|
|
 لماذا الإصرار على خنق السودان
|
بقلم : جون وولش (كاتب امريكى وناشط من نشطاء السلام)
فى ولاية "ماساشوستس" كما هى فى ولايات أخرى توجد "حركة" تعمل وتدعو الى سحب تمويل الشركات التى تعمل فى السودان ، وخصوصا الشركات الصينية العاملة فى قطاع النفط.
ويدّعون أن الهدف هو إغاثة وتخفيف معاناة أهالي دارفور !! وغنى عن البيان أن الهدف الحقيقي غير ذلك.
الحملة فى "ماساشوستس" يقودها مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونجرس، على رأسهم السناتور "اوجستوس" مدعوما بعضوي الكونجرس "ماك جفرن" و"مايكل كابوانو" وهم يدعون ويسعون الى التدخل لإعاقة الاستثمار فى السودان من اجل تحقيق أهداف مشبوهة.
لماذا يحاولون خنق السودان ؟؟
دعوني أشرح لكم هذا اللغز : السبب ان هناك دولة تتربع على مخزون هائل من النفط ، وإسرائيل تعتبرها دولة عدوة ، وهى دولة مسلمة ، لذلك يدعون انها تؤوى الإرهاب ، والرئيس بوش يعبر عن عدائه لها. كانت هذه الدولة فى عام 2002 هى العراق ، وهذه الدولة الآن فى 2007 هى السودان، وهناك حركة دائبة من اجل القيام بعمل ضد السودان، والجناح الديمقراطي لحزب الحرب هو الذى يقود فى هذه المرة. هل سيستغفل الشعب الأمريكي مرة أخرى ويورطه فى تدخل آخر ؟؟
لا توجد إبادة جماعية فى دارفور
ربما يتساءل البعض : ألا توجد "إبادة جماعية" فى دارفور ؟ بوش وحده والحكومة الأمريكية هما اللذان يصفان الصراع فى دارفور بأنه "إبادة جماعية" ! الأمم المتحدة والأسقف "ديزموند توتو" يسمونها حرباً أهلية ، والحرب الأهلية قصة أخرى. ولكن ألا توجد معاناة فى دارفور ؟ بلى توجد وربما يصل عدد القتلى الى 200 ألف بالإضافة الى مليون من المهجرين ولكن هذه ليست أسوأ كارثة إنسانية فى العالم . الحقيقة أن 650 ألف قتلوا بسبب الاحتلال الأمريكي والحرب الأمريكية فى العراق ، الملايين مشردون. والعجيب كل العجب ان اهتمام بوش بالسودان يزداد عندما تزداد الضغوط الضغوط القادمة من العراق. وأعضاء الكونجرس (كابوانو) و(ماك جفرن) اللذان لا يكفان عن دق طبول الحرب ضد السودان يعارضان الحرب على العراق ولكنهما يرفضان التصويت على إيقاف تمويل الحرب على العراق مثلما فعل ثمانية أعضاء ديمقراطيون واثنان جمهوريان . ثم لماذا لا يعمل بوش وابوانو وماك جفرن من أجل وقف معاناة العراقيين، وذلك يتحقق ببساطة عندما نغادر العراق ....
أمريكا هى صانعة المعاناة فى السودان
نعم توجد معاناة فى دارفور ، هذه حقيقة ، وعلى الولايات المتحدة ان ترسل له أقصى ما تستطيع من مساعدات إنسانية متاحة لتخفيف هذه المعاناة ، وأمريكا تستطيع ان تعمل الكثير. إلا ان العكس هو الذى يحدث . فى عام 2006 تجاوزت أعداد الوفيات من الملاريا فى السودان ودارفور عدد القتلى من الحرب الأهلية ، والسبب أن أمريكا دمرت المصنع الوحيد الذى كان يصنع المصل الواقي من الملاريا بأسعار معقولة "بطريق الخطأ" فى عهد كلينتون الديمقراطي فى عام 1988. لم يكن هناك مبرر لهذه الجريمة التى تعتبر جريمة حرب ولم تقدم أمريكا مطلقا أي عرض للتعويض. ربما يتقدم كل ما كابوانو وماك جفرن بمشروع قانون لتمويل إعادة بناء ذلك المصنع.
الهدف إفلاس وتركيع السودان
وإذا علمنا ان السودان من أفقر دول العالم وان المعاناة فيه لا تقتصر على دارفور ، وإنما تشمل السودان كله، ندرك ان مشروع السيناتور اوجستس بسحب التمويل وإيقاف الاستثمارات وخصوصا استثمارات الشركات الصينية فى قطاع البترول ليس الهدف منها التخفيف عن الشعب السوداني وأهل دارفور ولكن هذه الحملة مصممة ومقصودة من اجل إفلاس السودان وتركيعه ، ومن ثم فالحرمان والمقاطعة والحصار يقعون جميعا على رأس الشعب السوداني، ويصبون جميعا فى خانة زيادة معاناة الشعب السوداني وخصوصا اهالى دارفور.
إيباك (لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية) والمحافظون الجدد وراء توريط أمريكا. والعجيب ان الذين يدفعون فى اتجاه هذه الأعمال التى تهدف ضمن ما تهدف الى خنق السودان هم المحافظون الجدد ومنظمة إيباك ومجموعات أخرى تلف لفهم وتدور فى فلكهم، وهاتان هما الجماعتان اللتان دفعتا فى اتجاه الحرب على العراق ، وهما اللتان تدافعان عن الحرب على إيران. وليس من قبيل الصدفة ان يقوموا بمحاولة إثارة الفتن ودق الأسافين بين العرب والأمريكان والأفارقة الأمريكان انظر www.divestTerror.org وهاهي أمريكا تتورط فى الصومال مستخدمة أثيوبيا والقوات الأمريكية الخاصة لطرد نظام إسلامي لا يروق للمحافظين الجدد ولا يعجب الإدارة الأمريكية ، ونشم رائحة النفط مرة أخرى ، وتسيل الدماء وينتشر الدمار فى الصومال ، مرة أخرى باسم وتحت عنوان (الديمقراطية والتقدم) ، هل السودان هو الضحية القادمة؟
إننا يجب ان نميز بين المعاناة بسبب الديكتاتورية والصور الأخرى من المعاناة مثل المعاناة بسبب الاحتلال الأجنبي .
اننا كذبنا على العالم عند شن الحرب على العراق، ونجح المحافظون الجدد فى استغلال النوايا الحسنة لدينا من اجل التخلص من ديكتاتورية شريرة . لقد استغلوا نوايانا الحسنة وقادونا الى حرب طويلة وبشعة، لا علاقة بها فى الواقع بإزاحة صدام.
هل سيكون السودان هو الضحية الجديدة ؟؟ دعونا نطالب بعدم تكرار هذا السيناريو فى السودان. نعم أيها السادة أعضاء الكونجرس، كابوانو وماك جفرن ساعدوا السودان إنسانيا وساعدوا دارفور كما تشاءون ولنعد إصلاح أو بناء مصنع الأدوية هناك (مصنع الشفاء).
ولكن السيناتور أوجستس يترك مشاكله الداخلية فى الولاية ولا ينشغل بزيادة المعاشات ورفع المعاناة عن الأمريكان كبار السن ، وينشغل بزيادة معاناة السودانيين فى دارفور وفى غير دارفور، فلا هو يرفع المعاناة عن الأمريكان ولا عن السودانيين !..
ارفعوا المعاناة عن الأمريكان ولا تزيدوا معاناة السودانيين.
ترجمة :جمال خطاب
المصدر : counterpunch.org
الناشر : مجلة المجتمع – العدد 1776 بتاريخ 10-16 نوفمبر 2007
|
|
 
|
|
|
|
قرشـــو
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست