|
المقدم الغرقان
|
المَقـــــدَّم
حكي لي أبي أن رجلاً ( غرقاناً ) يلازم شيخه و يقوم على طاعته و خدمته و خدمة ضيوفه بكل همة و نكران ذات ، لكنه في المقابل كان مصدر إزعاج غريب و عجيب للشيخ و حيرانه ضيوفه أحياناً . فقد كان هذا الرجل ، و تبعاً لغرقانه هذا يأتي بأفعال لا يحتملها الصبر و تنفد معها حيل الاحتمال بكل اتساعه ، فكلما أُوتى بالطعام و صفّ أمام الشيخ أو الحيران يبادر الغرقان إلى الصحاف فينسفها نسفا، و يحيلها في ثوانٍ معدودة قاعاً صفصفا ، كأن لم يكن بها طعام من قبل ، و لا يكتفي بهذا ، بل يمسح بعدها فمه و شاربه و يتجشأ ثم يقول لشيخه و من معه مغتبطا :ً ( و الله يا سيدي الشيخ .. ترا الأكل دا أنا بحبو حب ) . و يسكتون على مضض ، ويكتمون غيظهم . حتى إذا ما جيء بالماء البارد عاجله الغرقان ( بكرطعةٍ ) سريعة حتى لا يبقى منه شيئاً ثم يعود للتجشؤ و مسح الشارب و ..... ( و الله يا سيدي الشيخ ترا المويه الباردة دى أنا بحبها حب ) .. و لا ينجو اللبن من المشهد نفسه و السيناريو يتكرر مع كل ما يؤكل و يشرب ، فكل شئ و غرقاننا ( بحبو حب ) .. و حذر الشيخ حيرانه و تلامذته من التعرض للغرقان أو الحديث معه في هذا الأمر بالذات فالرجل ( صاحب حالات و جذب ) . هكذا كانت تسير بهم الأمور ، إلى أن كان اليوم الذي دُعي فيه الشيخ و حيرانه لإحياء ليلة ذكرٍ في قرية ما .. فقال الشيخ لحيرانه : ( الغرقان دا لو سقناهو معانا بفضحنا دحين شوفولو صرفه ، خارجوهو بيها ) فتولى الأمر حينئذ أحد الحيران النجيضين ، فأوعز للغرقان أن الشيخ يأمره بالذهاب لجلب الحطب من الغابة على أن يكون حطباً كثيراً جداً يكفى لنار التقابة شهوراً : فقال الغرقان : ( بالحيل ... و الله ترا قطّيع الحطب دا أنا بحبو حب .... علَّ ما تفوتونى هسع بانتهى منو ) ، و انطلق الغرقان إلى ما يحب ، فاستعجل الشيخ و من معه الرحيل على ظهور حميرهم . و ما إن توسطوا الطريق حتى طلع عليهم ثلاثة رجال أشداء ( عصابة ) تعاركوا معهم و تدافسوا فكانت الغلبة للعصابة آلتي استلبت منهم كل شئ،الحمير والطارات و النوبة و كل لوازم ( المديح ) ثم رحلوا . و لما قفل الغرقان عائداً من مهمته العسيرة آلتي أنجزها في زمن قياسي ، لم يجد أحداً ، فبادر بالسؤال ، فقيل له أنهم قد رحلوا منذ زمن و اتجهوا إلى مكان كذا ، فحزم أمره ، و ربط ( جلابيته ) في وسطه و انطلق جاريا بعد أن قال قولته المعهودة ( و الله ترا الجري دا أنا بحبو حب ) .. و ما هو إلا زمن يسير حتى بلغ القوم فألفاهم يلتحفون الثرى ( متمحنين ) قد جرّدوا من متاع الدنيا فسأل الشيخ عما حدث فأخبره القصة وأشار إليه باتجاه العصابة ، فخفّ جارياً بل منطلقاً كالسهم ، حتى أدركهم و لم يبعدوا كثيراً فتلقاه الأول فصفعه الغرقان صفعة ألقت به أرضاً .. جثة هامدة ، ثم جبذ الثاني و داسه تحت إبطه ( أم عضيم ) فقطع أنفاسه ، أما الثالث فقد حاول أن يهرب فحاصره الغرقان .. فقال له الثالث : ( يا خونا الكتال في شنو .. ديل حميرك سوقن و فوت ) فقال له الغرقان بحزم : ( لا لا .. أرفع ناسك ديل فوق الحمير ، و نرجع لي سيدي الشيخ براهو يقضى في أمركن ) و قفلوا عائدين إلى شيخهم ، فلما رآهم الشيخ ، و رأى صاحبه يسوقهم سوق الغنم ، تهلل وجهه وانطرح ، وبرقت ثناياه و استبشر ، فما إن وصلوا حتى صاح الغرقان : ( و الله يا سيدي الشيخ ، ترا الكُتال دا أنا بحبو حب ) فضمه الشيخ إليه بحنان متدفق و قال له ضاحكاً : ( إتْ إن شاء الله يحبك نبيك .. آلبتحب كلو شى ) .. ثم ألزمه من بعدها رتبة المَقدّم لا ينازعه فيها أحد .
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
مفترض من أول يسوقوهو معاهم
يا ريمو فى نوع من الناس ديل وراهم حاجات غريبه جدا ..بعرف منهم كتيرين ..بحبو اي شي وبحبو اي زول .. صورت شخصية واحد اسمو ود القوس ..شخصية حقيقية ..مدهش لي درجة ....وفعلا غرقان شكرا يا ريمو ..استمتعت للسرد الجميل ..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
شكرا الطيب قصة الغرقان ممتعة للغاية .واجواءها تذكر بالحياة في القرية بكل تفاصيلها الجميلة. لك بالغ الامنيات الطيبة
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
TUMBIS العزيز ألف تحية و احترام أجد نفسي دوما مأخوذ بسيرة هؤلاء الناس أنت ذكرتك ود القوس (في مدينتنا الدويم هناك أيضا رجل من المجاذيب و نناديه ود القوس (ود الغوث رجل عجيب جدا لا يني يذكر الله سرا و جهرا و يصلى على النبي صلي الله عليه و سلم و من أمره العجيب أنه يعود المرضي في مستشفي الدويم بعد صلاة الصبح مباشرة و جيبه ملئ بالبلح يعطي كل مريض تمرتين يأسرني دوما بتبسمهووجه الصبوح الفياض بالمحبة أشكر لك هذه الطلة البهية و أجدد التقدير و الاحترام
| |

|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
سيدي أحمد الملك سلاما طيبا مباركا لك في خاطري من هؤلاء القوم صور شتى و حكايات عددا شهدت بعضها و سمعت بالأخرى مشاهد و حكايا عجيبة و غريبة توقفت بين التصديق دهشة و الإنكار منطقا لكنك ما تلبث أن تركن للتصديق و الإيقان حين يناديك الصوت الداخلي المحض و هو يهتف (الله قادر) هذه العبارة كان يقولها لى أبي كلما لمح طيف من الإنكار يحوم حول عيني أملك لك المحبة و التقدير و الإحترام فجد علىّ بالتواصل مودة و إلفة أيها العزيز الصديق
| |

|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
الأخت الكريمة الجندرية رحب السلام و موفور التقدير و الإحترام لك نعم مدد و إن غاليت فمددين و كان لابد من الإضافة لهذه المدد فهاك قولة أمي حين تسمع مثل هذه الحكايا حيث تقول بعد مددك إلحقنى و افزعني كل السلام و الشكر لك يا جندرية
| |

|
|
|
|
|
|
Re: المقدم الغرقان (Re: Remo)
|
TUMBIS العزيز مجدد السلام و الإحترام رجاء حدثني عن ود القوس الذى أشرت إليه آنفا لماذا أحس بأني أعرفه أو ألتقيته خطر لى هذا الخاطر ليلة أمس و أنا أقلب كلامك في صدري في انتظارك يا بهي
| |

|
|
|
|
|
|
|