|
|
 خريف البطاركة...تأملات سردية فى واقع مأزوم(قصة قصيرة)
|
….كلنا يومذاك زحفنا…إختلفت مشاربنا وأمزجتنا وطرائق تفكيرنا…وإتفقنا أن الزحف صوب القصر الجمهورى الكائن بشارع النيل هو الحل…كلنا زحفنا …مجاميع من العطالة كانوا يتمجلسون فى إحدى مقاهى أبوجنزير*تركوا كبابى الشاى وفناجيل القهوة دون أن يلامسونها برشفة حتى….طوابير من الخريجيين من تجغرفوا فى نشاط جامعة النيلين لقلة فرص العمل…زحفوا…ستات الشاى فى محطات الموصلات وفى الأسواق الطرفية تركنا كل شئ وزحفنا…ضاعرات الأسفلت وفتيات الأتوستب فضلن الزحف على ممارسة الرزيلة فى ذلكم اليوم…أكوام الشحدين قبالة الجامع الكبير زحفوا العميان فيهم يحمل المكسر…الثورجية وأنصاف المثقفين زحفوا
....علمانيين وملحدين زحفوا …متشديين وإرهابين زحفوا…وهابيين وماركسيين زحفوا معاشيين وجنود سابقين زحفوا مفصوليين للصالح العام…شماسة ومنحرفيين زحفوا…………………………………...
كلنا زحفنا فى ذلك اليوم صوب القصر الجمهورى الكائن بشارع النيل ,لنعلن إنتهاء خريف البطاركة فى ذلك اليوم…تجمعنا وإحتشدنا وإلتقينا دونما ساعة صفر,,فالغبن والظلم والعسف رتب مواعيد لقيانا أمام البوابة الشمالية للقصر الجمهورى….لم نتشاور لنزحف صوب القصر الجمهورى …فالإعتساف وسوداوية المالات رتب لزحفنا…هكذا دونما سبق إصرار وترصد…ودخلنا....وإقتحمنا بوبات القصر الجمهورى ومداخله ونفاجاته …وتعمدنا أن لانكترس لزعيق الحرس الجمهورى وهويطلب منا الرجوع حيثما أتينا…ومضينا أكثر لنرفض سماع صوت الحرس الجمهورى وهو يهددنا بإطلاق النار فوق الرؤوس…وواصلنا الزحف صوب مداخل القصر الجمهورى والحرس الجمهورى يطلق وابل من الرصاص على جموعنا…ساعتها حيدنا الخوف فى دواخلنا …لأن الغبن قتل كل الأحاسيس فينا…ودخلنا…ودخلنا…كسيول الثمانينات دخلنا…وكسموم فصل الصيف إقتحمنا…ووجدنا فى أولى الغرف أحد عشر مستشار للرئيس وهم يلعبون الكتوتشينة ويراهنون ويتراهنون فى فوز الهلال على المريخ أو فوز المريخ على الهلال…ووجدنا…البعض منهم وهو يضع كومة جرائد للتسلية وحل الكلمات المتقاطعة لزوم قتل الوقت وتفكيك دائرة الرتابة …والبعض الأخر يتحسس مؤخرته برفق ويقارنها مابين الأن وما بين قبل دخوله القصر كمستشار…ووجدنا المتحفظين منهم قد فضلوا النظر بفخر لكروشهم وهم يرددون فى السر والعلانية اللهم أدمها نعمة…ووجدنا بعضهم يطالع الأبراج ليعرف ماذا يخبئ له القدر…ووجدنا بعضهم…ووجدنا بعضهم…ولم نفعل الكثير حيالهم بل طلبنامن جموع الزاحفيين أن يتبولوا عليهم ليموتوا غرقا…ودخلنا غرفة أخرى من غرف القصر الجمهورى الكائن بشارع النيل عشية إقتحامنا له…ووجدنا منى أركو مناوى وهو غارق حتى أزنيه فى عصيدة بملاح كول*جلبت له خصيصا من أرياف الفاشر بعد أن تخوف من أن يدس له أحدهم السم فى الدسم ويرديه قتيلا…وجدناه بعرقى خفيف وسروال قصير وعنقريب هبابى يتوهط فيه بثبات…وجدناه يحملق مشدوها فى المكيف والكمبيوتر الموضوع أمامه ويردد فى سر(يالله حوى بارد ده جا من وييين)…ولولا أن فمه محاصر بالعصيدة لما بخل علينا بريالة تكثف صورة المشهد الإندهاشى الذى يلتبسه…ووجدنا حوله مجموعة من الهواتف النقالة …أحدهم لقادة الحركة…وأخر للقادة الميدانيين…وأخر لطلبات العصيدة بالكول من أرياف الفاشر…وأخر للمريين من صليعة*..وأخر …وأخر…وأخر…تركناه بعد أن علقناه من سرواله القصير ذاك فى مروحة مكتبه الوسير …وهو لاينفك يردد جنجويد إياااال حرام ترى كان دايرييين دواس قولوا ولا تخافوا…وتركناه …ودخلنا ثالث غرف القصر الجمهورى الكائن بشارع النيل …ووجدناه أسمر اللون…ملتحى…طويل القامة …عابس الوجه…يغطى إفلاسه بحزم مصطنع…يعتمر قبعة …هو سلفاكير ومن غيره…وجدناه جاسيا بكلتا قدميه أمام جردل للمريسة جلبته له فدادية من المدن المنسية فى هوامش العاصمة…أظنها من جبرونة أو من مايو أو من الجخيص*وجدناه وهو يتجادل معها فى سعر جردل المريسة ..وهى ..ترد عليه بسخرية(أجى ياسعادة النائب إنت ماعارف إنو فى زيادات عالمية فى الدخن)…وجدناه وقد ثمل حتى الثمل واخذ يتمتم أنا الكل فى الكل…وكاد أن يقول أنا يسوع…ووجدنا أمامه جبال من الملفات وقلم جاهز للتوقيع…وجدناه وأمامه عشرات الدعوات …دعوة لإفتتاح فندق…ودعوة عشاء فى الأوزون*…ودعوة لصفاح عزبة فى كرتون كسلا …ودعوة لعرس شهيد…ودعوة للإحتفال بذكرى الميل أربعين…ووجدنا أمامه مسودة مذكرات كتب عليها وبخط عريض سودان جديد وىىى أبيى وىىى وعندما رأنا صاح بصوته الأجش(جلابة دايريين شنوا…؟)…وقبل أن نغادر الغرفة لم ننسى أن ندخل راسه فى جردل المريسة الموضوع أمامه ….وخرجنا….ودخلنا…غرفة أخرى محتشدة بالأثاث الفاخر ومحاصرة بالروائح الفواحة …وقد علق فى مدخلها برواز زجاجى مكتوب عليه(رحم الله إمرا عرف قدر نفسه)…وجدناه…يدوزن إيقاع إبتسامة طبعت على محياه ,,نصفها خبث والنصف الأخر تعالى أجوف…لم يعر جموع الزاحفيين أدنى إهتمام …وواصل ترتيب إبتسامته ببرود حارق …وجدناه كعادته يحيك مؤامرة لإنقلاب أبيض على العسكر ورهطهم…وفوق كل ذلك يحمل مسبحة فى يمناه…وخلفه جوقة من حوارييه,,يرددون ياشيخ على العلمانيين والكفرة حاصروا القصر…ياشيخ على المتمرديين دخلوا الغرفة…وهو يرد ببرود أيضا حارق ,,,وقعوا معهم إتفاقية وسموها (إتفاقية القصر),,وأدوعهم وزارة سيادية …وكم والى كده…ودعونى أرتب إبتسامتى لأنو عندى إجتماع مهم …ودخلنا…وعندها صاح أحد الزاحفيين أوسعوه ضربا بأحذيتكم حتى الموت…وتسلل مقترح من جموع الفداديات يطالبنا أن يترك لهن(عشان يوروا المكشم بال بصل)…وعندها فقط صاح مرددا هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه …وخرجنا…ودخلنا…أخر غرف القصر الجمهورى الكائن بشارع النيل …والذى سنذيع منه بياننا الأول والأخير …وجدناه…أصلع الرأس …ممتلئ الأرداف…مترهل الكرش…وجدناه…يرقص ويتراقص ويردد مع صوت إحدى الفنانات(راجل المرأة حلو حلا…هىىى جبجبا …الجعلى حلو حلا…مابنركب ركشة ورى ومابنأكل غير باسطة سلا)…وفى ذات الأثناء يلتفت برشاقة ليندغم مع أغنية تصك مسامعه ومسامعنا من إتجاه أخر فى الغرفة مرددا(سنتر الخرطوم والتبش بالكوم)…وعندما لمحنا رمقنا بنظرة سريعة …وواصل وهو رافعا يديه للسماء وبحماس يحسد عليه ولا يتناسب مع الموقف ..مرددا(النبق…النبق..النبق)…وبعدها خارت قواه وسقط على قدميه..ولكن لم ندرى أمن الرقص المتواصل ياترى ..أم من هول المفاجاة ….وتركناه لنزيع بياننا الأول…..السادة المواطنيين….نجن مجاميع من العطالة والخريجيين أنصاف المثقفين وأرباع المتدينين..وبعض من بائعات الهوى ...وثلة من التائبين…نعلن إنتهاء دولة البطاركة…وبزوغ دولة الشماسة…التوم باخوس رئيسا….حاجة مجدلية نائبا للرئيس…أبكر مرفعين وزيرا للدفاع…صبرى صابر وزيرا للخارجية….أمير الكافر وزيرا للشئون الدينية….وعيسى الشين وزيرا للسياحة….إنتهى البيان الأول …وتابعوا البيان بالعمل فى الأيام القادمة….
|
|
 
|
|
|
|
خالد خليل محمد بحر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست