العلمانية .. واجتهادات عربية متناقضة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:21 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-13-2003, 10:36 AM

Elsadiq
<aElsadiq
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1657

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العلمانية .. واجتهادات عربية متناقضة


    هاني حبيب
    2003 / 6 / 12




    ارتبطت نشة العلمانية في الغرب الرأسمالي، خاصة في عصر النهضة، الى تحرير مجتمعهم من قيود الكنيسة التي كانت تحول دون التطور بالاتجاه الرأسمالي. الأمر الذي غذى اتجاهات فكرية وسيكولوجية وتاريخية، شكل ثورة على المؤسسة المدنية. هذه العملية عملية التحول من سيطرة الكنيسة الى الثورة العلمانية، أسهمت بنجاحها الى حد كبير، الأفكار الكنسية ذاتها، والتي تعترف بتقسيم الحياة الى "ما يخص الله وما يخص القيصر"، خاصة وان الديانة المسيحية تفتقد الى نظام تشريعي ينظم شؤون حياة الناس اليومية، الا أن ذلك لم يمنع بطبيعة الحال العقبات الكأداء التي وضعتها طبقة رجال الدين في وجه الثورة العلمانية، فهذه الطبقة طبقة القساوسة ممن يدعون تمثيل الله على الأرض وتحتكر تفسير كلماته.

    اما العلمانية في منطقتنا العربية، فقد نشأت في ظروف مغايرة تماما، فحتى مطلع القرن التاسع عشر، كانت المنطقة العربية بأكملها تستمد قيمها وعاداتها وقوانينها من الشريعة الاسلامية، التي كانت تتسع لتسيير كافة شؤون الحياة اليومية – على عكس الديانة المسيحية السائدة في الغرب – الا أن الحقبة الاستعمارية التي دشنتها الحملة الفرنسية عام 1798، مهدت الطريق تدريجيا الى تحولات فكرية واجتماعية وسياسية، نتجت عن انماط السلوك التي جاء بها الغرب الى هذه المنطقة. وفي بدايات تلك الحقبة، شهدت منطقتنا تسريبا هادئا لنمط سكاني جديد تبناه بعض المتحمسين والمعجبين بالغرب، ترافق مع فرض بالقوة في بعض الأحيان، بينما نشأ نمط آخر نظر الى اوروبا باعتبارها قوة استعمارية طامعة، تحمل معها أفكارا لهدم المجتمع العربي، وما بين هذين النمطين، نشأ نمط آخر معادي للاستعمار وناضل لطرده، الا أنه مع ذلك لم يرق لبعض الأفكار الجديدة التي حملتها القوة الاستعمارية انها أفكار شيطانية بقدر ما رأى فيها سبيلا لحياة أفضل يمكن الأخذ بها لانتشال المجتمع العربي من العديد من القيم والأفكار التي شوهها بعض المشايخ، بعيدا عن السنة والشريعة، للاحتفاظ بدور هذه الطبقة في قيادة المجتمع.

    ونتيجة لصراع الأنماط الثلاثة، حول مفهوم العلمانية والموقف منه، تمت ترجمة هذا المفهوم بطريقة تختلف عن معناها الحقيقي، اذ أن كلمة "سيكيولاريزم" والتي تعني: دينونة، تمت ترجمتها الى العربية بالعلمانية، بكسر العين، للدلالة على أنها ترتكز الى العلم، او بفتح العين، للدلالة على العالم، وآفاق الفكرة العالمية. ويلاحظ أيضا أن رواد العلمانية في الوطن العربي كانوا في معظمهم من غير المسلمين، مما أسهم في تبريرات النمط المعادي للعلمانية للعمل ضدها باعتبارها تهدف الى تدمير الدين الاسلامي، مع انها في واقع الأمر تعمل في سبيل الحد من تأثير الدين، أي دين، على سلوك وحياة وقوانين النشاط الانساني، وهكذا ظهر بين مصلحي تلك الفترة – أعوام النشأة الأولى للعلمانية – اتجاهات، احدهما اسلامي والآخر مسيحي، اذ اعتبر اصحاب الاتجاه الأول أن ضرورة السعي لتحقيق التحديث والتطور، لا يعني بالضرورة التخلي عن منجزات الحضارة الاسلامية، وكان من أبرز رموز هذا الاتجاه رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافغاني وخير الدين التونسي وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وعبد الحميد بن باديس، وكل هؤلاء من أشد علماء الاسلام غيرة على الدين وقيمه. أما الاتجاه الآخر، المسيحي فقد تشكل من مجموعة من المسيحيين، العرب وأبرزهم شبلي شميل وفرح انطون وجورجي زيدان ويعقوب صروف وسلامة موسى ونيكولا حداد، ونزع هؤلاء الى تغليب الهوية الدينية القومية على النزعة الدينية، وهنا لا بد من الاشارة الى أن التيار القومي العربي الحديث نشأ أيضا على يد مجموعة من المسيحيين العرب!

    ورغم الجهد الحقيقي الذي بذله هؤلاء المفكرون الرواد، ومن تبعهم فيما بعد مثل قاسم أمين واحمد لطفي السيد، الا أن الاجتهادات الخاطئة كان لها الدور الأبرز في عدم نجاح العلمانية في منطقتنا العربية من أن تسود. ومن أهم هذه الاجتهادات المغلوطة ما روجته "طبقة المعممين" من أن العلمانية هي رديف للكفر والالحاد، و"كمذهب" مناوئ للديانات السماوية والدين الاسلامي على وجه الخصوص، حتى بات الحديث عن العلمانية من المحرمات والممنوعات، ونالها من التشويه ما نال "الشيوعية والاشتراكية" فيما بعد، ليس بسبب قصور فهم هذه الطبقة، ولكن لضمان استمرار سيطرتهم على قنوات الفكر والتشريع وبالتالي التأثير الذي يشكل العناصر الاساسية لبقاء هذه الطبقة كجزء من الطبقة الحاكمة أو على الأقل كسند لها، تلعب دورا في توعية الرأي العام وفقا لمصالح النظام السياسي الذي وجد في هذه الطبقة خير معين على تجنيد تفسيرهم للدين لضمان بقاء سطوة الحكام وسيطرتهم.

    ولأن العلمانية، كفكرة ومفهوم وممارسة، تظل من أكثر الموضوعات المثيرة للجدل في الفكر العربي المعاصر، فان النقاش حولها لم يتوقف او ينقطع منذ بداية الحملات الاستعمارية وحتى اليوم. فطوال هذه الفترة شكلت العلمانية ما يشبه "صدمة حداثية" تركت اثاءها على الفكر العربي. ولا شك ان تلازم مفهوم العلمانية مع الغرب والاستعمار، جعل منه مكونا منتسبا الى سياق حضاري وتاريخي، ليس غريبا، بل معاديا أيضا، الأمر الذي شوه النقاش الحر ازاء هذا المفهوم، ووضعه منذ البداية في سياق لم يوفر أرضية صالحة للوصول الى موقف مبني على الفهم والتروي، من هنا فقدت العلمانية أهم العناصر الضرورية كي توضع على مشرحة التفكير الجاد، بسبب الحكم المسبق عليها، اذ ظلت النقاشات حول هذا المفهوم، تدور في اطار مجال أيديولوجي وسط خوف أكيد من اتهامات بالكفر والالحاد لكل من يتحمس لهذه الفكرة.

    وأثناء بحثنا عن مراجع يمكن الاعتماد عليها، وجدنا أن معظم هذه المراجع تتناول هذا المفهوم بكثير من التبسيط والتسرع، ولا نقصد التبسيط هنا بساطة سرد الأفكار بل هشاشتها وفقرها، مع ذلك هناك العديد – على قلتها – من المراجع التي يمكن أن تعتبر مجالا لحوار جاد ونقاش هادئ متزن حول هذا المفهوم، وأحد هذه المراجع الهامة، كتاب "العلمانية تحت المجهر" (الصادر من دار الفكر المعاصر- دمشق – 2000) لمؤلفيه عبد الوهاب المسيري وعزيز العظمة، هذا الكتاب يضم بين دفتيه رأيين متباينين تماما، ويشمل خلافا حادا وموقفا مضادا، الا أن ما يميزه هو الجدل الهادئ المتزن البعيد عن التزمت والتصلب، فلكل من الكاتبين الكبيرين، أو بالأحرى المفكرين العربيين، رؤية مضادة للآخر ويعتبر – برأينا – مثل هذا النقاش الهادئ والجاد، هو ما يلزم الساحة العربية من حوار بين المختلفين دون أن يتهم طرف طرفا آخر بالنعوت والأوصاف لمجرد الخلاف في الرأي والتفكير.

    يرى عزيز العظمة أن العلمانية تطورت وفق متتالية تاريخية محصور أساسا في السياق العربي، وعكست الأزمات والحلول والصراعات والمساومات السياسية والفكرية والنظرة الفلسفية وعلاقة السلطة الدينية بالزمنية، وان هذه المتتالية تأسست بالتدرج وشملت فكر التنوير منذ بداية اندثار العصور الوسطى في عصور الثورة الفرنسية والاميركية الى الثورة الصناعية والحداثة، بما تتضمنه هذه المتتالية التاريخية من حركات استثمار وامبريالية وصولا الى العولمة، الا أن المسيري لا يفصل بين هذه المتتاليات، وان من حيث تطورها الداخلي أو اعتمادها على التقدم والتطور، الأمر الذي ينتهي الى نتيجة يمكن اعتبارها مضللة، وهي أن العلمانية والحداثة والاستثمار والعلمانية والعولمة، وما بعد الحداثة، ليست سوى مسميات لشيء واحد هو نمط التطور والسيطرة الغربية في العالم سياسيا وفكريا وعلميا، ويرى المسيري أن مفهوم العلمانية أبعد من فصل الدين عن الدولة، كون هذا المفهوم يشمل رؤية تفسيرية شاملة للعالم والكون ترتكز على عناصر واضحة مادية وعقلانية صلبة ترفض أي مرجعية أخرى.
    وبينما يرى العظمة أن تعريف العلمانية أمر بالغ التعقيد، ولا يعني تفسيرها لفظا، كونها تعكس صيرورة تاريخية أكثر منها رؤية للعالم، كما يرى المسيري، الا أن المفكرين يتفقان على أن منشأ العلمانية ومهدها كان في أوروبا، الا أن العظمة يرى فيها تجاوزا لهذا المنشأ الاوروبي مما يؤدي الى تحولات بالغة السعة والعمق، بحيث باتت تشكل شأنا من شؤون حياتنا التي لا مفر منها في سياق ترتيب علاقة الدين بالمجال العام. من هنا ينكر العظمة على الخطاب العربي ربطه الوثيق العلمانية بالاستعمار، ويرى ان تلك المرحلة انتهت وأن العلمانية هي نتاج تحولات عالمية قربت العالم بعضه من بعض.

    ورغم الثناء الذي لا بد منه للطريقة التي تم بها الحوار بين المفكرين العربيين، الا أن ذلك لا يمنع من القول أن نبرة السجال انطوت في بعض الأحيان على تفسير متبادل، وهو الأمر الذي نهى عنه كلاهما، مع ذلك يبقى لهذا السجال تأثيره الموضوعي في الاطلاع على وجهتي نظر مختلفتين ازاء قضية ما زال الموقف منها مدارا لجدل لم يحسم بعد!
    واذا كانت العلمانية تعني ببساطة فصل السلطتين الدينية والسياسية، فانها تعني أيضا ضمان احترام جميع المعتقدات الدينية والهويات الثقافية والروحية للشعوب والمجتمعات، كما تعني أن للدولة قانونا واحدا يسري على جميع المواطنين حقوقا وواجبات بصرف النظر عن الهوية الدينية، ودون تخصيص ديني أو طائفي، هذه الرؤية هي التي حكمت مفكري التنوير العرب، ونذكر في هذا السياق "كتاب الاسلام وأصول الحكم" لرجل الدين المصري علي عبد الرزاق والصادر في اواسط عشرينات القرن الماضي، فقد فتح هذا الكتاب الجريء بوضوح وشجاعة فكرية واخلاقية ملف تخطئة الادعاء بأن الاسلام دين ودولة، مؤكدا وبالادلة التاريخية الدينية الاسلامية، على أن الخلافة كانت خيارا بشريا لا الهيا وعلى أن القرآن الكريم لم ينص على شكل محدد بدقه للحكم والسلطة والسياسة.

    وقد يرى البعض أن الحوارات الساخنة، بين مؤيدي ومعارضي العلمانية في المنطقة العربية لم يوفر المناخ الذي يسمح بايجاد قواسم مشتركة لطريقة حوار تضمن تحكيم العقل من ناحية والتمسك بكل ما حمله الدين الاسلامي من سماحة وقيم نبيلة أصيلة، وظلت سمة التعصب واللجوء الى التفسير البشري المتقصد والمتعسف في كثير من الاحيان، هي التي تمنع من أن يظل الحوار العقلاني الجاد هو سيد الموقف في هذه القضية وفي غيرها من القضايا التي ما تزال رهنا برقي مستوى الحوار بعيدا عن الأفكار السلفية المسبقة!!

    http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=8097

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de