|
|
 الصورة النمطية للشخصية السودانية في دول الخليج
|
من المعروف أن المجتمعات العربية عموماً والمجتمعات الخليجية خاصة تعرفت على الشخصية السودانية منذ وقت بعيد وذلك نتيجة للهجرات المتتالية للسودانيين إلى هذه الدول. وقد تميزت الشخصية السودانية في تلك الفترة بصفات عديدة أهمها الصدق، والأمانة والتواضع، وعفة اللسان، كما تميز المجتمع السوداني الذي تكون في تلك الدول بتكاتفه وتوحده بشكل يندر له مثيل بين شعوب المنطقـة، حيث تتوارى النزعة الفرديــة في المجتمع السوداني الذي يتميز بسطوة الجماعة وهيمنتها على الفرد.. فالقيم الفردية تتضاءل أمام متطلبات الجماعة وقوانينها.
لقد مكنت الطفرة النفطية التي عمت بلدان الخليج خلال أوائل السبعينات من القرن الماضي السودانيين من الهجرة لتلك البلاد، وهناك حظوا برعاية واهتمام خاصين من مواطني تلك الدول نتيجة لما وجدوه في الشخصية السودانية من صفات متميزة.. فقاموا بتوظيفهم في مواقع حساسة، فأتمنوهم على أموالهم وعلى عروضهم ... وكانوا مستودع الأسرار لهم، فقاموا بهذا الواجب خير قيام. وقد مكن ذلك من تأسيس سمعة ايجابية للسودانيين في تلك البلاد .. وتكونت صورة ذهنية متميزة لهم.
ولكن .. بدأت هذه الصورة في التغير والاهتزاز، فلم تعد كما كانت تلك الصورة الناصعة، فأصبح السوداني في حالتنا الراهنـة مثاراً السخريــة من قبل الآخرين، وتبدلت صفات الطيبة والتواضع إلى صفات أخرى مثل السذاجـة والبساطة التي تتحول أحياناً إلى عبط أو هبل.. وتغيرت صورة التكاتف والتعاضد بين السودانيين إلى صورة الإنسان الكسول الذي يسعد بالاعتماد على الآخرين، ويؤثر الركون للدعة والخمول وحب الراحــة والإتكاليــة ..
والتنميط أو Stereotypes هو تعميمات غير دقيقة يحملها الفرد بخصوص جماعة معينة، ولا تستثني أحداً منها، وقد تكون هذه التعميمات إيجابية أو سلبية. ومن أبرز المساوي للتنميط أنه يسلب القدرة على التعامل مع كل عضو في الجماعة على أنه فرد بحد ذاته، فيتم التعامل مع الفرد كما لو أنه يحمل كل صفات الجماعة.
وما يحدث اليوم في هذه المجتمعات أنها تمكنت لسبب أو آخر من تكوين صورة محددة عن الإنسان السوداني .. فحلت الصورة السلبية الجديدة مكان الصورة القديمة والتي كانت تحمل معها الكثير من المضامين الإيجابية المشرقة.
لقد أصبح السوداني هو الشخصية المحورية في الدرامـا العربية والخليجية بوجه خاص، وعامل مثير لإطلاق النكات التي تؤيد كل الصفات السلبية السابق ذكرها.. إن هذا التنميط المتسارع في التشكل يجعلنا نتساءل: هل هناك محاولة متعمدة لترسيخ صورة نمطية سلبية عن المواطن السوداني.. سؤال يحتاج لإجابة؟؟؟؟؟؟
عموماً أعتقد أن هذا الموضوع يحتاج لدراسة أسبابه والعمل على علاجها بشكل سريع قبل أن تتفاقم المشكلة. فهناك تجارب عديدة أثبتت أنه يمكن محو أي صورة سيئة وبناء صورة جديدة محلها سواء كانت لفرد أو مجتمع بكامله. وتبقى على مؤسساتنا المعنية مسئولية التحرك السريع في هذا الاتجاه حتى لا نلجأ في يوم من الأيام إلى الهروب من ذاتنانتيجة لما يمكن أن يلحق بالشخصية السودانية من تشويه وتزييف....
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست