|
لك التحية..حيدر المكاشفي !!
|
نقلا عن جريدة الصحافة حيدر المكاشفي الرأى حر والخبر مقدّس بعد مرور أحد عشر يوماً بعد المائة على اعتقالهم، دخل السيدان علي محمود حسنين ومبارك الفاضل المهدي في اضراب عن الطعام بدأ يوم الأربعاء الماضي، السابع من الشهر الجاري، واليوم يدخل اضرابهما عن الطعام يومه التاسع، ولا ندري ما فعلته هذه الأيام التسعة بصحتهما المعتلة أصلاً، وهو أمر يدعو للأسف من جهة ويدعو للشفقة من جهة أخرى، وأنا لن أفسر والأكيد أن القارئ العزيز لن (يقصّر) في فهم الذي يدعو للأسف والذي يثير الخوف والشفقة، فهكذا عوّدنا دائماً قارئنا اللمّاح الذي يفهمها (طايرة) عندما نكتب وفمنا ملئ بالماء ويدنا مكبلّة بالقيود، وإن جاز لسائل أن يسألنا عن ما الذي يمنعنا من (لفظ) الماء الذي ملأوا به فمنا، وما الذي يحول دون أن نحرر أيدينا من القيود؟ نقول ليس هو بأية حال من الأحوال سببا يخص شخصنا الضعيف وذاتنا الفانية وقلمنا المتواضع الذي خرجنا به أصلاً (للربا والتلاف)، ولكن تقديرنا لمصالح أخرى هو الذي يمنعنا ويجعلنا نمتثل (صاغرين) ومكرهين وفي قلوبنا حسرة وفي نفوسنا شئ من حتى، حتى لا تضار الصحيفة التي نعمل بها أو يتضرر و(يتجرجر) مسؤول التحرير الأول دون ذنب يعطله عن تسيير دفة العمل، وربما يدفع به إلى حراسات الاعتقال باعتباره المتهم الأول، ولو كان الأمر غير ذلك، لما ترددنا لحظة أو اكترثنا لهنيهة في كتابة ما نعتقده صحيحاً باستعداد تام لتحمل كامل المسؤولية عنه، وليت قانون الصحافة الجديد أو أي قانون آخر ذي صلة بقضايا النشر يخلى مسؤولية الصحف ورؤساء التحرير من مقالات وأعمدة الرأي، ويلقي بتبعة ما يرد فيها على أعناق أربابها، فالقاعدة الصحفية المهنية الذهبية المتوارثة جيلاً عن جيل تقول ان الخبر مقدس والرأي حر، وحرية الرأي هذي هي ما يلزم الصحافيين أخلاقياً ومهنياً باتاحة المجال له واسعاً بلا تدخل أو شطب أو كشط أو سنسرة أو حجب، إلا اذا كان هذا الرأي يحتوي على أكاذيب بائنة أو يلقي باتهامات جزافية أو يشتمل على اساءات شخصية، أو يتناول بالتعريض والتسفيه المقدسات الدينية، أو يصادم ما استقر عليه المجتمع من أعراف وقيم حميدة وغير ذلك من محددات مهنية يعرفها ويراعيها الصحافيون المهنيون، ليس خضوعاً لجهة أو خوفاً من أخرى، بل لانها طبع أصيل فيهم ومكوّن أساسي من مكونات اخلاقيات مهنتهم، تواضعوا عليها برضاء وقناعة.. أما ما خلا ذلك فليست هناك قوة في الارض يحق لها أن تمنع الرأي أو تحجبه، أو هذا ما يفترض أن يكون، وليس لأحد بالغاً ما بلغ من سلطة أو جاه أو مال أن يمنع الآراء الحرة من أن ترى النور إلا قهراً وتجبراً وعلّواً في الارض. ورغم أن الماء الذي في فمنا كاد (يشرقنا) ونحن نتابع بقلق صحة اثنين من ابناء السودان مهما كان الاختلاف معهما، فإنهما يستحقان الرعاية الصحية والاطمئنان على صحتهما خاصة وانهما في ذمة السلطة الآن وتحت مسؤوليتها المباشرة، كما يحق لهما أن يجدا العدالة التي ظلا يبحثان عنها ويطالبان بها، رغم هذا الماء الآسن الذي اعترض حلوقنا وأورثنا مرارة الغصة وشلّ أيدينا وأقلامنا، إلا أننا لا نجد مناصاً من الترحيب بكل المبادرات التي تسعى لإطلاق سراحهما، وقبل ذلك إثنائهما عن مواصلة الاضراب عن الطعام والذي نرى أنه لن يتحقق حسب ما بلغنا منهما إلا بواحد من أمرين، إما إطلاق السراح أو تعجيل المحاكمة العادلة النزيهة أيهما أقرب، ونتمنى أن تسفر هذه الجهود السياسية والبرلمانية عن خطوة عاجلة وعادلة اليوم قبل الغد، فتسعة عشر يوماً بعد المائة زمن طويل وثقيل لمن يقضيها داخل غرفة فندق خمسة نجوم، دعك من (الغرف) الأخرى...
|
|
|
|
|
|