|
|
 ما أكثر الإنتهاكات في بلادي ... !!!
|
إن المتتبع للشأن السوداني يجد أنه من الملل الحديث عن مجموع الإنتهاكات السياسية والدستورية وحتى الإجتماعية والثقافية في وقتٍ تتحدث فيه الطبقة الحاكمة عن تحولها الديمقراطي وممارستها الشفافة هي ومن انطلى عليه الموقف أو عجز عن النضال لسببٍ أو لآخر .. ولكني هذه المرة أحدث عن وقائع كنت شاهداً عليها ومساهماً في تشكيل بعضها مع الذين نذروا أنفسهم لخدمة قضايا البلاد الكبرى فلهم التحية ..
بتاريخ 23/4/2007 وحوالي الساعة العاشرة صباحاً تحركت مسيرة سلمية من المعاشيين والمفصولين من الخدمة من أمام برج الجزيرة بمدني لتسليم مذكرة لوالي الجزيرة تتعلق بمستحقاتهم التي لم يتم صرفها لهم منذ ثلاثة أشهر بالتمام والكمال ..!! وذلك لعمري بحثٌ يستحق الوقوف عنده كثيراً لما يمثله أولئك النفر من ابناء الشعب السوداني الذين منحوا الناس كل شئ ولم يجدوا منهم أو من الحكومات المتعاقبة في البلاد أي شئ !! ونأمل أن نعود لقضيتهم بشئٍ من التفصيل في مقال آخر ..
حاصرت قوات الشرطة هذه المسيرة ( خلف جامع الصائم مباشرة ) وهي في طريقها لمباني ولاية الجزيرة تفرق بعضهم بعد أن خاطبهم أحد ضباط الشرطة ثم جاء استاذنا الجليل/ مجدي سليم بما يعرف عنه من تصدي لهموم الناس في مدني خصوصاً وفي القضايا الكبرى على وجه العموم وطلب من ضابط الشرطة سحب قواته وسيقوم على فض المتبقين من المسيرة حتى لا يتم التصادم بينهم .. كان ذلك حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً وبعد أن تفرق الناس صعد الأستاذ / مجدي سليم الى مكتبه الذي لا يبعد عن مكان توقف المسيرة سوى أمتار معدودات (عمارة أبو ظبي) !
حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً من نفس اليوم حضر أحد رجال الشرطة لمكتب الأستاذ / مجدي سليم وأخبره أن أحد ضباط الشرطة في انتظاره خارج المكتب !! بعد دقائق قليلة نزل الأستاذ ليجد ملازم شرطة يخبره بأنه مطلوب في محكمة ( أمن المجتمع ) وبوصوله هناك تبين أنه تم القبض عليه ثم وجد نفسه أمام قاضي المحكمة ليحاكم كمتهم ثاني مع المهندس يعقوب الذي بدأ أنه المسئول عن المسيرة وقد أحضر من حراسة محكمة ( أمن المجتمع ) !!
تمت محكمة الأستاذ مجدي سليم والمهندس يعقوب تحت المواد (36/67/77) من القانون الجنائي لسنة 1991م !! وهي مواد تتعلق باثارة الشغب ومعارضة السلطة وعلى الفور بادر بعض الزملاء الذين تصادف وجودهم هناك لتشكيل هيئة دفاع وهم الأستاذ عمر عبد الجليل والأستاذه سهير أحمد عبد الله والأستاذ هاشم خلف الله وغيرهم وبالإستماع للشاكي وشاهد الإثبات أصدرت المحكمة حكمها بالبراءة ! بمعنى أنها حكمت في البلاغ موضوع التهمة موضوعياً .. بعد أن ناقشت الأدلة وقررت حكمها .. ولم تتعرض مطلقاً لإجراءات القبض وما شابها من قصور يصل حد انتهاك الحقوق الدستورية والقانونية تحديداً في مواجهة الأستاذ الجليل / مجدي سليم ..
المعلوم قانوناً أن السادة المحامين لا يجوز القبض عليهم إلا بعد أخذ الإذن اللازم من اتحاد المحامين وفقاً لنص المادة 48 من قانون المحاماة لسنة 1983م ويستثنى من ذلك حالة التلبس فقط بحيث يتم القبض على المحامي متلبساً ساعة وقوع الجريمة عندها فقط يجوز القبض عليه دون إذن وحتى دون أمر قبض ! ولما كان قانون المحاماة قانون خاص فالمعلوم فقهاً وقانوناً أن القانون الخاص يقيد القانون العام ..
وحيث أن الوقائع تمت كما أسلفنا فانه لا يوجد هناك تلبس بجريمة ما وقد تم القبض عليه دون مسوغ قانوني وبالرغم من حكم المحكمة بالبراءة إلا أن هذه الإجراءات جاءت باطلة منذ البدء مما استدعى أن يجتمع محامو مدينة مدني عقب ذلك وكنت بين الحاضرين وقتها وتم تكليف لجنة للمتابعة من خمسة محامين وهم :ـ
الأستاذه/ سهير أحمد عبدالله
الأستاذه/ الهام عبد العزيز كرار
الأستاذ/ عادل عباس صالح
الأستاذ/ يحي مهدي أحمد
الأستاذ/ طارق صديق كانديك
عقدت هذه اللجنة ثلاثة اجتماعات متوالية ووضعت خطة قانونية ورؤية للتصدي لهذا الإنتهاك الذي تعرض له الزميل استاذنا الجليل مجدي سليم مما يؤكد سقوط أحاديث الديمقراطية وسيادة القانون التي يتزرع بها النظام ومن ركب مركبه من ناحية واستمرار العقلية البوليسية وانتهاك الحقوق المكفولة بالقانون والدستور الذي كتبه النظام بأيديه دون غيره من الناحية الأخرى ..
تواصل لجنة المتابعة خطواتها باتجاه التصدي لهذا الأمر ويؤسفني أن أكون خارج السودان لظروف عملي مع التأكيد على الموقف المبدئي الواضح من قضايا حقوق الإنسان عامة وقضايا الحريات المدنية والسياسية وظلامات القهر المستمر في بلادي ..!!
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست