|
هل شطح د. الشفيع خضر ؟
|
في مقال له؛ بعنوان: الأزمة متشابكة والفترة الانتقالية مستمرة منذ فجر الاستقلال، أي تغيير لا يهز البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي يظل ناقصا إنه آت لا محالة!: جريدة البيان 28 فبراير 2003
كتب د. الشفيع خضر؛ عضو قيادة الحزب الشيوعي؛ وعضو المكتب التنفيذي للتجمع ؛ ضمن ما كتب؛ التالي:
----------------------------- مستقبل التجمع
وفي إطار السباق المحتدم نحو السلطة خلال الفترة الانتقالية، في حال التوصل لاتفاق، تعمل منذ الآن قوى مرئية وأخرى مستترة، لتفكيك التجمع باعتبار أن مرحلته قد انتهت، إن هذه القوى - بوعي أو بدون وعي - تعبر عن اتجاهات الأزمة وإعادة انتاجها، إن التجمع الوطني الديمقراطي وعاء يضم الأحزاب والنقابات وممثلي القوات المسلحة والشخصيات الوطنية، لكنه ليس مجرد كم حسابي - حاصل جمع مكوناته - وإنما هو صيغة جديدة في التجربة السياسية السودانية، صيغة نبعت من جملة من التناقضات الملازمة للممارسة السياسية في السودان منذ الاستقلال: الحلقة الشريرة، التناقضات المرتبطة بالممارسة الحزبية والبرلمانية، ارتباط السياسة بالطائفة والقبيلة، التناقضات الناتجة عن تهميش قوى مراكز الإنتاج الحديث (القوى الحديثة) وفى نفس الوقت تهميش قوى الأطراف (مراكز التوتر العرقي)، وصيغة التجمع تمثل أحد أوجه الصراع الاجتماعي في السودان وذلك على أرضية الصراع في إطار التحالف، لذلك فهو ليس مجرد جبهة معارضة من أجل إزالة النظام الديكتاتوري الحالي وحسب ، وإنما هو وعاء يدار فيه الصراع الاجتماعي حول كافة قضايا الوطن بصورة سلمية وديمقراطية وفق منهج جديد يصحح سلبيات الماضي ويمنع إعادة إنتاج الأزمة، والتصدي لقضية بهذا العمق يستوجب استنفار الشعب بأسره، وصيغة التجمع مساهمة فعّالة في هذا الصدد حيث ألتفت حوله الجماهير وعقدت عليه آمالها لا في الخلاص من الديكتاتورية فحسب وانما في إخراجها من ما يقرب من خمسين عاما من الإحباط وفي تحقيق تطلعاتها إلى وطن تترجم فيه الديمقراطية والحرية السياسية إلى حياة تزدهر ماديا وروحيا، وعلى هذا الأساس أدار التجمع نقاشا واسعا وعميقا حول قضايا إعادة بناء الدولة السودانية حيث تم التوصل إلى نقاط اتفاق واسعة ضمنت في مواثيق ومقررات التجمع، ولعل أكبر إنجاز كان مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا - يونيو 1995 - والذي يعتبر شكلاً مصغراً للمؤتمر الدستوري حيث تم الاتفاق على قضايا فصل الدين والسياسة ، شكل الحكم في الفترة الانتقالية بعد إزالة الديكتاتورية، إيقاف الحرب والسلام، البرنامج الاقتصادي الانتقالي، عقد المؤتمر القومي الدستوري خلال الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية وصولا لصياغة دستور دائم للبلاد، كيفية تنظيم الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية على أساس النظام الديمقراطي التعددي... الخ، وقد التزمت كافة أطراف الحركة السياسية السودانية باعتبار ميثاق التجمع وملحقاته من قرارات مؤتمر أسمرا التاريخي بمثابة الثوابت التي ستبنى عليها الدولة السودانية الحديثة الموحدة والمستقرة، ومؤخرا طرح التجمع مشروعا للإجماع الوطني يستند إلى تلك المقررات التاريخية، وذلك في مواجهة الحلول الجزئية التي في تقديرنا لن تتصدى لعلاج جذور الأزمة، وفي الحقيقة فإن مواثيق التجمع ومقرراته وحدت قوى متباينة، بل ومتعارضة، ظلت - لأسباب سياسية واجتماعية وتاريخية وإقليمية... الخ - تتخاصم وتتصارع حقبا طويلة قبل أن تقتنع بأن الوطن كله أصبح في مهب الريح وان خطرا داهما يتهددها جميعا، وان التفكير السليم يقول بان ما يجمعها من مصالح- في الحد الأدنى الضروري للحياة - أقوى مما يفرقها، وأنه آن الأوان كيما تلتقي بجدية واخلاص لصياغة واقع جديد في السودان يحافظ على دولته الديمقراطية الموحدة، ويهيئ مناخا ملائما للتداول السلمي للسلطة ولإنجاز مشروع تنموي لصالح الجماهير السودانية التي ظلت صابرة لعقود من الزمن لا تحصد سوى الريح، ولكن أبدا لم تفقد الأمل.
إن هذا التشخيص يفترض أن يظل التجمع موحدا ومتماسكا طيلة الفترة الانتقالية، وفي نفس الوقت ينفتح على كافة القوى الأخرى على أساس مواثيق أسمرا ومشروع الإجماع الوطني، فهل شطحنا يا ترى؟ -----------
المصدر: http://www.midan.net/nm/private/news/shafie28_11_03.htm
|
|
|
|
|
|