Only In Sudan

Quote: المقلوب.. في القلوب)..!! عثمان ميرغني 2009-02-09 الحمد لله.. أن الله لم يمكِّن الإنسان حتى اليوم من اختراع (حبة الحقيقة).. وحبة الحقيقة هذه هي دواء في شكل كبسولات (حبوب) يبلعه الإنسان فيسري في عروقه ويغيِّر كيمياءه.. فيصبح ظاهره كباطنه.. ويعلن رأيه صريحاً بلا تذويق أو تحوير.. وسر خوفي من اختراع أو وجود مثل هذه (الحبوب).. أني أخشى جداً من المؤامرات.. إذ يقوم فرد ما أو جهة ما.. بتذويب هذه الحبوب في مصادر المياه في الخرطوم.. ويدخل الماء إلى بيوت الساسة فيشربونه.. فيجد الدكتور الترابي معه في سجن بورتسودان تجريدة من أشهر الساسة الذين لا يكفون عن التصريح كل صباح بأنهم (ضد) المحكمة الجنائية!! مخرج تلفزيوني قال لي إنه خلال تصوير أحد الوجهاء الساسة.. في برنامج.. وبعد أن هاج السياسي وماج.. وألقى خطباً عصماء ولا أبدع.. وهدد وشجب وأدان واستنكر.. فلما انتهى تصوير البرنامج لم ينتبه السياسي إلى أن (المايكرفون) لا يزال معلّقاً في صدر البدلة التي يلبسها.. إذ أن فني الصوت لم يأت لنزع المايكروفون بعد.. فسمع المخرج السياسي يتمتم في خشوع (استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم) وكررها ثلاث مرات.. قال لي المخرج إنه كان يحس من البداية أن السياسي في حاجة إلى (كفارة) وليس مجرّد استغفار.. لا أدري -كوني لستُ سياسياً بالمعنى الحرفي- هل تلك هي أحد مؤهلات السياسي.. أي سياسي.. أن يعرف جيداً كيف يتحدّث من وراء ظهر ضميره.. أن يتقن فن (المقلوب في القلوب).. فيتحدّث بمقلوب ما يساور قلبه.. خاصة عندما يعتلي المنابر العامة.. وربما حتى لا يحس القارئ بأني (أبالغ) في الظن.. وبعض الظن إثم.. ليت أحد مقدمي أو مخرجي البرامج في الإذاعة أو التلفزيون يقوم بتجربة فريدة.. لم يسبقه إليها أحد.. مع احتفاظي بالحق الأدبي كوني صاحب الفكرة والملكية الفكرية.. يستضيف البرنامج شخصية سياسية من أي حزب أو فكر أو جهة.. ويشترط عليه شرطاً واحداً لا يمكن تجاوزه.. أن يتحدّث السياسي بعكس ما يريد قوله..!! ستكون النتيجة مدهشة لحد الإبهار.. سيجد اللسان منطلقاً والحديث سلسالاً منسكباً بلا لجج.. كأنه توسل إلى الله بدعوة سيدنا هرون أخي موسى عليهما السلام (اللهم أحلل عقدة من لساني.. يفقهوا قولي..) سيدي مدير مياه الخرطوم.. شددوا الرقابة.. حتى لا يلقي أحد بـ(حبة الحقيقة) في مصادر المياه!. فهؤلاء الساسة أخشى عليهم من شرب ماء مخلوط بـ(حبة الحقيقة)..