غوكوني عويدي: "الشعب التشادي فقد الثقة في الدكتاتور ادريس ديبي"
الرئيس التشادي الأسبق غوكوني عويدي:
"الشعب التشادي فقد الثقة في الدكتاتور ادريس ديبي"
عندما تستمع إلى الرئيس التشادي الأسبق غوكوني عويدي، الذي حكم بلده في الفترة بين 1979 و1982، يجعلك تواضعه الشديد تنسى أنك تجلس إلى رئيس دولة سابق·· وحينما تشاهده وهو يستخدم حاسوبه المحمول تدرك أن الرجل ليس من صنف رؤساء الدول "الأميين تكنولوجيا"·· ولما يحدثك عن تجربته في الحكم والمعارضة يدفعك إلى الشعور بالأسى والأسف على حال بلد كبير بمساحته وثرواته تتقاذفه أمواج الحروب السياسية الطاحنة والصراعات الطائفية الضيقة وحسابات الزمر والمصالح المختلفة· الرئيس عويدي استقبلنا بمقر إقامته في الجزائر العاصمة أين يقيم منذ ست سنوات، فكان لنا معه هذا الحوار الذي لم يتردد خلاله في تحميل مسؤولية ما يحصل في تشاد الآن للرئيس الحالي ادريس ديبي، كما تحدث بصدر مفتوح عن العديد من القضايا التي تخص بلده وإفريقيا، نافيا وجود أي جماعة إرهابية جزائرية تنشط في التشاد·
أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة، توفيق بوحجار وراضية تونسي
الوسط: هلا حدثتمونا سيادة الرئيس في البداية عن تجربتكم السياسية في الحكم، ثم في المعارضة··
الرئيس عويدي: قبل أن أجيبكم عن سؤالكم، بودي أن أكلمكم عن المسار السياسي في التشاد بداية بالأوضاع السائدة، بدءا بتأسيس جبهة التحرير الوطنية للتشاد في 22 جوان 1966 بمدينة "نايلة" السودانية، إذ عرفت الدولة إشتباكات دامية على الحدود الشرقية مع السودان، لتنتقل بعد ذلك إلى الشمال، وقد أجبر اشتداد المواجهات الحكومة على طلب الإعانة من القوات الفرنسية التي دخلت التشاد، وخولت لنفسها مهام محاربة الثوار المعارضين للنظام، وكذا تسيير شؤون الجيش التشادي الذي كان عاجزا عن محاربتهم لوحده·
أما على الصعيد الإقتصادي، فعاشت البلاد في أوضاع إقتصادية مزرية، وفقر مدقع، وعلى الصعيد الإجتماعي خيّم جو من غياب الثقة بين المواطنين والنظام بسبب السجون المكتظة عن آخرها، نظرا لسجن المواطنين لأتفه الأسباب، إضافة إلى غياب تام لإحترام حقوق الإنسان، ليتعرض النظام السياسي بالتشاد تحت رئاسة "نفارطا طومبالباي" إلى إنقلاب عسكري من طرف العسكري "فيليكس مالون" بمساعدة فرنسا في 13 أفريل 1975، وبدلا من محاولة النظام الجديد تحسين الأوضاع السياسية والأمنية والإقتصادية، واصل اضطهاد المواطنين، وممارسة مختلف أساليب الضغط، من إكراه ووسائل قمع·
في هذا الوقت كنت أنتمي إلى المعارضة الناشطة بشمال البلاد، إذ كنت نائب زعيم الجيش الثاني الذي حرر نصف مساحة البلاد في المنطقة الواقعة شمالا، وبعدها حاربت زعيم الجيش الثاني "حسين حبري" الذي تغلبت عليه وشغلت منصبه، أما هو فقد فر إلى الشرق واستفاد من مساعدة القوات الفرنسية كونه درس بفرنسا ولديه ثقافة أوروبية، وبالتالي تمثلت المعارضة آنذاك في ثلاث قوى، الجيش الأول بزعامة "آبا سيديت" والجيش الثاني بقيادتي، و"البركان" بزعامة حسين أحمد، إضافة إلى "الجبهة الشعبية لتحرير التشاد" بزعامة محمد لول شوا الناشطة على الحدود النيجيرية·
وتواصل زحف قوات جبهة التحرير الوطنية للتشاد باتجاه الجنوب لتحرير المزيد من المناطق من سلطة النظام الحاكم، في الوقت الذي نشبت فيه مواجهات بين القوات التابعة لرئيس الجمهورية والقوات التابعة لرئيس الحكومة "حسين حبري" بالعاصمة في 12 فيفري 1979، وبالتالي انضم كافة مسلمي البلاد إلى قوات "حسين حبري"، وانضم غير المسلمين إلى قوات رئيس الجمهورية، وخلال هذه المواجهات دعيت جبهة التحرير الوطنية للتشاد للإنضمام إلى قوات "حسين حبري"، وكان القاسم المشترك في الديانة الإسلامية وكان مثل هذا الإنضمام بمثابة طوق نجاة لرئيس الحكومة·
وفي الفترة الممتدة من 10 إلى 15 مارس 1979، إجتمعت القوى السياسية الكبرى في مدينة كانو النيجيرية، ووقعت الأطراف على اتفاق ينص على إستقالة الرئيس ووزيره الأول·
وفي 16 أوت 1979، دعت منظمة الوحدة الإفريقية، بالإضافة إلى بعض الدولة الإفريقية المجاورة للتشاد إلى عقد اجتماع بين القوى الإحدى عشر بمدينة "لافوس" بفرض المصالحة الوطنية التي تؤمن الإستقرار السياسي، الأمني وكذا الإقتصادي للبلاد، وبالفعل وقعت إتفاقية مصالحة بين كافة الأطراف، وعينت أنا رئيسا للجمهورية، وكاموغي ولد عبد القادر رئيسا للحكومة·
وللإجابة عن سؤالكم، أؤكد لكم أن هدفي الأول كان السعي لتحقيق الوحدة الوطنية والمحافظة عليها من خلال إلتزام الموضوعية والإبتعاد عن الذاتية، تاركا جانبا كل مشاعري الثورية، بهدف كسب ثقة الشعب التشادي المقسم، والبدء في إعادة بناء الهياكل السياسية الإقتصادية والإجتماعية للدولة·
إلا أنه رغم المصالحة الوطنية، فإن المصاعب والمشاكل لم تهدأ أبدا، إذ في 21 مارس 1980، نشبت مواجهات بين قوات رئيس الحكومة، وقوات وزير الدفاع، وثوار "الجماعة المتحدة لشمال التشاد" بالعاصمة وانتصرت قوات "حسين حبري" الذي كان لاجئا بالسودان بفضل مساعدة الولايات المتحدة، مصر، السعودية، السودان، المغرب، تونس، النيجر، الطوغو، السينغال، الغابون والكاميرون، ليسقط بذلك نظامي في 7 جوان 1982 رغم تأييد القوات الليبية·
أما فيما يخص وضعيتي كمعارض خارج البلاد، فإنه يجب أن أعترف أن المدة الطويلة التي قضيتها خارج وطني منذ 1982، لم تمنعني من تتبع كافة الأحداث والوقائع بأسف وحسرة، وأغتنم هذه الفرصة لأدعو كافة الحركات السياسية والعسكرية بالتشاد للإتحاد، والعمل على إيجاد حل الأزمة في البلاد من خلال الحوار بين كافة الأطراف بدلا من لغة العنف الدموي·
س: من ساعدك سياسيا على بلوغ سدة الحكم؟
ج: رغم الكم الكبير من العلاقات مع رؤساء الدول، لكنه لم تكن أي مساعدة من أي طرف ومن أية دولة·
س: كيف تقيّم الفترة التي أعقبت تنحيك عن السلطة، أي خلال حكم خلفكم الرئيس حسين حبري والرئيس الحالي ادريس ديبي؟
ج: الرجلان اللذان شغلا منصب رئاسة الجمهورية بعدي، اشتركا في استخدام الوسائل القهرية التي لا تسمح بأي تقدم سياسي عسكري أو اقتصادي أمني، فالتشاد حاليا يعرف حالة من التدهور من السيئ إلى الأسوأ·
س: ما هي قراءتك للوضع الحالي بالتشاد؟
ج: الوضعية الحالية بالتشاد جد كارثية بسبب الغياب الكامل لرضى وثقة الشعب في نظام الرئيس ادريس ديبي الديكتاتوري، إذ يعاني الشعب من الفساد على كل الأصعدة من عنصرية وانتشار الرشوة، والإستغلال الشخصي للثروات والموارد، الفقر، البطالة، الأمية··· إضافة إلى قمع الحريات، وغياب حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان·
س: جمعتكم عدة لقاءات بالرئيس الحالي لتشاد ادريس ديبي، هل لمستم وجود نية لديه لطي ملف الأزمة، وألا ترون أن الوقت قد حان لعودتكم إلى تشاد من أجل العمل على وقف النزيف الدموي الحاصل؟
ج: جمعتني عدة لقاءات مع الرئيس ديبي، التقيت به في التسعينات، كما جمعتني به لقاءات أخرى في سنة 2000، وفي سنة 2002 بسيرطا، وفي طرابلس سنة 2004··· تكلمنا مطولا عن الحياة السياسية في البلاد، لكنه لا يريد من أحد أن يفرض عليه اقتراحات، ولا من يتدخل في سياسته الداخلية·
س: شهدت التشاد في الأيام الأخيرة موجة اشتباكات طائفية طاحنة أودت بحياة مئات الأشخاص· من موقعكم كرئيس سابق للبلاد، وكمعارض للنظام الحالي، ما هي قراءتكم لهذه الأحداث، وما هي الجهة أو الجهات التي تعتقدون أنها تقف وراءها أو تستفيد منها؟
ج: تلك الأحداث الشنيعة هي نتيجة تسيب النظام الذي لا يوفر الأمن المواطن وكذا غياب إدارة شاملة، قوية وفعالة·
س: تتهم المعارضة السلطة في التشاد بالفساد وقمع الحريات، وتتهم السلطة المعرضة بالولاء للخارج: السودان تارة، وتارة ليبيا، وتارة السينغال· ما موقع سيادتكم من هذه الإتهامات والإتهامات المتبادلة بين الطرفين، وما ردكم على القائلين بأن المعارضة التشادية صنعتها دول أجنبية لضرب الوحدة الوطنية؟
ج: لابد من الإشارة والتمييز بين نوعين من المعارضة في التشاد، الأولى "سياسية" تنشط بالداخل وتسعى جاهدة لكسب تأييد شعبي وإقليمي، أما الثانية فهي "سياسية عسكرية" تنشط بالداخل وتسعى إلى كسب تأييد دولي، وقد استعملت المعارضة السياسية بالتشاد المقاربة الجديدة في العلاقات الدولية التي استحدثت بعد نهاية الحرب الباردة والتي تنادي بدمقرطة الأنظمة، ونشر الحكم الراشد للضغط على الأنظمة الهشة وهذا ما أدى إلى سقوط نظام حسين حبري وصعود الرئيس الحالي إدريس ديبي بعد أن حمل شعاره الشهير: "لم آتكم بذهب ولا بفضة، وإنما بديمقراطية وحرية"·
س: وصل الرئيس التشادي الحالي ادريس ديبي إلى السلطة في سنة 1990 عن طريق تمرد قاده انطلاقا من اقليم دارفور في السودان، وهو اليوم يواجه مشروع تمرد أكبر يقوده من نفس المكان، الجنرال محمد نوري وزير الدفاع السابق· إلى أي مدى يعتبر ما يجري في دارفور مؤثرا على ما يجري في التشاد؟ وما تقييمك للعلاقات بين التشاد والسودان؟
ج: تربط بين شعبي التشاد والسودان روابط تاريخية ومشاعر أخوة وتعاون منذ القدم، وسبب الأزمة الحالية بين الدولتين هو ضغط الرئيس إدريس ديبي على المعارضين السودانيين خاصة جماعتي: "رازياست" و"جانجاويد" لكني على يقين أن هذه الأزمة لا تؤثر على العلاقات الطيبة بين الشعبين·
س: وما هو ردك على اتهامات الرئيس ديبي للمعارضة التشادية بالولاء للنظام السوداني وتلقي مساعدات منه؟
ج: لا أعتقد بوجود مثل هذه المساعدات·· وإن قام الرئيس ديبي بإتهام السودان، فإنه يسعى من وراء ذلك إلى إخفاء حقيقة نظامه، وإبعاد أنظار الرأي العام العالمي والإقليمي عن الشؤون الداخلية للتشاد والأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب·
س: هل تعتقدون بوجود مؤيدين لكم في التشاد؟
ج: طبعا، والدليل هو رفض الرئيس ديبي عودتي للعيش في التشاد·
س: من المعروف أنكم قضيتم جزءا هاما من حياتكم بعد مغادتكم للحكم في ليبيا· كيف هي علاقتك حاليا مع الزعيم الليبي القذافي؟
ج: علاقتي بالزعيم الليبي تتسم حاليا بنوع من "البرودة"، بالنظر إلى أنه يساند غريمي الرئيس الحالي ديبي وهذا له خلفيات تعود إلى طلب جبهة التحرير الوطنية للتشاد من القوات الليبية مغادرة التشاد بعد وصولي إلى الحكم سنة 1979 خوفا من توتر الأوضاع·
س: ما تقييمكم لمنحى العلاقات بين التشاد والجزائر خاصة وعرب إفريقيا عامة منذ الإستقلال وإلى يومنا؟
الرذيس: عرب إفريقيا هم إفريقيون، وإفريقيا هي أمنا جميعا والقاسم المشترك بيننا رغم إختلاف "الألوان"، لذا يجب حل مشاكل قارتنا فيما بيننا، من خلال تقريب وجهات نظرنا·
س: تتحدث بعض الأوساط والمصادر عن وجود جماعة إرهابية مسلحة جزائرية تنشط على محور الحدود الليبية الجزائرية التشادية· ما معلوماتكم بهذا الشأن؟
ج: لا أعتقد بوجود هذا التنظيم الإرهابي، إذ لا توجد عمليات إرهابية على الحدود التشادية يقوم بها أي تنظيم جزائري·
عن صحيفة "الوسط" الجزائرية
02-06-2008, 02:06 PM
Mohamed Suleiman Mohamed Suleiman
تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 20453
هذه محاولة يائسة و بائسة منك لتشتيت الإنتباه و صرف الأنظار عن حقيقة أحداث تشاد و تورط دولة الجلابة الأبارتيدية في هذه المغامرة و المقامرة الدموية بتشاد و المقصود منها تطويق دارفور و ‘كمال الإبادة بها و في تشاد أيضا ... لقد صرح بروفيسر حسن مكي ( إستعجل ) يوم الجمعة و بشركم بأن العالم سيشهد ميلاد دولة عربية بتشاد ....
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة