|
جرائم المكاشفي طه الكباشي في محاكم العدالة الناجزة
|
محاسب مدرسة وادي سيدنا ، فقد يده لأن إدارة المدرسة اكتشفت أن هناك فرقاً في عهدته المالية ، وُجهت له تهمة السرقة ، مع أن الحيثيات تقول أن الجريمة مناط البحث هي الاختلاس علي أسوأ الفروض ، تقرير المراجع العام كشف جانباً مهماً في هذه القضية ، أن نظام الرقابة المالية في المدرسة المذكورة ضعيف ، وأن جرد العهدة المالية لا يتم إلا في نهاية العام ، ولكن قضاة القطع والبتر لا يعنيهم تقرير المراجع العام ، ملاحظة أخري جديرة بالاهتمام ، أن المدرسة لا تحتفظ بحساب بنكي لحفظ ودائعها ، مما يجعل المبالغ المالية تتكدس في خزينة المدرسة ، وأحياناً يقوم مدير المدرسة بصرف بعض المبالغ قبل أن تدخل الخزينة ويطلب من المحاسب عمل التسوية المطلوبة ، مما يعد تساهلاً ربما يؤدي إلي حدوث بعض الأخطاء البشرية والتي عادةً ما تصاحب أداء العمل المحاسبي ، ومحاسب المدرسة الضحية والذي فقد يده بسبب خطأ بشري لم يكن مُؤمن عليه ساعة وقوع الاختلاف في المبلغ بين القيمة الدفترية والقيمة الفعلية الموجودة في الخزنة ، فعادة ما تغطي شركة الـتأمين هذا الفرق ، ولكن عدالة المكاشفي طه الكباشي كانت سريعة ، ومتجاوزةً لكل منطق يدفع الشبهة عن التهم المغلوب علي أمره ، أصدرت محكمة العدالة الناجزة حكمها بضرورة قطع يد المتهم اليسرى ، كعقابٍ له علي جريمة لم يقترفها إذا نظرنا إلي الشبهات التي تدرأ الحد ، عُرض الحكم علي الرئيس النميري ، فوجد أن الرجل مجرماً ويستحق العقوبة ، تم التصديق علي الحكم في نشرة السادسة صباحاً بصوت المذيع عمر الجزولى ، وحددت ساعة القطع بسجن كوبر ، وفشلت توسلات الأسرة والمحامين في دفع العقوبة ، ولم يٌقبل الاستئناف لأن الجريمة في نظر القضاة الذين نطقوا بالحكم كانت حدية ولا تُقبل فيها الشفاعة ، جاءت عربة الإسعاف ونقلت المتهم إلي مبني السلاح الطبي ، وسط حراسةً أمنية مكثفة ، تم تخدير المتهم بالكامل ، وهو في حالة اللا وعي قُطعت يده من المرفق ، والطبيب الذي أجري العملية الجراحية أطلع أهل المتهم أن العملية قد كُللت بالنجاح ، لأن المتهم لم يشعر بالألم ، ودعاهم أن يحمدوا الله أنه قبل أربعة عشر قرناً كانت هذه العملية تتم من غير مخدر ، وبفضل العلم الحديث تم اختصار الألم في ثوانٍ معدودة . أستيقظ (..) وأفاق من المخدر فوجد يده محاطة بشاش أبيض ، لم يصدق أنه فقد يده إلي الأبد ، كأنه في حلم مخيف ، حاول أن يغمد عينيه ثم فتحهما ليعرف أن ما حدث لا يعدو عن كونه كابوس وليس حقيقة .
|
|
|
|
|
|