|
Re: صالحة (حي المطار الجديد )..التهجير القسري والمنطق المعوج (Re: فتحي الصديق)
|
جريدة الصحافة العدد 5218 الصادر في 30/12/2007 بسبب «سموم طورية والمياه المالحة» سكان «صالحة»يشكون حالهم لطوب الارض.. ولا حياة لمن تنادي اذا كنت من سكان منطقة «صالحة» التي تقع في الطرف الجنوبي الشرقي لمدينة ام درمان، وطلب منك ان تجهر عن امانيك فلا اظنك تطلب اكثر من ان تخرج من منزلك في الصباح الباكر لترى مخططي الريف وقد بدأوا في تنظيم الناحية ايذاناً بدخول المياه «الصالحة للشرب» لتستريح «الحمير» التي ظلت لعقود تتكفل بحملها الى نصف سكانها تقريباً، او ان تقضي وعائلتك ليلة كاملة دون ان تستنشق الروائح الكريهة والقاتلة التي يرسلها كل مساء «جبل طورية» والكسارات المنتشرة بجواره الى المنطقة، او تنام مطمئناً ومعك اكثر من «350» ألف ساكن بعد ان يطمئنك مسؤول موثوق فيه بان نسبة الملوحة في مياه المنطقة غير مضرة بالصحة العامة وان ما يشاع عن تمدد الاصابة بالفشل الكلوي بين القاطنين «حديث مجالس». فالقرية الجميلة التي ترقد على الصفحة الغربية للنيل تنام ومعها هم لا تحمله الجبال، فسكان المنطقة التي تكبر يوماً بعد يوم لا حديث لهم غير «المياه المالحة» وما تفعله وينتظرون بفارغ الصبر ان يناموا دون ان يستنشقوا الهواء الملوث ببقايا مستشفيات العاصمة ويكبر حلمهم يوماً بعد يوم في ان يدخل التخطيط الى شوارع منطقتهم. تحقيق: فرح أمبدة فاض الكيل: لقد فاض الكيل بسكان «صالحة الجميلة» وطال انتظارهم لمهندسي تنظيم القرى بعد ان منحهم توصيل الصنبور الرئيسي للمياه الى المنطقة «املاً كبيراً» في ان الفرج قريب. ويقطن المنطقة التي تقع في الركن الجنوبي الشرقي لمدينة امدرمان اكثر من 350 ألف نسمة والعدد في تزايد مستمر، وتتوزع في ثمانية قرى ارتبطت ببعضها البعض وتآلف سكانها بصورة فريدة، ومعظم احياء صالحة نظمها السكان وفتحوا وسطها الطرق والممرات وعمروا المساجد والمدارس ورياض الاطفال من جهدهم الذاتي ولم ينتظروا من مسؤولي الولاية غير تقنين الوضع حتى يتمكنوا من ادخال المياه الى المنازل واستبدال «شبكة المياه» المرتبطة بالخزانات المحلية بشبكة مياه المدينة. روائح الموت: يقول سكان المنطقة انهم قلقون من الروائح الكريهة التي تنبعث كل مساء من جهة جبل طورية حيث تقلب مخلفات المدينة، ويتحفظون على ما قيل من ان السلطات المحلية اوقفت استخدام الجبل كمكب للنفايات. احد سكان المنطقة يقول إن ابنه اصيب بداء الازمة جراء الادخنة المنبعثة من جبل طورية، وذكر آخر انه ذهب الى المركز الصحي للمدينة ليجد عشرات الاطفال في انتظار الطبيب بعد ان اصيبوا بامراض صدرية متنوعة. ويعد جبل طورية من اقدم المكبات التي كانت تستقبل نفايات ام درمان وعلى الدوام كان سبباً في التقليل من اهمية المناطق المجاورة له، وعادة يفضل سائقي السيارات العاملة في نقل النفايات تفريغ حمولتها فيه لقرب المسافة بينه وبين قلب المدينة، وكان الى عقدين ماضيين بعيداً عنها بيد ان التوسع الذي لازم منطقة الفتيحاب وما جاورها جعل منه ملاصقاً لها، الامر الذي استدعى اصدار قرار بطمره، وهو ما يشكك سكان المنطقة في تنفيذه. ويتحدى سكان صالحة اي شخص يقول بان طورية لم يعد مكباً للنفايات بان يقضي ليلة او ليلتين معهم، «كيف يقولون ان طورية لم يعد مكاناً للنفايات ونحن نسهر الليل في استنشاق روائحه النتنة»، بعض السكان يقرون بان الروائح لم تعد كما كانت في السابق ولكنهم يشيرون الى روائح اخرى تنبعث من الكسارات المنتشرة في المنطقة التي تقع غرب جامعة امدرمان الاسلامية. يقول احد العاملين في كسارات الصخور ويدعى «حمدان» ان الروائح تنبعث عندما يتعمد العمال استخدام براميل الزفت واطارات السيارات المتهالكة لتفجير الصخور الضخمة ويؤكد ان السلطات المحلية تمنع ذلك وقد ارسلت خطابات تحذر الشركات العاملة لكنها حسب قوله لا تراقب ما يجري اذ ان العملية لا تتم الا في جوف الليل. جميلة وعطشى: ومن بين اماني سكان صالحة وهي من المناطق التي تعد واجهة البلاد عندما يتم تنفيذ المطار الجديد، ان تصل اليهم المياه الصحية فقد ظل سكانها يعتمدون على صهاريج قديمة تمدهم بمياه بها نسبة عالية من الملوحة، ويدركون ان المدخل الى ذلك تخطيط منطقتهم وتثبيت ملكيتهم لها. ولم يشفع لهم الجهد الذي يبذلونه بفتح الشوارع وتعمير المساجد وتركهم المساحات للميادين والمدارس، وظلوا منذ عام ينتظرون ان يتحقق حلمهم في ان يتفرع صنبور الماء الضخم الذي مدته حكومة الولاية حتى المنطقة الى داخل الاحياء، لكن خطوة توصيله الى المنطقة انتهت بدفنه في باطن الارض دون ان تتبعها خطوة اخرى وهذا ما يجعل المتندرين بصالحة بتسميتها بالمدينة العطشى. ولصالحة التي كانت حتى عقدين من الزمان قرية صغيرة نكهة خاصة لكونها زاوجت بين طبيعة الريف وقاطني المدن، واذا كنت من سكانها وقدر لك ان تستيقظ في الساعة الخامسة فجراً، فسوف تسمع جلبات عربات الكارو التي تجرها الحمير وهي تمر في الشوارع الضيقة في سباق الى خزان الماء، اذ ان اكثر من نصف سكان المنطقة لم تصلهم شبكة المياه القديمة، في المقابل فسترى عشرات السيارات الفارهة وقد خرجت من الجوف في طريقها الى المدينة. وتعد صالحة من المناطق الجاذبة للموظفين متوسطي الدخل وعلى وجه الخصوص الصحافيين وضباط الجيش والشرطة وبقية الاجهزة الامنية وعرف بعض المسؤولين طريقها، وقد اكتشفها أخيراً ساكنو الاحياء الراقية من لهم مقدرة على اقتناء منازل ريفية، لكن المنطقة تأخذ جمالها من طابعها الريفي الطاغي. أحمد اسحق «ضابط في القوات النظامية» خرجت من المدينة بعد ان استهلكت مدخراتي في منازل الايجار.. لم تعد لي حاجة لاضيع ما تبقى منها.. واسحق كان مستأجراً في حي الموردة قبل ان ينصحه احد رفقائه بالذهاب الى «الصالحة» وهو الاسم الذي يتداوله القادمون الجدد اذ يكتفي السكان الاصليون وهم من بطون الجموعية بتسميتها بـ «صالحة». يقول اسحق.. لقد اشتريت قطعة ارض في المنطقة وبنيتها واصبحت من سكانها واصبحت بذلك اتندر على زملائي الذين كانوا في السابق يعتبرونني معتوهاً لمجرد انني خرجت من الموردة. واسحق يأمل مثل آلاف السكان ان يتم التخطيط في اقرب فرصة وان يزاح عن كاهل سكان المنطقة «حمل الموية المالحة». مشكلتان فقط: لكن مشاكل المنطقة لا تنتهي عند المياه المالحة، حسب جاره يوسف سعيد بل تمتد للسموم التي تبثها الكسارات، يقول: لا ينقص صالحة غير ازالة هاتين.. الموية المالحة والروائح، ويضيف: كلما اسمع عن تزايد الاصابة بالفشل الكلوي اضع يدي في قلبي. جاره سليمان الذي يقطن المنطقة منذ 12 عاماً أكد ان مسؤولين من الصحة اكدوا لهم منذ سنوات بان المياه رغم ملوحتها ليست مضرة بالصحة وانها ستنتهي مع الايام ويؤيد رأيه اصدقاؤه عندما يشير الى ان نسبة ملوحة المياه كانت في السابق اكثر بكثير مما هي عليه الآن.....
| |

|
|
|
|
|
|
|