|
يا عيني ع البطاطا
|
رحم الله زماناً كانت فيه معظم السيدات يؤدين واجباتهن في المطبخ دون تذمر... وبمحبة أيضاً .... وهن يترنمن بأغنية (البطاطا...البطاطا) و قتها كان كثير من الرجال لا يزالون يمسكون بزمام القوامة ويقومون بواجباتهم أيضاً... مرة أخرى نعود لموضوع التخطيط ومن الباب الأخضر هذه المرة موضوع البطاطا، أعتقد جازماً أن هذه الأغنية تم تأليفها وتلحينها والتغني بها في إطار حملة ترويجية لتسويق البطاطس...مثل ما حدث في قصة (قل للمليحة في الخمار الأسود ...ماذا فعلتِ بناسك متعبد) ومن يومها أصبحت الخُمر السود لها سوقاً رائجاً ولا تزال... بفضل التحولات الاقتصادية والاجتماعية وزيادة النمو السكاني في المناطق الحضرية وجدت البطاطس موطئ صحن في المائدة السودانية. وبعد أن كانت تستورد (من الخارج) تعرف عليها المزارعون رويدا ...رويدا كمحصول نقدي ساهم في تحسين مداخيلهم وأصبحت مكوناً غذائياً هاما لشرائح مقدرة من المجتمع وتبشر بتطور كبير في الإنتاج والاستهلاك في اتجاه الأمن الغذائي الذي يسعى إليه الجميع. الموسم الزراعي الحالي للبطاطس كان استثنائياً وذلك بفضل اجتهاد المزارعين في ولاية الخرطوم . الإنتاج وفيراً والنوعية جيدة ولكن للأسف وجد المزارعين أنفسهم مواجهين بمشكلة التسويق الإنتاج أكثر من حاجة السوق المحلي أقصد سوق الخرطوم... لم يجدوا من يغني لترويج البطاطس .... ويقال أن أكثر من مليون شوال في المخازن الآن... وما أدراك ما المخازن. كما إن بعض المزارعين وجدوا أنفسهم في حالة إعسار. ويساورهم التفكير لاستخدامها كتقاوي للموسم القادم وهذا ربما يكون الحل الآني للمشكلة. أما البنك الزراعي رغم تحفظاتنا الكثيرة على طريقة وآلية التمويل إلا أنه قطعاً لن يرغب أو يتمكن من تمويل الموسم الزراعي القادم. و عليه التفكير مستقبلاً في إيجاد صيغ أخرى تمكن من المشاركة الحقيقية بين صاحب الجهد البدني /الفني /أصحاب الخبرات والمهنيين وصاحب رأس المال. الدولة يا رعاها الله ... رفعت الرايات الخضراء... و استنفرت الناس زراعياً ... فنفروا خفافاً وثقالاً .... يحملون معاولهم ويبذرون تقاويهم ... لكن ضجيج الهتافات أصم آذانها... ولم تفكر و تخطط بطريقة إستراتيجية كما تزعم وتردد صباح مساء. وإلا فأين نحن من التسويق ... التصدير... مصانع المنتجات الزراعية(شرائح البطاطس المجمدة/ رقائق البطاطس)... مخازن التبريد الجيدة. أما وقد فات الأوان فيتوجب عليها ألاّ تترك منتجا يُمْنى بالخسارة أو يذهب إلى السجن بسبب الإعسار. بهذا وحده يمكن للمزارع إن يزرع وينتج ويربح وتربح معه الدولة المتلهفة دوماً للجبايات ومختلف أنواع الضرائب والجمارك والرسوم. كان المزارعين يأملون أن يقتلع الفقر من جذوره مع قلعهم للبطاطس. ولكن لسان حالهم اليوم كما يقول الشاعر (حميد): (كان بوشنا في حش التمور ... الليلة دوشنا مع اللقيط). رئيس اللجنة الزراعية بالمجلس الوطني طالب الدولة بالتدخل وشراء المحصول ونقله من العاصمة إلى المناطق الأخرى ... شكراً سعادة النائب المحترم ناس الأقاليم ما ناقصين بطاطس وليسوا مكباً لقمامة العاصمة أكلوها أنتو... حمروها...خللوها... ولا أقول ليكم أقطعوا فيها غنوة أو مدحة وأقترح أن تكون بعنوان ( بِت الكلب آ البطاطس). الخلاصة: تسويق ضعيف/تخزين غير سليم/تصدير مقفول/بطاطس متعفنة/ مزارع مطالب ومطارد/ديون بنكية هالكة والنتيجة الحتمية عزوف عن الزراعة...إلى متى يستمر هذا العبث ... العشوائية... والخسائر الفادحة أم أنها محض ابتلاءات ...اللهم لا تمْحِنَّا ولا تبلينا... ويا عيني ع ... البطاطا. الطيب الشيخ [email protected]
|
|
|
|
|
|