لتجاوز الركود وإنعاش الاقتصاد بعد أن انحسرت مصالحه نسبياً بنهاية الحرب الباردة، احتكارات البترول العملاقة، آليات الشكل المعاصر للهيمنة والعولمة الإمبريالية ممثلة في الاحتكارات متعددة الجنسية ومجموعة السبعة الكبار و آليات عولمة رأس المال عبر منظمة التجارة الدولية، البنك الدولي، صندوق النقد...الخ. د- السيف المسلط على الرقاب اليوم هو الحرب على الإرهاب! كلنا ضد الإرهاب وكلنا يعلم من خلق وغذى الإرهاب. في أكتوبر 2001 أكد حزبنا رفضه وإدانته للإرهاب، لكنه شدد على رفض خيار المصيدة: إما مع أمريكا أو مع الإرهاب! نحن ضد الإرهاب، وبذات الإرادة والمنطق ضد انحياز أمريكا لإسرائيل وتبرير إرهابها لشعب فلسطين، وانفرادها بامتلاك أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط! ومع إدانتنا للارهاب، لا نسلم لأمريكا بحق التعريف وحيد الجانب للإرهاب، أو حق وضع قاموس جديد للمصطلحات وتفسيرها، وحق ان تنفرد بوظيفة الاتهام والقضاء والجلاد. وفي ذات السياق، لنا قاموسنا الذي يدعم نضال فتح وحماس والشعبية والجهاد والديمقراطية وحزب الله، لأنه امتداد لنضالنا الوطني ضد اغتصاب الأرض والوطن

    س15- بإسم الديمقراطية أحتل العراق...هل لاتزالون تضربون المثل بديمقراطية أمريكا وبريطانيا.. وماهو شكل الديمقراطية التي تطالبون بها؟

    ج15- من قال أننا نضرب المثل بديمقراطية أمريكا وبريطانيا؟ صحيح أننا نتمسك بالديمقراطية التعددية ولكن ليس على النمط الأمريكي أو البريطاني! دعنا نتناول هذا الموضوع ببعض التفصيل: نحن نرى أن قضية الديمقراطية تمثل حجر الزاوية بالنسبة لأي تجربة أو نظرية تعنى بحل مهام الثورة الاجتماعية والتطور الاجتماعي. وبقدر اقتراب هذه التجربة من تبني الديمقراطية بمعناها الواسع والشامل والمباشر، بقدر ما تقترب من تقديم حلول صحيحة لقضايا التطور مهما كانت صعوبات ودرجة تعقيد هذه القضايا. قد تتعدد أشكال الممارسة الديمقراطية، وليس الديمقراطية نفسها، وهذا شيء طبيعي مرتبط بالسمات الخاصة لكل بلد وكل مجتمع. لكن مهما تعددت أشكال الديمقراطية فإن جوهرها واحد وثابت تمثله مجموعة من القيم والمبادئ الثابتة التي لا يجوز مطلقا في الزمان والمكان التخلي عن إحداها أو الانتقاص منها. هذه القيم والمبادئ تشمل ما يعرف بالحقوق والحريات الأساسية وضمان الاستمتاع بها من فبل أي فرد أو مجموعة. وأي شكل من أشكال الممارسة الديمقراطية مهما تفنن أصحابه في تسميته: الديمقراطية الليبرالية أو الديمقراطية الاشتراكية أو الديمقراطية الشعبية أو الديمقراطية الثورية أو الشورى الإسلامية أو ديمقراطية التوالي… الخ، لا يمكن أن نوافق على تسميتها بالديمقراطية ما لم يعبر عن تلك القيم والمبادئ الثابتة. ولكن كثيرا ما يعتقد بأن هذه القيم والمبادئ، مثل التعددية والفصل بين السلطات وحرية التعبير والتنظيم والمعتقد...الخ، هي سمات خاصة بالديمقراطية الليبرالية وحدها، و ليس بالضرورة أن تكون متضمنة في أي شكل من أشكال الممارسة الديمقراطية. وهذا بالطبع اعتقاد خاطئ رغم أنه نابع من أسس موضوعية، إذ أن الديمقراطية الليبرالية هي أول من صاغ تلك القيم والمبادئ ـ الحريات والحقوق ـ بشكل مؤسس ومباشر وهي بذلك تعد مأثرة عظيمة وإنجاز تاريخي حققته الثورة البرجوازية بعد ظلام العصور الوسطى . لكن الديمقراطية الليبرالية ليست هي الشكل الأرقى للممارسة الديمقراطية. فمع تطور الرأسمالية ظهرت محدودية هذا الشكل وتشوهاته بحيث تحولت هذه الممارسة إلى وهم جميل الطلعة (نتدخل هنا بجملة اعتراضيه فنقول أن هذا الوهم كان ولا يزال يشكل جاذبية قوية بالنسبة لأقسام واسعة من شعوب العالم الثالث وشعوب المعسكر الاشتراكي السابق مقارنة بالأوضاع التي تعيشها هذه الشعوب). فليس كافيا إن تقف الديمقراطية عند حدود السماح للجماهير بالتعبير عن رأيها فقط من دون المشاركة في اتخاذ القرار! وفي هذا السياق يحق التساؤل حول هل شارك الشعب الأمريكي في اتخاذ القرار الخاص بدعم أمريكا المطلق لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني؟ والقرار الخاص بتدمير أفغانستان؟ والقرار الخاص بتدمير العراق؟..الخ. ورغم كل ذلك فإن الديمقراطية الليبرالية لم تستنفذ أغراضها بعد، ونحن لا نطالب بنسخها أو إلغائها، و إنما تطويرها والبناء فوق منجزاتها باستخدام مبدأ النفي الجدلي، وإنطلاقا من حقيقة أن تعدد أشكال الممارسة الديمقراطية يعتمد على تعدد وتنوع الأرضية التي يتم فيها هذه الممارسة. فالتعددية الليبرالية مثلا أخذت تنمو وتزدهر مع تطور القاعدة الاقتصادية للثورة الصناعية في الغرب بحيث أخذت شكلها المكتمل مع ثبات ورسوخ هذه القاعدة، لذلك فهي ممارسة راسخة وناضجة في البلدان الرأسمالية الصناعية في حين أنها هشة وركيكة حين تمارس في بلدان العالم الثالث ومعرضة دائما للمصادرة لا بشكلها فقط وإنما حتى بقيمها ومبادئها الثابتة والمطلقة. لتأخذ مسالة التعددية الحزبية في بلد كالسودان مثلا. ففي التجارب الثلاث للممارسة الديمقراطية في بلدنا، بعد الاستقلال وبعد أكتوبر وبعد انتفاضة 1985، كنا نطبق الأسلوب الليبرالي المعروف بأسلوب "وستمينستر" وكان واضحا فشل هذا الأسلوب على الرغم من أن بدائله كانت أسوا منه بما لا يقارن (انقلاب 17 نوفمبر1958 وانقلاب مايو1969 وانقلاب يونيو1989) لكن فشل الأسلوب أو الممارسة لا يعني فشل المبدأ ذاته. بمعنى آخر المطلوب هو وضع صيغة للمارسة التعددية في بلادنا تراعي بشكل دقيق الخصائص المميزة للواقع السوداني ومثل هذه الصيغة من السهل جدا التوصل إليها إذا ما اجتهدت كل الأطراف المؤمنة بالتعددية من اجل ذلك وفي إطار حوار حر ديمقراطي . أما أن ينتفض أحد أطراف الحركة السياسية ليعلن فشل التجربة الديمقراطية في بلادنا وأنه يمتلك البديل الملائم لها، فأنه في الواقع العملي يفرض بالقوة تصوراته الخاصة حول حكم السودان في حين يتجاهل تصورات الآخرين بل ويلغي وجودهم وينتهك حقوقهم بقرار منه. وهذا الموقف سواء أدعى الطرف المنتفض أنه موقف ثوري أو نابع من قدسية إلهية هو موقف ديكتاتوري عقيم وهو بداية السير في النفق المظلم والمسدود، لان الديمقراطية وحدها هي مفتاح السير في طريق التطور المتصاعد وهي المخرج من الأزمات الطاحنة التي ظلت تعصف ببلادنا منذ الاستقلال

    فبدون مراعاة واحترام لحقوق الإنسان وبدون مراعاة واحترام للتعددية والتنوع وبدون حريات غير مقيدة للصحافة والتنظيم والتعبير وبدون صراعات فكرية وبدون تنافس انتخابي حر، وبدون ربط الديمقراطية بتوفير لقمة العيش....الخ، يصبح المجتمع يعيش فقط شبه حياة، وهذا يعني عرقلة مسار التطور الاجتماعي.

    س16- متى العودة إلى السودان...وماهي شروط العودة للبلاد؟

    ج16- أعتقد أنك تشير إلى بعض التصريحات المنسوبة إلينا حول هذا الموضوع. جوهر ما وددنا قوله هو أننا نرى أن تطورات الصراع السياسي في البلاد فرضت واقعا جديدا قوامه أن مركز الثقل في العمل السياسي أصبح الآن في داخل السودان. وتمشيا مع هذه الحقيقة طرحنا في الاجتماع السابق لهيئة قيادة التجمع ضرورة أن نشرع في التفكير الجاد لبحث كيفية انتقال مركز ثقل النشاط المعارض، بما في ذلك التجمع، إلى الداخل أيضا، وذلك من خلال تبني استراتيجية وتكتيكات جديدة يشرع التجمع في تنفيذها من الآن، دون أن يختزل الموضوع في مجرد عودة بعض الكوادر إلى الداخل وإن كان هذا سيكون من ضمن بنود هذه الاستراتيجية. وافق الاجتماع على هذا الطرح ووضع برنامجا للعمل اشتمل على عدة محاور منها: ورش عمل في الداخل والخارج، توفير كل سبل الدعم للعمل السياسي والجماهيري في الداخل، تحرك سياسي ودبلوماسي في الخارج، مخاطبة الوضع المتفجر في دارفور، التنسيق مع القوى المعارضة خارج التجمع، وكذلك التنسيق مع المنظمات المدنية العاملة في مجالات السلام والاستعداد للمرحلة المقبلة، التحضير للفترة الانتقالية، الإهتمام أكثر بوضع فصائل التجمع العاملة في الأطراف والتأكد من وجود ممثلين لها في تجمع الداخل، إعادة النظر في هيكل التجمع ليكون مبسطا وأكثر فاعلية.....ثم تتويج هذا البرنامج بعقد المؤتمر الثالث للتجمع الوطني في اكتوبر القادم
    ====

    http://www.midan.net/nm/private/news/shafie14_6_03.htm



    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  

06-17-2003, 10:14 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات صحفية مع د. الشفيع خضر سعيد (Re: sultan)

    البيان 17/6/2003

    د. الشفيع خضر القيادي في الحزب الشيوعي السوداني وتجمع المعارضة لـ «البيان»: بعض فصائل المعارضة بدأت تشم رائحة كراسي السلطة


    ما بين جولة مفاوضات فاشلة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، وبين إعلان في القاهرة ينبئ عن عودة حزب الأمة للتجمع، شهدت الساحة السياسية السودانية عددا من الأحداث المتلاحقة، فها هو رئيس الحركة الشعبية جون قرنق يقوم بجولة يدعو فيها القوى السياسية السودانية لتوحيد الرأي حول قضايا تفاوضية خلافية تواجهه
    مما أحدث رد فعل غاضباً من مسئولي الحكومة في الخرطوم الطرف الآخر في المفاوضات، وجعلهم يطلقون تصريحات متناقضة حول حسم أو عدم حسم تلك القضايا

    من أجل إستجلاء هذا، ومن أجل قراءة متأنية لـ «إعلان القاهرة»، وبحث أمور داخل معسكر الحزب الشيوعي السوداني، التقت «البيان» بالدكتور الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعضو هيئة قيادة التجمع المعارض وأحد أنشط المعارضين السودانيين والمتابع الملتزم لجولات التفاوض الثنائية بين الحكومة والحركة عقب توقيع بروتوكول ماشاكوس، حيث ألقى الضوء على بعض المناطق المعتمة التي خلقت تساؤلات في أذهان المتابعين للشأن السوداني وأحدثت بها تشويشا وهم يتابعون عقد الأحلاف وتغيير التكتيكات والاستعدادات لتوقيع اتفاق سلام نهائي يتذبذب ما بين نهاية يونيو ومنتصف أغسطس وربما نهاية العام.. أو ربما جاء مفاجئا كسابقه ماشاكوس.. وفي سياق الحوار يذكر الدكتور خضر ان الإجماع الوطني بدأ بصيغة التجمع و بإعلان نيروبي 93 ومؤتمر أسمرا 95 وليس بـ «إعلان القاهرة» 2003 واعتبر ان القضية العاصمة القومية شرك نصبه نظام الجبهة لتطبيق الشريعة - من وجهة نظره- على باقي الشمال ونفى محاورنا ضمناً اي اتجاه فعلى آني للتطبيع بين التجمع وحزب الزعيم الاسلامي حسن الترابي، قائلا في هذا الشأن «لم تقدم لنا الدعوة لتطبيع العلاقات مع المؤتمر الشعبي»

    وفيما يلي نص الحوار:

    مع التوقعات بقرب التوصل لاتفاق سلام، بدأت الأطراف في حشد التأييد لمواقفها، تحديدا الحركة الشعبية، وبرزت قضية العاصمة القومية، هل استثناؤها من الشريعة الإسلامية يعني التسليم بتطبيقها على باقي مدن الشمال؟ مع ملاحظة التفسيرات التي تلت توقيع «إعلان القاهرة» فالمهدي قال تستثنى «إداريا» والميرغني نفى أن المراد بالاستثناء هو العلمانية.. فما هو رأيكم تجاه هذه القضية؟

    تعليق أي واحد من هؤلاء القادة على هذا الأمر، هو مسئول عنه، ومسئول عن شرحه للناس.. ما أفهمه هو أنه فيما يخص التشريع في بروتوكول ماشاكوس فإنه قائم على قوانين في الشمال مستمدة من الشريعة وغير ذلك في الجنوب

    وطرحت في تلك الجولة قضية العاصمة، بمعنى أين تكون العاصمة؟ الحركة الشعبية قبلت أن تكون قوانين الشمال مستمدة من الشريعة والجنوب مستثني، وقامت بطرح قضية أين تكون عاصمة السودان؟ وليس عاصمة الجنوب أو عاصمة الشمال.. والسؤال هنا من وجهة نظرها بأنه لابد أن تكون عاصمة السودان مستثناة من الشريعة، باعتبارها منطقة التمازج ما بين المجموعتين، حيث تتكون الحكومة المركزية من الشمال والجنوب

    عندما طرحت القضية عرفت العاصمة بأنها «الخرطوم»، باعتبارها عاصمة تاريخية، فاقترحت الحركة الشعبية مسألة استثنائها من قوانين الشريعة.. ويكمن هنا موضوع الخلاف

    ومثلما توقعنا منذ البداية، بحكم أن القضايا لم تناقش بطريقة كلية وإنما مجزأة، فكان لابد أن تنشأ تفسيرات وتقديرات مختلفة، فمثلا اليوم في الصحف تصريحات المسئولين في السودان تقول بأن موضوع العاصمة حسم، مادام حسمت قضية التشريع في الشمال. في رأيي أن هذا حديث غير مسئول، لأنهم يتحدثون وكأنهم يتفاوضون في تسجيل لاعب لفريق المريخ أو الهلال.. المسألة لم تحسم.. والجميع يعرف ذلك، ومازالت قضية العاصمة من القضايا الست المعلقة حتى الجولة الماضية
    الشئ الآخر أن الحكومة استنفرت، كالعادة، كل مناصريها للحديث عن أن هذه القضية تمس الاسلام، وأنها حسمت، لذا تجد بيانات أئمة المساجد المدفوعين من النظام، وليس المدفوعين من خدمتهم الطوعية كمسلمين، اضافة للمنظمات المختلفة التي تصب سياسيا في النظام، إضافة الى مزايدة النظام الذي أعتقد أنه فوجئ بالطرح الأخير من قوى اسلامية مثل الميرغني والمهدي اللذان أشارا إلى قومية العاصمة أو الحديث عن عاصمة تستثني منها تطبيقات الشريعة.. لأن النظام كان يزايد منذ البداية ويقول أن هذا هو مطلب جون قرنق الذي هو غير مسلم وبالتالي المسألة محسومة لكن كون جون قرنق يجد حلفاء له في هذه القضية في مثل قامة محمد عثمان الميرغني أو الصادق المهدي، أعتقد أن هذا أزعج النظام وجعله يتصرف مثلما يفعل الآن.،. ومن الشئ الطبيعي أن يبحث عن مناصرين لاطروحاته.. هذا من جانب.. وبالطبع تفاصيل لماذا قبل جون قرنق في البداية أن تكون الشريعة في الشمال ويستثنى منها الجنوب، وحصر المناقشة حول العاصمة.. الخ، يسأل عنه جون قرنق
    أما بالنسبة لنا نحن «الحزب الشيوعي»، وأعتقد كذلك بالنسبة لمعظم فصائل التجمع، يمكن تلخيص القول في نقاط محددة للغاية.. اذا كنا بالفعل نريد وحدة السودان، ونسعى لتحول ديمقراطي حقيقي في السودان، فالقضية هنا ليست قضية العاصمة، لأن ما ينطبق على العاصمة يفترض أن ينطبق على بقية السودان. والمخرج لكل هذه «الغلوتية» هي أن قضية التشريع في السودان تقوم على أساس المواطنة، واحترام حقوق الانسان والمواثيق الدولية.. وهذا جوهر اتفاق نيروبي

    هنالك حديث يدور الآن عن الإجماع الوطني.. ما قولكم فيه؟

    الاجماع الوطني بدأ بموافقة كل القوى السياسية على أسس التشريع في نيروبي 93 فيما عدا النظام الحاكم. كل القوى السياسية في السودان وافقت أن يكون التشريع في السودان يقوم على بندين أساسيين وهما أن كل القوانين في السودان تكون متماشية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وكل السودانيين أمام القانون متساوون على أساس المواطنة بغض النظر عن العرق. هذا ما نريده نحن أن يحكم الخرطوم ويحكم الشمال، وهذا ليس بحديث عن العلمانية، هنالك ابتذال في التناول، حيث يصور الأمر وكأن الحديث عن علمانية الخرطوم أو قوميتها أو المطالبة بألا تحكم بالشريعة، كأنه مطالبة بفتح الخمارات، وهذا حديث في رأيي مبتذل. فالقضية هنا ترتبط بنقطتين أساسيتين: ترتبط أولا بحقوق الانسان بمعنى عدم استغلال الدين ووضع نفسك المفسر الأوحد له وبالتالي تحتقر الرأي الآخر على أساس ديني مما يهدر حقوقه، كذلك من أجل أن يكون هناك سودان موحد وحتى يقبل الجنوب أن يتعايش مع السودان الشمالي لابد أن يكون هنالك مصدر قانوني واحد بين الشطرين، ولابد أن تكون هناك إشارات في أن الشمال لا ينظر للجنوب على أساس ديني وإنما على أساس أنه مواطن سوداني

    في نظري أعتقد أن هنالك فخاً ما ينصب، فمن يريد الاصرار على حصر مناقشة الأمر في قضية العاصمة أعتقد أنه وقع في شرك نصبته الجبهة الاسلامية، بحيث يحصر الأمر كله في العاصمة، وفي النهاية يمكن للجبهة الاسلامية أن تتنازل وتقبل أن تحكم العاصمة بقوانين غير الشريعة طالما ضمنت أن هذه العاصمة محاطة بجزيرة من قوانين دينية حسب وجهة نظر النظام

    لن أمل من تكرار أن القضية الأساسية هي قضية حقوق الانسان ووحدة السودان

    عند قراءتكم ل«اعلان القاهرة».. ما هي المكاسب بالنسبة للتجمع الوطني، وما هي مكاسب الحكومة؟

    أولا.. أي تقارب بين أي طرفين، أو طرف ونصف في اطار البحث عن صيغة للاجماع الوطني، يعتبر شيئا ايجابيا.. في رأيي أن «اعلان القاهرة» «لسنة 2003م، لأن القاهرة شهدت عدداً كبيراً من الاعلانات في اطار التجمع وبتوقيعات تشمل الموقعين على الاعلان الجديد..» هو خطوة ايجابية لأنه بالتأكيد ساعد في تقريب حزب الأمة والتجمع الوطني، باعتبار أن حزب الأمة فصيل مؤسس للتجمع الوطني الديمقراطي ومن واضعي المواثيق والأدبيات الرئيسية له

    من زاوية أخرى هنالك نقطتان في «إعلان القاهرة» أحب مناقشتهما: الأولى وردت في إجابتي على السؤال الأول، جوهر «إعلان القاهرة» هنالك حديث عن التمسك بإعلان نيروبي، والتمسك بمقررات اسمرا المصيرية، وفي الوقت نفسه هناك حديث عن العاصمة في إشارة إلى مطلب الحكومة يجب أن تكون مضمنة لوجهة نظرها في تطبيق الشريعة الاسلامية
    في رأيي ان هنالك تناقضا في ذلك، لأنه - من وجهة نظري - أن إعلان نيروبي ومقررات أسمرا هما لكل السودان، وبالتالي كان الحديث يكون أقوى إذا قيل أن ما يطبق على الخرطوم يطبق على بقية السودان بحسب إعلان نيروبي ومقررات أسمرا

    الحديث عن قضية العاصمة بطريقة منفصلة هي مشكلة الحركة الشعبية في التفاوض، لأنها وافقت في التفاوض على الشريعة في الشمال، لكن قضية كل السودانيين هي مستقبل السودان بشكل عام، وهنا يبرز التناقض الذي أشرت له

    النقطة الثانية هي الحديث عن الاجماع الوطني فلا يمكن أن نعتبر أن «إعلان القاهرة» هو بداية هذا الاجماع. في رأيي أن الاجماع الوطني في السودان بدأ في 30 يونيو 89، عندما وقفت كل القوى السياسية وقفة واحدة ضد حزب واحد أستولى على السلطة وتعزز هذا الاجماع الوطني في 21 أكتوبر 89 فكل القوى السياسية فيما عدا حزب واحد هو الحزب الحاكم وقعت على ميثاق حول الرؤية لمستقبل السودان
    وتعزز أكثر في يونيو 95 في قرارات أسمرا عندما وقعت كل القوى السياسية بما فيها الحركة الشعبية - التي لم تكن موقعه على الميثاق السابق - حول حكم السودان

    صيغة التجمع الوطني في شكلها ومضمونها تعبر عن الاجماع الوطني، سواء كان من حيث التركيبة «شرق، غرب، سمر، حمر، عرب، أفارقة.. الخ..».. أو سواء كانوا أصحاب خيار إسلامي موجودين، أو اصحاب توجهات لدولة مدنية ديمقراطية أيضا موجودين أو أصحاب تطلعات لمناطقه المهمشة موجودين أيضا.. هذه هي صيغة الاجماع الوطني.. و أعتقد أن الحديث عن أن «إعلان القاهرة» هو بداية للإجماع الوطني، هو حديث غير دقيق، خاصة وأن كل الناس تتساءل أين الجديد الذي أتى به الاعلان، قد يكون به الجديد بالنسبة للجبهة الاسلامية في أنه وبالرغم من الاشارة لمقررات أسمرا وغيرها، إهتمت القوى السياسية الموقعة على الاعلان في أن تكون معركتها هي معركة العاصمة فقط وليس معركة السودان ككل

    العمل الأخير لفصائل التجمع بطريقة منفردة، هل يمكن القول بأنه جمد عمل التجمع الجماعي لحين إشعار آخر؟

    كل شخص له الحق في تخيل أي شئ.. ولكن تبقى الحقيقة موجودة وللإجابة على سؤالك أقول أن آخر إجتماع للتجمع كان في أبريل الماضي، حيث وضع برنامج عمل لفترة الـ 6 أشهر المقبلة تنتهي بانعقاد المؤتمر الثالث للتجمع في أكتوبر المقبل

    والبرنامج يحتوي على أشياء كثيرة يمكن أن تتداول بالنشر ولا أعتقد أن هنالك تجميدا لعمل التجمع. لكن العمل السياسي به تعرجات، وهناك قوى سياسية مختلفة، في سياق أنها موجودة داخل التجمع يكون لديها حماس أكثر لبعض القضايا، مما يدخلها في أشياء تبدو للناظر أنها على حساب عمل التجمع، وقد يحدث بالفعل تجاوز، ولكنني أعتقد أنه من الناحية الموضوعية من الصعوبة تجاوز صيغة التجمع، ولنضرب أمثله، فحزب الأمة في فترة سابقة وفي إطار هامش الحركة المسموح به - وأنا أعتقد أن أي فصيل من حقه هذا الهامش ما دامت الأرضية هي الإتفاق مع الآخرين - انطلق حزب الأمة من هذا الهامش ووقع إتفاقات مع النظام «إعلان جيبوتي» في لحظة من اللحظات أصطدم هذا الاعلان مع التجمع وسار حزب الأمة في مساره الذي انتهى بخروجه المعروف. ولا أعتقد أن هذا الأمر حقق نجاحات لحزب الأمة، بالعكس أضعف التجمع وادى لتصدعات لاحقه في حزب الأمة

    يمكن لهامش الحركة أن يحدث، طالما يصب في إطار تقوية العمل بشكل عام وتقوية الفصيل نفسه ونشاطه، المنطق يقول أنه يجب أن ننطلق مما توحدنا عليه في التجمع.. لذا الأمر ليس تجميداً لأن التجميد هذا لا يمكن أن يصنعه شخصان أو ثلاثة في التجمع، لكن هو محاولة من هذه القوى ولأسباب تخصها هي وتحليلات خاصة بها، أما الحديث عن إتفاقيات «الكبار» أو «القوى الرئيسية»، فهذه كلها أمور يحكم عليها الواقع وليس رغبتي في أن أقرر بأني «كبير» أو «صغير»

    هل تعتبر ورشة العمل المقترحة في «إعلان القاهرة» بديلا للمؤتمر الثالث للتجمع؟

    لا أعرف بالضبط ما هية هذه الورشة، لكنها ليست ببديل عن المؤتمر، أعتقد أن الفكرة هي أن تكون هناك خطوة في إتجاه العمل المشترك بشكل مؤسسي، لذا جاء اقتراح هذه الورشة لمناقشة القضايا الساخنة الحالية حول مستقبل السودان ووحدته وكنوع من التمرين المشترك. وهذا شئ إيجابي وهي ليست بديلاً للمؤتمر، وهذا لا يعني تأكدي التام من قيام المؤتمر.. قد لا يقام المؤتمر لهذا السبب أو ذاك، أو ربما يتأخر. في تقديري أن هذه الورشة تصب في إتجاه مزيد من التنسيق بين حزب الأمة والتجمع الوطني

    التحالفات والاتفاقات التي تحدث حاليا بين القوى المختلفة.. ما هي الضمانات في أنها ليست تكتيكا لاجتياز المرحلة الحالية، مرحلة ما قبل السلام؟

    هنالك نقطتان للإجابة على تساؤلك.. أولا مسألة الضمانات هذه تمثل مشكلة دائمة.. ليس هنالك ضمانات عموما في أي إتفاق. قد أقول أن الضمان يعتمد على شرف الكلمة واتفاق بين القوى السياسية وخلافه.. لكن الصراع السياسي به تعرجات صعبة وفي رأيي أن الضمان في أي إتفاق أو لأي عمل هو أن يملك لجماهير الشعب التي يمكن أن تحقق هي ضمان إستمرار هذا الإتفاق أو ذاك

    مثلا قرارات أسمرا المصيرية، ضمان وجودها وتماسكها هو أن يؤمن الشعب السوداني بها، بحيث أن من يحاول أن يسقطها تتخطاه هذه الجماهير حتى ولو كانت القيادات الموقعة عليها، وبالتالي ليس هناك ضمانات بمعنى الشراكة والتعاقد

    النقطة الثانية من وجهة نظري الخاصة جدا، أنني أرى أن بعض الفصائل بدأت تشم رائحة كراسي السلطة في الفترة الانتقالية، وهذا يجعل الحسابات مبنية على اساس أن هنالك كراسي للسلطة قادمة، وهنا لابد من إعادة رسم تحالفات وبحث عن تحالفات جديدة.. الخ، وهذا شئ طبيعي لأي قوى سياسية وهو الوصول للسلطة لتحقيق برامجها

    نحاول ويحاول معنا آخرون أن يرتبط الأمر بالفعل في ألا يتلخص كل الهدف في النهاية في إستيعاب كل القوى السياسية في السلطة.. الحكومة عندها مزاج، فعند قبولها حزبين تزيد الوزارات، وهذا شئ غير معقول. إذن يصبح الأمر في النهاية في حالة حدوث الاستيعاب إنشاء 90 وزارة، وهذا لا علاقة له بالسودان.. السودان ربما يحتاج إلى عشر أو خمس عشرة وزارة فقط

    إذن القضية الأساسية هي البحث عن كيفية العمل خلال أي إتفاق يحدث، سواء كان في إطار ماشاكوس أو ماشاكوس موسع أن يكون من أجل تحول ديمقراطي حقيقي ومن أجل البداية الحقيقية لبناء الدولة السودانية التي هي فترة إنتقالية منذ عام 1956م

    الصورة التي شاهدناها يوم التوقيع على «إعلان القاهرة» زعيمان تقليديان وزعيم حديث، سودان قديم وسودان جديد.. هل تعني هذه الصورة أن كل شئ سيصير «تمام» في السودان؟

    «ضاحكا».. هذه الصورة تعتمد على الكاميرا.. سؤالك هذا يطرح أسئلة، فمن هو التقليدي ومن هو الحديث؟ وما هي الحدود بينهما؟ ومن هو الذي يعمل من أجل سودان جديد؟

    في رأيي أن الثنائية مثل يسار - يمين، تقليدي - حديث، رجعي - تقدمي، لم تعد تكفي لوصف الحالة اليوم، لأن خط التقسيم غير واضح وكذلك الألوان لم تعد واضحة، مما يستوجب إعادة النظر في تلك الثنائيات

    أنا أرى أن البرنامج الذي تستند عليه الثلاث قوى الموقعة للاعلان وهو اسمرا كما جاء في الاعلان، هو تعبير يضع هذه القوى جميعا في خانة القوى التي تريد سوداناً جديداً.. سواء كان الصادق، أو الميرغني أو الدكتور جون قرنق

    أما الموضوع عن التركيبة الحزبية للقوى الثلاثة وهل هي تعبر عن قوى تقليدية أو قوى حديثة وكذا فهو موضوع طويل

    هل يمكن اعتبار أن هؤلاء هم «الكبار»؟

    هذا يرجع لك وحدك.. أنا عن نفسي لايمكن أن أقول ذلك، ومثلما سبق وقلت أن الذي يريد أن يسمى نفسه «كبير» فليسمها كذلك. لكن في النهاية هذا أمر يقرره الشعب السوداني

    أين الحزب الشيوعي من كل هذه التحالفات والإتفاقات لماذا لا تسمع أي صوت أو تعليق له؟

    لماذا افترضتي أنه يجب أن نكون في هذه التحالفات أو تلك
    التكتيكات؟ نحن موجودين دوما في كل مناحي العمل السياسي: اجتماع التجمع في أبريل كان الحزب الشيوعي موجودا، الحرب في دارفور أصدر الحزب الشيوعي وثيقة حولها، قضايا التشريد والجوع والمعاناة في السودان كان للحزب الشيوعي بيان بشأنها، قضايا الاعتقالات كذلك أصدر الحزب بيان، صحيفة «الميدان» تصدر كل شهر وباستمرار في الخرطوم حتى هذا الشهر الآن كوادر للحزب الشيوعي تعرضت للاعتقال من جراء إنزعاج النظام.. فلماذا نشغل أنفسنا بشيء يخص هذه الأطراف الثلاثة فقط؟

    لم أعن «إعلان القاهرة» وإنما أية تحالفات أخرى

    نحن لا نعمل إلا في إطار التجمع الوطني الديمقراطي

    بالرغم من التقارب الواضح في الفترة الأخيرة مع الحركة الشعبية؟

    نحن نتقارب مع كل فصيل من الفصائل بنفس الدرجة. ما دام هذا الفصيل يؤمن معنا بمواثيق ومقررات التجمع الوطني الديمقراطي، ليس هناك أي تقارب فكريا أو ايديولوجياً من نوع خاص مع أي فصيل من هذه الفصائل إلا ما يجمعنا في إطار التجمع، وهذا ما سيحكم تحركنا المستقبلي

    الدعوة التي أطلقها الحزب لنقل العمل المعارض لداخل السودان، هل ما زالت قائمة؟ أم ان اجتماع التجمع الأخير أجهضها؟

    هذه الدعوة في رأيي -إعلاميا- تم اختصارها، فكل إعلامي أبرز الشيء الذي يعبر عن إثارة رآها. ولكن الفكرة في الأساس ليس ابتذالا للأمر وحصره في عودة بعض الأشخاص للداخل، وإنما هي نتاج تحليل للوضع. فماشاكوس هي واقع في الصراع السياسي السوداني، وهي جزء منه مثلها مثل وسائل العمل الأخرى للتجمع سواء كان العمل المسلح أو الانتفاضة، الخ، لكن هي بطبيعتها وبطبيعة القوى المشاركة فيها جعلت مركز ثقل النشاط السياسي يكون في داخل السودان. وهنا داخل السودان لا يعني الخرطوم فقط بل كل السودان. وبالتالي نحن قلنا تماشيا مع هذا يجب ان يعزز مركز ثقل النشاط المعارض في داخل السودان ايضا عن طريق دعمه من الخارج. وهذا الدعم يشمل عمل برنامج لكيفية المساعدة في الداخل، وكيفية توفير مزيد من الامكانات والمساهمة بكادر اكثر، وهذا هو ما طرحناه في اجتماع هيئة القيادة الأخير، حيث أوضحنا الأمر وذكرنا ان الحل لن يكون بقرار منفرد يتخذه حزب أو فصيل بالعودة للداخل، وانما الحل يكمن في قرار في إطار العمل السياسي المشترك مع القوى الأخرى. وقد وافقت كافة فصائل التجمع على طرحنا هذا وحولته إلى برنامج عمل احتوى على لجان وورش مختلفة لمناقشة طبيعة العمل في الفترة المقبلة ما بين الداخل والخارج، إضافة إلى عقد مؤتمرات عديدة مثل مؤتمر المرأة وكذلك المؤتمر الثالث للتجمع والمقترح له شهر أكتوبر المقبل

    ولقد فهمنا البرنامج على هذا الأساس، ونعمل الآن في تطبيقه خلال الأشهر الستة المقبلة لحين عقد المؤتمر الثالث للتجمع أو اجتماع هيئة القيادة

    هنالك الكثيرون الذين فسروا الدعوة من زاوية ضيقة للغاية، وكأن الأمر سيتم في إطار صفقة مع النظام، نحن لا نتحدث من هذا المنطلق، ما عنيناه هو استمرار العمل المعارض وبقوة في الداخل، كذلك هنالك من اختصر الأمر على تحديد فلان وفلان وفلان سيعودون للسودان، بالطبع هذا وارد ضمن برنامج العمل الذي ذكرته

    بالنسبة لنا كحزب ومنذ البداية نعلم ان عملنا هو في الداخل، حتى ان كوادرنا جميعها هناك ما عدا ثلاث أو أربع من قيادات اللجنة المركزية هم الذين يتواجدون في الخارج، باقي كوادرنا تدخل السودان بشكل طبيعي بالرغم من عودة الاعتقالات بين صفوفنا في الفترة الأخيرة

    إمكانية حدوث إنتفاضة في هذا الجو السياسي الغائم، ما هي؟ وهل نعتبر ان ما حدث في دارفور بداية لإنتفاضة أطراف ستزحف للمركز لتعكس الصيغ السابقة للإنتفاضات في السودان؟ وهل ستعيد الانتفاضة ترتيب الأمور بحيث تصبح هناك تدابير أخرى غير ماشاكوس؟!

    بالطبع سؤالك يحتوي على سيناريو خاص بك لإنتفاضة، وهو سيناريو مقبول يمكن مناقشته مثله مثل باقي السيناريوهات التي طرحت من قبل على اجتماعات هيئة القيادة في بداياتها، ولتدعيني أبدأ بترتيب مقلوب لهذا السيناريو، ففي رأيي ان هناك حقيقة وهي ان أي تغيير سيحدث في السودان سيعتمد على طريقة التغيير، بمعنى ان البديل الذي سيأتي في السودان سيعتمد على طريقة تغيير الوضع الحالي، فإذا ما كان إنتفاضة فبالتأكيد لن يكون مثل التغيير عن طريق الحل السلمي المتفاوض عليه، أليس كذلك؟

    ثانيا، دائما وابدا لا يسقط خيار الانتفاضة، قد يسقط في أذهان بعض الناس الذين يصعب عليهم الخيال ويعتقدوا ان الانتفاضة هذه عبارة عن مزيج من الأدوية موجودة داخل ثلاجة بخلطها تحدث الانتفاضة، أو يعتبروا ان أي هبة أو تظاهرة من مجموعة من الناس يمكن ان تكون انتفاضة، وعندما لا تحدث بهذا الشكل يحدث لهم إحباط

    ايضا خيار الانتفاضة هذا قد يهتز في أذهان بعض الناس الذين يحددون تواريخ معينة لحدوثها، ان للانتفاضة عوامل ليست في أيدي الساسة أو القادة أو الزعماء مهما بلغت عبقريتهم، ان بها عوامل تتعلق بدرجة يقدرها الشعب، كيف ينتفض؟ وهل بلغ تلك المرحلة التي لا يستطيع التحمل بعدها؟، الخ وبنظرة بسيطة للانتفاضات التي حدثت سواء في السودان أو خارجه نرى ان هناك عوامل موضوعية بالطبع يجب ان تساعدها عوامل ذاتية في التخطيط وتوفير الامكانيات وتحويل العمل العفوي إلى عمل منظم

    إذن بالعكس، فخيار الانتفاضة يزيد ويعلو في مرحلتين، الأولى مرحلة القمع المتواصل الذي يقود الجماهير لدرجة عدم التحمل أو العيش في ظله. ولذلك تراها تخرج مضحية بأرواح المئات والآلاف منها وهناك امثلة عديدة مثلما حدث في اكتوبر 64 او ابريل 85 وخارجيا مثلما حدث في رومانيا

    الثانية، عندما يبدأ النظام في التهاوي وانفراط جو ومناخ لتحول ديمقراطي داخل البلد، هنا تكون الانتفاضة عاملا مساعدا للإطاحة بباقي النظام الموجود. وهذا ما يخشاه النظام الآن، فهو يعرف جيدا انه في مرحلة تهاو، وقد يعلل البعض هذا للمصطلح المعروف بهامش الحريات الذي يتيح فرصة للجماهير للتعبير عن نفسها، وللصحف في النشر، وللنقابات في إعادة صفوفها، ولقوى الانتفاضة في التحرك

    اعتقد ان ما ننشده جميعا هو تجنيب بلادنا المزيد من سفك الدماء، والمزيد من الدمار والخراب، ولا اظن ان شخصا يقف عكس هذا إلا يكون شخصا دراكوليا، وبالتالي ما نصر عليه الآن هو الحرية والديمقراطية والمعيشة، هناك آلاف المطحونين وملايين الجوعى في السودان، بالتأكيد لن يكون قوتهم هو السلام، لأنه لا توجد وجبة تسمى «ماشاكوس»، الشعب بحاجة لطعام يأكله، ولتعليم، ولعلاج، الخ، حقيقي السلام سيضمن عدم إرسال الأبناء للحرب، إلا ان الحاجة للطعام وللعيش الكريم وللتعبير عن الهموم، ستظل مطروحة، وكل هذه أمور تجعل الواحد متفائلا ومصرا على تحقيق السلام حتى تأخذ هذه القضايا بعدا نوعيا آخرا في السودان

    الدعوة لتطبيع العلاقات مع المؤتمر الشعبي من قبل الحركة الشعبية، كيف تتعاملون معها؟ وهل هذا يعني ان مجرد ظهور المؤتمر الشعبي في الصورة ان الجميع تغاضى عما تسبب فيه في السابق؟

    لم تتقدم الحركة الشعبية لنا بأي طلب من أجل التطبيع مع المؤتمر الشعبي، ولم يطرح أبدا داخل التجمع تصورا او اقتراحا بهذا التطبيع، الاحظ كما تلاحظين انت ايضا تطورا في العلاقة ما بين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي، وبالتأكيد لعبت الحركة دورا في مشاركة المؤتمر الشعبي في احدى ورش العمل التي نظمت خارج التجمع في أسمرا
    بالنسبة لنا، لا نعتقد انه توجد في العمل السياسي خصومة مطلقة أو حرب مطلقة، لكن، لا يمكن عندما تكون هناك محطات كبيرة وعنيفة ودموية مثل انقلاب 30 يونيو -ونحن نعرف ان من قام به تنظيم المؤتمر الشعبي قبل ان ينشق- لا يمكن تجاوز هذه المحطات بسرعة، او بالطبطبة ونسيان ما حدث، وبالتالي نحن نرى ان هذا الأمر إذا ما قدم لنا لابد ان يخضع لمناقشة، في رأيي جادة جدا وطويلة جدا جدا، ومن منطلق عدم وجود خصومة مطلقة أو ابدية، وكذلك من منطلق انه لا يمكن ان نصبح نحن من يقصي الآخرين من العمل السياسي، لأن من يحدد مولد أو وفاة حزب معين في العمل السياسي ليس هذا الحزب او ذاك أو النظام وإنما الشارع السوداني

    هنالك اشياء لابد ان توضع وبوضوح وهي مرتبطة بالصراع، مثل ما هي المسئولية عن هذا الانقلاب؟، وما هي حدود المسئولية عما ارتكب من فظائع عقب الانقلاب لم ترتكب من قبل في تاريخ السودان الحديث،؟ وما هي المسئولية في ربط السودان بشبكة الإرهاب العالمي والتوتر الفظيع الذي حدث بين السودان وجيرانه وباقي العالم،؟ وما هي المسئولية فيما حدث من تدهور في السودان من النواحي الاقتصادية والأمنية، الخ، لابد ان يجيب المؤتمر الشعبي على هذه الأسئلة. فإذا ما استمعنا الى الاجابات بذهن متفتح وبذهنية يحكمها المبدأ الأساسي الذي ذكرته سابقا، ستكون المناقشة موضوعية، وقد نصل إلى تطبيع في العلاقة وقد لا نصل، المسألة في النهاية تخضع لنقاش يشارك فيه كل حلفائنا في داخل التجمع الوطني الديمقراطي

    عودتهم للصورة خلقت نوعاً من الالتباس لدى البعض، فأهل الاقليم والخارج يرونها عودة للترابي وما يمثله، وأهل السودان يرون الوجه الآخر للنظام، كيف ترى ذلك؟

    يجب ألا ننسى انه في حال حدوث حل سياسي سيكون النظام ايضا موجودا، المسألة في النهاية تحددها الفصائل. إذا نجح المؤتمر الشعبي في فرض نفسه ووجوده والقبول به، فهذا شئ يخصه، وإذا كان هناك فصيل وبحسابات مختلفة يعتقد انه من المناسب ان يدخل في اتفاقات مع هذا المؤتمر الشعبي، فهذا أمر يخصه هو ايضا.وقد يكون من ابرم اتفاقا معه من قبل سواء حزب الأمة في فترة أو الحركة الشعبية الان، قد يكونوا استجلوا كل هذه النقاط معه واقتنعوا بها،! اما بالنسبة لنا فلم يحدث ولم يطرح لنا أو طلب منا أي تطبيع للعلاقة مع المؤتمر الشعبي

    ما أريد توضيحه، ان ما أراه قد لا تقبله الفصائل الآخرى، ولكننا كفصيل سنعمل ما ذكرته سابقا في اخضاع الأمر لمناقشة وتقييم من كافة أطراف الحركة السياسية السودانية. لأن المحطة التي ارتبط بها هذا الفصيل محطة ليست سهلة

    ألم يحن الوقت لعقد مؤتمر الحزب الشيوعي؟ وكيف تنظرون لمسألة التجديد داخل الحزب الشيوعي؟

    الوقت حان منذ زمن بعيد، نحن ومنذ انتفاضة ابريل 85 فكرنا في عقده المؤتمر الخامس للحزب، وفي رأيي اننا قصرنا في عدم اقامته، لأسباب كثيرة منها اننا كنا خارجين من حفرة العمل السري والقمع المتواصل ونريد بناء حزبنا على المستوى الجماهيري، وهذه قضية كبرى؟، كذلك البحث والترتيب للامكانيات المادية والانخراط في الدفاع عن الانتفاضة، الخ

    اعتقد اننا عندما فكرنا في عقد المؤتمر كنا نريده ان يكون كاملا، لذا اخذ منا وقتا أطول وحتى تم الانقضاض على الانتفاضة كانت هناك لجنة لم تنجز عملها في التحضير بعد. إذن كانت الاسباب ذاتية وموضوعية في نفس الوقت، وبالطبع جاء الانقلاب، ولا أعتقد ان هناك شخصا يمكنه تصور ان نعقد مؤتمرنا خلال فترة الانقلاب اللاحقة، لأنه تم التركيز وبقوة على قمع نشاطنا وبصورة كبيرة

    الآن نحن نفكر في كيفية عقد المؤتمر، ولن أذيع سرا إذا قلت لك ان هذا هو الشغل الشاغل للعمل اليومي للهيئات الحزبية المختلفة.
    أما كيف أنظر لمسألة التجديد داخل الحزب فيمكنني تلخيص وجهة نظري في النقاط التالية

    أولا هنالك عدة تساؤلات منها:

    إنهيار المعسكر الاشتراكي هل أدخل الفكر الذي كان يعبر عنه،الايديولوجيا، في أزمة؟ أم المسألة مجرد أخطاء في التطبيق؟ أو أن هنالك مؤامرة امبريالية دبرتها المخابرات الرأسمالية ونفذها عميل اسمه غورباتشوف؟ أليس هذا المنحى في التفكير ضد العلم وضد الماركسية ذاتها؟ العلاقة بين الممارسة والنظرية في نظرية المعرفة الماركسية

    هل العصر أفرز مستجدات ومتغيرات تستوجب تجديد الفكر الماركسي وتجديد الكيان التنظيمي المرتبط به، أي الحزب؟

    تجربة الحزب الشيوعي السوداني: هل فيها ما يقتضي ويفرض ضرورة التجديد والتغيير في مجال السياسة والتنظيم والمنهج؟

    المعركة هي: هل نواصل وكأن شيئاً لا يعنينا ونواصل عملنا كالمعتاد؟ أم ندك الموضوع ونبدأ من جديد؟ أم نقول أن المرجعية انتهت وكل يسبح كما يرى فتعم الفوضى ونتفتت زرافات ووحدانا؟

    هل هنالك بعد أخلاقي تجاه الجماهير التي ظللنا نمنيها بالاشتراكية ونصور لها جنة المعسكر الاشتراكي الذي انهار فجأة؟

    ثانيا: المناقشة الدائرة حول تجديد الحزب لا يمكن أن تحسمها قيادة الحزب أو حلقة كادره، وانما تتطلب مساهمة كافة عضويته وأصدقائه وحلفائه والقوى الوطنية المهتمة بقضايا تطور الثورة السودانية. انتهى عصر الموسوعيين

    هذه المناقشة هي الاوسع والاعمق منذ تأسيس الحزب. وهذه المناقشة تتقاطع في ثلاث دوائر مكملة لبعضها البعض:

    الدائرة الأولى تغطي مساهمة الحزب في النضال مع الأطراف الأخرى من أجل دحر الديكتاتورية واستعادة الديمقراطية

    الدائرة الثانية تغطي مساهمة الحزب في كسر الحلقة الشريرة، أي قضايا إعادة بناء الدولة السودانية الحديثة. وهي قضايا فجرها الصراع السياسي الممتد منذ فجر الاستقلال، لكنها ازدادت تأزما

    الدائرة الثالثة تغطي قضية تجديد الحزب على أساس الإقرار بالأزمة التي دخل فيها الحزب على مستوى التنظير والتنظيم، وعلى أساس مواجهة متغيرات العصر

    هذه الدوائر الثلاث متداخلة ومتشابكة في تفاعل جدلي، بمعنى أن تجديد الحزب سينهل من معين نضالنا من أجل استعادة الديمقراطية وكسر الحلقة الشريرة، وفي الوقت نفسه فإن الحزب المجدد سيقدم مساهمة أكبر وأعمق في ترسيخ الديمقراطية وإعادة بناء الدولة السودانية الحديثة «كسر الحلقة الشريرة». العمل في الدوائر الثلاث يسير في تلازم، ولا يقبل بتأجيل أو تقديم دائرة على الأخرى، وبالطبع هنالك صعوبات جمة في ظل الديكتاتورية الراهنة

    وبالتالي: فإن التجديد لن يأتي عبر مجرد حلقات نقاش أو تنظير في غرف مغلقة!

    بذرة التجديد ظلت موجودة في حزبنا لكن غطى عليها دثار الجمود وتأثير التجربة السوفييتية والمسئولية تقع على عاتقنا

    ثالثا: فلسفة التجديد، أو إطاره النظري، تستند على عدد من النقاط أهمها في تقديري:

    النقطة الأولى: كنا في الحزب ننطلق من طرح يقول بأن هنالك نظرية عامة صالحة لكل زمان ومكان، هي الماركسية، لكنها تتجلى بأشكال مختلفة حسب القسمات الخاصة بكل بلد. ونحن نستمد القوانين الخاصة بتطور الثورة السودانية من هذه النظرية العامة. أعتقد ما نحن بصدده الآن هو عكس هذا الطرح. أي بدلا من الانطلاق من نظرية عامة لبناء واقع نظري خاص بالسودان، نبدأ من دراسة الواقع السوداني ومن هذه الدراسة نخرج بتعميمات نظرية. منهجنا هنا هو المنهج الديالكتيكي الماركسي. بمعنى أوضح أعتقد بضرورة التخلي عن الفهم القديم لصالح طرح جديد ينادي باستخدام الديالكتيك الماركسي للخروج باستنتاجات نظرية حول تطور الثورة الاجتماعية في السودان تبدأ من واقع تاريخ السودان وارثه العربي والإسلامي والإفريقي، وبالطبع أيضا من واقعه الراهن، وذلك في تلاقح وانفتاح على مجمل التجارب الإنسانية في العالم

    النقطة الثانية: نتبنى طرحا ينادي بتقليص مساحة الايديولوجيا في الحزب على أساس زيادة مساحة البرنامج الواسع المستمد من الواقع وفق معطيات العلم وبمشاركة أصحاب المصلحة الحقيقيين كل في مجاله

    النقطة الثالثة: نحن نتحدث عن تعدد المصادر النظرية للحزب،بمعنى الانتقال من كوننا حزبا ماركسيا فقط إلى حزب تكون الماركسية، أو بالأصح ما أثبته العلم والتجربة وصار جزءاً من الحقيقة في الماركسية، إحد مكوناته النظرية، وفي نفس الوقت لا يوصد ابوابه أمام الاطروحات النظرية الأخرى. وهكذا فان هدفنا من التجديد هو استبعاد ما تقادم و ما صار لا يتماشى مع تطور الظروف الموضوعية ومع ما أفرزته تطورات الثورة السودانية و مفاهيم السوسيوجيا، المرتبطة بقضايا الصراع الاجتماعي، وفي الوقت نفسه إدخال مفاهيم جديدة، ليس من واقع التنظير بشكله المطلق، و إنما من واقع التجربة، مفاهيم لا يمكن رفضها أو اعتبارها غير علمية لمجرد أن منبعها اطروحات نظرية أخرى

    النقطة الرابعة: ننطلق من أن تطور الثورة الاجتماعية في السودان مرتبط بترسيخ مضامين الديمقراطية السياسية التعددية، وسيادة مفاهيم المجتمع المدني الديمقراطي، وأن هذا التطور لا يرتبط بحزب واحد ولا بطبقة واحدة، بل يرتبط بالمشاركة الواسعة، بتداول السلطة، بعدم إلغاء الآخر، أو إعلان أن التغيير يمكن أن ينجز بواسطة حزب واحد أو طبقة واحدة. وفي الحقيقة منذ فترة ونحن في الحزب نطرح أن الديمقراطية الليبرالية لم تستنفد أغراضها بعد، وأن المطلوب ليس نسخها واستبدالها، وإنما تطوير مفاهيمها لتتواءم مع التربة السودانية. ومن هنا نطرح: إصلاح النظام السياسي والبرلماني، المؤتمر القومي الدستوري، كيفية المواءمة بين اطروحات أحزاب الخيار الإسلامي وعدم قيام دولة دينية، قضايا القوى الحديثة، وضع قضايا المناطق المهمشة في صدر الأولويات، الخ. هذه القضايا، وغيرها، لن تحلها الديمقراطية الليبرالية وفق المنظور الغربي، ديمقراطية وستمنستر، لذلك لا بد من إعمال جهد نظري فكري يخرج بأطروحات تحافظ على جوهر الديمقراطية الليبرالية وفي الوقت نفسه تخاطب هذه القضايا المرتبطة بمجتمعات يتدنى تطورها كثيرا عن مجتمعات الغرب. وبالطبع هذا الجهد لا يقع عبئه على عاتق الشيوعيين السودانيين وحدهم

    النقطة الخامسة: حتمية وجدلية العلاقة بين التنمية والديمقراطية. نحن نؤمن بأن أي تغيير ثوري للمجتمع لا بد أن ينطلق من ضرورة الحفاظ على كل ما اكتسبته الحركة الجماهيرية من حقوق وحريات أساسية، ونرفض أي حديث ينادي بتناقض التنمية والديمقراطية. مثل هذا الحديث استخدمته العديد من الأنظمة اليسارية واليمينية، فكانت النتيجة مصادرة الديمقراطية وتعثر التنمية بل وتقهقرها كثيرا. وفي الحقيقة ستظل الديمقراطية هي المدخل الوحيد لأي مفاهيم حول الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية

    حاورته في القاهرة: رجاء العباسي


    http://www.albayan.co.ae/albayan/2003/06/17/sya/15.htm

    =======
    Sudan for all the Sudanese ..السودان لكل السودانيين

                  

06-17-2003, 03:06 PM

kramilla


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حوارات صحفية مع د. الشفيع خضر سعيد (Re: sultan)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de