|
تراجيديا الخلاص
|
--------------------------------------------------------------------------------
مدخل00
من قال أن المعاناة تولد الأبداع أنها أحيانآ تخلف البؤس الذي يقبع بين نظرات العيون وتفاصيل الوجوه البالية وتنهدات الصدور00 نافذة تطل علي جحيم من الكبد اليومي بحثآ عن الأمل 00 رمية لها رام لا يمنح فريسته حق الأستسلام أو حتي الموت00
نص00
بدأت سمية في ممارسة طقسها اليومي الذي يبدأ قبل طلوع الشمس 00 أخرجت بنابر الحديد ووزعتها حولها في شكل مدروس 00أعادت تلميع اكواب الشاي بحثآ عن أرضاء زبائن لا يجيدون سوي الأمتعاض00 تأكدت من كمية الشاي واللبن والسكر وحتي الهبهان والعرق والجنزبيل00
- سمية كيف أصبحتي
-كويسة الحمد لله صبحك الله بالخير
-عليك الله الشاي وبالله ولعي لي السيجارة دي معاك
عبد الرؤوف زبون قديم وسقيم 00 يملك كشك الجرائد الذي أتخذت ظله مكانآ لعملها00 ناولته السيجارة00 نظراته تخترق ثيابها وتصل حتي العظم 00أصلحت من جلستها وعدلت ثوبها بحثآ عن أمان مفتقد في حضرته00 رجعت بذاكرتها للوراء محمود 00 الزوج 00 الأب 00 والأخ00 الذي أحتواها من عالم ذي أنياب 00 كم هي وحيدة وضعيفة من دونه0 أخبرها جارها فضل السيد
-سمية يا سمية
-أيوة يا فضلو
- والله قالوا محمود قبضوا ناس الألزامية
ذهب الي حيث اللاعودة00ترك لها دراجة رالي وأربعة أطفال
- الجميل سرحان وين
رفعت عيونها
-أهلآ وسهلآ
أشارت ألي بنبر بجوارها 00 ناولته كوب الشاي المعتاد بدون سكر وغرقت في داخلها مرة أخري0 أيام سوداء أعقبت غيابه القصري 00 أنهكت جسدها وجيبها المتعب أصلآ بين المعسكرات ولكن بلا جدوي 00 تفاصيل مؤلمة وجراح لازال دمها نازف 00أسئلة أجاباتها ضاعت بين الجهل والتجاهل
- لو سمحتا راجلي قالوا أخدو ناس الألزامية
- وبعدين
- عاوزة أستفسر أعرف محلو كيف
- ياسعيد ماتجيب الشاي ده 000 نعم ؟؟
- قلتا ليك راجلي أخدو ناس الألزامية
- وبعدين
- عاوزة أعرف محلو وين
- يعني نحن ماعندنا شغلة غيركم
- بس 000000
- شوفي يا أخت نحن جايينا المنسق العام عندو مرور يعني مافاضيين كدي مرينا بكرة
تواترت الأيام عليها تأتيها الاخبار عنه متفرقة من هنا وهناك { مجروح ودو مستشفي الدمازين 00 شفناهو غرب الأستوائية 00 والله عندنا صاحبنا قال شافو في جوبا00}
- بالله ملعقة سكر يا سكر
- حاضر
الجنزبيل ده الليلة كتير كده مالو غيري القهوة دي بالله
- حاضر
- سمية الشاي بارد سخنيهو شوية بالله
- حاضر
سمية خشمنا ده غلاية نزلي الشاي ده من النار
- حاضر
أبتسمت في حزن و طيف عمر أبنها يمر أمام عيناها وسؤاله بألحاح < أنت أبوي وين>
بحثت عن كل فرص العمل الممكنة وغير الممكنة في بلد يحتاج فيه تناول كوب من الماء ألي واسطة00 تذوقت طعم الحاجة الي الآخر الذي لا يعطي ألا بثمن فهربت هروبآ بلا خيارات أنتهي عند ظل كشك عبد الرؤوف0
-سمية أنت مالك الليلة
أنتفض جسدها في قوة
- دي المرة التالتة أقول ليك أعملي لي شاي كركدي
- معليش والله يا أخوي حال الدنيا
مرت الأيام متشايهة 00 فلا أمس يعود ولا حاضر يسعد ولا غد يرتجي 00 أستقرت أوضاعها ألي حد ما 00 يوفر لها عملها الحد الأدني من الأحتياجات الضرورية 00يشدها الحنين الي زوجها 00 الي غياب جميل في حضرته وترجعها متطلباتها الحياتية الي أرض الواقع 00 حتي ظهر صالح في حياتها00 كان الوقت عصرآ عندما أتي
- بالله شاي يا أخت
جلس غير بعيد منها وهو ملتفت أليها كليآ
- الجميل من وين
- 00000000000000
-مابتردو مالكم ولا نحن مابنستاهل
- لا ياخي بس مشغولة شوية أتفضل الشاي
تلفت حوله ثم أقترب منها هامسآ
- بعد المغرب عندكم حاجة
أبتسامة صغيرة علمها لها أكل العيش أرتسمت علي وجهها
-خلاص بمرك بعد المغرب وأوصلك البيت
- لا شكرآ مافي داعي للتعب
-تعب شنو 00 أنتوا تعبكم راحة
- لا شكرآ < قالتها بحسم >
نهض غاضبآ ولم يكمل الشاي 00 تنهدت في عمق 00 تعبت من كل هذا حتي متي الصبر علي هذه اللزوجة00 آآآآآآآآآآآآآآه أين أنت يا محمود
عادت ألي منزلها في قاع المدينة 00 بيئة توفرت فيها كل العوامل اللازمة لحياة الضفادع والبعوض والذباب والصراصير00 نامت بين دموعها والتعب قد أتخذ من جسدها مسكنآ0
وعندما أشرقت شمس كان صالح واقفآ أمامها 00 ركل منضدتها المتواضعة في قوة 00 تناثرت علب البن والشاي علي الارض 00 ركلة أخري علي كفتيرة الشاي00 صرخت في جزع 00أنثنت علي المتانثر من رزقها محاولة جمعه 00 أمسكها من ذراعها ورفعها في قوة
- ليه حرام عليكم
- ارفع العدة دي معاك
- سافل حقير أنا عملتا ليك شنو؟
صفعة داوية هوت علي وجهها وتلقفها كومر الكشة 00 اغلق صالح الرقيب في شرطة القسم الأوسط باب الكومر خلفها0
أفرج عنها آخر اليوم مكسورة الخاطر موهنة الجسد شربت من دموعها حد الظمأ طعم الظلم حارق في حلقها ونظراتها خابية0
مرت علي عبد الرؤوف في الكشك
- أسمعني يا عبد الرؤوف
- أول شي حمد لله علي السلامة
- الله يسلمك عاوزة لي قروش أمشي بيها حالي لما تفرج
وقف عند باب الكشك بحثا عن تضييق المسافة بينهما
- لكن أنت حسابك ما كتر
- مامشكلة بتتعدل بكرة وبديك قروشك كلها
- القروش ما مشكلة
قالها وهو يقترب منها أكثر حتي أحست بأنفاسه علي عنقها00أبتعدت عنه ممتعضة 00علا صوتها قليلآ
- عاوز تديني ولا أشوف زول غيرك
دخل الي الكشك00 ناولها النقود وأبتسامة ماكرة ترتسم علي جانب فمه
تلقفها الشارع 00 وحيدة 00 مهيضة الجناح 00 خطواتها مرتعشة في أتجاه البيت 00 نحيبها المكتوم يفتت الأكباد تكومت في فراشها متدثرة بغطائها بحثآ عن أمان يهديها الدفء كان صالح أول زبائنها صباحآ 00 أبتسامته اللزجة ملتصقة بشفتيه 00 جلس بالقرب منها 00 نفث دخان التبغ في وجهها 00 ناولته الشاي في صمت
- أها اصبحتي كيف بعد يوم أمس
شعرت بحنجرتها مثقلة بالكلام 00 دموعها المنحدرة حتي صدرها كانت هي ردها البليغ
- بغشاك بعدين عشان نطلع سوا
أومأت برأسها في أنكسار
تركت باب منزلها مواربآ عند آخر الليل00 صراخ صرصور يخترق السكون00 دخل صالح وأغلق الباب خلفه بحرص بالغ
كان لابد أن تنثني كي تستمر الحياة
محمد الطيب يوسف
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الخلاص (Re: محمد الطيب يوسف)
|
محمد الطيب.. رائعة القصة..برغم الحزن الذى أسكنته دواخلنا من الصباح..
يبدو أننا موعودون بالكثير المثير طالما كانت هذه البداية..
بصراحة أنا خشيت عشان أقول ليك(تأأأأأأأأأأأأأأنى)
لكن يبدو أننى سأكون من زبائنك الدائمين.. دم بألف خير ..
ـــــــــــــــــــــــ لكل من مر/ت من هنا محبتى
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الخلاص (Re: محمد الطيب يوسف)
|
Quote:
بغشاك بعدين عشان نطلع سوا
أومأت برأسها في أنكسار
تركت باب منزلها مواربآ عند آخر الليل00 صراخ صرصور يخترق السكون00 دخل صالح وأغلق الباب خلفه بحرص بالغ
كان لابد أن تنثني كي تستمر الحياة
|
عزيزى الأخ / محمد الطيب ،،
سرد جميل لواقع معاش هنالك ،، ولكنى ارى أن ختام القصة غير متسق مع مضمونها ،، حيث أننا أمام أمراءة مكافحة تناضل من أجل أسرتها متخذة عملاَ شريفاَ مضنياَ فى سبيل ذلك ،، فإمرأة بمثل هذه المبادىء لايمكن لها أن تنكسر أبداَ أبداَ مهما حاول ذالك الصالح من إستعمال نفوذه .
خالص مودتى لك ،،
ماهر
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الخلاص (Re: Mahir Mohammed Salih)
|
ماهر سلامات.. لو رجعت معها اليوم داك..يوم صالح شات ليها عدتها لو رجعت معاها البيت وهى خالية الوفاض..وشفت خيبة أمل الصغار وهم ينتظرونها عند الباب ثم وهم (يبيتون القوى) دون عشاء.. لو كنت معها الصباح وهى مذهولة تفكر فى يوم جديد.. شاى الشفع..فطورهم..غداهم..عشاهم..ومابين هذى وتلك كثير من التفاصيل الأخرى.. لو كنت هناك لما إستغربت سرعة إنكسارها..
لربما أكون مخطئاً ولكن هكذا تصورت الأمر..
محمد الطيب سلامات تانى
| |

|
|
|
|
|
|
|