آل الميرغني

Quote: وهكذا أمهات وزوجات السادة الميرغنية منذ ان ضرب الحجاب على امهاتهن زوجات جدهن المصطفى (ص) وهن يمتثلن لهذا الأمر الرباني وقل من يعرف عنهن شيئاً أو يعرفهن. هذا المدخل لاعتقال السيد محمد عثمان الميرغني في بداية عهد الانقاذ. اتصل بي ضابطي الأعلى في وقت مبكر من صباح الثاني من يوليو 1989م (سيدك في السجن.. طلع ليه أمر إعتقال) (حاضر) كانت هذه اجابتي لسؤاله الذي كان في صيغة امر حيث كانت وظيفتي في تلك الأيام رئيس شعبة استخبارات المنطقة العسكرية المركزية ومسؤول عن كل المعتقلين السياسيين في سجن كوبر والمعتقلين النقابيين والآخرين في سجون الاقاليم المختلفة الذين تم تحويلهم لها من كوبر. وهذه المسؤولية امام لجنة الامن والدفاع التي كان مقرها في مجلس الشعب ووزير الداخلية ومدير جهاز الأمن القومي. استخرجت الأمر وحملته معي إلى سجن كوبر فسلمته الاخ العقيد موسى الماحي نائب مدير السجن وقتها. والذي بادرني بالقول مولانا في المعتقل. دخلت على مولانا في مقر إقامته ووجدته كما هو نفس البشاشة، بنفس الضحكة المجلجلة ، نفس الطيبة وعلو الهمة لم يغير السجن فيه شيئاً فبادرته بالتحية التي ردها على بأحسن منها. ثم جلسنا نتجاذب اطراف الحديث في أمر إعتقاله وحاله وماعليه. فقلت له يمكن زيارتك من الأقرباء كالزوجة والابناء والوالدين والاخوان والاخوات. ماعدا ذلك الا بتصديق من شعبة الامن والدفاع أو وزير الداخلية أو مدير الجهاز. فقال لي يمكن ذلك الا للشريفة ولكن مع ابنائي إن كان في الامكان ابناء عمومتي جعفر احمد عبدالله وعمر السنجك عبدالله ولو امكن حسن مساعد لمساعدة ابنائي والتحرك معهم. ايضاً ابلغته بكيفية العلاج وإمكانية احضار وجبتي الفطور والغداء من المنزل إن كان لايطيق اكل السجن. ومن هنا بدأ دور الشريفة مريم عليها رحمة الله حيث بدأت تشرف على وجباته اشرافاً كاملاً لأنها لم تكن له وحده بل للكثيرين من النزلاء الذي معه وكانت تشرف على تجهيز غياراته ولكن الاهم من كل ذلك انها لم تطلب قط الحضور لمكتبي لتشكو من ان اعتقال عائلهم قد اثر في طريقة معاشهم أودراسة ابنائهم أو إلتزاماتهم الاسرية أو شكت لي من ضائقة مالية بعد ان تم الحجز على ارصدتهم في البنوك أو سحبت منهم سياراتهم التي يتحركون بها أو تضررت مزارعهم أو ممتلكاتهم أو طريقة حياتهم. وقد كان هناك من النزلاء المحكومين بأحكام مختلفة وغالبيتها ديات وغرامات وكان هؤلاء يتم تعيينهم من قبل إدارة السجن لخدمة هؤلاء المعتقلين السياسيين. فكان هؤلاء يشكون لمولانا ما اوقعهم في السجن وكانت زياراتي التفقدية للسجن يومياً فكان مولانا يطلب مني ان بلغ ابنه السيد علي بأن السجين الذي بياناته في هذه المذكرة ادفع عنه ماعليه من دية أو غرامة. فكان السيد علي يحمل عني هذه المذكرة ويذهب بها للمحكمة ويدفع ماهو مطلوب. ومن ثم يصدر أمر الافراج عن النزيل. وكانت تقف خلف هذا العمل الشريفة مريم عليها رحمة الله وبهذه الطريقة تم الافراج عن مالايقل عن عشرة نزلاء. والشريفة مريم تدير كل هذه الحركة من منزلها وبهدوء تام. وحدث مالم يكن في الحسبان توعك السيد محمد عثمان الميرغني واستدعى الامر نقله للمستشفى العسكري بامدرمان وصدقت لجنة الامن بنقله فأتصلت بالطبيب الانسان اللواء الفاضلابي قائد السلاح الطبي الذي هيأ له اقامة بالغرف الخاصة وتم نقل مولانا لها بحرسه من سجن كوبر وعندها قال لي يمكنك استخراج اذن زيارة للشريفة مريم لزيارتي مع الاولاد وتم ذلك بالفعل وطلب مولانا منها وحتى ان يستمر نقل وجبتي الافطار والغداء كما هو إلى هناك. وفعلاً قامت الشريفة مريم بذلك حتى تمت اعادة مولانا للسجن ثانية بعد ان تم له الشفاء . لم يقف الامر عند هذا الحد كان لبعض المعتقلين مشكلات مادية اسرية مسبباتها هو حجز الارصدة في البنوك فكان مولانا يطلب مني ان ابلغ ابنه السيد على بذلك ليدبر ذلك مع الشريفة مريم لحل مثل هذه الاشكالات ليس هذا فحسب بل هناك بعض المعتقلين حدثت في اسرهم وفيات فكان مولانا يطلب مني ابلاغ (الجماعة) ليقوموا بالواجب. والجماعة المقصودين هم الزوجة والابناء حتى تصاريح المرور الليلية التي كنا نستخرجها من قيادة المنطقة العسكرية المركزية لم يحدث قط ان طلب ابناؤها تصريحا لوالدتهم الشريفة مريم لتحضر اية مناسبة حتى وان كانت عزاء او عيادة مريضة. هكذا كانت الشريفة مريم عليها رحمة الله خلف زوجها في سجنه وامام ابنائها في سجن وغياب الزوج رحمها الله بقدر ما قدمت والهم آلها وذويها وعارفيها ومحبيها الصبر وحسن العزاء.

(عدل بواسطة عوض محمد احمد on 06-14-2008, 09:24 AM)