|
لمصلحة من؟/ د.عمر القراي
|
هذا المقال: قد تدخلت الاجهزة الأمنية لوقف وبتر أجزاء مهمة منه ولقد رأت حجبها عن المواطنين فهل تملك هذه الاجهزة ردودا على ما جاء بهذا المقال؟ هذا المقال: يحلل ويبحث في ظاهرة السدود والمشاريع التي تقام على نهر النيل ويتسائل بكل بساطة: لمصلحة من تقام هذه السدود لشعبنا الذي يقتل من اجلها ام لجهة اخرى لمصلحة من. فالى مقال الدكتور عمر القراي. °°° ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Quote: لم أقرأ ، أو أسمع ، لأي من المسئولين يتحدث للشعب ، من وسائل الاعلام الرسمية ، أو يكتب في الصحف، يشرح الفوائد الإقتصادية ، أو الزراعية ، أو البيئية ، أوغيرها التي تعود على المواطنين ، من هذه السدود المختلفة ، التي اقامتها الحكومة على النيل في الشمالية . ولقد كان احتجاج مواطني تلك المناطق ، على تهجيرهم من قراهم ، بسبب اقامة تلك السدود، سبباً كافياً ، لتقود الحكومة بحملة واسعة من التوعية بفوائد هذه المشاريع ، لو كان لها بالفعل فوائد ، تناسب الخسائر، التي دفعت اولئك المواطنين للاحتجاج ، والغضب ، والتظاهر، الذي ساق للاعتقالات في قضية كجبار وقضية أمري. بل واضطر كثير منهم، تحت ضغط الحكومة ، الى التحول لنازحين ، دون ان تحدث في منطقتهم كوارث طبيعية، ودون ان يدخلوا في حروب ، تضطرهم للنزوح ، كما حدث لأهلنا في الجنوب ، وفي دارفور .
لقد تأثرت منطقة أمري بسد مروي، وقامت الحكومة بتهجير مواطنيها ، مع وعود مؤكدة بتعويضهم تعويضاً مجزياً ، فماذا حدث بعد ذلك ؟! إن الذين وافقوا مختارين ، أو رضخوا مضطرين ، ونفذوا أمر الحكومة بالهجرة القسرية ، لم يتم تعويضهم عما فقدوا ، ولم توفر لهم ابسط ضروريات حياتهم .. والذين لم يوافقوا على الهجرة ، تحسباً لهذا المصير، أو لعدم إكتمال إجراءات ترحيلهم ، ولم يغادروا منطقتهم ، تعرضت حياتهم للخطر المباشر، حين تم قفل الخزان ، ورجعت المياه عليهم ، فدمرت بيوتهم ، وأغرقت زرعهم ، واهلكت ضرعهم، وتركتهم بلا مأوى ، يفترشون الماء ، ويستظلون بالسماء.
جاء عن هذه المأساه ( أكثر من ستمائة أسرة بأمري تحاصرها المياه اثر قفل مجرى النهر وبداية التخزين بسد مروي وبعد ان فقدت مغروساتها ومحصولاتها الشتوية والكثير من مقتنياتها والآن تحتمي بالجبال حيث لا ماوى ولا مياه صحية " حيث المقابر وانهيار دورات المياه " وحكومة الولاية والدفاع المدني يتفرجون ولم يتدخلوا ، وذلك لمزيد من الضغط على المواطن حتى يستجيب للهجرة القسرية كما حدث في عام 2006م للمجموعة الاولى من المهاجرين علماً بان هذه الاسر لم تستلم تعويضاتها ولم يهيأ لها البديل وهم باقون بموطنهم وفق قرار نائب رئيس الجمهورية وتوجيهه المباشر ببقائهم بموطنهم حتى تعالج مشكلاتهم . عموماً الوضع ينبئ بكارثة إنسانية وصحية وبيئية ومن هنا نحمل إدارة السدود وحكومة الولاية الشمالية والحكومة المركزية المسئولية كاملة كما نناشد كل المنظمات الوطنية الخيرية والعالمية والخيرين من ابناء أمتنا بمد يد العون والمساعدة بأعجل ما يكون ) ( رابطة ابناء أمري بالخرطوم ).
إن اهمال المواطنين السودانيين ، وحياتهم تتعرض للخطر، كوسيلة من وسائل ضغطهم لتنفيذ قرار حكومة الإقليم ، أو إدارة السد ، بالتهجير الاجباري ، خطيئة لا تغتفر .. ولا بد للحكومة المركزية ، ان تتدخل لتصحيح هذه الاخطاء ، ومحاسبة المسئوليين الاقليمين ، على إهدار ارواح المواطنين وممتلكاتهم .. لقد رأينا قبل أيام ، كيف أدان الحس الوطني ، ومختلف الأحزاب السياسية ، والمسئولين في حكومة الوحدة الوطنية ، الغزو الفاشل لمدينة أمدرمان، لأنه عرّض أرواح الابرياء من المواطنين للخطر، من أجل صراعات سياسية ، كان اولى ان تحسم بالحوار .. فلماذا لا ندين جميعاً ، تعريض أهلنا في أمري للخطر، وتحويلهم لمصابين في كوارث ، يستجدون العون الانساني ، من المنظمات ، بعد ان كانوا كرماء في دياهم، آمنين في قراهم ؟! ولمصلحة من تم هذا التهجير القسري ؟! ولمصلحة من قام السد نفسه ؟! وهل كان من الضروري ان يقوم بكل هذه التضحيات ؟! وما علاقة ذلك بما يتردد من استجلاب مزارعين مصريين ، ليوطنوا في الشمالية ، مستغلين عوائد هذه المشروعات ، في زراعة اراضي شاسعة بالمنطقة ؟! وهل يزيد الخزان من توفير مياه للسودان أم لمصر؟!
وحتى يدعم ابناء رابطة أمري موقفهم ، وزعوا مع بيانهم هذا ، خطاب معتمد محلية مروي، الذي يلخص زيارة السيد نائب رئيس الجمهورية للمنطقة ، وقد جاء فيه ( قام السيد نائب رئيس الجمهورية بزيارة لمنطقة أمري متفقداً بعض المناطق التي تعرضت للغرق نتيجة الفيضانات وأطمأن سيادته على أحوال المواطنين وقيام الأجهزة المختصة بتقديم العون اللازم والاستماع لقضاياهم المتعلقة بالتهجير ... وبعد لقائه باللجنة المفوضة من المتأثرين، قرر الآتي :
التأمين على الإتفاق الذي وقعته اللجنة العليا ( اللجنة الضامنة ) مع لجنة المتأثرين . فيما يتعلق بالمطالب التي قدمت اليه في زيارته لمنطقة أمري فقد قرر الآتي : التأكيد على إلتزام الدولة في الوفاء الكامل لمن يثبت له الحق في امتلاك منزل أو حواشة وفق الاجراءات القانونية مع اللجان المشتركة ووزراء العدل أو القضاء. يتم تعويض المغروسات وفق الآتي : 40% من قيمة الاستماره مقدماً ( بدلاً عن نسبة 30% السابقة) يدفع المتبقي على (4) أقساط سنوية . التأكيد على التزام الدولة بجاهزية المشروع الزراعي والمساكن والخدمات ، وان يتم الإستلام للمنزل والحواشة فور الوصول لمنطقة التهجير . فيما يخص بمطلب الشروع في الهجرة وجه سيادته الأجهزةالمختصة بالشروع فوراً في اجراءات الترحيل على ان تقوم الولاية برعاية المواطنين الذين تأثروا بالفيضان ولم تستكمل اجراءات اثبات حقوقهم وتوفير الخدمات الصحية والانسانية الضرورية . هذا وقد عبر السيد نائب رئيس الجمهورية عن عميق امتنانه على حفاوة الاستقبال الحار والأصيل الذي قوبل به من أهل أمري مؤكداً متابعته للإجراءات حتى تكتمل الحقوق لأهلها ) ( خطاب معتمد محلية مروي المرفق مع بيان ابناء رابطة أمري بالخرطوم ).
يتضح من هذا الخطاب ، ان أهالي أمري ليسوا قوى سياسية معارضة للحكومة. فلقد شهد السيد نائب رئيس الجمهورية بحفاوتهم به. ولهذا فان حركتهم حركة مطلبية ، وكان يمكن للحكومة ان تكسبهم لجانبها ، لو انها كانت منصفة في معاملتهم. هناك نوعان من المواطنين من أهالي أمري ، الذين هاجروا ووصلوا الى المناطق الجديدة ، فلم يجدوها جاهزة لاستقبالهم، ولم يعطوا المساكن ، او الحواشات ، ولم توفر لهم الخدمات ، كما كان الاتفاق الذي وجه فيه السيد نائب رئيس الجمهورية بان يجد المهاجر، كل ما يلزمه في انتظاره فور وصوله للمنطقة الجديدة . وهناك المجموعة التي لم تترك منطقتها ، وهؤلاء الذين ذكر المعتمد في خطابه ، ان توجيه السيد نائب رئيس الجمهورية قال عنهم ( على ان تقوم الولاية برعاية المواطنين الذين تاثروا بالفيضان ولم تستكمل اجراءات اثبات حقوقهم وتوفير الخدمات الصحية والانسانية الضرورية ) .. ما حدث الآن ، هو ان هؤلاء ، قد تحول وضعهم الى كارثة انسانية ، لأن مجرى النهر قد قفل بسبب بدأ التخزين بسد مروي ، فردت اليهم المياه واغرقت محاصيلهم وحطمت مساكنهم .
ورغم التوجيه الواضح للسيد نائب رئيس الجمهورية فان السلطات المحلية لم تقم بانقاذهم ولم تستنفر الحكومة والمنظمات لمواجهة هذا الوضع الذي يستحق الانقاذ السريع !! ولم يشفع لهم لدى حكومة الاقليم ، انهم بقوا في مناطقهم ، استجابة لتوجيه السيد نائب رئيس الجمهورية ببقائهم، حتى تستكمل اجراءاتهم ، وتجهز لهم المناطق الجديدة المعدة لايوائهم .. فهل كان تصريح السيد نائب رئيس الجمهورية لارضاء اهالي أمري فقط ، ولم يقصد بالفعل استنقاذهم وتحسين اوضاعهم كما وعدهم ؟! أم انه كان يقصد ذلك ، ولكن حكومة الولاية ، والمعتمد قد خالفوا توجيهاته ، ولم يحفلوا بمصير هؤلاء المواطنين ، مما يستوجب المساءلة العاجلة والمعلنة ، حتى يطمن أهالي أمري ، على ان الدولة ليست ضدهم ، وان اخطأ بعض موظفيها في حقهم .
إن ما يحدث لإهالي أمري الذين رحلوا ، والذين لم يرحلوا بعد ، ظلم واضح ، واهدار لابسط حقوق الإنسان ، في العيش والاستقرار .. ولقد واجه أهلنا في أمري ، هذا الأمر، بروح عالية من المسئولية ، فاتجهوا للحوار مع المسئولين ، وقاموا بمقابلة من استطاعوا مقابلته ، ثم بعد كل ذلك ، خاطبوا الشعب ، وحددوا مشكلتهم ، واوضحوا تناقضات المسئولين الذين تعرضوا لحلها ، فماذا تريدهم الحكومة ان يفعلوا ، حتى تنظر لمشكلتهم بجدية ، وتقوم بحلها ، وتوفر لهم الاستقرار والعيش الكريم ؟!
إن حكومة الوحدة الوطنية ، تسعى الآن لتحقيق السلام .. وتطرح التفاوض ، للحل السلمي لمشكلة دارفور، ولمشكلة أبيي ، فهل تريد من أهلنا في الشمال ، ان يحملوا السلاح ، دفاعاً عن حقهم في العيش الكريم بوطنهم ، قبل ان تجلس للتفاوض معهم وتحل مشكلتهم ؟! ثم ان من حق هؤلاء المواطنين، ان تشرح لهم الحكومة فوائد هذه السدود والخزانات لهم ، هم ، في المقام الأول ، ثم لبقية الوطن ، وان تدحض بالأدلة والبينات ، كل ما يذاع من انها صمت لمصلحة المصريين ، قبل ان تطالبهم بالتضحية ، والنزوح داخل بلدهم ، بسبب اقامتها على ارضهم .
د. عمر القراي |
|
|
|
|
|
|
|
|
|