|
نهاية الصهيونية.. بقلم رئيس الكنيست السابق
|
http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?p=2927#2927 منقول من الأهرام ======== قضايا و اراء 42654 السنة 127-العدد 2003 سبتمبر 18 21 من رجب 1424 هـ الخميس
.. هل هي نهاية الصهيونية حقا؟ بقلم: مـرسي عطـا اللـه تحت عنوان جريء وصريح مباشر يقول: هل هي نهاية الصهيونية.. تحولات المجتمع الإسرائيلي كتب عضو الكنيست الإسرائيلي الحالي عن حزب العمل ابراهام بورج, الذي شغل منصب رئيس الكنيست مابين عامي1999 و2003 ـ كتب ـ مقالا يستحق ان نتوقف أمامه بمزيج من التقدير والتأمل لرؤية واعية مستنيرة تفتح باب الأمل من جديد حول امكانية عودة الحياة لتيار العقلانية والاعتدال في الشارع الاسرائيلي الذي يعيش أسيرا لنزعات التطرف والعنصرية والانعزال منذ مجيء حكومة شارون اليمينية بتوجهاتها المعادية تماما للسلام, وبممارساتها التي تستهدف الارتداد بمنطقة الشرق الأوسط إلي الوراء. ان قيمة وأهمية مقال إبراهام بورج ليس في كونه بمثابة رؤية نقدية صريحة لجذور الفكر المتخلف وآليات الممارسة العقيمة التي تعري الحركة الصهيونية وانما لأنه يحمل معه رؤية مستقبلية حول إمكانات التعايش تحت مظلة من سلام تعاقدي يرتكز ضمن مايرتكز إلي ضرورة الإقرار بحتمية إزالة المستوطنات الاسرائيلية بأكملها كخطوة أولي وان يتم ترسيم حدود فاصلة معترف بها دوليا بين الوطن القومي اليهودي والوطن القومي الفلسطيني.
وبصرف النظر عن أن هناك في المقال مايمكن الاختلاف معه خصوصا في تفسير حق العودة للاجئين الفلسطينيين فان مقال بورج يمثل اتجاها معتدلا بالقياس إلي المزاج العنصري السائد حاليا في اسرائيل ومايطرحه في هذا الشأن يصعب رفضه كلية خصوصا عندما يطالب بقصر تطبيق القانون اليهودي للعودة علي الحدود الدولية لاسرائيل. إن مقال ابراهام بورج يمثل رؤية تستحق الاهتمام فالرجل كان مرشحا قبل سنوات لرئاسة حزب العمل الاسرائيلي ثم انه يطرح أفكاره بمنظور قومي وليس مجرد منظور حزبي فيتحدث عن الفساد والكساد والترهل الذي يسود اسرائيل ولايلقي بكل المسئولية علي التحالف الحاكم الذي يقوده شارون وانما يضع أيضا نصيبا من هذه المسئولية علي المعارضة التي لم يعد لها وجود في الساحة السياسية الاسرائيلية.. أو علي حد تعبيره. ليست هناك معارضة في اسرائيل.
وأعتقد ان قراءة المقال بأكمله قد تكون أجدي وأفيد كثيرا من الاستطراد في هذه المقدمة التي أردت بها أن تكون بمثابة عناوين فرعية لجذب الانتباه.. فإلي سطور مقال ابراهام بورج الذي كتبه باللغة العبرية في صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية ثم ترجمته صحف أمريكية وأوروبية عديدة إلي اللغة الانجليزية ـ وبينها مجلة فوروورد الأمريكية التي تصدر في نيويورك.
يقول ابراهام بورج بالحرف الواحد: استندت الثورة الصهيونية دائما إلي قاعدتين: سلوك مستقيم, وقيادة أخلاقية ويبدو لي أن كلتا الدعامتين تتعرض للتهديد والتضاؤل, فالدولة الاسرائيلية الآن تختنق تحت وطأة الفساد والطغيان والظلم. ولهذا فأنا أري أننا نشهد نهاية للمشروع الصهيوني علي الأبواب وهناك امكانية فعلية لأن يكون جيلنا هو الجيل الصهيوني الأخير وستظل هناك دولة يهودية في الغالب في الشرق الأوسط, لكنها ستكون دولة غريبة وقبيحة وهناك وقت وامكانية لتغيير المسار, لكنه ليس طويلا. إن مانحتاج إليه هو رؤية جديدة لمجتمع خير, والارادة السياسية للسير في تحقيقها بيد ان تلك ليست مهمة المجتمع الاسرائيلي وحده فيهود الدياسبورا الذين تشكل اسرائيل قاعدة من قواعد هويتهم, يجب عليهم أن يتدخلوا وأن يقولوا رأيهم واذا تزعزعت القاعدة, فان الطبقات العليا ستتداعي بالتدريج.
ويستطرد بورج قائلا: ليست هناك معارضة في إسرائيل والتحالف الحاكم الذي يقوده شارون, يدعي لنفسه الحق في أن يبقي صامتا, وفي أمة مملوءة بالضجيج, أخذ كل فريق لنفسه الحق في أن يكون أخرس لم يبق هناك شيء يمكن قوله ونحن نعيش في واقعية راعدة ومحبطة صحيح, اننا استطعنا ان نحيي اللغة العبرية وان نخلق مسرحا رائعا, وعملة اسرائيلية قوية ولايزال ذهننا العبري حادا كما كان ونتعامل كأنداد في أسواق الأسهم والسندات لكن هل صنعنا دولة من أجل ذلك؟ الشعب اليهودي ما استطاع الاستمرار لأكثر من ألفي عام ليكون رائدا في انتاج أسلحة جديدة وكومبيوترات آمنة, أو صواريخ مضادة للصواريخ المفروض أن نكون نورا في أعين الأمم الاخري وهنا مواطن فشلنا.
لقد تبين لي أن نضال الألفي عام من أجل الدولة, انتهي بأن تكون لنا دولة مستوطنات, تديرها عصابة من الفاسدين من صناع القانون ومخترقيه, والذين يصمون آذانهم عن مواطنيهم وعن أعدائهم. إن الدولة التي تنقصها العدالة لاتستطيع الاستمرار ويتوصل اسرائيليون كثيرون إلي هذه القناعة عندما يسألون أطفالهم أين يريدون أن يعيشوا في الـ25 سنة المقبلة ويجيب الاطفال بأنهم لايعرفون وهكذا يبدأ العد التنازلي لبقاء المجتمع الاسرائيلي. إنه لشيء مريح أن تكون مستوطنا في احدي المستعمرات بالضفة الغربية مثل بيت ايل أو عوفرا ومن خلال نافذتك تستطيع أن تتأمل الطبيعة دون أن تري الاحتلال وتستطيع المضي علي الطريق السريع إلي قلب إسرائيل ومن راموت في شمال القدس, إلي جيلو في جنوبها, في12 دقيقة, بعيدا عن تقاطعات الطرق المسدودة وهكذا يصعب عليك ان تفهم معاناة الفلسطينيين العرب الذين يحاولون لساعات قطع المسافة نفسها علي الطرق المخصصة لهم ـ طريق للمستعمرين, وأخري للذين نحتل أرضهم.
ويواصل ابراهام بورج قائلا: ان هذا الأمر لايمكن أن ينجح وحتي لو ان العرب حنوا رؤوسهم اكثر, وازدردوا عارهم وغضبهم للأبد, لن ينجح هذا الأمر. إن مجتمعا يبني علي بؤس الناس الآخرين سينهار بالضرورة.
تأملوا هذه اللحظة: البني الفوقية للمجتمع الصهيوني تنهار مثل انهيار صالة احتفالات رخيصة في القدس والمجانين فقط هم الذين يستمرون في الرقص بينما تتزعزع القواعد من تحت أقدامهم لقد توقفت اسرائيل عن الاهتمام بأطفال الفلسطينيين منذ زمن ولذلك لاينبغي أن نتفاجأ بأولئك الفتيان آتين مملوئين بالكراهية ليفجروا أنفسهم في قلب حصون اسرائيل يقومون بذلك في سبيل الله في مواطن المتعة والراحة التي صنعناها لأنفسنا, لأن حياتهم صارت عذابا يسفكون دماءهم في مطاعمنا ليدمروا شهيتنا, لأنهم خلفوا في منازلهم أطفالا وشيوخا جائعين ومذلولين. نستطيع ان نقتل ألفا من المهندسين ورؤساء الخلايا دون ان ننجح في ضرب مقاومتهم, لأن هؤلاء الانتحاريين يأتون من تحت, من منابع الكراهية والغضب, من البني التحتية المؤسسة علي رفض الظلم والفساد الخلقي.
ولو ان هذه الأمور كانت مفروضة ومقدرة لظللت صامتا لكنني أتصور أنها يمكن أن تكون مختلفة ولذلك وجدت أن الصراخ والاحتجاج واجب أخلاقي.
وينتقل بورج إلي الجزء المهم في مقاله قائلا: اتصور انه يمكن لرئيس وزراء إسرائيل ان يقول للشعب مايلي: لقد انتهي وقت الأوهام ووصلنا إلي وقت اتخاذ القرار نحن نحب ارض الأجداد, وفي ظروف أخري كنا نحب أن نعيش عليها بمفردنا لكن ذلك لن يكون, لأن العرب عندهم ايضا حاجاتهم وأحلامهم. مابين الأردن والبحر المتوسط ما عادت هناك أكثرية يهودية واضحة ولهذا, لابد أيها المواطنون من دفع ثمن.. لانستطيع أن نبقي الأكثرية الفلسطينية تحت سيطرتنا, ثم نزعم أننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فلا ديمقراطية دون حقوق متساوية للذين يعيشون هنا من العرب واليهود... لانستطيع الاحتفاظ بالضفة الغربية وغزة ونظل دولة ذات أكثرية يهودية من النواحي الأخلاقية والانسانية واليهودية.
هل تريدون إسرائيل الكبري؟. لامشكلة في ذلك, لكن يجب عليكم أن تتركوا الديمقراطية.. دعونا نؤسس نظاما للفصل العنصري مع معسكرات اعتقال, وقري محاصرة, جيتو في قلقيلية, وغولاغ في جنين.
هل تريدون أكثرية يهودية؟ لا مشكلة.. ضعوا العرب في قطارات وباصات وعلي جمال وحمير وانفوهم جماعات جماعات ـ أو افصلوا بيننا وبينهم دون حيل ولا مكائد. ليست هناك طريقة وسط. يجب علينا أن نزيل كل المستوطنات, كل المستوطنات وان نرسم حدودا فاصلة معترفا بها دوليا بين الوطن القومي اليهودي, والوطن القومي الفلسطيني القانون اليهودي للعودة يطبق ضمن حدودنا الدولية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلي وطنهم القومي المعروف الحدود.
هل تريدون الديمقراطية؟ لا مشكلة اما ان تهجروا مشروع إسرائيل الكبري, أو أن تعطوا الجميع عربا ويهودا حقوقا متساوية ومعني ذلك ان العرب الذين لايريدون دولة فلسطينية, سيعيشون في أوساطنا متساوين معنا في كل شيء عبر صناديق الاقتراع. هذا ما ينبغي ان يقوله رئيس وزراء اسرائيل لشعبه يجب عليه أن يصرح بالأمر بوضوح: عنصرية يهودية أم ديمقراطية؟ مستوطنات أو أمل للشعبين؟ رؤي مزيفة مملوءة بالأسلاك الشائكة وإغلاق الطرق والهجمات الانتحارية, أو حدود دولية معترف بها بين دولتين مستقلتين وعاصمة مشتركة في القدس؟
لكن ليس هناك رئيس وزراء في اسرائيل فالوباء الذي نزل بالجسم الصهيوني ضرب الرأس ايضا.. كان ديفيد بن جوريون يخطيء أحيانا, لكنه في غالب الأحيان ظل مثل السهم الصلب وعندما كان بيجن يخطيء ما كان أحد يشك في دوافعه ونياته.. ما عاد هناك أشخاص مثل هؤلاء.. ان الاستطلاعات التي نشرت قبل أسبوعين تشير إلي ان الاسرائيليين ما عادوا يثقون برئيس الوزراء, وان لم يشكوا في شخصيته القيادية وبكلمات أخري, فان شارون يجمع في شخصه الأمرين: الأخلاق المشكوك فيها, والاعتداء الصريح علي القانون, والتصرفات العنيفة للاحتلال ـ والتهرب من فرص السلام.. هذه هي أمتنا, وهؤلاء هم قادتنا. والنتيجة التي ينبغي التوصل اليها ان الثورة الصهيونية ماتت.
ثم يختم إبراهام بورج مقاله قائلا: إذا كان الأمر كذلك, فلماذا هذا الصمت من جانب المعارضة؟ ربما لأننا في فصل الصيف, أو لاننا متعبون او لان البعض منا يريد المشاركة في السلطة بأي ثمن لكن في الوقت الذي نتردد فيه, تفقد قوي الخير كل أمل.. هذا هو وقت الخيارات الواضحة وكل من يتردد في اتخاذ الموقف الواضح انما يسهم في زيادة الانحطاط الذي نحن فيه.. ليس هذا وقت اليمين ضد اليسار أو الليكود ضد العمل, بل هو وقت الصواب في مواجهة الخطأ والمقبول في مواجهة غير المقبول, والشرعي والقانوني في مواجهة غير الشرعي وغير القانوني.
ليس المطلوب حكومة محل شارون, بل رؤية جديدة للأمل, كبديل لتدمير الصهيونية وقيمها من طريق الصمم والخرس والوباء. ويجب علي أصدقاء اسرائيل في الخارج ـ اليهود وغير اليهود ـ والقادة ورؤساء الوزارات والحاخامين والمدنيين ـ أن يختاروا أيضا, وأن يتخذوا قرارهم يكون عليهم ان يخرجوا من الصمت وأن يساعدوا اسرائيل علي الإبحار باتجاه خارطة طريق, باتجاه مصيرنا باعتبارنا نورا للأمم, ومجتمعا للسلام والعدالة والمساواة.
........ انتهي المقال صورة طبق الأصل... ولاتعليق!
|
|
|
|
|
|