أهو الترفيه الذي يمنحنا فُسحة لنتجول في دواخل النفس البشرية ونبحث عن مخزون الغرائز المكبوتة ، أم أن الوجدان عصيٌ على التصنيف ؟
لن نلعب بالعواطف الملتفة بالغرائز ، ولن نعبث بمطلق عواطف الآخرين وهي تمخر عُباب البحر الواسع الذي يسمونه الحياة . يقولون في الصناديق التي نحملها فوق أكتافنا مخزون من المعارف منذ قبل الولادة تتبعنا منذ تاريخ طويل ظفرت به مسيرتنا منذ دهور ، شكلت المطبوع بأختام الوراثة : ـ
" من الشكل ومن الملامح إلى الغرف الداخلية وخزانات الخاص في حيواتنا ، وإلى الإرث الثقافي بكل أحماله ، ما خف منها وما ثَقُل .... "
متى نستريح من البؤس والشقاء الذي نُلامسه في كل لحظات الحياة ؟ لِمَ يتوجس كبار السن عند سماع الضحكة ؟ هل البهجة ، ... مُطلق البهجة خروج عن القوانين والأعراف ؟
إرث مُثقلٌ بالممنوعات ، كلها ضد الغرائز ، بدعوى تنظيمها وغسلها كما تقول دفاتر الحيثيات ، أو الرغبة في تسييرها على قُضبان الحياة : شكلاً ومحتوى ، ونحيا بؤساً لا أول له ولا آخر .
قال أحدهم وقد استنطقناه عن سر الفجوة بين العلن والخفاء :
ـ ألا يكفي البؤس من الفاقة و ظلم ذوي القُربى ؟ ، لِمَ لا نفرَح ؟. لِمَ تُفتشون في كل لمحة من ملامحنا بقرون استشعاركم تبحثون بروح استنكارٍ في مواضع الخروج عن المألوف . دعونا نتنفس .
نرجو أن نستمع للفيديو هنا بحس مَن يتأمل : في الغناء ، وفي طرائقه ، وفي الكلمات ومعانيها وفي التطريب وفي الرقص وما خفيَّ وفي الموسيقى .
المكان والزمان والمناسبة لا تهُمنا ، فقد قدمت ( يوتيوب ) جُرعة وأطلقتها في السماء ، وإنها لتجارة رائجة ، مبذولة للقاص والداني .
الكون مساحة مفتوحة ، وفي زمن قصير من المشاهدة مع السمع يُمكننا أن نعرف كيف يعيش الكثيرون دُنياهم ، وهي نسمة من عطور إمبراطورية الغرائز التي تأخذ حيزاً من العقل ومن الجسد ، فيما نُخفي وما نُعلِن . العُرف والتقاليد والأعراف وخُبز العقائد ، واختلاف الأجيال ، والمكان والزمان وتاريخنا في الوطن وفي المهاجر والمنافي : تتلون الدُنيا بهم جميعاً ويتلون الناس .
دعونا نتأمل بُرهة قبل أن نقول شيئاً ، دعونا نُجرب أن نأخذ الجُرعة كاملة ، ونُفكر بمهل :
Nada Elgal3a - Eldago Mino Ya Nas ندى القلعة : الدَقو مِنُو يا ناس ؟
أخي عبدالله سلام على روحك الطيبة أراني أخرج اليوم عن النص فأقول ما ليس معتاداً مني وعني ولكنك أثرت من المواجع التي أتت بهبوب الذكريات الجميلة من مرابع الغناء والطرب والتطريب في الزمانات الجميلة يوم كان الفن رسالة يموت صاحبها جوعا وليس مصدر ثراء ووجاهة .. كان موهبة وابداع وانتقاء. قـدْ يكونُ منْ حُسن ِالذوق ِأنْ تقطفَ الورودَ لتُزيـّنَ بها مِزهَريـّتكَ.. و لكنّ قطفـَـها منْ روضتِها لتصبـحَ كذلكَ فهو منْ قلـّة الذوقْ.. ! * طالتْ غُربتـُكَ –غيبتـُكَ – لمْ تعُدْ تسْقي منتدَى حياتنا الثقافية الحرُوف البهية.. - هل كانْ لزامًا أنْ نتركَ بلادنا لقلمٍ أجْوفَ لا يعرفُ منَ البهاء سوى نضارةِ حذاء مغنية برّاقْ ..؟ ولا معنى للحُسن عندها إلا فيما يلفـّهُا من ثياب ٍأنيقةٍ..مكابرًة بكلماتٍ خرقاءَ مثلها تلوكها.. ! * تركنا أمكانَنا للحمق والحميقات وقدغرّتهُا مجاملاتُ الآخرين، فصارت بعدها مشهورًة مثل الكابلي ..ذات حظوة ٍوسمـعةٍ و مقال ولك أن تتخيل المقال ٍ..غالبَت الذوقَ بكلماتٍ نافرة ٍ من حروفها .. لأنها رُكّبتْ فوقَ بعضها ، كما يُطرقُ مسمارٌ في خشبةٍ عصيّةٍ .. فلا هو يجد مكانًا .. فيستقرَّ فيه.. و لاهي تسلمُ من طرقه الأخرق ِ..فترتاحَ منـه. * آهٍ..منك أيها المنافحُ عن نبضاتنا ، بما ﭐعتلاها من خفق ٍعيٍّ أثقلَ مسيرَها و أعيا دروبَها و أنفاسَها وسْطَ قلوبنا الموجعةِ ،بسخافةٍ شبهِ غناء وطرب رحم اللع الخليفة هارون الرشيد ورحم الله الولادة بنت المستكفي .. رحم الله الموصلي وزرياب .. رحم اللع عُريب ومسار ووجد .. وأمد الله في عمر حنان النيل مناورةٍ ظلامََها بما تبقـَّى فيها من جذوةٍ يتيمةٍ..تُبقي اليأسَ و تذرُ الحنينْ.. ! دعنا أخي الحبيب نقول لكل مبدع ومبدعة وموهبة حقيقية:
*لا تترُكْ مكانَك لأحدٍ غيركَ..سوى أنْ يكونَ له في مثل همّــتِكَ شبهٌ لكَ حتى نترحّمَ على من ولى وندعو للأحياء منهم بطول العمر حتى لا يقصر ذينكم أعمار أسماعنا، ونقول ربما هناك قلة في الساحة استودعتها ما ﭐستوْدَعتَ خلفكَ من من أحسْنوا الأداء والاختيار..لعلّ الأجيالَ القادمة َ تشرقُ بصوت ٍ عصيٍّ على التّـرهاتِ..أصوات نديٍّة بأصالةٍ عريقةٍ..مُتماهِيةٍ في حداثةٍ غارقةٍ في الوضوح المباركِ..مُنداحَةٍٍ بالقيَم و الأخلاقْ..!
فلا ترحل ولا تنقرض الأصوات والكلمات والشجو الجميل!
01-11-2008, 06:54 AM
عبدالله الشقليني عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: أخي عبد الله سلام على روحك الطيبة أراني أخرج اليوم عن النص فأقول ما ليس معتاداً مني وعني ولكنك أثرت من المواجع التي أتت بهبوب الذكريات الجميلة من مرابع الغناء والطرب والتطريب في الزمانات الجميلة يوم كان الفن رسالة يموت صاحبها جوعا وليس مصدر ثراء ووجاهة .. كان موهبة وإبداع وانتقاء. قـدْ يكونُ منْ حُسن ِالذوق ِأنْ تقطفَ الورودَ لتُزيـّنَ بها مِزهَريـّتكَ.. و لكنّ قطفـَـها منْ روضتِها لتصبـحَ كذلكَ فهو منْ قلـّة الذوقْ.. !
B] العزيز الحبيب : أبو بكر يوسف إبراهيم ما أثار قلمك ، أثار قلمي .
أحكي لك :
كنا ذات أمسية نتجمع في نادي السودان الاجتماعي وقت أن يمنحنا الزمان فُسحة . كان اليوم خميساً . كانت الصالة الكُبرى مُستأجرة لحفل للسيدة التي جلبنا وصلة غنائها . فجأة وبدون إنذار وجدنا الدار مغلقة ، وأكثر من خمس سيارات من الشرطة تطوق المكان . فقد كانت الجمهرة تقف عند كل باب من أبواب الدار . عبرت للدار بصعوبة كبيرة وبمعرفة أني سكرتيراً لمنتدى السودان الفكري . وجدت الجمهرة على بوابات القاعة . زعيق وصراخ من الزحام . سباب نابٍ تقشعر منه الأبدان . كان مشهداً ليست غرابته من الزحام بل أن هنالك من لم نشاهده طيلة سنواتنا لم يحضر إلا لمشاهدة هذا الحفل الذي تعده جهة خاصة . الرؤوس تدور من ثقل ما بها . غادر الوعي كل الوعي الساحة ذاك اليوم . جلسنا نحن في ساحة الدار مُنكمشين كالمجذومين من غرابة وجودنا ذاك اليوم . تحدث أحد الأصدقاء :
ـ إن مطربين على قدر من ثراء الوجدان يأتيهم المشاهدون بعدد على أصابع اليد ، ماذا حلت بتلك الأجيال ؟.
سيدي في المقام أبو بكر
نقف عند عتابك بالكثير من التقدير ، ونسأل أنفسنا :
ـ أ نقف موقف الذي يشاهد الظاهرة سلباً ، أم ندلف مملكة الغرائز ونعرف ما أسباب تلك الظواهر ؟. لم يكن جلبناالوصلة ترويجاً أو استحسانا ، ولكنه في مُجمل العرض إن نزعناه عن الصياغ يمكن أن يكون ترويجاً فآلة الإعلام تقبل الشيء وضده .
من السهل أن نقول كما قال مالك في الخمر ، ومن السهل أن نترُك الظاهرة التي يتقاطر لمشاهدتها أجيال وأجيال تفعل فعلها فيهم. لبِست لبوس الغناء والرقص والموسيقى والعروض الخفية وأخذت جمهرة من البشر ، سيدات وأطفال وشباب لا حصر لهم .يتعين النظر إليها كظاهرة تستحق الدراسة ، لا أن نصُم آذاننا .
قارن تلك الكلمات التي نسمع في الوصلة وتلك الكلمات التي كتبها أحمد محمد علي منذ زمان طويل ولحنها برعي أحمد دفع الله وغناها عبد العزيز محمد داوود :
همسات من ضمير الغيب تُشجي مسمعي وخيالات الأماني رفرفت في مضجعي وأنا بين ظنوني وكياني لا أعي **** عربدت بي هاجسات الشوق إذ طال النوى وتوالت ذكرياتي عطرات بالهوى كان لي في عالم الماضي غرام وانطوى
لك تحية طيبة وكثير ود لما تفضلت به من ثراء نحن أحوج له.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة