|
|
 الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى
|
منذ القدم كتب على اهل الشمالية بصفة عامة واهل دنقلا بصفة خاصة أن يهيمون فى الارض مثلهم مثل قوم السامرى ، لكنهم كانوا ومازالوا يهيمون بحثا عن الرزق الحلال .... هاجروا الى فلسطين .... ثم الى مصر .... واخيرا الى دول الخليج ... الى السعودية والكويت والامارات وقطر ..... وكذلك الى اليمن ... ضياع زمن .... منهم من أفنى شبابه وعمره فى هذه البلاد ودفن بها .... منهم من صار طعاما شهيا لاسماك وحيتان البحر بسبب غرق السفن التى كانوا يعملون بها .... آخرون عادوا الى السودان وعاشوا باقى عمرهم به حتى واراهم الثرى .
الجيلى .... أحد أبناء سورى ... ركب هو وأهله الحمير ...أعزكم الله .... من سورى الى الخندق ... عانق أهله وهو يذرف الدموع مودعا اياهم ... تحرك به البابور متجها الى كريمة ... فى كريمة انتقل من البابور الى القطار الذى تحرك بهم شاقا الصحراء الى حلفا ومن هناك الى أسوان ... وصل القاهرة ثم انتقل الى السويس ... هناك فى السويس كان الحظ ينتظره ، حيث عمل فى المعسكر الانجليزى ما بين مدينتى السويس والاسماعيلية ... كان يعمل معه جدنا / حسن عبدالله عبد الدائم ... كانوا يحضرون الى مدينة السويس لقضاء الويك اند ... يتسامرون .. يلعبون الكوشتينة ... آخرون ليلتهم تكون حمراء ... صباح الاثنين يعودوا الى المعسكر .
كان العمل فى المعسكر شاقا ويستمر من شروق الشمس حتى مغيبها ، الا أن المردود كان مجزيا... المعسكر كان يعج بكل ما يهواه القلب وكل ما تشتهيه النفس ... فى هذه الاجواء المشحونة بالمنكرات والموبقات عاش الجيلى الا أن قيـم وأخلاق أهل القرية التى تربى عليها منعته من الانغماس فى هذه الاجواء الشيطانية ... بالليل وبعد انتهاء عمله كان يشغل نفسه باجترار زكريات قريته ... زكريات السواقى والبحر وصيد السمك ... زكريات القرقور والدشكوق ... زكريات ابنة عمه .. زوجة المستقبل التى تم اختيارها بواسطة والده .
ومرت السنوات ... وبدأ الشوق للاهل يدغدق كيانه ... لم يستطع تحمل البعد اكثر من ذلك... قرر العودة الى السودان ... نهاية الاسبوع يذهب الى السويس لشراء حاجيات السفر ... قام بتعبئة عدد من شنط الحديد الكبيرة ... شنط الاسكندرانى ... احدى هذه الشنط كانت مليئة بمستلزمات الزواج ... تبقى يوم واحد فقط للسفر .
فى الليلة الاخيرة قبل السفر جاء من يسأل عنه .... قدم له ظرف بداخله رسالة ...
البقية تأتى وبها مضمون هذه الرسالة المشؤمة ................. والى اللقاء .
والكلام لهاشم نصيري ...صاحب السرد
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: Mohammed Ibrahim Othman)
|
تلكم الرسالة كانت بمثابة مفتاح ابواب الدنيا امام الجيلى .... كانت تحمل فى طياتها آمال وأحلام انتظرها الرجل كثيرا .... هى رسالة تعيينه فى احدى البواخر التجارية الضخمة .... كاد أن يطير من الفرح ، فالعمل فى البوابير كان يعنى المتعة ومشاهدة كل العالم .... وفوق ذلك يكون الراتب مغريا ويتم توفيره بالكامل ، حيث يتم تقديم كل شىء بالمجان من مأكل ومشرب وملبس وخدمات الغسيل والكوى داخل الباخرة .... على الفور قرر الرجل الغاء سفره الى السودان ليس طمعا فى المال ولكن حبا فى التنزه ومشاهدة العالم من حوله ، فرصيده من المال كان جيدا للغاية حيث كان يتقاضى راتبا ممتازا من عمله السابق .... تدخل عدد من ابناء المنطقة الذين كانوا يتواجدون بمدينة السويس وكان منهم المرحوم باذن الله / عثمان محمد نور والد أستاذنا الجليل / عوض عثمان ... اطال الله عمره.... فى محاولة منهم للضغط عليه للسفر الى السودان ، الا أنه أصر اصرارا شديدا على العمل فى الباخرة .
صباح اليوم التالى قام بتقديم نفسه واكمال اوراقه وباشر عمله معهم ..... فى اليوم الثالث ودع أصحابه فردا فردا ووصاهم الاهتمام بشنطه لحين عودته ثم عاد الى مقر عمله فى الباخرة .... فى اليوم الرابع أطلقت الباخرة عدة صافرات وتحركت تجاه الغرب حاملة معها طاقما يتكون من عدة جنسيات من بينهم مجموعة من السودانيين كان الجيلى أحدهم ......................... البقية تأتى .
والكلام لهاشم نصيري ...صاحب السرد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: Mohammed Ibrahim Othman)
|
تحركت الباخرة العملاقة ... ناقلة النفط صوب احدى الموانىء الامريكية ... منذ بداية الرحلة ظهرت علامات الشؤم ... أحد عمال المطبخ ذهب لاحضار بعض المواد من ثلاجة الباخرة ونسى تأمين الباب من خلفه ، أغلق الباب اتومتيكيا ... تأخر لمدة طويلة ... حضر زملاؤه للبحث عنه ... وجدوه وقد تجمد ومات ... تم اسقاط جثمانه فى البحر ليكون طعاما للحيتان ... وصلت الباخرة الى قبرص وقضت به يوما كاملا ... تحركت فى اليوم الثانى رغم أن الجو كان عاصفا والامواج تكاد تصل الى سطح الباخرة ، وبعد عدة أيام وهناك فى المحيط الهادى الذى لم يكن هادئا بل كان هائجا وامواجه العاتية كانت تلطم فى الباخرة من كل الجهات ... وفى مقدمة الباخرة كان الجيلى يتبادل أطراف الحديث مع احد رجال سورى ... يجترون زكريات الصبا ... هذا الرجل كان طويل القامة ... ابيض اللون ... جميل المحيا ... كان يعتبر احد أجمل ممن خرجوا من رحم سورى .... هذا الرجل كان مجـــــذوب محمـــد عثمـان ... والد أخ عزيز الى قلوبنا وهو الرجل المبتسم دائما / حسين مجذوب .
بالطبع كان الجيلى لا يدرى عن المكتوب ... فجاءة استأذن من مجذوب وذهب الى مؤخرة الباخرة ... فى هذه اللحظة كان القدر يحمل موجة ضخمة من تحت الباخرة ... هذه الموجة الضخمة رفعتها بقوة ومن ثم قامت بانزالها بنفس القوة مما تسبب فى انشطارها الى نصفين ... نصف امامى ونصف خلفى ... اطلقت صافرات ونداءات الانذار والاستغاثة فى كل الاتجاهات .
النصف الخلفى الذى كان به الجيلى غاص فى الماء بسرعة هائلة حيث أنه النصف الاثقل لوجود الماكينات والمعدات به ، اما النصف الامامى فظل يطفح على سطح الماء لمدة طويلة حتى وصلت اليهم سفينة ايطالية كانت على مقربة من تلك الباخرة المشئومة وتم انقاذ كل من كان فى النصف الامامى .
وهكذا مات الجيلى غريقا شهيدا .... الا رحم الله الجيلى وأسكنه فسيح جناته .
انتهت قصة موت عمنا الجيلي رحمه الله رحمة واسعة ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: Mohammed Ibrahim Othman)
|
أخونا محمد إبراهيم عثمان
تحياتى Quote: هذا قدرنا نحن النوبيون ان نهيم في اقصاع الدنيا
ولكن نحتفظ بنوبيتنا اينما حللنا |
كتبت كتير عن الدناقلة فى أصقاع العالم .. ما يذهلنى فعلآ ذلك النوبى البسيط بك تفاصيله لا يفارقه مهما إرتحل ومهما وصل من مركز أو مال أو أى حداثة يعاصرها .. وتكون اللغة هى القشة التى يتعلقون بها وتربطهم بجزورهم ..
أذكر كنت فى السعودية وزميلى فى سكن العزابة محمد زين أحمد فضل .. شقيق الإزاعى المعروف سابقآ فضل أحمد فضل .. تحصل محمد زين على تلفون شقيقه التاج فى ألمانيا .. وكان قد غادر ومحمد زين لا زال طفلآ .. مكان متهيب من الإتصال .. شجعناه وأتينا بالهاتف وسطنا فى جلسة على الأرض .. وطعمنا الجلسة قليلآ .. بمساعدة دنقلاوى آخر يعمل فى السفارة الإنجليزية 
جعلنا التلفون على الـ loudspeaker وقمنا بالإتصال ..
عندما أتى صوته من الطرف الآخر .. بادره محمد زين قائلآ "التاج أنا أخوك محمد زين .. متذكر الرطانة؟" رد التاج بدون سلام يدندن بأغنية بالرطانة .. وبعد قليل واصل محمد زين معه الغناء"
كانت أجمل تحية لم أر مثلها فى حياتى .. | Quote: وهكذا مات الجيلى غريقا شهيدا .... الا رحم الله الجيلى وأسكنه فسيح جناته . |
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: رأفت ميلاد)
|
Quote: Author: رأفت ميلاد
أخونا محمد إبراهيم عثمان
تحياتى
Quote: هذا قدرنا نحن النوبيون ان نهيم في اقصاع الدنيا
ولكن نحتفظ بنوبيتنا اينما حللنا
كتبت كتير عن الدناقلة فى أصقاع العالم .. ما يذهلنى فعلآ ذلك النوبى البسيط بك تفاصيله لا يفارقه مهما إرتحل ومهما وصل من مركز أو مال أو أى حداثة يعاصرها .. وتكون اللغة هى القشة التى يتعلقون بها وتربطهم بجزورهم ..
أذكر كنت فى السعودية وزميلى فى سكن العزابة محمد زين أحمد فضل .. شقيق الإزاعى المعروف سابقآ فضل أحمد فضل .. تحصل محمد زين على تلفون شقيقه التاج فى ألمانيا .. وكان قد غادر ومحمد زين لا زال طفلآ .. مكان متهيب من الإتصال .. شجعناه وأتينا بالهاتف وسطنا فى جلسة على الأرض .. وطعمنا الجلسة قليلآ .. بمساعدة دنقلاوى آخر يعمل فى السفارة الإنجليزية
جعلنا التلفون على الـ loudspeaker وقمنا بالإتصال ..
عندما أتى صوته من الطرف الآخر .. بادره محمد زين قائلآ "التاج أنا أخوك محمد زين .. متذكر الرطانة؟" رد التاج بدون سلام يدندن بأغنية بالرطانة .. وبعد قليل واصل محمد زين معه الغناء"
كانت أجمل تحية لم أر مثلها فى حياتى .. |
فعلاً أخي رافت ميلاد ...
النوبيين عندهم حنية زائدة لنوبيتهم لانها مبنية على الحنية ...
وعندهم ارتباط عجيب ببعض ...
اخوك ولد وتربى بام بدة وارتباطي كان قليل باهلي ..رغم رطانة والدي واصراهم على التواصل مع الأهل ..
كنت اتجاهل طلباتهم بزيارة قريتنا قرية سالي بدنقلا ...لكن بعد زيارة واحدة لسالي تعلقت بها ...
وتعلقي زاد لمن شفت وقفتهم معنا في وفاة والدنا رحمة الله عليه ...
ومن الطرائف عندما كنت بالسعودية ...مرة رحت السفارة بالرياض من اجل معاملة ...
وانا بالصف لقيت اتنين من اهلنا الدناقلة يرطنو بمزاااج ...
رحت دخلت في نص كلامهم ..وابتسمت قائلاً اندانا (وهي تعني بالدنقلاوي اهلنا )...
الجماعة فرحو وبداو يرشو رطانة شديدة ...صحبك سطح ..
لمن عرفو بجهلي للهجة ...
قالولي ياشيخ انت ناااس خرتووم..
وواصلو ونستهم البي مزاج بدنقلاوية حلووة ...
تحياتي لك اخي رافت ميلاد ونتشرف بكتابتك عن اهلنا الدناقلة ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: hammama)
|
Quote: Author: hammama
الا رحم الله كل الذين ماتوا غرباء عن اوطانهم واهلهم , ساعود مره اخرى لكي اروي قصة خروج ابي رحمه الله من قريته جنوب دنقلا وعمله في البحر حتى توفاه الله في جزيرة اوكيناوا في اليابان.
اللهم ارحمهم جميعاً واجعل الجنة مثواهم يا ارحم الراحمين آمين |
اللهم ارحمهم واغفر لهم يارب ..رحمة واسعة ...
مرورك اسعدني ...
وانتظر قصة والدكم بفارغ الصبر..
بجد قصص اهلنا الدناقلة مع الغربة كتيررة ...
الغريبة اتصل علي واحد دنقلاوي هنا بالامارات بعد ما قرأ البوست دا ...
وحكالي قصص عن والده البحار سابقا باوربا ...
قصص مآسي حدثت سابقاً..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الجـيلى ... احد أبناء سـورى ... كيف مات ؟ هاشم نصيرى (Re: محمد حيدر)
|
Quote: Author: محمد حيدر
الحبيب حمودة
القصة بتاعت عمنا الجيلي بتذكرني بقصتين
الاولي تايتنيك
والتانية قصتي انا ذاتي
ولسه باقي فيها شوية فصول
وياخوفي من ختامها
لك الود أخي الحبيب |
محمد حيدر يادفعة ...مشتااقين يارجل ..
قصتك شنو يازوول ...اوع تقول لي اشتغلت غواص ...
كنت في بالي طوال السنين الماضية انك بالمجر ...فجاءة افاجأ عبر سودانيز اون لاين بانك موجود بامريكا ...
ياريت لا تحرمنا قصتك ...
ربنا يحفظك من كل سوء أخي ويرد غربتنا جميعاً سالمين وبلادنا سالمة ...
| |
|
|
|
|
|
|
| |
Mohammed Ibrahim Othman
رأفت ميلاد
hammama
محمد حيدر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست