أحلام مسافر: لو أنني طلت القمر لكتبت فيه أحبك!! .. للشاعر ياسر الحسن محمدعوض
ابوبكر يوسف إبراهيم
الصدفة البحتة هيأت لقائي بياسر .. طلب مني صديقي الشاعر فيصل سليمان أن أزوره ذات مساء على أن يمر بمنزل ياسر فذهبنا.. إستقبلنا ياسر بأريحية السوداني الذي تزغرد داره عندما تطؤها قدما ضيف . عرّفنا فيصل على بعضنا ، وكان أن يمر عليه فيصل ليحصل على نسخة من ديوان ياسر الذي صدر للتو ، فكرماً نفحني ياسر نسخة .. مر على هذا الحدث قرابة عام وكلما إنتأبتني السوانح أقلب في الديوان ( أحلام مسافر) وأقرأ ما تيسر تارة من شعر تفعيلة حر وتارة شعر حر بالدارجة السودانية المحببة إلى نفسي ، ولأنني أدرك موقنٌاً بأن من يكتب الشعر بهذه اللغة الدارجة لا بد وأن يكون ملم بكل المفردات المتداولة في وطنٍ طويل عريض تتباين فيه الأعراق والأديان والأعراف فتولد نوع من الموزاييك الثقافي الثري ..أما الشعراء الذين يكتبون الفصحي فحصيلتهم نتاج دراسة أكاديمية سبروا فيها بحور الشعر وعروضه واللغة بنحوها وصرفها ونصوصها وبلاغتها.
الديوان ينم عن خيال إبداعي خارج القالب العتاد والموروث من تليد الشعر التقليدي وبناءه ولكنه يتميز بأنه شعر تفعيلة حر يلعب فيه الشاعر بصور يبدعها في خيالاته ويعبر عنها شعراً في إحساس مرهف وذوق عالٍ .. ومن القصائد التي أعجبتني:
أعذريني إن جئت تحملني الخطاوي أحمل القلب الكسير أعذري إن جئتُ مغلولاً من الأشواق كالحمل الغرير إن جئت أسبق الرياح لأحتسي الكأس الأخير
ولعلني أصوب بعض الإخطاء اللغوية مثل كلمة ( أعزريني) فلربما هذا خطأ مطبعة ويبدو أن المراجعة لم تنل حظها ولكن هذا لا يعيب بينية القصيدة وجمالياتها ، ولو أن ياسر إستبدل تعبير ( كالطفل) بدلاً من ( كالحمل) لكان أجمل ولكن أيضاً يباح للشاعر ما لا يبح لغيره فلربما الحالة النفسية في لحظة المخاض أفرزت هذا التعبير ولكن القصيدة عندما تنشأ لا تأخذ شكلها الأخير بل لا بد من إعادة صياغة لبعض المفردات التي رأت النور في لحظة الميلاد ولا بد أن تخضع للتصحيح اللغوي ، ولكننا على أي حال نشد على يده ونربت على كتفه ونقوي من عضده على إبداعاته وتوثيقها في ديوانه الذي أحسب أنه البكر.
ومن القصائد التي أعجبتني وإستخدم فيها اللغة الدارجة قصيدة ( تلاقينا) التي يقول فيها:
حنيت لي تلاقينا وللماضي القديم فينا وللمرفا الهجرنا زمان زكان بالريده ضامينا ولي موعد لقانا الكان بيسرع عشان يلاقينا وجيت الليلة وحدي حزين دموع في العين وشوق وحنين لقيت طيفك وسالمتو حتى الطيف لقيتو ضنين بيسرع في خطاك ويفوت يزيد جرحي ويزيدني أنين
بإعتقادي أن الأخ ياسر يستطيع أن يرتاد آفاقاً أرحب لتويد الصور الجمالية لأنه يملك الموهبة وأن القصيدة تبدو كمن إستعارت عبارات لعب بها من سبقوه وهذا لا يعيب ولكني أطمح وأطمع أن يطلق ياسر جماح خياله للتأمل ومعايشة الحالة ، فحينه ستأتي الصور أجمل مما هي عليه الآن والعبارات ستكون أجود وهي بلا شك الآن جيدة ومبهرة وفيها شاعرية حالمة مثل روحه الجميلة .. فلنستقبل ديوان ياسر بالحفاوة التي يستحق فليس لدينا ما نأخذه عليه بل أنه أعطى أنموذجاً لشعراء الوطن في المهجر.. مبروك ياسر وننظر المولود الثاني في شغف حتى يؤنس وحدة ( أحلام)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة