سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العالم)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 04:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2008, 11:08 AM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العالم)

                  

02-19-2008, 11:11 AM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)
                  

02-24-2008, 01:04 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)
                  

03-10-2008, 03:46 PM

Mohamed Ahmaed Olyesh
<aMohamed Ahmaed Olyesh
تاريخ التسجيل: 07-31-2006
مجموع المشاركات: 950

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    [][/]
    اهديكم
    تضامني مع سامي
    عليش

    (عدل بواسطة Mohamed Ahmaed Olyesh on 03-10-2008, 03:47 PM)

                  

02-19-2008, 03:37 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    تناقلت وسائل الإعلام خبراً عن قرب إطلاق سراحه بعد زيارة الوفد السوداني إلى أمريكا مؤخراً

    فهل يا ترى سينعم الرجل بالحرية بعد سبع سنوات قضاها ظلماً بغوانتنامو؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                  

02-19-2008, 07:43 PM

فتح العليم عبدالحي

تاريخ التسجيل: 08-07-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    صديقنا العزيز عزالدين بيلو
    لا زلت اذكر اشعارك التي عطرت بها مسامعنا في تلك البقاع وعم ادم مويه مويه
    لاتنتظر من هولاء الكاوبوي ان يتصرفوا بغير هذه العقليه فالطبع غلاب
    ولسامي الحاج رب يكلؤه بالليل والنهار
                  

02-20-2008, 03:37 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: فتح العليم عبدالحي)

    يروي مصور قناة الجزيرة سامي الحاج لمحاميه كلايف ستافورد سميث عن رحلة التعذيب التي عاشها وما زال في السجون الأميركية، ويبدأها بقاعدة باغرام بأفغانستان حيث نقل إليها بتاريخ 8 يناير/ كانون الثاني 2002 وبقي فيها حتى 23 يناير/ كانون الثاني.

    يقول سامي: وصلت إلى باغرام في الثامن من يناير/ كانون الثاني عام 2002 ومكثت هناك 16 يوما خلتها 16 سنة, إذ كانت أطول أيام عرفتها في حياتي.

    سألني الشرطي العسكري "من أين جئت لقتالي؟" فأجبت: "لم آت لقتالك أنا أفريقي". عندها لكمني على وجهي لكمة سقطت بعدها على الأرض وسال الدم من وجهي, ثم بدؤوا بتسديد اللكمات إلي عدة مرات وكان هناك حوالي 40 سجينا وكانوا يسمونني الرقم 35. بعدها صرخ بنا أحد الشرطة العسكرية قائلا "الآن تحركوا!".

    كان الطقس باردا جدا ولم ألبس سوى حذاء واحدا حيث كان الحذاء الآخر قد ضاع وكان هناك حبل يربط كلا منا بالآخر, فدفعونا لمدة عشر دقائق تقريبا.

    بعدها أخذوا القناع من فوق رأسي للحظة فقط, ثم جعلوني أنحني بطريقة مذلة وغيروا تقييد يدي, وكان الطقس باردا بشكل لا يحتمل، وقد أمرونا بأن لا نتحرك من أماكننا، وبدؤوا يأخذوننا واحدا تلو الآخر لمدة خمس دقائق كنت أسمع خلالها الصراخ وكثيرا من الضوضاء, ولم يحن دوري إلا بعد ساعتين وكان الخوف قد تملكني, وبدأت أفكار كثيرة تمر بذهني.

    "
    زعموا أنني أجريت مع بن لادن مقابلة أخرى في قندهار، فقلت إنه إذا كانت مقابلة ما قد أجريت هناك, فإنني لست من أجراها، فأنا أعمل كمصور ولست صحفيا
    "
    كانوا يعاقبون كل من يتحرك, لكنني فقدت الحس تدريجيا, فسقطت من البرد ولم أستطع التحرك, فبدؤوا يضربونني, ثم أخذوني إلى غرفة لم يكن بها من السجناء إلا أنا وحدي فتركوني -والقناع على رأسي- واقفا وكنت أحس بأن كل من هم حولي من الشرطة العسكرية.

    ثم سمعت أحدهم يقول لي: "انزع ملابسك" لكنه تبع ذلك بتمزيق الملابس عني, ونزع القناع مرة أخرى, فرأيت عسكريا يحمل مسدسا وآخر رشاشا واثنين يمسكان بهري, ثم قاموا بإجراء "التفتيش الدبري" الذي كان القصد منه إهانتي فقط.

    بعدها ألبسوني بذلة زرقاء وسألوني عن إسمي فقلت "سامي". ثم قال لي المحقق "أنت الذي صورت أفلام فيديو بن لادن للجزيرة". فأجبت "لا أبدا". فقال "اخرس.. من الأفضل أن تحكي لنا عن ذلك".

    ثم تركوني في تلك الحظيرة وتركوا لي بطانيتين مع الإبقاء على قيدي البلاستيكي، وقال لي أحدهم إنني لو تحركت فسوف يطلقون النار علي.

    كان بتلك الحظيرة القديمة أربع زنزانات بل أقفاص, لكل منها بابان ويوجد بها برميل نفط هو حمام الزنزانة يمكن لأي شخص أن يراك بداخله وقت استخدام المرحاض, الذي لم يكن يسمح لك باستخدامه سوى ثلاث مرات في اليوم.

    كانوا يعطوننا وجبة واحدة في اليوم, هي في الواقع عبارة عن وجبة من الوجبات الجاهزة المخصصة للعسكريين, لكنها كانت باردة بحيث لم أتناولها قط وكنت أكتفي بشرب قليل من الماء, وكانت قنينة مائي تتجمد في الليل. وبعد 8 أو 9 أيام أعطونا نصف رغيف من الخبز وبعض البسكويت.

    لم يكن يسمح لي بالحديث على الإطلاق وأصبت بالروماتيزم ولا أعتقد أنني نمت قط منذ اليوم الثالث بسبب البرد القارس, لكن ربما غفوت قليلا خلال النهار عندما ترتفع درجات الحرارة قليلا. كما لم يكن يسمح لي بالتوضؤ للصلاة.

    وفي اليوم العاشر نادى مناد "الرقم 35" فوجدت نفسي أمام أميركي ومترجم جزائري يدعى عمر فسألاني عن اسمي وجنسيتي ووظيفتي.

    قالا: "أجريت مقابلات مع بن لادن لصالح الجزيرة". قالا في البداية إن ذلك كان عام 1998 فنفيت ذلك، وقلت لهما إنني لم أكن موظفا في الجزيرة آنذاك وإنني أتذكر أن أحدا آخر هو من قام بتلك المقابلة.

    ثم قالوا إنني كنت أجري مقابلات مع بن لادن لحظة وقوع أحداث 11 سبتمبر/ أيلول فقلت إنني كنت في دمشق بسوريا آنذاك.

    ثم قالا إنني أجريتها معه عام 2001 فقلت إنني شاهدت تلك المقابلة التي أجريت إبان القصف لكن الذي أجراها كان مراسل الجزيرة في كابل أما أنا فقد كنت في قندهار حينذاك.

    حينها زعموا أنني أجريت مع بن لادن مقابلة أخرى في قندهار، فقلت إنه إذا كانت مقابلة ما قد أجريت هناك, فإنني لست من أجراها، فأنا أعمل كمصور ولست صحفيا.

    وفي آخر الأمر أعطوني شكلية رسالة من رسائل الصليب الأحمر, لكنهم رفضوا إرسالها عندما لاحظوا أنني وضعت عنوان الجزيرة عليها.

    ثم سألوني ما إذا كنت سأصف للآخرين ما تعرضت له من تعذيب على أيديهم في باغرام إذا ما أطلق سراحي فقلت "نعم, بالطبع".

    ثم طلبت طبيبا للاعتناء بجراحي, وجاء طبيب بعد ثلاثة أيام لكنه أتى للاعتناء بسجين آخر, ولم تقدم لي أية مساعدة ولا حتى أية مهدئات, لم تقدم لي أية أدوية على الإطلاق.

    لقد كان التعذيب في باغرام مستمرا طول الوقت, وركلوني بشكل مستمر في باغرام وقندهار, بل وهددوا بإطلاق النار علي.
                  

02-20-2008, 03:38 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    يتابع مصور قناة الجزيرة سامي الحاج روايته للتعذيب الذي تعرض له ويروي الفصل الثاني منه حيث نقل من سجن باغرام إلى سجن آخر بقندهار بأفغانستان بتاريخ 23 يناير/ كانون الثاني 2002 وظل هناك إلى أن تم نقله إلى معتقل غوانتانامو بكوبا بتاريخ 13 يونيو/ 2002.
    أخذوني إلى قندهار يوم 23 يناير/ كانون الثاني 2002، وكنت أستطيع فهم ما يقولون وبعض الجنود لم يكن يعلم أنني أتحدث الإنجليزية حين ألقوني على وجهي على الأرض ثم بدؤوا يرقصون على ظهري ويرددون كلاما بذيئا شمل كل أشكال السب وسب الأهل.

    وخصصوا وقتا لاقتلاع بعض الشعر من لحيتي وأعادوا "التفتيش الدبري" قبل أن يوزعونا بين الخيام, حيث وضعوا عشرين سجينا في كل خيمة.

    كان البرد قارسا بحيث لم أعد أستطيع تحريك قدمي وضعوني في أغلال وأرغموني على المشي حافيا في المياه المتجمدة في الطريق, بل وبطحوني على الأرض, وأحدهم وضع ركبته على ظهري.

    وكانوا يعاقبوننا في قندهار إذا ما تحدثنا في مجموعة تزيد على ثلاثة أشخاص, حتى وقت الصلاة.

    وفي إحدى المرات دهس أحدهم على رأس إمامنا برجله بينما كان ساجدا, والصليب الأحمر يعلم عن هذه الحادثة.

    قالوا "أنت تتحدث إلى عدد هائل من الناس" وعوقبت عندما ترجمت للآخرين, كما عوقبت بتهمة عدم ترجمة كل شيء للمعتقلين.

    وفي إحدى المرات بطحوني على الأرض وركلوني وعندما سألت عن السبب, كان الجواب "اصمت".

    ومن وسائل التعذيب الأخرى أنهم كانوا يرغمونني على أن أجثو على ركبتي على الأرض الباردة ويدي فوق رأسي لمدد طويلة, وتكرر ذلك أكثر من 30 مرة.

    وكنت أعاقب لمجرد كوني تركت بعض الطعام الذي يقدم لي لتناوله في وقت لاحق.

    كما كنت حاضرا عندما قام الجنود الأميركيون برمي المصحف الشريف في المرحاض في قندهار (وذلك قبل فضيحة تدنيس المصحف الشريف بغوانتانامو. المحامي).

    ودأب الجنود على الحديث عن الجنس والمسائل الجنسية, بل إن أحدهم قال لي مرة "سأقوم بممارسة الجنس معك" فقلت "إنني رجل" فأجاب" "ذلك لا يهم فأنا أحب فعل ذلك مع الرجال".

    كنا نجبر على الجلوس معا عراة ولم أستحمم لمدة 100 يوم فغزا القمل والحشرات ملابسي, ولم يكن يعطى لي من الماء سوى ماء للشرب وليس لتنظيف نفسي.

    وقبل زيارة الصليب الأحمر سمح لنا بالاستحمام لمدة خمس دقائق فقط.

    حلقوا شعري بطريقة سيئة تاركين بعض الشعر هنا وبعضا هناك, لكنهم رسموا صلبانا بالحلاقة في رؤوس بعض السجناء الآخرين، وسعيا منهم إلى إذلال أحد المعتقلين وهو يمني الجنسية، قاموا بحلق حاجبيه.




    وبحلول مايو/ أيار أصبح الجو حارا جدا, فأصيب السجناء بالجفاف وضربات الشمس, وهذا هو ما حدث لي.

    وعندما يسقط الشخص مغشيا عليه من الحر يأخذونه إلى "الخيمة الطبية" حيث يقومون بتمزيق كل ملابسه ويتركونه هناك عاريا.

    كان هناك أحد المعتقلين ينزف جراء إصابة بيده، وعندما أراد أحد الممرضين إسعافه أمره أحد الأطباء الأميركيين بعدم فعل ذلك مضيفا بأنه لن يأسف عليه إن مات.

    استجوبني بريطانيون مرتين الأولى في باغرام والثانية في غوانتانامو. أما الأميركيون فسألوني عن أذربيجان بلد زوجتي, كما سألوني عن أعمال تجارية في الإمارات العربية المتحدة وعن بن لادن.

    وقالوا إنهم لم يجدوا شيئا ضدي وأنهم سيطلقون سراحي غير أن وعدهم الذي يتكرر كل يوم هو "غدا".
                  

02-20-2008, 03:40 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    من أساليب الاستجواب تدنيس المصحف الشريف وإهانة المعتقدات الدينية


    أخذوني إلى غوانتانامو يوم 13 يونيو/ حزيران 2002.


    في البداية تركوني لمدة 5 أو 6 ساعات في خيمة, حيث نزعوا ملابسي مرة أخرى وصوروني وأخذوا بصماتي, وأحضروا كلابا بوليسية جعلوها تتشممني.

    بعدها وضعونا في طائرة توقفت مرة واحدة بعد أربع ساعات ربما كان ذلك في كراتشي, ثم وضعونا على متن طائرة أخرى لم تهبط إلا في غوانتانامو.

    لم يسمحوا لأي منا بالنوم ووضعوا قفازات على أيدينا وعصبوا أعيننا وكمموا أفواهنا وربطوا يدي مع الأغلال المحيطة بساقي.

    لم نأكل سوى بضع حبات فول كانوا يضعونها في أفواهنا, والماء الوحيد الذي أعطوننا إياه كان من خلال زجاجة ماء يستعملها جميع المعتقلين مهما كانت الأمراض التي يعانون منها.

    أما إذا ما أردت الذهاب إلى المرحاض فإنهم يخلون سبيل إحدى يديك ويذهب معك أحد الحراس إلى المرحاض ولا يعطونك أوراقا صحية ولا يسمحون لك باستخدام الماء.

    عندما وصلنا إلى معتقل غوانتانامو بكوبا في 14 يونيو/ حزيران 2002 قاموا بـ"التفتيش الدبري" مرة أخرى.
                  

02-20-2008, 03:41 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    مشاكل صحية ...

    بعد كل أيام الاعتقال، أصبحت أعاني من مشاكل في القلب, وروماتيزم مستمر في الأقدام, ولدي مشاكل في الأسنان فضلا عن مشاكل صحية قديمة مرتبطة بورم كان قد أزيل من رقبتي في السودان عام 1988, وكان من المفترض أن أتناول عقاقير لذلك لكني لم أعط منها شيئا خلال هذه السنوات الثلاث ونصف السنة.

    الشيء الوحيد الذي وفروه بالفعل كان حقنة تيتانوس وقد رفضتها لأنني لم أكن أحتاجها ولم أكن أريدها, حيث إنني كنت قد أخذتها في الدوحة قبل ذهابي لتغطية الحرب الأميركية على أفغانستان, لكنهم عاقبوني لرفضي تلك الحقنة وأصروا على أنهم لن يتركوني أتلقى أي علاج ولا أية عناية صحية ما لم أوافق على أخذ تلك الحقنة وهو ما حدث بالفعل فمنذ ثلاث سنوات لم أحصل على أية عناية طبية.

    وضعوني في زنزانة مجاورة لزنزانة الأفغاني محمد الولي الذي يعاني من السل الرئوي, وكان لا يزال مريضا آخر مرة رأيته فيها.
                  

02-20-2008, 03:42 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    تدنيس المصحف ...

    تدنيس المصحف أثار احتجاجات واسعة في العالم الإسلامي (رويترز-أرشيف)
    قمنا بإضراب في أغسطس/ آب 2003 بسبب تعامل الحراس مع المصحف الشريف. فقد قام أحدهم بكتابة كلمة بذيئة على المصحف وقام آخر بركله وترك بصمة نعله على إحدى صفحاته.

    وفي اليوم الثاني للإضراب جاءت قوات التدخل السريع فقامت بضربنا ورشنا برذاذ الفلفل الحار, وردا على ذلك حاول 20 من أصل 48 شخصا في ذلك الجناح من المعتقل شنق أنفسهم لإظهار مدى أهمية هذه القضية بالنسبة لنا, فأخضعونا للدرجة أربعة التي تتميز بأسوأ أنواع المعاملة.

    وفي اليوم الثالث وضعونا في زنزانات انفرادية وأرادوا حلق رأسي فدفعوني إلى الأمام فسقطت من على عدد من الدرج فمسكوني بشعري وضربوا وجهي على الخرسانة فسال الدم من حاجب عيني اليسرى ونجم عن ذلك جرح لا يزال أثره ظاهرا وواصلوا ضربي قبل أن يودعوني في زنزانتي.

    وعندما وصل الطبيب وفتح النافذة قال إنني أحتاج إلى عدد من الغرز لكنه أصر على أن يجري تلك العملية عبر النافذة، وأنه لن يعطيني أية أدوية مسكنة للآلام, وبعد ذلك بيومين سجل الصليب الأحمر جرحي وجاءني أحد المحققين للسؤال عما جرى قبل أن أنقل أخيرا إلى المستشفى.

    أبقوني في زنزانة انفرادية لمدة أربعة أيام قبل أن يحولوني إلى سجن "كامب4" الذي يخصص عادة لسجناء الدرجة الرابعة, حيث أمضيت ثمانية أشهر, وكل ذلك احتجاجا على تدنيس القرآن.

    وفي أبريل/ نيسان 2004 أخذوني إلى "كامب روميو" لمدة 11 يوما, وهذا هو المعتقل الذي لا يسمح لك فيه بلبس أي شيء عدا سروال قصير, لكن مع حلول سبتمبر/ أيلول 2004 كنت قد رجعت من جديد إلى معتقل الدرجة الأولى "كامب1" وهو أقل المعتقلات سوءا, ثم أخذت إلى معتقل "كامب 5" في ديسمبر/ كانون الأول 2004.
                  

02-20-2008, 03:43 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    العنصرية ...

    هناك تمييز عنصري واضح ضدنا نحن الأفارقة وأعني هنا أنا والأوغندي جمال كييومبا والتشادي الطفل يوسف والبريطاني من أصل كاريبي جمال بيلمار.

    فلا يمر يوم إلا ويسبون السود, كما أنهم لا يعطونهم نفس الوقت من الاستراحة الذي يمنحون غيرهم وينعتونهم بكل الصفات السيئة مثل "السود الأغبياء"...إلخ.
                  

02-20-2008, 03:44 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    معاملات سيئة أخرى


    التعذيب في غوانتانامو لا نهاية له, فقد تعرضت لأنواعه كلها بل إنهم أخضعوني للعذاب ست مرات خلال عشرة أيام فقط.

    وقد ضربوني على قدمي في غوانتانامو تماما كما كانوا يفعلون بي في باغرام وقندهار كما ضربوني على ذراعي ورأسي.

    وقد اعترضوا البريد الذي يصلني واحتجزوا إحدى الرسائل المرسلة إلي لمدة عشرة أشهر بعد وصولها إليهم.

    وقد رأينا نوعا من الحشرات الميتة في طعام أحد السجناء فأحجمنا جميعا عن الأكل لأن الطعام يأتينا من نفس المصدر.

    إنهم يعاقبوننا على أتفه الأسباب, بعض الناس يسمي الملعقة البلاستيكية كلاشينكوف كامب ديفيد لأن الجنود يعاملون السجين عندما تكون عنده ملعقة من ذلك النوع وكأنه يحمل سلاحا فتاكا.
                  

02-20-2008, 03:45 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    الاستجواب بغوانتانامو ...

    يتعرض السجناء لأعمال سيئة خلال الاستجواب, فقد مسحت إحدى المحققات ما قالت إنه دم حيض على السوري يعقوب وقد لف السعودي عبد الهادي بالعلم الإسرائيلي ودنس القرآن أمامه إبان التحقيق.

    أما أنا فكان استجوابي الأول بعد حرماني من النوم لمدة يومين وتواصل استجوابي لمدة سبعة أيام دون انقطاع, ثم أصبح الاستجواب مرتين كل أسبوع تقريبا, لقد كانت أسئلتهم تتعلق بكل شيء في حياتي وقد أجبتهم عن كل ما سألوني عنه.

    قالوا إنني زرت الشيشان والمملكة المتحدة وهذا غير صحيح, وذكروا أن المخابرات البريطانية هي التي أعطتهم المعلومات التي اعتقلوني بسببها.
                  

02-20-2008, 03:46 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    في رسالة لمحاميه كلايف ستافور سميث، كشف سامي الحاج مصور قناة الجزيرة المعتقل بغوانتانامو منذ نحو أربع سنوات دون توجيه تهم رسمية له ودون أي محاكمة، عن ظروف السجناء الصحية في المعتقل لافتا إلى ضعف الخدمات الطبية وإلى أن الأميركيين يلجؤون لأسلوب "الداء موجود والدواء مفقود" لاستجواب المعتقلين.

    التاريخ 15 يوليو/ تموز 2005


    كلايف:


    طاب يومك


    اسمح لي أن أحيطك علما بأنني قلق على صحتي التي بدأت تسوء يوما بعد يوم.. ولا يخفى عليك أنه لا يزال الأسرى بخليج غوانتانامو الشهير بجولاج الجديد يعانون من ضعف الخدمات الطبية، فلا يكاد عنبر من عنابر السجن يخلو من آهات وأنين المرضى، ولا يزال نجيب المغربي يحمل يده التي كسرت خلال أحداث قلعة جانغي الشهيرة عام 2001.


    أما الاكتشاف المذهل الذي توصل له فريق المتدربين من الأطباء والصيادلة بجولاج الجديد هو أن الماء دواء لكل داء. أجل الماء دواء لكل داء، فما من أسير يشتكي من مرض بدءا بنزلات البرد ومرورا بآلام الظهر وانتهاء بالحساسية بأشكالها المختلفة إلا وكانت وصفات الدواء جاهزة على لسان الصيدلي: اشرب ماء. يشتكى من التهاب اللوز: اشرب ماء، اشرب ماء حتى أصبح الحارس عندما يطلب منه نقل مريض من الأسرى للطوارئ يسارع بالوصفة الطبية: اشرب ماء.


    الجراحون يشهد لهم بالإخلاص والتفاني ولا يتأخرون في بتر أيدي وأرجل الأسرى العليلة والسليمة على حد سواء، ويشاطرهم في هذا الجهد الصيادلة الذين يصرفون بسخاء حبوب المخدرات الغالية الثمن لمن يعلم ولمن لا يعلم.

    يعاني جميع المحرمين من فرش الأسنان بسبب العقوبات الطويلة الأمد من آلام الأسنان. يظل الأسير أسبوعا أسبوعين يستدعي العيادة دون جدوى، يضرب عن الطعام، لا حياة لمن تنادي. أخيرا يطلب التحقيق ويقابل المحقق ويوعده ويتعهد له بالتعاون التام في التحقيق والإجابة عن جميع الأسئلة، ما يخصه وما لا يخصه، ثم من بعد يستدعيه الطبيب للعيادة ويقوم بالمهمة خير قيام، وبمنتهى الإخلاص يخلع له الضرس السليم ويترك له الآخر حتى يواصل التحدث في التحقيق.


    غير أن حبيب التعذيا قد ضرب الرقم القياسي في التعاون في التحقيق ولا سيما أنه قد خلع له أربعة أضراس سليمة وتركت له الأضراس الأخرى!


    أما الذي يعانون من أمراض العيون فحالهم لم يكن أفضل من سابقيهم، فمزيد من التعاون في التحقيق يتحسن نظرك وتصرف لك نظارة بلاستيكية العدسات للاحتياطات الأمنية، غير أنها لا تغني من جوع إلا إذا حالفك الحظ وكان بجوارك من يشاركك نفس الحال، وبكل تأكيد متعاون في التحقيق له نظارة تشابه نظارتك فعندها يمكنك استعمال النظارتين معا، وتصبح قادرا على قراءة المصحف الكريم. غير أن شيخ علاء المصري نظره ضعيف جدا، وهو يحتاج المزيد من النظارات حتى يرى أمامه.


    أبو أحمد الليبي يعاني من مرض الكبد، وبعد جهد جهيد صرف له عدة أنواع من الدواء، وكانت حالته تسوء يوما بعد يوم، وعندما طلب منهم دواءه السابق الذي كان يستعمله قبل الأسر قال له الطبيب من غير حياء: الدواء الذي تطلبه غالي الثمن، وبما أنك معتقل فأنت لا تستحقه.


    عبد الهادي السوري يعاني من مرض القلب غير أنه غير مستعد لعمل أي عملية جراحية بخليج غوانتانامو وخاصة بعد النصيحة الغالية التي قدمها له العم صالح محمد علي اليمني الذي أجرى عملية جراحية قبل سنتين ونصف لتوسيع شرايين القلب، وما زال يعاني من نفس الآلام، وأخيرا أخبروه بأن العملية لم تكن ناجحة.


    عبد العزيز المصري اقتحمت عليه فرقة مكافحة الشغب داخل زنزانته وقامت بضربه حتى كسرت له فقرتين من العمود الفقري، وأصبح بعدها لا يستطيع الحركة. رفض عمل أي عملية جراحية خاصة عندما رأى حال مشعل الحربي المدني الذي أصبح بعد العمليات التي أجريت له لا يستطيع أن يحرك ساكنا، أما عمران الطائفي فكان عبرة لمن لا يعتبر، فقد أجروا له أكثر من 16 عملية جراحية في رجله وما زال يعاني منها.


    ولي محمد الأفغاني اكتشف بعد ثلاث سنوات من المعاناة أنه مصاب بمرض السرطان وأن المرض في مراحله الأخيرة، ولم يخفوا عليه أن نتائج التشخيصات تقول إنه أصيب بالمرض أثناء فترة أسره، غير أنهم كانوا معه أكثر صراحة من السابقين، إذ أبلغوه أن الحكومة الأميركية قد رفضت علاجه وعليه أن يعود إلى بلده حتى يقضي أيامه الأخيرة مع زوجته وأولاده ويموت ويدفن في بلده.


    ولم يكن حال مواطنه محمد علم بأحسن منه، فلقد أخبروه بأنه مصاب بمرض السرطان في الحلق وعليه أن يعود إلى أفغانستان.


    هنالك شائعات انتشرت مؤخرا تقول إن التطعيم الذي كانوا يجبرون عليه المعتقلين في السنوات الثلاث الماضية ما هو سوى حقن أمراض تظهر بعد فترة مثل مرض نقص المناعة والعقم وغيرهما.


    غير أن الحق يقال إن الجراحين يشهد لهم بالإخلاص والتفاني وإنهم لا يتأخرون في بتر أيدي وأرجل الأسرى العليلة والسليمة على حد سواء، ويشاطرهم في هذا الجهد الصيادلة الذين يصرفون بسخاء حبوب المخدرات الغالية الثمن لمن يعلم ولمن لا يعلم!


    مخلصك


    سامي محي الدين الحاج
                  

02-20-2008, 03:48 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    حصلت قناة الجزيرة على رسالة من سامي محيي الدين الحاج مصورها المعتقل في غوانتانامو وجهها لمحاميه البريطاني كلايف ستافورد سميث مطلع الشهر الحالي.

    والمحامي سميث هو صلة الجزيرة وعائلته الوحيدة به، ورغم صفته القانونية لم يتمكن سميث من زيارة سامي سوى ثلاث مرات فقط في معتقله الذي يقبع فيه منذ نحو أربع سنوات دون توجيه تهم رسمية له ودون محاكمة.

    وفي رسالته يتساءل سامي الحاج عن سبب اعتقاله، وعن أسباب العقوبات التي يتعرض لها هو وزملائه المعتقلين هناك، ويكشف صنوفا أخرى من التعذيب الذي شاهده في المعتقلات الأميركية التي نقل إليها بعد اعتقاله أواخر عام 2001، بدءا من قاعدة بغرام مرورا بسجن قندهار وانتهاء بسجن غوانتانامو وانتهاكاته التي تتستر عليها الإدارة الأميركية.

    كلايف


    دعني أخبرك عن سؤال يحيرني: لماذا أعاقب؟

    لماذا أعاقب؟


    باتت هذه الكلمة تدور بوجداني كما تدور الرحى، فتطعن هذا القلب. بت أقلب خاطري في كل ناحية ووادٍ علني أجد ضوءا أو ذكرى تسليني عما أنا فيه أو يطلع علي هذا الصباح الباسم بثغره الوضاء.


    كم يعيش السجناء ولاسيما الأبرياء منهم في غياهب السجون الموحشة الظالمة فتخدش عندهم معاني الإنسانية التي يحملونها بدواخلهم بسبب العقوبات الصارمة التي لا سبب لها. فعقوبة تتلوها عقوبة وكأن المسجون في بحر أمواجه متلاطمة قد تمزق مرارا وكتمت أنفاسه غصة من أجاج هذا البحر.


    ويستمر برنامج العقوبات مع هذا المسجون سنينا من القهر وأعواما من الظلم. وكم تصطك هذه الكلمة في أذن السجين ويسمع لها رنينا مزعجا.. لماذا أعاقب؟


    بدأت قصتي مع العقوبات من سجن بغرام حيث كان لا يسمح لنا بالذهاب لقضاء الحاجة إلا مرتين يوميا –بعد الشروق وقبل الغروب- ولن تستطيع الذهاب إلا حين يأتي دورك.

    وأذكر مرة أني كنت "محصورا" فاستأذنت من الذي أمامي همسا حتى يسمح لي بأن أذهب قبله، وإذا بالجندي يصرخ في وجهي غضبان "نو توك" أي لا تتحدث، تعال هنا. ويشير إلى الباب وهناك يعلقني من يدي على السلك وأظل واقفا طوال النهار أنتفض من شدة البرد حتى أتبول على ثيابي فيسخر مني الجنود وتضحك علي المومسات.


    لماذا أعاقب؟! هل الذود والدفاع عن الدين جريمة يعاقب عليها السجين؟ وهل مطالبتنا بإرجاع المصاحف للإدارة الأميركية حتى لا تهان أمام أعيننا جريمة؟!.

    ثم قندهار.. في عز الصيف والشمس في كبد السماء والأرض تغلي، يصيح أحد الجنود: أنت قف وذاك وثالث ورابع، لماذا تتكلمون؟ اجثوا على ركبكم وضعوا أيديكم على رؤوسكم، ثم يتركنا تحت حر الشمس وحرارة الحصى على ركبنا حتى يغمى على أحدنا فيقوم الآخرون بإسعافه.


    بعد وصولنا إلى خليج غوانتانامو بأسبوع واحد جاؤوا في الصباح الباكر آمرين كل معتقل أن يخرج يده من النافذة الصغيرة التي يقدم منها الطعام لكي يحقن بمصل يزعمون أنه ضد التيتانوس.


    وعندما جاء دوري أخبرتهم أني قبل أن أغادر الدوحة أخذت تطعيما ضد التيتانوس والحمى الصفراء والكوليرا وغيرها من الأمراض، وأن الطبيب يومها أخبرني أن هذا التطعيم يسري مفعوله مدة خمس سنوات، لذا فأنا لا أحتاج للتطعيم مرة أخرى. فصاح الضابط في وجهي "لا تناقش. أخرج يدك للتطعيم وإلا أخرجناك بالقوة. قلت له: لن أخرجها".


    تركوني ثم أعادوا علي الكرة بعد انتهائهم من العنبر وأصررت على عدم أخذها ثانية. وأخيرا عاقبوني بسحب جميع أغراضي الموجودة داخل زنزانتي من البطانية وحتى فرشاة الأسنان وتركوني أنام على الحديد ثلاثة أيام بلياليهن.


    فتساءلت: لماذا أعاقب؟! هل العلاج إجباري؟ وهل أصبحنا كالقطيع من الأغنام نساق ونؤسر ونطيع بدون أن نناقش أو نتكلم أو حتى نستفسر؟!!


    بل والعجيب أني ذات مرة وفي إحدى الليالي كنت مرهقا إثر الساعات الطوال التي قضيتها في غرفة التحقيق، فنمت مبكرا ومن شدة تعبي أدخلت يدي ورأسي تحت الغطاء، وإذ بي أسمع صياح وصراخ الجندي: أخرج يديك ورأسك من تحت الغطاء. فقمت مفزوعا وبسرعة أذعنت لأوامر الجندي، إذ أنه ممنوع علينا أن ننام ورؤوسنا وأيدينا تحت الغطاء.


    ثم نمت مرة أخرى وبدأ النعاس يداعب أجفاني، وإذ بالجندي يركل باب زنزانتي ركلا شديدا بأشد ما يمكن ويتكلم بلهجة شديدة ويصرخ: لماذا تضع المعجون مكان فرشاة الأسنان؟ ويتهمني بأنني أخالف القوانين واللوائح العسكرية ويطلب مني جمع أغراضي، وتستمر العقوبة أسبوعا كاملا!!!.


    فقلت في نفسي: لماذا أعاقب؟ وهل هذا سبب كافٍ لكي أعاقب بتجريدي من جميع أغراضي وأظل أتقلب ليلا ونهارا على الحديد دون فراش ولا غطاء!!

    ذات مرة كنت أتناول وجبة الغداء، وهي عبارة عن وجبة معلبة باردة. وبعد الانتهاء من الطعام جاء الجندي ليجمع بقايا ونفايات الطعام وأكياس الوجبة المغلفة بها. جلس الجندي عند زنزانتي وبدأ يعد أكياس الوجبة ويلصق الجزء المقطوع من الكيس بالجزء الآخر، ثم صرخ في وجهي: أين بقية الجزء المقطوع من الكيس؟ فأخذت أبحث عنه في أغراضي فلم أجد شيئا. حينذاك اتصل بالإدارة وجاء الجواب بأنه لابد من عقوبة صارمة على السجين حتى يكون عبرة للآخرين، فسحبت جميع أغراضي مدة ثلاثة أيام، وكنت أفكر لماذا أعاقب وماذا عساني أستطيع أن أفعل بهذا الجزء المقطوع من البلاستيك؟!


    جمعت الأقدار يوما بيني وبين جمال اليوغندي ومحمد التشادي وجمال بلاما البريطاني في عنبر واحد، وكنا بجوار بعضنا البعض حيث توافقنا في الزي البرتقالي البغيض ولون البشرة السوداء. وكان لون بشرتنا السوداء سببا كافيا يجعل الجنود البيض يتحرشون بنا ويستفزوننا ويهيلون علينا العقوبات، تارة بسبب وتارة بدون سبب.


    كانوا دائما يوقظوننا من النوم بحجة تفتيش الزنزانة، وأذكر أنهم في إحدى الليالي طلبوا مني أن أستيقظ للتفتيش، وعندما دخلوا ولم يجدوا شيئا سجلوا علي عقوبة مدة سبعة أيام لأنهم وجدوا ثلاث حبات أرز على الأرض قد تجمع عليها النمل، فقلت في نفسي: لماذا أعاقب؟ لم يكن في الحسبان أن يكون هذا سبب العقوبة!!!


    وفي إحدى الليالي وقف أمام زنزانتي جنديان وفي أيديهما سلاسل وقيود وصرخوا وركلوا الباب بشدة حتى قمت من النوم مفزوعا وقيدوني، ثم قاموا باقتيادي من عنبري أي عنبر "روميو"، حيث وضعوني داخل قفص بعد أن جردوني من كل ملابسي باستثناء القميص والسروال القصير فقط. لا حذاء ولا صابون ولا فرشة ولا شيء....

    عندما سألت عن سبب العقوبة لم أجد جوابا حتى الغد عندما جاء المسؤول بعد إلحاح وأخبرني أني معاقب مدة أسبوعين لأن أحد الجنود قد وجد في النافذة الخارجية لزنزانتي مسمارا من الحديد. فقلت للمسؤول: أنى لي بمسمار من الحديد؟ ومن أين آتي به؟ وكيف لي أن أضعه على نافذتي من الخارج؟! ولم؟ غير أنه ولى هاربا لا يلقي لكلامي بالا. وظللت أسبوعين جالسا بسبب السروال القصير الذي لا أستطيع الركوع به وإلا انكشفت سوءتي. ونمت على الحديد أربع عشرة ليلة من ليالي الشتاء البارد.

    تحرشات الجنود لا تنتهي وتتنوع وتتشكل من وقت لآخر، وأذكر أنهم في أحد الأيام أخبرونا بأن أحد الجنود وضع رجله على القرآن الكريم حتى طبع حذاؤه على كلام الله عز وجل، فثار المعتقلون لدينهم وقرروا أن يعيدوا المصاحف إلى الإدارة الأميركية حتى لا تهان أمام أعيننا، خاصة وقد تعهد الجنرال في المرة السابقة بأن هذه التحرشات لن تتكرر مرة أخرى ثم نكثوا بعهدهم كالمعتاد.


    إثر ذلك قرر المعتقلون عدم الخروج من الزنزانة بتاتا حتى للمشي والاستحمام اللذين هم في أمس الحاجة إليهما، حتى تجمع المصاحف.


    كالعادة، جاء المسؤولون يتوعدون ويهددون المعتقلين ولم تمض إلا دقائق معدودة حتى جاءت قوات الشغب البواسل تقتحم على المعتقلين زنازينهم وتقوم بضربهم وربطهم بالسلاسل والقيود، ثم يحلقون لحاهم وشواربهم ورؤوسهم، ثم يرمونههم في الزنزانات الانفرادية.


    كأحد المعتقلين جاء دوري. وقاموا بداية برش مادة كيماوية في عيني ثم أدخلوا خمسة جنود وقاموا بضربي ثم أخذوني إلى مكان المشي وهناك طرحوني أرضا وأمسك أحدهم برأسي وضربه في الأرضية الخرسانية فشجه، وضربني أخرى فجرح جفني وغطى الدم وجهي وأنا موثق بالسلاسل والقيود. وعلى هذه الوضعية قاموا بحلق رأسي ولحيتي وشاربي ثم أودعوني في الانفرادية وتركوني أسبح بدمي.


    وبعد ساعة جاءني أحد الجنود يسألني من النافذة هل تريد العيادة الطبية؟ فرفضت وظللت أدعو الله عز وجل وأتضرع إليه وأشكوه ظلمهم، وحين شعرت بأنني على وشك أن أفقد وعيي من شدة النزيف طلبت العيادة فجاؤوا، ومن خلال فتحة الطعام التي لا تتعدى ثلاث بوصات في عشر بوصات خيط جفني بثلاث غرز ثم ربط لي رأسي وأعطاني حبوبا مخدرة زاعما أنها مضادات حيوية فنمت من شدة القهر.

    وعندما فتحت عيني في اليوم الثاني، عدت أتساءل: لماذا أعاقب؟! نعم.. لماذا أعاقب؟؟!! وهل الذود والدفاع عن الدين جريمة يعاقب عليها السجين؟. وهل مطالبتنا بإرجاع المصاحف للإدارة الأميركية حتى لا تهان أمام أعيننا جريمة؟!. ولماذا أنا هنا؟ هل ذهابي إلى أفغانستان مدة لا تتجاوز أربعة أسابيع وحملي لكاميرا الجزيرة إثر الحرب الإرهابية ضد الشعب الأفغاني الأعزل جريمة أعاقب عليها بالسجن مدة تزيد عن أربع سنوات؟ وخاتمة المطاف أتهم بالإرهاب؟!.

    لماذا أنا هنا؟ هل ذهابي إلى أفغانستان مدة لا تتجاوز أربعة أسابيع وحملي لكاميرا الجزيرة إثر الحرب الإرهابية ضد الشعب الأفغاني الأعزل جريمة أعاقب عليها بالسجن مدة تزيد عن أربع سنوات؟

    أسئلة كثيرة تدور وتدور في خاطري كما تدور الرحى فتطعن في حقيقة الشعارات البراقة التي يتشدق بها دعاة الحرية ورعاة السلام وحماة الديمقراطية في جميع أنحاء المعمورة.


    سامي محيي الدين الحاج

    معتقل غوانتانامو- كوبا
                  

02-20-2008, 03:50 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    تقرير ..

    لم تعد دهاليز معتقل غوانتانامو ما يجرى داخلها امرا خفيا فالمنظمات الدولية المختصة تواصل رصدها في تقرير حول ما تقوم به الولايات المتحدة من ممارسات سرية تحت ستار الحرب على الارهاب تتضمن التعذيب واقامة سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية CIA في الخارج وفوق كل ذلك اصبحت شهادات من افرج عنهم من هذا المعتقل برهان ساطع على ما يدور تحت اسقف معتقل غوانتانامو .
    المعتقلون الكويتيون الخمسة العائدون من المعتقل كشفوا عن تعرضهم لتعذيب شديد مؤكدين انهم كانوا يوضعون في اقفاص وهم موثوقي الايدى والارجل المفرج عنهم اكدوا ايضا انهم كانوا يتناولون وجبة واحدة يوميا وهي عبارة عن خبز متعفن تظهر بداخله الديدان.
    مصادر كويتية مطلعه اكدت بدورها ان آثار الاعتداء واضحة على اجساد المعتقلين ووضعهم النفسي سيئ للغاية.


    قال آخر المعتقلين البحرينيين الذين عادوا إلى بلادهم من معتقل غوانتنامو في كوبا إنه تعرض للتعذيب إلا أنه لا يعتزم رفع قضية ضد الحكومة الأميركية.

    وفي حديث للصحافيين في المنامة عقب عودته قال عيسى المرباطي إنه تعرض لعمليات تعذيب بشكل يومي في إحدى المراحل وبشكل متقطع لاحقا.

    وأضاف أنه كان يترك وحيدا في غرفة التحقيق وترش مواد كيماوية في الغرفة، كما أنه كان يوضع في الحجز الانفرادي لفترات طويلة.

    وكان المرباطي وهو آخر المعتقلين البحرينيين الستة الذين كانوا محتجزين في غوانتنامو قد وصل إلى المنامة في تاريخ 9/08/2007 ..

    وفي يوم 4-8-2002 كان جاد الله قد تم ترحيله مع مجموعه من المساجين إلى غوانتامو، ويصف جاد الله الرحلة بأنها مأساوية .." وضعنا في الطائرة لمدة تزيد عن 20ساعة من افغانستان إلى كوبا معصوبي الأعين والاذان والأرجل والأيادي والفم لايمكنك الحديث والحركة ولا يمكنك قضاء حاجتك".

    ويردف بعد الوصول لقاعدة غوانتنامو تم توزيع المحتجزين في زنزانات انفرادية يصفها بـ"ثلاجة الخضروات" تحتوي الزنزانة على سرير وبطانيتين ودورة مياه. وبعد انقضاء الشهر الأول تم توزيع المحتجزين إلى إلى عنابر يحتوى العنبر على 48 زنزانة متلاصقات كل 24 زنزانة في صف واحد.

    وعن أداء الصلاة يوضح بأن ادارة المعتقل تسمح للمحتجزين بالصلاة جماعة لكن ليس في مسجد أو غرفة بل كل واحد في زنزانته، ولكن عادة ما يتعرض المصلين إلى مضايقات أثناء صلاتهم من قبل حرس المعتقل حيث يقوم الحرس بفتح نوافذ الزنازنات عن قصد بصوت مرتفع أثناء الصلاة أو الضرب على ارضية المعتقل الحديدية بصوت مرتفع.

    وذكر جاد الله أن ادارة المعتقل تسمح للمحتجزين بالخروج ثلاثة أيام في الأسبوع لمدة نصف ساعة مخصص منها 20 دقيقة للمشي و10 دقائق للإستحمام وبعدها يعود كل محتجز إلى زنزانته. ويضيف أنه تم تشييد قسم جديد جديد بالاضافة إلى الاقسام 1،2 و 3 اسمه Cam 4 في 28-02-2003 ويعتبر قسم نموذجي بالمقارنة مع الاقسام كاشفاً أن كل الصور المأخوذة من معتقل غوانتنامو خاصة بالـ Cam 4.

    وهناك عدة متطلبات لكي ينقل المحتجز إلى Cam 4 وهي سلوك المحتجز العام ومدى تعاونه مع ادارة وحرس المعتقل ويمكن للمحتجز كذلك ان ينال شرف الاقامة في القسم النموذجي إذا مارفض الاستجابة للاستجواب قائلاً" اذا رفض المحتجز التجاوب مع الاستجواب وفضل الصمت تقوم الادارة بترغيبة في الاجابة على اسئلة التحقيق بنقله للقسم الجديد".

    ويوضح جاد الله أنه في السابق كان توجد كتب اسلامية للقرأة ولكنها اوقفت من قبل ادارة المتعقل واحضروا بدلاً عنها كتب ثقافية لاحسان عبد القدوس وانيس منصور وجبران خليل جبران لكنها لم تجد القبول من المحتجزيين.

    ويؤكد أن أغلب المحتجزين أبرياء من التهم الموجه لهم والتي بموجبها تم احتجازهم "ظلماً وجوراً" بسبب عملهم في مؤسسات خيرية لا علاقة لها بالتطرف ولا الارهاب. مطالباً السلطات الأمريكية بالإفراج عن الأبرياء في المعتقل الذي يعيشون في ظروف نفسية صعبة " للغاية"

    ويوضح أن كل المحتجزين بقاعدة غوانتاموا خضعوا لمحمكة مراجعة وضع المحتجزين في 8/2004 وبرأت المحكمة 37 محتجزاً بإعتبارهم غير مقاتلين اعداء والبقية أدانت بأنهم مقاتلين أعداء، مضيفاً بأن المحكة تتكون من الممثل الشخصي وهو برتبة ضابط ولكنه ليس محامي حيث مهمته تتلخص في قراءة الاتهامات الموجهه للمحتجز من هيئة المحكمة المكونة من ثلاثة ضباط الاول برتبة عقيد والثاني برتبة مقدم والثالث برتبة رائد، وترفع الجلسة بعد سماع رد المتهم وينطق بالحكمة في جلسة ثانية بعد فترة قصيرة.

    ويوضح بأن عدد المحتجزين الآن انخض بشكل كبير وكان قبل سنتين حوالى 1300 محتجز والآن اصبح عددهم 500 معظهم من العرب والافغان بعد أن اطلق سراح الغربيين، ويضيف أن السعوديين يمثلون غالبية العرب يليهم اليمنين.

    وكشف عن عدة محاولات انتحار قام بها محتجزين بسبب سؤ المعاملة أو تعرض الحرس للمصحف لكنها لم تنجح بسبب عدم تواجد الالات حادة داخل الزنزانات الحديدية وكل ما يمكن أن يفعله من يحاول الانتحار أن يضرب نفسه بحديد الزنزانة.." وقام محجتز سعودي تم الافراج عنه مؤخراً بمحاولة انتحار اصيب على أثرها بحالة من الارتعاش"

    وفي السياق نفسه يوضح جاد الله أن هناك مجموعة من المحتجزين في أضربوا عن الطعام من أكثر من أسبوعين تم نقل جزء كبير منهم إلى المستشفى مناشداً جمعيات حقوق الانسان بالدخل الفورى للكشف عن الوضع النفسي الذي يعيشه محتجزين ابرياء لا علاقة لهم بالارهاب والتطرف وتوفير محاكمات عادلة لهم ومحامين.

    وعلى صعيد آخر كشف جاد الله بأنه لا يوجد شخص معروف من تنظيم القاعدة او طالبان في قاعدة غوانتنامو.." لم أسمع طيلة فترتي في المعتقل بأي شخص من قادة القاعدة أو طالبان واعتقد أنهم معتقلون في مكان آخر غير قاعدة غوانتنامو".

    وفي رده على سؤال حول التعذيب الجسدي يقول لا يوجد تعذيب جسدي يذكر ولكن التعذيب النفسي له عدة أشكال قائلاً" عادة ما تطلب للتحقيق ولا تجد أي شخص يحقق معك ويضعوك في غرفه باردة جداً لفترات طويلة على أنغام مؤسيقى صاخبة"

    ومثلما نقل من افغانستان إلى كوبا معصوباً أفرج عنه معصوباً قائلاً " أخرجت من الزنانة إلى الطائره وأنا معصوب الأعين ومقيد الأيدي والأرجل ومعي 7 محتجزين 4 منهم محكوم عليه باعتبارهم مقاتلين اعداء منهم سعوديان واردنيان و2 سعودي وسوري كأبريا انطلقت الطائرة التابعة لسلاح الطيران الأميركي من غوانتنامو إلى تركيا وتم نقلي إلى طيارة أمريكية أخرى إلى الخرطوم.

    شهادة لـ 26 موظفا في مكتب التحقيقات الفدرالي تفيد بتعرّض عدد من المعتقلين لانتهاكات جسدية وضرب وإيذاء نفسي أثناء وبعد التحقيق معهم، كما أفادت بعض الشهادات أيضاً بأن ذلك النوع من التعذيب لم يكن وليد اللحظة بل كان ممنهجاً وأُقر رسمياً من قبل وزير الدفاع الأميركي آنذاك دونالد رامسفيلد حسب ما ورد في تقرير الـ (FBI) وهذا بعض المنهج الذي أقره رامسفيلد؛

    ... سجين تم لفه بالعلم الإسرائيلي وتعرّض للضرب تحت وطأة ضجيج الموسيقى الصاخبة والأضواء الشديدة وآخر تعرّض للضرب المبرح على جرح في بطنه هو موضع عملية جراحية، سجناء أُلقيت عليهم القاذورات والفضلات البشرية أثناء أدائهم الصلاة، أحد مسؤولي السجن جلس فوق نسخة من المصحف أمام مجموعة من المعتقلين الموثقين بالسلاسل فيما عُصب رأس معتقل آخر بطبقات كثيفة من الأشرطة اللاصقة أثناء الصلاة، أما من كانوا أسعد حظا فقد قُيّدوا بسلاسل تربط اليدين بالقدمين وتم إلقائهم على الأرض دون طعام أو شراب لمدة أربع وعشرين ساعة ودون السماح لهم بقضاء حاجتهم، ألوان جديدة ومبتكرة من انتهاكات ممهنجة ليس في غوانتانامو فحسب قام بها مَن ينتمون إلى دولة تدعي أنها الراعي الرسمي لحقوق الإنسان ...


    وبعد كل هذه التحقيقات والشهادات أنكر الرئيس الأميركي جورج بوش أن يكون سمح بالتعذيب ولكن وثائق نشرت في يونيو/حزيران الماضي أظهرت أن طرق الاستنطاق المستعملة في غوانتانامو من استعمال الكلاب لترهيب السجناء وغيرها تلقت موافقة جهات عليا في الإدارة الأميركية.

    كما أظهرت الوثائق أن وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد وافق في ديسمبر/كانون الأول 2002 على استعمال طرق قاسية في الاستنطاق قبل أن يتراجع بعد أسابيع ويوافق على استعمال طرق أقل قسوة.

    (عدل بواسطة عز الدين بيلو on 02-20-2008, 03:51 PM)

                  

02-24-2008, 02:11 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3428

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    Quote: كما كنت حاضرا عندما قام الجنود الأميركيون برمي المصحف الشريف في المرحاض في قندهار (وذلك قبل فضيحة تدنيس المصحف الشريف بغوانتانامو. المحامي.

    أين دعاة حرية الأديان؟

    Quote: ودأب الجنود على الحديث عن الجنس والمسائل الجنسية, بل إن أحدهم قال لي مرة "سأقوم بممارسة الجنس معك" فقلت "إنني رجل" فأجاب" "ذلك لا يهم فأنا أحب فعل ذلك مع الرجال".

    كنا نجبر على الجلوس معا عراة ولم أستحمم لمدة 100 يوم فغزا القمل والحشرات ملابسي, ولم يكن يعطى لي من الماء سوى ماء للشرب وليس لتنظيف نفسي.
    وقبل زيارة الصليب الأحمر سمح لنا بالاستحمام لمدة خمس دقائق فقط.
    حلقوا شعري بطريقة سيئة تاركين بعض الشعر هنا وبعضا هناك, لكنهم رسموا صلبانا بالحلاقة في رؤوس بعض السجناء الآخرين، وسعيا منهم إلى إذلال أحد المعتقلين وهو يمني الجنسية، قاموا بحلق حاجبيه.
    وبحلول مايو/ أيار أصبح الجو حارا جدا, فأصيب السجناء بالجفاف وضربات الشمس, وهذا هو ما حدث لي.
    وعندما يسقط الشخص مغشيا عليه من الحر يأخذونه إلى "الخيمة الطبية" حيث يقومون بتمزيق كل ملابسه ويتركونه هناك عاريا.
    كان هناك أحد المعتقلين ينزف جراء إصابة بيده، وعندما أراد أحد الممرضين إسعافه أمره أحد الأطباء الأميركيين بعدم فعل ذلك مضيفا بأنه لن يأسف عليه إن مات.

    Quote: ودأب الجنود على الحديث عن الجنس والمسائل الجنسية, بل إن أحدهم قال لي مرة "سأقوم بممارسة الجنس معك" فقلت "إنني رجل" فأجاب" "ذلك لا يهم فأنا أحب فعل ذلك مع الرجال".

    أين دعاة الانسانية؟
    Quote: أبو أحمد الليبي يعاني من مرض الكبد، وبعد جهد جهيد صرف له عدة أنواع من الدواء، وكانت حالته تسوء يوما بعد يوم، وعندما طلب منهم دواءه السابق الذي كان يستعمله قبل الأسر قال له الطبيب من غير حياء: الدواء الذي تطلبه غالي الثمن، وبما أنك معتقل فأنت لا تستحقه.

    عبد الهادي السوري يعاني من مرض القلب غير أنه غير مستعد لعمل أي عملية جراحية بخليج غوانتانامو وخاصة بعد النصيحة الغالية التي قدمها له العم صالح محمد علي اليمني الذي أجرى عملية جراحية قبل سنتين ونصف لتوسيع شرايين القلب، وما زال يعاني من نفس الآلام، وأخيرا أخبروه بأن العملية لم تكن ناجحة.

    عبد العزيز المصري اقتحمت عليه فرقة مكافحة الشغب داخل زنزانته وقامت بضربه حتى كسرت له فقرتين من العمود الفقري، وأصبح بعدها لا يستطيع الحركة. رفض عمل أي عملية جراحية خاصة عندما رأى حال مشعل الحربي المدني الذي أصبح بعد العمليات التي أجريت له لا يستطيع أن يحرك ساكنا، أما عمران الطائفي فكان عبرة لمن لا يعتبر، فقد أجروا له أكثر من 16 عملية جراحية في رجله وما زال يعاني منها.

    ولي محمد الأفغاني اكتشف بعد ثلاث سنوات من المعاناة أنه مصاب بمرض السرطان وأن المرض في مراحله الأخيرة، ولم يخفوا عليه أن نتائج التشخيصات تقول إنه أصيب بالمرض أثناء فترة أسره، غير أنهم كانوا معه أكثر صراحة من السابقين، إذ أبلغوه أن الحكومة الأميركية قد رفضت علاجه وعليه أن يعود إلى بلده حتى يقضي أيامه الأخيرة مع زوجته وأولاده ويموت ويدفن في بلده.

    ولم يكن حال مواطنه محمد علم بأحسن منه، فلقد أخبروه بأنه مصاب بمرض السرطان في الحلق وعليه أن يعود إلى أفغانستان.

    أين دعاة حقوق الأنسان؟
    Quote: هناك تمييز عنصري واضح ضدنا نحن الأفارقة وأعني هنا أنا والأوغندي جمال كييومبا والتشادي الطفل يوسف والبريطاني من أصل كاريبي جمال بيلمار.
    فلا يمر يوم إلا ويسبون السود, كما أنهم لا يعطونهم نفس الوقت من الاستراحة الذي يمنحون غيرهم وينعتونهم بكل الصفات السيئة مثل "السود الأغبياء"...إلخ.

    أين دعاة مكافحة العنصرية؟

    الاستاذ : عز الدين
    الحرية لسامي الحاج ولكل المعتقلين .
                  

02-24-2008, 02:41 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    الأخ عمر التاج


    سوف يبح صوتك

    دون أن تُسمع حياً

    فلا حياة لمن تنادي
                  

03-02-2008, 08:32 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    لا يجوز اعتقال أي إنسـان أو حجزه أو نفيه تعسـفياً
    (المادة /9/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسـان)


    بما أننا بدأنا في شيء فيجب ان نتمه على أحسن وجه كي يكون له أثر وقيمة.



    سامي الحاج لا يمثل نفسه فحسب بل يمثل كل سجين مظلوم ومنسي في غوانتنامو، و عندما نطالب بحرية سامي الحاج فإننا نطالب بحريتهم جميعا وحريتنا أيضا.




    لقد قمت بالبحث في موضوع سامي الحاج ووجدت ان الجمعية الفلسطينية لحقوق الانسان (راصد) قد قامت باعداد عريضة كي يوقع عليها جمعيات واتحادات ومؤسسات ومنظمات أهلية حقوقية واجتماعية وثقافية وإعلامية وشخصيات مدنية حرة، تطالب بتحرير سامي الحاج و تأمين الحماية الدولية للصحفيين والاعلاميين والدفاع عن حرية الرأي والتعبير.

    وستوجه هذه العريضة إلى الإدارة الامريكية والأمين العام للأمم المتحدة والمنسق العام للمفوضية الأوروبية وممثلي الدولة الأعضاء في مجلس الأمن الدولي.



    أرجو منكم زيارة الرابط التالي لقراءة تفاصيل الموضوع :

    http://www.hrinfo.org/lebanon/monitor/



    الآن لن أطلب منكم اكثر من التوقيع على هذه العريضة وذلك من خلال إرسال رسالة إلى:

    [email protected]

    [email protected]



    في الرسالة يجب ادراج الاسم الكامل، الصفة الوظيفية، البلد، والجمعية أو المنظمة في حال انتمائكم لإحدى المنظمات.




    هذا نداء أوجهه للجميع وأتمنى ان نكف عن تكرار كلمات الغضب والحزن التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.



    سامي الحاج بحاجة إلى أصواتنا، تحريره سيكون اول خطوة لتحرير باقي الأسرى في غوانتنامو.



    ليكن لنا صوت واحد وكلمة واحدة وموقف واحد.



    لن يكلفكم الموضوع أكثر من دقيقتين من وقتكم.


    دقيقتان فقط لتحرير سامي الحاج
                  

03-02-2008, 09:09 PM

Waeil Elsayid Awad
<aWaeil Elsayid Awad
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2843

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re (Re: عز الدين بيلو)

    الاخ عزالدين
    مساهمة متواضعة منى
    Quote:


    مذكرات
    عادل كامل-البحريني-
    العائد من غوانتنامو
    بسم الله الرحمن الرحيم
    1/4
    ((( التعريف )))
    الاسم/ عادل كامل عبدالله، أبلغ من العمر 41 عاماً.
    ولدت ونشأت في فريج العمامرة بالمحرق، وهو حي بسيط يتصف كما هو حال فرجان المحرق بترابط أهله وفطرتهم السليمة وخلقهم الأصيل، وقد أعانتني تلك الصفات على أن أكون محافظا على الصلاة والصيام منذ كنت صغيراً.
    تخرجت من مدرسة المنامة الثانوية التجارية عام 1983م.
    كنت أعمل في قوة دفاع البحرين حتى سفري إلى أفغانستان. متزوج ولي ابنة واحدة تركتها وهي في الصف الخامس الابتدائي وعمرها عشر سنوات وعدت إليها وهي في الرابعة عشرة من عمرها وبالصف الثالث الإعدادي، وهي ابنتي الوحيدة التي أعطيتها وما زلت كل محبتي. كنت حنوناً عليها، كثير المزاح معها، وكثيرا ما كنت آخذها للحدائق العامة وللسباحة بالبحر، فقد كانت وهي صغيرة تحب السباحة وركوب الخيل، وكانت هي كذلك تحبني كثيرا ولا تفارقني.
    ((( قرار السفر إلى أفغانستان )))
    عندما بدأ الأفغان بالنزوح من مدنهم وقراهم جراء القصف الأمريكي لأفغانستان في عام 2001م ، رداً على الهجوم الذي تعرضت له أمريكا والذي حمّلت الإدارة الأمريكية مسؤوليته المسلمين، كانت محطات التلفزيون ووكالات الأنباء تنقل الوضع المأساوي وحالة الهلع والخوف الذي يعيشه الأفغان والرعب مما قد يصيبهم إذا تعرضوا لهجوم من قبل القوات الأمريكية، فقد جرب الأفغان حياة اللاجئين وعاشوها لسنوات طويلة.
    عندها قررت بشكل جازم أنه لابد من أن يكون لي دور إيجابي في مساعدة هؤلاء المساكين، لا أدري ماذا يمكنني أن أفعل بالتحديد ولا كيف السبيل، فأنا لست من العاملين في الحقل الإغاثي ولا أنتمي إلى جمعية من الجمعيات الخيرية،
    فماذا عساني أفعل؟
    ولكن هذا التفكير السلبي لم يثنني عن القرار الذي كنت قد اتخذته بشكل جازم ألا وهو التوجه على الفور إلى أفغانستان لمساعدة الناس والوقوف بجانبهم. بدأت على الفور في تأمين حاجيات أسرتي وذلك حتى لا يضطروا إلى طلب العون من أحد، فلا يعقل أن أذهب لإغاثة البعيد وأترك أمي وزوجتي وابنتي عالة على الآخرين.
    كما قمت بطلب بعض المساعدات المالية من الزكوات والصدقات من أهلي، لتوزيعها على المحتاجين. كنت في ذلك الوقت في إجازتي السنوية التي لم أكن قد طلبتها من أجل السفر، ولكنها تزامنت مع عزمي على السفر، فأعددت مستلزمات السفر وتوكلت على الله واشتريت تذكرة السفر إلى إيران لدخول أفغانستان عن طريق الحدود البرية بين البلدين.
    ((( الوصول إلى إيران ثم إلى قندهار )))
    في شهر أكتوبر 2001م وصلت إلى مدينة مشهد الإيرانية والقريبة من الحدود مع أفغانستان، وقمت بالسؤال عن الطريق المؤدية إلى الحدود الأفغانية وكيفية الدخول إلى أفغانستان بشكل صحيح، وذلك حتى لا أعرض نفسي لمخالفات مع الإيرانيين مما قد يعرقل وصولي إلى أفغانستان وهو الهدف الذي أتيت من أجله. لذلك فقد اضطررت للمكوث في إيران قرابة الأسبوعين حتى تمكنت أخيرا من دخول الأراضي الأفغانية. مررت بالعديد من مدن أفغانستان وقراها وشاهدت الوضع المأساوي الذي يعيشه الأفغان، والفقر الشديد الذي يعانونه، ورأيت الدمار والخراب الذي تعرضت له الكثير من المناطق جراء الهجمات التي قام بها الطيران الأمريكي الهمجي.
    كان مسيرنا خلال رحلة الدخول إلى أفغانستان بالنهار بسبب حظر التجول ومنع تحرك السيارات ليلاً، وذلك لأن الطائرات الأمريكية كانت تقصف أي هدف يتحرك ليلا سواء كان مدنيا أو عسكرياً، ولم تسلم القوافل الإغاثية من التعرض للهجمات الصاروخية الأمريكية.
    ((( الرحلة إلى قندهار )))
    كانت وجهتنا مدينة قندهار والتي تعد من أكبر المدن الأفغانية، استغرقت الرحلة عن طريق حافلات النقل العام من الحدود الإيرانية إلى مدينة قندهار حوالي اليومين.
    كنا نبيت بالمساء في الاستراحات التي على الطريق حتى يبزغ الفجر ثم نواصل طريقنا نهارا. كانت الطريق آمنة ولم نتعرض لأي مشاكل كقطاع الطريق والعصابات أو القصف الجوي.
    ومررت على الكثير من الأحياء والمباني والمنازل والسيارات المدمرة والتي قصفت ليلا.
    وقد رأيت أثناء مروري بالقرى الأفغانية الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسر الأفغانية والحالة المتردية للبيوت والبنية التحتية لهذه المناطق، فقمت بتقديم بعض من المساعدات والصدقات التي أحضرتها معي لهؤلاء المحتاجين الذين كانت علامات الفقر والعوز واضحة على وجوههم. وفي قندهار استقر بي المقام بأحد الفنادق المتواضعة، وقمت بالاتصال بأهلي بالبحرين لكي أطمأنتهم على وصولي. وقد تجولت في مدينة قندهار ومررت بمكتب الصليب الأحمر الذي كان مغلقا في ذلك الوقت، ثم تجولت في أحياء المدينة التي بدت لي مدينة قديمة المباني والشوارع. وكانت الشوارع والأسواق مزدحمة بالناس.
    ((( إلى العاصمة كابول )))
    بعد أن مكثت في قندهار عدة أيام قررت الانتقال إلى العاصمة الأفغانية كابول لتقديم المساعدة والوقوف على الوضع الإنساني، حيث من المعلوم أن العمل الإغاثي يتركز عادة في العاصمة أكثر من غيرها من المدن الأخرى والمناطق الريفية. وصلت إلى العاصمة كابول بعد رحلة استغرقت يوما كاملا بواسطة الباص ومكثت فيها عدة أيام، قدمت خلالها بعض المساعدات والصدقات للمساكين والمحتاجين. ورغم سماع أصوات الانفجارات والقصف من المناطق البعيدة، فقد كان الوضع العام في العاصمة كابول شبه مستقر وكانت الحياة طبيعية. كانت كابول مختلفة تماما عن مدينة قندهار، فكابول مدينة منظمة حديثة، شوارعها مرصوفة وواسعة ونظيفة ومشجرة بالأشجار الجميلة، كانت المباني جديدة وجميلة.
    وكنت أرى الناس وهم يتجولون في شوارع العاصمة، وكانت الأسواق مليئة بالبضائع وكانت النساء يشترين من الأسواق بكل أمان، قد كنت أرى الأطفال وهم يلعبون بفرح وأمان فتذكرت ابنتي هاجر وتمنيت لها السعادة والخير.
    كان الناس يلبسون ملابس نظيفة على خلاف ما رأيته في قندهار.
    كانت الجبال تحيط بالعاصمة كابل، لذا فقد كان جوها بالنهار جميلا ومائلا إلى البرودة، وأما بالليل فقد كان الجو بارداً. وكان الهواء نظيفا نقيا، أما قندهار فقد كان طقسها حاراً بالنهار ومعتدلا بالليل، وأما الهواء فلم يكن صحيا بل كان مغبرا لأن الشوارع لم تكن مرصوفة بل كانت تعلوها الأتربة.
    ((( الخروج من كابول )))
    كانت الأحداث في أفغانستان تتسارع بشكل غير متوقع، وأيقن الناس أن كابول ستسقط لا محالة في أيدي الميليشيات الشمالية التي يطلقون عليها لقب المخالفين.
    كانت الميليشيات الشمالية تنتمي إلى العرق الطاجيكي والفارسي وكان هؤلاء يكنون عداوة شديدة جداً للعرب ويحمّلونهم مسئولية مقتل القائد الأفغاني الطاجيكي أحمد شاه مسعود، لذا فقد كانوا يتحينون الفرصة ويتمنون أسر أي عربي للانتقام لمقتل قائدهم وزعيمهم. فلما أحس العرب بأن الوضع لم يعد آمنا، بدؤوا بالخروج من أفغانستان، وعندها قررت عدم البقاء في العاصمة فخرجت إلى المناطق الريفية على أمل أن أتمكن من مغادرة أفغانستان إذا ساءت الأحوال. وقد صدقت التوقعات، فبعد خروجي من كابول بأيام قليلة، سقطت العاصمة الأفغانية في أيدي الميليشيات الشمالية التي عاثت فيها فسادا ودماراً، وقامت بالانتقام من العرب الذين وقعوا في قبضتهم، وقاموا بقتل العديد من الأفغان من الأصول البشتونية، والذين يسكنون المناطق الجنوبية والشرقية المحاذية لباكستان. كان الشماليون يقتلون الناس على الهوية وعلى الهيئة، لذا فقط سارع الكثيرون من الأفغان إلى حلق لحاهم ولبس البنطلون بدلا من اللباس الأفغاني التقليدي وذلك حتى يسلموا من القتل والانتقام العشوائي.

    ((( البحث عن العرب )))
    في ظل هذه الفوضى العارمة، كان قرار التحرك شمالاً أو جنوباً وشرقاً أو غرباً ليس سهلاً، فقد
    يقودك الطريق إلى بر الأمان، وقد يوقعك في أيدي القوت التي تبحث عن العرب لقتلهم أو تسليمهم للأمريكان للحصول على المكافآت المالية التي رصدت لمن يأتي بأي عربي حيا أو ميتاً.
    أصبح العرب بين فكي كماشة، فالأمريكيون يودون البطش بهم انتقاما لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والميليشيات الأفغانية الشمالية يبحثون عنهم لينتقموا لمقتل أحمد شاه مسعود والحصول على الجوائز والمكافآت.
    ورغم عدم صلتي لي بهجمات سبتمبر ولا بمقتل مسعود، إلا أن كوني عربياً كان يكفي لتعرضي للخطر، لذا كان الوضع يستدعي الخروج بسرعة من هذا المأزق، فكيف سيفهم الأمريكان والشماليون أنني بريء من كلتا التهمتين .
    كان من حسن حظي أن التقيت في هذه الأثناء بالأخ عمر رجب الكويتي والأخ عبد الهادي السبيعي السعودي، فقررنا التحرك معاً وبدأنا نتنقل ببطء وحذر من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى أخرى أملا في الوصول إلى الحدود الباكستانية.
    ((( الاستعانة بدليل أفغاني )))
    بلغ القصف الأمريكي ذروته، وكانت الطائرات تقصف كل شيء بشكل عشوائي ودون تمييز، وسقط آلاف الضحايا من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ.
    وقد سمعت من الإعلامي سامي الحاج مصور قناة الجزيرة والذي التقيته في معتقل غوانتنامو، بأن بعض القرى قد مسحت عن بكرة أبيها. وقد صورت قناة الجزيرة بعض هذه المجازر وغطت الأحداث بالتفصيل، فعاقبت القوات الأمريكية قناة الجزيرة بإيداع سامي الحاج معتقل غوانتنامو، رغم كونه مجرد إعلامي ينقل الحدث بكل موضوعية وحرفية.
    وصلنا مع الأخوين عمر وعبدالهادي إلى إحدى القرى، ولما علم الأهالي بوصول ضيوف من العرب استقبلونا أحسن استقبال وأكرمونا وضيفونا في بيوتهم. وفي اليوم التالي أخبرناهم بأننا قد نتعرض للخطر إذا ما وقعنا في أيدي المخالفين، فطمأنونا ووعدونا بأنهم سيساعدوننا في الوصول إلى باكستان.
    وبالفعل فقد كلفوا اثنين من رجال القرية ليرافقانا أثناء رحلة الخروج.
    ولأن السفر بواسطة السيارات غير آمن وذلك لوجود الكثير من الحواجز العسكرية في الطريق، كان من الأسلم لنا أن نخرج مشيا على الأقدام عبر القرى حتى نصل إلى باكستان.
    وقد أمّن لنا أهل القرية الملابس الأفغانية وزودونا بالطعام والشراب والملابس الشتوية وقاموا بالواجب نحونا خير قيام فجزاهم الله خيرا.
    كان الدليلان يعرفان القرى التي نمر بها ويتجنبان المرور بالقرى غير المأمونة والتي قد يغدر بنا أهلها.
    وكان الناس في القرى التي نمر بها يكرموننا ويقدمون لنا الطعام والشراب والمأوى والمبيت، وبقي هذان الدليلان معنا حتى اقتربنا من إلى الحدود الباكستانية. جاء بعد ذلك أحد الأفغان وعرض أن يقوم بتوصيلنا إلى سفارات بلادنا مقابل مبلغ من المال، وقد أراد الدليلان أن يقدما له المال، ولكننا شكرناهم وأخبرناهم بأننا سنقدم له المال بأنفسنا عندما نصل إلى سفاراتنا آمنين. بدأنا السير مع الدليل الجديد عبر المناطق الحدودية الوعرة حتى دخلنا الأراضي الباكستانية.
    خلال رحلة الخروج قطعنا الكثير من الوديان والغابات والجبال والأنهار.
    كان الجو باردا جدا، وقد نزل علينا المطر والثلج. وقد اضطررنا في المراحل الأخيرة من الرحلة أن نمر عبر جبال وعرة شاهقة جدا بلغ ارتفاعها حوالي أربعة آلاف متر.
    كنا نسير في الثلج الذي يصل مستواه إلى الركبة، وأحياناً إلى الفخذ والحوض.
    كانت الرحلة في غاية الصعوبة والمشقة حتى أن الدليل قد اضطر إلى الاستعانة بأدلة آخرين، لتجنب الوقوع في الحفر والسفوح والوديان المغطاة بالثلوج مما يعني موتا محققا.
    كان مسيرنا بالنهار حيث أن المشي بالليل كان في غاية الخطورة للأسباب التي ذكرتها آنفاً.
    كان شهر رمضان قد دخل علينا أثناء هذه الرحلة، وقد صمنا بعض الأيام واضطررنا للفطر في أيام أخرى وذلك من شدة التعب والجوع، وقد أنهينا في معتقل غوانتنامو قضاء الأيام من شهر رمضان والتي لم نستطع صيامها في أفغانستان.
    كان الناس في القرى التي نمر بها في هذه الجبال يرحبون بنا خير ترحيب ويقدمون لنا كل مساعدة ويكرموننا أفضل إكرام رغم فقرهم وحاجتهم. وكان شيوخ القرية وكبراءها يحتفون بنا ويخرجون معنا ويثنون على العرب وما قدموا من مساعدة للشعب الأفغاني، وكانوا يبدون لنا أسفهم الشديد لأنهم لا يستطيعون أن يقدموا لنا المساعدة على أكمل وجه ولا الوقوف معنا في هذه المحنة وذلك بسبب ما تمر به البلاد من فوضى عارمة وتدخل أجنبي، وكانت القرى التي تساعد العرب أو تؤويهم تتعرض للقصف والتدمير، وقد مسحت قرى بأكملها من الخريطة لأنها آوت بعض العرب، حيث قام الوشاة من ضعاف النفوس بالتبليغ عن هذه القرى واتهموا أهلها بالتعاون مع الطالبان، فقام الأمريكان بقصفها بالطائرات ودمروها عن بكرة أبيها. وهذه طبيعة الجنود الأمريكان، فهم من شدة جبنهم لا يواجهون أعداءهم وجها لوجه ولكن يقصفون القرى من بعيد فيقتلون النساء والأطفال والشيوخ.
    ((( الاختباء عن أعين المرتزقة )))
    وعلى النقيض من تلك الصور الرائعة في حب الأفغان للعرب واستعدادهم للمساعدة وتقديم أي خدمة نطلبها، بل وقد كانوا يقولون لنا بأنهم سيفدوننا بالأرواح والأولاد لأننا في نظرهم أبناء الصحابة وقد أتينا من بلاد العرب لمساعدتهم ونجدتهم، كان بعض الأفغان والباكستانيين يتجولون بحثاً عن العرب طمعا في الحصول على المكافآت المالية التي يقدمها الأمريكان لمن يسلم العرب. ورغم حاجتنا إلى الطعام والراحة، فقد كان من الطبيعي أن نختبئ عن الأنظار.
    وكنا بدلا من أن نستعين بالمارة، كنا نختبئ عنهم خشية أن يكونوا من المرتزقة المندسين بين النازحين من الأفغان.
    ففي حين كان بعض الأفغان يبحث جاهدا عن العرب لتسليمهم للأمريكان، كانت الغالبية من الأفغان يحبون العرب كثيرا ويحتفون بهم ويجلسونهم في صدر المجلس إذا زاروهم، وكان العربي إذا تكلم أصغى الأفغان إليه وأخذوا كلامه بالتصديق والتسليم المطلق. دخل علينا عيد الفطر ولكن لم يكن له طعم العيد الحقيقي عند الأفغان، فرغم أن الناس كانوا يحاولون الفرح والسرور بمقدم العيد، كان سقوط الضحايا الكثيرون من أبنائهم بل وسقوط أفغانستان كلها في أيدي القوات الأمريكية الغازية قد أطفأ الفرحة الحقيقية من قلوبهم ووجوههم.
    ((( في أيدي القوات الباكستانية )))
    بعد مسير طويل رأينا من بعيد نقطة حدودية للجيش الباكستاني، فكان أمامنا خياران فإما أن نذهب للجنود الباكستانيين ونخبرهم بأننا من العرب وأننا نريد الوصول إلى باكستان ومن ثم إلى سفارات بلداننا، وإما أن نختبئ عن أنظار الجنود ونواصل المسير حتى ندخل إلى الأراضي الباكستانية. وحيث أن أوراقنا كانت سليمة وأن دخولنا إلى أفغانستان قد تم بشكل سليم وقانوني، ولأن التعب قد بلغ منا مبلغه ولم نعد قادرين على مواصلة السير نحو المجهول، ولأن الأفغان والمرتزقة والأمريكان والجوع والعطش والتعب كانوا جميعا أعداء لنا يلاحقوننا، فقد قررنا الذهاب إلى الجنود في تلك النقطة لنطلب منهم توصيلنا إلى سفارات بلادنا في باكستان، وارتحنا لهذا القرار الذي لم يكن أمامنا خيار آخر أفضل منه في تلك اللحظة.
    استقبلنا الجنود الباكستانيون استقبالا طيباً وقدموا لنا الماء والطعام وكان الطعام عبارة عن الخبز والعدس، وأخبرونا بأن نأخذ راحتنا في التجول واستخدام دورات المياه، وطمأنونا أن الأمور ستسير على خير ما يرام، وأنهم سيأخذوننا في الصباح إلى الشرطة حيث سيتم استجوابنا بشكل سطحي لتحديد هوياتنا ثم ستقوم السلطات المختصة بتسليمنا إلى سفارات بلداننا. كان في هذه النقطة الحدودية ضابط باكستاني يتحدث الإنجليزية وكان يطمئننا ويقول بأن الأمر سينتهي على خير، وطلب منا أن نسلمه ما نحمله من أمانات وأغراض شخصية في حوزتنا، حيث سيسلمنا للشرطة الباكستانية والتي ستقوم بدورها بتسليمنا لسفاراتنا، فأعطيته ما كان بحوزتي من جواز السفر والبطاقة الشخصية ورخصة القيادة، وكان يعد معي أموالي الخاصة ويسجل كل شيء في ورقة، ثم وقع على الورقة وطلب مني أن أوقع كذلك ثم وضع الأمانات في كيس من البلاستيك.
    ((( الغدر الباكستاني )))
    بقينا في النقطة الحدودية حتى صباح اليوم التالي في انتظار السيارة التي وعدنا الضابط بتوفيرها لنقلنا إلى مركز الشرطة، ولكن السيارة تحولت إلى طائرة عمودية أرسلتها القوات الباكستانية مع فرقة من القوات الخاصة المسلحة التي ترتدي الملابس السوداء وقد تكون القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب، وكان عددهم حوالي الخمسة عشر جنديا، وتسلمونا من النقطة الحدودية، عرفنا حينها أننا قد تعرضنا للغدر والخديعة. قام الجنود بربط أيدينا وأرجلنا من الخلف بحبال غليظة وغطوا أعيننا، ثم حملونا حملاً ورمونا داخل الطائرة. وتم تعيين أربعة جنود داخل الطائرة لحراسة كل واحد منا حيث جلس الجنود على ظهورنا طوال رحلة الطائرة، فكان الأمر شاقا علينا وكانت مفاجأة غير متوقعة.
    هبطت الطائرة في مطار بيشاور حيث أخرجونا من الطائرة ورمونا رميا مرة أخرى على أرض المطار وبقينا في العراء مدة ساعتين دون أن يكلمنا أحد من الجنود، وكان ذلك اليوم هو يوم الجمعة حيث كنا نسمع الخطباء يخطبون من المساجد القريبة من المطار. ثم تم حملنا من جديد في إحدى الشاحنات مع عدد من الجنود، ولم نتمكن من معرفة عددهم لأن أعيننا كانت معصوبة، وسارت بنا الشاحنة حوالي عشرين دقيقة إلى أحد مراكز الشرطة، حيث فكوا أرجلنا وقادونا ونحن موثقي الأيدي ومعصوبي الأعين إلى زنازين وهناك فكوا أيدينا وأعيننا فاكتشفنا أننا قد تم إيداعنا في زنازين تقع تحت الأرض عليها أبواب حديدية وعددها حوالي ستة زنازين صغيرة وكنا أربعة ألأشخاص في زنزانة واحدة. كانت أرضية الزنزانة وسخة جدا، ومفروشة بسجادة شديدة القذارة. فطلبنا من الحراس أن يعطونا بعض البطانيات فادعوا عدم توفر أي بطانيات لديهم، فطلبنا منهم أن يشتروا لنا من أموالنا بعض البطانيات فرفضوا.
    وكان في الزنزانة المجاورة بعض الإخوة الباكستانيين الذين سجنوا لأنهم ساعدوا العرب على الخروج من أفغانستان إلى باكستان، فلما سمعونا نتحدث مع الحراس بشأن البطانيات، تبرعوا ببعض ما عندهم من البطانيات والوسائد والفرش وطلبوا من الجنود أن يقدموها لنا. بقينا في هذا المركز قرابة الأسبوع، كانت المعاملة في هذا السجن سيئة جدا، فلم يكونوا يسمحون لنا بالذهاب إلى الخلاء إلا قليلا، وأما الطعام الذي يقدم لنا فكان سيئا جدا، وهو عبارة عن عدس حار جدا ورغيف واحد في الغداء والعشاء، وأما الفطور فرغيف خبر واحد وبعض الشاي. ولم يكونوا يسمحون لنا بالخروج للوضوء بل كانوا يحضرون لنا الماء في قوارير لنتوضأ في الزنازين وكان ذلك صعبا لأن الماء يتجمع في الزنزانة الضيقة فتضايق المعتقلين ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر، وكنا نصلي في الزنزانة صلاة الجماعة والحمد لله. وتم التحقيق معنا من قبل جهاز الاستخبارات الباكستانية الذين أخبرتهم بأنني قد ذهبت إلى أفغانستان من أجل تقديم العون والمساعدة للشعب الأفغاني، فوعدونا خيراً وأخبرونا أنهم سيقومون بالاتصال بسفارات بلداننا لاستلامنا وإرسالنا إلى بلداننا ولم يوجهوا لنا أي اتهام.

    2/4

    ((( اللقاء الأول مع الأمريكان )))
    خلال الفترة الذين قضيناهما في سجن بيشاور، أخذنا الباكستانيون لمقابلة أشخاص في جهة لم يحددوها للإجابة على بعض الأسئلة البسيطة التي ستوجه لنا. تم أخذنا إلى إحدى الفيلات، وفوجئنا بأننا نتقابل وجها لوجه مع المحققين الأمريكان، ولكن لم يكن أمامنا خيار آخر سوى التعاون مع المحققين. تم التحقيق معي من قبل رجل وامرأة من المخابرات الأمريكية، كان المحقق من أصل لبناني واسمه عباس ويبلغ من العمر حوالي الخمسين سنة، أبيض اللون مائل إلى الحمرة، وكانت علامات الحقد والبغض تبدو على وجهه، وكان يتحدث العربية بطلاقة ولكن باستهزاء وتكبر وغطرسة، أما المرأة فكانت تتحدث العربية قليلا.
    وكنا نأمل أن يتم توجيه بعض الأسئلة العامة لنا ثم يطلق سراحنا.
    سألنا الأمريكان عن الاسم والجنسية والعمر والمؤهل وسبب الذهاب إلى أفغانستان وكيفية الدخول وتاريخ الوصول إلى أفغانستان.
    بعد الانتهاء من التحقيق، أعادونا إلى سجن مركز الشرطة وبقينا هناك مدة يوم أو يومين. عاود الباكستانيون التحقيق معنا خلال فترة مكوثنا في هذا السجن ثلاث أو أربع مرات.
    ثم أحضر لنا الباكستانيون ملابس زرقاء وقالوا لنا بأن ملابسنا التي نلبسها وسخة وأنهم سيقومون بغسلها ثم سيعيدونها لنا. لم تنطلي هذه الخدعة علينا، بل زاد يقيننا من خبث الباكستانيين وغدرهم، ولكن لم تكن أمامنا حيلة أو خيار إلا الاستجابة لمطالبهم طمعاً في انتهاء هذا الكابوس.


    ((( في قبضة القوات الأمريكية )))
    لبسنا الزي الأزرق وهو عبارة عن قطعة واحدة مصنوعة في الكويت.
    ثم تم إخراجنا من السجن واحدا تلو الآخر، وتم تقييدنا بالقيود من خلف ظهورنا وتم تعصيب أعيننا وأدخلنا في ميني باص. كانت الساعة حوالي العاشرة ليلاً، وكانت وجهتنا مطار بيشاور الباكستاني. عندما وصلنا إلى المطار سمعنا أصوات الجنود الأمريكان، فتيقنا أننا سنسلم للقوات الأمريكية وأن وعود الباكستانيين بتسليمنا لسفارات بلداننا كانت أكاذيب وخداع.
    ورغم أننا كنا نطمئن أنفسنا بأن الباكستانيين لا يمكن أن يسلمونا للأمريكان لأنه لا يعقل أن يسلمونا للكفار الذين يقاتلون الله ورسوله والمسلمين.
    ثم إن الباكستانيين قد حققوا معنا بما فيه الكفاية، وأكدوا لنا بأننا أبرياء، وأن رجوعنا إلى بلداننا مسألة وقت، ولكن عندما وصلنا إلى المطار وأصبحنا في قبضة الأمريكان، تلاشت كل الآمال في الباكستانيين وعلمنا أنهم قد خانوا وغدروا، وأيقنا أن مرحلة جديدة من حياتنا قد بدأت منذ تلك اللحظة، وأن الابتلاء الحقيقي قد بدأ الآن، فاحتسبنا ذلك عند الله وصبرنا وقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل، وذكّرنا بعضناً بعضاً بأن الله هو خير حافظاً وأنه هو أرحم الراحمين. كانت أعيننا معصوبة فلم نكن نرى شيئاً، وبدأ الأمريكيون يستعرضون قوتهم وشجاعتهم علينا، فشدوا القيود علينا أكثر واستخدموا معنا وسائل عنيفة وعاملونا بقسوة وشدة، ولم يكن هذا بمستغرب فهم يعتبروننا إرهابيين نستحق القتل والإبادة.
    ((( الترحيل إلى قندهار )))
    تم إدخالنا إلى طائرة شحن عسكرية ذات مراوح وتم إجلاسنا على أرضية الطائرة الصلبة.
    لم نكن نحن الثلاثة الوحيدون الذين أحضرنا إلى الطائرة فقد اتضح أن عددا من الإخوة العرب قد تم إحضارهم من أماكن وسجون مختلفة في نفس الوقت، حيث كنا نسمع أصواتهم وتقييدهم ولكننا لم نستطع أن نراهم لأن أعيننا كانت معصوبة، ولأن الأمريكان غطوا رؤوسنا بأكياس من الخيش قبل الصعود إلى الطائرة. كانت الرحلة متعبة جداً بسبب القيود الشديدة وطريقة الجلوس على الأرضية الصلبة للطائرة، ولأن الرحلة كانت طويلة والجو كان بارداً، ولكن الله منّ علينا بالصبر والثبات والحمد لله رب العالمين. كانت الوجهة مطار مدينة قندهار الأفغانية.
    استغرقت الرحلة حوالي الساعة والنصف، كان ذلك اليوم هو الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 2001م. تم إنزالنا من الطائرة وإجلاسنا على أرض المطار حفاة الأقدام، وكنا نلبس الزي الأزرق الذي وعدنا الباكستانيون بأنه لباس مؤقت. بقينا جالسين في أماكننا عدة ساعات، ثم نقلنا إلى منطقة أخرى من المطار وبطحنا على الأرض على بطوننا في البرد الشديد لعدة ساعات إضافية.
    ثم أخذونا لتحقيق أولي لتحديد هوياتنا وأسمائنا، وقد تعرضنا خلالها للضرب الشديد والإهانة، تم إيداعنا بعد ذلك في معتقل عبارة عن منطقة حجز مسورة بالأسلاك الشائكة وليس بها أي شيء، فكنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، ولكن شعورنا بأن الله معنا خفف عنا كثيرا من المعاناة. وفي هذا المعتقل تعرفت للمرة الأولى على الأخوين البحرينيين عبدالله النعيمي وعيسى المرباطي ولم أكن أعرفهما من قبل. جلسنا تلك الليلة في المعتقل حتى أسفر نور الصباح وكانت الحراسة علينا مشددة جداً.
    بعد بزوغ الفجر رأينا عدداً كبيراً من الإخوة العرب الذين اعتقلوا من أماكن متفرقة. تم التحقيق معنا مرة أخرى في اليوم الثاني، كانت الأسئلة تركز على السيرة الذاتية ولماذا ذهبت إلى أفغانستان ومتى، ولماذا خرجت من أفغانستان؟ ومتى؟ وكيف؟.
    بقينا في معتقل قندهار قرابة الثلاثة أسابيع تعرضنا خلالها إلى صنوف العذاب.
    كان من المضايقات التي تعرضنا لها أنهم لا يقدمون لنا من الطعام إلا القليل من الوجبات العسكرية، وكانوا يمنعوننا من النوم بالليل حيث كانوا يوقظوننا أكثر من خمس مرات كل ليلة بحجة التأكد من عدد المعتقلين وعدم هروب أحد منا، وكانوا يزعجوننا بالأصوات الصاخبة والأنوار العالية.
    تم تعذيب المعتقلين بالكهرباء والضرب والوضع في السجن الانفرادي لفترة طويلة، كان السجن الانفرادي عبارة عن صناديق خشبية مصمتة تماماً، وكانوا يحرموننا من الطعام لمدة يومين أو ثلاثة.
    ((( إلى غوانتنامو )))
    في أحد الأيام أخذت أنا وبعض الإخوة ليلاً من بين باقي المعتقلين، وبعد تقييدنا بشدة، تم نقلنا إلى معتقل آخر شبيه بالمعتقل الأول من حيث كونه منطقة محاطة بأسلاك شائكة حيث بقينا فيه حتى صباح اليوم الثاني.
    وفي الصباح تم تقييدنا من الخلف وأخذنا إلى داخل الخيام الملحقة بالسجن حيث تم حلق شعر رأسنا ولحانا ثم ألبسونا ملابس برتقالية بدلاً من الملابس الزرقاء. لم نعرف حتى تلك اللحظة ما الأمر أو إلى أين سيتم نقلنا.
    في هذا المكان تعرفت للمرة الأولى على أخي جمعة المرباطي الذي كان رفيق دربي إلى معسكر غوانتنامو وكنا أول البحرينيين الذين نقلنا إلى ذلك المعسكر، وثالث دفعة من المعتقلين الذين أرسلوا إلى معتقل غوانتنامو
    تم إغماض أعيننا وآذاننا وأفواهنا، ثم قيدونا مرة أخرى ولكن هذه المرة بطريقة أشد حيث استخدموا قيوداً حديدية وأقفالاً، ثم ربطت أيدينا إلى بطوننا بسلاسل وأقفال، ثم وضعونا في ساحة خلفية من المطار، وبقينا جالسين في العراء من العصر وحتى منتصف الليل تقريباً ونحن معصوبي الأعين والآذان. أخذنا إلى إحدى طائرات الشحن العسكرية وكانت المقاعد على جانبي الطائرة، وتم تقييد أيدينا إلى المقاعد وأرجلنا إلى أرضية الطائرة، وفي هذه المرة قاموا بتكميم أفواهنا بكمامات. أقلعت الطائرة مدة ثلاث ساعات ثم حطت في أحد المطارات، حيث نقلنا إلى طائرة شحن عسكرية أخرى دون أن يرفعوا الغطاء عن أعيننا أو يفكوا قيودنا.
    تم تقييدنا من جديد كالمرة الأولى ولكن بطريقة أشد، وكانت المقاعد في هذه الطائرة أسوأ من المرة الماضية فهي عبارة عن قماش فقط، انتظرنا في الطائرة قرابة الست ساعات وحتى الفجر حسب اعتقادي، فصلينا الفجر ثم أحسست بشروق الشمس.
    أقلعت الطائرة في رحلة طويلة ومرهقة استغرقت قرابة الأربع والعشرين ساعة أو أكثر لم نتمكن خلالها من استخدام دورات المياه ولم يقدم لنا الماء أو الطعام ولم يسمح لنا بالكلام أو الحركة، كان التعب والإعياء قد بلغ مني مبلغه وانتفخت يداي ورجلاي من شدة الربط وطول مدة القيد، كانت وجهة الطائرة هي معتقل غوانتنامو.
    أنزلونا من الطائرة، وتم ضربنا ضربا مبرحا ونحن معصوبي الأعين والأذن والفم واليدين والرجلين.
    ثم وضعنا في باصات وأجلسنا على أرضية الباص حيث لم تكن هناك مقاعد. تم أخذنا بالباصات إلى معتقل X-RAY.

    ((( معتقل X-RAY)))
    كما هو واضح من اسم المعسكر فهو يعني أنه مكشوف تماماً من جميع الجهات، فلا مجال للاختباء فضلاً عن الهرب.
    يقع المعسكر في جزء من جزيرة كوبا قبالة ولاية فلوريدا الأمريكية.
    وقد تم تشييد المعسكر قريباً من ساحل البحر، وهذا الساحل عبارة عن شواطئ صخرية مرتفعة ومطلة على المحيط الأطلسي. وكانت دوريات خفر السواحل الأمريكية تطوف المياه روحة وإياباً، هذا فضلا عن أبراج المراقبة الكثيرة والتي تحرس المعتقل طوال اليوم.
    والمعتقل عبارة عن عدد من الزنازين مقسمة إلى ستة عنابر، وكل عنبر به ستون زنزانة. والمعتقل مبني في أرض فضاء ليس فيه ما يقي من برد الشتاء والمطر أو من حر الصيف والشمس.
    والزنزانة مشيدة من الشبك من الجهات الأربع ومن السقف، أما الأرضية فمبنية من الخرسانة.
    مساحة الزنزانة حوالي مترين في متر وثمانين سنتيمتراً. للزنزانة باب من حديد وشبك. تحتوي الزنزانة على حصيرة من الإسفنج الرقيق جدا سمكه حوالي نصف سنتيمتر، وقد وضع كل معتقل في زنزانة لوحده وأعطي بطانيتين خفيفتين وشرشف ومنشفة ونعل بلاستك وسطلان أحدهما للماء الذي نستخدمه لكل شيء من الشرب والوضوء والاغتسال والآخر للخلاء وقضاء الحاجة.
    وقد كان من أشد الأمور التي تضايقنا، هي أننا لا نستطيع أن نختلي لقضاء الحاجة.
    بقينا طوال سنوات الاعتقال بالملابس البرتقالية التي كانت تغسل من حين لآخر وبشكل متقطع.
    يمكن اعتبار المعسكر حقل للتجارب النفسية والبدنية على البشر لاختبار قوة التحمل عندهم ولعمل التجارب والاختبارات التي تريد القوات الأمريكية تعميمها في حالة ثبت نجاح التجربة على معتقلي غوانتنامو.
    في بداية إيداعنا المعتقل المذكور قام الجنود بضربنا بشدة، ثم عرضنا على الطبيب، وتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وتغيير ملابسنا، ثم وضعنا في الزنازين قبيل المغرب.
    لقد حمدت الله على الطمأنينة والشعور بالثبات والذي كنت أشعر به في ذلك الوقت، والذي كنت في أمس الحاجة له، فليس من السهل أن تتصور نفسك وقد تعرضت لكل هذا الغدر والخيانة ممن تظنهم إخوانك في الدين ثم تجد نفسك في أقصى الأرض بين يدي أعدائك وفي هذه الزنازين القاسية ولا يدري عنك أحد من البشر وما تتعرض له من التعذيب والإهانة طوال الوقت، وأنت بين يدي الجلاد إن شاء قتلك وإن شاء عذبك وإن شاء فعل بك الأفاعيل على غفلة من البشر، ولكن الله شرح صدري وأسبغ علي الثبات والسكينة فحمدت الله منذ اللحظة الأولى على ما أصابني، وتذكرت نبي الله يوسف عليه السلام وقلت في نفسي ربي السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من الزيغ عن ديني.ويكثر في المعتقل وجود الزواحف والثعابين والعقارب والفئران والحشرات التي تزورنا في الزنازين.
    وكانت الأنوار القوية المسلطة والمضاءة طوال الليل لا تمنعنا من القدرة على النوم فحسب، بل وتجلب البعوض الذي يمنعنا من النوم أيضا.
    لقد تم تصميم المعسكر بطريقة تهدف إلى زيادة الضغط النفسي على المعتقلين وإضعاف عزائمهم وكسر معنوياتهم، وفوق كل ذلك فقد كان الجنود يتعمدون إزعاجنا وتشغيل مكبرات الصوت العالية لمنعنا من النوم، ولكننا مع الوقت اكتسبنا مناعة ضد كل ما مر ولم نعد نلقي لها بالاً.

    ((( محققو FBI و CIA )))
    بدأ المحققون منذ اليوم الأول في استخدام شتى أساليب الضغط النفسي معنا، فلم يسمح لنا بالوقوف أو المشي أو الانبطاح، ولم يسمح لنا بالحديث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة ولا حتى النظر إليهم أو الالتفات لهم إلا بعد مرور خمسة أيام تقريباً من وضعنا في الزنازين، عندها شعرنا بالطمأنينة والراحة النفسية، فبدأنا بالتبسم والسرور النفسي.
    وقد أخبرنا المعتقلون الذين أحضروا إلى هذا المعتقل قبلنا، فإنهم لم يسمح لهم بالكلام إلا بعد مرور أسبوعين على اعتقالهم. ولما رأى الجنود هذه الروح العجيبة، كانوا يسألوننا كيف تضحكون وأنتم في هذه الحال، ثم بدؤوا يتشددون في معاملتنا من جديد ويأمروننا بعدم الإكثار من الكلام.
    في بداية الأمر كان أمر الاعتقال والسجن شديداً جداً على نفسي، حيث كانت المرة الأولى في حياتي التي أدخل فيها السجن، وكنت أشعر بشيء من التوجس من المجهول، ولكن هذا الخوف والتردد زال بعد ذلك. تم أخذي عدة مرات للتحقيق ولم تختلف الأسئلة عن السابق حيث كانوا يسألونني عن السبب والكيفية التي ذهبت بها إلى أفغانستان، وكنت أجيبهم على قدر السؤال.
    وقد تم التحقيق معي من قبل عملاء FBI و CIA، كان المترجم الذي يترجم خلال جلسات التحقيق من أصل عربي واسمه علي. أذكر أن المحققين وعددهم أربعة عندما أخبروني بأنهم من FBI و CIA قلت لهم وما يدريني أنكم كذلك، وطلبت منهم أن يخرجوا هوياتهم لكي أتأكد من الأسماء والصور، فتعجبوا من طلبي ومن ثقتي بنفسي رغم أنني في قبضتهم وبين مخالبهم، وقد استجابوا لطلبي وأخرجوا بطاقاتهم الرسمية. ولأنني كنت موثوق اليدين والرجلين ولم أستطع مسك هوياتهم، قام المترجم علي بإطلاعي على البطاقات الواحدة تلو الأخرى وتعريفي على صاحبها فكنت أتأكد من الاسم والصورة وكان العمل. كان الهدف من التحقيق هو إقناعي بأنني إرهابي مجرم، وأنني قد ارتكبت جرماً عظيماً بحق أمريكا والإنسانية. وكنت أسألهم عن التهمة الرسمية الموجهة إلي، فكانوا لا يجيبون على هذا السؤال بل يقولون بأنني من تنظيم القاعدة ومن أتباع أسامة بن لادن، فقلت لهم أنني لا أعرف القاعدة ولا أسامة بن لادن وأنكم لم قبضوا علي في أفغانستان ولم يكن بحوزتي أي سلاح لحظة القبض علي في باكستان، وكانوا يقولون بأن لديهم أدلة سرية على إدانتي وأنهم لا يستطيعون البوح بها، وأن من واجبي أن أدافع عن نفسي وأن أدفع التهمة الموجهة إلي، فقلت لهم بأنني لا أعرف التهمة بالتحديد وأنكم ترفضون البوح بالأدلة السرية التي تدعون أنكم تملكونها. عند ذلك بدأت بالشد والصراخ عليهم مما اضطرهم إلى إلغاء جلسة الاستجواب وإعادتي إلى الزنزانة.

    ((( إهانة المصحف منذ الأيام الأولى )))
    كانت حوادث إهانة المصحف الشريف تتكرر منذ الأيام الأولى في معتقل غوانتنامو.
    وقد وقعت إحدى هذه الحوادث أمامي، حيث كان أحد المعتقلين يضع مصحفه على بطانية، فجاء أحد الجنود وقام بشكل متعمد بحركة استفزازية بهدف إثارة المعتقلين، فسحب البطانية وسقط المصحف على الأرض، فثار المعتقلين وبدؤوا بالصراخ والاحتجاج على هذا التصرف الأهوج، وأخبروه بأن هذا كتاب الله وعليه أن يحترم مشاعر المعتقلين ودينهم، فقال مستهزئاً، هل هذا هو كتابكم المقدس! ثم قام بركل المصحف عدة مرات برجله، فغضب الشباب كثيرا، وطلب مني الإخوة أن أوجه له تحذيرا بألا يكرر هذا الفعل، فتكلمت معه بشدة وغضب، فكان يشتمني ويسبني، فقام الإخوة بالتكبير الجماعي بصوت واحد مرتفع جداً، حتى أصيب السجانون بحالة من الرعب، وبدؤوا يركضون ناحية باب المعسكر طلبا للهرب.
    عند ذلك خرج الضباط من مكاتبهم ورؤوا المنظر وما أصاب جنودهم من الرعب وسمعوا أصوات التكبير والضرب على شبك الزنازين فتم استنفار الجنود واستدعيت السيارات العسكرية وتمت محاصرة المعتقل بالأسلحة الثقيلة.
    كان الأمر مروعا بالنسبة لهم، ولكن في نفس الوقت ارتفعت الروح المعنوية للشباب عندما اكتشفوا أنهم يملكون السلاح الأقوى وهو سلاح التكبير.
    بعد ذلك جاءنا المسئولون ليستفسروا عن سبب الغضب والهيجان، فأخبرناهم بما حدث، وحذرناهم من التمادي في مثل هذا التصرف، فوعدونا بأن هذه الحادثة لن تتكرر وطلبوا منا الهدوء، ولأنني كنت المترجم للإخوة حيث كنت أجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ظن الأمريكان بأنني كنت المحرك للشغب والعصيان فقاموا بنقلي من هذا العنبر إلى عنبر آخر.
    ((( الإضراب عن الطعام دفاعاً عن المصحف )))
    لقد تكررت حوادث إهانة المصحف طوال سنوات اعتقالنا رغم الوعود الكثيرة بعدم تكرار هذا الأمر. ومن هذه الحوادث أن الجنود دخلوا زنزانة أحد الإخوة المعتقلين أثناء تأديته الصلاة وقاموا بضربه دون مبرر، ثم دخلوا زنزانة أخ آخر بحجة التفتيش وكان الأخ في تلك الأثناء قد أخذ للتحقيق، وقاموا برمي المصحف وإهانته، وكان سبب هذه التصرفات أنهم أرادوا تحطيم معنويات الشباب. فانتشر الخبر بين المعتقلين في جميع العنابر، وقمنا بالاحتجاج الشديد والصراخ والتكبير والضرب على شبك الزنازين، وحاول الجنود والمسئولون جاهدين تهدئة الوضع ووعدوا بعدم تكرار الحادثة، إلا أن الإخوة لم يقبلوا اعتذارهم حيث لم تمض على الحادثة الأولى سوى أيام قلائل. ثم جاء أحد الجنرالات ومر على الزنازين وطلب من الإخوة الهدوء ووعدهم بالتحقيق في الأمر وعدم تكراره، إلا أن الإخوة لم يقبلوا الاعتذار من الجنرال، ثم تشاورنا وقررنا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على إهانة كتاب الله الكريم.
    كانت كمية الطعام في كل وجبة لا تزيد عن كأس سعة مائة ملليجرام، ورغم ذلك فلم نكن نشعر بشدة الجوع بل كنا نشعر بأن الطعام يكفينا لأن الله يبارك فيه. كانت الوجبات المقدمة عبارة عن خبزة واحدة أو توست مع بيضة مسلوقة وكأس من الحليب في الفطور، وأما الغداء فكان قليلا من الكورن فليكس وبسكويت وعلبة زبيب وكمية قليلة من المكرونة، وأما العشاء فكان كمية قليلة جدا من الرز أو اللوبيا، ثم غيروا وجبة الغداء إلى الوجبة العسكرية الجاهزة. وقد اكتشفنا بأنهم كانوا يقدمون لنا الوجبات المنتهية الصلاحية والتي كانت في طريقها للإتلاف، وقد كان بعض المعتقلين يشكون من آلام ومغص في المعدة بسبب هذه الأطعمة التي لم نكن نعلم أنها منتهية حتى أخبرنا عنها بعض الجنود الذين تعجبوا بأننا ما زلنا أحياءً وأننا لم نمت بعد، فلما سألناهم عن السبب أخبرونا بأن ما يقدم لنا من طعام منتهي الصلاحية، وقد استمر الحال ونحن نتناول الوجبات المنتهية الصلاحية أكثر من ستة أشهر، ولما علمنا بذلك امتنعنا عن تناول هذه الوجبات، مما اضطرهم إلى التوقف عن تغذيتنا بالوجبات المنتهية الصلاحية. شارك في بداية الإضراب حوالي مائتا أخ، فشق هذا الإضراب على الأمريكان أكثر من المشقة التي كنا نشعر بها، فقد كنا نتلذذ بالذود عن كتاب الله بهذه الطريقة، ولم تكن لدينا وسيلة سوى الإعلان عن احتجاجنا ورفضنا للطعام والشراب. عندما بدأنا الإضراب عن الطعام رداً على التعدي المتكرر على المصحف، جاءنا الضباط عدة مرات وطلبوا منا إنهاء الإضراب، ولما رؤوا إصرارنا على مواصلة الإضراب، جاءنا الجنرال المسئول عن المعتقل وكان يجثو على ركبته أمام الزنازين مناشداً المعتقلين إنهاء الإضراب، وكان يغرينا بتحسين الوجبات وتقديم الدجاج والسمك والشاي في مقابل أن يهدأ الشباب ويفكوا الإضراب، ولكننا لم نعره أي اهتمام.
    واستمر الإضراب وعدم التجاوب لمناشداتهم مدة أسبوع، ثم قامت إدارة المعتقل كبادرة حسن نية بتعليق الكمامات التي توضع على الأنف في جميع الزنازين لوضع المصاحف فيها، ومنعت الجنود من لمس المصاحف منعاً باتاً. فتجاوب عدد من المضربين وأنهوا إضرابهم عن الطعام، ورفض آخرون الاستجابة لهم. وبدأ عدد المضربين يتناقص حتى وصل إلى حوالي التسعين، وأما أنا فقد استمررت في الإضراب قرابة الثمانية أيام. بقي حوالي أربعة أفراد لم يفكوا الإضراب حتى قرابة الشهر ثم بقي شخصان على إضرابهم قرابة الخمسين يوماً، ثم بقي واحد من الإخوة على إضرابه عن الطعام حتى أكمل التسعين يوماً، وقد تمت تغذية المعتقلين بواسطة السيلان عن طريق الوريد وأما الذين ساءت حالتهم فقد تمت تغذيتهم عن طريق السوائل والمغذيات بوضع الأنابيب في أنوفهم. وقد مارس السجانون التعذيب على المعتقلين حتى وهم في هذه الحالة الصعبة، فرغم الحالة الصحية التي وصل إليها المضربون والضعف الجسدي الشديد، إلا أن الأطباء لم يرحموهم، فقد كانوا يغرسون أبر التغذية في أيديهم بكل قسوة وغلظة عدة مرات حتى أن الإخوة كانوا يصرخون من شدة الألم وكان الأطباء يكذبون ويعتذرون بأنهم لم يجدوا الوريد بسهولة. بعد ذلك بدأت إدارة السجن في تحسين نوعية الطعام وكميته، وقدموا لنا الدجاج والسمك واللحم ولكن بكميات قليلة جداً.
    كان لحادثة الإضراب فوائد ودروس كثيرة فقد أيقنا أن الله قد أعزنا عندما أعززنا كتابه، وأن عزتنا كانت مرتبطة تماما بعزة القرآن الكريم، وقد استفدنا من هذه الحادثة في التعامل مع إدارة المعتقل وفي التعاطي مع القضايا التي تمر بنا خلال فترات الاعتقال. وقد أيقنا أننا نحن الأعزة وإن كنا في هذه الزنازين، وأنهم هم الأذلة وإن كانوا يلبسون الملابس العسكرية ويتدججون بأحدث الأسلحة. وكنا بعد هذه الحادثة لا نقبل الدنية في ديننا، حيث كنا قبل هذه الحادثة لا يسمح لنا بالصلاة وقوفاً، ولا بالجهر في الصلاة، ولا برفع الصوت في قراءة القرآن، ولا بالتحدث مع المعتقلين في الزنازين المجاورة، أما بعد الحادثة وما تلاها من الإضراب، فقد كان الجنود يطلبون منا الجلوس أو خفض الصوت ولكننا كنا نطردهم ونقسو عليهم، بل وكنا نصلي الصلوات جماعة كل في زنزانته، وكان الجنود يتحاشون التعرض لنا واستفزازنا خشية التمرد والإضراب. وكنا بعد تلك الحادثة نقيم شعائرنا الدينية بكل حرية، ولم يكن أحد منهم يجرؤ على التعرض لديننا خوفاً من الإضراب والتمرد والتعنيف الذي سيناله الجنود من المعتقلين مما يضطره بعد ذلك إلى الهرب والبقاء بعيداً عن الزنازين. وأسأل الله أن يؤجر جميع الإخوة على غيرتهم ودفاعهم عن كتاب الله.


    ((( ممارسة الرياضة )))
    كانت إدارة السجن لا تسمح للمعتقل بممارسة رياضة المشي، وقد تم تحديد مدة الرياضة خلال السنتين أو الثلاث الأولى بحوالي ربع ساعة مرتين في الأسبوع ، ثم في السنة الثالثة أصبح مجموع الفترة التي منحوها لنا للمشي هي ثلاث مرات كل أسبوع ولمدة ثلث ساعة في كل مرة. ومنحونا فترة خمس دقائق للاستحمام بعد كل فترة مشي. كانت ممارسة الرياضة جزءاً من العذاب أكثر منها متعة وتنفيساً، فقد كان المعتقل إذا طلب منحه فترة لممارسة المشي، كان الجنود يشدون عليه أكثر، ويقيدون يده أثناء المشي، ويطلبون منه أن ينكس رأسه، لذا فقد كنت لا أرغب بالخروج للرياضة إلا نادراً، وكان معظم الإخوة كذلك لا يطلبون الخروج للرياضة، وأما بعض الذين كانوا يخرجون للمشي فقد كان مقصدهم رؤية باقي المعتقلين من العنابر الأخرى والسلام عليهم.
    ((( الخدمات الطبية )))
    كانت الخدمات الطبية المقدمة للمعتقلين في غاية السوء، بل إن الأطباء كانوا يشكلون جزءاً من فريق التعذيب.
    لقد كان بعض الإخوة يصابون بالأمراض والآلام الشديدة فيطلبون تحويلهم إلى العيادة التابعة للمعتقل، ولكن طلبهم كان يقابل بالرفض دائماً، فإذا ما أصر المريض على زيارة العيادة، كان لا يلقى العناية الطبية ولا التشخيص الجاد ولا الدواء المناسب، بل إن بعض المعتقلين تضرروا من العلاج الذي قدمه لهم الأطباء.
    وقد يكون الهدف هو تطفيش المريض وجعله يتجنب طلب زيارة العيادة، وبالفعل فقد كان المعتقلون يتحاشون زيارة العيادة أو طلب رؤية الأطباء قدر المستطاع لانعدام الثقة والأمان منهم. كما أن الأمريكان قد أرادوا أن يجعلوا من المعتقلين حقل تجارب يجربون علينا العقاقير الجديدة قبل بيعها في الأسواق. ومن المؤكد أن الأطباء كانوا يقدمون لنا بعض الأدوية المنتهية الصلاحية. كان الأطباء جزارين كذابين، حيث كانوا يحاولون إقناع بعض الإخوة الجرحى والمصابين بجروح في أرجلهم وأيديهم بأن من الأفضل بتر أطرافهم حتى لا تصاب بالغرغرينا، لكن الإخوة كانوا يرفضون ذلك رفضاً قاطعاً.
    وقد كان الأطباء النفسيون يحاولون إيهام المعتقلين بأنهم في وضع نفسي خطير وأنهم ينصحونهم بتناول بعض العقاقير المهدأة، إلا أننا كنا نرفض الموافقة على تناولها.
    كان الأمريكيون مجرمون بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فقد كانوا يتفننون في أساليب التعذيب النفسي والجسدي، ولولا فضل الله علينا وحفظه لنا، لكنا في عداد الأموات، أو ربما أصابنا الجنون والأمراض النفسية والعصبية.

    3/4

    ((( مسيلمة الكذاب في غوانتنامو )))

    كان في المعتقل مرشد ديني بنغالي الأصل اسمه سيف وهو ضابط برتبة نقيب، وكان يقول لنا أنه أخونا في الإسلام، وأنه يريد مساعدتنا، وأن الإفراج عنا قد أصبح قريباً جداً. وكنا نقول له أنه أشبه بمسيلمة الكذاب، وأنه يجب أن يخجل من نفسه بعمله مع الكفار الذين يعذبون من يدّعي أنهم إخوانه. كان هذا المسيلمة وبعض المترجمين العرب ممن كانوا يعملون مع المحققين يشيعون بين المعتقلين بأن الإفراج عنهم قد أصبح قريباً، وكان بعض الإخوة يتناقلون هذه الإشاعات رغبة في رفع المعنويات، وكنا نحذرهم من تصديق هذه الأقاويل لأنهم إنما يهدفون إلى تهدئتنا بهذه الإشاعات، وأننا لم نر من الأمريكان خيرا ولا صدقاً منذ وقعنا في أسرهم، فلماذا يصدقون معنا هذه المرة.

    ((( بداية التململ في معسكر X-RAY )))
    بدأ الشباب يتململون من طول البقاء في هذا المعسكر الرهيب وعدم معرفة المصير الذي ينتظرنا.
    فلم تكن الأمور واضحة ولم تكن تلوح في الأفق نهاية لهذا الكابوس. وبدأنا في التمرد وإزعاج الجنود والسؤال عن مصيرنا، وكنا نقول لهم إن كانت عندكم تهماً محددة ضدنا قدمونا للمحاكمة، وإلا فأطلقوا سراحنا. فكان الضباط والجنود يأتون لنا ويطمئنوننا بأن المحاكمات قريبة وأن من لم تثبت عليه تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة سيفرج عنه قريباً، وأن الكونجرس الأمريكي قد بدأ في مناقشة ظروف الاعتقال وسن القوانين المتعلقة بنا.

    ((( من معسكر X-RAY إلى معسكر دلتا )))
    بعد انقضاء أربعة أشهر من الاعتقال في معسكر X-RAY ، بدأ الجنود يتعاملون معنا بلطف وتهدئة، وكانوا يتجنبون استفزازنا، وعرفنا بعد ذلك أن الأمريكان كانوا يجهزون لنا معتقلا جديداً، لأنهم اكتشفوا أن تصميم الزنازين في معسكر X-RAY غير آمن، وأن الشبك المستخدم في بناء الزنازين لم يكن قوياً بما فيه الكفاية، فكانوا يخافون من أن يتمرد المعتقلون ويقوموا بفك الشبك وتحصل مواجهة بين المعتقلين والجنود، لذا فقد تم تصميم معسكر آخر وهو معسكر دلتا حيث تلافوا العيوب في المعسكر السابق، وكان هذا المعسكر أكثر إحكاما وشدة. وقد قضينا باقي فترة الاعتقال في معتقل غوانتنامو في معسكر دلتا، وكانت مدتها قرابة الثلاث سنوات وسبعة أشهر.

    ((( تصميم الزنازين في المعسكر دلتا )))
    كانت الزنزانة في معسكر دلتا مصنوعة من نوع مزعج من الشبك، لأن الفتحات كانت صغيرة وحلزونية الشكل وذات مقاس بوصة مربعة واحدة فقط، فكان يتعب الرائي من داخل الزنزانة إلى الخارج.
    كانت مساحة الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتر، وكان بالزنزانة سرير حديدي مرتفع عن الأرض قرابة المتر، ويوجد في نهاية الزنزانة مرحاض أرضي ومغسلة صغيرة بها حنفية، والمساحة المتاحة للحركة داخل الزنزانة لا تتعدى متراً مربعاً واحداً تقريباً.
    لقد صمم المعسكر دلتا بطريقة تهدف إلى كسر معنوياتنا حيث أن المعسكر يدار من قبل أطباء نفسانيين متخصصين في أساليب التعذيب النفسي التي قد تؤدي بالمعتقلين إلى الانهيار العصبي أو الجنون.
    كان الوضع في المعسكر دلتا أكثر سوءاً من معسكر X-RAY.
    ان المعسكر مطوقاً بأسلاك شائكة متعددة، وكانت هناك قرابة ستة حواجز أمنية بها حراسات من الأبراج وحراسات بين كل طوق من الشبك وحراسات خارجية وكاميرات مراقبة. كان المعسكر محكماً وشديداً جداً. كانت الإضاءة قوية جدا في المعتقل، وكانت الأنوار موجهة لكل زنزانة على حدة، ورغم أن المعسكر كان مشيّدا على ساحل البحر إلا أننا كنا محرومين من رؤية البحر لأن إدارة السجن قد وضعت سواتر على السياج الخارجي للسجن وذلك لمنعنا من النظر إلى الخارج.
    بدأ الجنود يشدون علينا من جديد في محاولة منهم لاستعادة جزء من هيبتهم التي فقدوها في الفترة الماضية، ورغبة منهم في معاقبة المعتقلين على ما قاموا به من تمرد واحتجاجات. ولكنهم لم يفلحوا في هذه المرة كذلك، حيث أننا قد تخطينا مرحلة الخوف من الجنود والعقاب منذ التجارب التي مرت بنا في معسكر X-RAY.
    وبدأ الجنود كذلك يتمادون في الاستهزاء بالشعائر الدينية والاعتداء على المصحف، فعاد الإخوة للتمرد والاحتجاج. كانت الإدارة تمنعنا من معرفة الوقت والتاريخ ودخول المواسم الدينية كرمضان والعيد وبداية العام وغيرها، لذلك فقد كنا نعتمد على أنفسنا في تحديد مواقيت الصلاة ودخول الأشهر وحلول المواسم الدينية، وكنا نوفق ولله الحمد إلى ذلك بصورة شبه دقيقة. وقد كانت إدارة السجن تتعمد افتعال المشاكل معنا، فكانوا على سبيل المثال يجعلون المجندات من النساء يتجمعن في أماكن اغتسال المعتقلين من أجل استفزازهم، فكان المعتقلون يرفضون الخروج للاغتسال احتجاجا على تواجد النساء. كما كانت المجندات يرافقن المعتقلين عندما يخرجون لممارسة رياضة المشي، فأضربنا عن الرياضة كذلك. واستمر الإضراب لفترة من الوقت وقمنا بالاحتجاج على هذه الممارسات السخيفة، حتى اضطرت الإدارة للانصياع لمطالبنا ومنع المجندات من القيام بهذه الأعمال.

    ((( من السجان؟ ومن المسجون؟ )))
    كان الجنود يقضون نهارهم وليلهم في اللهو ومعاقرة الخمر والنساء والرقص والملذات التي يظنون أنها ستخفف عنهم ما يقاسون من ضغط نفسي، فقد كانوا في حكم المنفيين مثلنا تماما أو أكثر. فلقد ترك الجنود بيوتهم وديارهم وأسرهم إلى هذا المكان النائي، وواجهوا ظرفا لم يكونوا يتوقعونه من قسوة الحياة وصعوبة التعامل معنا، لذا فقد كانوا يعدون الأيام والليالي للعودة إلى بيوتهم لأن الوقت يمر عليهم ببطء شديد. كان الجنود يمارسون أساليب الضغط المختلفة علينا كجزء من برنامج الترفيه النفسي، ففي الوقت الذي كانوا يشعرون بكل هذا العذاب، كانوا يشاهدون المعتقلين وهم في أحسن حال يصلّون ويقرؤون القرآن ويضحكون وينشدون ويقيمون البرامج الترفيهية ويحتفلون بالمناسبات الإسلامية كالأعياد.
    وعندما يبدأ الإخوة في التمرد والصراخ والضرب على الشبك كان الجنود يفرون كالمجانين أو كالفريسة التي تفر من الوحش الكاسر، فألقى الله الرعب في قلوبهم من أناس مأسورين في الزنازين ولا حول لهم ولا قوة لهم.

    أدى كل هذا إلى رد فعل عكسي على الجنود، وأصبحنا كأننا نحن السجانين وهم المساجين، رغم ما كان يقدم لهم من تسهيلات وتسلية للتخفيف عنهم مما يمرون به، ولكن السر الذي لم يكونوا يستوعبونه ولا يستطيعون فهمه هو أننا في معيّة الله وهم في معيّة الشيطان. تحول الوضع مع الزمن إلى تجلد وقوة وهمة عالية للمعتقلين، وأمراض نفسية واكتئاب وتعب شديد للجنود، وبدؤوا ينهارون ويبكون ويأتون إلى بعض الإخوة عند الزنازين يشتكون من إدارة السجن، وكانوا يقولون بأنهم يتمنون الموت من سوء الوضع النفسي الذي يمرون به وأنهم نادمون لموافقتهم على العمل في هذا المعسكر.
    كان الجنود يدّعون بأن إدارة السجن تفرض عليهم التعامل معنا بهذا الأسلوب، وكان بعضهم يحاول أن يتجنب التصادم مع المعتقلين واستفزازهم. وكان رئيس النوبة عندما يأتي لاستلام نوبة العمل، يأتي إلى المعتقلين يرجوهم أن يكونوا هادئين خلال فترة نوبته في مقابل أن يقدم لهم كل عون ومساعدة لأي طلب يريدونه من زيادة كمية الطعام وإطفاء الأنوار أثناء النوم، وإعادة الأغراض الشخصية للمعتقلين الذين عوقبوا بمصادرتها كالفرش وغيره.
    وقد أدى هذا الموقف إلى رفع معنويات الإخوة المعتقلين لأن السحر قد انقلب على الساحر وأن الله قد أذل أعداءه وثبّت أولياءه. وبدلاً من أن يتعب الإخوة وينهاروا فإن الجنود هم الذين تعبوا وانهاروا فعلاً. وكنا نذكّر بعضنا بعضاً بأن هذا كله من فضل الله وحده وليس بسبب قوتنا وتحملنا، ولا شك بأن التزام الإخوة بأداء الصلوات المكتوبات والسنن وقيام الليل وصيام النوافل والالتزام بالأذكار في أوقات الصباح والمساء والمداومة على قراءة القرآن وحفظه، كان له أكبر الأثر في تثبيتنا على مبادئنا الإسلامية.

    ((( مدير السجن الجديد يهودي )))
    في أكتوبر 2002م تم تغيير مدير السجن إلى الجنرال اليهودي هود ميللر الذي جاء بكل غطرسة وتجبر وكانت لديه أجندة خاصة لإجبارنا على الانصياع إلى أوامره، ولكن المعتقلين قابلوا هذا الجنرال بمزيد من العناد والتصلب وعدم التنازل أو الرضوخ إلى مطالبه. وعادت الأساليب الرخيصة من الاستهزاء بالدين والشد على المعتقلين واستفزازهم، وكنا نرد عليهم بالرش بالماء والقاذورات من خلف الزنازين ورفع الصوت عليهم والتكبير، وهكذا كنا في كر وفر معهم، هم في الفضاء الفسيح ولكن أرواحهم مهزومة، ونحن في الزنازين الضيقة ولكن أرواحنا محلقة في الأعالي.

    ((( الزنازين الانفرادية )))
    الزنزانة الانفرادية عبارة عن سجن من الحديد المصمت وهي محكمة الإغلاق من جميع الجهات ولا يوجد بها نوافذ. ويوجد بالزنزانة سرير حديدي ومغسلة ومرحاض، بالباب الحديدي للزنزانة فتحة صغيرة عليها شبك وفتحة أخرى لإدخال الطعام وكلا الفتحتين مغلقتين معظم الوقت، أبعاد الزنزانة مترين في متر وثمانين سنتيمتراً.
    فإذا ما نقّصنا المساحة التي يوضع بها السرير والمغسلة فإن المساحة المتبقية للمعتقل في الزنزانة الانفرادية للمشي والحركة والصلاة عبارة عن متر مربع واحد فقط. وأما فعبارة عن مكيف، فإذا ما أرادوا مضايقة المعتقل فإنهم يرفعون درجة البرودة بالزنزانة لتصبح كالثلاجة أو كالفريزر، فتتجمد جدران الزنازين الحديدية حتى أن راحة اليد قد تلتصق بالجدران من شدة البرودة، أو يقومون بإغلاق المكيف لتصبح الزنزانة كالتنور من شدة الحرارة.

    ((( محاولات الانتحار )))
    انت إدارة السجن تشيع بأن بعض المعتقلين قد حاول الانتحار وكانت تسرب هذه الإشاعات للخارج، وقد تكون لهذه الإشاعات مآرب متعددة منها كسر معنويات الإخوة ورفع معنويات الجنود، ومنها تشويه سمعة المعتقلين وأنهم لم يعودوا قادرين على الصمود والصبر، ومنها وهو الأهم أن أي معتقل يموت تحت التعذيب سيقولون بأنه قد حاول الانتحار عدة مرات، وأنهم فشلوا هذه المرة في إنقاذ حياته. والحقيقة أنه لم يحاول أي من المعتقلين الانتحار ولم يفكر حتى بذلك، فكيف يعكف المعتقل على حفظ كتاب الله، بل إن غالبية المعتقلين أتم حفظ كتاب الله في المعتقل، مما يدل على الهمة العالية عند المعتقلين، ثم يقدم على الانتحار وهو يعلم أن المنتحر جزاؤه الخلود في النار. وعلى العكس فقد كان الأطباء يعالجون مرضاهم النفسيين من الجنود الأمريكان ويقدمون لهم العقاقير المهدأة، وكانوا يحاولون جاهدين إقناعهم بالعدول عن فكرة الانتحار، وبالفعل فقد أقدم العديد من الجنود على الانتحار ونجح بعضهم في ذلك.

    ((( إرجاع المصاحف إلى إدارة السجن )))
    بعد تكرر حوادث إهانة المصحف تيقنا بأن إهانة المصحف تأتي ضمن برنامج مخطط وليس بسبب تصرفات فردية من بعض الجنود. ومما يؤكد ذلك قيام المحققين بمعاقبة بعض المعتقلين عندما لا يتجاوبون معهم بسحب المصاحف منهم من قبيل الضغط علينا لكي نتجاوب ونرضخ. وكنا نرفض استخدام كتاب الله كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي على المعتقلين. ورغم أن المصحف كان عزاؤنا وملاذنا وسندنا، إلا أننا تشاورنا وقررنا إرجاع جميع المصاحف إلى إدارة السجن احتجاجا على هذا التصرف. ولما رأت الإدارة بأن جميع المعتقلين متفقون على إرجاع المصاحف، رفضت استلام المصاحف وبدأت في السؤال عن السبب، فأخبرناهم بأن القرآن كتاب الله وهو دستور المسلمين وأننا أحرار في قبول المصاحف أو إرجاعها، ولكن إدارة السجن رفضت سحب المصاحف بل وأرسلت قوات الشغب لإدخال المصاحف علينا بالقوة، وقاموا برش مادة خانقة ومخدرة علينا أثناء دخولهم علينا في الزنازين ولكننا أصررنا على إعادة المصاحف حفاظا عليها من تصرفات الجنود الأوباش.

    ((( الدور المشبوه للصليب الأحمر )))
    كان الصليب الأحمر يشارك في الجريمة التي يتعرض لها الإخوة، وفي تلفيق الأكاذيب ضدنا. وكان موظفو الصليب الأحمر يعينون الجنود أثناء التحقيق باستدراج المعتقلين نفسيا للبوح ببعض المعلومات التي لا يتمكن المحققون من الحصول عليها من المعتقلين أثناء التحقيق. وقد ينخدع المعتقل في بعض الأحيان بأن الصليب الأحمر قد جاء لمساعدته ومن ثم يعطيه بعض المعلومات التي يقوم رجال الصليب الأحمر بنقلها للمحققين.
    كنا نشكو للصليب الأحمر بأن الماء الذي نشربه في الزنازين كان ملوثا، وكانوا ينفون ذلك بشدة ويدعون أن الماء نقي وصحي، فكنا نطلب منهم أن يشربوا منه ليثبتوا لنا أنهم صادقين، فيرفضون الشرب منه.
    كان موظفو الصليب الأحمر يكذبون علينا ويعطوننا الوعود والآمال عن قرب الإفراج عنا إذا ما تعاونا مع المحققين.
    لذلك فقد كنا متيقنين بأن هؤلاء يحملون من الحقد على العرب والمسلمين بنفس القدر الذي يحمله ضدنا الجنود الأمريكيون، مما يؤكد أن الصليب الأحمر كان يقوم بدور مشبوه في المعتقل.

    ((( التحقيق المتقطع )))
    لم يكن التحقيق مع المعتقلين يتم بشكل منتظم وإنما كان يتم بشكل متقطع وفي فترات متباعدة، وأما بالنسبة لي فلم تتجاوز عدد مرات التحقيق معي طوال الأربع سنوات ثمانية عشر مرة. كان التحقيق منصبا على السؤال عني وعن وضعي في السجن وأسئلة عن بلدي وعن الوضع السياسي في البحرين والجماعات والتنظيمات السياسية فيها وعلاقتي بهذه التنظيمات.
    كانوا يعرضون علي صوراً لأشخاص من البحرين ومن خارج البحرين ولكنني كنت أغمض عيني وأبدأ في قراءة القرآن بصوت عالٍ من باب الرفض لسماع الأسماء ورؤية الصور، وكانوا يقولون لي بأن من مصلحتي التعاون معهم لأن ذلك سيعجل بإطلاق سراحي، فكنت أقول لهم بأنهم يسألون عن أمور لا علاقة لي بها وأنهم اعتقلوني بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة والقتال في أفغانستان، فإن كان لديهم أية أسئلة تتعلق بهذه الموضوعات سأجيب عنها.
    لكنهم لم يسألوني قط عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولا عن أحداث أفغانستان أو الحرب على ما يسمونه بالإرهاب.

    ((( وسائل التعذيب )))
    إن وسائل التعذيب التي تمارس ضد المعتقلين كانت متنوعة ومتجددة بشكل دائم، وقد استخدموا أساليب قاسية جداً، منها الضرب المبرح والتقييد إلى الأرض بشكل مسمر لمدة ثماني وأربعين ساعة مع المنع من أداء الصلاة والذهاب إلى الحمام وعدم تقديم الطعام والشراب، ومنها تقييد الرجلين إلى اليدين من الخلف بشكل مؤلم، والتحرش الجنسي من قبل المجندات وتعري المجندات أمام المعتقلين وتلويث أجسادهم بدم الحيض، كما كانوا يهددون المعتقلين بالاعتداء عليهم جنسياً، وكانوا يقومون بإدخال قوات الشغب إلى غرف التحقيق لإرعاب المعتقلين وضربهم، وكانوا يقومون بتشغيل الموسيقى الصاخبة في الليل والنهار على المعتقل أثناء التحقيق معه مع تسليط الأنوار العالية على أعينهم طوال الليل لمنعه من النوم، فإذا ما أغلق عينيه رشوا عليه مادة حارقة في الأنف لإرغامه على فتحهما.
    وكانوا يضعون المعتقلين في الزنزانة الانفرادية لفترات طويلة.
    وقد وضعوني في السجن الانفرادي مدة شهر كامل، ووضع غيري من الإخوة لمدة تصل إلى ستة أشهر أحياناً وتحت درجات حرارة عالية أو منخفضة، وكانوا يهددوننا بإدخال الكلاب علينا في الزنزانة، وقاموا بمصادرة الفرش وقطعة البلاستيك الرقيقة المفروشة على أرضية الزنزانة لمدة تزيد على الشهر مما يضطر المعتقل للنوم على الخرسانة.
    كانت إدارة السجن تتلاعب بالطعام المقدم لنا بحيث تخلط الأرز المطبوخ بأرز غير مطبوخ، أو تخلط الخضروات السليمة بخضروات فاسدة عفنة تفوح منها رائحة كريهة.
    وكانوا يزعجوننا أثناء أداء الصلوات بتعمد رفع الصوت وافتعال الإزعاج حتى يشوشوا علينا في الصلاة. وكانوا يغسلون العنابر ويكنسونها في أوقات النوم لمنعنا من النوم، ولكننا ولله الحمد كنا نتأقلم مع الظروف المتجددة.
    لقد استخدم المحققون معنا جميع أساليب الترغيب والإغراء، فقد كانوا يمنوننا بإعطائنا الأموال والعودة إلى بلادنا مع توفير متع الحياة الغربية وتم إغراؤنا بالنساء وهم من يدعي حفظ حقوق المرأة والدفاع عن كرامتها، ووعدونا بمنحنا الجنسية الأمريكية إذا قدمنا لهم المعلومات والأدلة التي تدين بعضنا البعض أو تفيدهم فيما يسمونه الحرب على الإرهاب.
    ومن أساليب التعذيب النفسي أن يقوم الجنود بإخبار المعتقل بأنه سيفرج عنه ويعطونه ملابس عادية ليلبسها ويأخذونه إلى الطائرة، وعند باب الطائرة يقولون له أنه قد حصل لبس في الأسماء ثم يعيدونه إلى الزنزانة.
    ولكننا لم نرضخ لوسائل الترغيب والترهيب. وكانت تصرفات الجنود في نظرنا أقرب إلى تصرفات الأطفال أو المخبولين، وأيقنا بأنهم ليست عندهم مروءة ولا رجولة وأنهم لا يفهمون شرف الجندي الحقيقي، وأيقنا كذلك أنهم جبناء إلى درجة لم نكن نتصورها.

    ((( البرنامج اليومي من الصباح وحتى المساء )))
    شجع المعتقلون بعضهم بعضا على تنظيم الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل لما في ذلك من رفع للمعنويات وطرد للهموم ووساوس الشطان.
    فكان البرنامج اليومي حافلاً بالفقرات، فيبدأ بصلاة الفجر ثم الأذكار والتسبيح حتى الشروق ثم نصلي صلاة الضحى حتى وقت الإفطار، ومن بعد الإفطار يبدأ برنامج حفظ القرآن والتلاوة والمراجعة والتسميع.
    ثم نقوم بمزاولة بعض التمارين الرياضية في المساحة المتاحة لنا داخل الزنزانة، ثم تبدأ فقرة التواصل والدردشة بين المعتقلين حتى وقت صلاة الظهر ثم الغداء ثم القيلولة وأخذ قسط من الراحة حتى وقت صلاة العصر.
    ومن بعد صلاة العصر يبدأ البرنامج الرياضي والثقافي حيث نقوم بحفظ بعض الأحاديث النبوية والأشعار والأقوال، ثم نبدأ بتلاوة أذكار المساء المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقت صلاة المغرب.
    ومن بعد الصلاة تبدأ البرامج العامة في كل عنبر كالنشيد الجماعي والاستماع إلى الكلمات والمواعظ والدروس الفقهية وغيرها من العلوم الشرعية التي يقدمها بعض طلبة العلم حتى صلاة العشاء.
    وبعد الصلاة تبدأ فترة الهدوء والاستعداد للنوم حتى نقوى على قيام الليل قبل صلاة الفجر. وكان بعض المعتقلين يتسامرون بعد صلاة العشاء لفترة وجيزة ويتحدثون عن مشاريعهم المستقبلية بعد الخروج من المعتقل، فلم يكن هناك مكان لليأس في قلوب المعتقلين، بل كان الجميع على ثقة ويقين بأن السجن وإن طال فإن الله لن ينسانا، ولا بد من بصيص نور في نهاية النفق المظلم. وقد كان هذا البرنامج الحافل والجلسات الجانبية مع الإخوة جميلاً ومفيداً ورافعاً للروح المعنوية لنا جميعاً.

    ((( المحامين )))
    استلمت رسالة من أحد مكاتب المحاماة الأمريكية تعرف بالمكتب والأنشطة القانونية التي يقومون بها، وأنهم يودون تمثيلنا والترافع لصالحنا أمام المحاكم الأمريكية بشكل تطوعي، وقد أخبروني بأنهم سيرسلون لي اثنين من المحامين التابعين لهم للتعريف أكثر بالمكتب ولأخذ موافقتي الرسمية على الترافع عني وتدوين إفادتي عن كيفية الاعتقال والتهم الموجهة لي من قبل المحققين الأمريكيين.
    وفعلا فقد قام اثنان من المحامين بزيارتي في المعتقل في سبتمبر 2004م. وعندما جاء المحاميان عرفوني بأنفسهم وأكدوا التعريف بالمهمة التي حضروا من أجلها، ثم ذكروا لي أنهم يودون التحدث معي بإسهاب عن قضيتي حتى يتسنى لهم الدفاع عني.
    فقلت لهم بأنني أود الاطلاع على ما يثبت أنهما المحاميان اللذان ورد اسماهما في الرسالة فأخرجا لي بطاقة التعريف، فقلت لهم بأنني أود أن أرى أي بطاقة رسمية أو جواز سفر أو رخصة السياقة للتحقق أكثر من هوياتهم، فأخرجا لي بطاقاتهما، ولما تيقنت أنهما المحاميان المعنيان وافقت على بدء التعامل معهما وأخبرتهما عن قصتي باختصار من يوم دخولي أفغانستان وحتى ساعة اعتقالي.
    تكررت زيارة المحامين لي خمس مرات خلال فترة الاعتقال الأولى في عام 2004 والزيارات الأربع التالية في عام 2005. وكان المحامون في تلك الزيارات يخبرونني بتطورات سير القضية في المحاكم الأمريكية، وأنهم متفائلون بكسب القضية لصالحنا، وأن قضيتي قد عرضت على المحكمة الأمريكية الأولى وانتهت لصالحي، وأنهم ينتظرون نتيجة القضية في المحكمة المتوسطة.
    كان المحامون مؤدبين ومحترمين وكانوا يودون خدمتنا وتوصيل ما نرغب من أخبار شفهية لأهلنا حيث لم يكن يسمح لهم بإحضار أية أشياء لنا من كتب أو ملابس أو رسائل من أهلنا، كما كانوا يقولون بأن إدارة المعتقل تفرض على المحامين أن يفصحوا لهم عن أي قضايا تدور أو تناقش بينهم وبين المعتقلين.
    كما أخبرنا المحامون بأن هناك حقوق مقررة لنا كمعتقلين ولكن إدارة المعتقل تحرمنا من معرفتها، بل وتحاول أن تضيق على المحامين حتى يتركوا القضية.
    كنت أخشى أن يكون هذان المحاميان من عملاء مكتب التحقيقات وأنهما يقومان بتمثيل دور المحامي، حيث لم يكن من السهل أن أثق بأي أحد من الأمريكان بعد المعاناة التي عشتها في قبضتهم طوال هذه السنوات.
    كما كنت أجزم في فترة من الفترات أن مسألة المحامين هي جزء من المسرحية الإعلامية التي تمارسها الإدارة الأمريكية على المجتمع الدولي سواء بعلمهم أو بدون علمهم بغرض تخفيف الضغط الذي تتعرض له الإدارة الأمريكية، وكنت أخبر المحامين بهذا الشعور الذي ينتابني، فكانوا ينفون بشدة هذه الظنون ويقولون بأنهم يدافعون برغبة صادقة من المكتب ومنهم شخصيا.

    4/4
    ((( قصة العودة )))
    قبل أسبوعين من الإفراج عني أراد الجنود أخذي للفحص الطبي وذلك لأول مرة منذ أن أودعت المعتقل، وأخبروني بأنها زيارة روتينية وأن الطبيب يرغب في فحصي، ولكنني رفضت الذهاب لأنني لم أكن أشكو من أي مرض، ولأنني طلبت الذهاب إلى الطبيب مرارا بسبب اعتداء قوات الشغب علي وإصابتي بآلام شديدة في رجلي ، كما اشتكيت سابقا من آلام في الأذن وطلبت زيارة الطبيب ولكنهم لم يستجيبوا لطلبي، وأنا الآن لم أطلب زيارة الطبيب ولم أشتكي من أي مرض وهم يلحون علي بضرورة مراجعة المريض، وقالوا بأن الطبيب يريد فحص أذنك لأنك كنت تشتكي من الألم وذلك رغم مرور أكثر من شهر على طلبي زيارة العيادة، وقد خف الألم فلم يكن هناك داع لزيارة الطبيب.
    ثم جاء أحد الضباط الأطباء إلى الزنزانة وطلب مني أن أرافقه للعيادة.
    وبعد رفض متكرر، وافقت على الذهاب معهم، فأخذني الجنود إلى العيادة، وبدؤوا بفحص جسمي للتأكد من عدم وجود آثار للجروح أو الإصابة جراء التعذيب، ثم سألوني إن كنت أشتكي من أي شيء، فأخبرتهم بأنني أشتكي من الألم في ركبتي، فقالوا لي بصريح العبارة إننا نسأل عن الجروح الظاهرة فقط والتي يمكن مشاهدتها بالعين، فلما رأوا أن جسدي سليم من الجروح اطمأنوا.
    فسألت الطبيب عن سبب هذا الفحص فقال بأن لديهم أوامر لفحصي وليس عندهم علم بالسبب.
    وبعد إعادتي للزنزانة جاءني الممرض وأحضر لي شامبو لحساسية الرأس كنت قد طلبته من الطبيب، وقال لي بأنني يمكن أن أطلب أي كمية من هذا الشامبو، فزاد الأمر من استغرابي وقلت لعل الأمر يتعلق بقرب الإفراج عني ولكنني وكلت الأمر لله.
    وبعد أيام من هذا الكرم الطبي أخذوني على معسكر آخر حيث قابلت أحد الضباط وكلمني بكل احترام وعرف نفسه بأنه ضابط من الشؤون القانونية وأخبرني بأنهم سيفرجون عني قريبا جدا ولكن لم يحدد لي تاريخ الإفراج.
    ثم قال بأن هناك شروطا للإفراج عني وعلي أن أوقع على اتفاق بينني وبين وزارة الدفاع الأمريكية، وسلمني بعض الأوراق المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية فلما قرأتها رفضت الانصياع لشروطهم وقلت له بأنني لن أوقع على أي أوراق لأنكم كذابون وقد ظلمتموني بوضعي في السجن من غير توجيه أي تهمة لي مدة أربع سنوات، فحاول إقناعي بأن من مصلحتي التوقيع والموافقة ولكنني لم أخضع لكلامه وإغراءاته وتشويقي بقرب الخروج والعودة إلى الوطن، وأن شرط الخروج هو التوقيع على الأوراق.
    فقلت له بأنني مستعد لقضاء أربع سنوات أخرى في المعتقل ولكن لن أفرط في كرامتي والثبات على مبادئي.
    وفي اليوم التالي أخذوني إلى أحد المكاتب وأخذوا مقاسي ومقاس رجلي وكانوا يريدون أن يفصلوا لي بنطلونا، وأخبروني بأن من الممكن أن أطلب أي وجبة أريدها، فطلبت أن آكل السمك رغبة مني في معرفة صدقهم من كذبهم، فوعدوني بإحضار ما طلبت.
    وفي يوم الإفراج أخذوني إلى معسكر إيكو وهو على شاكلة المعسكر دلتا الذي كنت فيه، وأخذوا بصمات أصابعي وعيني إلكترونيا، ولما رفضت فتح عيني للبصمة، أحضروا لي ستة جنود فتعاركت معهم ولكنهم استطاعوا ربطي في الكرسي بعد عراك طويل وأخذوا بصمة عيني.
    ثم جاؤوا لي في الليل وعاقبوني بسبب العراك وأخذوا مني كل ما في الزنزانة من فرش وغيره وكانوا متجهمين غاضبين ولكنني لم أعرهم أي اهتمام وقابلت شدتهم بشدة أكثر.
    ثم احضروا لي وجبة طعام عادية ولم يحضروا لي السمك الذي طلبته، فرفضت الوجبة وأصررت على إحضار وجبة السمك التي وعدوني بها، وكنت أظن بأن إحضار السمك دليل على أن زعمهم بالإفراج عني حقيقة وليست ضمن الحرب النفسية، فلما رؤوا إصراري على ذلك ذهبوا وعادوا بوجبة السمك المختلفة ولكنهم صادروا العصير والفاكهة والسلطة التي وعدوني بها كذلك. فلما رأيت السمك علمت أن الليلة هذه هي ليلة الإفراج عني ففرحت ولكنني لم أبد لهم أي علامات على سروري.
    وقضيت وقتي بشكل طبيعي حتى منتصف الليل حيث جاءوني وطلبوا مني تغيير ملابسي ولبس البنطلون الجينز والتي شيرت الأبيض وقالوا بأنهم سيأتون لأخذي بعد ساعة.
    كان الجندي يسألني إن كنت مسرورا بإطلاق سراحي؟
    فقلت له : لا فرق عندي بين البقاء والرحيل فقد كنت أخشى أن تكون هذه الحركة ليست حقيقية كما حدث مع غيري من المعتقلين، ولم أكن لأثق في كلامهم إلا عندما أرى أرض البحرين من الطائرة.
    فقال لي: كيف لا تفرح وأنت ستذهب الآن إلى بلدك وأهلك بعد طول سجن؟
    فقلت له: إنه لا فضل لكم علي فقد سجنتموني ظلما لأربع سنوات ثم ها أنا سأخرج بفضل الله وحده وليس لكم فضل علي ولا منة، ثم جاء الجنود وكبلوني بالحديد في يدي ورجلي وبطني بقفل كبير.
    كما فعلوا بي يوم أن أخذوني من قندهار إلى غوانتنامو. كان ذلك قرابة الساعة الثالثة صباحا وكان معي الأخوين عبدالله النعيمي وسلمان الخليفة من البحرين وكان معنا أخ سعودي اسمه ماجد الشمري، حيث وضعنا في باص ورافق كل واحد منا جنديان يحرسانه.
    كانت السيارة مغطاة برايبون سميك بحيث لا نرى شيئا بالخارج تقريبا، ثم ربطوا أيدينا وأرجلنا إلى أرضية السيارة.
    تم أخذنا إلى مرفأ بحري ونقلنا بالعبارة إلى الجانب الآخر من الجزيرة حيث يقع مطار قاعدة غوانتنامو.
    تم إنزالنا في المطار ورأينا الطائرة المعدة لنقلنا وكانت طائرة عسكرية كبيرة لونها أخضر داكن.
    تم تسليمنا للجنود عند باب الطائرة وقاموا بتفتيشنا وقسوا علينا في الحديث.
    وعند باب الطائرة طلب منهم أحد الضباط أن يغطوا آذاننا وأعيننا كما فعلوا بنا في رحلة البداية ثم قيدوا أيدينا إلى الكرسي وأرجلنا إلى الأرض، فسألناهم لماذا تقيدوننا بهذه الطريقة ونحن في رحلة العودة والإفراج!
    فقالوا :بأن هذه إجراءات أمنية لا بد منها.
    كان الوقت عند الفجر فصلينا الفجر ثم طارت بنا الطائرة قرابة الاثنتي عشرة ساعة متواصلة حتى حطت في مطار قد يكون في تركيا أو ألمانيا.
    وكنا نسأل المترجم عن أوقات الصلاة ونقول لهم بأنه من الضروري أي يخبرونا عن غروب الشمس وغيرها فكان المترجم يخبرنا بالأوقات.
    ولأننا لم نكن نستطيع الوضوء فقد كنا نتيمم وذلك بضرب أيدينا على الكرسي قدر استطاعتنا ولكننا ولله الحمد لم نفوت الصلاة حتى ونحن في هذه الحالة.
    كما لم يسمحوا لنا باستخدام دورات المياه طوال فترة السفر، وقد أحضروا لنا بعض الفواكه دون أن يسمحوا لنا بفك قيودنا أو رفع الغطاء عن أعيننا لنعلم ما يقدم لنا، فأكلنا بعض الفاكهة ولم نأكل اللحم خشية أن يكون لحم خنزير.
    كانوا يشدون السلاسل في أيدينا كل فترة لإزعاجنا وكنا نتج عليهم، فقالوا بأنه إجراء أمني للتأكد من أنها ما زالت مقيدة. كانوا يظهرون لنا الحقد الكثير لأنهم يعرفون أننا في طريق العودة لأوطاننا فكانوا يريدون الانتقام منا وإغاظتنا ولكننا كنا نواجههم بقوة وقسوة ولا نقبل إهانتهم لنا حتى في اللحظات الأخيرة قبل العودة إلى الوطن.

    ((( في أرض الوطن )))
    وصلنا إلى البحرين بعد رحلة استغرقت حوالي أربعة وعشرين ساعة وكنا طوال الوقت مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين والآذان والأفواه.
    ولما وصلت الطائرة إلى أرض البحرين شعرنا بالفرح الشديد والأمان لوصولنا إلى بلدنا الحبيب
    ولما أرادوا إنزالنا من الطائرة أمرهم الضابط الأمريكي بفك قيودنا قبل إنزالنا من الطائرة لكي يظهروا أمام الكاميرات بأنهم قد أحسنوا معاملتنا بالطائرة.
    وقد تعذر عليهم فتح الأقفال من أيدينا وأرجلنا، فطلبوا مقصا للحديد من خارج الطائرة لقص الأغلال.
    تم مسكنا كل واحد من قبل جنديين وكنت أول من نزل من الطائرة وأنزلونا بكل حنان وإنسانية كعادة الأمريكان في الكذب والخداع على العالم.
    تم تسليمنا لشرطة البحرين وكان على رأس المستقبلين العقيد عادل الفاضل، كما كان بالمطار عدد كبير من الحضور الذين لم أعرفهم.
    أذكر أن العقيد عادل احتضني وقال لي: أهلا بك في بلدك ثم قام الجميع بالسلام علينا وحمدوا الله على سلامة عودتنا إلى أرض الوطن.
    أخذنا رجال الأمن بسيارات مدنية، كل واحد منا في سيارة ومعه رجلا أمن بكل أدب واحترام وذهبنا إلى النيابة العامة، وكان في استقبالنا العقيد علي الذوادي والعقيد علي البوعينين والعقيد أحمد بوزيد.
    وكان استقبالهم لنا بكل أخوة واحترام وثبتوا لنا محضر وصول بسيط وشكلي وسلموا لي معظم الأمانات التي أخذها مني الباكستانيون، ثم اتصلوا بأهلنا وطلبوا منهم أن يحضروا لي الملابس العربية.
    جاء إخواني الثلاثة لاستقبالي وكانوا يبكون من شدة الفرح وعدم التصديق وكنت في غاية الفرح والسرور.
    كانت وجهتنا الأولى بيت والدتي حفظها الله حيث اجتمع الأهل جميعا هناك، وعندما وصلنا إلى المنزل كان في استقبالي عدد كبير من المهنئين الذين علموا بوصولنا.
    وقد رأى الإخوة أن أجلس في مجلس الجامع المجاور لبيت والدتي لاستقبال الضيوف الذين لم ينقطع توافدهم لعدة أيام، فاستأذنتهم للدخول والسلام على والدتي وزوجتي وابنتي وأخواتي ووالدة زوجتي وباقي الأهل والجيران من النساء اللاتي تجمعن في بيت الوالدة وفي أيديهم المشموم والرازجي والأموال لكي ينثروها علي لحظة دخولي المنزل.
    كان الموقف مفرحا بشكل لا أستطيع وصفه، وكان الجميع يبكون بصوت عالٍ.
    وكانت ابنتي هاجر تبكي وأنا احتضنها وأطمئنها بأنني قد عدت إليها وهي شابة متدينة وعاقلة وخجولة وقليلة المزاح.
    وقد طبخت الوالدة لي غداء كنت أحب أكله من قبل، فاستأذنتها أن أذهب للسلام على الناس ثم أعود، ولكن جموع المهنئين لم ينقطعوا من الظهر وحتى العشاء.
    لا أستطيع أن أصف شعوري تجاه أهل البحرين فقد وقفوا معنا في محنتنا ولم ينسونا في غربتنا ولم يبق أحد إلا وأتى للسلام علينا، المسئولون والعلماء والمشايخ وطلبة العلم والنواب والأهالي والصغار والكبار والنساء والرجال والأطفال فجزاهم الله خيرا كثيرا.
    وأخيرا وليس آخرا فإن استقبال الحكومة وما قامت بعمله من جهود مشكورة للإفراج عنا وما وعدونا به من تعويض مادي ومعنوي وما وصلنا من سلامات وتحية من كبار المسئولين دليل على طيبة هذه الأرض والوطن ملكا ونوابا وحكومة وشعبا. كما لا يفوتني أن أشكر النائب الشيخ محمد خالد إبراهيم رئيس اللجنة الوطنية لمناصرة الأسرى المعتقلين في سجون غوانتنامو وأعضاء اللجنة والسيد نبيل رجب على جهودهم الطيبة في سبيل قضيتنا.
    ((( حكايات من معتقل غوانتنامو )))
    إن الحوادث التي تؤكد عدم احترام الأمريكان لحقوق الإنسان لا تعد ولا تحصى، وفيما يلي بعض هذه الانتهاكات:
    • بينما كان أحد المعتقلين يمارس الرياضة وأثناء المشي داس من غير قصد على طرف وزغة فانقطع ذيلها فأخذ الذيل ورماه، فرآه أحد الجنود فاستدعى على عجل مسئولي السجن وأطباء العيادة النفسية وقالوا له: لماذا حاولت قتل الوزغة؟ فقال: بأن ما حدث لم يكن عن قصد منه، ولكنهم أخبروه بأنه تعدى على هذا الحيوان دون وجه حق وأن عليهم حماية الزواحف والحيوانات، ثم قرروا حبسه في السجن الانفرادي مدة أسبوعين عقابا له على الجريمة التي اقترفها وسحبوا الفرش وأخذوا بنطلونه وتركوه في السجن الانفرادي بملابسه الداخلية طوال هذه المدة.
    هذا رغم أن الوزغة لم تمت فكيف لو ماتت!
    • أخ آخر دخل عليه عنكبوت سام فحاول إبعادها من الزنزانة ولما لم يفلح ضربها بالنعل وقتلها، فرآه أحد الجنود وبلغ عنه إدارة السجن فقامت بمعاقبته. فانظر إلى هذا التناقض والاستهتار في المفاهيم حين يقوم هؤلاء المجرمون بالتعدي على البشر بالظلم والقتل والاضطهاد ثم يدعون حفظ حقوق الزواحف والعناكب.
    • كان أحد الإخوة المعتقلين يجيد التحدث باللغة الإنجليزية وكان كثير التشاجر مع المحققين ويجادلهم بأنهم يكذبون بادعائهم احترام حقوق الإنسان، فليس للإنسان قيمة عندهم في الواقع. فضمروا له العداء وتحينوا الفرصة للانتقام منه.
    وفي إحدى المرات حصل بعض الشد بينه وبين إحدى المجندات، فأحضروا له الشغب ودخلوا عليه الزنزانة وقاموا برش المادة الخانقة على وجهه ثم ضربوه ضربا مبرحا حتى أدموه وسال الدم من رأسه وفمه وعينه وأنفه ويديه، وكنا نصرخ ونضرب على الشبك ولكن دون فائدة حتى غاب عن الوعي من شدة الضرب وظننا أنه قد مات، ثم أخذوه إلى العيادة للعلاج وظل هناك لفترة طويلة.
    • الشيخ عبدالسلام ضعيف كان سفير دولة طالبان في باكستان وكان المتحدث الرسمي باسمها وهو في عرف الدول يعتبر شخصا دبلوماسيا له حصانة.
    رفض الشيخ عبدالسلام الخروج في إحدى المرات للغسل والسبب هو أنهم يعطون المعتقل خمس دقائق فقط للغسل ولكنهم كثيرا ما يقطعون الماء عنا بعد مرور دقيقة أو دقيقتين ويعيدوننا إلى الزنزانة والشامبو لا يزال في رؤوسنا فكنا نعترض على هذا الإجراء التعسفي بالامتناع عن الذهاب للغسل، فأخرجوه بكل قسوة بواسطة قوات الشغب وضربوه ضربا مبرحا وحلقوا شعر رأسه ولحيته ثم سجنوه في السجن الانفرادي.
    • كان الجنود يقدمون لنا كمية بسيطة من الطعام بحيث تبقينا على قيد الحياة فقط، وكانت الكمية المقدمة لنا لا تزيد عن مقدار إصبع من أصابع اليد، رغم أنهم يرمون كميات كبيرة من اللحم والدجاج في الزبالة أمام أعين المعتقلين، وعندما نسألهم: لماذا يرمون الطعام ولا يقدمونه لنا؟، يقولون: بأننا لا نستحق الطعام وأننا نأكل أكثر مما نستحق.
    وكانوا يسرقون بعض الطعام المخصص للمعتقلين كالزبادي أو الخبز أو البيض، فكانوا يأخذون بيضة واحدة ويعطوننا أخرى، أو يعطوننا خبزة واحدة ويسرقون أخرى، وكانوا في رمضان يخصصون عشر تمرات لكل معتقل، ولكنهم كانوا يقدمون لنا ثلاث تمرات ويرمون الباقي في الزبالة.
    وفي الفترات التي أعقبت الإضراب عن الطعام وعدتنا الإدارة بتقديم الكورن فليكس ثلاث مرات في الأسبوع ولكن الجنود كانوا يقدمونه لنا مرة واحدة في الأسبوع ويخفون الباقي ويأكلونه بأنفسهم.
    وقد كنا نراهم يضعون البيض المسلوق وعلب الكورن فليكس في حقائبهم ليأكلوها خارج المعسكر. وبينما كان الجنود يشربون الماء الصحي والمقطر كان الماء الموصل بالحنفيات في الزنازين مليء بالأتربة والصدأ والكلور، فكنا نصاب بآلام في البطن عند شربه وكنا نطلب منهم أن يغيروا الماء ولكنهم يرفضون حتى بقينا أكثر من ثلاث سنوات ونحن نشرب من هذا الماء الملوث.
    • كان اللباس الذي بلبسه في المعتقل خشنا جدا وهو ثقيل ومزعج، وكنا نصاب بالحكة والحساسية بسبب طبيعة الطقس الحار في غوانتنامو وكانت أجسامنا تصاب بالالتهابات والجروح جراء الحكة بسبب هذا اللباس.
    • الإضراب عن الطعام بسبب الاعتقال التعسفي: في شهر يوليو عام 2005 قام الإخوة بتنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام شارك فيه أكثر من مائتي أخ، وكان هدف الإضراب هو الاحتجاج على الاعتقال الطويل دون التقديم للمحاكمة.
    فجاء المسئولون بالسجن وطلبوا منا فك الإضراب وأن نقدم لهم مطالبنا ووعدونا بتحقيقها.
    فاتفق الإخوة على تشكيل مجلس يقوم بالتفاوض مع إدارة السجن، واجتمعوا مع إدارة السجن وطلبوا منها أن يقدمونا لمحاكمة عادلة وألا يستمر اعتقالنا لمدة غير محددة، فوعدوا برفع مطالبنا لوزارة الدفاع الأمريكية وأن يتكرر هذا الاجتماع للوقوف على مطالب المعتقلين. فطلب الإخوة منا أن نفك الإضراب وأن ننتظر رد إدارة السجن ليتبين لنا مدى صدقهم وجديتهم.
    لكن الجنرال الذي يدير السجن بدأ في التهرب من وعوده بل وعادوا إلى استفزاز المعتقلين، وكانوا يفتعلون المشاكل لإدخال قوات الشغب علينا وضربنا. فعندما رأينا كذبهم عدنا إلى الإضراب والعصيان ورشهم بالماء، فقامت الإدارة بمعاقبة العديد منا بحبسنا في الزنازين الانفرادية، أو نقل البعض منا للعنابر المخصصة للتعذيب وسحب كل أغراض المعتقلين وتركهم على الحديد.
    فتشاور الإخوة من جديد، وقررنا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام والشراب، وبدأ الإضراب من منتصف شهر أغسطس تقريبا وشارك فيه أكثر من أربعين معتقلا.
    فلما رأت إدارة السجن هذا الإضراب عادت إلى مجلس الشورى وطلبت التفاوض معهم من جديد ولكن المجلس رفض حتى التحدث معهم، فأرادوا أن يشقوا صفنا وذهبوا للمعتقلين في الزنازين وطلبوا منهم أن يختاروا ممثلين جدد لهم ولكننا رفضنا أن نغير المجلس.
    ولقد حاولت الإدارة ثنينا بكل الوسائل عن الإضراب ولكن دون جدوى. واستمر الإضراب المميت أكثر من شهرين حتى بعد شهر رمضان.
    وكانت الخطة هي أن ننفذ إضرابا مرحليا يتناوب المضربون فيه على الإضراب عن الطعام والشراب لمدة معينة ثم تنضم إليهم مجموعة أخرى وهكذا. قامت إدارة السجن بنقل المضربين بصورة سرية إلى العيادات ليتم تغذيتهم قسرا بواسطة المغذيات عن طريق الأنابيب ثم استبدلوها بالأنابيب المغذية عن طريق الأنف، وكانت تعمل جاهدة على ألا يتسرب خبر الإضراب للعالم الخارجي. وقد نزلت أوزان الإخوة كثيرا جدا، بل نزلت أوزان بعض الإخوة إلى أقل من أربعين كيلوجراما. فشق هذا الإضراب كثيرا على الأمريكان. ولم نسلم أثناء تنفيذ الإضراب من التعذيب الذي كان الأطباء يمارسونه ضدنا، فقد كان الأطباء يأمرون بتقييدنا بشدة إلى الأسرة، وكانوا يختارون الأنابيب الكبيرة لإدخالها في أنوفنا للتغذية، وكانت هذه الأنابيب كثيرا ما تؤذي الإخوة وتجرح أجسادهم وتؤلمهم.
    • مصور قناة الجزيرة سامي الحاج تم اعتقال الأخ سامي الحاج من قبل القوات الباكستانية وسلم إلى الأمريكان الذين قاموا بنقله بنفس الطريقة من باكستان إلى قندهار ومن ثم إلى معتقل غوانتنامو.
    وكباقي المعتقلين، لم يكن للأمريكان أي أدلة على سامي ولم توجه له أية تهم، وإنما كان السبب أن الأمريكان أرادوا الاستفادة من سامي في نزع معلومات عن قناة الجزيرة وسر النجاح الذي حققته، وإن كانت لهم أي ارتباطات بجهات مشبوهة أو لهم صلات بجهات مشبوهة، وخصوصا بعد أن أجروا مقابلة مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وكيف وصلوا له ولغيره من مسئولي القاعدة وطالبان وغيرها من الأمور التي تخص القناة من كيفية وصول أشرطة فيديو عليها لزعماء القاعدة أو الزرقاوي.
    وكان سامي الحاج يرفض بشدة التعاون معهم ويصفهم بالمجرمين الذين اختطفوه ليس لتهمة معينة وإنما لابتزازه وإغرائه بالعمل معهم كجاسوس ضد قناة الجزيرة.
    لذا فإن الإدارة الأمريكية تواصل سجنه بكل هذا الظلم فقط كعقاب له وللقناة التي يعمل لصالحها رغم عدم قدرتهم على توجيه أي تهمة له.
    تعرض الأخ سامي الحاج لمحن عديدة في غوانتنامو، كان من بينها أنه تعرض للضرب الشديد من قبل الجنود لأنه رفض الخروج للاستحمام، وكان هذا من الحقوق الشخصية للمعتقل، وقد أرغم على الخروج للغسل، وبينما كان الجنود يأخذونه إلى منطقة الغسل وكان مستوى منطقة الغسل أقل من مستوى العنابر، جاء الجنود من خلفه ودفعوه على السلم حيث تدحرج من الأعلى إلى الأسفل، وكان موثوق اليدين والرجلين فأصيب في رأسه بجرح غائر وسال الدم من أنفه وفمه، ثم جاء الجنود وأخذوا يضربونه ضربا مبرحا ثم جروه إلى خارج العنبر حيث حلقوا شعر رأسه ولحيته ثم رموا به في السجن الانفرادي. ورغم أن الدم كان ينزف منه، فقد ترك في الزنزانة دون علاج لمدة يومين. وبعد يومين تم إعطاؤه لزقة لوضعها على جرحه دون تقديم أي مساعدة طبية.
    • مأساة الأخ مشعل الحربي في عام 2002م وبعد عيد الفطر كان الأخ السعودي مشعل الحربي محتجزا في زنزانة انفرادية في العنبر إنديا، وفي الفترة المسائية وبعد صلاة المغرب، قام أحد الجنود بالاستهزاء بالدين الإسلامي والقرآن الكريم، ثم بدأ بلمس المصحف والاستهزاء به، فغضب المعتقلون وبدؤوا بالصياح والضرب على شبك الزنازين، ولكن هذه المرة أراد القائد الجديد للمعتقل أن يكسر عزيمة المعتقلين بالقوة، فتم جلب فرقة أو فرقتين من قوات الشغب العسكرية، ثم قاموا بإطفاء الأنوار في الزنازين وفي الساحات الخارجية للمعتقل، حتى أصبح عنبر إنديا في ظلام دامس جداً، ثم بدأت قوات الشغب بالدخول على المعتقلين في الزنازين وفي الزنازين الانفرادية الواحدة تلو الأخرى، وفي أيديهم كشافات قوية يوجهونها إلى أعين المعتقلين، ثم يقومون بضرب المعتقل بشكل جماعي، حتى سال الدم من أجساد العديد من الشباب ومن وجوههم وأفواههم وأنوفهم.
    وفجأة سمعنا بعض الهمهمات والهمسات بين الجنود وقوات الشغب، ثم أعيدت الأنوار.
    كان الشباك في الزنزانة الانفرادية التي وضع بها أحد الإخوة المعتقلين ليست محكمة الإغلاق وكانت قريبة من الزنزانة الانفرادية التي وضع بها الأخ السعودي مشعل الحربي، وقد أخبرنا هذا الأخ وكذلك شاهد آخر من الإخوة أثناء إعادته من غرفة التحقيق بأنهما شاهدا قوات الشغب يخرجون مشعل من زنزانته والدم ينزف من فمه وأنفه ثم حملوه إلى العيادة. وكانت الدماء موجودة في الممرات وفي الزنزانة الانفرادية التي وضع بها مشعل، وقد حضر المسئولون بالسجن للتحقيق في الحادث ورؤية الدماء وأغلقوا الزنزانة، ثم جاء بعض الخبراء الذين يلبسون الملابس البيضاء في اليوم التالي ورفعوا البصمات وأخذوا عينات من الدماء التي في الزنزانة وفي الممرات، واستمرت التحقيقات والتحريات مدة يومين ثم قاموا بغسل الدم من الممرات ومن الزنزانة ثم أقفلوها وشمّعوها بالشمع الأحمر ومنعوا الدخول إليها.
    بدأ المعتقلون يلحون في السؤال عن مشعل وتعالت الأصوات المطالبة بمعرفة حالته الصحية، وأشيع بين المعتقلين أن مشعل قد مات تحت التعذيب، وطالبنا المسئولين بالكشف عن الحقيقة، فارتبك مدير السجن والجنود ونفوا أن يكون مشعل قد مات، وأكدوا لنا بأنه في المستشفى وأنهم سيوافوننا بأخباره أولا بأول.
    وبعد أسبوع جاء بعض الأطباء ليخبرونا بكذبة من كذبات الأمريكان التي لا تنتهي وهي أن مشعل قد حاول الانتحار في الزنزانة الانفرادية وذلك بشنق نفسه بالمنشفة الصغيرة التي يعطونها لنا والتي لا تكفي حتى للفها حول الوسط ناهيك عن ربطها في السقف ولفها على الرقبة. ولأننا نعرف أن هذا الأمر مستحيل فقد اتهمناهم بالكذب وتلفيق الاتهامات ضدنا وضد أخينا مشعل الذي يتمتع بقوة عزيمته وصبره، وكان هو الذي ينصحنا دائما بالصبر واحتساب الأجر، فكيف سيقدم على الانتحار. والحقيقة أن مشعل قد تعرض للضرب خلال فترة إطفاء الأنوار، وكان الهدف من إيذاء مشعل بهذه الطريقة الوحشية هو إرعاب باقي المعتقلين لثنيهم عن التمادي في العصيان والاعتراض على الأوامر.
    كان الصليب الأحمر يدافع عن المحققين الذين اعتدوا على مشعل ويلفق الأكاذيب ضده، وكانوا يؤكدون أن لنا بأن مشعل قد حاول الانتحار، فلما رؤوا إصرارنا على الدفاع عن مشعل واتهامنا لهم بأنهم كذابون وأنهم يعينون الأمريكان على تجاوزهم على حقوقنا المقررة دوليا، قام بعض موظفي الصليب الأحمر بالتشكيك في رواية الانتحار وأكدوا لنا بأنه قد تعرض للضرب.
    كما أخبرنا هؤلاء بأن مشعل قد يتعرض للموت الدماغي بسبب إصابته البليغة في الرأس وبسبب تعرضه للضرب من الخلف على منطقة النخاع الشوكي، وقالوا بأنه قد أصيب بالشلل الكلي. ولما طلبنا منهم أن يرفعوا تقريراً بذلك اعتذروا بأنهم ينفذون الأوامر التي تأتيهم من رؤساؤهم فقط وأنهم لا يمكنهم تجاوز مسئوليهم.



                  

03-03-2008, 05:43 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    الحبيب وائل

    شكراً لك على هذه الإضافة الرائعة

    ومعاً

    حتى نرى سامي الحاج خارج أسوار الظلم الأمريكي
                  

03-05-2008, 10:43 AM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

    Quote: على ذمّة منظمة العون المدني
    إطلاق سراح سامي الحاج وآخرين خلال مارس الجاري


    كشفت منظمة العون المدني العالمي عن ان إطلاق سراح عدد من المعتقلين السودانيين بغوانتنامو بكوبا سيتم خلال مارس الجاري. وأكد حسن المجمر المدير التنفيذي للمنظمة والمفوض من قبل مستشار رئيس الجمهورية مصطفى عثمان اسماعيل لمتابعة ملف معتقلي غوانتنامو لـ(آخر لحظة) ان عدداً من المعتقلين سيتم إطلاق سراحهم وسيصلون للسودان خلال مارس الجاري. وقال المجمر إن امريكا فشلت في إثبات اية تهمة ضد الذين سيطلق سراحهم.



    المصدر: صحيفة آخر لحظة

    ولكن هل نصدق أمريكا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                  

03-10-2008, 01:26 PM

عز الدين بيلو
<aعز الدين بيلو
تاريخ التسجيل: 07-15-2007
مجموع المشاركات: 1909

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سامي الحاج .. ثانية .. وثالثة .. وإلى ما لا منتهى (إلى أمريكا.. مدعية الحرية الأولى في العا (Re: عز الدين بيلو)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de