|
يا صاحب الاستقلال نرجوك عد الينا
|
خطاب مولانا السيد محمد عثمان الميرغني
رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي رئيس التجمع الوطني الديمقراطي
بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال السودان
أول يناير 2008م
أيها المواطنون الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يطيب لي أن أخاطبكم في هذا اليوم المبارك الذي يصادف الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال السودان وأرجو أن تسمحوا لي ونحن نحتفل بهذه الذكرى العطرة أن أحيي عبركم الآباء المؤسسين الذين ناضلوا ونافحوا وكافحوا من أجل أن يسترد الشعب السوداني الكريم حريته واستقلاله وسيادته، وعلى رأسهم أبو الوطنية مولانا السيد علي الميرغني طيب الله ثراه، والزعيم الشهيد إسماعيل الأزهري والشريف يوسف الهندي والامام عبد الرحمن المهدي والسيد سرسيو ايروا، وبقية العقد الفريد فلهم منا التحية والتجلة لما بذلوه من تضحيات ونكرات ذات.
ولعله من محاسن الصدف أن يتزامن احتفاء الأمة السودانية بعيد استقلالها الثاني والخمسين مع عيد الأضحى المبارك وأعياد الميلاد المجيد وأعياد رأس السنة والسنة الميلادية و التطلع للعام الهجري الجديد أعادها الله على الجميع بالخير واليمن والبركات.
أيها المواطنون الكرام:
لابد لنا ونحن نحتفل بالذكرى الثانية والخمسين للاستقلال من وقفة قصيرة لمراجعة التجربة السودانية خلال الخمسة عقود المنصرمة من عمر استقلالنا المجيد، وما أسفرت عنه من نتائج ايجابية وسلبية والاستناد إليها لبلورة برنامج عمل للتطبيق على أرض الواقع. تأتي هذه الذكرى وبلادنا تمر بمرحلة حرجة ودقيقة باتت تهدد أمن الوطن وسيادته واستقراره ووحدته. الأمر الذي يلقي على كاهل الجميع مسئولية وطنية كبيرة ، تتطلب بذل الجهد لتحقيق الوفاق الوطني الشامل حتى يسود الاستقرار ويعم السلام. ولقد تصدى الرعيل الأول للحركة الوطنية ، بقيادة مولانا السيد علي الميرغني ، لمعركة الاستقلال والحرية ، وبناء السودان الجديد من واقع التعدد العرقي والثقافي والديني ، الذي تميز به الشعب السوداني. وأدت هذه النظرة الثاقبة إلى التعايش السلمي واحترام الرأي الآخر، وجعلت من المواطنة هوية سودانية ، ينصهر فيها كافة أبناء السودان. كما جعلت من صندوق الاقتراع الحكم والفيصل الذي يخول الحق في ممارسة السلطة واتخاذ القرار ، ويُمكِّن جميع المواطنين من الإسهام في الحياة العامة وممارسة حقوقهم الأساسية.
أيها المواطنون الكرام:
تأتي الذكرى الثانية والخمسين للاستقلال وبلادنا تمر بمرحلة حاسمة وحرجة في تاريخها المعاصر وتواجه أخطاراً جمة تهدد أمنها واستقرارها الوطني، بل وحدة وسلامة شعبها وأرضها. وأنه لمن الضروري أن يعي الجميع، حاكمين ومحكومين، هذه الأخطار والمهددات وأن ينظروا إليها من منظور وطني شامل ومتجرد ، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة والمصالح الحزبية الضيقة، ونود أن تؤكد أن المخرج الوحيد من هذا المأزق المستفحل هو الحوار الوطني الجاد والمسئول، الحوار الوطني الذي تشارك فيه كافة القوى السياسية وقوى المجتمع المدني ، الحوار الوطني المبرأ من التدخلات والأجندة الأجنبية ، والرافض للحرب والاقتتال والتكتلات العدوانية . وتحقيقاً لهذا الهدف النبيل قمنا بطرح مبادرتنا لتحقيق الوفاق الوطني الشامل ، تلك المبادرة التي وجدت القبول ومباركة القوى الفاعلة، وهي في مجملها تدعو لجلوس كافة الأطراف المعنية حول مائدة التفاوض بدون شروط مسبقة ، لأجل تحقيق الحد الأدنى من الوفاق الذي يؤمن سلامة الوطن ويحقق التحول الديمقراطي المنشود ويرفع المعاناة عن كاهل المواطنين.
أيها المواطنون الكرام:
لقد تابعنا بقلق الأزمة التي نشبت بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان حول مسار تنفيذ بنود اتفاق السلام الشامل الموقع بينهما في نيفاشا في يناير 2005م، وقد أسعدنا اتفاق الشريكين على تجاوز الأزمة.ونود أن نؤكد، في هذه السانحة، أننا حرصنا وسعينا منذ بداية التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية لدفع الطرفين للتواصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف الحرب وسفك الدماء، وأكدنا لهما موافقتنا المسبقة على ما يتوصلان إليه من اتفاق شريطة إشراكنا وبقية القوى السياسية في الأمر، حتى يخرج الاتفاق من الثنائية ويكون اتفاقاً قومياً مجمعاً عليه . ولعل ما حدث من عثرات في التطبيق والتنفيذ ناتج عن هذه الثنائية التي ادت لاقصاء الآخرين.
إننا ما زلنا عند موقفنا المؤيد لاتفاقية السلام الشامل ونطالب الشريكين بضرورة الالتزام بالوفاء بما تعاهدا وتوافقا عليه خاصة فيما يتعلق بإرساء قواعد التحول الديمقراطي وتفعيل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ووضع مصالح البلاد والمواطنين فوق المصالح الحزبية الضيقة إضافة إلى تحقيق التنمية المتوازنة وإعادة إعمار وتنمية ما دمرته الحرب في الجنوب على وجه الخصوص بحيث يقود حق تقرير المصير في نهاية فترة الانتقال إلى دعم خيار الوحدة وجعله خياراً طوعياً جاذباً . ومن ذات المنطلق الذي أفضى إلى اتفاق شريكي نيفاشا بخصوص تفعيل وتسريع تنفيذ الاتفاق ، فإننا نطالب حكومة الوحدة الوطنية، وتحديداً الشريكين الأساسيين فيها، بالالتزام بتنفيذ اتفاق القاهرة الموقع بين الحكومة والتجمع الوطني الديمقراطي ، والذي يتضمن، على سبيل المثال لا الحصر، تعديل القوانين المتعارضة مع الدستور والمقيدة للحريات ، وإعادة المفصولين لأسباب سياسية إلى عملهم ، أو تعويضهم ، ورد المظالم ورفع الضرر ، وتحقيق الإصلاح الإداري والاقتصادي المنشود ، الذي يؤمن الغذاء والكساء والصحة والتعليم لكافة قطاعات الشعب السوداني. ونتطلع الي شريكي الحكم لتعزيز مشاركة التجمع الوطني الديمقراطي في مؤسسات السلطة في جوبا والخرطوم.
أيها المواطنون:
لقد ظللنا نتابع بقلق ما يدور من حرب واقتتال في دارفور وما يتعرض له المواطنين الأبرياء من تشريد ونزوح ولجوء وظروف معاشية وحياتيه بالغة الصعوبة والتعقيد ، بصورة لفتت أنظار المجتمع الدولي برمته وأدت إلى تدويل المشكل.
وإنطلاقاً من مسئوليتنا الوطنية ، ظللنا نتابع ما يدور في دارفور ، وأجرينا اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية داخل السودان ، ومع المسئولين بالدول والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية المهتمة بالأمر ، بُغية تضافر الجهود للمساعدة في التوصل لحل عادل وشامل ونهائي لمشكلة دافور ، وكان آخر لقاء مع السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية ظهر الاحد 30ديسمبر 2007م .
كما أجرينا العديد من الاتصالات والاجتماعات مع المجموعات التي تحمل السلاح بدارفور ولم توقع على اتفاق أبوجا ، وطالبناهم بضرورة توحيد مواقفهم ورؤاهم ، والاتفاق على موقف تفاوضي ، موحد يساعد في تسريع المفاوضات الجارية بينهم وبين الحكومة، ولعله من المناسب في هذا المقام مطالبة الحكومة بضرورة إشراك القوى السياسية الوطنية الفاعلة في حل هذا المشكل.
الأخوة جماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي:
لقد ظل حزبكم الاتحادي الديمقراطي، حزب الحركة الوطنية، أميناً على مبادئه وأهدافه التي تتمثل في المحافظة على وحدة البلاد شعباً وتراباً، وحق الشعب السوداني في حياة حرة وكريمة في ظل نظام ديمقراطي تعددي، يمارس فيه حقه الأصيل في اختيار من يمثله ويحكمه، وضمان حقوق الإنسان الأساسية وحرية الرأي والمعتقد والتعبير والتنظيم ، والتبادل السلمي للسلطة ، عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتحقيق التنمية القومية الشاملة والمتوازنة . هذه المبادئ الاساسية سيظل الحزب الاتحادي الديمقراطي حريصاً على تحقيقها وتعزيزها ، بالتعاون مع كافة القوى السياسية وقوى المجتمع المدني التي تؤمن بذات المبادئ والأهداف.
إن المرحلة الحالية، بما يصاحبها من مخاطر ومهددات تتطلب لم شمل الاتحادييين وتماسكهم وهم صمام الأمان لوحدة السودان. إننا نجدد دعوتنا لجماهير الحزب وقياداته للتعاضد والتماسك ونبذ الفرقة والشتات ، وتوخي الحيطة والحذر، والوقوف صفاً واحداً صلباً أمام ما يحاك من مؤامرات لاضعاف دور الحزب المرتقب والمرتجى علي الساحة الوطنية .
( لقد ابتغوا الفتنه من قبل وقلبوا لك الامور حتي جاء الحق وظهر امر الله وهم كارهون) صدق الله العظيم.
ختاماً نكرر التهنئة لكم بذكرى الاستقلال الثانية والخمسين ، سائلين الله العلي القدير أن يعيدها على الجميع وبلادنا موحدة وقوية ومتماسكة شعباً وأرضاً.
والله الموفق وهو المستعان
|
|

|
|
|
|