|
الحق... فوق.... القوة
|
زهير السراج
* في خطابه بمناسبة الذكرى (15) لاستيلاء الانقاذ على السلطة، قال الفريق البشير بأنه بريء من الظلم الذي وقع على البعض. وطالب كل من يرى انه ظُلم، برفع مظلمته لديوان المظالم، للنظر فيها. * وحديث الفريق البشير وجد التأييد والتشجيع والثناء من كافة فئات المجتمع، فهو يشف عن روح جديدة للانقاذ، وقادتها في معاملة الناس، وأخذهم بالعدل.. بدلاً عن روح التسلط والاستعلاء والاستقصاء وأخذ الناس بالشبهات التي كانت سائدة حتى وقت قريب!. * غير ان الحديث لا يكفي لرفع الظلم عن المظلومين، بل يجب أن يتحقق العدل، ويراه الناس بأعينهم وهو يتحقق!! * وتحقيق العدل يتطلب الكثير من الجهد والعمل، وأخذ مظالم الناس بالجدية الكاملة والسرعة المطلوبة! * ولابد ان تتولى النظر في هذه المظالم، مجموعة لجان قومية يشترط فيها الحياد والدراية والخبرة الكافية، ليس لان ديوان المظالم تنقصه الخبرة والحياد ـ لا سمح الله ـ ولكن لان المظالم كثيرة، يتطلب دراستها والنظر فيها الكثير من الوقت، كما ان الديوان لديه الكثير من المشاغل والواجبات التي تثقل كاهله! * وفي رأيي.. فإن اول المظالم التي تتطلب سرعة النظر والبت فيها، هي مظالم المفصولين للصالح العام، فقد شهدت سنوات الانقاذ الأولى احالة الكثيرين للصالح العام، بدون وجه حق، وضمت كشوفات المفصولين، عدداً كبيراً من اصحاب الخبرات والكفاءات المشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والوطنية. ولم يفصل هؤلاء إلا لاتاحة الفرصة لاهل الولاء والثقة للجلوس على كراسيهم حتى بدون ان يكون الذين فُصلوا موضع اتهام او شك!! * واذا ضربنا مثلاً واحداً بجهاز قانوني وتنفيذي مهم مثل جهاز الشرطة، نجد ان الصالح العام قد أطاح بالكثيرين من ضباط الشرطة، وصل عددهم في خلال عامين فقط من عمر الانقاذ الى اكثر من ثلاثمائة وستين ضابطاً من مختلف الرتب، معظمهم من المشهود لهم بالكفاءة والاستقامة. هذا عدا الذين فصلوا بعد عام 1992م، غير ان الفرق بين هؤلاء واولئك.. ان الذين فصلوا بعد ذلك التاريخ، نالوا امتيازات ضخمة وصلت الى مئات الملايين، بسبب التعديل الذي لحق بالمرتبات وامتيازات الخدمة وما بعد الخدمة، بينما لم يقبض الذين فصلوا قبل ذلك التاريخ غير الفتات والاحساس الشديد بالظلم، اذ كانت التهمة التي توضع امام اسم كل منهم تبريراً لفصله هي انه «فاسد ومفسد» بدون ان يوجه لاحد منهم أي اتهام، او احالته الى لجنة تحقيق او مجلس محاسبة او محكمة تفصل في التهمة الخطيرة الموجهة اليه، والتي تمس الكرامة والشرف.. وتطعن الانسان في مقتل!!. * وأكبر دليل على ظلم تلك «التهمة» ان بعض الذين فُصلوا بها، اعيدوا الى الخدمة في ما بعد، ووصل نفر منهم الى أعلى الرتب والمناصب.. واحد هؤلاء يشغل الآن منصباً قيادياً رفيعاً في جهاز الشرطة!! * كما ان اكثر من ستين ضابطاً من الذين أُلصقت بهم زورا وبهتاناً، وسيقت مبررا لفصلهم في ايام الانقاذ الاولى، كان السبب الوحيد لفصلهم، والذي يعرفه الجميع، هو احتجاجهم في لقاء مفتوح مع السيد وزير الداخلية آنذاك العميد فيصل أبو صالح، بمعسكر شرطة الاحتياطي المركزي، في منطقة ام حراز، على تشريد وفصل ضباط الشرطة بدون اتباع الاجراءات الادارية والقانونية المعروفة. وبرغم انهم أُعطوا الامان، وطُلب منهم الحديث بوضوح وصراحة، والا ان كل من تحدث في ذلك الاجتماع، فُصل في اليوم التالي مباشرة، وكانت تهمته هي انه «فاسد ومفسد»!!. * ويبقى الآن، بعد حديث الفريق البشير، ان يوضع هذا الحديث موضع التنفيذ، بالجدية والسرعة المطلوبة، وان تُكلف لجان قومية محايدة للبت في المظالم التي تقدم اليها، ويجد كل من ظُلم.. الإنصاف والعدل، أدبياً ومالياً.. واكرر بأنه لا يكفي ان يتحقق العدل، بل يجب ان يراه الناس يتحقق.. فمثلما رأى الناس الظلم وهو يتحقق لابد ان يروا العدل وهو يتحقق.. هذا هو العدل!!
|
|
|
|
|
|