|
مقال من أرشيفي بموقع طابت عن أزمـة المرور..أهديه لكل مخالفي الذوق و القانون بالطريق العام!
|
في بلادنا الحبيبة اعتاد الناس على أشكال غريبة للتبرير ، منها أن الحكومة تبقى مسؤولة من اصلاح كل خطأ ، و منها مهزلة (غلطان المرحوم) و ثالثة اثافي الفاشلين هي فكرة ـ الشماعة ـ أو كبش الفداء و تعني أن يبحث المخطيء عن (مسكين) ينحي عليه بالـلائـمة في خطأ لم تسعفـه الشجاعـة للاقرار به في بلاد لا تعرف استقالات المسؤوولين . في زيارتي مطلع هذا العام للسودان لاحـظت أن أزمـة المرور صارت أسوأ آلاف المرات مـما كانت عليه ، و جاءت زيارتي للبلـد بعد غياب سبع سنوات لذا كانت المفاجأة كبيرة و الملاحظة سهلة . بلغت الزيادة في عدد السيارات رقمآ خرافيآ ، حدثت اصلاحات كبيرة في الشوارع و الجسور لكنها لاتكفي لعدد السيارات و للأعداد الهائلة من البشر التي (ترتكـب) المـرور يومـيآ في الخرطوم . من المسـؤول عن المرور ؟ الاجابة ميسورة .. شرطة المرور لكن ، و قبل أن نعتب على رجال المرور هل كانت شرطة المرور سببآ في تركيز السكان في الخرطوم ؟ هل أفقـرت شرطة المرور ولايات السودان و أجاءت بأهلينا من الأقاليم ليعيشوا ـ نازحين ـ في الخرطوم ؟ الاجابة ميسورة أيضآ .. لا لكن شرطة المرور تجتهد كل فجـر لايجاد مسـار آمن لأرتال هائلة من السيارات يقودها أناس منهم (المسـتعجل) و كثير منهم عديم الذوق و بعضهم لا يملك ترخيص قيادة و هؤلاء لا يمكن لشرطة المرور أن تعلمهم واجباتهم !! الأهـم من واجب الجمهور هنا هو واجب الدولة التي حـددت الغرامة بعشـرين ألف جنيه فقـط ، و هـو مبلغ ، لمن أراد أن يستهتر ، بسـيط و غير مكلف . يتجاوز سائق (الركشـة) الاشارة الحمراء فيجري خلفه موترسايكل المرور و يغرمه عشـرين ألف جنيه فقـط !! تخيل !! لاحظ حركة المرور حين تخطي الاشارة الحمراء و احتمالات الحوادث و عشـرين ألف جنيه فقـط غرامـة لمستهتر بأرواح الناس . الأدهى و الأمـر أن الاحتفاظ بايصال الغرامة يمثل جواز مرور حيث لا (يجـوز) دفع غرامتين في يوم واحـد ! و حدثني سائق (أمجـاد) ، و هي سيارة تتسع لخمسة أو ستة ركاب ، أنهم يبدؤون يومهم باستخراج ايصال مخالفة من (بتاع حركة) يسكن جوارهم و بناء عليه يعيثون فسادآ في المرور ! الغرامات في الخليج مئات الريالات و في أمريكا أغلى و هناك خيارات تتضمن السجن و هناك تبعات لتكرار المخالفة منها ارتفاع تكلفة التأمين للسائق و أقصاها سحب الرخصة . و لأن بلادنا ، رعى الله حكامها و معارضيهم ، تخصص للمسؤولين موتوسيكلات تفتح لهم الطريق فلن يشعروا بمعاناة كهذي ، و قـد سمعت أن الرئيس البشير قد انتقل لموقع احتفال بالطائرة ففهمت كيف يحل قادتنا المشاكل المستعصية . كبش الفـداء الذي يذبحه الناس كلما اختنق المرور هم رجال شرطة المرور و أرجـو ، هنا ، أن أنادي الجميع بتحمل مسؤولياتهم و القيام بواجباتهم قبل المطالبة بحقوقهم . قبل أن تسـخط من ظاهرة حملات المرور أنظر لأشكال مخالفاتك و أخبر من لقيت من الناس أن مشكلة المرور انما هي هم عام . يبقى دور الدولة أصيلآ ، فالاعلام الحكومي يجب أن يوجه للتوعية المرورية في ظل تقصير اعلام الشرطة ، و مسألة العقوبات يجب تقنينها بحيث تصبح رادعـة لكي لا يحتاج رجال المرور للمزيد من الحملات التي تسخط الجمهور . قبل أن نعتب على شرطة المرور في حملاتها الكثيرة ، و هي خطـأ، دعونا نساعدها باستعمال الطريق بشيء من الذوق و الأدب و اكتبوا لنوابكم في البرلمان ، أو المجلـس المـعين / المنتخب الآن ، و أخبروهم أنها مسألة مستعجلة تتطلب تدخل المشـرع لكي لا تحزنوا على ما فاتكم و لا تلوموا الشاويش النوباتجـي .
|
|
|
|
|
|