|
الحركة الشعبية لتحرير السودان ... فالتحرر نفسها اولا
|
اثبتت التجارب بما لا يدع مجالا للشك ان حكومة الجبهة الاسلامية لا تحترم عهدا ولا ميثاقا، وتتعامل مع الاتفاقيات بإستخفاف وصلف وكأنهم قد ملكوا هذه البلد، فإي اتفاقية وقعتها الحكومة منذ استيلاءها علي السلطة لم ينفذ منها الا القشور التي لا تسمن ولا تغني عن جوع... عندما وقعت الجبهة الاسلامية اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية قبل اكثر من ثلاث سنوات، تفاءل الناس خيرا، وانا كنت واحد من المتفائلين بمستقبل افضل لهذا البلد المكلوم، نظرا لثقتنا في ما تملكه الحركة من كوادر قادرة علي احداث فرق من نوع ما، حيث ظننت - وإن بعض الظن اثم - ان الحركة الشعبية ستضع مواطن السودان وحريته وكرامته فوق اي اعتبار اخر وذلك بالقياس للشعارات التي ترفعها الحركة، ولكن ... واه من كلمة لكن التي عندما اقولها تملكني عبرة .... الواقع يقول ان قادة الحركة الشعبية صار همهم الاول والاخير الاحتفاظ بالشراكة مع المؤتمر الوطني حتي لو كان ذلك علي حساب قواعدهم. وقد ظهر هذا جليا في اجازة قانون الانتخابات وغيره من المواقف في البرلمان التي كنا نتوقع موقف اقوي من الحركة الشعبية تجاه المؤتمر الوطني وإن كان من اجل تثبيت المواقف ليس الا. بالامس القريب اعتقلت قوات الامن التابعة لحكومة الشراكة اكثر من ستين صحفيا اثناء ممارستهم لحق دستوري يكفله لهم دستور السودان الانتقالي واتفاقية السلام الشامل التي دخلت الحركة الشعبية قبة البرلمان والحكومة علي اساسها، ولم تحرك الحركة الشعبية ساكنا في اتجاه تغيير العقلية التي تدير البلد، واكتفي قادتها (بالاتصالات) من اجل اطلاق سراح الصحفيين، وادان رئيس الحركة الشعبية مسلك الحكومة بشكل اقل ما يوصف به انه هزيل‘ فأنت يا السيد سلفا جزء لا يتجزء من هذه الحكومة، ويلحقك طرف السوط بشكل ما او باخر. الصحفيين الشرفاء الذين تم اعتقالهم يوم امس مارسوا حق كفله لهم الدستور، وهذا الحق انتزع بعد نضال طويل سالت فيه دماء الشرفاء من ابناء الوطن، وكان جل هاؤلاء الشرفاء من الحركة الشعبية، الحركة التي فقد ابناءها ارواحهم من اجل السودان الجديد القائم علي الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وبقاء الحركة الشعبية في الحكومة وفي البرلمان في ظل تلك الممارسات التي يقوم بها المؤتمر الوطني لا يمكن وصفه سوي انه خيانة لدماء ابناء الوطن الشرفاء الذين سالت دماءهم وهم يدافعون عن حق من اعتقلوا بالامس في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي. فالوضع الحالي يلخص علي ان الحركة الشعبية نالت بعض الماقعد الحكومية وبعض مقاعد البرلمان واكتفت بذلك، ولازالت الشعارات التي رفعتها منذ العام 1983 حبيسة اللافتات، ولا نري من الحركة الشعبية سوي ردود الافعال الباهتة. لكي تستعيد الحركة الشعبية إحترامها لجماهير الشعب السوداني التي كانت تنظر اليها وكلها امل في مستقبل افضل، عليها ان تملك القدرة علي المبادرة، بدلا من اسلوب رد الفعل الذي اصبح يسيطر علي تصرفاتها، فالحركة الشعبية تملك الكثير، بدأ من التلويح بالانسحاب من الحكومة وفض الشراكة وانتهاءا بالعودة الي مربع ما قبل نيفاشا، وهو شيء لا يوجد عاقل يتمناه سوي بعض امراء الحرب الذين اثروا في زمنها من دهاقنة الجبهة الاسلامية. إمتالك زمام المبادرة يتطلب تضحيات جسيمة، وقد فعلها قبلا مواطنين بسطاء انضموا للحركة الشعبية حين كانت تقاتل وضحو بإرواحهم من اجل شعاراتها، فهل يفعلها القادة اليوم ويضحوا فقط ببعض الامتيازات التي حصلوا عليها وفاءا لدماء هؤلاء البسطاء؟
|
|
|
|
|
|