|
وأخيرا مزيج ''دار'' !
|
وأخيرا مزيج ''دار'' السر سيد احمد يخطط للاحتفال يوم الخميس المقبل في بورتسودان باكتمال العمل وتصدير خام ''دار'' من مربعي (3 و7) بطاقة 200 ألف برميل يوميا من قبل شركة بترودار، وذلك بعد تأخير قارب العامين، رغم ان بعض المرافق مثل خط الانابيب قد اكتملت مطلع العام الماضي، مما مكن من بدء تصدير خام ''دار'' مستخدما بعض المرافق التخزينية لشركة النيل الكبرى لعمليات البترول التي تبلغ سعتها نحو أربعة ملايين برميل، وهو التصدير الذي تصاعد حجمه الى نحو 160 ألف برميل يوميا، الامر الذي جعل حجم الانتاج الكلي يتجاوز نصف مليون برميل يوميا في الوقت الحالي.أهمية هذا التطور انه يعيد اصلاح وضع ميزان الايرادات لموازنة الدولة التي وضعت على أساس انتاج هذه الكمية واذا بالتعطيل الفني الذي لازم المشروع يؤثر على الاداء العام للميزانية كما حدث بصورة جلية في العام الماضي وقيام الحكومة بالبحث عن بدائل للتعويض عن الايرادات المفقودة وما صحبها من توترات سياسية. لكن فوق هذا كله، فان اكتمال الجوانب الفنية لمختلف مرافق شركة بترودار التي تدير المشروع من خط أنابيب بقطر 32 بوصة ويمتد على مسافة 1400 كيلومتر حتى ميناء التصدير على ساحل البحر الاحمر، ويمكنه نقل 750 ألف برميل يوميا ووجود خزانات ذات سعة تصل الى مليونين ونصف المليون برميل ستمكن من التصاعد بالانتاج من هذين المربعين خاصة مع الاكتشافات التي تمت مؤخرا و لايستبعد بعض المتعاملين في الصناعة أن يرتفع الانتاج من هذين المربعين لوحدهما الى 320 ألف برميل يوميا على أقل تقدير في غضون فترة الـ (18) شهرا المقبلة.النقطة الثانية التي تلفت الانتباه ان خام ''دار'' تجنب أسلوب التسعير الذي اعتمد بالنسبة خام ''مزيج النيل'' الذي أعتبر خام ''ميناس'' الاندونيسي مرجعيته على أساس ان السوق الآسيوية هي ميدانه الرئيسي. خام ''دار'' اعتمد على خام ''برنت'' البريطاني مرجعا له، وهو خام له وجوده في السوق العالمية ومشهود له واعتمدته منظمة أوبك ضمن القائمة الاولى من النفوط التي كونت السلة التي حلت محل خام العربي الخفيف كسعر اشارة للسوق، وذلك بعد حرب الاسعار في منتصف عقد الثمانينات. اعتماد ''برنت'' مرجعا لقياس سعر خام ''دار'' يمكن أن يساعد في توسيع قاعدة المشترين، والخطوة تبدو معقولة كون خام ''ميناس'' الاندونيسي في حالة تراجع بسبب تقلص حجم الانتاج النفطي الاندونيسي وعدم تمكنه حتى من الوفاء بالحصة التي خصصتها له منظمة أوبك، بل ووصل الامر ان حجم الكميات المصدرة من خام ''مزيج النيل'' تتجاوز تلك المصدرة من خام ''ميناس'' الاندونيسي، الامر الذي يطرح سؤالا عن لماذا لا يعاد النظر حتى في أسلوب تسعير ''مزيج النيل''.مزيج ''دار'' تم تسعيره بمعدل يقل نحو 15 دولارا في كل برميل عن السعر الذي يباع به خام ''برنت''، اذ انه مقوم على أساس انه من النفوط الثقيلة، وتعتبر الصين هي الجهة الرئيسية لشحنات ''دار'' التي يتم تصديرها، لكن ربما تجد طريقها فيما بعد الى اليابان مثلا كما حدث من شحنات من خام ''مزيج النيل'' التي وجدت طريقها الى المستهلكين اليابانيين.تحسن وضع الانتاج النفطي السوداني سيلفت الانظار في اطار معادلات العرض والطلب بين المنتجين من خارج أوبك وداخلها. ويظهر هذا في ان التقارير الدورية التي تتعرض لاوضاع السوق النفطية لشهر يونيو تحدثت بصورة عامة عن تراجع في حجم الامدادات الواردة من خارج أوبك، فمثلا تقرير أوبك الدوري عن حالة السوق الصادر في الثاني عشر من هذا الشهر ذكر السودان تحديدا مشيرا الى وجود فجوة في حدود 47 ألف برميل يوميا بين ما كان مخططا له وحجم الانتاج الفعلي. انطلاق العمل من مربع (3 و7) والتصدير بالحجم الاولي المخطط له يغطي هذه الفجوة، ويضع الاساس لزيادة في الانتاج كما ذكر آنفا.ومع هذا التطور فإن السودان سيجد نفسه مرتبطا أكثر وأكثر بالسوق العالمية ووضع الامدادات والاسعار وكيفية تعامل اللاعبين الرئيسيين في السوق من أوبك الى المنتجين خارجها الى المستهلكين الذين تضمهم الوكالة الدولية للطاقة، وهو ما يتطلب الانتباه باكرا الى ضرورة وضع استراتيجية للتعامل مع أوضاع السوق المتحركة وضغوط مختلف اللاعبين. فالسوق تشهد في الوقت الحالي جدلا بسبب تراجع الامدادات من قبل بعض المنتجين خارج منظمة أوبك، وهو ما دفع الوكالة الدولية للطاقة الطلب الى أوبك ضخ المزيد من الامدادات للتعويض ولتطمين السوق، لكن أوبك ردت ان معدل المخزونات التجارية لدى المستهلكين الغربيين في موقف جيد ويتجاوز في معظم الاحيان متوسط خمس سنوات، كما ان نسبة الطاقة الانتاجية الفائضة لدى أوبك ارتفعت الى 15 في المائة، الامر الذي يمكنها من ضخ أية كميات اضافية يحتاجها السوق.بل ان الامين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري هدد ان الدول الاعضاء في المنظمة ستعيد النظر في العدد من خططها لرفع الطاقة الانتاجية بسبب الجهود الكبيرة والاستثمارات الضخمة التي بدأت الدول المستهلكة تضخها في مجالات الطاقة الحيوية والبديلة للنفط، مضيفا انه ليس من المعقول قيام أوبك باستثمار المليارات من الدولارات لرفع الطاقة الانتاجية في الوقت الذي تتجه فيه السوق الى تقليل اعتمادها على النفط. وتوجد خطط لدى بعض الدول الاعضاء في أوبك لاستثمار مبلغ 130 مليار دولار حتى العام 2012 لرفع الطاقة الانتاجية الى قرابة 40 مليون برميل يوميا بزيادة نحو 4 ملايين برميل عن المستوى الانتاجي الحالي.وكالة الطاقة ردت بما معناه ان أكثر السيناريوهات تفاؤلاً بمستقبل الطاقة البديلة يجعل اسهامها في نهاية الامر نسبة بسيطة من اجمالي الاستهلاك العام، ولهذا فليس لاوبك ما تقلق بشأنه. مثل هذا النقاش سيستمر بصورة أو أخرى، والسودان من ناحية يعتبر منتجا من خارج أوبك، لكنه يحتفظ بمقعد مراقب لدى المنظمة، وقد يطلب منه في المستقبل اتخاذ موقف فيما يتعلق بحجم انتاجه وتقليصه دفعا للاسعار الى أعلى تماما مثلما حدث مع مراقبين آخرين أمثال مصر، والمكسيك ، وعمان وغيرها، وهو ما ينبغي الاستعداد له في شكل سيناريوهات وسياسات تقوم على بدائل وخيارات تضع في الاعتبار الخطط الهادفة الى رفع طاقة البلاد الانتاجية.
الرأي العام 25 يونيو 2007
|
|
|
|
|
|