|
العرجا لي مراحا ؟ صالح فرح . .
|
حكوا ، أو لعلهم أشاعوا ، أن المؤتمر الشعبي بسبيل العودة إلى حضن المؤتمر الوطني . وقالوا في تبرير ما حكوا أو أشاعوا أن " العرجا لي مراحا " . ولكن آخرين رفضوا هذا التبرير ، إذ عندهم المراح واحد مشترك ومن هو فيه لا يقال عنه قد عاد ، وأما العرج فإنه علة في الجانبين لا نستطيع أن نميز به جانبا واحدا دون الآخر . وعندهم سواء تم اللقاء المزمع بين المؤتمرين بعودة الشعبي للوطني ، أو بانضمام الوطني للشعبي ، فالمؤتمرين وطني وشعبي مخلوقين من بويضة واحدة . لا الشعبي ولا الوطني من قبله بمنجاة من تأثير " المؤسس " ـ الواحد في الحالين ـ أو ما تنادت به الناس من شعار الإسلام هو الحل ، وزعم التوجه الحضاري . إن زحف الوطني نحو الشعبي أو انتقال الشعبي إلى حضن الوطني ليس إلا تغييرا في الأماكن فهو تبديل في الشكل ولن يتبدل به الجوهر ، وسيظل الإسلام هو الحل وستبقى للناس قبلتهم . . التوجه الحضاري . فالوطني والشعبي على ما كانت عليه ليلى عند ذلك الشاعر العربي : دين قيس . واستنساخ الشعبي من الوطني لن يبدل في الأهداف والشعارات فهي كحب ذلك العاشق : قديم ، أصلو ما بتبدل . وسواء أكان ما يوشك أن يتم عودة هذا إلى ذاك أو انضمام ذلك إلى هذا فالله قادر " أن يجمع الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا " ، ونعم بالله كما يقول الإخوة المصريون . غير أنه لظريف آخر قراءة مختلفة للوقائع . فلقد قرأ الآخرون أن المؤتمرين كـندماني جذيمة ... لن يتفرقا ، هم قرأوا المؤتمرين بفتح الراء ، ولو استقام لهم فهم بما حولهم ـ كما يقول هذا الظريف ـ لقرأوها بكسر الراء . وأضاف . . بما أن الأمر كذلك فإنهما لم يفترقا وان اختلف مكان تواجدهما . واختلاف مكان التواجد لا يعني بالضرورة التباعد ، فالواحد منهما للآخر كعبدة في شعر ابن أبي ربيعة ، لا ينسى مودتها القلب ، ولا يسليه رخاء ولا كرب ، ولا قول واش كاشح ذي عداوة ، ولا بعد دار إن نأت ولا قرب . وظريفنا لايحسب أن زعم التوجه الحضاري قد غادره أحدهما يوم سار عن الآخر ، أو أن شعار الإسلام هو الحل قد نأى عنه أي منهما يوم نأى عن الآخر . وكيف تُباعد الناس بينها وبين حلول الإسلام ، وهي تـجد في " العاملين عليها " تكأة تفلسف بها لما تجد من رغد ونعمة ؟ إن العودة المرتقبة لن تكون غير لحاق بركب استبدت بمطاياه فئة ربما رأت الفئة الأخرى فيه بغيا على رفاق المسيرة . كيفما كان ، فإن أحزاب السودان كالأميبيا تتكاثر بالإنقسام على نفسها كما يقولون . فلقد كان لدينا الوطني الإتحادي ومنه خرج الشعب الديمقراطي ، وكان لدينا الأمة القومي ومنه خرج الأمة الإصلاح والتجديد وكان لدينا المؤتمر الوطني ومنه خرج المؤتمر الشعبي . ولئن كان هذا النشاط يشبه ما نجده عند الأميبيا فكيف توصف النشاط المعاكس حين تتجمع هذه الأجزاء في كل واحد ؟ فلقد كانت لدينا أحزاب الأشقاء والإتحادي والأحرار ووحدة وادي النيل وأخرى لعل الذاكرة قد أضاعتها، تجمعت كلها ككرة الثلج لتصبح الوطني الإتحادي وتبدل جلدها كما تفعل الأفاعي لتصبح الوطني الديمقراطي. ولا أذكر كم تشكيلا وكم اسما كان لجبهة الميثاق على امتداد عمرها قبل أن تصبح أخيرا . . الإنقاذ . صالح فرح ، صحيفة السوداني . .
|
|
|
|
|
|