|
آخر الطغاة
|
يحدثنا التاريخ عن طغاة بلغوا مرتبة لا تعلوها درجة في القساوة والوحشية , فهم يقتلون البشر ويهرقون دماءهم ويبيدونهم دون أن يطرف لهم جفن في وحشية يتضاءل أمامها وحشية الحيوانات العجماوات التي لا تعقل والتي تمزق فرائسها للأكل وحسب , وليس للتشفي أو الانتقام أو التلذذ بالقتل كما يفعل بعض بني البشر . وأول هؤلاء السفاحين هو نيرون الذي قتل أمه وزوجته وأحرق روما بينما هو يغني ويعزف منتشياً بمنظر الحريق . وثاني السفاحين هو علي الأعرج زعيم القرامطة الذي داهم الحجاج في بيت الله الحرام بمكة ولم ينج منهم أحد , وسالت الدماء أنهاراً في الحرم وفي مكة , وأعتلي الأعرج سطح الكعبة وصار يرقص ويعرض ملوحاً بسيفه وهو ينشد ويقول : (أنا علي وعلي أنا …. يخلق الخلق وأفنيهم أنا) . ثم جاء التتار بقيادة تيمورلنك فذبحوا كل أهل بغداد وما استثنوا رجلاً أو امرأة أو طفلاً حتى أن مياه نهر دجلة تلونت بلون الدماء الأحمر . وفي العصر الحديث جاء هتلر والذي أباد جحافل اليهود بالإعدامات وفي المحارق , وكذلك الكثير من مواطني الدول الأوروبية التي احتلها . وأعقب هؤلاء الطغاة السفاحين سفاح كمبوديا بول بوت الذي أباد مليون نفس من شعبه , وكذلك السفاح الصربي كاراديتش الذي أباد الآلاف من المسلمين في البوسنة وكوسوفو . وأما هنا في السودان وبأمر من عمر البشير رئيس الدولة والقائد الاعلي للقوات المسلحة قتلت قواته من الجنجويد والقوات المسلحة مئات الألوف في دارفور واغتصبوا مئات النساء , وأحرقوا آلاف القرى والزرع , وسمموا وردموا آبار المياه , وارتكبوا من الفظائع ما تشيب من هوله الولدان , وشردوا مليونين ونصف من ديارهم وأراضيهم في العراء وأحلّوا أرضهم جماعات المرتزقة من الجنجويد . ولكن عين الله لا تغفل ولا تنام عن الفسقة والظالمين , وهو يمهل ولا يهمل , وانه يملي للظالم حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر ولم يفلته . والآن أتي يوم الحساب الدنيوي في محكمة الجزاء الدولية في لاهاي للطاغية البشير والذين تخضبت أياديهم بدماء الأبرياء , وسيتبعه أعوانه من المجرمين لينالوا جزاءهم العادل , وهذا الجزاء يهون إزاء الحساب يوم الدين للقصاص لأرواح الأبرياء التي أزهقت دون جريرة أتوها , أو ذنب جنوه . فلتكن هذه المأساة هي الأخيرة في تاريخنا وليكن هذا الحاكم آخر الطغاة , وسيبقي حكم الجبهة القومية الإسلامية ووليدها المؤتمر الوطني وصمة عار في جباههم لا تنمحي , وبقعة سوداء في تاريخ بلادنا .
|
|
|
|
|
|