|
هذه بلاد لم تعد كبلادي....... شعر فهمي هويدي
|
________________________________________ هذه بلاد لم تعد كبلادي....... فهمي هويدي
إلى شهدائنا من الشباب الذين ابتلعتهم الأمواج على شواطيء إيطاليا وتركيا واليونان :
كم عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟ ** أين النخيل ؟ وأين دفء الوادي؟
كم عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟ ** أين النخيل وأين وجه بلادي؟؟؟
لاشيء يبدو في السماء أمامنا ** غير الظلام وصورة الجلاد
هو لا يغيب عن العيون كأنه ** قدر كيوم البعث والميلاد
قد عشت أصرخ بينكم وأنادي ** أبني قصورا من تلال رمادي
أهفو لأرض لا تساوم فرحتي ** لا تستبيح كرامتي وعنادي
أشتاق أطفال كحبات الندى ** يتراقصون مع الصباح النادي
أهفو لأيام توارى سحرها ** صخب الجياد وفرحة الأعياد
اشتقت يوما أن تعود بلادي ** غابت وغبنا و انتهت ببعاد
في كل نجم ضل حلم ضائع ** وسحابة لبست ثياب حداد
وعلى المدى أسراب طير راحل ** نسي الغناء فصار سرب جراد
هذه بلاد تاجرت في أرضها ** وتفرقت شيعا بكل مزاد
لم يبقَ من صخب الجياد سوى الأسى ** تاريخ هذه الأرض بعض جياد
في كل ركن من ربوع بلادي ** تبدو أمامي صورة الجلاد
لمحوه من زمن يضاجع أرضها ** حملت سفاحا فاستباح الوادي
لم يبق غير صراخ أمس راحل ** ومقابر سأمت من الأجداد
وعصابة سرقت نزيف عيوننا ** بالقهر والتدليس والأحقاد
ما عاد فيها ضوء نجم شارد ** ما عاد فيها صوت طير شادي
تمضي بنا الأحزان ساخرة بنا ** وتزورنا دوما بلا ميعاد
شيء تكسر في عيوني بعدما ** ضاق الزمان بثورتي و عنادي
أحببتها حتى الثمالة بينما ** باعت صباها الغض للأوغاد
لم يبق فيها غير صبح كاذب ** و صراخ أرض في لظى استعباد
لا تسألوني عن دموع بلادي ** عن حزنها في لحظة استشهاد
في كل شبر من ثراها صرخة ** كانت تهرول خلفنا و تنادي
الأفق يصغر والسماء كئيبة ** خلف الغيوم أرى جبال سواد
تتلاطم الأمواج فوق رؤوسنا ** والريح تلقي للصخور عتاد
نامت على الأفق البعيد ملامح ** وتجمدت بين الصقيع أيادي
ورفعت كفي كي يراني عابر ** فرأيت أمي في ثياب حداد
أجسادنا كانت تعانق بعضها ** كوداع أحباب بلا ميعاد
البحر لم يرحم براءة عمرنا ** تتزاحم الأجساد في الأجساد
حتى الشهادة راوغتني لحظة ** واستيقظت فجرا أضاء فؤادي
هذا قميصي فيه وجه بنيتي ** ودعاء أمي .. كيس ملح زادي
ردوا إلى أمي القميص فقد رأت ** ما لا أرى من غربتي و مرادي
وطن بخيل ....باعني في غفلة ** حين اشترته عصابة الإفساد
شاهدت من خلف الحدود مواكبا ** للجوع تصرخ في حمى الأسياد
كانت حشود الموت تمرح حولنا ** والعمر يبكي والحنين ينادي
ما بين عمر فر مني هاربا ** وحكاية يزهو بها أولادي
عن عاشق هجر البلاد وأهلها ** ومضى وراء المال والأمجاد
كل الحكاية أنها ضاقت بنا ** واستسلمت للص والقواد
في لحظة سكن الوجود ** تناثرت حولي مرايا الموت والميلاد
قد كان آخر ما لمحت على المدى ** و النبض يخبو .. صورة الجلاد
قد كان يضحك والعصابة حوله ** وعلى امتداد النهر يبكي الوادي
وصرخت والكلمات تهرب من فمي: ** هذه بلاد .. لم تعد كبلاد!!!!!
|
|
|
|
|
|