لم يكن يوما عاديا في حياة المغربي وديع الذى يسكن ولاية نيوجرسي الأمريكية .. زملاؤه بالعمل اختاروه العامل المثالي لذاك الشهر .. أصدقاؤه اعدوا مفاجأة له ..تمكن وديع مؤخرا من استقبال عروسته بالا راضى الأمريكية .. رحلة طويلة من الترقب والمعاناة وملاحقة الأوراق والصبر على ضنك العزوبية . أصر الأصدقاء على الاحتفاء بهذه المناسبة ..بناءا على رغبة الجمهور أعد وديع وجبة عشاء دسمة تسيدتها وجبة (الكسكس) المغربية الشهيرة بتجانس غير غريب مع المأكولات الأمريكية .
انتهى الحفل الهادي مع نسمات أول الفجر ..اختار وديع أن يكمل سهرته مع كتاب الله ..بعد أن فرغ من تلاوته اتخذ قرارا أخرا ..أراد أن يصلى الفجر بالمسجد الأقصى بفيلادلفيا .. رحلة تستوجب القصر ودفع رسوم العبور من ولاية لأخرى .. الرحلة الطويلة لم تكن أمرا غريبا على الشاب المغربي المتدين ..لكن في هذه الليلة ربما كان له أكثر من عذر .. زوجته في انتظاره ..أصدقاؤه تركوه على وجه الفجر .
على أبواب المسجد الذى أراد له مؤسسيه أن يذكرهم بأولى القبلتين وثالث الحرمين ..ترجل وديع من عربته ..هم بدخول المسجد ..تلقاه غريب ..محادثة قصيرة جدا ..رصاصات تردى وديع قتيلا ..نصفه الأعلى بالمسجد ..سبابته اليمنى تشير بعلامة التوحيد ..العنف اخذ وديعا ..لا عزاء لزوجته المكلومة .
أمام إحدى المحاكم الأمريكية مثل الجناة ..قالوا أن هدفهم كان نهبه ..عندما رفض الاستسلام.. قتلوه مع سبق الإصرار والترصد .
من غرب إفريقيا جاء أدم ..ليحقق حلمه في الدنيا الجديدة .. من ورائه زوجته تعينه بالعمل الشاق والصبر المضني ..تحقق حلم الأسرة الصغيرة ..(دكان ناصية ) يبيع الملابس والخردوات .. في يوم والشمس في رابعة النهار ..دخل عليه رجلان ..استقبلهم كعادته مع الزبائن بابتسامة نقية ..أعدموه رميا بالرصاص بعد أن اخذوا كل ما في الخزينة من مال .. قبل أن يغادروا أطلقوا النار على زوجته ..كأنهم استكثروا عليها الحزن .. نقلت الزوجة إلى غرفة الإنعاش وبات أدم شيئا من الذكرى .
محمد هارون ..شاب سوداني في ولاية كنتكى .. توج رحلة الأمل الكذوب بمتجر صغير .. يوم عمل عادى ..بعض الأمريكان يقتنون حاجياتهم استعدادا للاحتفال بعيد الشكر .. مناسبة يزعم الأمريكان إن أهل الدار استقبلوا الغزاة بالورود ووجبة الديك الرومي الشهية ..وبعض الروايات تشير أن الرجل الأبيض رد هذا الجميل بالقتل والتشريد ..ما علينا هذا بعض من التاريخ . . بعض من عشيرة هارون الأقربين جاءوا ليودعوه و في خاطرهم سفر قريب .. محمد يتجول في مملكته الصغيرة ..ربما كان يتذكر العنف الذى جعل من دار أهله الزغاوة أثرا بعد عين .. رصاصة تخترق سقف المتجر وأخرى في جوف محمد هارون ..تتخلله بكل صخب وتنقله بهدوء إلى الرفيق الأعلى .
عقلي كان يسترجع المشاهد المؤلمة ..رحيل أحباء أعزاء عبر بوابة العنف الذى يميز الحياة في أمريكا ..قناة أل ( سى ان ان ) تقطع بثها المعتاد ..تنقل مشاهديها إلى الهند البعيدة ..بث مباشر ..المئات مابين قتيل وجريح وأسير ..سبع أماكن مختلفة بينها مشفى ومحطة سكة حديد ..استهدفها الإرهابيون باعتدائهم الآثم ..العمل جاء بختم وتوقيع منظمة القاعدة .. لا أدرى ان كان ذلك من القاعدة مباشرة أم وحيا و إلهاما عبر فكرها المتطرف .
زميلتي النصرانية التي كانت تشاركني حزن ( الفرجة ) .. تسألني بعفوية لماذا ؟.. وصديق أمريكي مسلم يصلى بالناس و يهتم بأمر الدعوة يقول لى" هل يدرك هؤلاء المجانين ان ما يفعلوه باسم الإسلام هو أكبر هدية لأعدائه " .. الإرهاب لم يترك في وجهنا مزعة لحم .. الفكر المتطرف جعل الغرباء يتحسسون سلاحهم عندما نحدثهم عن سماحة الإسلام .
صدق الملك عبدا لله بن سعود عندما قال مؤخرا في نيويورك ( الإرهاب لا دين له ) ..انصروا أسامة بن لادن برده عن ظلمه للإسلام ..يجب ان تتحرك قواعد المسلمين في وجه قاعدة بن لادن ..الصمت لم يعد ممكنا !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقى الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست