افرحوا الان معجبي ديمقراطيه بوش

Quote: مسارب الضي قلبي على أمتي ! الحاج وراق قال الشاعر محمد الفيتوري : كلما زيفوا بطلاً قلت قلبي على وطني ! قبل يومين ، مع إجتياح القوات الأمريكية لوسط بغداد وبداية إنهيار النظام العراقي ، ركبت في عربة أجرة (تاكسي) من وسط الخرطوم ، وكالعادة تجاذبت أطراف الحديث مع السائق ، وكان عن الحرب ،أخبرته بأني قبل لحظات كنت أشاهد التلفزيون ورأيت القوات الأمريكية في وسط بغداد ، وأن دلالة ذلك أن النظام العراقي قد سقط ، رد السائق بأن هذه فبركة من وسائل الإعلام الغربية ، فأجبته بهل يثق في قناة الجزيرة ؟ فلما رد بالإيجاب قلت بأن هذا الخبر قد أوردته قناة الجزيرة نفسها ·· صمت السائق قليلاً ، ثم بدأ ينشج بالبكاء ، وبعد لحظات تحول النشيج المكبوت إلى بكاء عالٍ كرب ومحروق ··تلك كانت من أشد لحظات الحرب ألماً على نفسي ، فالسائق المعني ليس من جلاوزة نظام صدام غليظي القلوب ، وليس من المرتبطين بالبعث سواء بالأفكار أو الدولار ، وكذلك ليس من حراس الأنظمة الشمولية الذين يتمنون صمود صدام كمثال على سرمدية وخلود الطغيان ، سائق التاكسي المعني نموذج لملايين المسلمين العاديين الذين أحسوا بالصدمة والإحباط · بالنسبة لهؤلاء ليست القضية النظام العراقي ، وإنما جرح جديد في العزة والكرامة ، جرح في إحساسهم الصادق بأنهم سليلي حضارة عظيمة ، وأنهم جديرون بمكانة عالمية لائقة ، هؤلاء تحرقوا شوقاً في انتظار بطولة تخرجهم من أوحال الهزائم والخيبات والخزي ، وكلما راهنوا خاب الرهان ، ويكتشفون الآن بمرارة وقسوة أن بطولتهم لا يمكن أن تتجلى في صدام حسين ونظامه المتوحش القمئ · مات نظام صدام ، سواء كان صدام حياً أو ميتاً ، هارباً أو مختفياً ، وسواء نفذ عمليات عسكرية أخرى أم لم ينفذ ، والذين ينتظرون (مفاجآت كبرى !) إنما يبيعون الأوهام لأنفسهم ولغيرهم ، ذات الأوهام التي كان يتعلق بها النازيون وقوات الحلفاء تدك معاقل برلين في الحرب العالمية الثانية ، فإلى آخر لحظة كان هتلر في إنتظار معجزة مفاجئة ! وهي نفس الأوهام التي ظلت تبثها قنوات التضليل العربي الفضائي خصوصاً (جزيرة) الأكاذيب والإنحطاط المهني : فما من كذاب أو دجال إلا وأحضروه يهرف بما لا يعرف ويسمى خبيراً إستراتيجياً ! مات نظام صدام ، ولن يبعث البعث مرة أخرى في العراق إلا على هيئة بعاتي ، والبعاتي قائم في الأساطير والخرافات ، ولكن التاريخ ، تاريخ النشوء والسقوط ، لم يعرف بعاتياً قط ! انتهى النظام ، وهو يستحق الدفن ، ولا يستحق دمعة حزن واحدة عليه ، ولكن التاريخ لم ينته ، وشعب العراق حي ولن يموت ، سنبكي معه على ضحاياه من الأطفال والنساء ، وعلى كرامته المجروحة ، ولكنا ندعوه ، وندعو الأمة من بعد ألا تحجبنا الدموع عن الرؤية : وتقضي الرؤية بأن أنظمة الطغيان إنما هي الطابور الخامس للأعداء : تحول الأوطان الى معسكرات اعتقال كبيرة ، فهل يفلح المعتقلون في الدفاع عن أسوار سجنهم ؟! وان أنظمة الطغيان طفيليات كلية الجبروت تمتص ما في المجتمعات من طاقة على الإبداع والمقاومة ،وتمتص مافيها من رواء وعافية ، فهل ترى يقوى المنهكون البائسون على الكفاح ؟! أما جيوش واستخبارات الطغيان فأسد على الشعوب وفي الحروب نعامة ··لا تتحرى عن الأعداء وإنما تلاحق المعارضين والمنتقدين من أبناء الشعب ، فتحول الناس الى مذعورين ووشاة ، ولا كرامة لمذعور أو واش ··وحين يحزب الأمر لا يدافع سدنة الطغيان عن الشعب أو الوطن وإنما يختبئون خلف ظهور الأطفال والنساء ! ثم يكرعون دعاية عن المقاومة ! ··· نعم (نور الشمهري) مقاومة ومخلصة ، غض النظر عن إنتمائها للبعث وغض النظر عن منطلقاتها ، (وأنا في صف المخلص مهما كان الذنب عظيماً) ولكن عندما تقاوم النساء باجسادهن ألا يثور السؤال : أين الصحاف والصحافين الآخرين من الكذبة في الأجهزة العسكرية والأمنية الذين ظلوا ولعقود عدة يحوزون على جل مقدرات العراق ؟! أخي وحبيبي سائق التاكسي ، كفكف الدمع ، وتجرأ لتعرف ، أعرف بأن : الكذابون لا ينتصرون ، والجهلة والمتخلفون لا ينتصرون ، والسبايا والعبيد لا ينتصرون ، تجرأ لتعرف ، فالضعاف وحدهم الذين يخافون الحقيقة ، الضعاف وحدهم الذين يحولون أم الهزائم إلى أم الإنتصارات ، يحولون الخزي إلى بطولة والأصنام إلى معالم ، تجرأ لتعرف أننا هزمنا بالأمس واليوم ، ولكن مسيرة التاريخ الإنساني إنما هي مسيرة تقدم الحرية ، وإلى ذات مزبلة التاريخ التي يحتلها الطغاة المحليون فقطعاً ستسكن أيضاً غطرسة القوة والآحادية والهيمنة ، ويوماً ما ، طال الزمن أو قصر ، ومهما تعاظمت المحن وعظمت التضحيات ، سترفرف رايات الحرية في عالم الإسلام ، وحينها وتحت ظلالها يرتفع البناء العلمي والتقني والصناعي والعسكري ، يومها لن تضام العروبة ولن يذل المسلمون