الشاعر المصادم هاشم صديق فى حوار مثير عن انطباعاتة لرحلة الدوحة .....

Quote: الشاعر والمسرحي هاشم صديق صاحب الحضور المؤثر في ساحة الابداع السوداني وصاحب مواقف لا تقبل القسمة على المساومة او الانكسار مهما كانت العاصفة.. وهو المبدع الذي ظل يراهن دائماً على الانحياز المطلق للبسطاء والمسحوقين من جماهير الشعب السوداني. عاد هاشم صديق من رحلة ناجحة جداً بدوحة العرب قدم خلالها رؤاه الابداعية وموقفه الواضح من بعض القضايا فاحتفت به الجالية السودانية بقطر كما احتفت به الصحافة القطرية بالندوات والليالي الشعرية، كما استضافته قناة الجزيرة في حوار اثار العديد من ردود الافعال داخلياً وخارجياً. هاشم صديق سافر إلى قطر وهو في قمة الاحباط، فهل اسهمت هذه الرحلة في خروجك من ذلك الوضع؟ - في تقديري ان الانجاز الذي تحقق في رحلتي لقطر على المستوى الثقافي الابداعي والثقافي الانساني وحتى الصحي لأنني خضعت لفحوصات مكثفة فهو انجاز لا يقدر بثمن، ولا يمكن ان يُعبر عنه شعراً أو كلاماً عادياً.. فقد وجدنا انفسنا من خلال الجالية السودانية التي احتفت بنا واكرمتنا بصورة لا يمكن تصورها، كما احتفت بنا الصحافة القطرية إذ خصصت ندوتين اقيمتا لشخصي، الأولى كانت عن المسرح والحركة الوطنية واقيمت بقاعة جمعية قطر الخيرية والندوة الثانية كانت بنادي الجسرا القطري وكانت أمسية ثقافية كاملة قدمت فيها قراءات شعرية لقصائد بعضها يلامس عصب القضية العربية وكان شعار الأمسية «نصرة غزة» وكان هذا نصراً عظيماً اخرجني من الراهن اليومي إلى الراهن العربي العام، خاصة وان نادي جسرا من اكبر المؤسسات الثقافية في الوطن العربي، وسبق ان استضاف ادونيس، ومحمود درويش ونزار قباني والطيب صالح وغيرهم من المبدعين العرب.. علمنا أن تلك الانشطة وجدت اقبالاً جماهيرياً كبيراً ؟ - لقد اثلج صدري النجاح الجماهيري الكبير للأمسية وانشرحت روحي عندما سمعت السودانيين بقطر يقولون لي «لقد رفعت رأسنا» وكان الحضور من جنسيات عربية مختلفة. والاجمل ان قناة الجزيرة سجلت تلك الأمسية وقامت ببثها اكثر من مرة استضافتك من خلال قناة الجزيرة احدثت العديد من ردود الافعال داخلياً وخارجياً؟ - استضافتني قناة الجزيرة عبر برنامج «حديث الصباح» وكان المحور الأساسي للحوار هو الاحتفال الذي اقامه جهاز الأمن الوطني في السودان وكرم من خلاله عدداً من المبدعين فقد سألتني مقدمة البرنامج سؤالاً مفاده هل ضاقت المسافة بين رجل الأمن والمبدع في السودان، علماً بأن هذا الشيء لم يحدث في العالم العربي؟.. فكانت اجابتي ان هذا يشبه ما نسميه نحن اهل الدراما بالتهكم «السفوليسكي» المستمد من الكاتب اليونا ني سوفليسكي بأن يقول الانسان شيئاً ويعني شيئاً آخر. وقلت لها انني شخصياً تم استدعائي ثلاث مرات من قبل جهاز الأمن والرابعة كانت لدى نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة. وفي كل المرات التي تم استدعائي كان ذلك بسبب قصائدي، وبعد فترة جاءني شخص من الأمن الوطني وطرق الباب وعندما فتحت له الباب عرفني بنفسه وقدم لي أوراقاً فقلت له هل هذا استدعاء.. فقال لي: «انما دعوة لزواج جماعي».. هذا باختصار وهو يلخص المسألة التي لا تحتاج لكثير حديث.. وقلت للمذيعة ايضاً لو تمت دعوتي فما كنت سأذهب لأن هذا يحرق الرمز الذي امثله باعتبار انني اعبر عن قضايا وهموم الناس ولا اعبر عن نفسي أو ذاتي، فكيف يمكن ان اتحدث داخل ذلك الجهاز.. أنا ا فضل ان اذهب إلى هناك معتقلاً ولكني لن اذهب للاستماع للاغاني واستلام جائزتي. فإن كانت هناك جائزة يريد ان يقدمها لنا جهاز الأمن فليقدم لنا مساحة الحرية التي تنتزع من دواخلنا الغبن وتجعلنا نقدم القصائد التي تعبر عن الراهن السياسي اليومي باللغة الهتافية المباشرة وحتى نستطيع ان ننجز مشاريعنا الأخرى من مسلسلات درامية تتجاوز الخطوط الطارئة وتنفذ إلى قلب الاشياء وبالتالي يستطيع ان يرى الناس والسلطة ورجال الدين ما لا يستطيع ان يرونه في الواجهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومن هنا نقول ان الحرية تجعل المبدع اكثر موضوعية وشفافية واعمق عطاءاً وابداعاً . لاحظنا ان الصحافة القطرية قد اهتمت كثيراً بتلك المقابلة التلفزيونية ؟ - هذه الاستضافة احدثت حراكاً كبيراً في الصحافة القطرية فيما يتعلق بالمبدع والسلطة على مستوى العالم العربي والسودان واحدثت نقاشاً مستفيضاً في مواقع الانترنت خاصة سودانيز اون لاين.. وحتى على مستوى السودان، فعندما عدت من الدوحة فوجئت بمردودها منذ هبوطي في مطار الخرطوم وحتى اليوم. هذا بالاضافة إلى مشاركتي في الحفل الخاص باعياد الاستقلال والذي شاركت فيه إلى جانب الشاعر ازهري محمد علي وفضيلي جماع، هذا بالاضافة إلى مشاركتي بمداخلة نقدية في الامسية التي اقامها نادي اصدقاء البيئة بالدوحة للشاعر ازهري محمد علي بالاضافة إلى أمسية اقامها اعضاء موقع سودانيز اون لاين بالدوحة. الذي يهم هو ان هذه الرحلة اكدت لنا ان المبدعين السودانيين عندما يخرجوا من الاطار المحلي إلى الاقليمي او الانساني العام فانهم يستطيعون ان يحققوا الكثير ما هو اكثر شيء جعلك تنفعل بصورة ايجابية وتقدم كل ذلك العطاء المتميز في هذه الرحلة؟ - اكثر شيء اسعدني هو ان غالبية الجالية السودانية بقطر من المستنيرين والمتابعين واتضح ذلك من خلال مداخلاتهم العميقة التي فجروا من خلالها العديد من القضايا الثقافية والإبداعية. بل امتد ذلك الحوار الثقافي إلى الدعوات الشخصية لحفلات العشاء التي دعينا لها فقد تحولت إلى ندوات في غاية العمق وحتى الدكتورة «ناهد» فقد أدلت بدلوها والقت بحجر ثقيل في بركة ساكنة وذلك من خلال قناة الجزيرة ومشاركتها بمداخلة علمية جريئة حيث ربطت بين النفسي والاجتماعي العام والخاص. خصوصاً فيما يتعلق بتعدد العلاقات العاطفية خارج اطار الزوجية . هل ثمة اشياء استوقفتك في هذه الرحلة ؟ - الذي يهم ان هذه الرحلة لفتت نظري بشدة إلى حقيقة اننا في ظل الحصار المفروض علينا والمساحة الضيقة التي نتحرك فيها تفقدنا الكثير وهناك مردود فكري ومحاور ثقافية سوف اتحدث عنها فيما بعد السودانيون بقطر يتميزون بوعي ثقافي كبير؟ - السودانيون بقطر متميزون جداً ولن ننسى تلك الايام التي انجزنا فيها الكثير لاحظنا ان من ابرز عيوب التخطيط الثقافي السوداني ان لا يقوم على دعم التقارب الثقافي بيننا والدول التي تجمعنا معها قواسم ثقافية مشتركة هذا يحدث لأن القائمين على امر الثقافة لا علاقة لهم بالثقافة والانظمة الشمولية تعين وزراء الثقافة من الضباط المتقاعدين ومع احترامنا الكبير لمهنية القوات المسلحة إلا ان الثقافة من المهم جداً ان يقودها متخصص.. كما ان النظرة الاحادية وعدم احترام الرأي الآخر وضيق مساحة الحرية فلا يمكن التخطيط لأي شأن يتعلق بالثقافة التي توضع على الهامش.. او يصبح حداة الثقافة من المبدعين الذين يتصلون بالنظام السياسي القائم ان كانوا من كوادره او الذين يسبحون بحمده.. نحتاج فيما يتعلق بالتخطيط الثقافي ان نخرج من دائرة الذات السياسية او الحزبية وان نفهم ان الثقافي هو ما يتقدم السياسي وان الثقافي هو الذي يعبر عن الهموم الثقافية على المستوى القومي، ويستطيع ان يتواصل على المستوى الاقليمي العربي والافريقي والعالمي. لقد اندهشت لمساحة الحرية الموجودة في قطر والأمان الذي يشعر به المبدعون هناك وسقف الحرية في الصحافة وتلفزيون قطر، وبالطبع في قناة الجزيرة فليس هناك خطر أو مطاردة ومساحة الحرية التي اتيحت لمبدعي قطر، مما جعلهم على قدر من المسؤولية والتعبير عن القضايا بعمق. بالاضافة إلى تواصلهم مع العالم من خلال المهرجانات التي تقام في العالم اجمع.. ما رأيناه هناك كان درساً لنا بأن لا نغلب المنظور السياسي العنيف على المنظور الثقافي الواسع العام. انني اقر واعترف بأننا تخلفنا كثيراً من ناحية المردود الثقافي الذي يتصل بالعالم العربي. تبدو متوازناً ومتحمساً لمزيد من الإبداع عقب عودتك من الدوحة؟ - السبب الأساسي في هذه العافية الابداعية يعود إلى انني وجدت نفسي لمدة شهر كامل مشغولاً بالهم الثقافي الابداعي والانجاز في هذا الصدد ولقد روحت عن نفسي ثقافياً وإبداعياً مع الجالية السودانية العظيمة بدولة قطر والاخوة بقطر وهو الشيء الذي لم اجده في وطني طوال سنوات وهي مفارقة الا يطل هاشم صديق من خلال الفضائية السودانية لفترة 14 عاماً ولو لمرة واحدة ويطل في زيارة قصيرة لقطر من خلال اشهر قناة فضائية في العالم وتهتم تلك القناة ببث ندواته التي قدمها وتمت اعادتها.

(عدل بواسطة معاوية الطيب on 02-17-2008, 11:43 AM)