|
ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية).
|
رندا عطية:
وقولة (البركة فيكم) هذه ستجعلكم تدركون ان (كباية) هو انسان من لحم ودم، وبالتالي انه ليس بالضرورة ان يحمل المرء اسماً زي اسمكم واسمي ليصبح في نظر البعض.. انسانا، علماً انكم ان سألتم (ناس حي ود البنا) عنه سيصفونه لكم قائلين: (كباية..راجل طويل طول يديك احساس انه يمكن ان يلمس السما بيديه، ذا جبهة مزينة بالنقوش ويلبس جلابية ولكن طوله الشاهق يجعلها تبدو عليه كالعراقي، ويدرع بكتفه مخلاية دمورية) تلك المخلاية التي ما ان ينتهي من مساعدة (يمه مستورة)..(جدتي لامي) رحمها الله في قضاء حوائج المنزل الا ونجده يسارع بانتباز ركن قصي في منزلنا حيث يقوم برص اسياخ من الحديد على منقد ـ موقد ـ مشتعل الجمر، ثم يقوم من بعد ذلك بفتحها ليخرج منها قطع خشبية يبدا بنحتها وصنفرتها وادخال ابر حديدية بحافتها ومن ثم تمرير السيخ الملتهب على جانبيها ـ بحرص ـ لكأنه كاوبوي يقوم بوشم ابقاره، حتى اذا ما انتهى منها صارت خلالا ( يشبه مشط ادروب) والتي كانت تدر عليه دخلاً تفأجانا بمقداره زمن تبديل (عملة مايو) حيث قام (كباية) باستبدال (250) الفا من الجنيهات! حتى كان يوما صحونا فيه باحساس ان الشمس في حالة من الكسوف فوق راس بيتنا حيث اكتشفنا ان القامات الفارهة لـ(اولاد كباية) و (نساء كباية) الذين اتى بهم ليعرفهم بنا هي من سدت علينا عين الشمس!. ليشرع كباية بتقديمنا لهم بابتسامة مشرقة قائلاٍ: ـ دي آربات و هو هنا يعني (ربيعة) خالتي ، وهذه (فاره) بتشديد الراء و هو هنا يقصد بت الشيخ (سارة الطاهر الشيخ الطيب) اختي لامي و و و.. حتى اذا ما فرقته الدنيا عنا سنينا شبت فيها (سارة) و صارت طبيبة فوجئنا بها يوماً تخبرنا بصوت متهدج قائلة: ـ ما شفتو انا الليلة وفي وسط المرور ما لاقيت..كباية! حتى اذا ما صرخنا بوجهها قائلين: ـ صحي..وهو كيفنو؟! وصحتو كيفنها؟!! وهوعرفك كيفن؟!!! اجابتنا بصوت حزين قائلة: ـ هو كبر ونظرو بقى ضعيف حتى هو ما عرفني الا لمن مسكته من يده وقلت ليهو: ـ كبايه.. دي انا سارة بت بت مستورة! ليفتر ثغرها اثر ذلك عن ابتسامة طفولية لتضيف قائلة انا وكتين قلت ليه كده الا ولقيتو ليكم فيما هو يرفع يده عن الارض بمقدار الشبر هاتفا بي بحنية: ـ فارة! ليغرق بيتنا في ضحك تحفه الاشواق لملاقاة (كباية) والذي حينما سمعنا انه قد (توفي) بمسقط راسه في الجنوب ووجدتنا نقع في حيرة (نعزي منو فيهو) حتى اذا ما تذكرت (اولئك الذين وصفوه لكم وصيف الاهل لولدهم) الا وجدتني بصوت متهدج اهتف بهم قائلة: ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية).
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية). (Re: randa suliman)
|
العزيزة رندا تحياتى . عمنا كباية وآخرين هم من فتح لنا نفاج للاطلال على أهلنا فى جنوب الوطن , ومعرفة معدنهم النقى عن قرب , فى كل أحياء الخرطوم القديمة كانت هناك نماذج تماثل العم كباية , عرفوا بخفة الدم والذوق الرفيع والوفاء للعلاقات الانسانية التى لا تعرف عرق ولادين ولا قبيلة لك ولأسرتك الكريمة وأهل ود البنا أحر آيات العزاء فى عمنا كباية , سائلين الله أن يمن عليه بشآبيب رحمته ومغفرته ويجعل البركة فى أبنائه وبناته .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية). (Re: randa suliman)
|
الأخت رندا تحية و ود ... وجدتني مأسوراً بسردك الأكثر من رائع ... البركة فيكم ... و من داخل النص انبعثت أكثر من إضاءة إمتزجت بشجن الذكريات ... تذكرت طفولتي بحي ود البنا ... و من خلال خيط الذكريات عبرت شخوص لم تكن رئيسية و لكنها تركت بصمات في النفس لم يقدر الزمن على محوها .... حوش ود البنا كان مرتعاً لطفولتنا نتسلل منه إلى داخل البيوت ثم نعود إليه نلهو غير مبالين بالزمن أو الأحداث من حولنا ... و من الحوش نطل على الطريق ( الشاقي الترام ) للأسف لم ندرك الترام و لكنه قيمة زينت وصف ذلك الشارع و التي توسط أحياء عرفت الأصالة من سوق أمدرمان عبر مكي و ود أرو و ود البنا و سوق الشجرة إنتهاءً بأب روف ... في هذا الطريق كان هناك (خور) مجرى أسمنتي مغطى لتصريف مياه الأمطار حتى تصب في النيل ... خور من زمن الإنجليز ... إرتبطت ذكرى هذا الخور بولد صغير كنا نستغرب وضعه ... أطلقنا عليه إسم ود الخور ... كان في غالب الوقت عارياً كما ولدته أمه التي أعتقد أنه يجهل هويتها كجهلنا نحن بها ... أحياناً كانت تسترة أسمال بالية يجود بها عليه أهل الخير ... كان الخور هو بيته ... لم يكن يتكلم ... بل يصدر أصواتاً مثل مواء القطة ولكنها خافتة و خالية من أي مغزى ... ويقتات على أي شيء حتى تلك المخلفات التي كان يلقي بها البعض ... كان يختفي أحياناً و يظهر بعد شهور من جديد ...ترى إلى ماذا آل إليه مصيره ؟؟؟ أعود للنماذج المشرقة لأبناء الجنوب ... لأتذكر جراية ذلك الفتى الجنوبي المكافح .... عاش بمنزل عمنا محمد البنا رحمه الله ... حضر معه من الجنوب حينما كان يعمل بوزارة الري هناك .... و تربى في بيته ... و بعزيمة أتم تعليمه ثم تزوج و اليوم هو موظف بالدولة ... ثم يستوقفني إختيار كثير من أخوتنا الجنوبيين في ذلك الوقت لأسماء بعض الأشياء ... يقيني أن عمنا كباية لم يكن هذا هو اسمه الحقيقي ... أجهل الدافع يقيناً .... و إن كنت أظن أن ذلك يمكن أن يكون مرجعه إلى تيسير الأمر على الشماليين أو إلى درجة عميقة من التأمل في الأشياء التي تبدو بسيطة ... ترى كيف يمكن أن نتأمل الكباية من وجهة نظر فلسفية ... هي وسيلة لشرب الماء الذي بدونه لا تستوي الحياة ... تروينا و تزيل عنّا الظمأ ... حتى أن ربنا عز و جل أثبت للماء فضله في أنه قد جعل من الماء كل شيء حي... لم أجد إسم من الأسماء المختارة إلا و هو لشيء ذي فائدة هامة ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية). (Re: randa suliman)
|
و فيكم يا اشر ف يا اخوي ..
ما ابلغ كلماتك المتاملة الآتية ترى كيف يمكن أن نتأمل الكباية من وجهة نظر فلسفية ... هي وسيلة لشرب الماء الذي بدونه لا تستوي الحياة ... تروينا و تزيل عنّا الظمأ ... حتى أن ربنا عز وجل أثبت للماء فضله في أنه قد جعل من الماء كل شيء حي...)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ناس (حي ود البنا) البركة فيكم في..(كباية). (Re: randa suliman)
|
رحم الله العم كباية !
.. وما زلت اذكر الراحل : بان الجنوبي اللي ارتبط ببيت عمنا الحاج نقد الله
.. وجنا الماماو اللي كان معذب والدتنا الحاجة علوية ، حيث كان جني الماماو يختفي منها لمدة سبعة ايام كلما مسك الماهية
.. و ذلك ( طالبني كم ) المصنف ضمن ظرفاء و مجانين ام درمان
ونحنا برضو حنتابع معاكم سير و أخبار هذا الشارع العريق يا رندا ، ففيه من القصص و الوقائع ما يجعل شهرزاد تفتح مئات الصفحات الجديدة !
الطريق الشاقيهو الترام ، شهد في عام 1986 واقعة النحل الشهيرة !
.. واصل الحكاية ان سائق بوكس هايلوكس مكشوف مر مسرعا ، و كان يحمل ( خلية نحل ) بغرض ترحيلها في الاتجاه من ودأرو الي بحر ابوروف !
بمرور البوكس سريعا علي Hump مرتفع كان قد تبقى كاثر بعرض الشارع بعد اصلاح ماسورة مياه مكسورة
" طار النحل ! طار النحل وتفرق ايدى سبأ "
.. وتخيلوا بالله ( غزوة النحل ) اللي اصابت ود البنا نواحي الزلط
.. انا وقتها كنت طبيب جديد في حوادث امدرمان سهران نبطشى ليلي ومفروض اسلم مجموعة الصباح ، لاحظت مع الفجر انو في اكتر من شخص من ناس الحلة جابوهم بلدغة نحل
" و صدق الفنان اللحو إذ يقول : يا العسل ( و يا النحل ) النشفتا ريقنا "
حافظو علي هذا الخيط الجميل كما يقول الناس هنا في سودانيز
.. ليكم السلام ما غني شادى او رطان .. ليكم السلام ما غنى مفارق الاوطان
| |
|
|
|
|
|
|
|