|
العلاقات السودانية المصرية - ياسين حسن بشير
|
العلاقات السودانية المصرية - بقلم ياسين حسن بشير جريدة الاحداث فوجئ المواطن السوداني بقرار وزارة الداخلية السودانية خلال الأيام الماضية الذي وضع بعض القيود على إصدار تأشيرة الخروج بغرض السفر إلى بعض الدول العربية ومنها جمهورية مصر العربية.. وتتلخص هذه القيود في أن يلتزم كل من يرغب في الحصول على تأشيرة خروج بغرض السفر إلى مصر باستخراج شهادة فيش وتشبيه من إدارة المباحث الجنائية وتحويل مبلغ ألفي دولار أمريكي مقدماً إلى مصر وبالنسبة لرجال الأعمال تقديم شهادة خلو طرف من الضرائب. وبالرغم من قناعتي بضرورة تسهيل سفر المواطنين السودانيين إلى جميع الدول العربية دون استثناء بل وإلى جميع الدول الإفريقية ودول العالم أجمع إلا أنني أركز في هذا المقال على جمهورية مصر العربية لخصوصية العلاقات بين السودان ومصر ولكي لا أطيل على القارئ المحترم فإنني ألخص وجهة نظري حول الموضوع فيما يلي: أولاً: في تقديري أن تأشيرة الخروج نفسها من حيث المبدأ هي بدعة سودانية متخلفة وكنت أتوقع أن يتدرج الأخوة بوزارة الداخلية نحو إلغائها وليس نحو تشديد شروط الحصول عليها.. وكأننا نسير نحو الخلف عكس مسار البشرية وفي الاتجاه المعاكس لتطور مفهوم حقوق الإنسان. ثانياً: بالطبع لا أنكر أن هناك مجرمين جنائيين أو مدنيين يجب حظر سفرهم حفاظاً على سمعة الوطن وفي بعض الأحيان حفاظاً على حقوق الدولة أو حقوق بعض المواطنين في حالات الهروب إلى الخارج... ولكن كل هذا لا يبرر وجود تأشيرة خروج بهذا الأسلوب البيروقراطي المتخلف... فإذا أخذنا تحديداً حالة السودان ومصر... فيمكن التعاون بين إدارتي المباحث الجنائية في البلدين لوضع قائمة مشتركة للممنوعين من السودانيين ومن المصريين حتى نضمن أنه حتى إذا أفلح أحد المجرمين في الخروج من دولة إلى أخرى فيمكن أن يتم توقيفه في الدولة المستقبلة... وبالتالي ليس هناك منطق ولا معنى لتعميم مثل هذه القرارات وتعذيب المواطن بإجراءات تعجيزية. ثالثاً: إن شرط تحويل ألفي دولار أمريكي لكل مواطن سوداني يرغب في السفر إلى مصر يمكن أن يصلح للتأكد من القدرة المالية للمسافر إلى أي دولة أخرى ولكن ليس مصر تحديداً... لماذا؟ لأن العلاقات السودانية المصرية لها بعد أسري ممتد بين المجتمعين بالإضافة إلى أن هناك أعداد كبيرة من السودانيين الذين يمتلكون عقارات بمصر ويقومون بتأجيرها وإيداع الإيجار بحسابات بأسمائهم بالبنوك المصرية كما أنه توجد جالية سودانية كبيرة بمصر... وهذا كله يعني أن المسافر السوداني إلى مصر يمكن أن لا يأخذ معه أي مبلغ نقدي بسبب وجود رصيد نقدي له بالبنوك المصرية أو لأن هناك أقارب له يمكن أن يمولوا إقامته بجمهورية مصر سواءً أكانت للعلاج أو للسياحة. رابعاً: إن أمن الدول في هذا العصر لم يعد أمناً وطنياً خاصاً وإنما أصبحت له أبعاد دولية وإقليمية ويجب أن تكون النظرة شاملة ومتكاملة... فالحكومة السودانية قد اتفقت مع جمهورية مصر العربية على الحريات الأربع بل وبادرت من طرف واحد بتنفيذ أخطر بند فيها وهو إلغاء تأشيرة الدخول للمصريين وفي نفس الوقت تأتي اليوم لتشدد شروط سفر السودانيين لمصر وبشكل عام دون تمييز... وفي تقديري أن في ذلك تناقض أمني واضح... فهل تضمن الحكومة السودانية أمنياً كل مواطن مصري يصل إلى السودان وتسمح له بالدخول دون تأشيرة وتعجز عن ضمان ذلك بالنسبة لمواطنيها؟ خلاصة القول في هذا المقال – مع احترامي للأخوة بوزارة الداخلية – هو أن قرار تشديد شروط تأشيرة الخروج لجمهورية مصر العربية غير صحيحة بل وضارة بتطور العلاقات السودانية المصرية وتتناقض تماماً مع ما نسمعه من نوايا حسنة متبادلة بين الحكومة المصرية والسودانية... لذلك أرجو أن يعاد النظر في هذا القرار وأن تعالج الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية له في إطار اللجنة الوزارية المشتركة بين السودان ومصر لأن أي قرار تتخذه إحدى الدولتين فيما يتعلق بحركة المواطنين بينهما يجب أن يعالج في إطار مشترك لأن الأثر السلبي لمثل تلك القرارات سينعكس على الجانبين وليس على جانب واحد فقط. كما أنتهز الفرصة لأطالب بإلغاء بدعة تأشيرة الخروج وإذا كان الهدف تجميع الرسوم الحكومية فليتم إضافة مبلغ تقديري لرسوم استخراج وتجديد جواز السفر... فإلى متى نظل مخنوقين بهذه القيود البيروقراطية العقيمة.
|
|
|
|
|
|