ولنا بلادٌ لا حدودَ لها كفِكرَتنا عن المجهول ضيقةٌ وواسعة بلادٌ حين نمشي في خريطتِها تضيقُ بنا وتأخُذُنا إلى نفقٍ رمادي فنصرخُ في متاهتِها: ومازلنا نُحبُّك حبُّنا مرَضٌ وراثي
كان النصف الثاني من التسعينيات عهداً تراجعت فيه القبضة الحديدية للنظام، وتفشت فيه مظاهر الولاء للتنظيم الحاكم بكثافة في أوساط طلاب الجامعات.. كنا وصديقي عبد القادر التوم (الذي ارتمي لفترة في أحضان الجبهة الديمقراطية) نعود لمدينة أم روابة في عطلة الجامعة نستجم بين الأهل من وعثاء المشاوير وزحام الخرطوم.. كانت أم روابة هي سوداننا الذي عرفنا عبره السودان.. نستذكر نُضْرة الأيام التي انصرفت عنا إلى غير رجعة.. نتوقف عند أخوة أحباء كانوا رياحين حياتنا.. نعيد من ذكرياتنا ما هو خاص وما هو عام.. ونستشرف مستقبلاً مفعماً بالرخاء والهناء لبلاد وهبها الله من الخيرات ما لا يحصي، لكننا نستفيق على وعي مهزوم تحت ظلال أشجار (النيم) الوريفة والمترامية على جنبات الشارع (الرئيسي) للمدينة. كلانا كان يعاني من داء وراثي عضال هو حبنا لهذا البلد الواسع الشاسع الكبير (بلحيل) الذي ما برح يضيق بأهله كحال وطن محمد درويش. وقد ظل عبد القادر التوم وفياً لتلك الأمكنة حتى الآن، وكأني به يكابد داءه القديم المتمثل في عشقه لمدينته الآدمية التي هي مجبولة من تراب. وبرغم مرور هذه السنين، لا أدري كيف يكون حال تلك البقاع، لكن عبد القادر التوم ظل كما هو، حتى بعد أن غدا مشرفاً كبيراً لشركة الاتصالات المعروفة (MTN).. مازال يمارس عشقه لمدينته بذات الطريقة القديمة التي عهدتها عنده منذ طراوة عوده.. وليتني مثله الآن... التحية لكم أحبائي داخل بلادنا وخارجها في هذا العيد الذي نأمل أن يعود علينا باليمن ويجتمع شمل البعيدين... ولكم مودتي.. والتحية لعبد القادر التوم...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة