|
أخدود أمدرمان المائي ..مصائب قوم عند قوم فوائد
|
أخدود أمدرمان المائي ..مصائب قوم عند قوم فوائد
كما أسلفت سوف تظل أحداث العاشر من مايو لغزاً معلقاً في رؤوس الذين يكتبون تاريخ السودان ، لغز أعجز الأستاذ/محمد سعيد الصحاف عندما سألته قناة إخبارية عربية ، سعادة الوزير كيف سقطت بغداد ؟؟ فرد عليهم بأن التاريخ وحده كفيل بالرد على كل سؤال ، والأستاذ الصحاف قاد المعركة الإعلامية بنجاح ، قادها كما يشتهي الجمهور العربي ، عرضها بطريقة القائد المنتصر دائماً ، وشاهدنا صور الأسرى ، كما شاهدنا " الاباتشي " الجريحة في حقل الحاج علي عبيد منقاش والذي أسقطها ببندقية " برنو " تعود للحرب العالمية الثانية ، إذاً ليس كل سلاح يعود لتلك الحقبة لا يصلح للحرب ، فالقائد صدام حسين وعد شعبه من القصر الرئاسي بالنصر ، فالتاريخ يقول أن عاصمة الخلافة الإسلامية لن تسقط في يد العلوج الغُرل ، إستداركاً ، حتى ولو سقطت فسوف تتحول إلي مقبرة للغزاة ، وما أراه اليوم أن بغداد تحولت إلي مقبرة للعراقيين وليست للغزاة كما كان متوقعاً . فنظام الخرطوم يقيم الآن الإحتفالات حول النصر المزعوم على الفرقة التشادية التي غزت أمدرمان ، فهم كما وصف البخيل نفسه : أكلت قليل خبز فأكثرت منه ، وكاميرة الفضائية السودانية تتجول في بيوت العزاء وتسجل الإدانة ضد حركة العدل والمساواة ، لا أحد يسأل هؤلاء القادة الكبار لماذا أخترتم أمدرمان كميدان للمعركة ؟؟ ، وإلي أين قادتنا إستراتيجية " الكماشة في فتاشة " ؟؟ ، وهناك معارك دامية في منطقة أبيي الآن ، وعدد القتلى بالمئات ، والالاف فروا من منازلهم ، هذا الخبر لن تجده في الفضائية السودانية ، فما يهم في أرض الهامش هو سلامة خطوط البترول ، وما يهم في أرض المركز هو صرف المال على متاع الحياة ، فبين الحقيقة والخيال هناك من يخطط لحفر أخدود مائي يطوق مدينة أمدرمان من كل الجوانب ، هذا الأخدود العظيم سوف يجعل الدكتور خليل يحتاج إلي تركيب زعانف سمكة لعبوره ، أو أن يتحول إلي تمساح الدميرة الذي نزين به تراثنا الفلكلوري كلما شعرنا بالخوف ، أنه تمساح أسطوري مثل حيوان شركة " أجب " ، لا مكان له إلا في مخيلة " الحكامات " . هذه الترعة المباركة تحتاج إلي مليار دولار فقط ، منها مائتي مليون دولار للحفر ، أما الباقي فهو مصاريف إدارية وخدمات ووجبات وأجر إضافي ، واسفار وبدلات تمثيل ، وهناك مداخيل إضافية من رسوم الدخول إلي أمدرمان ، وهناك مراقبين وحراس يسيطرون على المتسللين العائمين الذين يدخلون بقعة المهدي بلا إذن أو تصريح ، ولا ننسى أن هناك مخالفة لمن يعبر بلا ترخيص ، وهناك شرطة الترعة وجهاز أمن الترعة ، ولا بد من تأسيس مخابرات الترعة ، ومن الممكن إنشاء مزارع دواجن بين ضفتي الترعة ، ومن الممكن أن نطلق على مدينة أمدرمان إسم المدينة العائمة مثل مدينة البندقية في إيطاليا ، هذا التحوطات سوف تجعل الدكتور خليل يراجع خططه العسكرية ، فهو في حاجة إلي سباحين مهرة وليس إلي مقاتلين ، فهو في حاجة إلي زوارق وليس إلي جيبات عسكرية ، فقد تمت أضافة عنصر جديد لخطة " الكماشة " الرهيبة والتي صُممت للدفاع عن بقعة المهدي ، وهو هذا الأخدود المائي ، بالفعل مصائب قوم عند قوم فوائد . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|