تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2025, 09:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-15-2009, 06:59 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم)

    مصطلح ختم الأولياء له معاني متعددة عند الصوفية وقد أوضحتها العارفة الشيخة الدكتورة سعاد الحكيم أمد الله في عمرها في كتابها الرائع المعجم الصوفي، وما يتطرق له هذا البوست هو ختم الأولياء الذي أفرد له بن عربي كتابه الشهير "عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب" حيث أفاض الشيخ الأكبر في الحديث عن صاحب هذا المقام ووضع فقرات في هذا الكتاب بأبجدية غير الأبجدية العربية ختمها بذكر اسم ختم الأولياء بتلك الأبجدية التي ظن البعض أنها السريانية القديمة التي تكلمها آدم عليه السلام غير أن الحروف لا تطابق أيا من روايات الحروف السريانية القديمة مثل رواية بن وحشية مثلا، لكن العارف بالله الشيخ قاسم السعدي بن أبي الفضل الشافعي شيخ المشائخ بحلب في القرن التاسع الإسلامي وضع شرحا لكتاب عنقاء مغرب بعنوان الوعاء المختوم في السر المكتوم فرغ منه سنة 954 هجرية فك فيه طلاسم أبجدية بن عربي فاتضح أن الفقرات التي وضعها بن عربي (والتي حذفت من نص عنقاء مغرب المطبوع تقليلا لتكلفة الطباعة) ليست سوى آيات قرآنية، وأما الاسم نفسه (وهو موجود في النص المطبوع) فاتضح أنه ليس سوى اسم سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام وهذه صورة موضع تفسير طلسم الأسم من المخطوط :



                  

01-15-2009, 07:01 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    وهذه هي الصفحة اللاحقة من المخطوط وفيها بقية الشرح :



                  

01-15-2009, 07:09 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    أما لماذا وضع بن عربي هذا الاسم مطلسما بهذه الكيفية فهو أمر محير، لكن ظني أنه وبسبب ما لاقاه من عناء نتيجة لعدم فهم الكثير من كتاباته في زمن اتسم بالانغلاق الفكري فقد رأى أن يحجب هذا الإسم عن الجهلة ومحدودي الأفق في زمنه.

    هل يقدح كون أن سيدناعيسى بن مريم عليه السلام هو ختم الأولياء في ختمية الشيخين الجليلين محمد عثمان الميرغني مؤسس الطريقة الختمية وأحمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية؟ في اعتقادي أن الإجابة لا ـ لأن لختم الأولياء كما قلنا معان متعددة والكتاب يشرح معنى واحد منها وإن كان هو المعنى الرئيسي.
                  

01-15-2009, 07:11 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    وحيث أن شرح هذه الحروف أمر واضح وليس فيه أي مجال للبس والتأويل لذلك فمن الواضح أن أتباع المشايخ الذين ظنوا أن الشخص المذكور في الكتاب هو شيخهم قد أخطأوا تماما.
                  

01-17-2009, 05:29 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)
                  

01-17-2009, 05:39 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    الرؤيا المنامية الغريبة التي رآها المؤلف وكانت داعيا له لوضع هذا الشرح تفتح لنا نافذة نادرة نرى منها نوعية الرؤى التي يراها أهل المقامات الروحية السامية، فهو يستخرج فيها من الأرض طائر "طاووس" ضخم الحجم وذو جمال رائع، ومن ثم يرى طلسما يدور وينشد شعرا:

    لا ينال القرب غير فتى جانب الأقران والخلا
    مجاهدا للنفس مجتهدا يكتفي بالخبز والخلا


    فكأنه وهو في القرن العاشر رأى أحد أجهزة تشغيل الأسطوانات المسموعة أو السي دي والتي تدور فيها الأسطوانة وتنطلق فيها الموسيقى!

    لقد جمع المؤلف بين علمي الظاهر والباطن فكان حقيقة أهلا لشرح هذا الكتاب المعضل.
                  

01-17-2009, 07:56 PM

كمال حامد
<aكمال حامد
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    الأخ محمد عثمان الحاج
    السلام عليكم ورحمة الله
    وبعد : أرى أن الأمر في غاية الوضوح بسبب العبارة الواردة في المقدمة وهي :وأمره كأمر آدم صلوات الله وسلامه عليهما.
    فالذي أمره كأمر آدم هو السيد المسيح عيسى بن مريم ، والدليل قول الله تعالى : ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)) آل عمران – 59
    وقد ورد ذكر سيدنا آدم 25 مرة في القرآن الكريم وكذلك ورد ذكر الإسم عيسى 25 مرة ، ويمكنك التأكد بواسطة الكمبيوتر
    أما أن تكون عودة عيسى في مقام الولاية ، فلأنه لا نبي بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وسيصلى عيسى خلف المهدي المنتظر والله أعلم
                  

01-17-2009, 08:34 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: كمال حامد)

    تشكر أخي كمال حامد على هذه المعلومات وهذا الكتاب يؤكد ما لعودة المسيح من أهمية عند السادة الصوفية. وفي الكتاب يقول بن عربي "اسمه عبد الله وهو اسم كل عبد لله" ويورد القرآن الكريم على لسان سيدنا عيسى عليه السلام:

    {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً }مريم30
                  

01-22-2009, 06:16 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    أورد دكتور محمود عبد الرزاق في معجمه الصوفي بعض معاني ختم الأولياء:

    ذكر الحكيم الترمذى فى شأن خاتم الأولياء وصفته : ( وما صفة ذلك الولى الذىله إمامة الولاية ورياستها وختم الولاية ؟ قال : ذلك من الأنبياء قريب ، يكاد يلحقهم ، قال : فأين مقامه ؟ قال : فى أعلى منازل الأولياء ، فى ملك الفردانية ، وقد انفرد فى وحدانيته ومناجاته ، كفاحا فى مجالس الملك وهدياه من خزائن السعى ، قال : وما خزائن السعى ؟ قال : إنما هى ثلاث خزائن : المنن للأولياء ، وخزائن السعى لهذا الإمام القائد ، وخزائن القرب للأنبياء عليهم السلام ، فهذا خاتم الأولياء ، مقامه من خزائن المنن ، ومتناوله من خزائن القرب ، فهو فى السعى أبدا ) .

    يقول ابن عربى : ( فيكون عيسى عليه السلام خاتم الأولياء وهو أفضل هذه الأمة المحمدية ، فإنه وإن كان وليا فى هذه الأمة والملة المحمدية ، فهو نبى ورسول فى نفس الأمر ) الفتوحات المكية.

    ختم الولاية الخاصة ، وهى لرجل من العرب ، جمع علم كل ولى محمدى ، هو خاتم النبوة المطلقة يختم الله به الولاية المحمدية ، فكما أن الله ختم بمحمد نبوة الشرائع ، كذلك ختم الله بالختم المحمدى الولاية التى تحصل من الورث المحمدى .
    وختم هذه الولاية المحمدية يدعيه ابن عربى لنفسه فقال :
    أنا ختم الولاية دون شك لورث الهاشمى مع المسيح
    كما أنى أبو بكر عتيق أجاهد كل ذى جسم وروح
                  

01-22-2009, 07:46 PM

ود محجوب
<aود محجوب
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 7643

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    Quote: أورد دكتور محمود عبد الرزاق في معجمه الصوفي بعض معاني ختم الأولياء:

    ذكر الحكيم الترمذى فى شأن خاتم الأولياء وصفته : ( وما صفة ذلك الولى الذىله إمامة الولاية ورياستها وختم الولاية ؟ قال : ذلك من الأنبياء قريب ، يكاد يلحقهم ، قال : فأين مقامه ؟ قال : فى أعلى منازل الأولياء ، فى ملك الفردانية ، وقد انفرد فى وحدانيته ومناجاته ، كفاحا فى مجالس الملك وهدياه من خزائن السعى ، قال : وما خزائن السعى ؟ قال : إنما هى ثلاث خزائن : المنن للأولياء ، وخزائن السعى لهذا الإمام القائد ، وخزائن القرب للأنبياء عليهم السلام ، فهذا خاتم الأولياء ، مقامه من خزائن المنن ، ومتناوله من خزائن القرب ، فهو فى السعى أبدا ) .

    يقول ابن عربى : ( فيكون عيسى عليه السلام خاتم الأولياء وهو أفضل هذه الأمة المحمدية ، فإنه وإن كان وليا فى هذه الأمة والملة المحمدية ، فهو نبى ورسول فى نفس الأمر ) الفتوحات المكية.

    ختم الولاية الخاصة ، وهى لرجل من العرب ، جمع علم كل ولى محمدى ، هو خاتم النبوة المطلقة يختم الله به الولاية المحمدية ، فكما أن الله ختم بمحمد نبوة الشرائع ، كذلك ختم الله بالختم المحمدى الولاية التى تحصل من الورث المحمدى .
    وختم هذه الولاية المحمدية يدعيه ابن عربى لنفسه فقال :
    أنا ختم الولاية دون شك لورث الهاشمى مع المسيح
    كما أنى أبو بكر عتيق أجاهد كل ذى جسم وروح




    الأخ محمد عثمان الحاج لك التحايا

    اخى الكريم ختم الأولياء الذى عناه ابن عربى فى عنقاء مغرب ليس هو السيد المسيح عليه السلام. ولو قرأت قصيدة ابن عربى فى ختم الأولياء لتيقنت من ذلك.فكيف ينبأ ابن عربى بظهور ختم الأولياء ثم يدعيه لنفسه ويقول انا هو؟. فمقام ختم الاولياء لخمسة من كمل الاولياء اولهم الحكيم الترمذى وثانيهم ابن عربى ثم سيدى محمد وفا .

    اما من عناه ابن عربى فهو من يختم مقام هؤلاء.


    ولنا عودة انشاء الله.
                  

01-23-2009, 08:03 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: ود محجوب)

    لك التحية أخي ود محجوب، وفي حين أن الكلام عن ختم الأولياء والمهدي لا يصح إلا من أهل الفتح الذين انكشف لهم العالم من الفرش للعرش كما يقولون وليس لأمثالي من الخطاة الجهلة الدخول في مثل ذلك، لكن هذا الكتاب بالذات أثار اهتمامي بسبب أنني لقيت من ادعى أن الاسم المطلسم هو اسمه هو ووضع له تفسير لوى به الحقائق لتنطبق الصورة عليه وتلك من مصائب النفس والشيطان التي يقع فيها بعض من يدخل المجاهدات والمكاشفات ويظن أنه وصل إلى شئ وأنه ليس هناك من هو مثله وعندها يهجم عليه الشعور بالأهمية ليرمي به في أسفل سافلين نعوذ بالله . الشئ الثاني الذي يثير اهتمامي هو أن بن عربي عليه رحمة الله يعتبر واحدا من أهم المصادر في علم الجفر و الزايرجة حيث أنه وضع بعض طرقه التي كانت سرا مكتوما قبله وضعها في شكل قصائد أصبحت هي من المصادر الرئيسية لدارسي هذا العلم، كما كتب العديد من الرسائل في هذا العلم وقد فوجئت أنه مرة أخرى استعمل أبجدية غير العربية ليكتب بها الكلمة التي تخفي سر الطريقة لذلك أنا أتتبع كل ما كتبه بن عربي من طلاسم، وأرجو أن تتمكن من تنزيل المخطوط من الموقع ودراسة تحليله لهذه الحروف منذ البداية فهي نفس الحروف التي كتبت بها الفقرات الأخرى من الكتاب والتي وضحها الشرح بصورة لا يمكن الطعن فيها وبن عربي يقول أنه أغلق بهذا النص المطلسم باب التأويل، والنص الآخر الذي يشير فيه إلى أن سيدنا عيسى هو ختم الأولياء هو أيضا من الفتوحات المكية، والمواضع التي تؤكد أعلوية مقام الختم على مقام سيدنا أبو بكر الصديق موجودة وهذا لا ينبغي إلا لسيدنا عيسى عليه السلام وقد أورت موسوعة الكسنزان الصوفية ـ مع تحفظي على كاتبهاـ ما يلي:

    الخاتم - الختم
    في اللغة
    «خاتِم كل شيء وخاتمته : عاقبته وآخره…
    وختام القوم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم: آخرهم »( ) .
    في القرآن الكريم
    وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (7) مرات ، منها قوله تعالى :  خِتامُهُ مِسْكٌ وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسونَ ( ) ..
    في الاصطلاح الصوفي
    • الخاتم :
    الشيخ كمال الدين القاشاني
    يقول : « الخاتم : هو الذي قطع المقامات بأسرها ، وبلغ نهاية الكمال ، وبهذا المعنى يتعود ويتكثر »( ) .
    الشيخ عبد الكريم الجيلي
    يقول : « الخاتم : هو الفرد الكامل والغوث الجامع ، عليه يدور أمر الوجود وله يكون الركوع والسجود وبه يحفظ الله العالم ، وهو المعبر عنه بالمهدي ... وهو الخليفة ، وأشار إليه في قصة آدم . تنجذب حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى حجر المغناطيس ، ويقهر الكون بعظمته ، ويفعل ما يشاء بقدرته ، فلا يحجب عنه شيء ، وذلك أنه لما كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الولي ذاتاً ساذجاً غير مقيد برتبة لا حقيقة إلهية ولا خلقية عبدية ، أعطى كل رتبة من رتب الموجودات الإلهية والخلقية حقها »( ) .
    • الختم :
    الشيخ الأكبر ابن عربي
    يقول : « الختم : هو واحد لا في كل زمان ، بل واحد في العالم ، يختم الله به الولاية المحمدية ، فلا يكون في الأولياء المحمديين أكبر منه » ( ) .
    ويقول : « الختم : علامة الحق على القلوب من العارفين »( ) .
    ويقول : « الختم : هو الذي يحمل لواء الولاية ويكون المنتهى للمقام والغاية . إنه قد كان ختماً لا يُعرف ، وكان له الأمر لا يرد ولا يصرف ، في روحانية متجسدة وفردانية متعددة ، ختم أمراً جسيماً فاستتر ، وختم أمراً مقامياً فظهر ، وإن ظهر بعد ولي فليس له المقام الأعلى ... ليس الختم بالزمان ، وإنما هو باستيفاء مقام العيان »( ) .
    الشيخ محمد عثمان الميرغني
    الختم : هو الناطق عن الحقيقة المحمدية ( ) .
    الدكتورة سعاد الحكيم
    تقول : « الخَتم [ عند ابن عربي ] : في أي أمر من الأمور هو حده ونهايته .
    فحدّه : من حيث أن الختم يجمع كل الصفات المتفرقة في النوع الذي يختمه ، فهو
    ( الحد ) الذي لا يتخطى كماله أمر من الأمور التي يختمها . وهنا لا عناصر زمنية تدخل في مفهوم الختم ، فقد يكون أول النوع أو وسطه أو في الظهور .
    ونهايته : من حيث أنه لا يكون بعده لأحد أن يظهر بمثل ما ظهر به .
    مثلاً : أن محمداً خاتم الأنبياء ، فليس لأحد بعده أن يظهر بالنبوة »( ) .
    وتقول : «الخَتم [ عند ابن عربي ] : هو الحافظ »( ) .
    في اصطلاح الكسنـزان
    نقول : الخاتَم : هو الذي يكون به الابتداء والانتهاء ، ولذلك سمي الخاتَم خاتماً ، لأنه محيط بالإصبع من كل جانب ، فيبتدأ به وينتهى إليه . ولما كان سيدنا محمد
    ( خاتَم النبيين ) ، فهو محيط دائرة الأنبياء أجمعين منه الابتداء وإليه المنتهى ( ) .
    إضافات وإيضاحات
    [ مسألة - 1] : في سبب تسمية خاتم الأولياء بالخاتم
    يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
    « إنما سميناه خاتماً ، وجعلناه على الأولياء حاكماً : لأنه يأتي يوم القيامة وفي يده اليمنى محل الملك الأسنى خاتم مثالي جسماني ، وفي يده اليسرى محل الإمام الأسرى بخاتم نزالي روحاني ، وقد انتشر باليمين في زمرة أهل التعيين ، وقد انتشر باليسار مع أهل التمكين . خصص بعلمين ، وخوطب بإسمين »( ) .
    [ مسألة - 2] : في أوجه الختم
    يقول الشيخ محمد عثمان الميرغني :
    « إن معنى الختم على أربعة أوجه :
    الختم النبوي ، والثاني الختم المهدي ، والثالت ختمك ، والرابع الذي لا ولي بعده ، وهو في آخر الزمان »( ) .
    [ مسألة – 3] : في أن الختم هو الإمام علي بن أبي طالب
    يقول الدكتور حسن الشرقاوي :
    « يقال أن الختم هو سيدنا علي بن أبي طالب  ، كما يقال أن الختم هو الذي يختم به قلوب العارفين بمعرفة الحق تعالى ، فهو العلامة المميزة لقلوب الأولياء ، وهذا ما يميزهم عن العامة من الناس .
    وقد ورد في القرآن الكريم في معنى ذلك قوله تعالى :  ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلَكِنْ رَسولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيّينَ ( ) ، فكما أن الرسول خاتم الأنبياء ، فإن علي خاتم الأولياء لقول الرسول :  أنا مدينة العلم وعلي بن أبي طالب
    بابها ( ) ، لذلك يعتبر كثير من أئمة الصوفية أن علياً أول قطب في حكومة
    الأولياء »( ) .
    [ مسألة - 4] : في أن لكل زمان ختماً
    يقول الشيخ علي بن وفا :
    « لكل زمان ختم »( ) .
    [ مسألة - 5] : في مواضع ذكر الختم في القرآن
    يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
    « تتبعت مواضع التنبيهات عليه [ الختم ] والتنصيص في القرآن فوجدته كثيراً لكن على تقاسيم البرهان : فمنها في البقرة موضعان ...
    في آل عمران أربعة مواضع ...
    وفي النساء أربعة مواضع ...
    وفي المائدة ثمانية مواضع ...
    وفي الأنعام موضع ...
    وفي مريم موضعان ...
    وفي الأنبياء موضع ...
    وفي الشورى موضع ...
    وفي الحديد موضع ... »( ) .
    [ مقارنة ] : في الفرق بين رتبة الختم ورتبة الصديق
    يقول الشيخ الأكبر بن عربي :
    « الختم فوق رتبة الصديق ... الختم نبوي المحتد ، علوي المشهد ، فلهذا جعلناه فوق الصديق كما جعله الحق . فالآخذ نوره من مشكاة النبوة أكبر ممن أخذه من مشكاة الصديقية . فبين التابع والصاحب ما بين الشاهد والغائب »( ) .
                  

01-23-2009, 08:11 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    وهذا مثال لطلسم آخر من طلاسم بن عربي لاخفاء الأسرار:



                  

01-28-2009, 12:18 PM

ود محجوب
<aود محجوب
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 7643

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    الأخ محمد عثمان الحاج كنت قد انزلت ردا ولكن الظاهر راح فى كرعين الهكر.


    سوف اقوم بالرد لاحقا
                  

01-28-2009, 02:39 PM

عمار عبدالله عبدالرحمن
<aعمار عبدالله عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 02-26-2005
مجموع المشاركات: 9162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: ود محجوب)

    الاستاذ محمد عثمان الحاج ,,

    تشكر على هذه السياحة , كتاب عنقاء مغرب في اواسط التسعينات من القرن المنصرم قامت مؤسسة الكوثر
    (احدى مراكزنا الثقافية التي اغلقت) باعادة طباعة نسخة نادر للكتاب , تم الحصول عليها من احد الزهاد , وقد كتب المقدمه الشيخ الجليل عبدالجبار المبارك (لله الرحمة) كمان ان عدد كبير من مشائخ اهل الطريق قد ادرجوا تعليقاتهم على ولكن بكل اسف ظروف الطباعه والامكانيات حالة دون كتابتها,,


    اتمنى ان اجد فرصة لرفع هذه النسخه ,, ويوجد بينها وبين الرابط الذي وضعته بعد الاختلافات


    دمت ونحن لك من المتابعين
                  

01-28-2009, 07:00 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    الأخ ود محجوب لك الشكر وفي انتظار عودتك وتوضيحاتك التي تلقي الضوء على هذا الموضوع المعضل.
                  

01-28-2009, 07:08 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    ولك الشكر أخي عمار وقد شوقتني جدا للإطلاع على النسخة النادرة التي أشرتم إليها وآمل أن تتمكن من وضعها على موقع 4sahred أو غيره من مواقع رفع الملفات حتى يتسنى لمحبي بن عربي الإطلاع عليها والحمد لله أن الإنترنت قد أنهت صعوبات الطباعة واحتكار المعرفة وجعلت مثل هذا المخطوط وغيره متاحا للجميع.
                  

01-28-2009, 10:50 PM

ود محجوب
<aود محجوب
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 7643

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)

    أخى الكريم محمد عثمان الحاج تحياتى
    نزول سيدنا عيسى عليه السلام ثابت فى القران والسنة وتواترت الأحاديث الشريفة عن ظهور المهدى عليه السلام فما اورده الشيخ قاسم السعدي بن أبي الفضل الشافعي عليه رحمة الله ان المطلسم له فى (عنقاء مغرب فى ختم الأولياء وشمس المغرب) هو سيدنا عيسى عليه السلام يخالف ما اورده الشيخ الأكبر فى كتابه فالشيخ الأكبر يتكلم عن ولى من الأمة المحمدية لا عن نبى ولا رسول والشيخ الأكبر يضع مقام الختم فوق الصديقية ويبرر لذلك والمعلوم لو كان يتكلم عن سيدنا عيسى عليه السلام لما احتاج لذلك فالنبى والرسول معلوم هو اعلى من الصديق ولا خلاف فى ذلك.

    ودعنا نستعين بما ذكره الشيخ الأكبر فى كتابه عنقاء مغرب فهو يذكر سيدنا عيسى عليه السلام والمهدى والختم كافراد مختلفين تماما . وهنا ما ذكره ابن عربى فى كتابه صفحة 72


    ((واعلم أن الله ذكر الختم المكرم, والأمام المتبوع المعظم . حامل لواء الولاية وخاتمها , وامام الجماعة وحاكمها وأنبأ به سبحانه فى مواضع كثيرة من كتابه العزيز تنبيها عليه وعلى مرتبته ليقع التمييز فإن الإمام المهدى المنسوب الى بيت النبى , لما كان اماما متبوعا وأمرا مسموعا ربما اشتبهت على الدخيل صفاتهما واختلطت عليه اياتهما.واما عيسى عليه السلام فلا يقع فى اياته اشتراك ، فإنه نبى بلا ريب ولا ارتباك. ولما كان الختم والمهدى كل واد منهما ولى ربما وقع اللبس وحصل التعب لدواعى النفس .................................الى ان يقول عن الختم......حتى ان عيسى عليه السلام ليذكره فيشهد له بين الأنام، وان الإمام الأعظم الختام لمقام الأولياء الكرم ، وكفى بعيسى عليه السلام شهيدا، وإن ورائكم له لعقبة كؤدا. لايقطعها الا من ضمر بطنه وسهل حزنه، فموضع عليه سبحانه أنه أنه سيظهر على أوليائه وينصر على أعدائه، وذلك فأعلم .))
    انتهى النقل
    وكما ترى هنا أخى محمد عثمان ان الشيخ الأكبر ميز تمميزا واضحا بين عيسى عليه السلام وكلا من الإمامين المهدى والختم. بل اوضح انه لا يحصل اشتباه ولا التباس بينه وبين المهدى والختم .

    وفى صفحة 76 من نفس الكتاب يذكر.

    ((وغفلوا عن القرن الرابع الآتى بعد الثلاثة الذى هو زمن المهدى، والختم الولى, ونزول عيسى النبى))


    وهذا النصى ايضا واضح البيان بين عيسى عليه السلام النبى والختم الولى ولك الشكر.
                  

01-29-2009, 00:22 AM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: ود محجوب)

    هذه مشاركة مني للزميل محمد عثمان الحاج بكلمات نافعات لشيخ الإسلام يرد فيها على عقيدة ابن عربي عموما وفي فرعون خصوصا.ابن عربي كشف علماء الإسلام حاله وضلاله.وبينوا للناس كذب ما يدعيه من مزاعم خاتم الأولياء الذي يدعيه من منطلق كتبه المملوءة بالرموز الباطنية الكفرية.
    وشكرا.


    Quote: رسالة في الرد على ابن عربي في دعوى إيمان فرعون

    هذا سؤال أجاب عنه الشيخ الإمام العلامة الأوحد، شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه التوفيق

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

    نص السؤال:

    ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم في قول فرعون عند الغرق: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [سورة يونس: 90] هل فيه دليل على إيمانه وإسلامه؟ أو هل يوجد في القرآن أو السنة أو القياس دليل على إيمانه أو إسلامه؟ وما يجب على من يقول: إنه مات مؤمنا، والحالة هذه؟

    الجواب

    الحمد لله.

    فرعون من أعظم الخلق كفرا

    كفر فرعون، وموته كافرا، وكونه من أهل النار هو مما علم بالاضطرار من دين المسلمين، بل ومن دين اليهود والنصارى، فإن أهل الملل الثلاثة متفقون على أنه من أعظم الخلق كفرا، ولهذا لم يذكر الله تعالى في القرآن قصة كافر كما ذكر قصته في بسطها وتثنيتها، ولا ذكر عن كافر من الكفر أعظم مما ذكر من كفره واجترائه وكونه أشد الناس عذابا يوم القيامة.

    ولهذا كان المسلمون متفقين على أن من توقف في كفره وكونه من أهل النار فإنه يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا، فضلا عمن يقول إنه مات مؤمنا.

    لا يصرح بموته مؤمنا إلا من فيه نفاق وزندقة كالاتحادية

    والشك في كفره أو نفيه أعظم منه في كفر أبي لهب ونحوه، وأعظم من ذلك في أبي جهل وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث ونحوهم ممن تواتر كفرهم ولم يذكر باسمه في القرآن، وإنما ذكر ما ذكر من أعمالهم، ولهذا لم يظهر عن أحد بالتصريح بأنه مات مؤمنا إلا عمن فيه من النفاق والزندقة أو التقليد للزنادقة والمنافقين ما هو أعظم من ذلك، كالاتحادية الذين يقولون: إن وجود الخالق هو وجود الخلق، حتى يصرحون بأن يغوث ويعوق ونسرا وغيرها من الأصنام هي وجودها وجود الله، وأنها عبدت بحق، وكذلك العجل عبد بحق، وأن موسى أنكر على هارون من نهيه عن عبادة العجل، وأن فرعون كان صادقا في قوله: أنا ربكم الأعلى، وأنه عين الحق، وأن العبد إذا دعا الله تعالى فعين الداعي عين المجيب، وأن العالم هويته، ليس وراء العالم وجود أصلا.

    ومعلوم أن هذا بعينه هو حقيقة قول فرعون الذي قال: {يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا} [سورة غافر: 35 -36].

    ولقد خاطبت بعض الفضلاء مرة بحقيقة مذهبهم، وأنه حقيقة قول فرعون فذكر لي رئيس من رؤسائهم أنه لما دعاه إلى هذا القول وبينه قال: قلت له: هذا قول فرعون. فقال له: ونحن على قول فرعون؛ وما كنت أظن أنهم يقرون أو يعترفون بأنهم على قول فرعون. قال: إنما قلت ذلك استدلالا، فلما قال ذلك، قلت له: مع إقرار الخصم لا يحتاج إلى بينة.

    تفضيل الاتحادية الولي على النبي والرسول

    وهم مع هذا الكفر والتعطيل الذي هو شر من قول اليهود والنصارى، يدعون أن هذا العلم ليس إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء الذي يدعونه، وأن خاتم الأنبياء إنما يرى هذا العلم من مشكاة خاتم الأولياء، وأن خاتم الأولياء يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى خاتم الأنبياء، وهو في الشرع مع موافقته له في الظاهر مشكاة له في الباطن، ولا يحتاج أن يكون متبعا للرسول لا في الظاهر ولا في الباطن.
    وهذا -مع أنه من أقبح الكفر وأخبثه- فهو من أفسد الأشياء في العقل، كما يقال لمن قال: "فخر عليهم السقف من تحتهم": لا عقل ولا قرآن؛

    لأن الخرور لا يكون من أسفل، وكذلك الاستفادة، إنما يستفيد المتأخر من المتقدم.

    ثم خاتم الأولياء الذين يدعونهم، ضلالهم فيه من وجوه، حيث ظنوا أن للأولياء خاتما، وأن يكون أفضلهم قياسا على خاتم الأنبياء، ولم يعلموا أن أفضل الأولياء من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهم السالفون من الأولياء لا الآخرون، إذ فضل الأولياء على قدر اتباعهم للأنبياء واستفادتهم منهم علما وعملا.
    وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولي يأخذ من الله بلا واسطة، والنبي يأخذ بواسطة، وهذا جهل منهم، فإن الولي عليه أن يتبع النبي، ويعرض كل ما له من محادثة وإلهام على ما جاء به النبي، فإن وافقه وإلا رده، إذ ليس هو بمعصوم فيما يقضي له.
    وقد يلبسون على بعض الناس بدعواهم أن ولاية النبي أفضل من نبوته، وهذا مع أنه ضلال فليس هو مقصودهم، فهم مع ضلالهم فيما ظنوه من خاتم الأولياء ومرتبته يختلفون في عينه بحسب الظن وما تهوى الأنفس،

    لتنازعهم في تعيين القطب الفرد الغوث الجامع، ونحو ذلك من المراتب التي يدعونها، وهي معلومة البطلان بالشرع والعقل. ثم يتنازعون في عين الموصوف بها، وهذا باب واسع.

    والمقصود هنا أن هؤلاء الاتحادية من أتباع صاحب "فصوص الحكم" وصاحب "الفتوحات المكية" ونحوهم، هم الذين يعظمون فرعون، ويدعون أنه مات مؤمنا، وأن تغريقه كان بمنزلة غسل الكافر إذا أسلم، ويقولون: ليس في القرآن ما يدل على كفره، ويحتجون على إيمانه بقوله: {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [سورة يونس: 90].

    بطلان حجتهم على إيمان فرعون

    وتمام القصة تبين ضلالهم، فإنه قال سبحانه: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [سورة يونس: 91]، وهذا استفهام إنكار وذم، ولو كان إيمانه صحيحا مقبولا لما قيل له ذلك.

    وقد قال موسى عليه السلام: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} [سورة يونس: 88].

    قال الله تعالى: {قد أجيبت دعوتكما} [سورة يونس: 89]، فاستجاب الله دعوة موسى وهارون، فإن موسى كان يدعو وهارون يؤمن أن فرعون وملأه لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم.

    وقد قال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون * فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} [سورة غافر: 82 - 85]، فأخبر سبحانه وتعالى أن الكفار لم يك ينفعهم إيمانهم حين رأوا البأس، وأخبر أن هذه سنته التي قد خلت في عباده، ليبين أن هذه عادته سبحانه في المستقدمين والمستأخرين، كما قال سبحانه وتعالى: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار} [سورة النساء: 18].

    ثم إنه سبحانه وتعالى قال بعد قوله: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} [سورة يونس: 91 - 92]، فجعله الله تعالى عبرة وعلامة لمن يكون بعده من الأمم لينظروا عاقبة من كفر بالله تعالى، ولهذا ذكر الله تعالى الاعتبار بقصة فرعون وقومه في غير موضع.

    وقد قال سبحانه وتعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط * وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد} [سورة ق: 12 - 14]، فأخبر سبحانه أن كل واحد من هؤلاء المذكورين، فرعون وغيره، كذب الرسل كلهم، إذ لم يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض كاليهود والنصارى، بل كذبوا الجميع، وهذا أعظم أنواع الكفر، فكل من كذب رسولا فقد كفر، ومن لم يصدقه ولم يكذبه فقد كفر؛ فكل مكذب للرسول كافر به، وليس كل كافر مكذبا به، إذ قد يكون شاكا في رسالته، أو عالما بصدقه لكنه يحمله الحسد أو الكبر على ألا يصدقه، وقد يكون مشتغلا بهواه عن استماع رسالته والإصغاء إليه؛ فمن وصف بالكفر الخاص الأشد، كيف لا يدخل في الكفر؟!

    ولكن ضلالهم في هذا نظير ضلالهم في قوله:

    مقام النبوة في برزخ... فوق الرسول ودون الولي


    وقد علم أن كل رسول نبي، وكل نبي ولي، ولا ينعكس.

    وقال سبحانه وتعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب * إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} [سورة ص: 12 - 14]. وقال تعالى: {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة * فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} [سورة الحاقة: 9 - 10].

    ثم إن الله تعالى أخبر عن فرعون بأعظم أنواع الكفر: من جحود الخالق، ودعواه الإلهية، وتكذيب من يقر بالخالق سبحانه، ومن تكذيب الرسول ووصفه بالجنون والسحر وغير ذلك. ومن المعلوم بالاضطرار أن الكفار العرب الذين قاتلهم النبي -مثل أبي جهل وذريته- لم يكونوا يجحدون الصانع، ولا يدعون لأنفسهم الإلهية، بل كانوا يشركون بالله ويكذبون رسوله.

    وفرعون كان أعظم كفرا من هؤلاء؛ قال الله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب * فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال * وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد * وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب * وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} [سورة غافر: 23 -28]، إلى قوله: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب} [سورة غافر: 36 - 37].

    أخبر الله سبحانه وتعالى أن فرعون ومن ذكر معه قال إن موسى ساحر كذاب، وهذا من أعظم أنواع الكفر.

    ثم أخبر الله أنه أمر بقتل أولاد الذين آمنوا معه لينفروا عن الإيمان معه كيدا لموسى. قال تعالى: {وما كيد الكافرين إلا في تباب} [سورة غافر: 37]، فدل على أنهم من الكافرين الذين كيدهم في تباب، فوصفهم بالتكذيب وبالكفر جميعا، وإن كان التكذيب مشتملا مستلزما للكفر، كما أن الرسالة مستلزمة للنبوة، والنبوة مستلزمة للولاية.

    ثم أخبر عن فرعون أنه طلب قتل موسى وقال: {وليدع ربه}، وهذا تنبيه على أنه لم يكن مقرا بربه، ولهذا قال في تمام الكلام: {ما علمت لكم من إله غيري} [سورة القصص: 38]، وهذا جحد صريح لإله العالمين، وهي الكلمة الأولى.

    ثم قال بعد ذلك لما ذكره الله تعالى بقوله: {فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 21 - 24]، قال الله تعالى: {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى * إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} [سورة النازعات: 25 - 26]. قال كثير من العلماء: أي نكال الكلمة الآخرة، ونكال الكلمة الأولى، فنكل الله تعالى به على الكلمتين باعترافه، وجعل ذلك عبرة لمن يخشى. ولو كان هذا ممن لم يعاقب على ما تقدم من كفره، ولم يكن عقابه عبرة، بل من آمن غفر الله له ما سلف، ولم يذكره بكفر ولا بذم أصلا، بل يمدحه على إيمانه، ويثني عليه كما أثنى على من آمن بالرسل، وأخبر أنه نجاهم.

    وفرعون هو أكثر الكفار ذكرا في القرآن، وهو لا يذكره سبحانه إلا بالذم والتقبيح واللعن، ولم يذكره بخير قط.

    وهؤلاء الملاحدة المنافقون يزعمون أنه مات طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث، بل يزعمون أن السحرة صدقوه في قوله: ما علمت لكم من إله غيري، وأنه صح قوله: أنا ربكم الأعلى، وأنه كان عين الحق.

    وقد أخبر سبحانه وتعالى عن جحوده لرب العالمين. قال لما قال له موسى عليه السلام: {إني رسول من رب العالمين * حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل} [سورة الأعراف: 104 - 105]، {قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الأولين * قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين} [سورة الشعراء: 23 - 29]، فتوعد موسى بالسجن إن اتخذ إلها غيره.

    وهؤلاء مع تنظيمهم لفرعون يشاركون في حقيقة كفره، وإن كانوا مفارقين له من جهة أخرى، فإن عندهم: ما ثم موجود غير الله أصلا، ولا يمكن أحد أن يتخذ إلها غيره، لأنه أي شيء عبد العابد من الأوثان والأصنام والشياطين، فليست عندهم غير الله أصلا. وهل يقال هي الله؟ لهم في ذلك قولان.

    إخبار الله عن عذاب فرعون في الآخرة

    وإخباره سبحانه وتعالى عن تكذيب فرعون وغير ذلك من أنواع كفره كثير في القرآن، وكذلك إخباره عن عذابه في الآخرة. فإن هؤلاء الملاحدة يزعمون أنه ليس في القرآن آية تدل على عذابه، ويقولون إنما قال سبحانه: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود} [سورة هود: 98]، قالوا: فأخبر أنه يوردهم، ولم يذكر أنه دخل معهم. قالوا: وقد قال: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [سورة غافر: 46]، فإنما يدخل النار آل فرعون لا فرعون.

    وهذا من أعظم جهلهم وضلالهم، فإنه حيث ذكر في الكتاب والسنة آل فلان كان فلان داخلا فيهم، كقوله: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} [سورة آل عمران: 33]، وقوله: {إلا آل لوط نجيناهم بسحر} [سورة القمر: 34]، وقوله: {سلام على إل ياسين} [سورة الصافات: 130]. وقول النبي : "اللهم صل على آل أبي أوفى"، وقوله: "لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود".

    ومنه قوله تعالى: {وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب} [سورة البقرة: 49]، {كدأب آل فرعون} [سورة آل عمران: 11]، {ولقد جاء آل فرعون النذر * كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر} [سورة القمر: 41 - 42].

    وقوله: {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [سورة غافر: 46] متناول له ولهم باتفاق المسلمين، وبالعلم الضروري من دين المسلمين.

    وهذا بعد قوله تعالى حكاية عن مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} [سورة غافر: 28]، والذي طلب قتله هو فرعون، فقال المؤمن بعد ذلك: {مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار * تدعونني لأكفر بالله وأشرك به} [سورة غافر: 41 - 42]، والداعي إلى الكفر هو كافر كفرا مغلظا، فهذا فيه.

    ووصفهم أيضا بالكفر إلى قوله: {فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [سورة غافر: 45 - 46]، فأخبر أنه حاق بآل فرعون سوء العذاب، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب. ثم قال: {وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد} [سورة غافر: 47 - 48] ومعلوم أن فرعون هو أعظم الذين استكبروا، ثم هامان وقارون، وأن قومهم كانوا لهم تبعا، وفرعون هو متبوعهم الأعظم الذي قال: ما علمت لكم من إله غيري، وقال: أنا ربكم الأعلى.

    وقد قال: {واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون * فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين} [سورة القصص: 39 - 42].

    وهذا تصريح بأنه نبذه وقومه في اليم عقوبة الذي هو الكفر، وأنه أتبعه وقومه في الدنيا لعنة، ويوم القيامة هم من المقبوحين هو وقومه جميعا، وهذا موافق لقوله: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} [سورة هود: 96 - 99].

    فأخبر سبحانه أنهم اتبعوا أمره، وأنه يقدمهم لأنه إمامهم، فيكون قادما لهم لا سائقا لهم، وأنه يوردهم النار. فإذا كان التابع قد ورد النار فمعلوم أن القادم الذي يقدمه وهو متبوعه ورد قبله، ولهذا قال بعد ذلك: {وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين} [سورة القصص: 42].

    والتابع والمتبوع كما قال الله تعالى في تلك السورة عن فرعون وقومه: {وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} [سورة هود: 99].

    (والكلام في هذا مبسوط، لم تحتمل هذه الورقة إلا هذا، والله أعلم.

    والحمد لله وحده، وصلوات الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.






                  

01-29-2009, 00:59 AM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: عماد موسى محمد)

    ابن تيمية المنصف العالم الذكي المحاور بالحجة والبيان يرد على ابن عربي دعواه في "خاتم الأولياء"وينصف شيخ الصوفية الجنيد
    .فما أجملها من سياحة علمية في حديقة بالعلم غناء.وهو هاهنا يرد على من لم يفرق بين إرادة الله لما يخلقه ,وإرادته لما يأمر به.وهؤلاء-أتباع ابن عربي- وصل بهم الحال حتى لم يقرقوا بين الخالق والمخلوق!"فالحكم لله العلي الكبير"



    QUOTE]فهذه المرادات كلها قد أمر بها عباده فمنهم من أطاع ومنهم من عصى فعلم أنه قد يريد من العباد ما لا يفعلونه كما يأمرهم بما لا يفعلونه

    قالت القدرية الجبرية من الجهمية ومن اتبعهم بل إرادته تعالى تتناول ما وجد دون ما لم يوجد فإن المسلمين متفقون على قولهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولأن إرادة ما علم أنه لا يكون تمن وقد قال سبحانه ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء سورة إبراهيم 27 فكل ما يشاؤه فقد فعله وقال تعالى ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها فعلم أنه لم يشأ ذلك فلم يرد هدى كل أحد وإن كان قد أمر به وقال تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء سورة الأنعام 125 فعلم أنه يريد الإضلال كما يريد شرح الصدر للإسلام

    وقال نوح ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم سورة هود 34 فدل على أنه يريد إغواء من غوى

    وقد قال تعالى الله خالق كل شيء سورة الرعد 16 فكل ما وجد من أفعال العباد وغيرها فإن الله خالقه

    قالوا وما أراده فقد أحبه ورضيه وقوله لا يحب الفساد سورة البقرة 205 أي ممن لم يفسد أولا يحبه دينا

    وكذلك قوله ولا يرضى لعباده الكفر سورة الزمر 7 أي ممن لم يكفر أو لا يرضاه دينا كما وأنه لا يحب الإيمان ممن لم يؤمن أو لا يحبه غير دين

    قال المنازعون لهم من المعتزلة وغيرهم فقد قال إذ يبيتون ما لا يرضى من القول سورة النساء 108 وأولئك منافقون وذاك القول محرم عليهم وهو واقع منهم وقد أخبر أنه لا يرضاه فعلم أنه ما وقع من المعاصي لا يرضاه

    وكذلك قوله إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر سورة الزمر 7 أخبر أنه لا يرضاه بتقدير وقوعه ولا يقال أنه يرضى كل موجود

    وقولكم لا يرضاه دينا فالرضا في كتاب الله متعلق بنفس الفعل لا بشيء محذوف وكونه لا يرضاه دينا عندكم معناه لا يريد أن يثيب صاحبه عليه ومعلوم أن إبليس والشياطين لا يرضونه دينا بهذا الاعتبار مع أن إبليس يرضى الكفر ويختاره فإنه قد يحب ما يبغضه الله ويبغض ما يحبه الله ليغوي الناس بذلك

    قال الله تعالى عنه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا سورة الكهف 50 وقال تعالى ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم سورة يس 60 61 قالوا والأمة متفقة على أن الله سبحانه يحب الإيمان والعمل الصالح ويحب المتقين والمحسنين ويحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب المقسطين ولا يحب المعاصي ولا يرضاها

    واحتجاجنا بهذا الإجماع أقوى من احتجاجكم بقولهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فإنهم كلهم يقولون إن الصلاة والصدقة والأعمال الصالحة يرضاها الله ورسوله ويحبها الله ورسوله ويقولون عن الفواحش والظلم هذا لا يرضاه الله ورسوله ولا يحبه الله ورسوله فأنتم خالفتم الكتاب والسنة والإجماع في قولكم إن كل ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان فإن الله يحبه ويرضاه
    قالت القدرية المجبرة من الجهمية وغيرهم أنتم تقولون إن الله لم يختص المؤمنون بنعمة اهتدوا بها بل نعمته على الكفار والمؤمنين في الإيمان سواء وهذا خلاف الشرع والعقل فإن الله تعالى يقول ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون سورة الحجرات 17 قال تعالى يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين

    وقال تعالى وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا سورة الأنعام 53 وقال ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا سورة النور 2وقال تعالى وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه سورة الأنفال 2وقال الخليل عليه السلام ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك سورة البقرة 12وقال واجنبنى وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس سورة إبراهيم 35 36 وقال تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين سورة التكوير 28 23وقال فمن شاء أتخذ إلى ربه سبيلا سورة المزمل 1وقال وما تشآءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما سورة الإنسان 3وقال فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة سورة المدثر 55 5وقد أمرنا أن نقول في الصلاة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين سورة الفاتحة 6 والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في قوله تعالى فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا سورة النساء 6والإنعام المطلق إنما يدخل فيه المؤمنون فدل ذلك على أن الطاعة الحاصلة من المؤمنين هو الذي أنعم بها ولو كانت نعمته عليهم كنعمته على الكفار لكان الجميع من المنعم عليهم أهل الصراط المستقيم

    وقوله تعالى غير المغضوب عليهم سورة الفاتحة 7 صفة لا استثناء لأنه خفض غير كما تقول العرب إني لأمر بالصادق غير الكاذب فالمغضوب عليهم والضالون لم يدخلوا في المنعم عليهم حتى يخرجوا بل بين أن هؤلاء مغايرون لأولئك كمغايرة الصادق للكاذب

    وقد قال تعالى من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا سورة الكهف 17 فدل على أن كل من هداه الله اهتدى ولو هدى الكافر كما هدى المؤمن لاهتدى

    وقال الخليل رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا أغفر لي ولوالدي سورة ابراهيم 40 41 فتبين أنه سبحانه هو الذي يجعله مقيم الصلاة

    وقال تعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا سورة الأنبياء 73 وقال تعالى وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار سورة القصص 41 فهو الذي جعل هؤلاء أئمة هدى وهؤلاء أئمة ضلال

    وقال تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم سورة آل عمران 159 فبين أن لينه برحمة من الله

    وقال أهل الجنة الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق سورة الأعراف 43

    وقال تعالى لما ذكر الأنبياء ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون - إلى قوله - أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده سورة الأنعام 87 90

    فأخبر أنه يخص بهذا الهدى من يشاء من عباده وأخبر أن هؤلاء هم الذين هداهم الله فعلم أنه خص بهذا الهدى من اهتدى به دون من لم يهتد به ودل على تخصيص المهتدين بأنه هداهم ولم يهد من لم يهتد
    والهدى يكون بمعنى البيان والدعوة وهذا يشترك فيه المؤمن والكافر كقوله تعالى وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى سورة فصلت 1ويكون بمعنى جعله مهتديا وهذا يختص بالمؤمنين وهو المطلوب بقوله اهدنا الصراط المستقيم سورة الفاتحة 7 وبقوله هدى للمتقين سورة البقرة 2 وذلك أن هدى بمعنى دل وأرشد قد يكون بالقوة فهذا مشترك وقد يكون بالفعل فهذا مختص كما تقول علمته فتعلم وعلمته فما تعلم وكذلك هديته فاهتدى وهديته فما اهتدى فالأول مختص بالمؤمنين والثاني مشترك

    وليس تعليمه وهداه كتعليم البشر بعضا فإن المعلم يقول والمتعلم يتعلم بأسباب لا يقدر عليها المعلم والله تعالى هو الذي يجعل العلم في قلوب من علمه ولهذا يطلب منه ذلك فيقال اهدنا الصراط المستقيم ولا يقال ذلك للبشر فإنهم لا يقدرون عليه ويطلب العبد من الله أن يفهمه ويعلمه ويشرح صدره وأن يحبب إليه الإيمان والعمل الصالح ولا يطلب هذا من غير الله

    قال تعالى أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه سورة الزمر 2وقال فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا سورة الأنعام 12وقال ففهمناها سليمان سورة الأنبياء 79 فخص سليمان بالتفهيم مع أنهما كانا حاكمين لم يخص أحدهما بعلم ظاهر وقال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها سورة الشمس 7 وكانت أكثر يمين رسول الله لا ومقلب القلوب

    وقال ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه

    وقد قال تعالى في دعاء المؤمنين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب سورة آل عمران وقال تعالى ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله سورة الكهف 3وقال ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا سورة يس 9

    وقال ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة سورة هود 11وقال ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات سورة البقرة 253

    وقال ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها سورة السجدة 13

    وقال ولو شاء ربك ما فعلوه سورة الأنعام 11

    وقال ولو شاء ربك ما أشركوا سورة الأنعام 10وقال إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون سورة يس 8

    والآيات والنصوص المثبتة للقدر كثيرة جدا وهذا كله حجة على بطلان قول المعتزلة وغيرهم من القدرية النافية فصار مع هؤلاء نصوص يقولون بها ومع هؤلاء نصوص وكل من الطائفتين يتأول نصوص الأخرى بتأويلات فاسدة ويضم إلى النصوص التي يحتج بها أمور لا تدل عليها النصوص

    وأما أهل السنة والحديث من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين وعلماء أهل السنة والحديث رضي الله عنهم فآمنوا بالكتاب كله ولم يحرقوا شيئا من النصوص وقالوا نحن نقول ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ونقول إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه فكل ما سوى الله مخلوق له حادث بمشيئته وقدرته ولا يكون في ملكه ما لا يشاؤه ويخلقه فلا يقدر أحد أن يمنع الله عما أراد أن يخلقه ويكونه فإن الواحد القهار ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم سورة فاطر وقالوا إن الله يأمر بالإيمان والعمل الصالح وينهى عن الكفر والفسوق والعصيان ويحب كل ما أمر به ويرضاه ويكره ما نهى عنه ويسخطه وهو سبحانه لا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر

    قالوا وليس كل ما أمر العباد به وأراد منهم أن يفعلوه أراد هو أن يخلقه لهم ويعينهم عليه بل إعانته على الطاعة لمن أمره بها فضل منه كسائر النعم وهو يختص برحمته من يشاء

    والطائفتان غلطوا من حيث أنهم لم يميزوا بين إرادته لما يخلقه في عباده وإرادته لما يأمر به عباده وقد قال سبحانه ألا له الخلق والأمر سورة الأعراف 54
    فالرب خالق كل شيء وكل ما خلقه فبإرادته خلقه فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فما لم يكن لم يرد أن يخلقه وما كان فقد أراد أن يخلقه وهو لا يريد أن يخلق إلا ما سبق علمه بأنه سيخلقه فإن العلم يطابق المعلوم

    وقد أمر العباد بالحسنات التي تنفعهم ونهاهم عن السيئات التي تضرهم والحسنات محبوبة لله مرضية والسيئات مكروهه له يسخطها ويسخط على أهلها وإن كان الجميع مخلوقا له فإنه خلق جبريل وإبليس وهو يحب جبريل ويبغض إبليس وخلق الجنة والنار وجعل الظلمات والنور وخلق الظل والحرور وخلق الموت والحياة وخلق الذكر والأنثى وخلق الأعمى والبصير

    وقد قال لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون سورة الحشر 2

    وقال وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات سورة فاطر 19 2

    وقال أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون سورة القلم 35 3

    وقال أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار سورة ص 2

    وقال أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون سورة الجاثية 2

    وقد خلق الطيبات والخبائث وليس الطيبات كالخبائث ولا الفواكة والحبوب كالبول والعذرة وهو سبحانه إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وهو طيب لا يقبل إلا طيبا وهو نظيف يحب النظافة وجميل يحب الجمال وليس كل ما خلقه يصعد إليه ويكون طيبا محبوبا له له مرضيا عنده بل إنما يسكن في جنته من يناسبها ويصلح لها وكذلك النار قال تعالى طبتم فأدخلوها خالدين سورة الزمر 73

    وفي الصحيح أنه إذا عبر أهل الجنة الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فلا يدخلون الجنة إلا بعد التهذيب والتنقية كما قال تعالى طبتم فادخلوها خالدين سورة الزمر

    ولما قال إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين سورة الأعراف 12 13

    فبين سبحانه أنه ليس لمن في الجنة أن يتكبر

    وفي صحيح مسلم عن النبي أنه قال لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان قال رجل يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا أفمن الكبر ذاك قال لا إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس وقوله جميل يحب الجمال أي يحب أن يتجمل العبد له ويتزين كما قال تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد سورة الأعراف 3

    وهو يكره أن يصلي العبد له عريانا بل يكره سبحانه أن تصلي المرأة له مكشوفة الرأس وقد قال النبي لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ولهذا لما كان المشركون يطوفون بالبيت عراة ويقولون إن الله أمرنا بهذا قال تعالى إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون سورة الأعراف 28 فتحسين النعل والثوب لعبادة الله هو من التجمل الذي يحبه الله ولو تزين به لمعصية لم يحب ذلك والمؤمن الذي نور الله قلبه بالإيمان يظهر نور الإيمان على وجهه ويكسى محبة ومهابة والمنافق بالعكس

    وأما الصورة المجردة سواء كانت حسنة مشتهاة كشهوة الرجال للنساء والنساء للرجال أو لم تكن مشتهاة فقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ويقال ولا إلى لباسكم

    وقد قال تعالى وإذا تتلى عليهم أياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا وكم أهلكنا قبلكم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا سورة مريم 73 74

    والأثاث اللباس والمال والرئى المنظر والصورة

    وقال تعالى عن المنافقين وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون سورة المنافقون 4

    فبين أن لهم أجساما ومناظر قال ابن عباس كان ابن أبي جسيما فصيحا طلق اللسان قال المفسرون وصفهم الله بحسن الصورة وإبانة المنطق ثم أبان أنهم في عدم الفهم والاستغفار بمنزلة الخشب المسندة الممالة إلى الجدار والمراد أنها ليست بأشجار تثمر بل هي خشب مسندة إلى حائط ثم عابهم بالجبن فقال يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون أي لايسمعون صوتا إلا ظنوا أنهم قد أتوا لما في قلوبهم من الرعب أن يكشف الله أسرارهم

    فصاحب الصورة الجميلة إذا كان من أهل هذه الأعمال التي يبغضها الله كان الله يبغضه ولا يحبه لجماله فإن الله لا ينظر إلى صورته وإنما ينظر إلى قلبه وعمله

    ويوسف الصديق وإن كان أجمل من غيره من الأنبياء وفي الصحيح أنه أعطى شطر الحسن فلم يكن بذلك أفضل من غيره بل غيره أفضل منه كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين ويوسف وإن كانت صورته أجمل فإن إيمان هؤلاء وأعمالهم كانت أفضل من إيمانه وعمله وهؤلاء أوذوا على نفس الإيمان والدعوة إلى الله فكان الذين عادوهم معادين لله ورسوله وكان صبرهم صبرا على توحيد الله وعبادته وطاعته وهكذا سائر قصص الأنبياء التي في القرآن ويوسف عليه السلام إنما آذاه إخوته لتقريب أبيه له حسدا على حظ من حظوظ الأنفس لا على دين ولهذا كان صبره على التي راودته وحبس الذين حبسوه على ذلك أفضل له من صبره على أذى إخوته فإن هذا صبر على تقوى الله باختياره حتى لا يفعل المحرم وذلك صبر على أذى الغير الحاصل بغير اختياره فهذا من جنس صبر المصاب على مصيبته وذاك من جنس صبر المؤمن على الذين يأمرونه بالمعاصي ويدعونه إليها فيصبر على طاعة الله وعن معصيته ويغلب هواه وشهوته وهذا أفضل فأما صبر إبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهم على أذى الكفار وعدواتهم على الإيمان بالله ورسوله فذاك أفضل من هذا كله كما أن التوحيد والإيمان أفضل من مجرد ترك الزنا وكما أن تلك الطاعات أعظم فالصبر عليها وعلى معاداة أهلها أعظم وأيضا فهؤلاء كانوا يطلبون قتل من يؤمن وإهلاكه بكل طريق لا يحبون المؤمنين أصلا بخلاف يوسف فإنه إنما ابتلى بالحبس وكانت المرأة تحبه فلم تعاقبه بأكثر من ذلك

    وقوله تعالى نحن نقص عليك أحسن القصص سورة يوسف 3 سواء كان القصص مصدر قص يقص قصصا أو كان مفعولا أي أحسن المقصوص فذاك لا يختص بقصة يوسف بل قصة موسى أعظم منها قدرا وأحسن ولهذا كرر ذكرها في القرآن وبسطها قال تعالى فلما جاءه وقص عليه القصص سورة القصص 25 ولهذا قال بما أوحينا إليك هذا القرآن سورة يوسف 3

    وقد قرىء أحسن القصص بالكسرة ولا تختص بقصة يوسف بل كل ما قصه الله فهو أحسن القصص فهو أحسن مقصوص وقد قصه الله أحسن قصص

    وقوله إن الله جميل يحب الجمال قاله جوابا للسائل في بيان ما يحبه الله من الأفعال وما يكرهه فإنه قال لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ومعلوم أن هذا الكبر من كسب العبد الداخل تحت قدرته ومشيئته وهو منهي عنه ومأمور بضده فخاف السائل أن يكون ما يتجمل به الإنسان فيكون أجمل به ممن لم يعمل مثله من الكبر المذموم فقال إني أحب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنا أفمن الكبر ذاك؟

    وحسن ثوبه ونعله هو مما حصل بفعله وقصده ليس هو شيئا مخلوقا فيه بغير كسبه كصورته فقال له لنبي إن الله جميل يحب الجمال ففرق بين الكبر الذي يمقته الله وبين الجمال الذي يحبه الله

    ومعلوم أن الله إذا خلق شخصا أعظم من شخص وأكبر منه في بعض الصفات إما في جسمه وإما في قوته وإما في عقله وذكائه ونحو ذلك لم يكن هذا مبغضا فإن هذا ليس باختيار العبد بل هذا خلق فيه بغير اختياره بخلاف ما إذا كان هو متكبرا على غيره بذلك أو بغيره فيكون هذا من عمله الذي يمقته الله عليه كما قال لإبليس فما يكون لك أن تتكبر فيها سورة الأعراف 13

    كذلك من خلقه الله حسن اللون معتدل القامة جميل الصورة فهذا ليس من عمله الذي يحمد عليه أو يذم أو يثاب أو يعاقب ويحبه الله ورسوله عليه أو يبغضه عليه كما أنه إذا كان أسود أو قصيرا أو طويلا ونحو ذلك لم يكن هذا من عمله الذي يحمد عليه أو يذم ويثاب أو يعاقب ويحبه الله ورسوله عليه أو يبغضه ولهذا قال النبي لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى

    ولهذا لما كان المنافقون لهم جمال في الصورة وليس في قلوبهم إيمان شبهم الله سبحانه بالخشب المسندة اليابسة التي لا تثمر فالخشبة اليابسة إذا كانت لا ثمر فيها لا تمدح ولو كانت عظيمة وهكذا الصورة مع القلب نعم قد تكون الصورة عونا على الإيمان والعمل الصالح كما تكون القوة والمال وغير ذلك فيحمد صاحبها إذا استعان بها في طاعة الله وعف عن معاصيه ويكون حينئذ في الجمال الذي يحبه الله ولو كان أسود وفعل ما يحبه الله من الجمال كان أيضا فيه الجمال الذي يحبه الله

    والمقصود هنا ذكر ما يحبه الله ويرضاه وهو الذي يثاب أصحابه عليه ويدخلون الجنة ومن المعلوم أن الفرق بين مطلق الإدارة وبين المحبة موجود في الناس وغيرهم فالإنسان يريد كل ما يفعله باختياره وإن كان في ذلك ما هو بغيض إليه مكروه له يريده لأنه وسيلة إلى ما هو محبوب له كما يريد المريض تناول الدواء الذى يكرهه ويتألم منه لأنه وسيلة إلى من يحبه ما العافية وإلى زوال ما هو أبغض إليه من الآلاموالجهمية والقدرية إنما لم تفرق بين ما يشاؤه وما يحبه لأنهم لا يثبتون لله محبة لبعض الأمور المخلوقة دون بعض وفرحا بتوبة التائب وكان أول من أنكر هذا الجعد بن درهم فضحى به خالد بن عبد الله القسرى وقال ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله يكلم موسى تكليما ولا اتخذ إبراهيم خليلا تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا ثم نزل عن المنبر فذبحه فإنه الخلة من توابع المحبة فمن كان من أصله أن الله لا يحب ولا يحب لم يكن للخلة عنده معنى والرسل صلوات الله عليهم أجمعين إنما جاءوا بإثبات هذا الأصل وهو أن الله يحب بعض الأمور المخلوقة ويرضاها ويسخط بعض الأمور ويمقتها وأن أعمال العباد ترضية تارة وتسخطه أخرى

    قال تعالى ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم سورة محمد 2وقال تعالى لقد رضي الله عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم سورة الفتح

    وقال فلما أسفونا انتقمنا منهم سورة الزخرف 55 عن أبن عباس أغضبونا قال ابن قتيبة الأسف الغضب يقال أسفت أسفا أي غضبت

    وقال الله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما سورة النساء 93

    وقد ثبت في الصحيح من غير وجه عن النبي أنه قال لله أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بارض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يجدها فقال تحت شجرة ينتظر الموت فاستيقظ فإذا هو بدابته عليها طعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته

    والفرح إنما يكون بحصول المحبوب والمذنب كالعبد الآبق من مولاه الفار منه فإذا تاب فهو كالعائد إلى مولاه وإلى طاعته وهذا المثل الذي ضربه النبي يبين من محبة الله وفرحه بتوبة العبد ومن كراهته لمعاصيه ما يبين أن ذلك أعظم من التمثيل بالعبد الآبق فإن الإ نسان إذا فقد الدابة التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة فإنه يحصل عنده ما الله به عليم من التأذي من جهة فقد الطعام والشراب والمركب وكون الأرض مفازة لا يمكن الخلاص منها وإذا طلبها فلم يجدها يئس واطمأن إلى الموت وإذا استيقظ فوجدها كان عنده من الفرح ما لا يمكن التعبير عنه بوجود ما يحبه ويرضاه بعد الفقد المنافي لذلك

    وهذا يبين من محبة الله للتوبة المتضمنة للإيمان والعمل الصالح ومن كراهته لخلاف ذلك ما يرد على منكر الفرق من الجهمية والقدرية فإن الطائفتين تجعل جميع الأشياء بالنسبة إليه سواء ثم القدرية يقولون هو يقصد نفع العبد لكون ذلك حسنا ولا يقصد الظلم لكونه قبيحا والجهمية يقولون إذا كان لا فرق بالنسبة إليه بين هذا وهذا امتنع أن يكون عنده شيء حسن وشيء قبيح وإنما يرجع ذلك إلى أمور إضافية للعباد

    فالحسن بالنسبة إلى العبد ما يلائمه وما ترتب عليه ثواب يلائمه والقبيح بالعكس ومن هنا جعلوا المحبة والإرادة سواء فلو أثبتوا أنه سبحانه يحب ويفرح بحصول محبوبه كما أخبر به الرسول تبين لهم حكمته وتبين أيضا أنه يفعل الأفعال لحكمة فإن الجهمية قالوا إذا كانت الأشياء بالنسبة إليه سواء امتنع أن يفعل لحكمة والمعتزلة قالوا يفعل لحكمة تعود إلى العباد فقالت لهم الجهمية تلك الحكمة يعود إليه منها حكم أو لا يعود فالأول خلاف الأصل الذي أصلتموه والثاني ممتنع فيمتنع أن أحدا يختار الحسن على القبيح إن لم يكن له من فعل الحسن معنى يعود إليه فيكون فعل الحسن يناسبه بخلاف القبيح فإذا قدر نفي ذلك امتنع أن يفعل لحكمة

    ثم إن هده الصفة من أعظم صفات الكمال وكذلك كونه محبوبا لذاته هو أصل دين الرسل فإنهم كلهم دعوا إلى عبادة الله وحده وأن لا إله إلا هو والإله هو المستحق أن يعبد والعبادة لا تكون إلا بتعظيم ومحبة وإلا فمن عمل لغيره لعوض يعطيه إياه ولم يكن يحبه لم يكن عابدا له

    وقد قال تعالى يحبهم ويحبونه سورة المائدة 54 وقال تعالى والذين آمنوا أشد حبا لله سورة البقرة 165 وهؤلاء الذين ينفون أن الله يحب ويحب آخر أمرهم أنه لا يبقى عندهم فرق بالنسبة إلى الله بين أوليائه وبين أعدائه ولا بين الإيمان والكفر ولا بين ما أمر به وما نهى عنه ولا بين بيوته التي هي المساجد وبين الحانات ومواضع الشرك

    وغاية ما يثبتونه من الفرق أن هذا علم على لذة تحصل للإنسان وهذا علم على ألم يحصل للإنسان فان كانوا من الصوفية الذين يجعلون الكمال في فناء العبد عن حظوظه دخلوا في مقام الفناء في توحيد الربوبية الذي يقولون فيه العارف لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة ويجعلون هذا غاية العرفان فيبقى عندهم لا فرق بين أولياء الله وأعدائه ولا بين الإيمان والكفر به ولا بين حمده والثناء عليه وعبادته وبين سبه وشتمه وجعله ثالث ثلاثة ولا بين رسول الله وبين أبي جهل ولا بين موسى وفرعون

    وقد بسطنا الكلام على هؤلاء في غير هذا الموضع وإن كان من المتكلمين الذين يقولون ما ثم إلا ما هو حظ للعبد من المخلوقات صاروا مسخرين في العبادات مستثقلين لها وفي قلوبهم مرتع للشيطان فإنه يقع لهم لم لا ينعم بالثواب بدون هذا التكليف فإذا أجابوا أنفسهم بأن هذا ألذ كان هذا من أبرد الأجوبة وأسمجها فإن هذا إنما يقال في المناظرين وأما رب العالمين فلا أحد إلا وهو مقر بفضله وإحسانه ثم يقال قد حصل بطلب الألذ من شقاوة الأكثرين ما كان خلقهم في الجنة ابتداء بلا هذا الألذ أجود لهم وهو قادر على خلق لذات عظيمة إلى أمثال هذه الأجوبة

    وإن كان من المرجئة الذين إيمانهم بالوعيد ضعيف استرسلت نفسه في المحرمات وترك الواجبات حتى يكون من شر الخلق بخلاف من وجد حلاوة الإيمان بمحبة الله وعلمه بأنه يحب العبادات وأنه يحب أفعالا وأشخاصا ويبغض أفعالا وأشخاصا ويرضى عن هؤلاء ويغضب على هؤلاء ويفرح بتوبة التائبين إلى غير ذلك مما أخبر به الرسول فإن هذا هو الإسلام الذي به يشهد العبد أن لا إله إلا الله

    ومن لم يقل بالفرق فلم يجعل الله معبودا محبوبا فإنما يشهد أن لا رب إلا هو والمشركون كانوا يقرون بهذه الشهادة لم يشهدوا أن لا إله إلا الله والرسل عليهم الصلاة والسلام بعثوا بتوحيد الألوهية المتضمن توحيد الربوبية

    وأما توحيد الربوبية مجردا فقد كان المشركون يقرون بأن الله وحده خالق السموات والأرض كما أخبر الله بذلك عنهم في غير موضع من القرآن

    قال تعالى ولئن سألتم من خلق السموات والأرض ليقولن الله سورة الزمر 38 وقال تعالى وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون سورة يوسف 106 وهذا قد بسطناه في موضع آخر

    وهؤلاء يدعون محبة الله في الإبتداء ويعظمون أمر محبته ويستحبون السماع بالغناء والدفوف والشبابات ويرونه قربة لأن ذلك بزعمهم يحرك محبه الله في قلوبهم وإذا حقق أمرهم وجدت محبتهم تشبه محبة المشركين لا محبة الموحدين فإن محبة الموحدين بمتابعة الرسول والمجاهدة في سبيل الله

    قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم سورة آل عمران 3وقال تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره سورة التوبة 2وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم سورة المائدة 5وهؤلاء لا يحققون متابعة الرسول ولا الجهاد في سبيل الله بل كثير منهم أو أكثرهم يكرهون متابعة الرسول وهم من أبعد الناس عن الجهاد في سبيل الله بل يعاونون أعداءه ويدعون محبته لأن محبتهم من جنس محبة المشركين الذين قال الله فيهم وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية سورة الأنفال 3ولهذا يحبون سماع القصائد أعظم مما يحبون سماع القرآن ويجتهدون في دعاء مشايخهم والإستعانة بهم عند قبورهم وفي حياتهم في مغيبهم أعظم مما يجتهدون في دعاء الله والإستعانة به في المساجد والبيوت

    وهذا كله من فعل أهل الشرك ليس من فعل المخلصين لله دينهم كالصحابة والتابعين لهم بإحسان فأولئك أنكروا محبته وهؤلاء دخلوا في محبة المشركين والطائفتان خارجتان عن الكتاب والسنة

    فنفس محبته أصل لعبادته والشرك في محبته أصل الإشراك في عبادته وأولئك فيهم شبه من اليهود وعندهم كبر من جنس كبر اليهود وهؤلاء فيهم شبه من النصارى وفيهم شرك من جنس شرك النصارى

    والنصارى ضالون لهم عبادة ورحمة ورهبانية لكن بلا علم ولهذا يتبعون أهواءهم بلا علم قال تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق سورة النساء 171

    وقال تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل سورة المائدة 77 أي وسط الطريق وهي السبيل القصد الذي قال الله فيها وعلى الله قصد السبيل سورة النحل 9 وهي الصراط المستقيم فأخبر بتقدم ضلالهم ثم ذكر صفة ضلالهم

    والأهواء هي إرادات النفس بغير علم فكل من فعل ما تريده نفسه بغير علم يبين أنه مصلحة فهو متبع هواه والعلم بالذي هو مصلحة العبد عند الله في الآخرة هو العلم الذي جاءت به الرسل قال تعالى فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله سورة القصص 50 وقال تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير سورة البقرة 12وقال تعالى فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق سورة المائدة 4وقال تعالى ثم جعلناكم على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون سورة الجاثية 133

    ولهذا كان مشايخ الصوفية العارفون أهل الإستقامة يوصون كثيرا بمتابعة العلم ومتابعة الشرع لأن كثيرا منهم سلكوا في العبادة لله مجرد محبة النفس وإراداتها وهواها من غير اعتصام بالعلم الذي جاء به الكتاب والسنة فضلوا بسبب ذلك ضلالا يشبه ضلال النصارى
    ولهذا قال بعض الشيوخ وهو أبو عمرو بن نجيد كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل وقال سهل كل عمل بلا اقتداء فهو عيش النفس وكل عمل باقتداء فهو عذاب على النفس وقال أبو عثمان النيسابوري من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة لأن الله تعالى يقول وإن تطيعوه تهتدوا سورة النور 54 وقال بعضهم ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكبر في نفسه
    وهو كما قالوا فإنه إذا لم يكن متبعا للأمر الذي جاء به الرسول كان يعمل بإرادة نفسه فيكون متبعا لهواه بغير هدى من الله وهذا عيش النفس وهو من الكبر فإنه شعبة من قول الذين قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله سورة الأنعام 12وكثير من هؤلاء يظن أنه يصل برياضته واجتهاده في العبادة وتصفية نفسه إلى ما وصلت إليه الأنبياء من غير اتباع لطريقهم وفيهم طوائف يظنون أنهم صاروا أفضل من الأنبياء وأن الولي الذي يظنون هم أنه الولي أفضل من الأنبياء وفيهم من يقول إن الأنبياء والرسل إنما يأخذون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء ويدعي في نفسه أنه خاتم الأولياء ويكون ذلك العلم هو حقيقة قول فرعون إن هذا الوجود المشهود واجب بنفسه ليس له صانع مباين له لكن هذا يقول هو الله وفرعون أظهر الإنكار بالكلية لكن كان فرعون في الباطن أعرف منهم فإن كان مثبتا للصانع وهؤلاء ظنوا أن الوجود المخلوق هو الوجود الخالق كما يقول ذلك ابن عربي وأمثاله من الاتحادية
    والمقصود ذكر من عدل عن العبادات التي شرعها الرسول إلى عبادات بإرادته وذوقه ووجده ومحبته وهواه وأنهم صاروا في أنواع من الضلال من جنس ضلال النصارى ففيهم من يدعي إسقاط وساطة الأنبياء والوصول إلى الله بغير طريقهم ويدعي ما هو أفضل من النبوة ومنهم من يدعي الاتحاد والحلول الخاص إما لنفسه وإما لشيخه وإما لطائفته الواصلين إلى حقيقة التوحيد بزعمه

    وهذا قول النصارى والنصارى موصوفون بالغلو وكذلك هؤلاء مبتدعة العباد الغلو فيهم وفي الرافضة ولهذا يوجد في هذين الصنفين كثير ممن يدعي إما لنفسه وإما لشيخه الإلهية كما يدعيه كثير من الإسماعيلية لائمتهم بني عبيد وكما يدعيه كثير من الغالية إما للاثنى عشر وإما لغيرهم من أهل البيت ومن غير أهل البيت كما تدعيه النصيرية وغيرهم
    وكذلك في جنس المبتدعة الخارجين عن الكتاب والسنة من أهل التعبد والتأله والتصوف منهم طوائف من الغلاة يدعون الإلهية ودعوى ما هو فرق النبوة وإن كان متفلسفا يجوز وجود نبي بعد محمد كالسهروردي المقتول في الزندقة وابن سبعين وغيرهما صاروا يطلبون النبوة بخلاف ما أقر بما جاء به الشرع ورأى أن الشرع الظاهر لا سبيل إلى تغييره فإنه يقول النبوة ختمت لكن الولاية لم تختم ويدعي من الولاية ما هو أعظم من النبوة وما يكون للأنبياء والمرسلين وأن الأنبياء يستفيدون منها

    ومن هؤلاء من يقول بالحلول والاتحاد وهم في الحلول والاتحاد نوعان نوع يقول بالحلول والاتحاد العام المطلق كابن عربي وأمثاله ويقولون في النبوة إن الولاية أعظم منها كما قال ابن عربي

    مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولى
    وقال ابن عربي في القصوص وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأنبياء وما يراه أحد من الأنبياء إلا من مشكاة خاتم الأنبياء وما يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة خاتم الأولياء حتى أن الرسل إذا رأوه لا يرونه إذا رأوه إلا من مشكاة خاتم الأولياء فإن الرسالة والنبوة أعنى رسالة التشريع ونبوته تنقطعان وأما الولاية فلا تنقطع أبدا فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء فكيف بمن دونهم من الأولياء وإن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع فذلك لا يقدح في مقامه ولا يناقض ما ذهبنا إليه فإنه من وجه يكون أنزل ومن وجه يكون أعلى

    قال ولما مثل النبي البوة بالحائط من اللبن فرآها قد كملت إلا موضع لبنة فكان هو موضع اللبتة وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا فيرى ما مثله النبي ويرى نفسه في الحائط موضع لبنتين ويرى نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين فيكمل الحائط والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أن الحائط لبنة من ذهب ولبنة من فضة واللبنة الفضة هي ظاهرة وما يتبعه فيه من الأحكام كما هو آخذ عن الله في السر ما هو في الصورة الظاهرة متبع فيه لأنه يرى الأمر على ما هو عليه فلا بد أن يراه هكذا وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول

    قال فإن فهمت ما أشرنا إليه فقد حصل لك العلم النافع

    قلت وقد بسطنا الرد على هؤلاء في مواضع وبينا كشف ما هم عليه من الضلال والخيال والنفاق والزندقة

    وأما الذين يقولون بالاتحاد الخاص فهؤلاء منهم من يصرح بذلك

    وأما من كان عنده علم بالنصوص الظاهرة ورأى أن هذا يناقض ما عليه المسلمون في الظاهر فإنه يجعل هذا مما يشار إليه ويرمز به ولا يباح به ثم إن كان معظما للرسول والقرآن ظن أن الرسول كان يقول بذلك لكنه لم يبح به لأنه مما لا يمكن البشر أن يبوحوا به وإن كان غير معظم للرسول زعم أنه تعدى حد الرسول وهذا الضلال حدث قديما من جهال العباد

    ولهذا كان العارفون كالجنيد بن محمد سيد الطائفة قدس الله روحه لما سئل عن التوحيد قال التوحيد إفراد الحدوث عن القدم فإنه كان عارفا ورأى أقواما ينتهي بهم الأمر إلى الاتحاد فلا يميزون بين القديم والمحدث وكان أيضا طائفة من أصحابه وقعوا في الفناء في توحيد الربوبية الذي لا يميز فيه بين المأمور والمحظور فدعاهم الجنيد إلى الفرق الثاني وهو توحيد الإلهية الذي يميز فيه بين المأمور والمحظور فمنهم من وافقه ومنهم من خالفه ومنهم لم يفهم كلامه

    وقد ذكر بعض ما جرى من ذلك أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك وكان من أصحاب الجنيد ومن شيوخ أبي طالب المكي كان من أهل العلم بالحديث وغيره ومن أهل المعرفة بأخبار الزهاد وأهل الحقائق

    وهذا الذي ذكره الجنيد من الفرق بين القديم والمحدث والفرق بين المأمور والمحظور بهما يزول ما وقع فيه كثير من الصوفية من هذا الضلال ولهذا كان الضلال منهم يذمون الجنيد على ذلك كابن عربي وأمثاله فإن له كتابا سماه الإسرا إلى المقام الأسرى مضمونه حديث نفس ووساوس شيطان حصلت في نفسه جعل ذلك معراجا كمعراج الأنبياء وأخذ يعيب على الجنيد وعلى غيره من الشيوخ ما ذكروه وعاب على الجنيد قوله التوحيد إفراد الحدوث عن القدم وقال قلت له يا جنيد ما يميز بين الشيئين إلا من كان خارجا عنهما وأنت إما قديم أو محدث فكيف تميز

    وهذا جهل منه فإن المميز بين الشيئين هو الذي يعرف أن هذا غير هذا ليس من شرطه أن يكون ثالثا بل كل إنسان يميز بين نفسه وبين غيره وليس هو ثالثا والرب سبحانه يميز نفسه وبين غيره وليس هناك ثالث

    وهذا الذي ذمه الجنيد رحمه الله وأمثاله من الشيوخ العارفين وقع فيه خلق كثير حتى من أهل العلم بالقرآن وتفسيره والحديث والآثار ومن المعظمين لله ورسوله باطنا وظاهرا المحبين لسنة رسول الله الذابين عنها وقعوا في هذا غلطا لا تعمدا وهم يحسبون أن هذا نهاية التوحيد كما ذكر ذلك صاحب منازل السائرين مع علمه وسنته ومعرفته ودينه
    وقد ذكر في كتابه منازل السائرين أشياء حسنة نافعة وأشياء باطلة ولكن هو فيه ينتهي إلى الفناء في توحيد الربوبية ثم إلى التوحيد الذي هو حقيقة الاتحاد ولهذا قال باب التوحيد قال الله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو سورة آل عمران التوحيد تنزيه الله عن الحدث

    قال وإنما نطق العلماء بما نطقوا به وأشار المحققون إلى ما أشاروا إليه في هذا الطريق لقصد تصحيح التوحيد وما سواه من حال أو مقام فكله مصحوب العلل

    قال والتوحيد على ثلاثة أوجه الأول توحيد العامة الذي يصح بالشواهد والثاني توحيدالخاصة وهو الذي يثبت بالحقائق والوجه الثالث توحيد قائم بالقدم وهو توحيد خاصة الخاصة

    فأما التوحيد الأول فهو شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد هذا هو التوحيد الظاهر الجلي الذي نفى الشرك الأعظم وعليه نصبت القبلة وبه وجبت الذمة وبه حقنت الدماء والأموال وانفصلت دار الإسلام من دار الكفر وصحت به الملة للعامة وإن لم يقوموا بحسن الاستدلال بعد أن سلموا من الشبهة والحيرة والريبة بصدق شهادة صححها قبول القلب

    هذا توحيد العامة الذي يصح بالشواهد والشواهد هي الرسالة والصنائع تجب بالسمع وتوجد بتبصير الحق وتنمو على مشاهدة الشواهد قال وأما التوحيد الثاني الذي يثبت بالحقائق فهو توحيد الخاصة وهو إسقاط الأسباب الظاهرة والصعود عن منازعات العقول وعن التعلق بالشواهد وهو أن لا يشهد في التوحيد دليلا ولا في التوكل سببا ولا في النجاة وسيلة فيكون مشاهدا سبق الحق بحكمه وعلمه ووضعه الأشياء مواضعها وتعليقه إياها بأحايينها وإخفائه إياها في رسومها ويحقق معرفة العلل ويسلك سبيل إسقاط الحدث هذا توحيد الخاصة الذي يصح بعلم الفناء ويصفو في علم الجمع ويجذب إلى توحيد أرباب الجمع قال وأما التوحيد الثالث فهو توحيد اختصه الحق لنفسه واستحقه بقدره وألاح منه لائحا إلى أسرار طائفة من صفوته وأخرسهم عن نعته وأعجزهم عن بثه والذي يشار به إليه على ألسن المشيرين أنه إسقاط الحدث وإثبات القدم على أن هذا الرمز في ذلك التوحيد علة لا يصح ذلك التوحيد إلا بإسقطها

    هذا قطب الإشارة إليه على ألسن علماء أهل هذا الطريق وإن زخرفوا له نعوتا وفصلوه فصولا فإن ذلك التوحيد تزيده العبارة خفاء والصفة نفورا والبسط صعوبة وإلى هذا التوحيد شخص أهل الرياضة وأرباب الأحوال وإليه قصد أهل التعظيم وإياه عنى المتكلمون في عين الجمع وعليه تصطلم الإشارات ثم لم ينطق عنه لسان ولم تشر إليه عبارة فإن التوحيد وراء ما يشير إليه مكون أو يتعاطاه خبر أو يقله سبب

    قال وقد أجبت في سالف الدهر سائلا سألني عن توحيد الصوفية بهذه القوافي الثلاث

    ما وحد الواحد من واحد ... إذ كل من وحده جاحد

    توحيد من ينطق عن نعته ... عارية أبطلها الواحد

    توحيده إياه توحيده ... ونعت من ينعته لأحد

    قلت وقد بسطت الكلام على هذا وأمثاله في غير هذا الموضع لكن ننبه هنا على ما يليق بهذا الموضع فنقول أما التوحيد الأول الذي ذكره فهو التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب وبه بعث الله الأولين والآخرين من الرسل

    قال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون سورة الزخرف 45 وقال تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة سورة النحل 36 وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون سورة الأنبياء 2وقد أخبر الله تعالى عن كل من الرسل مثل نوح وهود وصالح وشعيب وغيرهم أنهم قالوا لقومهم آعبدوا الله مالكم من إله غيره وهذا أول دعوة الرسل وآخرها

    قال النبي في الحديث الصحيح المشهور أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله وقال النبي في الحديث الصحيح أيضا من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة وقال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الحنة

    والقرآن كله مملوء من تحقيق هذا التوحيد والدعوة إليه وتعليق النجاة والفلاح واقتضاء السعادة في الآخرة به ومعلوم أن الناس متفاضلون في تحقيقه وحقيقته إخلاص الدين كله لله والفناء في هذا التوحيد مقرون بالبقاء وهو أن تثبت إلاهية الحق في قلبك وتنفي إلاهية ما سواه فتجمع بين النفي والإثبات فتقول لا إله إلا الله فالنفي هو الفناء والإثبات هو البقاء وحقيقته أن تفنى بعبادته عما سواه ومحبته عن محبة ما سواه وبخشيته عن خشية ما سواه وبطاعته عن طاعة ما سواه وبموالاته عن موالاة ما سواه وبسؤاله عن سؤال ما سواه وبالإستعاذه به عن الاستعاذة بما سواه وبالتوكل عليه عن التوكل على ما سواه وبالتفويض إليه عن التفويض إلى ما سواه وبالإنابة إليه عن الإنابة إلى ما سواه وبالتحاكم إليه عن التحاكم إلى ما سواه وبالتخاصم إليه عن التخاصم إلى ما سواه

    وفي الصحيحين عن النبي أنه كان يقول إذا قام يصلي من الليل وقد روي أنه كان يقوله بعد التكبير اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت

    وقال تعالى قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم سورة الآنعام 13وقال أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا سورة الآنعام 11وقال أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين سورة الزمر 64 66 وقال تعالى قل إنني هداني ربي إلي صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها سورة الأنعام 161 16وهذا التوحيد كثير في القرآن وهو أول الدين وآخره وباطن الدين وظاهره وذروة سنام هذا التوحيد لأولى العزم من الرسل ثم للخليلين محمد وإبراهيم صلى الله عليهما وسلم تسليما فقد ثبت عن النبي من غير وجه أنه قال إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وأفضل الرسل بعد محمد إبراهيم فإنه قد ثبت في الصحيح عنه أنه قال عن خير البرية إنه إبراهيم وهو الإمام الذي جعله الله إماما وجعله أمة والأمة القدوة الذي يقتدى به فإنه حقق هذا التوحيد وهو الحنيفية ملته

    قال تعالى قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر سورة الممتحنة 4 وقال تعالى وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون سورة الزخرف 26 2وقال عن إبراهيم أنه قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم سورة الأنعام 78 83

    قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين سورة الشعراء 75 77 والخليل هو الذي تخللت محبة خليله قلبه فلم يكن فيه مسلك لغيره كما قيل

    قد تخللت مسلك الروحى منى ... وبذا سمى الخليل خليلا

    وقد قيل إنه مأخوذ من الخليل وهو الفقير مشتق من الخلة بالفتح كما قيل

    وإن أتاه خليل يوم مسغبة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم

    والصواب أنه من الأول وهو مستلزم للثاني فإن كمال حبه لله هو محبة عبودية وافتقار ليست كمحبة الرب لعبده فإنها محبة استغناء وإحسان

    ولهذا قال تعالى وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا سورة الاسراء 11

    فالرب لا يوالي عبده من ذل كما يوالي المخلوق لغيره بل يواليه إحسانا إليه والولي من الولاية والولاية ضد العداوة وأصل الولاية الحب وأصل العداوة البغض وإذا قيل هو مأخوذ من الولي وهو القرب فهذا جزء معناه فإن الولي يقرب إلى وليه والعدو يبعد عن عدوه ولما كانت الخلة تستلزم كمال المحبة واستيعاب القلب لم يصلح للنبي أن يخالل مخلوقا بل قال لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله

    ولهذا امتحن الله إبراهيم بذبح ابنه والذبيح على القول الصحيح ابنه الكبير إسماعيل كما دلت على ذلك سورة الصافات وغير ذلك فإنه قد كان سأل ربه أن يهب له من الصالحين فبشره بالغلام الحليم إسماعيل فلما بلغ معه السعي أمره أن يذبحه لئلا يبقى في قلبه محبة مخلوق تزاحم محبة الخالق إذ كان قد طلبه وهو بكره

    وكذلك في التوراة يقول اذبح ابنك وحيدك وفي ترجمة أخرى بكرك ولكن ألحق المبدلون لفظ إسحاق وهو باطل فإن إسحاق هو الثاني من أولاده باتفاق المسلمين وأهل الكتاب فليس هو وحيده ولا بكره وإنما وحيده وبكره إسماعيل

    ولهذا لما ذكر الله قصة الذبيح في القرآن قال بعد هذا وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين سورة الصافات 112

    وقال في الآية الأخرى فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب سورة هود 71 فكيف يبشره بولد ثم يأمره بذبحه

    والبشارة بإسحاق وقعت لسارة وكانت قد غادرت من هاجر لما ولدت إسماعيل وأمر الله إبراهيم أن يذهب بإسماعيل وأمه إلى مكة ثم لما جاء الضيف وهم الملائكة لإبراهيم بشروها بإسحاق فكيف يأمره بذبح إسحاق مع بقاء إسماعيل، وهي لم تصبر على وجود إسماعيل وحده بل غارت أن يكون له ابن من غيرهما فكيف تصبر على ذبح ابنها وبقاء ابن ضرتها وكيف يأمر الله إبراهيم بذبح ابنه وأمه مبشرة به وبابن ابنه يعقوب وأيضا فالذبح إنما كان بمكة وقد رأى النبي قرني الكبش في البيت فقال للحاجب إني رأيت قرني الكبش في الكعبة فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في الكعبة شيء يلهي المصلي وإبراهيم وإسماعيل هما اللذان بنيا الكعبة بنص القرآن وإسحاق كان في الشام والمقصود بالأمر بالذبح أن لا يبقى في قلبه محبة لغير الله تعالى وهذا إذا كان له ابن واحد فإذا صار له ابنان فالمقصود لا يحصل إلا بذبحهما جميعا وكل من قال إنه إسحاق فإنما أخذه عن اليهود أهل التحريف والتبديل كما أخبر الله تعالى عنهم وقد بسطنا هذه المسألة في مصنف مفرد

    والمقصود هنا أن الخليلين هما أكمل خاصة الخاصة توحيدا فلا يجوز أن يكون في أمة محمد من هو أكمل توحيدا من نبي من الأنبياء فضلا عن الرسل فضلا عن أولي العزم فضلا عن الخليلين

    وكمال توحيدهما بتحقيق إفراد الألوهية وهو أن لا يبقى في القلب شيء لغير الله أصلا بل يبقى العبد مواليا لربه في كل شيء يحب ما أحب ويبغض ما أبغض ويرضى بما رضي ويسخط بما سخط ويأمر بما أمر وينهى عما نهى

    وأما التوحيد الثاني الذي ذكره وسماه توحيد الخاصة فهو الفناء في توحيد الربوبية وهو أن يشهد ربوبية الرب لكل ما سواه وأنه وحده رب كل شيء ومليكه والفناء إذا كان في توحيد الألوهية وهو أن يستولي على القلب شهود معبوده وذكره ومحبته حتى لا يحس بشيء آخر مع العلم بثبوت ما أثبته الحق من الأسباب والحكم وعبادته وحده لا شريك له بالأمر والنهي ولكن غلب على القلب شهود الواحد كما يقال غاب بموجوده عن وجوده وبمعبوده عن عبادته وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته

    كما يذكر أن رجلا كان يحب آخر فوقع المحبوب في اليم فألقى المحب نفسه خلفه فقال له أنا وقعت فلماذا وقعت أنت فقال غبت بك عني فظننت أن أني فصاحب هذا الفناء إذا غلب في ذلك فهو معذور لعجزه عند غلبة ذكر الرب على قلبه عن شعوره بشئ آخر كما يعذر من سمع الحق فمات أو غشي عليه وكما عذر موسى لما صعق حين تجلى ربه للجبل

    وليس هذا الحال غاية السالكين ولا لازما لكل سالك ومن الناس من يظن أنه لا بد لكل سالك منه وليس كذلك فنبينا والسابقون الأولون هم أفضل وما أصاب أحدا منهم هذا الفناء ولا صعق ولا موت عند سماع القرآن وإنما تجد هذا الصعق في التابعين لا سيما في عباد البصريين

    ومن الناس من يجعل هذا الفناء هو الغاية التي ينتهي إليها سير العارفين وهذا أضعف من الذي قبله وما يذكر عن أبي يزيد البسطامي من قوله ما في الجبة إلا الله وقوله أين أبو يزيد أنا أطلب أبا يزيد منذ كذا وكذا سنة ونحو ذلك فقد حملوه على أنه كان من هذا الباب ولهذا يقال عنه إنه كان إذا أفاق أنكر هذا فهذا ونحوه كفر لكن إذا زال العقل بسبب يعذر فيه الإنسان كالنوم والإغماء لم يكن مؤاخذا بما يصدر عنه في حال عدم التكليف ولا ريب أن هذا من ضعف العقل والتمييز

    وأما الفناء الذي يذكره صاحب المنازل فهو الفناء في توحيد الربوبية لا في توحيد الإلهية وهو يثبت توحيد الربوبية مع نفي الأسباب والحكم كما قول القدرية المجبرة كالجهم بن صفوان ومن اتبعه والأشعري وغيره

    وشيخ الإسلام وإن كان رحمه الله من أشد الناس مباينة للجهمية في الصفات وقد صنف كتابه الفاروق في الفرق بين المثبتة والمعطلة وصنف كتاب تكفير الجهمية وصنف كتاب ذم الكلام وأهله وزاد في هذا الباب حتى صار يوصف بالغلو في الإثبات للصفات لكنه في القدر على رأي الجهمية نفاة الحكم والأسباب، والكلام في الصفات نوع والكلام في القدر نوع وهذا الفناء عنده لا يجامع البقاء فإنه نفي لكل ما سوى حكم الرب بإرادته الشاملة التى تخصص أحد المتماثلين بلا مخصص

    ولهذا قال في باب التوبة في لطائف أسرار التوبة اللطيفة الثالثة أن مشاهدة العبد الحكم لم تدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة لصعوده من جميع المعاني إلى معنى الحكم أي الحكم القدري وهو خلقه لكل شئ بقدرته وإرادته فإن من لم يثبت في الوجود فرقا بالنسبة إلى الرب بل يقول كل ما سواه محبوب له مرضي له مراد له سواء بالنسبة إليه ليس يحب شيئا ويبغض شيئا فإن مشاهدة هذا لا يكون معها استحسان حسنة ولا استقباح سيئة بالنسبة إلى الرب إذ الاستحسان والإستقباح على هذا المذهب لا يكون إلا بالنسبة إلى العبد يستحسن ما يلائمه ويستقبح ما ينافيه وفي عين الفناء لا يشهد نفسه ولا غيره بل لا يشهد إلا فعل ربه فعند هده المشاهدة لا يستحسن شيئا ويستقبح آخر على قول هؤلاء القدرية الجبرية المتبعين لجهم بن صفوان وأمثاله

    وهؤلاء وافقوا القدرية في أن مشيئة الرب وإرادته ومحبته ورضاه سواء ثم قالت القدرية النفاة وهو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان فهو لا يريده ولا يشاؤه فيكون في ملكه ما لا يشاء

    وقالت الجهمية المجبرة بل هو يشاء كل شيء فهو يريده ويحبه ويرضاه

    وأما السلف وأتباعهم فيفرقون بين المشيئة والمحبة وأما الإرادة فتكون تارة بمعنى المشيئة وتارة بمعنى المحبة وقد ذكر الأشعري القولين عن أهل السنة المثبتين للقدر قول من فرق بين المحبة والرضا وقول من سوى بينهما واختار هو التسوية وأبو المعالي يقول إن أبا الحسن أول من سوى بينهما لكني رأيته في الموجز قد حكى قوله عن سليمان بن حرب وعن ابن كلاب وعن الكرابيسي وعن داود بن علي وكذلك ابن عقيل يقول أجمع المسلمون على أن الله لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ولم يقل إنه يحبه غير الأشعري

    وأما القاضي أبو يعلى فهو في المعتمد يوافق الأشعري وفي مختصره ذكر القولين وذكر في المعتمد قول أبي بكر عبد العزيز أنه يقول بالفرق وتأول كلام أبي بكر بتأويل باطل لكن أهل الملل كلهم متفقون على أن الله يثيب على الطاعات ويعاقب على المعاصي وإن كانت المشيئة شامله للنوعين فهم يسلمون الفرق بالنسبة إلى العباد والمدعون للمعروفة والحقيقة والفناء فيهما يطلبون أن لا يكون لهم مراد بل يريدون ما يريد الحق تعالى فيقولون الكمال أن تفنى عن إرادتك وتبقى مع إرادة ربك وعندهم أن جميع الكائنات بالنسبة إلى الرب سواء فلا يستحسنون حسنة ولا يستقبحون سيئة

    وهذا الذي قالوه ممتنع عقلا محرم شرعا ولكن المقصود هنا بيان قولهم ولهذا قال شيخ الإسلام في توحيدهم وهو التوحيد الثاني إنه إسقاط الأسباب الظاهرة فإن عندهم لم يخلق الله شيئا بسبب بل يفعل عنده لا به

    قال والصعود عن منازعات العقول وعن التعلق بالشواهد وهو أن لا يشهد في التوحيد دليلا ولا في التوكل سببا ولا في النجاة وسيلة وذلك لأن عندهم ليس في الوجود شيء يكون سببا لشيء أصلا ولا شيء جعل لأجل شيء ولا يكون شيء بشيئ

    فالشبع عندهم لا يكون بالأكل ولا العلم الحاصل في القلب بالدليل ولا ما يحصل للمتوكل من الرزق والنصر له سبب أصلا لا في نفسه ولا في نفس الأمر ولا الطاعات عندهم سبب للثواب ولا المعاصي سبب للعقاب فليس للنجاة وسيلة بل محض الإرادة الواحدة يصدر عنها كل حادث ويصدر مع الآخر مقترنا به اقترانا عاديا لا أن أحدهما معلق بالآخر أو سبب له أو حكمة له ولكن لأجل ما جرت به العادة من اقتران أحدهما بالآخر يجعل أحدهما أمارة وعلما ودليلا على الآخر بمعنى أنه إذا وجد أحد المقترنين عادة كان الآخر موجودا معه وليس العلم الحاصل في القلب حاصلا بهذا الدليل بل هذا أيضا من جملة الإقترانات العادية

    ولهذا قال فيكون مشاهدا سبق الحق بحكمه وعلمه أى يشهد أنه علم ما سيكون وحكم به أي أراده وقضاه وكتبه وليس عندهم شيء إلا هذا وكثير من أهل هذا المذهب يتركون الأسباب الدنيوية ويجعلون وجود السبب كعدمه

    ومنهم قوم يتركون الأسباب الأخروية فيقولون إن سبق العلم والحكم أنا سعداء فنحن سعداء وإن سبق أنا أشقياء فنحن أشقياء فلا فائدة في العمل

    ومنهم من يترك الدعاء بناء على هذا الأصل الفاسد ولا ريب أن هذا الأصل الفاسد مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف وأئمة الدين ومخالف لصريح المعقول ومخالف للحس والمشاهدة

    وقد سئل النبي عن إسقاط الأسباب نظرا إلى القدر فرد ذلك كما ثبت في الصحيحين عنه أنه قال ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب فقال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له وفي الصحيح أيضا أنه قيل له يا رسول الله أرأيت ما يكدح الناس فيه اليوم ويعملون أشيء قضى عليهم ومضى أم فيما يستقبلون مما أتاهم فيه الحجة فقال بل شيء قضى عليهم ومضى فيهم قالوا يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على كتابنا فقال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    وفي السنن عن النبي أنه قيل له أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا فقال هي من قدر الله

    وقد قال تعالى في كتابه وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات سورة الآعراف 53وقال وما أنزل الله من المساء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها سورة الجاثية وقال قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم سورة التوبة 1وقال ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا سورة التوبة 5وقال يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين سورة البقرة 2وقال يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام سورة المائدة 1وقال وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم سورة الشورى 5وقال ولكل قوم هاد سورة الرعد 7 فكيف لا يشهد الدليل

    قال وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم سورة الزمر 6

    وقال إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم سورة يونس وقال والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ سورة الطور 2

    وقال كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم سورة إبراهيم وقال كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية سورة الحاقة 23

    وقال ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون سورة النحل 3

    وقال إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا سورة الأنفال 2وقال ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب سورة الطلاق 2 3

    وقال فبما رحمة من الله لنت لهم سورة آلعمران 15

    وقال فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل سورة النساء 160 16

    وقال فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين سورة الأنعام وقال فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار سورة المائدة 8وقال وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا سورة الإنسان 4وقال إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب سورة آل عمران 19

    وقال إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون سورة البقرة 164 وأمثال ذلك في القرآن كثير

    وفي الصحيحين عن النبي أنه قال لسعد عسى أن تخلف فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون فكيف يمكن أن يشهد أن الله لم ينصب على توحيده دليلا ولا جعل للنجاة من عذابه وسيلة ولا جعل لما يفعله المتوكل من عباده سببا وهو مسبب الأسباب وخالق كل شيء بسبب منه لكن الأسباب كما قال فيها أبو حامد وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهما الإلتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا تغيير في وجه العقل والأعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع

    والتوكل معنى يلتئم من معنى التوحيد والعقل والشرع فالموحد المتوكل لا يلتفت إلى الأسباب بمعنى أنه لا يطمئن إليها ولا يثق بها ولا يرجوها ولا يخافها فإنه ليس في الوجود سبب يستقل بحكم بل كل سبب فهو مفتقر إلى أمور أخرى تضم إليه وله موانع وعوائق تمنع موجبه وما ثم سبب مستقل بالإحداث إلا مشيئة الله وحده فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وما شاء خلقه بالأسباب التي يحدثها ويصرف عنه الموانع فلا يجوز التوكل إلا عليه

    كما قال تعالى إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون سورة آل عمران 16

    وما سبق من علمه وحكمه فهو حق وقد علم وحكم بأن الششيء الفلاني يحدثه هو سبحانه بالسبب الفلاني فمن نظر إلى علمه وحكمه فليشهد الحدوث بما أحدثه وإذا نظر إلى الحدوث بلا سبب منه لم يكن شهوده مطابقا لعلمه وحكمه

    فمن شهد أن الله تعالى خلق الولد لا من أبوين لسبق علمه وحكمه فهذا شهوده عمى بل يشهد أن الله تبارك وتعالى سبق علمه وحكمه بأن يخلق الولد من الأبوين والأبوان سبب في وجوده فكيف يجوز أن يقال إنه سبق علمه وحكمه بحدوثه بلا سبب وإذا كان علمه وحكمه قد أثبت السبب فكيف أشهد الأمور بخلاف ما هي عليه في علمه وحكمه والعلل التي تنفي نوعان أحدهما أن تعتمد على الأسباب وتتوكل عليها وهذا شرك محرم والثاني أن تترك ما أمرت به من الأسباب وهذا أيضا محرم

    بل عليك أن تعبده بفعل ما أمرك به من الأسباب وعليك أن تتوكل عليه في أن يعينك على ما أمرك به وأن يفعل هو ما لا تقدر أنت عليه بدون سبب منك فليست العلة إلا ترك ما أمرك به الرب أمر إيجاب أو استحباب ومن فعل ما أمر به كما أمر به فليس عنده علة ولكن قد يجهل حقيقة ما أمر به كما أمر به فيكون منه علة

    وقول القائل يسلك سبيل إسقاط الحدث إن أراد أنى أعتقد نفي حدوث شئ فهذا مكابرة وتكذيب بخلق الرب وجحد للصانع وإن أراد أنى أسقط الحدث من قلبي فلا أشهد محدثا وهو مرادهم فهذا خلاف ما أمرت به وخلاف الحق

    بل قد أمرت أن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأشهد حدوث المحدثات بمشيئته بما خلقه من الأسباب ولما خلقه من الحكم وما أمرت أن لا أشهد بقلبي حدوث شئ قط

    وقول القائل يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل إن أراده أنه يبقى على الوجه المأمور به بحيث يشهد أن الحق هو المحدث لكل ما سواه بما أحدثه من الأسباب ولما أراده من الحكمة فهذا حق وإن أراد أنى لا أشهد قط مخلوقا بل لا أشهد إلا القديم فقط فهذا نقص في الإيمان والتوحيد والتحقيق وهذا من باب الجهل والضلال وهذا إذا غلب على قلب العبد كان معذورا أما أن يكون هذا مما أمر الله به ورسوله فهذا خلاف الكتاب والسنة والإجماع

    ولما كان هذا مرادهم قال هذا توحيد الخاصة الذي يصح بعلم الفناء ويصفو في علم الجمع ويجذب إلى توحيد أرباب الجمع فإن المراد بالجمع أن يشهد الأشياء كلها مجتمعة في خلق الرب ومشيئته وأنها صادرة بإرادته لا يرجح مثلا عن مثل فلا يفرق بين مأمور ومحظور وحسن وقبيح وأولياء الله وأعدائه

    والوقوف عند هذا الجمع هو الذي أنكره الجنيد وغيره من أئمة طريق أهل الله أهل الحق فإنهم أمروا بالفرق الثاني وهو أن يشهد مع هذا الجمع أن الرب فرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه فأحب هذا وأبغض هذا وأثاب على هذا وعاقب على هذا فيحب ما أحبه الله ورسوله ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ويشهد الفرق في الجمع والجمع في الفرق لا يشهد جمعا محضا ولا فرقا محضا

    وأما قوله ويجذب إلى توحيد أرباب الجمع فسيأتي وهؤلاء شربوا من العين التي شرب منها نفاة القدر فإن أولئك الذين قالوا الأمر أنف قالوا إذا سبق علمه وحكمه بشيء امتنع أن يأمر بخلافه ووجب وجوده وفي ذلك إبطال الأمر والنهي لكن أولئك كانوا معظمين للأمر والنهي فظنوا أن إثبات ما سبق من العلم والحكم ينافيه فأثبتوا الشرع ونفوا القدر

    وهؤلاء اعتقدوا ذلك أيضا لكن أثبتوا القدر ونفوا عمن شاهده أن يستحسن حسنة يأمر بها أو يستقبح سيئة ينهى عنها فأثبتوا القدر وأبطلوا الشرع عمن شاهد القدر وهذا القول أشد منافاة لدين الإسلام من قول نفاة القدر

    قال وأما التوحيد الثالث فهو توحيد اختصه الحق لنفسه واستحقه بقدره إلى آخر كلامه وقد تقدم حكايته فهؤلاء هم الذين أنكر عليهم أئمة الطريق كالجنيد وغيره حيث لم يفرقوا بين القديم والمحدث وحقيقة قول هؤلاء الاتحاد والحلول الخاص من جنس قول النصارى في المسيح وهو أن يكون الموحد هو الموحد ولا يوحد الله إلا الله وكل من جعل غير الله يوحد الله فهو جاحد عندهم كما قال ...

    ما وحد الواحد من واحد (أي من واحد غيره) ... إذ كل من وحده جاحد

    فإنه على قولهم هو الموحد والموحد ولهذا قال

    توحيد من ينطق عن نعته ... عارية أبطلها الواحد

    يعني إذا تكلم العبد بالتوحيد وهو يرى أنه المتكلم فإنما ينطق عن نعت نفسه فيستعير ما ليس له فيتكلم به وهذه عارية أبطلها الواحد ولكن إذا فنى عن شهود نفسه وكان الحق هو المتكلم على لسانه حيث فنى من لم يكن وبقي من لم يزل فيكون الحق هو الناطق بنعت نفسه لا بنعت العبد ويكون هو الموحد وهو الموحد ولهذا قال توحيده إياه توحيده أي توحيد الحق إياه أي نفسه هو توحيده هو لا توحيد المخلوقين له فإن لا يوحده عندهم مخلوق بمعنى أنه هو الناطق بالتوحيد على لسان خاصته ليس الناطق هو المخلوق كما يقوله النصارى في المسيح إن اللاهوت تكلم بلسان الناسوت

    وحقيقة الأمر أن كل من تكلم بالتوحيد أو تصوره وهو يشهد غير الله فليس بموحد عندهم وإذا غاب وفنى عن نفسه بالكلية فتم له مقام توحيد الفناء الذي يجذبه إلى توحيد أرباب الجمع صار الحق هو الناطق المتكلم بالتوحيد وكان هو الموحد وهو الموحد لا موحد غيره

    وحقيقة هذا القول لا يكون إلا بأن يصير الرب والعبد شيئا واحدا وهو الاتحاد فيتحد اللاهوت والناسوت كما يقول النصارى إن المتكلم بما كان يسمع من المسيح هو الله وعندهم أن الذين سمعوا منه هم رسل الله وهم عندهم أفضل من إبراهيم وموسى

    ولهذا تكلم بلفظ اللاهوت والناسوت طائفة من الشيوخ الذين وقعوا في الاتحاد والحلول مطلقا ومعينا فكانوا ينشدون قصيدة ابن الفارض ويتحلون بما فيها من تحقيق الاتحاد العام ويرون كل ما في الوجود هو مجلي ومظهر ظهر فيه عين الحق وإذا رأى أحدهم منظرا حسنا أنشد

    يتجلى في كل طرفة عين ... بلباس من الجمال جديد

    وينشد الآخر

    هيهات يشهد ناظري معكم سوى ... إذا أنتم عين الجوارح والقوى

    وينشد الثالث

    أعاين في كل الوجود جمالكم ... وأسمع من كل الجهات نداكم

    وتلتذ إن مرت على جسدي يدى ... لأني في التحقيق لست سواكم

    ولما كان ظهور قول النصارى بين المسلمين مما يظهر أنه باطل لم يمكن أصحاب هذا الاتحاد أن يتكلموا به كما تكلمت به النصارى بل صار عندهم مما يشهد ولا ينطق به وهو عندهم من الأسرار التي لا يباح بها ومن باح بالسر قتل

    وقد يقول بعضهم إن الحلاج لما باح بهذا السر وجب قتله ولهذا قال هو توحيد اختصه الحق لنفسه واستحقه بقدره وألاح منه لائحا إلى أسرار طائفة من صفوته وأخرسهم عن نعته وأعجزهم عن بثه
    فيقال أما توحيد الحق نفسه بنفسه وهو علمه بنفسه وكلامه الذي يخبر به عن نفسه كقوله شهد الله أنه لا إله إلا هو سورة آل عمران 18 وقوله إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني سورة طه 14 فذاك صفته القائمة به كما تقوم به سائر صفاته من حياته وقدرته وغير ذلك

    وذلك لا يفارق ذات الرب وينتقل إلى غيره أصلا كسائر صفاته بل صفات المخلوق لا تفارق ذاته وتنتقل إلى غيره فكيف بصفات الخالق ولكن هو سبحانه ينزل على أنبيائه من علمه وكلامه ما أنزله كما أنزل القرآن وهو كلامه على خاتم الرسل

    وقد قال سبحانه شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم سورة آل عمران 18 فهو سبحانه يشهد لنفسه بالوحدانية والملائكة يشهدون وأولوا العلم من عباده يشهدون والشهادات متطابقة متوافقة

    وقد يقال هذه الشهادة هي هذه بمعنى أنها نوعها وليس نفس صفة المخلوق هي نفس صفة الخالق ولكن كلام الله الذي أنزله على رسوله هو القرآن الذي يقرؤه المسلمون وهو كلامه سبحانه مسموعا من المبلغين له ليس تلاوة العباد له وسماع بعضهم من بعض بمنزلة سمع موسى له من الله بلا واسطة فإن موسى سمع نفس كلام الرب كما يسمع كلام المتكلم منه كما يسمع الصحابة كلام الرسول منه وأما سائر الناس فسمعوه مبلغا عن الله كما يسمع التابعون ومن بعدهم كلام النبي مبلغا عنه

    ولهذا قال لرسوله بلغ ما أنزل إليك من ربك سورة المائدة 6وقال ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم سورة الجن 2وقال النبي بلغوا عني ولو آية وقال نضر الله أمرا سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه وقال ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي

    وقول القائل وألاح منه لائحا إلى أسرار طائفة من صفوته وأخرسهم عن نعته وأعجزهم عن بثه

    فيقال أفضل صفوته هم الأنبياء وأفضلهم الرسل وأفضل الرسل أولو العزم وأفضل أولي العزم محمد وما ألاحه الله على أسرار هؤلاء فهو أكمل توحيد عرفه العباد وهم قد تكلموا بالتوحيد ونعتوه وبثوه وما يقدر أحد قط أن ينقل عن نبي من الأنبياء ولا وارث نبي أنه يدعي أنه يعلم توحيدا لا يمكنه النطق به بل كل ما علمه القلب أمكن التعبير عنه لكن قد لا يفهمه إلا بعض الناس

    فأما أن يقال إن محمدا عاجز عن أن يبين ما عرفه الله من توحيده فهذا ليس كذلك

    ثم يقال إن أريد بهذا اللائح أن يكون الرب نفسه هو الموحد لنفسه في قلوب صفوته لاتحاده بهم أو حلوله فيهم فهذا قول النصارى وهو باطل شرعا وعقلا

    وإن أريد أنه يعرف صفوته من توحيده ومعرفته والإيمان به ما لا يعرفه غيرهم فهذا حق لكن ما قام بقلوبهم ليس هو نفس الرب الخالق تعالى بل هو العلم به ومحبته ومعرفته وتوحيده

    وقد يسمى المثل الأعلى ويفسر به قوله تعالى وله المثل الأعلى في السموات والأرض سورة الروم 27 أي في قلوب أهل السموات والأرض ويقال له المثال الحبي والمثال العلمي وقد يخيل لناقص العقل إذا أحب شخصا محبة تامة بحيث فني في حبه حتى لا يشهد في قلبه غيره أن نفس المحبوب صار في قلبه وهو غالط في ذلك بل المحبوب في موضع آخر إما في بيته وإما في المسجد وإما في موضع آخر ولكن الذي في قلبه هو مثاله

    وكثيرا ما يقول القائل أنت في قلبي وأنت في فؤادي والمراد هذا المثال لأنه قد علم أنه لم يعن ذاته فإن ذاته منفصلة عنه كما يقال أنت بين عيني وأنت دائما على لساني كما قال الشاعر

    مثالك في عيني وذكرك في فمي ... ومثواك في قلبي فكيف تغيب

    وقال آخر

    ساكن في القلب يعمره ... لست أنساه فأذكره

    فجعله ساكنا عامرا للقلب لا ينسى ولم يرد أن ذاته حصلت في قلبه كما يحصل الإنسان الساكن في بيته بل هذا الحاصل هو المثال العلمي وقال آخر

    ومن عجب أني احن إليهم ... وأسأل عنهم من لقيت وهم معي

    وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي

    ومن هذا الباب قول القائل القلب بيت الرب وما يذكرونه في الإسرائيليات من قوله ما وسعتني أرضى ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي الورع اللين فليس المراد أن الله نفسه يكون في قلب كل عبد بل في القلب معرفته ومحبته وعبادته

    والنائم يرى في المنام إنسانا يخاطبه ويشاهده ويجري معه فصولا وذلك المرئي قاعد في بيته أو ميت في قبره وإنما رأى مثاله وكذلك يرى في المرآة الشمس والقمر والكواكب وغير ذلك من المرئيات ويراها تكبر بكبر المرأة وتصغر بصغرها وتستدير باستدارتها وتصفوا بصفائها وتلك مثال المرئيات القائمة بالمرآة وأما نفس الشمس التي في السماء فلم تصر ذاتها في المرآة

    وقد خاطبني مرة شيخ من هؤلاء في مثل هذا وكان ممن يظن أن الحلاج قال أنا الحق لكونه كان في هذا التوحيد فقال الفرق بين فرعون والحلاج أن فرعون قال أنا ربكم الأعلى سورة النازعات 24 وهو يشير إلى نفسه وأما الحلاج فكان فانيا عن نفسه والحق نطق على لسانه فقلت لت أفصار الحق في قلب الحلاج ينطق على لسانه كما ينطق الجني على لسان المصروع وهو سبحانه بائن عن قلب الحلاج وغيره من المخلوقات فقلب الحلاج أو غيره كيف يسع ذات الحق ثم الجني يدخل في جسد الإنسان ويشغل جميع أعضائه والإنسان المصروع لا يحس بما يقوله الجني ويفعله بأعضائه لا يكون الجني في قلبه فقط فإن القلب كل ما قام به فإنما هو عرض من الأعراض ليس شيئا موجودا قائما بنفسه ولهذا لا يكون الجني بقلبه الذي هو روحه

    وهؤلاء قد يدعون أن ذات الحق قامت بقلبه فقط فهذا يستحيل في حق المخلوق فكيف بالخالق جل جلاله


    منهاج السنة النبوية
                  

01-29-2009, 07:18 AM

عمار عبدالله عبدالرحمن
<aعمار عبدالله عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 02-26-2005
مجموع المشاركات: 9162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: عماد موسى محمد)

    Quote: عماد موسى محمد


    عجبي
                  

01-29-2009, 07:16 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    الأخ عماد موسى محمد لك الشكر على المداخلة ولكن بن تيمية أخطأ كثيرا في فهم بن عربي وله العذر في ذلك لأن الشيخ يكتب بأسلوب عسير الفهم وقد رد الشيخ محمود الغراب على بن تيميه وأوضح ما وقع فيه من خطأ في فهم بن عربي في هذا الكتاب القيم الذي آمل أن تقرأه والذي يبرئ بن عربي تماما من القول بالحلولية وغير ذلك مما نسب إليه خطأ:

    http://www.daraleman.net/uploads/SharhKalmatSufya.pdf
                  

02-09-2009, 08:40 PM

ود محجوب
<aود محجوب
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 7643

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تفسير طلسم بن عربي لاسم ختم الأولياء في عنقاء مغرب (مخطوط قديم) (Re: محمد عثمان الحاج)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de