|
|
 الجلابة رحلوا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
|
حاطب ليـــــــل
عبد اللطيف البوني
الجلابة رحلوا
في اغنية جوبا الشهيرة « ياخي كفارة لي انا سوري «SORRY» لي انت » التي جاء فيها:-
يوم في البص لقيتو.. حباني حبيتو
سألت عنوانو.. في الملكية لقيتو
هكذا ببساطة حب من اول نظرة والتوجه الى حي الملكية ، ولكن الذي نحن بصدده ما جاء في الاغنية « سوقني معاك يابابا لي حي الجلابة» وقريب من هذا ما جاء في الاغنية الكردفانية «ما بدور برا»:
نحن ديلا بنات تلاتة
مشينا لينا لي قعر درابة
لقينا لينا وليد جلابة
فارش عمة بقرا في كتابة
أكان ما اخدتو قولوا لي كضابة
فالشاهد في الاغنيتين الشعبييتين انهما ذكرتا الجلابة بخير بل وبمحبة..
مناسبة الرمية اعلاه هي ان السيد باقان اموم اخذ يكثر في الاونة الاخيرة من ذكر دولة لجلابة وضرورة تفكيكها ففي مقابلة معه اجراها زميلنا الاستاذ عارف الصاوي بصحيفة «الصحافة» الغراء سأله عن تفكيك دولة الجلابة بالمعنى الثقافي وليس العنصري، فرد سيادته بأن اتفاقية السلام الشاملة فتحت الطريق لتفكيها وفي خطبته الجماهيرية الاخيرة تحدث عن ضرورة زوالها واوضح انه يقصد سيطرة الثقافة العربية الاسلامية وفرضها على الآخرين بالقهر.
دولة الجلابة هي احدى النظريات التي حاولت فهم واقع التمايز والتباين في السودان والجلابة المقصودون هنا هم مجموعة التجار والافندية المنحدرين من وسط وشمال السودان الذين ضربوا في بقاع السودان ممارسين للتجارة او موظفين تابعين للدولة، واحيانا يتم التفريق بين الجلابة والافندية فالاوائل نظر اليهم كمستغلين للبسطاء الذين يتعاملون معهم خاصة في الجنوب قصة التاجر الذي يشتري الديك ويبيع ريشه بأغلى من سعره وردت حتى في كتاب مولانا ابيل الير. الافندية هم طلائع الحداثةولكن الذي يجمعهم بالجلابة هو ان كليهما «متهم» بنشر الثقافة العربية الاسلامية على حساب الثقافات المحلية.
واضح جدا ان نظرية دولة الجلابة لم تصمد كثيرا وبها من الثقوب ما يجعلها عاجزة عن فهم الصراع او التباين الثقافي في لسودان، فثقافة الوسط تبنتها الدولة في مناهج تعليمها وفي برامج اجهزتها الاعلامية، ثم ان عدد الجلابة ليس بالكثافة التي تتيح لهم القيام بعملية فرض ثقافة معينة لا سيما وانهم ليسوا من المؤثرين فيها اما سعي التجار للربح المشروع وغير المشروع فليس مرتبطاً بأقليم معين واهم من كل ذلك هم الآن قد عادوا على الاقل من الجنوب الى العاصمة .
تبنى الراحل جون قرنق نظرية المركز والهامش في تأجيج ودفع ثورته على المركز فالدولة السودانية عند جون قرنق ظلت أسيرة للمركز في كل سياساتها وكان ذلك على حساب اطراف السودان البعيدة عن المركز التي ظلت مهمشة ومعزولة عن الثروة والسلطة. واعتبر قرنق حركته طليعة لثورة المهمشين في السودان فالتهميش عند قرنق لم يقم على اساس اثني او جهوي فاذا ما تغيرت البنية التحتية وحدثت عدالة في تقسيم الثروة والسلطة فان الهيمنة الثقافية سوف تنتهي تلقائياً وهنا ارتكز قرنق على الماركسية فيما يتعلق بالبنية التحتية والفوقية ولكنه لم يركن لنظرية الصراع الطبقي بالكامل رغم ان نظرية المركز والهامش بها من الثقوب ما يجعلها تعجز عن تفسير التباين في السودان الا انها اكثر تقدما من نظرية الجلابة، فنظرية سيطرة الجلابة «دقة قديمة» وتجاوزتها كل الوقائع فبالتالي لا سبيل لبعثها من جديد.. حتى نظرية التهميش محتاجة لمراجعة.. فالمهمشون اليوم موجودون في كل مدن واقاليم السودان، فالتنمية المتوازنة هي السبيل الوحيد لازالة الغبن وتحقيق العدالة.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست