سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 07:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-26-2007, 03:20 PM

عبد الواحد أبراهيم
<aعبد الواحد أبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 2690

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان .

    سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...
    الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان .
    محمد عبدالله سيد احمد*



    كان من المستغرب حقا أن أن تشرع وحدة تنفيذ السدود فى تنفيذ سد كجبار وعينها على الشروع
    لتنفيذ سد دال الى الشمال منه والى سد الشريك
    وأيضا الى سد آخر على نهر عطبرة ، ومن قبل طار
    مديرها التنفيذى / الوزير أسامة عبد الله الى جنوب
    السودان للإتفاق مع حكومته على تنفيذ عدة سدود
    بالجنوب وتبرع فى تلك الزبارة لوزارة الري بالجنوب
    بمبلغ مائتي مليون جنيه سودانى . حدث كل ذلك فى
    الوقت الذى ما زال فيه سد مروى – المثير للجدل --
    تحت التشييد وتبقى له الكثير ، وقضايا المتأثرين
    بقيامه لا تزال محتدمة حتى بالنسبة لأولئك الذين
    أعيد توطينهم واستقروا فى كل من الملتقى وأمرى
    الجديدة ولم تتجاوز نسبتهم الثلاثين بالمائة من
    جملة المتأثرين. ولم يثر كل هذه (الطلاسم)
    تساؤلات فى الصحف أو المجلس الوطنى أو الشارع
    العام : من أين ياترى لإدارة السدود كل هذه
    الأموال الطائلة ذات الحزم الثقيلة والتمويل
    المهول ؟ وأين هي عقودات قروض تمويل تلك السدود ؟
    -- وفى مقابل ماذا تم التمويل وبأي شروط يا ترى أو
    ضمانات ؟ -- وأين هي دراسات الجدوى التى تمت لتلك
    السدود ومن قام بها ؟ ومتى أعلن عنها ؟ --- بينما
    كل الدلائل والمؤشرات -- التى يصعب سردها فى هذا
    المحال -- تشير الى إفلاس إدارة السدود وفشلها فى
    إكمال بناء سد ةمروى أو حتى الوفاء بإلتزاماتها
    ومديونياتها ومن ذلك ما تناقلته الصحف مؤخرا
    بتاريخ 28/4/2007م عن حرق العمال لسيارات ومولد
    كهربائى لشركة تعمل لحساب إدارة السدود بمشروع
    المكابراب احتجاجا على عدم صرف أجورهم الأسبوعية
    لعدة أسابيع . وهناك من يزعم أن هذه الإدارة كانت
    السبب فى إفلاس عدة بنوك ومؤسسات مالية بما
    استدانته من أموال أسئلة كثيرة حائرة وما من أحد
    يعلم شيئا عن موارد هذه الإدارة أو كيفية صرفها --
    وكم أهدرت من مال عام بمليارات الدولارات ؟ ويؤكد
    البعض أن أكبر دليل أو مؤشر على إفلاسها هو
    إرتباكها الآن وعجلتها وإصرارها المستميت على
    إنشاء سد كجبار حتى دون دراسات .
    فمما يثير
    السخرية أو الضحك أن تدعى إدارة السدود أنها جلبت
    الآليات الثقيلة لموقع السد لإجراء دراسة جدوى
    للمشروع .
    فمتى كانت دراسات الجدوى تتم بالآت
    الثقيلة على الموقع ؟ فإن أجسن الناس الظن قالوا
    إنها دراسة جيوتقنية لأرضية السد . وهى دراسة
    تأتى بعد إكتمال دراسة الجدوى . فأين هي دراسة
    الجدوى .؟ فبرغم متابعتنا اللصيقة لما تقوم به
    إدارة السدود فإننا لم نسمع عن إعلان أو عقد وقع
    مع بيت خبرة لإجراء دراسة جدوى لسد كجبار . ولا
    أحد كذلك يعلم من هى الجهة التى مولت إنشاء هذا
    السد ولا المقابل وبأى شروط . و لا الكيفية التى
    تم بها اختيار الشركة الصينية المنفذة لهذا السد
    والتى لم يعلن حتى عن اسمها . فما تم حتى الآن ما
    هو إلا استباق ومحاولة مستميتة من إدارة السدود
    للشروع فى تنفيذ سد كحبار وكأنها فى ورطة وإضطرار
    كي تجد من تمويله تمويلا لإكمال سد مروى بعد أن
    نضب تمويله بالتبديد . . وإن تكملتها لسد مروى من
    تمويل سد كجبار كما يتصورها البعض ستكون بالإتفاق
    مع الشركات المنفذة بمضاعفة التكلفة لكي تقوم
    وزارة المالية فى النهاية بتحمل عبء سداد تلك
    القروط الباهظة وفوائدها من الخزينة العامة ،
    وهذا حديث يطول .
    وما دامت وحدة تنفيذ السدود
    أريد لها أن تكون هكذا دولة داخل الدولة بلا
    مؤسسية أو شفافية ، ويديرها فرد واحد أحد يده
    طليقة لنزع الأراضى ومصادرتها لمؤسسته ويفعل
    بالمتأثرين الأفاعيل ويتصرف فى مليارات الدولارات
    من المال العام دون رقيب أو حسيب فلن يكون من
    المستغرب أن يتورط ويورط البلاد فى مأزق سد بدأ
    ولم يكتمل و آخر يجد معارضة قوية لقيامه ، ويكون
    بذلك كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى . ولن
    يكون من المستغرب كذلك أن يأتى بآلياته ويقتحم
    الديار للشروع فى تنفيذ هذا السد دون استئذان أو
    مشاورة مع أهل الشأن لإقناعهم بالمشروع والحصول
    على موافقتهم . وعندما تستفز هذه التصرفات جموع
    المواطنين ويخرجون فى مسيرات رفض سلمية لا
    يبالى أن تسفك دماءهم ويعتقل قادتهم ويسعى لبذر
    الفتنة بينهم بالترغيب والترهيب وتطال الإعتقالات
    حتى الصحفيين.

    ولقد ساور الشك كثيرون بأن وراء هذه العجلة
    المريبة والغموص الذى يكتنف هذا المشروع مخطط
    كبير وخطير ولا يكاد يبين . و أن من ورائه
    أجندية خفية للحكومة لا تستطيع الكشف عنها .
    فإذا
    كان الهدف الأساسى من وراء إنشاء هذا السد هو
    زيادة انتاجية البلاد من الكهرباء للحصول على
    زيادة قدرها 300 ميقاوات ، فإن الخبراء قد أكدوا
    من قديم أن الإستراتيجية التنموية – إن كان هناك
    بالفعل استراتيجية—تعطى الأولوية القصوى لتعلية
    خزان الرصيرص قبل بناء سد مروى أو كجبار بل إن
    تعلية خزان الرصيرص تعتبر المكان الأوحد والأنسب
    لتخزين حصة مياه السودان الفائضة والبالغة ثلاثة
    مليارات متر مكعب وبتكلفة قدرها 350 مليون دولار
    فقط . وهي تكلفة تبلغ أقل من نصف تكلفة سد كجبار
    البالغة 750 مليون دولار .
    فلم إذن تجاوز مشروع
    تعلية خزان الرصيرص ذو الأولوية الإستراتيجية
    والتكلفة الأقل ، وفيم العجلة لبناء سد كجبار ؟ --
    ثم إن كان لا بد من من إنشاء سد كجبار أما كان
    الأجدر الإنتظار حتى يكتمل سد مروى ويؤتى ثماره
    ليعرف الشعب السودانى ما له وما عليه خاصة وأن
    كثير منهم لا يزال فى شك منه مريب ؟! فبإكتمال سد
    مروى يمكن تفادى سلبيات تجربته ودعم ايجابياتها
    فى السدود الأخرى .
    فمشروع سد مروى إن نجح أو حتى
    ظهرت بوادر نجاحه فإنه لاشك سيكون أكبر حافز ودليل
    لإقناع أهالى كجبار لقيام سدهم دون أن يكونوا فى
    حاجة لوفود تغدو وتروح بينهم تحاول فى يأس
    إقناعهم بجدوى المشروع بينما تجربة متأثرى سد
    مروى ماثلة أمامهم تتكرر مشاهدها من مظالم وشرور
    عليهم كل يوم ولا يرغبون فى تكرارها فيهم . وهم
    ليسوا من الغباء والغفلة بحيث يصدقون إعلام
    الحكومة الذى بصور لهم متأثرى سد مروى الذين تم
    تهجيرهم الى كل من الملتقى وأمرى الجديدة كأنهم فى
    جنات النعيم وعلى الأرائك متكئون . بل إن أهالى
    كجبار لم تنمح عن ذاكرتهم مأساة تهجير أهلهم
    بوادى حلفا ويجترون آلامها جيلا بعد جيل .
    ومن مبررات العجلة لتنفيذ سد كجبار إضافة الى
    مبرر إيجاد التمويل لتكملة سد مروى هو أن الدراسات
    قد أثبتت أن الذين تقع أراضيهم بعد خزان مروى فى
    الولاية الشمالية سيكونون هم أيضا ضحايا ومتأثرين
    بقيام سد مروى ، ولكن دون تعويضات أو إعادة توطين
    لأن حياتهم ونمط زراعتهم سوف تتأثر كثيرا بسبب
    انحسار مياه النيل وتذبذب منسوبه إرتفاعا وهبوطا
    فى حدود أربعة أمتار عدة مرات كل يوم بقعل برنامج
    تشغيل الخزان وسوف يتسبب هذا الإنحسار والتذبذب فى
    زيادة الهدام كما سيضطر المزارعين الى تقل طلمبات
    ريهم صعودا وهبوطا كذلك فى اليوم عدة مرات وتغيير
    القتوات . ولن يكون هنالك من علاج لهذه المشكلة
    إلا بإنشاء سد كجبار لأن إرتفاع منسوب بحيرته ربما
    يساعد فى حل هذا الإشكال .
    ومن الأجندة الخفية فى إستعجال بناء سد كجبار
    ما ذكره الأستاذ / عبد الله عبد القيوم فى مقال له
    نشر بصحبفة الأيام بتاريخ 30 مايو الماضى ذكر
    فيه أن الهدف الأساسى من إنشاء سد كجبار وغيره
    من سدود هو خفض نسبة كمية الطمى التى تتراكم
    ببحيرة السد العالى كل عام حتى بلغت نسبة أربعين
    فى المائة من سعة البحيرة التخزينية . وأن تلك
    النسبة مرشحة للإرتفاع كل عام وسوف تبلغ نسبة
    خطيرة خلال سنوات مالم ينشأ سد كجبار وغيره من
    سدود لتقوم بحجز كميات كبيرة من الطمى ببحيراتها
    لتخدم بذلك إطالة عمر سعة بحيرة السد العالى
    التخزينية. ويستدلون على ذلك بإحتجاج المصريين على
    إنشاء أي خزان تبنيه أثيوبيا على النيل الأزرق
    بإعتباره مهددا لأمنهم المائى بينما سكتوا عن
    إنشاء هذه السدود بما يفسر رغبتهم فى إنشائها بل
    ربما مشاركتهم فى تمويلها . ويضيف الأستاذ / عبد
    الله عبد القيوم أيضا أن الإسراع بإنشاء هذا السد
    يخدم أيضا أجندة مصرية لأن فيه مخرج لمشكلة
    الإتفجار السكانى بمصر . فإتفاقية الحريات الأربعة
    المبرمة بين السودان ومصر كما يراها البعض هدفها
    الحقيقى هو السماح للمصريين بتملك الأراضى
    السودانية خاصة الأراضى النوبية بعد تهجير أهلها
    منها بفعل تلك السدود . وأنه قد تم التمهيد لذلك
    بالقرار الجمهورى قى عام 2003م الذى ضم أراضى
    الولاية الشمالية لوحدة تنفيذ السدود .
    كما كان
    المخطط يهدف أيضا الى إجلاء المناصير من أراضيهم
    حول البحيرة .
    ويذكر الأستاذ / عبد الله أن مخطط
    تمليك المصريين لأراضى نوبية قد بدأ بالفعل بتمليك
    1,6 مليون فدان لشركات وأفراد مصريين فى منطقة
    أرقين غرب وادى حلفا ، وأنه يجرى الإعداد لتهجير
    خمسة عشر ألف فلاح مصرى لتوطينهم فى الحوض النوبى
    بعد إغراق منطقتهم بسدي كجبار ودال وتهجيرهم الى
    مناطق متفرقة خارج منطقتهم أو وسط أولئك الفلاحين
    المصريين . ويتشكك البعض من أن يكون فى هذا الأمر
    إبتزاز أو لي ذراع للجكومة .
    ويذكرآخرون أن
    المخطط يهدف أيضا الى جعل مدينة مروى مدينة حديثة
    زاخرة بالخدمات والعمران والمنشئات وملتقى طرق

    تمهيدا لجعلها عاصمة ما سبق ذكره فى المقال السابق يلقى
    ظلالا كثيفة من الشك عن وجود مخطط يهدد أمن
    وإستقرار سكان ولايتى الشمالية ونهر النيل بسبب
    مصادرة أراضيهم وقيام عدة سدود على أرضيهم ،
    وهو مخطط كبير وخطير ولا يكاد يبين ، تتولى كبره
    إدارة السدود مع قلة نافدة فى الحكومة .. وقلبى
    على ومع أهل كجبار في محنتهم وما ابتلاهم به
    الله من مواجهة مع إدارة السدود وهي إدارة ذات
    نفوذ وبأس وبطش شديد لا قبل لهم بها ، وهى تملك
    سندا وقوة لا تحدها حدود . فبرغم الحق الشرعى
    والقانونى الذى بكفل لهم الإعتراض على قيام السد
    فى أراضيهم حتى وإن كان سيأتيهم بالمن والسلوى ،
    إلا أن هذه الحكومة الباطشة سوف لن تلقى بالا
    لإعتراضهم ، بل ستزيد من بطشها لهم بإدعاء أنهم ضد
    التنمية ومصلحة السودان ، وأنهم خونه أو ضحية
    تآمر خارجى الى آخر تلك الإتهامات – كي تفقدهم عطف
    ومساندة بقية أهل السودان .
    وهي عندما تبطش بهم لن
    يحميهم من بطشها أو تدركهم فى حينها منظمات حقوق
    إنسان أو أمم متحدة . وأهل المنطقة كما أعلم جيدا
    ذوو خلق رفيع واستقامة ووعي – ينبذون العنف ويعم
    الأمن كافة ربوع بلادهم ولا قبل لهم بمثل هذه
    التحديات والمجابهات . فقد سبق لى فى مطلع سبعينات
    القرن الماضى أن عملت ضابطا إداريا فى منطقتهم
    وكانت وحدتهم الإدارية فى ذلك الزمان تسمى مجلس
    ريفى السكوت والمحس وهى منطقة كانت تمتد من قرية
    عكاشة فى الشمال الى قرية أبى فاطمة جنوبا قرب
    كرمة وتتبع رأسا لما كانت تعرف بالمديرية
    الشمالية التى كانت حدودها تمتد من شلال
    السبلوكة جنوبا حتى وادى حلفا شمالا . وقد كان
    أكثر ما لفت انتباهى فى إدارتى لهذه المنطقة هو
    الوعي والتعامل الحضارى والراقى والشفاف لأهل هذه
    المنطقة . وكمثال واحد استشهد به على ذلك هو أنه
    وفى بداية تجربة عملى معهم إعترانى قلق شديد من
    عدم سداد مشائخ المنطقة لضرائبهم من النخيل
    والأطيان ، ولكن رئيس الحسابات بالمحلية وهو من
    ابناء المنطقة طمأننى قائلا : هون عليك لا تخف
    ولا تحزن فالمشائخ والمواطنون فى هذه المنطقة
    أحرص ما يكونون على سداد التزاماتهم الضرائبية .
    ومن العيب والعار عندهم أن تكون فى ذمته أحدهم
    إلتزامات ضريبية مستحقة السداد للحكومة ويتوانى
    فى سدادها ، ولكنهم درجوا على سداد جميع ما عليهم
    من إلتزامات ضرائبية دون متأخرات قبيل نهاية كل
    سنة مالية بأيام قلائل . وأفرحنى هذا القول ،
    وفكرت أن أدعم هذا الموروث الإيجابى فى المشائخ
    والمواطنين فأعددت كاسا فضية وأعلنت أنها ستكون من
    نصيب أول شيخ يسدد جميع ما عليه من التزامات
    ضرائبية فى أجل حددته ليكون قبل نهاية السنة
    المالية بعدة شهور وأن تسليم الكأس سيكون فى إحدى
    المناسبات العامة . وفى صبيحة اليوم الذى حددته
    لبداية التنافس كان شيخ مدينة دلقو أول المنتظرين
    لفتح الخزينة ليكون أول الفائزين . وليتدافع بعده
    فى نفس اليوم للسداد مشائخ كثيرون . وقد تم تسليمه
    الكاس بالفعل بواسطة المرحوم / حسين شرفى محافظ
    المديرية الشمالية فى ذلك الوقت خلال حفل استقبال
    أعد له فى زيارته لمدينة دلقو . وكانت فرحة
    شيخ مدينة دلقو بهذا التكريم بالغة جعلته يكرم
    المحافظ ومرافقية بدوره بدعوته لهم لمأدبة عشاء
    بمنزله فى نفس اليوم .
    أعود لأقول إن شعبا بهذه الطيبة والشفافية
    والخلق القويم يصعب تعامله مع حكومة مخادعة
    ومستفزة وباطشة . كما أن التمرد وحمل السلاح
    لايشبه أخلاقهم بل سيكون وبالا عليهم ويكونون هم
    أول ضحاياه إن فكروا فيه ، وهم أضعف ناصرا وأقل
    عددا ومنطقتهم تشكو قلة السكان بسبب الهجرة .
    صحيح أن الظلم والإستفزاز والإستبداد يحول الحمل
    الوديع الى وحش كاسر ويجعل للحليم غضبة مضرية يخشى
    بأسها ، ولكن دماءهم أغلى من أن تراق هدرا ،
    والرأي فوق شجاعة الشجعان. فهم قد خبروا كيف سارت
    التحقيقات فى المصابين منهم فى أول تظاهرة سلمية ،
    وأراهن أن نتائج التحقيق فى شهدائهم الستة
    الأخيرين سيكون مصيرها نفس مصير نتائج التحقيق
    فى شهداء أمرى الثلاثة ، هذا إن لم تقم إدارة
    السدود بفتح بلاغات ضد المصابين منهم وأجرت لهم
    محاكمة بإتهامها لهم بأخطر التهم كما فعلت
    بمصابى أمرى . ولا شك عندى أن النوبيون جميعهم
    سيتابعون فى عزم وإصرار محاكمة قتلة شهدائهم حتى
    وإن كلفهم ذلك الوصول بها الى المحكمة الجنائية
    الدولية ، ولا أدرى كم من الوقت سوف يستغرقهم ذلك
    ، ولكن هاهي الحكومة وقبل أن يفيق الشعب السودانى
    من هول المذبحة التى تعرضت لها مسيرتهم السلمية
    الأخيرة أتت مجددا بحشود عسكرية أكثر عددا ومددا
    وأعلنت فى تحد مضيها قدما فى تنفيذ السد بعد أن
    حددت الإتهام ورمت باللائمة فيه على نفر من
    أبناء المنطقة قالت إنهم قادوا تلك الأحداث
    وتسببوا فيها ، مشددة بأنها سوف لن تسمح لقلة
    إيقاف مشروعات التنمية . وها هي إعتقالاتها تطال
    قادة المنطقة ولا تقف عند حد . ولم يسلم منها حتى
    الصحافيون . ولذا فإن الحكومة بمنطقها هذا لن ترى
    بأسا كذلك أن تقتل المزيد منهم بدم بارد
    وتبنى سدها على جماجم وأشلاء شهداء جدد . فلكل
    تلك المعطيات والتعامل بعقلانية من منطق الأحداث
    والواقع الذى نعيشه اليوم ، فإنى أرى أن يغير
    النوبيون من نهج معارضتهم ومناهضتهم لقيام السد
    وإيقاف حتى المسيرات السلمية وألا يفكروا مطلقا فى
    مقاومة مسلحة تكون عاقبة أمرها خسرا . فالنوبيون
    كما أراهم بفضل قيمهم وموروثاتهم الحضارية
    بمقدورهم مقاومة إنشاء هذا السد بالحجة والمنطق
    وأن تكون كتبهم أصدق أنباء من سيف الحكومة
    وآلياتها الحربية . ما عليهم إلا أن يطلبوا من
    الحكومة إدارة حوار مفتوح بينها وبينهم يستمع اليه
    كل الشعب السودانى تطرح فيه الحكومة كل أوراقها
    المتعلقة بإنشاء هذا السد والدراسات المتعلقة به
    -- إن وجدت -- وخططها وبرامحها لتنفيذه وعقود
    تمويله . وأن تفتح كذلك جميع ملفات وحدة تنفيذ
    إدارة السدود المغلقة ومعرفة لماذا تم نزع أراضى
    الشمالية ولمصلحة من ؟ وتستمع الحكومة بدوها
    لأسباب إعتراضهم على إنشاء السد ومخاوفهم .وأن
    يكون من أهم شروطهم على الحكومة قبل الدخول معها
    فى هذا الحوار أن تقبل الحكومة بأن تتعامل معهم
    وفق الشروط والضوابط التى وضعتها الهيئة العالمية
    للسدود التابعة للأمم المتحدة إبتداء من إشراكهم
    فى الدراسات التى تجرى لمعرفة جدوى هذا المشروع
    وآثار قيامه على البيئة والحياة الإجتماعية .
    وإطلاعهم كذلك على كافة النواحى الهندسية والفنية
    . ولا بد من تخصيص ميزانية لعمل لجنتهم التى
    تمثلهم والتى يكونوا قد اختاروها بحر إرادتهم
    واشراكها فى اتخاذ كافة القرارات التى تهمهم .
    وإعطاء المتأثرين وابناءهم من البداية الأولوية فى
    التوظيف والتخديم فى كافة قطاعات هذا المشروع .
    وأن تكون لهم كذلك الأولوية فى الإستفادة من
    العائد الإقتصادى للمشروع من كهرباء وزراعة وأي
    استثمارات أو خدمات تنشأ وأن يشترطوا كذلك على
    الحكومة أنه متى ما تمت موافقتهم المبدئية على
    قيام السد فإن شأن تعويضاتهم وإعادة توطينهم لا
    ينبغى أن يكون شأنا تحسمه الحكومة بإصدار قانون أو
    قرارات تنفيذية كما فعلت مع متأثرى سد مروى ،
    وإنما يجب أن يكون شأنا مجاله التفاوض والتراضى
    بينهم هم كطرف أول وبين الجكومة كطرف ثانى . وإن
    حدث خلاف بينهما فإن مجاله التحكيم أو القضاء إذ
    لا يمكن أن تكون الحكومة هي الخصم والحكم ،
    وإنما طرفا مثلهم على قدم المساواة . وأن على
    الحكومة بعد الإتفاق معهم أن تلتزم بدفع تعويضاتهم
    المتفق عليها دون تأجيل أو تقسيط. وعليها كذلك
    تجهيز مساكن المتأثرين البديلة فى الموقع أو
    المواقع التى يرتضونها ووفق المواصفات والشروط
    المتفق عليها ومدها بالكهرباء وبالمياه التقية
    ومتطلبات الحياة العصرية الضرورية ، والخدمات
    الأساسية وعلى أن يتم كل ذلك قبل الشروع فى بناء
    السد . وأن تكون الإدارة التى تتولى وتباشر شئون
    تعويضهم وإعادة توطينهم إدارة مستقلة ومنفصلة
    تماما عن إدارة تنفيذ السد وعلى أن يتولى
    مسئوليتها واحدا من أبنائهم . وأن تباشر هذه
    الإدارة المستقلة وتضمن للمتأثرين وسائل كسب عيشهم
    فى المواقع الجديدة دون أن يتعرضوا لمعاناة .
    وكذلك ضمان رعاية كل شئونهم الصحية والتعليمية
    والإجتماعية وكل خدماتهم الأساسية فى موقعهم
    البديل لسنين عددا . وكذلك ضمان حصولهم على نسبة
    من نسبة ال 2 % من عائد مشروع هذا السد كما أقرت
    بذلك إتفاقية نيفاشا . فإن قبلت الحكومة بكل هذه
    الشرط وعقدت اتفاقا مكتوبا معهم وبضمانات التنفيذ
    فإن المشكلة تكون فى إعتقادى قد حلت على أحسن وجه
    ، ولن يكن بعدها ثمة مبرر للإعتراض . أما رفضت
    الحكومة ولم تكن لديها شفافية فسيكون للنوبيين بعد
    ذلك حجتهم المبررة فى رفضهم لقيام السد . ويكون
    لهم الحق فى مقاومة إنشاء السد بطرق سلمية
    كإمتناعهم عن تقديم أي عون يساعد على تنفيذ هذا
    المشروع . ورفض التعويضات التى تقررها الحكومة
    لهم وكذلك رفض الهجرة ومغادرتهم لأراضيهم وإعتبار
    أي خطوة أو إجراء تتخذه الحكومة لزحزحتهم من
    مساكنهم وأرضهم بمثابة تهجير قسرى لهم الحق الشرعى
    فى مقاومتة حتى ولو بحجارة أطفالهم أو بفتح
    صدورهم لتلقى الرصاص والإستشهاد كرماء دفاعا عن
    موطنهم . ويقينى أن الحكومة سوف لن تقدم أو
    تجرؤ على تهجيرهم أو إغراقهم حتى ولو بقى الخزان
    مجرد كبرى للعبور.



    * كاتب صحفى _ السودانى - الايام
    عضو مجلس المتاثرين بسد مروى منطقة المناصير

    (عدل بواسطة عبد الواحد أبراهيم on 06-26-2007, 03:25 PM)

                  

06-26-2007, 03:55 PM

محمد خليل إسماعيل
<aمحمد خليل إسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-07-2006
مجموع المشاركات: 1256

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)

    الفاضل / عبد الواحد

    لك جزيل الشكر على هذا المقال الضافي والعقلاني


    Quote: أرى أن يغير النوبيون من نهج معارضتهم ومناهضتهم
    لقيام السد وإيقاف حتى المسيرات السلمية وألا يفكروا
    مطلقا فى مقاومة مسلحة تكون عاقبة أمرها خسرا .
    فالنوبيون كما أراهم بفضل قيمهم وموروثاتهم الحضارية
    بمقدورهم مقاومة إنشاء هذا السد بالحجة والمنطق
    وأن تكون كتبهم أصدق أنباء من سيف الحكومة
    وآلياتها الحربية .


    Quote: ما عليهم إلا أن يطلبوا من
    الحكومة إدارة حوار مفتوح بينها وبينهم يستمع اليه
    كل الشعب السودانى تطرح فيه الحكومة كل أوراقها
    المتعلقة بإنشاء هذا السد والدراسات المتعلقة به
    -- إن وجدت -- وخططها وبرامحها لتنفيذه وعقود
    تمويله . وأن تفتح كذلك جميع ملفات وحدة تنفيذ
    إدارة السدود المغلقة ومعرفة لماذا تم نزع أراضى
    الشمالية ولمصلحة من ؟ وتستمع الحكومة بدوها
    لأسباب إعتراضهم على إنشاء السد ومخاوفهم .وأن
    يكون من أهم شروطهم على الحكومة قبل الدخول معها
    فى هذا الحوار أن تقبل الحكومة بأن تتعامل معهم
    وفق الشروط والضوابط التى وضعتها الهيئة العالمية
    للسدود التابعة للأمم المتحدة إبتداء من إشراكهم
    فى الدراسات التى تجرى لمعرفة جدوى هذا المشروع
    وآثار قيامه على البيئة والحياة الإجتماعية .
    وإطلاعهم كذلك على كافة النواحى الهندسية والفنية
    . ولا بد من تخصيص ميزانية لعمل لجنتهم التى
    تمثلهم والتى يكونوا قد اختاروها بحر إرادتهم
    واشراكها فى اتخاذ كافة القرارات التى تهمهم
    .



    Quote: وإعطاء المتأثرين وابناءهم من البداية الأولوية فى
    التوظيف والتخديم فى كافة قطاعات هذا المشروع .
    وأن تكون لهم كذلك الأولوية فى الإستفادة من
    العائد الإقتصادى للمشروع من كهرباء وزراعة وأي
    استثمارات أو خدمات تنشأ وأن يشترطوا كذلك على
    الحكومة أنه متى ما تمت موافقتهم المبدئية على
    قيام السد فإن شأن تعويضاتهم وإعادة توطينهم لا
    ينبغى أن يكون شأنا تحسمه الحكومة بإصدار قانون أو
    قرارات تنفيذية كما فعلت مع متأثرى سد مروى ،
    وإنما يجب أن يكون شأنا مجاله التفاوض والتراضى
    بينهم هم كطرف أول وبين الجكومة كطرف ثانى . وإن
    حدث خلاف بينهما فإن مجاله التحكيم أو القضاء إذ
    لا يمكن أن تكون الحكومة هي الخصم والحكم ،
    وإنما طرفا مثلهم على قدم المساواة . وأن على
    الحكومة بعد الإتفاق معهم أن تلتزم بدفع تعويضاتهم
    المتفق عليها دون تأجيل أو تقسيط. وعليها كذلك
    تجهيز مساكن المتأثرين البديلة فى الموقع أو
    المواقع التى يرتضونها ووفق المواصفات والشروط
    المتفق عليها ومدها بالكهرباء وبالمياه التقية
    ومتطلبات الحياة العصرية الضرورية ، والخدمات
    الأساسية وعلى أن يتم كل ذلك قبل الشروع فى بناء
    السد . وأن تكون الإدارة التى تتولى وتباشر شئون
    تعويضهم وإعادة توطينهم إدارة مستقلة ومنفصلة
    تماما عن إدارة تنفيذ السد وعلى أن يتولى
    مسئوليتها واحدا من أبنائهم . وأن تباشر هذه
    الإدارة المستقلة وتضمن للمتأثرين وسائل كسب عيشهم
    فى المواقع الجديدة دون أن يتعرضوا لمعاناة .



    Quote: وكذلك ضمان رعاية كل شئونهم الصحية والتعليمية
    والإجتماعية وكل خدماتهم الأساسية فى موقعهم
    البديل لسنين عددا . وكذلك ضمان حصولهم على نسبة
    من نسبة ال 2 % من عائد مشروع هذا السد كما أقرت
    بذلك إتفاقية نيفاشا . فإن قبلت الحكومة بكل هذه
    الشرط وعقدت اتفاقا مكتوبا معهم وبضمانات التنفيذ
    فإن المشكلة تكون فى إعتقادى قد حلت على أحسن وجه
    ، ولن يكن بعدها ثمة مبرر للإعتراض . أما رفضت
    الحكومة ولم تكن لديها شفافية فسيكون للنوبيين بعد
    ذلك حجتهم المبررة فى رفضهم لقيام السد . ويكون
    لهم الحق فى مقاومة إنشاء السد بطرق سلمية
    كإمتناعهم عن تقديم أي عون يساعد على تنفيذ هذا
    المشروع . ورفض التعويضات التى تقررها الحكومة
    لهم وكذلك رفض الهجرة ومغادرتهم لأراضيهم وإعتبار
    أي خطوة أو إجراء تتخذه الحكومة لزحزحتهم من
    مساكنهم وأرضهم بمثابة تهجير قسرى لهم الحق الشرعى
    فى مقاومتة حتى ولو بحجارة أطفالهم أو بفتح
    صدورهم لتلقى الرصاص والإستشهاد كرماء دفاعا عن
    موطنهم . ويقينى أن الحكومة سوف لن تقدم أو
    تجرؤ على تهجيرهم أو إغراقهم حتى ولو بقى الخزان
    مجرد كبرى للعبور.




    ابوشهد
                  

06-26-2007, 04:43 PM

sharnobi
<asharnobi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4414

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)



    الحوار مع من يحترم المواطن
    الحوار مع من اتى بطريقة ديموقراطية
    الحوار مع من يحترم الآخر

    هل تتوقع حوار مع متنفذ انقاذى اتى بالقوة العسكرية وسجى على ظهر هذا الشعب
    واشبعه التنكيل والقتل
    من نحاول؟

    اي حكومة

    هل انت منطقى

    اذا كانت الحكومة هى سبب المشكلة باغتصابها ابسط حقوق المواطنة

    حكومة استولت على السلطة بليل غاشم
    وبمنطق معوج

    حكومة اهدرت الدماء
    وشردت الانسان السودانى
    وصادرت حق الحياة الكريمة

    فيما نتفاوض
    او نتحاول

    على المشروع المصرى الذى يهدف الى مسح حضارة نبيلة من الوجود

    هل تدرى يا عبد الواحد وانت صحفى
    هل قمت
    او سألت نفسك اسئلة
    يمكن يتسلح بها اى صحفى فى
    محاولة كتابة موضوع صحفى

    هل وضعت نفسك فى مكان المحاور وسألت نفسك
    كيف يفكر

    الموضوع بطريقة طرحت

    تغليف املس لسطح خشن

    ومحمد خليل اسماعيل الذى عقب بالقطع واللصق
    هو موقف مشهود فى هذه الساحة


    اذا تريد حوارا عن جدوى المشروع او دراسة المشروع

    لقد حسمت الحكومة الامر
    فهى تريد ان تنفذ

    موضوع القوة افتكر معلوم لدى الجميع
    من يملك السلاح
    ومن يطلقه على الابرياء

    ولا توجد منطقة وسطى لتحكيم المنطق مع مجمومة لا تفهم المنطلق
    ولا تعرف للحوار بابا

    فلو لك فى الحوار العلمى باع اهلا للحوار
    ولكن المواقف السيبة لا تخدم الا للتخدير
                  

06-26-2007, 04:56 PM

عبد الواحد أبراهيم
<aعبد الواحد أبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 2690

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: sharnobi)




    الاخ محمد خليل شكرا لك

    معا لمساندة اهلنا النوبيين
                  

06-26-2007, 05:08 PM

عبد الواحد أبراهيم
<aعبد الواحد أبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 2690

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)



    الاخ sharnobi
    تحياتى وشكرا على المداخلة والاسئلة رغم انى واثق من الاجابة عليها

    الا ان موقفى الرافض لبناء اى سد شمال نهر عطبرة لان ا ى سد شمال نهر

    عطبرة لا يخدم مصلحة السودان بل لمصلحة مصر وهذا الرآى علمى ومقعد فى

    اسانيده وتدعمنى الكثير من الدراسات وبعضها نشر فى موقع سودانيزاون

    لاين وبعض الصحف اليومية.

    ارجو ان تقراء المقال بصورة دقيقة لتعرف موقف كاتب المقال دع منى انا

    . الرافض لتخريب البئية عبر ما يسمى بالسدود.



    Quote: فبرغم الحق الشرعى
    والقانونى الذى بكفل لهم الإعتراض على قيام السد
    فى أراضيهم حتى وإن كان سيأتيهم بالمن والسلوى ،
    إلا أن هذه الحكومة الباطشة سوف لن تلقى بالا
    لإعتراضهم ، بل ستزيد من بطشها لهم بإدعاء أنهم ضد
    التنمية ومصلحة السودان ، وأنهم خونه أو ضحية
    تآمر خارجى الى آخر تلك الإتهامات – كي تفقدهم عطف
    ومساندة بقية أهل السودان


    يا راجل تصورانو انا كنت فى السبعينات ضابط ادارى معقولة
    دى بس .

    Quote: فقد سبق لى فى مطلع سبعينات
    القرن الماضى أن عملت ضابطا إداريا فى منطقتهم
    وكانت وحدتهم الإدارية فى ذلك الزمان تسمى مجلس
    ريفى السكوت والمحس وهى منطقة كانت تمتد من قرية
    عكاشة فى الشمال الى قرية أبى فاطمة جنوبا قرب
    كرمة وتتبع رأسا لما كانت تعرف بالمديرية
    الشمالية التى كانت حدودها تمتد من شلال
    السبلوكة جنوبا حتى وادى حلفا شمالا .

    (عدل بواسطة عبد الواحد أبراهيم on 06-26-2007, 05:50 PM)

                  

06-26-2007, 05:42 PM

عبد الواحد أبراهيم
<aعبد الواحد أبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 2690

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)

    وللإنقاذ والمصريّين جنودٌ مجنّدة من النّوبيّين
    من كتاب الدكتور \ محمد جلال هاشم

    رسالة كجبار ... مرّة أخرى
    من أجل السّودان لا من أجل قرية





    مقدّمة
    من الغريب أن نلاحظ كيف شارك العديد من النّوبيّين في إغراء المصريّين (كأنّما لو كانوا يحتاجون إلى إغراء) كيما يستوطنوا بالملايين في الأراضي النّوبيّة؛ من هؤلاء نذكر اللواء عبد الرّحيم محمّد حسين، الفريق شرطة سيّد الحسين، الدّكتور الصّادق عمارة، عبداللة سيد أحمد شكوكو، ... إلخ. لكلّ هذا كان من الطّبيعي والمتوقّع أن لا يعدم أمثال الأستاذ الصّحفي المخضرم محمّد سعيد محمّد الحسن والسّفير عزّالدين حامد والعاشق الولهان في حبّ مصر الدّكتور أحمد دياب (أستاذ التّاريخ)، ثمّ قبلهم وبعدهم لفيف المسئولين الرّسميّين، من أن يجدوا من النّوبيّين (وتحديداً من أبناء حلفا) من يقول [يس حسن بشير (قضايا ساخنة) "تعقيب حول أراضي وادي حلفا" ـ جريدة الأيّام، عدد 7876، الأحد 25 أبريل 2004م الموافق 5 ربيع الأوّل 1425هـ، الصّفحة الأخيرة]:
    وصلتني [رسالة] عبر البريد الإلكتروني من (مجموعة العمل النّوبي) .. وهي رسالة موجّهة للسّكرتير العام للأمم المتّحدة .. وبالرّغم من أنّني نوبي إلاّ أنّني أتحفّظ على ما ورد بتلك الرّسالة الصّادرة من (مجموعة العمل النّوبي) لأنّها تنطلق من خلفيّة غير صحيحة لمعالجة الموضوع .. وتلخّص الأمر وكأنّه صراع بين العرب والنّوبيّين .. وهذه في تقديري رؤية محدودة وضيّقة بل وضارّة بمستقبل السّودان .. فالمسألة ذات طبيعة سياسيّة وليست عنصريّة .. وبالتّالي يجب أن تعالج في هذا الإطار .. .
    والتّنقيط في متن الاقتباس أعلاه جاء في الأصل كنوع من علامات التّرقيم. وهذا ممّا ظلعت به كتابات أغلب مستعربي السّودان الذين فات عليهم، ضمن ما فات، أن يُكرّموا وأن يحترموا اللغة التي يتحيّزون لعنصرها سعياً خاسراً منهم للتّبرّؤ من أعراقهم الأفريقيّة النّبيلة. وفي الحقيقة يصعب علينا أن ندمغ كاتباً رصيناً مثل يس حسن بشير بهكذا تهمة، خاصّةً إذا ما وضعنا في الاعتبار كتابته الأخرى المتعلّقة بمسألة الحوض النّوبي، ثمّ شجاعته في طرح الأسئلة النّاقدة والحرجة للمسئولين بخصوص الموضوع [راجع مثلاً: "قضايا ساخنة" بجريدة الصّحافة، عددي 7833 و 7858، بتاريخ الأربعاء 3 مارس 2004م الموافق 11 محرّم 1425هـ، والسّبت 3 أبريل 2004م الموافق 11 صفر 1425هـ، تحت عنواني: "زراعة القمح في السّودان" و"أراضي وادي حلفا" بالتّوالي]. ولذا جاز أن ننظر إلى ما صدع به أعلاه على أنّه كبوة جوادٍ أصيل. لكن ماذا عن البغال الكابية من أصلها، والتي، مع ذلك، تتنطّع في السّباق بقدمٍ عرجاء؟ تعالوا لنرَى!
    في يوم 17/4/2007م خرجت مسيرة غاضبة من نجوع وقرى المحس المهدّدة بالإغراق، فطافت حول شلاّل كجبار ثمّ عادت إلى حاضرتهم، والتي ليست سوى قرية صغيرة، وادعة على النّيل اسمها فَرَِّيق. خرجت المظاهرة احتجاجاً على قرار الحكومة معاودة العمل في بناء الخزّان، مستصحبة معها جميع العوامل التي أفضنا في شرحها، والتي كانت جموع النّوبيّين البسطاء على وعي عالٍ بها وبالأجندة الخفيّة التي تقف خلف هذا المشروع. وقد كان قوام المظاهرة النّساء والرّجال من كبار السّنّ ثمّ الأطفال، فضلاً عن بعض الشّباب الذين قفلوا عائدين إلى قراهم لدى سماعهم بالأنباء. لم تكن المظاهرة تزيد على الخمسة آلاف متظاهرة ومتظاهر. ومع ذلك انزعجت السّلطات، والتي كعادتها استدعت قوّات الاحتياطي المركزي ... إلخ ممّا قد نتطرّق له لاحقاً. ومع كلّ هذا، لم تعدم وحدة تنفيذ السّدود (الجهة المسئولة عن تنفيذ الخزّان والتي تتبع إلى رئاسة الجمهوريّة رأساً) من يُدافع عنها، من المثقّفين النّوبيّين، مزرياً بأهله البسطاء وبما قاموا به، وهو جهد المقلّ. فقد كتب الأستاذ الطّاهر ساتّي في عموده اليومي"إليكم" بالصّفحة الأخيرة بجريدة الصّحافة بتاريخ الخميس 19/4/2007م الموافق 2 ربيع الثّاني 1428هـ (العدد رقم 4974)، وتحت عنوان "رفض ضار بحياة النّاس ..!!" [لاحظوا آفّة الكتابة الصّحفيّة السّودانيّة، وهي التّعامل مع علامات التّرقيم كما لو كانت علامات للزّينة]. في عموده اليومي أتى الأستاذ الطّاهر ساتّي بقول نُكر فاق فيه "القبلو والبعدو". فالرّجل كمن سَلَحَ على رؤوس القوم وهم جلوسٌ في المحفل من حيث ظنّ أنّه قد أكرمهم، فانظر وتأمّل.
    ليت الأستاذ الطّاهر ساتّي اكتفى بهاجمة مظاهرة النّوبيّين التي انطلقت في فرّيق بالمحس، لأنّه في الواقع ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ ذهب إلى تسجيل الإدانة الدّامغة في حقّ الشّعب النّوبي خاصّة، ثمّ بعده الشّعب السّوداني في مجمله. وقد فعل كلّ ذلك وهو يجلس على دكّة الفيلسوف، الذي كأنّما فرغ من التّنظير في كلّ شيءٍ، ثمّ لم يبقَ غير أن يُصدر أحكامه على النّاس، كلّ النّاس. ولكن الرّجل الغافل لم يعلم أنّ الذي يُدين الجماهير، هو الذي يبوء بإدانته لا الجماهير. أنظروا بالله إلى لغة الإزراء والتّحقير والتّسفيه [ولاحظوا معي يا سادتي خطايا اللغة والكلام التي تفنّن الرّجلُ فيها أفانين ما واتت أحداً قبله، والتّنقيط كلّه جاء في الأصل]:
    هل سمع أحدكم بمظاهرة تظاهر متظاهروها [كذا] رفضاَ لمدّ مدينتهم بالتّيّار الكهربائي ....؟ طبعاً لا .. وهل رأى أحدكم مسيرة سار مسيّروها [كذا] استنكاراً لريّ مشاريعهم الزّراعيّة بالرّيّ المستدام ...؟ بالتّأكيد لا .. وهل اشتمّ أحدكم رائحة بمبان أطلقته الشّرطة لتفضّ موكب حشد رافض ومستهجن [كذا، فالمنصوب مغلوب على أمره] لعمليّة تنمويّة في دياره ...؟ إطلاقاً [سطر جديد] لا ... وإذا جاءك أحداً [كذا بالنّصب] بمثل هذا النّبأ بالتّأكيد سوف تتعامل معه باعتباره إمّا فاسق [كذا] نبأه ليس بحاجة إلى (تبيّنوا)، أو مجنون لا يؤخذ من فيه حتّى حكمة [كذا بهذه الرّكاكة]، وغير هذا وذاك لا نظنّ بأنّ على أرضنا هذه كائناً عاقلاً يقول ـ أو يصدّق ـ بأنّ سكّان منطقة ما في مكان ما عبّروا بوسيلة ما عن رفضهم لمشروع تنموي ما ...!!
    بالطّبع تتطاير الرّدود الجاهزة على مثل هذا القول العاجز والضّعيف، حتّى إنّ المرء لا يدري بأيّها يبدأ. من قبيل ذلك أن نسأله أن يذكر لنا اسم هذا المشروع التّنموي الذي يتباكى عليه الرّجل بدموع التّماسيح. فحكومتنا السّنيّة، يا سادتي، حتّى هذه اللحظة ومنذ 1995م عندما صدر القرار الجمهوري القاضي ببناء خزّان كجبار، لم يفتح الله عليها بكلمة واحدة عن مشاريع تنمويّة بعينها متعلّقة بخزّان كجبار. إنّها تتكلّم عن الكهرباء، بوصفها لازمة تنمويّة، ثمّ عن التّهجير، فالتّعويض، دون أيّ حديث عن مشاريع تنمويّة بعينها. وإلاّ قولوا لنا، يا سادتي، لماذا التّهجير وتكرار سيناريو حلفا بطريقة وقع الحافر على الحافر؟ كلّ هذا وغيره، يمكن مجابهة الرّجل به؛ لكن ما يجعلنا في غني عن ذلك أنّ الرّجل صحفي (وربّما مخضرم أو مخدلج ـ لا يهمّ)، الأمر الذي ينبغي فيه أن يكون قد وقع على ما وقعنا عليه في أمر الحوض النّوبي ومسألة بيعه للمصريّين بغية توطين ملايين الفلاّحين المصريّين فيه، ممّا أفضنا فيه أعلاه. فإذا سمع وقرأ بكلّ ذلك، ثمّ لم يفهم ما قرأ وما قفز بين السّطور (كأسماك البحر المرحة)، فتلك مصيبة؛ أمّا إذا قرأ كلّ ذلك وفهم ما حملته السّطور وما بين السّطور، ثمّ أتى بقوله النُّكْر أعلاه، فليست بمصيبة. ذلك لأنّ مثل هذه المصائب عندما يعتاد عليها النّاس، وتصبح من شئون حياتهم اليوميّة، لا تصبح مصيبة، بل تصبح مصاباً قوميّاً ابتلى اللهُ به شعبَنا، ولا نملك إلاّ أن نقول كما قال المتنبّي: على قدر أهل العزم تأتي المصائبُ ـ أو كما قال.


    ثمّ ضرب لنا الرّجل مثلاً بأهلنا المناصير، فقال:
    المناصير وغيرهم لم برفضوا مبدأ أن يكون في مروي سدّ [هل تُراه يقصد "مَرَوِي" Merowi أم "مِرْوِي Mirwi، أم أنّه كإدارة السّدود لا يعرف الفرق بينهما؟]، ولكنّهم وافقوا على بناء السّدّ وعضّوا عليه بالنّواجذ ثمّ قدّموا مطالب مشروعة عند التّهجير، ندعم مطالبهم بلا تحفّظ ونطالب الحكومة بأن تزيدهم نظير تضحياتهم بمسقط رأسهم في سبيل مسقط رأس (أهل السّودان) [كذا].
    هذا قولٌ لا يعرف المرءُ له وجهاً. تُرى ما هي المطالب المشروعة التي قدّمها المناصير؟ ثمّ هل فعلاً قدّموها عند التّهجير ـ بما يعني أنّهم وافقوا على التّهجير، لكن بكيفيّة معيّنة؟ يا صديقي العزيز، المناصير رفضوا التّهجير نفسه، وبالتّالي ما يجب أن يتوجّه نحوه النّقاش والتّحاجج هو: لماذا إفراغ المنطقة من السّكّان أصلاً؟ لماذا لا يحدّثنا الصّحفي المرموق عن المشاريع التّنمويّة التي تزمع الحكومة السّنيّة أن تُقيمها على أرض المناصير بعد قيام السّدّ؟ ثمّ من يا تُرى الذي سيقوم بتنفيذ تلك المشاريع، إذا كانت القوّة البشريّة المناط بها تنفيذ تلك المشاريع سوف تُهجّر وبقوّة السّلاح إلى أرضٍ ليست ذات ماء أو زرع؟ ثمّ تبلغ به الجرأة على الاجتراء والتّقحّم حدّاً كم رآه النّاس وخبروه عند كتبة السّلطان، عندما يصف موقف النّوبيّين، فيقول:
    والآن تأمّل عزيزي القارئ نوعاً من أنواع الرّفض الأبله، وهو النّاتج بلا سبب مقنع ... رفض بعض أهلي بشمال البلاد بأن تُنشيء الحكومة في ديارهم الجرداء خزّاناً مائيّاً يخزّن المياه [كذا، كأنّما كان في الخطّة أن يخزّن الحبوب] ويوزّعها على صحاريهم القاحلة التي لم تُنبت أرضها ـ منذ أن بسطها الخالق ـ إلاّ الحراز والعشر وتلال الزّحف الصّحراوي [كذا، فهذا أيضاً ممّا ينبت] .. سبحان الله، إنّهم يرفضون سدّاً مائيّاً قد يُنتج لهم قبل غيرهم تيّاراً كهربائيّاً يُضيء ظلمات لياليهم التي لم تًضاء ـ منذ أن خلق الله الليل والنّهار ـ إلاّ بالقمر والنّجوم و(الرّتاين والفوانيس) .. .
    فلتنظروا، يا سادتي، إلى الصّحفي الأريب (أو قل: الغريب) كيف يتّهم النّاس بالغباء، هكذا مجّاناً؛ ولتنظروا إليه كيف يُصدر هذه الأحكام القطعيّة والمطلقة فيُرسلها حَبْقةً تلو حبقة. والرّجلُ قبل كلّ هذا كأنّه يتكلّم قاضياً فيما يجهل؛ فهو ربّما لا يعلم أنّ بلادنا أنتجت التّمر والخضر، والكروم والزّيتون، وذلك قبل أكثر من ألف عام، حسبما ذكره ابن سليم الأسواني الذي زار البلاد عام 950م. وفيما يخصّ الرّتاين والفوانيس، إسمحوا لي، يا سادتي، أن أذكر للأستاذ الصّحفي الطّاهر ساتّي أن الأسواني وصف مدينة سوبا (التي تبعد 20 كلم فقط من الخرطوم) بأنّّها كانت تشتمل على مئات الأماكن للعبادة، وأنّ الشّوارع كانت مظلّلة بالأشجار على جانبيها، وأنّها كانت مرصوفة بالحجر، وأنّها كانت تُضاء ليلاً بالمصابيح، وأنّ المدينة كانت جيّدة التّخطيط وبها أحياء مقسّمة، منها واحد للمسلمين وبه مسجد ...إلخ. وأقول للأستاذ الطّاهر ساتّي (النّوبي ابن جزيرة بِنّا الخضراء ـ تصوّر!] بأنّ هذا هو في الواقع مبتدأ الماضي العريق الذي يصدر عنه السّودانيّون عامّة، والنّوبيّون خاصّة. فأين أنت من هذا؟ وما هي الخلفيّات التّاريخيّة التي صَدَرتَ عنها في خوائك الماضوي هذا؟ ولكن كيف لنا أن نعجب من مثل هذا القول النُّكْر، والأستاذ الطّاهر ساتّي لا يني يفتري على التّاريخ، ماضياً، وحاضراً ومستقبلاً، مستغرقاً في اللجاجة وكتابة "الكلفتة"، إذا يقول:
    ولكن الذين يرفضون خزّان كجبار لم يقدّم أحدهم مطلباً ولا اقتراحاً ولا سبباً مقنعاً للرّفض، وكلّ من يفتح فمه رافضاً يفتح عليه عقله [كذا] بتبرير فطير لا يتجاوز مداه وفحواه الخوف على غرق (التّراث النّوبي، الثّقافة النّوبيّة) .. هل من العقل أن يكون الحرص على (أضرحة ومقابر أجدادنا القدماء) أقوى وأعظم من الحرص على (حاضر ومستقبل الأجيال) ...؟ [التّنقيط والتّقويس جاء في الأصل].
    أنظروا، يا سادتي، إلى هذه الزّراية بتاريخ الأمم والشّعوب! ثمّ بكلّ هذا الكمّ من التّسطيح والرّكاكة اللغويّة والفكريّة. وفي الحقيقة، لا يعرف المرء كيف يبدأ ردّه لمثل هذا القول الفجّ. فلو أنّ النّوبيّين رفضوا إقامة خزّان كجبار لأنّ ما حاق بأهل حلفا، ويحيق الآن بالمناصير، سيحيق بهم أيضاً، لكان ذلك سبباً وجيهاً لرفضهم إقامة الخزّان. فأيّ حاضر وأيّ مستقبل للأجيال يتحدّث عنه الأستاذ الصّحفي الطّاهر ساتّي؟ فمسألة إفراغ المنطقة من السّكّان تشي بغياب أيّ بعد تنموي في حالّة حلفا، والمناصير، وفي كجبار، وبقيّة العقد الفريد من الخزّانات التي يزمع نظام الإنقاذ إقامتها. أوليس هذا كافياً لرفض إقامة هذه الخزّانات، حتّى لو سبقتها موافقة مبدئيّة أوّلاً؟ ولماذا لا يُجيب الأستاذ الطّاهر ساتّي عن السّؤال حول الحكمة من إفراغ المنطقة من السّكّان؟ لماذا تًصرّ الحكومة، وبحدّ البندقيّة، على إخلاء المناصير من قراهم بدلاً من السّماح لهم ببناء عوض منازلهم المغمورة على ضفاف البحيرة؟ وهل يستطيع الأستاذ الصّحفي الطّاهر ساتّي أن يُطلعنا على مشروع واحد سيقام بمنطقة المناصير؟ إذا كان هناك مشروع كهذا، لماذا إخلاء المناصير من المنطقة؟ فما هي القوّة البشريّة التي ستقوم بإنفاذ هذا المشروع المزعوم؟ وإذا لم يكن هناك مشروع يمكنه أن يُطلعنا عليه، فما هي الجدوى من إقامة هذه الخزّانات. أليس من حقّنا أن نعرف لمن تُقرع أجراس هذه الخزّانات في بلادنا؟ وكم زادت دهشتي من تقحّم الرّجل، عندما طالعتنا جريدة الصّحافة الغرّاء (أي نفس الجريدة التي يكتب فيها الأستاذ الطّاهر ساتّي) في عدد 4976 بتاريخ السّبت 19 أبريل 2007م الموافق 2 ربيع الثّاني 1425هـ، بعد يومٍ واحد من كلامه الذي نناقشه هنا، بخبر مفاده أنّ المناصير بصدد إغلاق أبواب الحوار مع الحكومة، مركزيّة وولائيّة، بعد تعنّت الأخيرة في إنفاذ ما وعدت به من السّماح لهم بالسّكنى على ضفاف بحيرة الخزّان. فبعد هذا الخبر، يتوقّع الإنسان من أيّ كاتب يحترم مهنته أن يُراجع نفسه فيما خطّت يداه بالأمس؛ ولكن هيهات أن يحدث مثل هذا ممّن ينسى ما كتب بالأمس، ومن الذين يعيشون بمبدأ "كلام الليل يمحوه النّهار".
    ولكن أغلب هذا ما كان ليعنينا في القول النُّكْر الذي سَلَحَ به على رؤوسنا من على أظهر المنابر الأستاذ الطّاهر ساتّي؛ إذ هو قولٌ يبوء به وحده. ما عنانا، يا سادتي، في بعض ما سَلَحَ به، تكذّب الرّجل على النّوبيّين، وكذبةُ المنبر بلقاء. فطيلة سنيّ التّسعينات، وتحديداً منذ أن صدر القرار الجمهوري القاضي ببناء خزّان كجبار، لم ينِ النّوبيّيون من تقديم بدائلهم التّنمويّة التي فصّلنا في أمرها بخصوص التّنمية المتوسّعة بالحوض النّوبي. ولنا أن نتساءل، تُرى أين كان الرّجل في مبتدر عام 2000م، عندما نشرنا على صفحات الجرايد مقالنا الذي اتّخذناه أصلاً لبحثنا الحالي، فسردنا فيه جميع ما قلناه بخصوص تنمية الحوض النّوبي؟ ولكم أن تزداد دهشتكم إذا علمتم بأنّ تلك المقالات التي توالت في ستّ حلقات، نشرتها ذات جريدة الصّحافة الغرّاء التي يطالع الأستاذ الطّاهر ساتّي قرّاءه من خلال صفحاتها. فأين كان الرّجل حينها يا تُرى؟ إذ يبدو أنّ الأستاذ الطّاهر ساتّي (بطريقة قلب النّوبيّين لمكوّنات الجملة العربيّة تمشّياً مع نظام اللغة النّوبيّة في تقديم المضاف إليه على المضاف) "ما جايب دنيا الخبر". فأين كان الرّجل يا تُرى؟ تعالوا لنرى!
    كان الطّاهر ساتّي في الدّفاع الشّعبي، وذلك منذ أوائل أيّام نظام الإنقاذ إلى بعد ذلك بسنوات؛ أي أنّه كان يُجاهد في سبيل الله ضدّ الكفرة (أهلنا بالجنوب ممثّلين في الجيش الشّعبي)، ممنّياً النّفس بميتةٍ في سبيل الله. ومثل هذا، عادةً ما يقال عنه عند أهلنا السّودانيّين البسطاء: "مسكين دُقُل"، إذ لا همّ له في جاه الدّنيا ونعيمها الزّايل. ومع ذلك، لم تنقص الرّجل مخايل التّميّز التي اجترحها من بنات أفكاره الجوامح. إذ ظلّ المجاهد الطّاهر ساتّي طيلة أو أغلب سني طلبه للشّهادة، يجوب شوارع الخرطوم، وليس غابات الجنوب، مدى النّهار وآناء الليل، وهو بزيّ قوّات الدّفاع الشّعبي، متمنطقاً بحزامها، ومعتمراً قلنسوتها. ومع كلّ تلك المسكنة والطّيبة بالنّسبة لرجل "ما جايب دنيا الخبر"، لم تنقص المجاهد الطّاهر ساتّي النّياشين التي زيّنت صدره من الجانبين؛ ولا نعرف إن كانت إدارة الدّفاع الشّعبي قد منّت عليه ولو بعدد واحد "دبّورة". أمّا النّياشين فقد زيّنته بها نفسُه الأمّارة بالسّوء، أي أنّها أيضاً كانت من بنات أفكاره. فقد رأى المجاهد الحالم، فيما يرى النّائم، أن يستفيد من الجيبين اللذين بالجاكيت على جانبي صدره، فسوّلت له نفسه بتزيينهما حسبما احتمل كلّ جيب بعدد من أقلام الحبر الجاف ما أنزل الله بها من سلطان. إذ اشتملت مجموعة كلّ جيب بعدد من الأقلام ذات الألوان المتباينة، عملاً بالقاعدة التي تقول: من كلّ نبعٍ قطرة. وهكذا أصبحت رصّة الأقلام، حسبما برز من جزئها الأعلى، أشبه بنياشين العسكريّين، فسُرّ بها المجاهد الحالم أيّما سرور. ومن ثمّ طفق يمشي في الأسواق، يأكل الطّعام، ويُجاذب النّاس أطراف الحديث، وهو في غاية الانتشاء. فإذا ما قال له امرؤٌ قولاً رأى فيه أهمّيّة ما، ثبّت عليه نظرةً حادّة كأنّما تدرّب عليها من خلال التّحليق في المرآة كثيراً، ثمّ انتزع أحد أقلامه من أحد الجيبين بدراماتيكيّة ملحوظة، وشرع في تسجيل النّقاط في استغراق تام. ولكنّه بين فَيْنةِ وأخرى كان يُعيد القلم الأخضر، ليُخرج الأحمر، وبعدها بقليل، الأصفر، فالوردي، الأزرق، حسب حالاته المزاجيّة الجهاديّة.
    وهكذا لبث الأستاذ الطّاهر ساتّي، المجاهد الحالم، زمناً؛ ثمّ في غفلةٍ من الزّمان حملته نياشينُ الأقلام الملوّنة إلى منابر الصّحف. وليس هذا بغريب على زمان الإنقاذ؛ فإذا كان هناك أغنياء الغفلة، فلماذا لا يكون هناك كتّاب الغفلة؟ وعلى فداحة الضّرر الذي يُلحقه، وألحقه بالفعل، أثرياء الغفلة على معاش البلاد والعباد، يرى البعض أنّ أثر كتّاب الغفلة أوقعُ أثراً وأشدّ خطراً من حيث قدرتهم في تعويق نموّ الأمم فكريّاً. فمع بدايات عهد الإنقاذ، أحجم أصحاب الأقلام المحبّة للحريّة والدّيموقراطيّة، عن المشاركة بالكتابة في الصّحف والمجلاّت، إلاّ من رأى غير ذلك ممّن رأوا أنّ المنابر لا ينبغي أن تُقاطع مهما كانت هويّة الجهة التي تُتيحُها. وكان من أثر ذلك الإحجام أن قام بملء الفراغ من يُعرفون بمسمّى "كتّاب الغفلة"؛ ويرى الكثير من المراقبين أنّ الأستاذ الطّاهر ساتّي، لا يشغل فقط مقعداً وثيراً في الصّفوف الأماميّة لكتاّب الغفلة، بل هو شيخهم (أو قُل: "فكي" كبير) وله في ذلك سِبحة وأوراد وزاوية. فهنيئاً له ما كسِبه بنياشين الأقلام الملوّنة، دون كسب اليراع، وفي هذا نظر، فتأمّل.
    وكأنّما أراد الأستاذ الصّحفي الطّاهر ساتّي ألاّ ينتهي من مقاله إلاّ بعد أن يُفرغ كلَّ ما في واعيته من إزراء بأهله، إذ ختم حديثه بقوله عن أهله النّوبيّين: "مرمي الله ما بترفع"، فتصوّروا! إذن فالنّوبيّون قومٌ مغضوبٌ عليهم من ربّ العالمين! فماذا يمكن أن يفعل النّاس إزاء قومٍ مغضوبٍ عليهم؟ أُنظروا كيف يُمسخ الإنسانُ، فإذا به يكرهُ ذاتَه. فكيف نعجب بعد هذا إذا رأينا أناساً، سودانيّين مثلنا، لكنّهم يُحبّون مصر (وربّما باقي العرب العاربة) بأكثر ممّا يحبّون السّودان والسّودانيّين، لا لفضلٍ لمصر عليهم، بل كُرهاً منهم لذواتهم؟

    صحافة الغفوة وكتّاب الصّحوة
    وفي الحقّ، فإنّ أمر صحافتنا كلُّه عجب في عجب. إذ قلّما يحدث في تاريخ الأمم أن تجتاح هذه المهنة ذات الشّأن أسراب كتّاب الغفلة، كما لو كانوا أسراب الجراد الصّحراوي، وفي مدّة زمنيّة قصيرة. وقد يرى الرعض أنّ ذلك يعود إلى ضعف بنيوي في جسم الصّحافة السّودانيّة، وليس أقلّ من ذلك بدالّة عجزها عن إدارة اللغة التي تكتب بها، دع عنك إدارة المهنة في تلافيفها وتعرّجاتها الملتبسة بالسّلطة من تنفيذيّة وتشريعيّة ونيابيّة. وقد يرى الكثير من المراقبين أنْ ليس أخطر من كتّاب الغفلة. قد يرى البعض أنّ الخطورة تكمن في أنّ كتّاب الغفلة لا يرون أنفسهم على هذا النّحو، ولهم كلّ الحقّ، فالجمل لا يرى اعوجاج رقبة الآخرين، أو كما قال. وربّما يقول البعض، يا سادتي، إنّ الخطورة تكمن في أنّ كتاب الغفلة يتناسلون ويتكاثرون بطريقة "إنت أبسم لي، وأنا أبسم ليك" التي حكى عنها المرحوم الكاشف، حتّى كادوا أن يصبحوا الأغلبيّة. كلّ هذا بالفعل يشكّل خطراً على مسار الفكر، يا سادتي. وربّما أخطرها عندما يضَاف إلى ذلك أن تكون هناك مؤسّسات تريد أن تفرض كتّاب الغفلة على الشّعب السّوداني باعتبارهم الطّبقة المثقّفة والمفكّرة. لكن، يا سادتي، هناك من لا يرى في كتّاب الغفلة خطراً يُذكر، بحسبان أنّهم لا يعيشون إلاّ في ظلام الدّيكتاتوريّات، ولا يخشون أكثر من نور الحرّيّة والدّيموقراطيّة. ثمّ هناك من يرى نفس الشّيء، لكن من زاوية أخرى؛ فكتّاب الغفلة محكومٌ عليهم بأن يركبوا موجة الدّفاع عن الدّيموقراطيّة متى ما بدا لهم أنّ كفّتها راجحة، لا أنّها الحصان الرّابح، فتأمّل. وهل أدلّ على ذلك ممّا كتبه الأستاذ صلاح شعيب في مقاله (نحو محاولة للاعتذار التّاريخي: ردّاً على قرشي عوض وخالد فضل والطّاهر ساتي ـ جريدة الصّحافة، عدد 4960، الخميس 5 أبريل 2007م الموافق 17 ربيع الأوّل 1428هـ، الصّفحة السّابعة):
    بالنّسبة للكاتب الصّحافي الطّاهر ساتي فقد أبان عن مرجعيّة نقديّة لذاته وخرج عن إهاب الماضي ليؤسّس مجالاً للإسهام الوطني الحرّ، كاشفاً بؤر الفساد الحكومي وناطقاً بالرّأي الذي يُؤذي دعاة الانفصال فيحاولون النّيل منه، ولكنّ الفتى اختار طريق الصّدام الصّعب مع ذلك الماضي الذي لا يبصق عليه وإنّما يُراجعه بالصّدق المفرح وتراه هنا يستعيد ذكرى أيّام الميل أربعين ... .
    ولتلاحظوا، سادتي، أنّ لعنة الدّفاع الشّعبي ستطارد صاحبنا حتّى في اللحظة التي يحتفل فيها بعض النّاس بانثنائه عن الطّريق الأعوج، واستقباله لمحجّة الشّعب الأبيّ، انحيازاً منه للدّيموقراطيّة الغرّاء. وفي الحقيقة، مع وافر احترامنا لصلاح شعيب، لا نرى مُحتفلاً فيما احتفل به؛ فما قام به هؤلاء الإخوة من كتّاب صحافتنا العرجاء كان ممّا قام عليه آخرون منذ بدء حياتهم السّياسيّة والفكريّة. فما بالك يا صديقي، يا صاحب موسى والفتاتين، تترك كلّ هذا لتُشيد بمن انضمّ لركب الحقّ بعد أن كادت تكتنفه سماديرُ الأفق البعيد؟
    وفي الحقّ فإنّ أمر صحافتنا أعجب من كلّ هذا. فالصّحافة عادةً ما يُعرّفها أصحاب المهنة بأنّها مهنة المتاعب والبحث عن المتاعب. وليس أتعب للصّحافة الحرّة من زمنٍ الإنقاذ؛ فأقلّ ما يتوقّعه المرء للصّحافة، والعاملين عليها ـ خاصّة رجال الصّفّ الأوّل منهم، في زمنٍ كهذا أن تضيق عليهم سبل الحياة، فإذا هم في عسفٍ وضنك. ولكن نظرة سريعة لحال أغلب هؤلاء تكشف عن رفهٍ للعيش ربّما لم يواتِ أحداً من قبل. ولا نقول هذا اتّهاماً منّا للقوم الطّيّبين بموالاة مستترة لنظامٍ عجز عن أن يحافظ على مريديه المؤدلجين (أو قُل: المُدلجين) دع عنك غيرهم، بل نقصد غير ذلك. ففي ظلّ نظامٍ اشتطّ في القمع حتّى لم يعد يعرف لغةً غيره، عادةً ما ينتهي الأمر بقادة الصّحف إلى إجراء الموازنات وأوساط الحلول، وذلك من قبيل أن يستخلصوا "الشّربات" من "الفسيخ". ولكن مثل هذه المناورات غالباً ما تنتهي بهم إلى أن يكتبوا كما لو كانوا يريدون أن يقتلوا التّنّين بطريقة الوخز بالإبر، بدلاً من توجيه السّهام إلى المقاتل التي ربّما كانوا أعلم النّاس بها. والوخز بالإبر، مهما كان مؤلماً، لن يفشل في قتل التّنّين فحسب، بل سيكون من شأنه أن يُنشّط الخلايا فيزداد التّنّين صحّة وعافية. وليس أسرع من الأنظمة الدّيكتاتوريّة في الانتباه لمثل هذه الكتابة المخصيّة (أو قل: العقيمة)، التي أرادت أن تستأنس الدّيكتاتوريّة اتّقاءً لشرّها، وذلك ظنّاً منها أنّها تعمل في سبيل تدجينها ديموقراطيّاً، وهيهات ـ فإذا بالدّيكتاتوريّة وقد استأنستها، أو كادت ـ أو كأن قدِ.
    ومأتى الانحراف عن المسار الصّحيح يكمن في حبّ السّلطة. فالصّحافة يُقال عنها إنّها السّلطة الرّابعة (بعد التّشريعيّة، والقضائيّة، ثمّ التّنفيذيّة). وهي قد تكون فعلاً سلطة، إلاّ أنّها تختلف طعماً وشكلاًً ورائحةً ونكهةً عن السّلطة المقسومة لأيّ من الثّلاث مجتمعين أو منفردين. فلكلّ سلطة منها طعمها الذي يختلف في كلّ شيءٍ عن طعم الأخرى. ولكن أخطر ما في الأنظمة الدّيكتاتوريّة أنّها تخلط بين أمزجة وأطعمة وأشربة السّلطات الثّلاث، حتّى ليعجز المرء عن التّفريق بين هذي وهذي. ولو جاز القول بأنّه ليس أيسر للأنظمة الدّيكتاتوريّة من أن تفعل ذلك بما يليها من سلطات تنفيذيّة وتشريعيّة وقضائيّة، جاز القول أيضاً بأنّه ليس أطمع من الأنظمة الدّيكتاتوريّة في أن تخلط حابل السّلطة الرّابعة (الصّحافة) بنابل السّلطات الثلاث أعلاه، وذلك في خلطة واحدة بلون وطعم ونكهة واحدة لا محلّ لها من الإعراب بخلاف كونها ديكتاتوريّة مرفوعة بالضّمّة الظاهرة في آخرها.
    ولكن إذا كان ذلك ما تسعى إليه الدّيكتاتوريّات، فما بالُ الصّحافة تقع في الشّرك كما لو كانت غافية؟ والسّبب كما قلنا هو حبّ السّلطة، وذلك عندما يتذوّق الصّحفي، بوصفه شخصيّة خالية من أيّ صفات سلطويّة رسميّة، بطعم السّلطة النّيّء، فضلاً عن مخايل هيبة مصطنعة قد يُبديها رجال الدّولة للصّحفي الذّاهل، دع عنك تكلّف الصّداقة الزّائفة. وهذه هي اللحظة التي يسقط فيها الصّحفي، فيستبدل صولجان القلم بعنفوان الدّولة الغاشمة.

    عوض داؤود، وما أدراك ما عوض داؤود
    ثمّ انبرى من النّوبيّين رجالٌ من الصّفّ الأوّل من سدنة النّظام القائم، لا دفاعاً عن أهلهم وأرضهم، بل تشويهاً لصورة النّضال النّبيل الذي يقوده النّوبيّون ضدّ بيع أراضيهم للمصريّين بغية توطين ملايين الفلاّحين بها. فقد طالعتنا جريدة الوطن اليوميّة في إصدارتها بتاريخ 1/5/2007م الموافق 13 ربيع الثّاني 1428هـ بمقابلة ضافية للأستاذ عوض داؤود (أحد رموز النّظام بالمنطقة النّوبيّة)، لم يكتف فيها بالدّفاع عن فكرة قيام الخزّان، بل ذهب أبعد من ذلك إلى تشويه صورة نضال النّوبيّين. ثمّ كأن لم يكفه هذا، زاد عليه بشحنة من بذاءات السّياسة وسفهها، من قبيل وقوف الصّهيونيّة العالميّة وراء تحرّك النّوبيّين إلخ من شمّاعات جاهزة ممّا عُهد من الإسلاميّين، وذلك في مسعىً خاسر لتشويه صورة بعض رموز العمل النّوبي ممّن أفنى زهرة شبابه في خدمة العمل النّوبي العام، ولا يزال.
    وحسناً فعل الرّجل! فقد جاءت أقواله غير الحصيفة واتّهاماته الجُزافيّة بردّ فعلٍ عكسي. فرغم أنّ النّوبيّين لم يكونوا يتوقّعون منه أفضل ممّا قال به، إلاّ أنّ احتفاظ الرّجل إلى الآن بمخايل البطر والعنجهيّة التي لازمته في سنيّ الإنقاذ الأولى، أثارت حفيظة العديد من القطاعات النّوبيّة، التي كان يمكن أن تأخذ أقواله تلك على أنّها من قبيل المتوقّع ـ لولا رنّة الاستخفاف والعنجهيّة التي ليس لها، الآن بالذّات، ما يبرّرها من نظام يرى الكثير من المراقبين أنّه منهار، وذلك ببيّنة تراجعاته المستمرّة حيال الضّغط الدّولي، بالأخصّ في هذه الأيّام التي تشهد منه تراجعاً وتقهقراً في مسألة دارفور بحزمها الثّقيلة والخفيفة والقوّات الدّوليّة.
    وكم تساءل النّوبيّون عمّا إذا كان هذا كلّ ما في جعبة هذا النّظام الذي واتاه المولى بصحافة غير موالية، نعم، لكنّها مع ذلك أطوع له من بنانه؟ في الحقيقة توالى سيل التّحقيقات بصحفنا السّنيّة، التي واصل أغلبها في تقديم المعلومات المغلوطة في طبق من المشهيّات الكتابيّة، التي لم تخلُ من ركاكة سامّة زادت على نقاعة سمّ المعلومات ممّا عدّه الكثير من النّوبيّين على أنّه باب في العمالة.

    الوالي وما أدراك ما الوالي
    ثمّ أطلّ علينا والي الولاية الشّماليّة المهندس ميرغني صالح (وهو نوبي أيضاً)، وذلك عبر صحافتنا العرجاء التي أتاحت له صفحة كاملة (كما فعلت مع عوض داؤود) لا ليوضّح الحقائق، بل ليلوي عنقها، حسبما رآه أغلب النّوبيّين [جريدة السّوداني، عدد 536، الخميس 10 مايو 2007م الموافق 22 ربيع الثّاني 1428هـ، الصّفحة الخامسة]. وقد بدأ بقوله إنّ ما جرى في المنطقة كان خطوة من خطوات الدّراسة التي تجريها إدارة السّدود، معترفاً بأنّهم ارتكبوا خطاً بعدم تنويرهم للسّكّان بما يدور. ويبدو جليّاً ضعف الحجّة في تجاهل السّكّان، ممّا ظلّ يعاني منه المناصير المتاثّرين بسدّ مِرْوِي بالشّلاّ الرّابع؛ إذ كيف جاز لهم أن يرتكبوا هذا الخطأ هنا وهناك، ثمّ في مشروع سدّ دال التي استقدموا لها لفيفاً من العلماء دون أن يُكلّفوا أنفسهم تنوير السّكّان بما يجري. وجانباً عن كلّ هذا، لنا أن نتساءل عمّا هي هذه الدّراسة (الجيوتقنيّة ـ على حدّ زعمه) التي تستلزم استجلاب مثل هذه الآليّات الثّقيلة؟
    ثمّ انتقل إلى الزّعم بأنّ مواطني المنطقة ليسوا معارضين لفكرة قيام السّدّ، فقد هتفوا في يناير 2007م قائلين: "سدّ كجبار مطلب شعبي"، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله. ولا نعلم وجهاً لقوله هذا، ممّا عدّه النّوبيّون من قبيل أكاذيب المنبر البلقاء ممّا عُرف به نظام الإنقاذ. ثمّ ذهب إلى نفي أن تكون الشّرطة هي التي أطلقت الرّصاص. وبالنّظر إلى مصادره نكتشف أنّها هي نفس الشّرطة المتّهمة بإطلاق النّار على مسيرة سلميّة بقرية نائية لم يسمع أغلب السّودانيّين باسمها. إذن فالخصمُ هو الحكم! ولكن ما يهمّنا في كلّ ما قال به، زعمه بأنّهم أصدروا أوامرهم بإيقاف الدّراسات، وذلك انصياعاً لأوامر السّيّد رئيس الجمهوريّة القاضية بعدم تنفيذ أيّ سدّ أو خزّان يرفضه المتأثّرون وأهل المنطقة المعنيّة. ولكنّه يُفاجئ لقارئ بعد ذلك مباشرةً، وذلك عندما يردّ على سؤال الصّحفي المُحاور المتعلذق بالخطوة التّالية في حال اثبتت الدّراسات جدوى إقامة السّدّ مع رفض أهالي المنطقة له. فبحسب منطوق توجيهات رئيس الجمهوريّة، كان ينبغي له أن يُقدّم الإجابة القاطعة التّالية: رغم ذلك لن يُقام السّدّ إذا رفضه أهالي المنطقة. تُرى ماذا كان ردُّه؟ تعالوا نقرأ سويّاً:
    هذا حديث سابق لأوانه، ولكن إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك فلن يكون هناك تهجير قسري، كما إنّه لا بدّ من ضمان استحقاقات الأهالي ويتمّ ذلك بتوخّي الصّدق والشّفافيّة، ونحن نؤكّد في كلتا الحالتين بأنّ حقوق أهالي منطقة كجبار لن تضيع.
    إذن، يا سادتي، هل يعني ذلك أنّه إذا أثبتت الدّّراسات جدوى قيام المشروع، فإنّه سيقوم بالرّغم ـ ليس بالرّغم من رفض الأهالي له فحسب ـ بل بالرّغم من توجيهات السّيّد رئيس الجمهوريّة القاضي بالتزام جانب موقف أهالي المنطقة؟ أنظروا بالله، يا سادتي، إلى هذه المخاتلة التي تُغلّفها كلمات الشّفافيّة وتوخّي الصّدق. فكلمات الرّجل تُنبي عن عنجهيّة وصلت حدّ الاستخفاف بالعقول؛ لا عقول أهل المنطقة فحسب، بل بعقول القرّاء جميعاً. فهذا القول منشور على صفحات الجرايد.
                  

06-26-2007, 05:49 PM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)

    واصل الفضح يا عبد الواحد ساعود لاحقا للتعليق.
                  

06-28-2007, 06:45 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: Tragie Mustafa)

                  

06-29-2007, 08:13 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: فيصل محمد خليل)


    التاريخ 28/6/2007م
    مضمون الرسالة




    لا والف لا لسد كجبار








                  

06-30-2007, 10:20 AM

عبد الواحد أبراهيم
<aعبد الواحد أبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 2690

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: فيصل محمد خليل)



    شكرا
    فيصل محمد خليل

    كلنا نوبيين الى ان تقف مهذلة السدود هذه


    المجد لشهداء كجبار المجد لشهداء كجبار.
                  

07-01-2007, 06:25 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار – أجندة خفية وأسرار ...الحوار بدلا عن المناهضة—والرأي فوق شجاعة الشجعان . (Re: عبد الواحد أبراهيم)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de