اللاندكروزر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 05:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-04-2008, 05:48 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اللاندكروزر

    كان النهار حارا كعادته في أم درمان في تلك الساعة من عصر العاشر من شهر مايو. وكانت حواية تبيع الشاي في مكانها المعتاد تحت الشجرة التي ظفرت بها أمام مبنى البلدية. وكان أمامها نصف ساعة أخرى لتنتهي من وردية شاي الغداء، وبعدها تجمع أوانيها لتغادر إلى منزلها في السكن العشوائي غرب المدينة قبل مغيب الشمس.

    لم يكن مثل ذلك اليوم الساخن يوعد بأي شيء سار، وكانت المدينة صاخبة بحركة الناس، إلا أن هدوءا غريباً كان قد سكن حواية في ذلك اليوم، فكانت تسرح بفكرها كثيرا.... تستعيد بعض أشياء من ماضي قريب لا زال حياً يؤرقها....تذكرت كيف قطعت تلك المسافة الطويلة من الطينة في دارفور، ثلاثة أشهر مشياً على الأقدام والدواب والسيارات، لتستقر في أم درمان مع الكثيرات من نساء دارفور اللاتي شردتهن الحرب.

    كانت تفكر في أبنائها الذين هربوا في ذلك اليوم المشهود في الطينة، مات الأصغر بين يديها تحت قصف الطائرات وغارات جند الحكومة، وهرب الصبيان الاثنان إلى مكان غير معلوم. أربع سنوات مرت الآن على تلك الواقعة، وهي تذكرها كأنها حدثت بالأمس القريب، لا تعلم عن أبنائها شيئاً. وسقطت دموعها فاختلطت ببخار إبريق الشاي المغلي.

    كفكفت دموعها بسرعة تحت صوت أول زبون يطلب كوب شاي ساخن، وواصلت عملها.

    فجأة توقفت سيارة لاندكروزر أمام المبنى، تنبهت حواية للمشهد وانتابها شعور بالانقباض، فمنظر السيارة بسقفها المفقود والرمال العالقة فيها كان مألوفاً لها. وكانت السيارة تحمل مدفعاً كبيرا، وعلى ظهرها صبية ملثمون يتصايحون وهم يصوبون أسلحتهم الرشاشة نحو المبنى.

    وحين رأت ذلك وفهمت لغة الصبية، لجمت الدهشة لسانها وانطبقت شفتاها عن كلمات لم يسمعها احد. كانت حواية متأكدة مما رأت ، ولا يداخلها شك فيه.

    لم تجفل من مكانها بل لملمت أسمالها وزحفت إلى الوراء قليلا لتتكئي على جذع الشجرة التي طالما عاشت تحتها لتبيع الشاي لرواد البلدية. بقيت على هذه الحالة لثواني قبل أن تشاهد مجموعة الرصاص التي أطلقها المقاتلون تندفع نحوها.

    وفي ثواني أخرى تحولت الشجرة إلى شجرة للخلود.

    بدأ الرصاص ينهمر ببطء نحو جسدها النحيل وهو يهتز من قوة الدفع، وسالت خيوط من الدماء الدافئة على رقبتها وصدرها لتستقر تحت جذع الشجرة.

    هدأت قليلا ثم خرجت كلمات مبهمة من فمها المضرج بالدماء ... " أنا ...أمـ.."

    ولكن ضاع صوتها الخافت تحت هدير الرصاص.

    نهضت قليلا لتنام في وضع مريح، ومدت رجليها بعيدا عن إبريق الشاي المغلي حتى لا يندلق فوقها، و أزاحت بيدها السكرية قليلا حتى لا تختلط بدمها المنهمر، وراحت تغط بين غيبوبة ونوم عميق، تتوسد دمائها الجامدة....

    وهومت روحها بعيدا.... "رأت رمالاً بيضاء بلا حدود، وصبية يرتعون ذات دعاش خريفي، وشمت روائح كانت قد سكنتها منذ زمن قديم.... رائحة الأرض، رائحة أبنائها وهم يخرجون دون رجعة، رائحة الحرائق، رائحة دم مشوي، وصوت أزيز الطائرات...وصراخ الجنجويد وهم يسخرون من الموت النبيل....لم يفارق أذنيها".

    عندما فاقت لثواني لتلفظ أنفاسها الأخيرة، شعرت ببرودة المكان، تفحصت الوجوه الصغيرة التي كانت تستلقي بجانبها في المشرحة القديمة في وسط المدينة، و كان الصمت يخيم على المكان.

    وقبل أن تنطق بالشهادة صرخت حواية:

    ....عيالي...أنا أمكم.. وماتت.

    فلم تسمعها إلا ألواح الثلج التي تناثرت على جثث أبنائها الاثنين اللذين يرقدان إلى جانبها.

    http://www.sudantodayonline.com/play.php?catsmktba=1773

    http://www.elaph.com/ElaphWeb/Culture/ElaphStories.aspx

    http://www.elaph.com/ElaphWeb/Culture/2008/5/335704.htm
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de